مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 523

(57)
جلسة 5 من مارس سنة 1960

برياسة السيد/ سيد على الدمراوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 387 لسنة 4 القضائية

التماس اعادة النظر - المادة 417 من قانون المرافعات - الغش الذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام - هو كل أعمال التدليس والمفاجآت الكاذبة والعمل الاحتيالى الذى يعمد اليه الخصم ليخدع المحكمة ويؤثر فى اعتقادها - مجرد انكار الخصم وجود مستند ما فى حوزته أو عدم تقديمه - لا يعتبر فى صحيح الرأى عملا احتياليا مكونا للغش - علم الملتمس بوجود هذه الاوراق تحت يد خصمه - عدم طلب الزامه بتقديمها وفقا لنص المادة 253 من قانون المرافعات - يجعل الطعن بالالتماس غير مقبول - مثال ذلك - عدم قبول التماس اعادة النظر اذا كان الملتمس ينسب الى الادارة حبس أورق التحقيق فى حين أنه لم يكن قد طلب الزام الادارة بتقديمها.
أن الغش الذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام هو كل أعمال التدليس والمفاجآت الكاذبة وكذلك كل عمل احتيالى يعمد اليه الخصم ليخدع المحكمة ويؤثر بذلك فى اعتقادها، ومن المتفق عليه أن مجرد انكار الخصم وجود مستند ما فى حوزته أو عدم تقديمه هذا المستند - لو صح أن انكاره أو عدم تقديمه كان مؤثرا فى الحكم - لا يعد فى صحيح الرأى عملا احتياليا مكونا للغش الذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام. وهذا واضح من أن المادة 417 من قانون المرافعات التى حددت أوجه الالتماس قد جعلت حصول الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها، سببا مستقلا من الاسباب التى تجيز الالتماس وطبعى أنها ما كانت لتنص على هذه الحالة لو أن حيلولة الخصم دون تقديم أوراق قاطعة فى الدعوى كانت من قبيل الغش المنصوص عليه فى الفقرة الأولى منها وفضلا عن ذلك فإن القانون قد رسم فى المادة 253 من قانون المرافعات وما بعدها الإجراءات التى تتبع لالزام خصم بتقديم ورقة تحت يده مما يقطع بأن عدم تقديم خصم لورقة منتجة فى الدعوى تكون تحت يده لا يعتبر من قبيل الغش الذى قصدته المادة 417 مرافعات فى فقرتها الاولى والذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام، وذلك بمراعاة أن الحكومة كما ظهر من الاوراق لم تكلف بتقديم أوراق تلك التحقيقات حتى يمكن القول بأنها امتنعت عن تقديمها أو حالت دون ذلك.
أما استناد المدعى فى التماسه الى أن الوزارة حبست أوراق التحقيق بالجزاء الموقع عليه فى حين أن هذه الأوراق لو قدمت لكان لها أثر فى الدعوى، والى ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 417 من قانون المرافعات والتى تقضى بأنه "إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها" فمردود بأنه لا مكان قبول التماس اعادة النظر فى الحكم طبقا لهذا الوجه يجب أن تكون الاوراق المحجوزة قاطعة فى الدعوى بحيث أنها لو كانت قدمت للمحكمة قبل الفصل فى الدعوى لتغير وجه الحكم فيها، وأن يكون الخصم هو الذى حال دون تقديمها الى المحكمة، وأن يكون الملتمس جاهلا وجود تلك الورقة تحت يد خصمه - أما اذا كان عالما بوجودها ولم يطلب الزامه بتقديمها وفقا لنص المادة 253 من قانون المرافعات فلا يقبل منه الطعن بالالتماس.


اجراءات الطعن

فى يوم 5 من أبريل سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الثانية) بجلسة 5 من مارس سنة 1958 فى القضية رقم 1356 لسنة 9 القضائية المقامة من ألبرت خليل جودت ضد وزارة المالية ومصلحة الضرائب والقاضى بقبول الالتماس شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم الملتمس عنه وبالغاء القرار المطعون فيه الصادر من مدير عام مصلحة الضرائب فى 8 من مارس سنة 1953 بخصم خمسة أيام من راتب الملتمس مع انذاره بالفصل مع عدم تأثير ذلك على ماهيته وبالزام الحكومة المصروفات ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب التماس اعادة النظر فى الدعوى والحكم على الطاعن بالغرامة والمصروفات. وقد أعلن الطعن للحكومة فى 28 من أبريل سنة 1958 وللمدعى فى 12 من مايو سنة 1958 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28 من نوفمبر سنة 1959 وفى أول أغسطس سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعى بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 6 من فبراير سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الاوراق فى أن المدعى أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 17 من فبراير سنة 1955 طالبا الحكم بقبول الالتماس شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم الصادر بتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1954 فى الدعوى رقم 1196 لسنة 7 القضائية والقضاء له بالطلبات والاتعاب، وقال المدعى بيانا لالتماسه أنه فى 5 من مايو سنة 1953 أودع عريضة الدعوى رقم 1196 لسنة 7 القضائية ضد الملتمس ضدهما طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر من مدير عام مصلحة الضرائب فى 8 من مارس سنة 1953 بخصم خمسة أيام من ماهيته وانذاره بالفصل مع عدم تأثير القرار على علاوته ويذكر المدعى أنه طلب فى ختام عريضة تلك الدعوى الامر بضم ملف وملف التحقيقات التى كانت أساس العقوبة التأديبية وأن الحكومة لم تقدم دفاعها فى المواعيد المقررة الى أن حجزت الدعوى ولوضع تقرير فيها وحدد المستشار المقرر مواعيد لتقدم الحكومة خلالها مذكراتها ومستنداتها فلم تفعل ثم عين لنظر الدعوى جلسة 10 من يناير سنة 1954 وازاء عدم تقديم الحكومة للملفات المطلوبة أجلت القضية ثلاث مرات، لجلسة 8 من أبريل سنة 1954 فجلسة 16 من مايو سنة 1954 ثم لجلسة 10 من أكتوبر سنة 1954، وفى تلك الجلسة لم تقدم الحكومة ملف التحقيقات المطلوبة ضمه بل قدمت ضمن ملف المدعى مذكرة ادارة التحقيقات التى استخلصت نتائج لا تتفق مع ما جاء فى التحقيقات نفسها ثم حجزت القضية للحكم مع تبادل المذكرات والمستندات بين الطرفين على أن يبدأ المدعى، ويستطرد المدعى قائلا أنه قدم فى المدة المحددة لتقديم مذكرة طلبا مؤرخا 17 من أكتوبر سنة 1954 التمس فيه اعادة القضية للمرافعة لاستحالة تقديم أسانيد الا على أساس ملف التحقيقات الجوهرى فى الدعوى والذى طلب ضمه فى عريضة الدعوى وأجلت القضية مرات متعددة لضمه فلم تقم الحكومة وأنه فى 5 من ديسمبر سنة 1954 حكمت المحكمة برفض الدعوى وذلك بعد أن حبست الحكومة أوراق التحقيقات المطلوبة التى هى أساس وجهة نظر المدعى والتى لو قدمت لربما ترتب عليها تغيير مصير الدعوى كلية. ويقول المدعى أنه لذلك يحق له طلب التماس اعادة النظر فى هذا الحكم والغائه والحكم بالطلبات الواردة بعريضة دعواه آنفة الذكر. وقدم الملتمس مذكرة فى 29 من أبريل سنة 1957 جاء بها أن أساس الخطأ الجوهرى فى القرار التأديبى سالف الذكر هو استناده الى مذكرة التحقيقات التى لخصت التحقيق تلخيصا مخلا ومناقضا للثابت فيه واستناد القرار كلية الى تلك المذكرة المعيبة وارد بصراحة فى ديباجة القرار المطعون حيث يقوم "بعد الاطلاع على مذكرة التحقيقات المؤرخة 29 نوفمبر سنة 1952....".
وأنه لما قدمت المصلحة مذكرة بدفاعها بنت هذا الدفاع على مذكرة التحقيقات المنوه عنها، وأنه يتضح من ذلك أن مقطع النزاع فى الدعوى هو تحرى مدى صحة أو خطأ ما جاء بتلك المذكرة وما اذا كان قد استخلص استخلاصا سائغا أم لا وهو ما حدا بالمدعى فى ختام صحيفة دعواه الى طلب ضم ملفه وملف التحقيقات المشار اليه. ثم أوضح المدعى أن الحكومة أودعت ملف التحقيقات أخيرا (فى دعوى الالتماس) بعد أن حبسته عن المحكمة فى الدعوى الاولى، كما يذكر المدعى أن الحكومة استعجلت فى غيبته حجز القضية للحكم فى نفس الجلسة التى أودعت فيها أول وآخر مذكرة لها وأودعت معها الاوراق مبعثرة وأنه بذلك يكون هذا التصرف من جانب الادارة متضمنا سببين للالتماس وفقا لنص المادة 417 من قانون المرافعات هما: الغش (فقرة 1 من المادة) وظهور أوراق حالت الحكومة دون تقديمها (الفقرة 4) وهذا يغنى عن الدخول فى عرض القاعدة الادارية التى تبنى الالتماس أمام المحاكم الادارية على أسباب أوسع نطاقا من أسباب الالتماس أمام المحاكم العادية وما هو معروف من توسع القضاء الادارى فى تفسير معنى الغش الى حد الاكتفاء بمجرد الكذب فى ذكر واقعة هامة كسبب للالتماس، ويقول المدعى كل ذلك لا حاجة به لتفصيله ما دامت أسباب الالتماس متوفرة حتى فى الحدود الخاصة بالالتماس لدى القضاء العادى. وبجلسة 5 من مارس سنة 1958 حكمت المحكمة "بقبول الالتماس شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم الملتمس عنه وقضت بالغاء القرار المطعون فيه الصادر من مدير عام مصلحة الضرائب فى 8 من مارس سنة 1953 بخصم خمسة أيام من راتب الملتمس مع انذاره بالفصل مع عدم تأثير ذلك على ماهيته وألزمت المحكمة المصروفات ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت المحكمة قضائها على أن الملتمس وفقا لما أوضحه بمذكرته بنى التماسه على سببين واردين بالفقرتين الأولى والرابعة من المادة 417 من قانون المرافعات هما الغش وظهور أوراق حالت الحكومة دون تقديمها لانه طلب فى صحيفة دعواه وفى الطلب المؤرخ 17 من أكتوبر سنة 1954 الذى التمس فيه من المحكمة اعادة القضية للمرافعة، طلب تكليف الحكومة بضم ملف التحقيقات التى بنى عليها القرار التأديبى وأن الحكومة لم تودع هذا الملف رغم تأجيل القضية لهذا السبب مرات واكتفت بايداع مذكرة ادارة التحقيقات التى لخصت التحقيق تلخيصا مخلا واستخلصت منه نتائج لا تتفق وما جاء به وأن الحكومة استعجلت فى غيبة المدعى حجز القضية للحكم وذلك بجلسة 10 من أكتوبر سنة 1954 التى قدمت فيها مذكرتها وأودعت فيها الاوراق مبعثرة وأنها بهذا تكون قد حبست عن المحكمة ملف التحقيقات المذكور الذى لم تقدمه الا فى هذا الالتماس والذى لو قدم عند نظر الدعوى لترتب على ذلك تغيير مصيرها وأن هذا التصرف من جانب الحكومة يتضمن سببى الالتماس آنفى الذكر، ويذكر الحكم أنه يبين للمحكمة من مراجعة أوراق الدعوى رقم 1196 لسنة 7 القضائية الصادر فيها الحكم الملتمس الغاؤه أن الملتمس طلب فعلا فى ختام صحيفة تلك الدعوى الامر بضم ملف التحقيقات التى بنى عليها القرار التأديبى المطعون فيه كما طلب بكتابه للمحكمة المؤرخ 11 من أكتوبر سنة 1954 اعادة هذه الدعوى الى المرافعة وملتمسا فيه ضم أوراق تلك التحقيقات لان مذكرة ادارة التحقيقات التى قدمتها الحكومة لا تتفق مع ما استخلصته من هذه التحقيقات وحقيقة الاقوال الواردة بها - وهو الطلب الذى أودع المدعى صورته بحافظة مستنداته الاولى - ثم مضى الحكم يقول أن المستشار المقرر أصدر قرارا فى أول يولية سنة 1953 يأذن فيه للحكومة بالاطلاع والرد وتقديم مذكرات ومستندات وملف خدمة المدعى وأوراق التحقيق الادارى وصور القرار المطعون فيه، ويذكر الحكم أنه يترتب على هذا القرار أنه كان يجب على الحكومة أن تقدم للمحكمة ملف خدمة المدعى وأوراق التحقيق الادارى التى بدونها لا تكون الدعوى مستوفية الاعداد واذ اكتفت الحكومة بأن قدمت الى المحكمة بجلسة 10 من أكتوبر سنة 1954 مذكرة بردها على الدعوى وملفا مؤقتا خاصا بالمدعى يتضمن مذكرة ادارة التحقيقات والقرار فيه وطلب حجز القضية للحكم، ويرتب الحكم على ذلك أنه يبين من ذلك أن الحكومة قد حبست بالفعل أوراق التحقيق الادارى المومأ اليه التى بنى عليها القرار التأديبى المطعون فيه وبالتالى تكون قد أتت غشا مبررا لالتماس اعادة النظر فى الحكم اذ لا يمكن وصف حيلولة الحكومة دون تقديم أوراق تلك التحقيقات واكتفائها بتقديم مذكرة ادارة التحقيقات مع علمها بادعاء المدعى أنها مستخلصة من هذا التحقيق استخلاصا غير سليم ومطالبته بتقديمها لا يمكن وصف ذلك الا بهذا الوصف - ثم استطرد الحكم قائلا بأنه لما كان الامر كذلك فليس ثمت داع للنظر فى السند الثانى للالتماس (الفقرة الرابعة من المادة 417 من قانون العقوبات) وانتهى الحكم بعد الاطلاع على ملف التحقيقات الذى أودعته الحكومة ملف الدعوى أن مذكرة التحقيقات المشار اليها قد استخلصت استخلاصا غير سائغ من التحقيق آنف الذكر وأن ليس فى هذا التحقيق ما يعد دليلا على ما اتهم به الملتمس فى أسباب القرار المطعون فيه مما يتعين معه القول أخذا بمبدأ أن المتهم برئ الى أن تثبت ادانته وأن الشك يفسر لمصلحته أن ذلك القرار لا يقوم على سبب ومن ثم كان باطلا.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الغش الذى يجيز التماس اعادة النظر هو ما يتم بعمل احتيالى من جانب الملتمس ضده اضرارا بالملتمس وأن مجرد انكار الخصم وجود ورقة ما فى حوزته وعدم تقديمه هذه الورقه لو صح أن انكارها أو عدم تقديمها كان مؤثرا فى الحكم لا يعدم فى صحيح الرأي عملا احتياليا مكونا للغش الذى يجيز اعادة النظر فى الاحكام، وهذا واضح من أن المادة 417 من قانون المرافعات التى حددت أوجه الالتماس قد جعلت حصول الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها وجها مستقلا عن أوجه الالتماس له شروطه ومقوماته ويقول الطعن أنه بمطالعة ملف الدعوى تبين أن الحكومة لم تقم بأى عمل احتيالى ولم تحجز أية ورقة طلب منها تقديمها، صحيح أن المدعى اختتم صحيفة دعواه بهذه العبارة "مع رجاء الامر بضم ملف الطالب وملف التحقيقات المنوه عنها" ولكن أمرا بهذا الضم لم يصدر من أحد كما أن المدعى لم يعد الى الاشارة - مجرد الاشارة - الى طلب ضم ملف التحقيقات حتى صدر الحكم فى الدعوى، وتفصيل ذلك أن المستشار المقرر اختتم تقريره بقرار أصدره فى أول يولية سنة 1953 نصه كالآتى "نأذن للحكومة بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات وملف خدمة المدعى وأوراق التحقيق الادارى وصورة القرار المطعون فيه وذلك خلال أربعة أسابيع من تاريخ اعلانها بهذا القرار ونصرح للمدعى وللحكومة بالاطلاع والرد والتعقيب وتقديم مذكرات ومستندات الى ما قبل الجلسة التى تعين لنظر الدعوى بأسبوعين" فالقرار صادر بالاذن والاذن لغة واصطلاحا وفقها لا يمكن أن ينطوى على أي معنى من معانى الأمر أو الالزام. فالقرار الصادر من المستشار المقرر اذن لا يحمل أى معنى من معانى الالزام للحكومة بتقديم ورقة معينة ولكنه مجرد اذن وترخيص فلا مساغ للقول بأن الحكومة حبست هذه الاوراق لما فى ذلك من تعسف فى تأويل الكلمة وتحميل اللفظ ما لا يحتمل. وقدمت الدعوى للجلسات ولم يتمسك المدعى فى أي جلسة بطلب ضم أوراق التحقيق الادارى. ومن ثم فان قول الملتمس أن قرارا بضم أوراق التحقيقات صدر فى أول يولية سنة 1953 وأن القضية أجلت جملة مرات لتنفيذ هذا القرار لا أصل له فى الاوراق، والحكم غير صائب اذ أخذ بهذا القول الذى ينفيه نص قرار أول يولية سنة 1953 ومحاضر الجلسات. وغير صحيح ما ورد فى الحكم أخذا بقول الملتمس من أنه طلب بكتابه للمحكمة فى 11 من أكتوبر سنة 1954 (وهو يقصد 17 من أكتوبر سنة 1954) اعادة هذه الدعوى الى المرافعة ملتمسا ضم أوراق تلك التحقيقات، وحقيقة الامر أن هذا الطلب لم يقدم أصلا وليس له أي أثر فى ملف الدعوى ولم يكن الملتمس متوخيا الحقيقة فى قوله أنه معلى على ملف الدعوى لان ملف الدعوى خال من هذه التعلية والمحكمة أوردت فى الحكم المطعون فيه أنها لم تجد له أثرا اذ قالت (وهو الطلب الذى أودع المدعى صورته بحافظة مستنداته الاولى) وهو ما يستفاد منه عدم وجود الأصل، واستطرد الطعن قائلا أنه لو سلم فى الجدل أن طلبا كهذا قدم فانه لا شأن للحكومة به حتى يعزى اليها الغش وأنها ليست صاحبة الامر فى قبول مثل هذا الطلب أو رفضه اذ الامر للمحكمة وحدها، وأنه لو صح فى الجدل أيضا أن المحكمة أمرت بتقديم هذه الاوراق وتراخت الحكومة لما عد ذلك عملا احتياليا مكونا للغش وبالتالى لا يعد ذلك سببا من الاسباب التى تجيز التماس اعادة النظر فى الحكم، والفقرة الرابعة من المادة 417 من قانون المرافعات تتحدث عن حصول المدعى بعد الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها والمدعى يزعم أنه عليم بهذه الاوراق من قبل رفع الدعوى وأنه طلبها أكثر من مرة مما جعل حكم هذه الفقرة غير منطبق أيضا، على أن من يجيل النظر فى ملف الدعوى يجد لاول وهلة أن التحقيق الادارى المنوه عنه لم يتناول المدعى وحده وأن ممن تناوله زميله جورج عوض عبد الملك وقد أحيل الى مجلس التأديب الخاص بالمخالفات المالية مما استلزم ارسال أوراق التحقيق الى ديوان المحاسبة وهذا ظاهر من كتاب مصلحة الضرائب للمفوض رقم 1759 المؤرخ 5 من فبراير سنة 1957 وأن ذلك ثبات من أقوال مندوب المصلحة فى محضرى المفوض جلستى 6، 12 من فبراير سنة 1957 فالاوراق المذكورة لم تكن تحت يد المصلحة وأن التكييف السليم للامتناع عن تقديم ورقة معينة لا يكون ركن الاحتيال، وخلص الطعن مما تقدم الى أن الحكم المطعون فيه بنى على خطأ فى تطبيق القانون وتأويله وقام على وقائع غير صحيحة ينقضها الثابت فى ملف الدعوى.
ومن حيث أنه يبين من مطالعة الاوراق أن المدعى ضمن عريضة دعواه فى القضية رقم 1196 لسنة 7 القضائية طلب ضم ملفه وملف التحقيقات. وعند تهيئة الدعوى للمرافعة أصدر المستشار المقرر فى أول يوليه سنة 1953 قرارا أذن فيه للحكومة بالاطلاع والرد وتقديم مذكرات ومستندات الى ما قبل الجلسة التى تعينت لنظر الدعوى بأسبوعين وعند تداول هذه القضية بالجلسات أصدرت المحكمة قرارا فى جلسات 10 من يناير سنة 1954 و21 من فبراير سنة 1954 و18 من أبريل سنة 1954 و16 من مايو سنة 1954 وذلك بناء على طلب الحكومة لايداع مستندات، وبجلسة 10 من أكتوبر سنة 1954 أودعت الحكومة الملف الخاص بالمدعى ومذكرة ادارة التحقيقات والقرار المطعون فيه، وفى تلك الجلسة قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1954 ورخصت للمدعى فى تقديم مذكرة فى أسبوعين وللحكومة فى الرد فى أسبوع مع تبادل الاطلاع.
ومن حيث أن المدعى يبنى التماسه فى الحكم الملتمس اعادة النظر فيه على وجهين الاول: وقوع غش من وزارة المالية الملتمس ضدها كان من شأنه التأثير فى الحكم اذ لم تقدم أوراق التحقيقات التى بنى عليها القرار التأديبى، والثانى: ظهور أوراق حالت دون تقديمها.
ومن حيث أنه عن الوجه الأول فان الغش الذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام هو كل أعمال التدليس والمفاجآت الكاذبة وكذلك كل عمل احتيالى يعمد اليه الخصم ليخدع المحكمة ويؤثر بذلك فى اعتقادها ومن المتفق عليه أن مجرد انكار الخصم وجود مستند ما فى حوزته أو عدم تقديمه هذا المستند - لو صح أن انكاره أو عدم تقديمه كان مؤثرا فى الحكم - لا يعد فى صحيح الرأي عملا احتياليا مكونا للغش الذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام. وهذا واضح من أن المادة 417 من قانون المرافعات التى حددت أوجه الالتماس قد جعلت حصول الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها، سببا مستقلا من الاسباب التى تجيز الالتماس وطبعى أنها ما كانت لتنص على هذه الحالة لو أن حيلولة الخصم دون تقديم أوراق قاطعة فى الدعوى كانت من قبيل الغش المنصوص عليه فى الفقرة الاولى منها وفضلا عن ذلك فان القانون قد رسم فى المادة 253 من قانون المرافعات وما بعدها الاجراءات التى تتبع لالزام خصم بتقديم ورقة تحت يده مما يقطع بأن عدم تقديم خصم لزرقة منتجة فى الدعوى تكون تحت يده لا يعتبر من قبيل الغش الذى قصدته المادة 417 مرافعات فى فقرتها الاولى والذى يجيز التماس اعادة النظر فى الاحكام وذلك بمراعاة أن الحكومة كما ظهر من الاوراق لم تكلف بتقديم أوراق تلك التحقيقات حتى يمكن القول بأنها امتنعت عن تقديمها أو حالت دون ذلك.
ومن حيث أن الوجه الثانى الذى يستند اليه المدعى فى التماسه يخلص فى أن الوزارة حبست أوراق التحقيق بالجزاء الموقع عليه فى حين أن هذه الأوراق لو قدمت لكان لها أثر فى الدعوى، والى ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 417 من قانون المرافعات والتى تقضى بأنه "اذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها".
ومن حيث أنه لامكان قبول التماس اعادة النظر فى الحكم طبقا لهذا الوجه يجب أن تكون الاوراق المحجوزة قاطعة فى الدعوى بحيث أنها لو كانت قدمت للمحكمة قبل الفصل فى الدعوى لتغير وجه الحكم فيها، وأن يكون الخصم هو الذى حال دون تقديمها الى المحكمة، وأن يكون الملتمس جاهلا وجود تلك الورقة تحت يد خصمه - أما اذا كان عالما بوجودها ولم يطلب الزامه بتقديمها وفقا لنص المادة 253 من قانون المرافعات فلا يقبل منه الطعن بالالتماس.
ومن حيث أنه يخلص من ذلك أن أساس طلب المدعى فى دعوى الالتماس هو أنه سبق له أن طلب فتح باب المرافعة لضم أوراق التحقيق وأن المحكمة لم تجبه الى طلبه واكتفت فى حكمها بالاستناد الى مذكرة ادارة التحقيقات، ولما كان الاصل فى الاطلاع على اوراق التحقيقات هو تكوين اعتقاد المحكمة بوجود أو عدم وجود الجريمة التأديبية التى وقع الجزاء من أجلها، ولما كانت المحكمة حرة فى تكوين اقتناعها بأي سبيل تراه سواء بالاطلاع على هذه التحقيقات أو على أي أوراق أخرى دون معقب عليها فى ذلك، ومن ثم يكون اكتفاء المحكمة بمذكرة ادارة التحقيقات وعدم اجابة المدعى الى طلب فتح باب المرافعة لضم التحقيقات هو عدم أخذ بوجه نظر المدعى فى الدفاع فى هذا الشأن ورفض لهذا الوجه من أوجه الدفاع، وأنه ولئن جاز أن يكون هذا سببا للطعن فى الحكم بطريق آخر لو وجد الا أنه لا يصلح لان يكون سببا للطعن بطريق الالتماس لعدم توافر شروطه.
ومن حيث أنه لما تقدم يكون الالتماس قد فقد مقوماته مما يخرجه عن دائرة الفقرتين الأولى والرابعة من المادة 417 من قانون المرافعات ويتعين الحكم بعدم جواز قبول التماس اعادة النظر عملا بالمادة 422 مرافعات مع الزام رافعها بالمصروفات.
ومن حيث أن الفقرة الاخيرة من المادة 19 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة تقضى بأنه اذا حكم بعدم قبول الطعن أو برفضه جاز الحكم على الطاعن بغرامة لا تجاوز ما قيمته ثلاثين جنيها فضلا عن التضمينات أن كان لها وجه - فالمحكمة استنادا الى هذه المادة تقضى بتغريم الطاعن على الوجه الوارد بالمنطوق.
ومن حيث أنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بالغائه.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وعدم جواز قبول الالتماس وألزمت الملتمس بالمصروفات وبتغريمه أربعة جنيهات.