مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 533

(58)
جلسة 5 من مارس سنة 1960

برياسة السيد/ سيد على الدمراوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ السيد ابراهيم الديوانى والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 878 لسنة 4 القضائية

( أ ) عمال القناة - اداء العامل للامتحان أمام اللجنة الفنية المختصة وتحديد عمله ودرجته وأجره بوساطة هذه اللجنة - يكسبه مركزا قانونيا ذاتيا فى الدرجة والاجر المذكورين فلا يجوز المساس بهما باعادة امتحانه من جديد.
(ب) عمال القناة - شرط بلوغ العامل ثمانية عشر عاما عند تعيينه هو شرط مطلوب، الا أن بلوغ العامل السن القانونية وهو فى الخدمة يصحح الوضع الفعلى للتعيين ويغطيه.
1 - لما كان تحديد أجر العامل ترتبط ارتباطا وثيقا بتأديته الامتحان الفنى ونجاحه فيه فى الحرفة التى يعمل فيها وذلك بوساطة اللجان المشكلة لهذا الغرض فى مختلف الوزارات والمصالح طبقا للبند السابع من قواعد كادر عمال اليومية الخاص بعمال الحكومة، فقد أكدت ذلك القواعد التنظيمية العامة الخاصة بعمال القناة اذ نصت على وجوب تأدية عامل القناة عند تحديد أجره نهائيا فى وزارات الحكومة ومصالحها طبقا للبند السابع الامتحان المشار اليه آنفا أمام لجنة فنية تحدد عمله ودرجته وأجره وذلك فى أقرب جهة فنية حكومية أو شبه حكومية وليس فى القواعد المشار اليها ما يسمح باعادة الامتحان أمام لجنة أخرى أو كلما نقل من جهة الى أخرى. فاذا كان المدعى قد أدى الامتحان المطلوب أمام اللجنة الفنية المختصة بوزارة الزراعة وقدرت كفايته بدرجة مساعد سمكرى وحددت أجره بمائة وخمسين مليما، فقد اكتسب بذلك مركزا قانونيا ذاتيا فى الدرجة والاجر المذكورين لا يجوز بعد ذلك المساس بهما باعادة امتحانه فى جهة أخرى أو أمام لجنة أخرى بعد اذ تحدد هذا المركز نهائيا.
2 - يبين من القواعد التى قررتها اللجنة المشكلة بوزارة المالية بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 من نوفمبر سنة 1951 لاعادة توزيع عمال الجيش البريطانى الذين تركوا الخدمة فى منطقة قناة السويس على وزارات الحكومة ومصالحها بحسب حرفهم أنها قررت، أنه لا يجوز أن تقل سن أى عامل من 18 سنة، ومن تقل أعمارهم عن 18 سنة يعاملون معاملة الصبية أو الشراقات (التلاميذ).
وعلى ذلك فمتى كانت سن المدعى حين عين فعلا فى 26 من ديسمبر سنة 1952، فى وظيفة مساعد سمكرى تنقض عن السن المقررة وكان للادارة أن تسحب قرارها لمخالفته للقانون قبل بلوغه سن 18 سنة فى 10 من مارس سنة 1954 بحسبانه مولودا فى 10 من مارس سنة 1936، الا أن بلوغ المدعى السن القانونية وهو ما زال فى الخدمة فعلا أمر قد صحح الوضع الفعلى للتعيين قانونا وغطاه.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت 22 من أغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة الزراعة بجلسة 23 من يونية سنة 1958 فى القضية رقم 120 لسنة 5 ق والمقامة من سعيد على ضيف ضد وزارة الزراعة والقاضى بأحقية المدعى فى أجر يومى قدره 300 مليم فى درجة عامل دقيق 300/ 500 مليم المقررة لحرفته اعتبارا من تاريخ قيامه بعملها بعد الامتحان على النحو المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لكادر عمال القنال وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة وطلب رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن, الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعى فى أجر يومى قدره 300 مليم فى درجة عامل دقيق (300/ 500) مليم المقررة لحرفته اعتبارا من 10 من مارس سنة 1954 تاريخ بلوغه سن الثامنة عشرة وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.
وقد أعلن الطعن للحكومة فى 14 من أكتوبر سنة 1958 وللمدعى فى 20 من أكتوبر سنة 1958 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من يناير سنة 1960 وفى 12 من أغسطس سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعى بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة أحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 5 من مارس سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت أرجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الاوراق فى أن المدعى أقام دعواه - بعد أن حصل على قرار بمعافاته من رسومها - بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الادارية فى 30 من ديسمبر سنة 1957 طالبا الحكم بتكملة أجره الى بداية مربوط درجته من تاريخ امتحانه وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك والزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحا لدعواه أنه عين ضمن عمال الجيش البريطانى الذين ألحقوا بوزارة الزراعة عام 1951 وتقضى أحكام عمال القناة بوضع العامل فى الدرجة التى تتفق مع حرفته بعد امتحانه أمام لجنة فنية ويحدد أجره بداية ونهاية بحسب الوظيفة التى يؤهله لها الامتحان ويذكر أنه أدى الامتحان واجتازه بنجاح ووجد لائقا لمهنة سمكرى فئة 300/ 500 مليم فكان يتعين أن يمنح أول مربوط الدرجة، غير أن الادارة صرفت له أجرا يوميا قدره 200 مليم بدلا من 300 مليم ومن ثم فانه يحق له المطالبة بتكملة أجره الى بداية مربوط درجته وذلك من تاريخ امتحانه فى 22 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار.
وأجابت الوزارة على الدعوى بأن المدعى الحق بالخدمة ضمن عمال القنال فى 15 من نوفمبر سنة 1951 بوظيفة مساعد سمكرى واختبر فى أعمال حرفته بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1952 وقدرت له أجره 150 مليما - ثم أعيد اختباره فى مهنة سمكرى وابور جاز بتاريخ 28 من مارس سنة 1953 وقدر أجره بمائتى مليم.
وعند تعيينه كان عمره لم يبلغ الثامنة عشرة اذ أن تاريخ ميلاده الحقيقى 7 من مارس سنة 1936 ولكنه غير تاريخ ميلاده الى 7 من مارس سنة 1933.
وبجلسة 23 من يولية سنة 1958 قضت المحكمة بأحقية المدعى فى أجر يومى قدره 300 مليم فى درجة عامل دقيق 300/ 500 المقررة لحرفته اعتبارا من تاريخ قيامه بعملها بعد أداء الامتحان على النحو المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لكادر عمال القنال وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من ملف خدمة المدعى أنه أدى امتحانا أمام اللجنة المختصة فى 26 من ديسمبر سنة 1952 أى بعد صدور كادر عمال القنال فتبين للجنة صلاحيته لحرفة سمكرى الواردة بالكشف رقم 8 الملحق بكادر عمال القنال والمقرر لها درجة صانع دقيق 300/ 500 لبداية قدرها 300 مليم وشغل هذه الدرجة فعلا من تاريخ اختباره لذلك فانه يكون قد نشأ له مركز قانونى نهائى يستمد حقه فيه من القانون رأسا وهو ما يقتضى أحقيته لهذا المركز القانونى الذى ينطبق عليه قانونا وهذا يستتبع أحقيته فى الاجر المقرر للحرفة من تاريخ مزاولتها بعد ثبوت صلاحيته باجتيازه الامتحان أمام اللجنة المختصة.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن من بين القواعد التى قررتها اللجنة المشكلة بوزارة المالية لشئون عمال الجيش البريطانى قاعدة مفادها أن كل من تقل أعمارهم عن 18 عاما يعينون فى وظائف صبية أو تلاميذ, ونزولا على هذه القاعدة كان من المتعين وضع المدعى فى درجة صبى المقدر لها 100 طالما أن الثابت من الاوراق أنه من مواليد 10 من مارس سنة 1936 ومن ثم فلا يستحق الاجر المقرر لحرفة سمكرى التى شغلها فعلا من تاريخ اختباره فى 26 من ديسمبر سنة 1952 الا من 10 من مارس سنة 1954 تاريخ بلوغه الثامنة عشرة. واذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فانه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث أنه يبين من استظهار الاوراق أن المدعى من عمال الجيش البريطانى والحق فى نوفمبر سنة 1951 بوزارة الزراعة وأدى فى 26 من ديسمبر سنة 1952 امتحانا فى سمكرة ولحام الوابورات الجاز ووجد لائقا لمهنة مساعد سمكرى وابورات جاز بأجر قدره 150 مليما وامتحن ثانية فى 7 من فبراير سنة 1953 ووجد لائقا لمهنة سمكرى وابورات جاز المدرج درجتها بالكادر من 200/ 360 مليما بفئة مليم وفى 9 من أكتوبر سنة 1957 اجتمعت اللجنة الفنية المشكلة لتصحيح أجور عمال القناة تطبيقا لاحكام القانون رقم 569 لسنة 1955 واستعرضت حالة المدعى ولخصتها فى أنه اختبر فى 26 من ديسمبر سنة 1952 لوظيفة سمكرى وابورات جاز ووجد أنه مساعد سمكرى بأجر 150 مليما، وفى يوم 28 من مارس سنة 1953 أعيد اختباره لوظيفة سمكرى وابورات أى بعد عام من الاختبار الاول اكتسب خلاله خبرة ومرانا فوجد أنه سمكرى متوسط بأجر 200 مليم فى الفئة من 200/ 360 مليما، وتذكر اللجنة أن هذا الاختبار ما كان يجوز اجراؤه الا فى حالة الترقية من درجة مساعد سمكرى 150/ 300 الى درجة سمكرى دقيق 300/ 500 وبشرط أن يكون قد قضى خمس سنوات على الاقل فى درجة مساعد طبقا لتعليمات كادر العمال الاصلى وبشرط وجود درجة خالية - ولما كان المدعى معينا على غير درجة ويصرف على اعتماد مجمل وغير مقسم الى درجات ولم تطلق فيه الترقيات أو العلاوات، فاقترحت اللجنة الغاء الاختبار الاخير واعتماد الاختبار الاول الذى أجرى له واعتباره فى درجة مساعد سمكرى فى الفئة 150/ 300 مع مراعاة تخفيض أجرته الحالية وقدرها 200 مليم اعمالا لاحكام القانون رقم 569 لسنة 1955 واعمال كافة التعليمات فى شأنه باعتباره من مساعدى الصناع بمجرد وضعه على احدى الدرجات التى تخلو طبقا لاحكام القانون المشار اليه وقد اعتمد وكيل الوزارة فى 12 من أكتوبر سنة 1957 ما اقترحته اللجنة ويتضح من البيان المحرر بمعرفة عمدة اكياد القبلية فى سبتمبر سنة 1957 نقلا عن دفاتر مواليد أكياد القبلية أن المدعى مولود فى 10 من مارس سنة 1936.
ومن حيث أنه لما كان تحديد أجر العامل يرتبط ارتباطا وثيقا بتأدية الامتحان الفنى ونجاحه فيه فى الحرفة التى يعمل فيها وذلك بوساطة اللجان المشكلة لهذا الغرض فى مختلف الوزارات والمصالح طبقا للبند السابع من قواعد كادر عمال اليومية الخاص بعمال الحكومة، فقد أكدت ذلك القواعد التنظيمية العامة الخاصة بعمال القنال اذ نصت على وجوب تأدية عامل القنال عند تحديد أجره نهائيا فى وزارات الحكومة ومصالحها طبقا للبند السابع من الامتحان المشار اليه أمام لجنة فنية تحدد عمله ودرجته وأجره وذلك فى أقرب جهة فنية حكومية أو شبه حكومية وليس فى القواعد المشار اليها ما يسمح باعادة الامتحان أمام لجنة أخرى وكلما نقل الى جهة أخرى.
ومن حيث أنه لما كان المدعى قد أدى الامتحان المطلوب أمام اللجنة الفنية المختصة بوزارة الزراعة، وقدرت كفايته بدرجة مساعد سمكرى وحددت أجره بمائة وخمسين مليما، فقد اكتسب بذلك مركزا قانونيا ذاتيا فى الدرجة والاجر المذكورين لا يجوز بعد ذلك المساس بهما باعادة امتحانه فى جهة أخرى وأمام لجنة أخرى بعد اذ تحدد هذا المركز نهائيا.
ومن حيث انه متى تقرر هذا وكان الثابت من استظهار ملف خدمة الدعوى أنه أدى امتحانا أمام اللجنة المختصة بوزارة الزراعة فى 26 من ديسمبر سنة 1953 فتبين للجنة صلاحيته لحرفة مساعد سمكرى وابورات جاز بأجر قدره 150 مليما فقد تحدد أجره نهائيا فما كان يجوز اعادة امتحانه ثانية فى فبراير سنة 1953 لوظيفة سمكرى وابورات جاز، ذلك أن هذا الاختبار لا يكون الا فى حالة الترقية من درجة مساعد سمكرى 150/ 300 الى درجة سمكرى دقيق 300/ 500 ويشترط قضاء خمس سنوات على الاقل فى درجة المساعد وبشرط وجود درجة خالية.
ومن حيث أن من بين القواعد التى قررتها اللجنة المشكلة بوزارة المالية بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 من نوفمبر سنة 1951 لاعادة توزيع عمال الجيش البريطانى الذين تركوا الخدمة فى منطقة قناة السويس على وزارات الحكومة ومصالحها بحسب حرفهم، قررت: أنه لا يجوز أن تقل سن العامل عن 18 سنة ومن تقل أعمارهم عن 18 سنة يعاملون معاملة الصبية أو الشراقات (التلاميذ)، وعلى ذلك فمتى كانت سن المدعى حين عين فعلا فى 16 من ديسمبر سنة 1952 فى وظيفة مساعد سمكرى تنقض عن السن المقررة وكان للادارة أن تسحب قرارها لمخالفته للقانون قبل بلوغه سن 18 سنة فى 10 من مارس سنة 1954 بحسبانه مولودا فى 10 من مارس سنة 1936، الا أن بلوغ المدعى السن القانونية وهو ما زال فى الخدمة فعلا أمر قد صحح الوضع الفعلى للتعيين قانونا وغطاه.
ومن حيث أنه يكون لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين الغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.