مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 584

(64)
جلسة 26 من مارس سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة على بغدادى والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 876 لسنة 4 القضائية

دستورية القانون - قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1957 بشأن بدل التفرغ للمهندسين ونصه فى المادة الاولى منه على أن يعتبر فى حكم الصحيح الخصم الذى تم من بدل التخصص للمهندسين وفقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 الطعن على هذا القانون بعدم الدستورية لانتفاء المساواة بين أفراد الطائفة الواحدة اذ ميز الاحدث من المهندسين عن الاقدمين المعينين أو المرقين قبل أول يولية سنة 1952 - غير سديد لان القانون لا يكون غير دستورى الا اذا خالف نصا دستوريا قائما أو خرج على روحه ومقتضاه أن أنكر حقا من الحقوق التى يكفلها الدستور ذاته وهذا القانون لم يخل بمبدأ المساواة ما دام النص قد ورد عاما مجردا بالنسبة الى كل من يصدق عليهم حكمه من طوائف المهندسين الذين جرى فى حقهم الخصم من بدل الحصص عن فترة معينة.
قد أسفر تطبيق قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى 3 من يولية سنة 1949 و28 من ديسمبر سنة 1949 و19 من فبراير سنة 1950 و17 من مايو سنة 1950 فى شأن منح بدل التخصص للمهندسين وزيادة فئات اعانة غلاء المعيشة، وقواعد التيسير، وكذا القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل التخصص للمهندسين - أسفر عن اختلاف جهات القضاء والفتوى فى تحديد من يمنحون هذا البدل، وعن صعوبات فى تنفيذ القاعدة الخاصة بعدم جواز الجمع بين بدل التخصص والمكافآت عن ساعات العمل الاضافية - كما كشف فى الوقت ذاته عن مفارقات نشأت عن تطبيق قواعد الخصم من البدل المذكور بعد أن وقف العمل بقرار التيسير منذ أول يولية سنة 1952 تاريخ نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، فلم تخصم الزيادة فى الماهية المترتبة على قواعد التيسير من بدل التخصص بالنسبة الى المهندسين المعينين فى ظل سريان أحكام هذا الخصم - الذى قضت المحكمة العليا بزوال سنده القانونى بعد العمل بالقانون المشار اليه - ساريا فى حق المهندسين المعينين قبل صدوره، الامر الذى أدى الى امتياز الاحدث على الاقدم، والى أن أصبح من رقى من المهندسين الى درجة أعلى بعد أول يولية سنة 1952 أحسن حالا مما رقى منهم الى الدرجة ذاتها قبل هذا التاريخ. ومن أجل هذا ونظرا الى كثرة شكاوى المهندسين وتظلماتهم ورغبة فى تفادى أية منازعات مستقبلا، عمد الشارع الى الغاء القانون رقم 67 لسنة 1950 الصادر بتقرير التخصص للمهندسين، وذلك بالقانون رقم 154 لسنة 1957، لتصفية الاوضاع القديمة التى نجمت عنها الاختلافات والصعوبات والمنازعات المتقدم ذكرها، ثم صدر فى التاريخ عينه الذى ألغى فيه القانون المشار اليه، وهو 13 من يولية سنة 1957 قرار رئيس الجمهورية رقم 618 لسنة 1957 بمنح بدل تفرغ للمهندسين متضمنا اعادة تنظيم قواعد هذا البدل تنظيما عاما بالنسبة الى جميع من تجرى عليهم أحكامه من المهندسين، دون تفرقة أو تمييز بينهم، وذلك وفقا للاوضاع وبالشروط والفئات التى نص عليها. وبذا حسم الامر فيما كان قائما من فوارق بازالة مصدرها، وحقق بالنسبة الى المستقبل المساواة والتوحيد فى المعاملة بين هؤلاء جميعا بالقضاء على الأوضاع الشاذة التى كانت مثار شكاواهم وتظلماتهم، واعتبر فيما يتعلق بالماضى أن الخصم الذى تم من بدل التخصص تنفيذا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 نافذا وفى حكم الصحيح حتى نهاية شهر يولية سنة 1957، وذلك لغاية تتعلق بصالح الخزانة وهى منع المطالبة برد ما استقطع من هذا البدل وفقا لقواعد التيسير، كما هو الشأن عندما يقضى المشرع لمثل هذه المحكمة بعدم صرف فروق عن الماضى. وقد جاء هذا النص عاما ومجردا بالنسبة الى كل من يصدق عليهم حكمه من طوائف المهندسين الذين جرى فى حقهم الخصم من بدل التخصص المقرر لهم، وهم المعينون أو المرقون الى درجات أعلى قبل أول يولية سنة 1952 تاريخ نفاذ قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951، لا فرق من هذه الناحية بين فرد من هذه الطائفة وآخر، ودون اخلال بمبدأ المساواة بين أفراد هذه الفئة من المهندسين الذين تماثلت مراكزهم القانونية واتحدت خصائصها فى الفترة الزمنية التى عناها. ومن ثم فلا وجه للنعى عليه بعدم الدستورية. ذلك أن الاصل المسلم هو أن القانون لا يكون غير دستورى الا اذا خالف نصا دستوريا قائما أو خرج على روحه ومقتضاه أو أنكر حقا من الحقوق التى يكفلها الدستور ذاته، ومرد ذلك الى أن الدستور - وهو القانون الأعلى فيما يقرره - لا يجوز أن يهدره قانون، وهو أداة أدنى. كما أن من المسلمات كذلك كأصل دستورى أن المقصود بالمساواة هو عدم التفرقة بين أفراد الطائفة الواحدة اذا تماثلت مراكزهم القانونية. بيد أن هذه المساواة لا يجوز أن تفهم بالقياس بين أفراد فئة أخرى وأن انتظمتها معا طائفة واحدة أعم، متى كان وضع كل فئة ينفرد بظروف ذاتية خاصة تميزه عن الاخرى.


اجراءات الطعن

فى 23 من أغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 786 لسنة 4 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 23 من يونية سنة 1958 فى الدعوى رقم 1209 لسنة 11 القضائية المقامة من: على محمد خليفة ضد وزارة الاشغال العمومية القاضى "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه "الحكم بقبول هذا الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للمدعى بطلباته مع الزام الوزارة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون لصالحه فى 14 من أكتوبر سنة 1958 والى وزارة الاشغال العمومية فى 15 منه. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أى من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من يناير سنة 1960، وفى 2 من أغسطس سنة 1959 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة العليا لنظره بجلسة 27 من فبراير سنة 1960. وفى 25 من يناير سنة 1960 أخطر الطرفان بميعاد هذه الجلسة الاخيرة، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم. وقد قدم المطعون لصالحه مذكرة بملاحظاته انتهى فيها الى التصميم على طلباته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية بمراعاة أن يوم 22 من أغسطس سنة 1958 كان يوافق يوم عطلة رسمية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 1209 لسنة 11 القضائية ضد وزارة الاشغال العمومية أمام محكمة القضاء الادارى بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة فى 8 من أغسطس سنة 1957 ذكر فيها أنه عين فى 26 من يولية سنة 1947 فى وظيفة مهندس من الدرجة السادسة بمصلحة الرى، ومنح بدل تخصيص قدره تسعة جنيهات شهريا اعتبارا من اول سبتمبر سنة 1949 تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 3 من يولية سنة 1949، وفى اول مارس سنة 1950 خفض هذا البدل بمقدار 1 جنيه و500 مليم وهو قيمة الزيادة فى اعانة غلاء المعيشة وفقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 19 من فبراير سنة 1950، الا أن هذا الخصم أوقف فى 28 من أكتوبر سنة 1953 تاريخ نقله الى تفتيش عام الرى المصرى بالسودان وذلك طبقا لفتوى ديوان الموظفين الصادرة فى 19 من ابريل سنة 1955 نظرا لان الموظف المنقول الى السودان يعامل معاملة خاصة فيما يتعلق باعانة غلاء المعيشة. وفى 30 من يولية سنة 1951 رقى الى الدرجة الخامسة وزيد راتبه الى 25 جنيها شهريا اعتبارا من أول أغسطس سنة 1951. وطبقا لقواعد التيسير خصمت الزيادة التى نالها بمقتضى هذه القواعد وقدرها 7 جنيهات و500 مليم من بدل التخصص وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 الذى كان معمولا به فى ذلك الوقت. وبناء على فتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع بمجلس الدولة الصادرة فى 10 من ابريل سنة 1956 والتى تقضى ببطلان الخصم اعتبارا من أول يولية سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1952 بشأن نظام موظفى الدولة رد اليه ما سبق استقطاعه من بدل التخصص نتيجة لقواعد التيسير، وبذلك اصبح يتقاضى هذا البدل كاملا وقدره تسعة جنيهات شهريا من أول أبريل سنة 1956، مع صرف الفروق اليه من أول يولية سنة 1955 حتى 31 من مارس سنة 1956، وقد بدأ ديوان الموظفين ذلك بخطاب موجه منه الى السيد وكيل وزارة الاشغال فى حينه بيد انه حدث بعد ذلك أن عادت الوزارة لخصم مبلغ 7 جنيهات و500 م من بدل التخصص اعتبارا من أول يولية سنة 1956، وبذلك أصبح صافى ما يتقاضاه من هذا البدل حتى اليوم هو 1 جنيه و500 مليم فقط. وقد تظلم فى 27 من سبتمبر سنة 1956 من هذا الوضع فلم تستجب له الوزارة. وهذا الموقف من جانب الوزارة مخالف للقانون لان قانون نظام موظفى الدولة قد أحل أحكامه الجديدة محل الاحكام الواردة فى قواعد التيسير وأصبح لا يجوز لسلطة أخرى غير المشرع ابتداء من تاريخ نفاذه أن تتعرض لشئون الموظفين بوضع قواعد عامة الا فى الحالات التى خولها القانون ذلك. ولم يتضمن القانون المذكور نصا على أعمال القاعدة القديمة التى وردت بقرارات التيسير والتى كانت تقضى بخصم الزيادة فى المرتب الناتج عن تطبيق تلك القرارات من بدل التخصص. وبذا يكون هذا القانون قد ألغى قواعد التيسير ضمنا بكل ما اشتملت عليه. وأصبح الخصم على مقتضى هذه القواعد غير جائز لانعدام السبب الذى تقرر من أجله. وآية ذلك ان المهندسين الذين رقوا فى ظل القانون رقم 120 لسنة 1951 لا يجرى عليهم الخصم من بدل التخصص مقابل ما افادوا من زيادة فى مرتباتهم بمنحهم بداية الدرجة الجديدة المرقين اليها، ولو قيل بغير ذلك لانتفت المساواة فى المعاملة بين أفراد الطائفة الواحدة وهو أمر غير مستساغ. وخلص المدعى من هذا الى طلب "الحكم ببطلان الخصم من بدل التخصص اعتبارا من أول يولية سنة 1952 وهو تاريخ العمل بقانون نظام موظفى الدولة، وصرف كافة الفروق المترتبة على ذلك وما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقد اودع المدعى بعد ذلك مذكرتين بدفاعه دفع فيهما بعدم جواز تطبيق القانون رقم 154 لسنة 1957 الذى نص على أن يعتبر فى حكم الصحيح الخصم الذى تم من بدل التخصص للمهندسين وفقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 لعدم دستوريته تأسيسا على أنه قد أخل بمبدأ المساواة الواجبة بين المواطنين أمام القانون الوارد بالمادة 31 من الدستور المصرى، تلك المساواة التى تقتضى عدم التفرقة فى المعاملة بين أرباب المراكز القانونية المتماثلة من أفراد الطائفة الواحدة، اذ قرر للمهندس الاحدث تعيينا وترقية مزايا حرم منها المهندس الاقدم فى التعيين والترقية، فمنح الاول بدل التخصص الذى منعه عن الثانى، مع تماثل مراكزهما تماثلا تاما، وبذا تعارض مع الغرض الذى صدر من اجله والذى افصح عنه فى مذكرته الايضاحية وهو ازالة الفوارق التى نشأت عن تطبيق قواعد الخصم من بدل التخصص على فئة دون أخرى من المهندسين، وأكد هذه الفوارق التى أراد أن يمحوها، فجعل الاحدث من المهندسين فى الترقية أحسن حظا من الاقدم وكان الأجدر به أن ينص صراحة على بطلان الخصم من بدل التخصص اعتبارا من أول يولية سنة 1952، وعلى رد المبالغ التى خصمت بدون وجه حق من فئة المهندسين المرقين قبل هذا التاريخ. ولكنه اعتبر ما تم من خصم صحيحا، أى أنه أقر صراحة بالفوارق التى أراد أن يتلافاها. الامر الذى يتعين معه اطراح هذا القانون وعدم تطبيقه فى خصوصية هذه الدعوى لعدم دستوريته.
ومن حيث أن وزارة الاشغال ردت على هذه الدعوى بمذكرتين قالت فيهما أن المدعى عين فى 26 من يولية سنة 1947 فى وظيفة مهندس من الدرجة السادسة بماهية شهرية قدرها 12 جنيها، ثم منح علاوة تكميلية زيدت بها ماهيته الى 13 جنيها و500 مليم من اول مايو سنة 1950، وقد منح بدل تخصص قدره 9جنيهات شهريا اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1949 طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 3 من يولية سنة 1949 ثم خصم من بدل التخصص المستحق له مبلغ 1جنيه و500 مليم، وهو قيمة الزيادة التى حصل عليها فى اعانة غلاء المعيشة، وذلك اعتبارا من أول مارس سنة 1950 طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 19 من فبراير سنة 1950 القاضى بزيادة فئات اعانة الغلاء، وبذا أصبح يتقاضى بدل تخصص مقداره 7 جنيهات و500 مليم من ذلك التاريخ. وقد رقى الى الدرجة الخامسة اعتبارا من 30 من يولية سنة 1951 وزيدت ماهيته الشهرية من 13 جنيها و500 مليم الى 25 جنيها من أول أغسطس سنة 1951، وطبقا لقرار التيسير خصم مبلغ 7 جنيهات و500 مليم وهو قيمة الزيادة فى علاوة الترقية التى حصل عليها بمقتضى هذه القواعد. كما أنه أصبح لا يستحق بدل تخصص اعتبارا من أول أغسطس سنة 1951 وفقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950، وطبقا لفتوى ديوان الموظفين الصادرة فى 19 من أبريل سنة 1955 رد اليه ما سبق استقطاعه من بدل التخصص نظير زيادة فئات اعانة غلاء المعيشة وقدره 1 جنيه و500 مليم شهريا اعتبارا من 28 من أكتوبر سنة 1953 تاريخ نقله للعمل بالسودان، وبذا أصبح يتقاضى بدل تخصص مقداره 1جنيه و500 مليم من ذلك التاريخ. وقد أفتى ديوان الموظفين فى 6 من أكتوبر سنة 1955 بأن المهندسين الذين عينوا فى ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 لا تسرى فى حقهم القواعد الصادر بها قرار مجلس الوزراء فى 17 من مايو سنة 1950 بشأن خصم الزيادة الناتجة من تطبيق قواعد التيسير من بدل التخصص. وطبقا لفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع بمجلس الدولة الصادرة فى 10 من أبريل سنة 1956 رد اليه ما سبق استقطاعه من بدل التخصص نظير قواعد التيسير وقدره 7 جنيهات و500 مليم شهريا عن المدة من أول يولية سنة 1955 حتى 30 من يونية 1956، أى أنه كان يتقاضى بدل تخصص قدره 9 جنيهات شهريا خلال هذه المدة. وقد صدرت النشرة الشهرية رقم 1 لسنة 1956 من ديوان الموظفين بعدم جواز الخصم من بدل التخصص المقرر للمهندسين بقيمة الزيادة التى نالها هؤلاء فى مرتباتهم تطبيقا لقواعد التيسير التى كانت تقضى بوجوب هذا الخصم، وذلك اعمالا للقانون رقم 210 لسنة 1951 الذى ألغى ضمنا قواعد التيسير السابقة على نفاذه اعتبارا من أول يولية سنة 1952. الا أن صرف الفروق المترتبة على رد الزيادة التى كانت تخصم من بدل التخصص والناشئة عن تطبيق قواعد التيسير أوقف لحين البت فى هذا الموضوع من وزارة المالية والاقتصاد، وبذلك خفض بدل تخصصه الى 1 جنيه و500 مليم شهريا اعتبارا من أول يولية سنة 1956. وقد أصدرت وزارة المالية والاقتصاد كتابا دوريا بوجوب وقف صرف هذه الفروق الى أن يبت مجلس الوزراء فى هذا الموضوع. ثم صدر القانون رقم 154 لسنة 1957 بشأن بدل التفرغ للمهندسين وبمقتضاه أصبحت المطالبة برد قيمة المستقطع من بدل التخصص نظير قواعد التيسير غير قانونية. وقد أزال هذا القانون الاوضاع الشاذة فى المعاملة بين كافة المهندسين من حيث منح بدل التخصص. وعندما أبلغت الوزارة بصدوره قامت بتطبيق نصوصه على جميع حالات المهندسين الذين يخضعون لاحكامه دون استثناء ومن بينهم المدعى، وقد كان من ضمن من صرفت لهم الفروق عن المدة من اول يولية سنة 1955 الى 20 من يونية سنة 1956 نظير ما سبق استقطاعه من بدل التخصص طبقا لقواعد التيسير علما بأن الصرف فى جميع الحالات انما كان يتم فى حدود الاعتمادات المالية. وقد صدر القرار الجمهورى رقم 618 لسنة 1957 بمنح بدل التفرغ للمهندسين، ونص فى مادته الثالثة على أنه لا يجوز الجمع بين بدل التفرغ وبين بدل التفتيش أو المكافأة عن ساعات العمل الاضافية، وأنه يجوز مع ذلك لمهندسى الرى الموجودين حاليا فى الخدمة أن يختاروا خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القرار الجمع بين بدل التفتيش وبدل التفرغ طبقا للقواعد المعمول بها الآن بشأن الخصم من هذا البدل أو منحهم يدل التفرغ وحده كاملا. ولم يبد المدعى رأيه فى هذا الخيار حتى الآن.
ومن حيث أن السيد مفوض الدولة أودع تقريرا بالرأى القانونى مسببا انتهى فيه للاسباب التى أبداها به الى أنه يرى "الحكم بعدم جواز تطبيق القانون رقم 154 لسنة 1957 فى شأن بدل التفرغ للمهندسين على الدعوى الحالية لعدم دستوريته، وفى الموضوع ببطلان الخصم من بدل التخصص المقرر للمدعى اعتبارا من اول يولية سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وصرف الفروق المترتبة من هذا التاريخ مع الزام الوزارة بالمصروفات.
ومن حيث أنه بجلسة 23 من يونية سنة 1958 قضت محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن الدفع بعدم دستورية القانون رقم 154 لسنة 1957 لا يستقيم غلا اذا كان حق المدعى فى الزيادة المترتبة على تطبيق قواعد التيسير الصادر بها قرار مجلس الوزراء فى 17 من مايو سنة 1950 وعدم جواز خصمها من بدل التخصص هو من الحقوق التى يكفلها الدستور ذاته، وأن وسيلة اقتضاء هذا الحق عن طريق القضاء هى وسيلة يقررها الدستور كذلك، وأن ثمت اخلالا بمبدأ المساواة أمام القانون والقضاء فى هذا الشأن، فلا يجوز أن يهدر القانون ما يقرره الدستور، أما اذا كان هذا الحق هو مما ينشئه القانون أو يلغيه، وكانت وسيلة اقتضائه هى مما ينظمه القانون على الوجه الذى يراه فلا يكون ثمت وجه للنعى بعدم دستوريته. وقد سبق للمحكمة الادارية العليا أن قضت بعدم جواز الخصم لزوال سنده القانونى بعد سريان قانون نظام موظفى الدولة بزوال السبب الذى قام عليه فى الماضى قبل نفاذ هذا القانون الذى أنشأ للموظفين مراكز قانونية جديدة ينتفى معها استصحاب العلة القديمة لانقطاع صلتها بالماضى. اذ تقضى المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة بعدم التفرقة فى المعاملة بين أفراد الطائفة الواحدة. وقد صدر القانون رقم 154 لسنة 1957 بعد صدور هذا الحكم. ولما كانت علاقة الموظف بالحكومة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، وكان مركز الموظف هو مركز قانونى عام يجوز تغييره فى أى وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، فانه يتعين أعمال حكم المادة الاولى من القانون المتقدم ذكره، فيعتبر صحيحا الخصم الذى تم من بدل التخصص المقرر للمدعى بقدر الزيادة التى نالها بترقيته الى الدرجة الخامسة طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 بقواعد التيسير، وبناء عليه يكون طلب المدعى الحكم له ببطلان الخصم من بدل التخصص اعتبارا من أول يولية سنة 1952 تاريخ العمل بقانون نظام موظفى الدولة وصرف الفروق المترتبة على ذلك فى غير محله طبقا لاحكام القانون رقم 154 لسنة 1957 آنف الذكر، ويتعين رفض دعواه لعدم قيامها على أساس سليم من القانون.
ومن حيث أن السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة طعن فى هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة فى 23 من أغسطس سنة 1958 طلب فيها "الحكم بقبول هذا الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء للمدعى بطلباته مع الزام الوزارة بالمصروفات".
واستند فى أسباب طعنه الى أنه من الاصول المسلمة أن القانون لا يكون دستوريا اذا خالف نصا دستوريا قائما أو خرج على روحه ومقتضاه، ومرد ذلك الى ان الدستور، وهو القانون الاعلى، لا يجوز أن يهدره قانون وهو أدنى، وأن للمحاكم أن تمتنع عن تطبيق أى قانون ترى أنه غير دستورى، وقد نصت المادة 31 من دستور 16 من يناير سنة 1956 الذى كان معمولا به وقت صدور القانون رقم 154 لسنة 1947 على أن المصريين لدى القانون سواء. وبينت المحكمة الادارية العليا فى حكم سابق لها المقصود بالمساواة أمام القانون بأنه هو عدم التمييز بين افراد الطائفة الواحدة اذا تماثلت مراكزهم القانونية، ولما كانت المادة الاولى من القانون رقم 154 لسنة 1957 قد نصت على أن يعتبر فى حكم الصحيح الخصم الذى تم من بدل التخصص للمهندسين وفقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 فى شأن قواعد التيسير اللاحقة لتاريخ العمل بقانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 اعتبارا من أول يولية سنة 1952 فان هذه المادة تكون قد أخلت بالمساواة بين أفراد الطائفة الواحدة ممن تماثلت مراكزهم القانونية ومن ثم يتعين اهدارها والامتناع عن تطبيقها على أساس عدم دستوريتها ويكون الحكم الثانى السليم للمنازعة المطروحة هو أن السند القانونى للخصم قد زال منذ أول يولية سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث أن المدعى قدم بجلسة 27 من فبراير سنة 1960 مذكرة بملاحظاته ردد فيها دفاعه السابق من أن المادة الاولى من القانون رقم 154 لسنة 1957 قد خالفت نصوص المواد 31، 53، 57 من الدستور وكذا الاسس التى قام عليها كيان الدستور من حيث العدل والمساواة. كما تناقضت مع ما ورد بالمذكرة الايضاحية لهذا القانون، مما يقتضى عدم تطبيقها على الدعوى والحكم ببطلان الخصم من بدل التخصص اعتبارا من أول يولية سنة 1952، وصرف الفروق المترتبة على ذلك، مع الزام وزارة الاشغال بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث أن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة فى 3 من يولية سنة 1949 على منح مهندسى مصلحة الرى ومهندسى طلمبات الرى والصرف التابعين لمصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال العمومية بدل تخصص بالفئات التى حددها، مع تكليف الوزارات المختلفة أن تدرس حالة المهندسين الذين فى حكم مهندسى الرى سالفى الذكر بالوزارات والمصالح الاخرى، وأن تقدم نتيجة البحث للمجلس للنظر فى حالتهم، وذلك تشجيعا للمهندسين على الالتحاق بالوظائف الحكومية لما لوحظ من أعراضهم عنها بسبب ضآلة المرتبات المقررة لهم بمقارنتها بتلك التى يمكنهم الحصول عليها فى الخارج، وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1949 وافق مجلس الوزراء على منح بدل تخصص للمهندسين الحاصلين على بكالوريوس الهندسة أو ما يعادلها الذين يشتغلون فى المصالح المبينة بقرار المجلس وبالفئات ذاتها المقررة لمهندسى مصلحة الرى، وذلك اعتبارا من أول يناير سنة 1950 على أن يقف صرف بدل التفتيش والمكافآت عن ساعات العمل الاضافية لمن يستولى عليها. كما قرر المجلس بجلسته المنعقدة فى 19 من فبراير سنة 1950 زيادة فئات اعانة غلاء المعيشة على أن يخصم من مرتب التخصص أو التفرغ أو أى مرتب آخر مماثل حصل عليه الموظف منذ سنة 1945 مقدار الزيادة التى حصل عليها فى هذه الاعانة. كذلك وافق المجلس بجلسته المنعقدة فى 17 من مايو سنة 1950 على قواعد التيسير وقرر أنه لما كانت بعض طوائف الموظفين قد منحت منذ سنة 1945 مرتبات اضافية مثل بدل التخصص وبدل التفرغ، فان كان من ينتفع بزيادة فى ماهيته نتيجة لتطبيق قواعد التيسير يخصم من المرتب الاضافى المقرر له ما يوازى مقدار هذه الزيادة. ونظرا الى ما تقدمت به بعض المصالح من طلب معاملة مهندسيها ذات المعاملة المقررة لمهندسى المصالح الاخرى، فقد رؤى تعميم صرف بدل التخصص لجميع المهندسين الحاصلين على شهادات جامعية أو ما يعادلها أو الحاصلين على لقب مهندس فى جميع وزارات الحكومة ومصالحها اعتبارها من أول فبراير سنة 1950. وتحقيقا لهذه المساواة صدر القانون رقم 67 لسنة 1950 فى أول يونية سنة 1950 ناصا فى مادته الاولى على أنه "اعتبارا من أول فبراير سنة 1950 يمنح بدل التخصص طبقا للفئات التى اقرها مجلس الوزراء بتاريخ 3 من يولية سنة 1949 لجميع المهندسين المشتغلين بأعمال هندسية بحتة الحاصلين على شهادة جامعية أو ما يعادلها وهى ما تؤهل للتعيين فى الدرجة السادسة أو الحاصلين على لقب مهندس، وذلك مع مراعاة الشروط التى فرضها قرار مجلس الوزراء الصادر فى 28 من ديسمبر سنة 1949 بخصوص وقف صرف بدل التفتيش والمكافأة عن ساعات العمل الاضافية، والقرار الصادر من المجلس المذكور بتاريخ 9 من فبراير سنة 1950 الخاص بزيادة اعانة الغلاء ووجوب خصم هذه الزيادة من بدل التخصص، وعلى الا يجمع بين مرتب التخصص ومرتب الفن. ولمجلس الوزراء أن يضم الى الكشف المرافق المهندسين الذين تنطبق عليهم هذه الاحكام، وله أن يوقف صرف هذا البدل عند زوال الاسباب التى أوجبت تقريره". وبجلسة 26 من نوفمبر سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على "أن يكون مجموع ما يناله المهندس من ماهيته وبدل تخصص معادلا لماهيته بعلاوات الترقية قبل التيسير مضافا اليها بدل التخصص المقرر حسب درجته". وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة ونص فى الفقرة الاولى من المادة 135 منه على أن ينقل الموظفون الى الكادر الجديد الملحق بهذا القانون كل بدرجته ومرتبه، الا اذا كان المرتب يقل عن البداية فى الدرجة الجديدة فيمنحون هذه البداية" كما نص فى الفقرة الاولى من المادة 21 منه على أن "يمنح الموظف عند التعيين أول مربوط الدرجة المقررة للوظيفة أو المربوط الثابت على الوجه الوارد بجدول الدرجات والمرتبات الملحق بهذا القانون.." كذلك نص فى الفقرة الاولى من المادة 37 منه على أن "كل ترقية تعطى الحق فى علاوة من علاوات الدرجة المرقى اليها الموظف أو بدايتها أو مربوطها الثابت أيها أكبر". وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة 23 من فبراير سنة 1957 فى الطعن رقم 345 لسنة 2 القضائية بأن القانون المذكور قد أعاد تنظيم شئون الموظفين عامة وعالج تحديد مرتباتهم ودرجاتهم ورسم قواعد تعيينهم وترقياتهم وعلاواتهم على نحو جامع شامل، وسن قاعدة تنظيمية تقضى بأن يمنح الموظف عند التعيين أو الترقية أول مربوط الدرجة المقررة لوظيفته أو علاوتها أو مربوطها الثابت أيها أكبر، كما نص على نقل الموظفين الموجودين فى الخدمة وقت صدور هذا التشريع الى الكادر الجديد كل بدرجته ومرتبه، الا اذا كان المرتب يقل عن البداية فى الدرجة الجديدة فيمنحون هذه البداية. وبذلك جعل المرتب وحده واحدة قائمة بذاتها مجزأة وذات بداية ثابتة، وأزال العناصر الاضافية كزيادة التيسير التى كانت تدخل فى تكوينه فى الماضى، فأدمجها فيه وجعلها جزءا أصليا منه. ولما كان هذا القانون لم يلغ القواعد المتعلقة ببدل التخصص والتى تستمد وجودها من تشريع خاص لا تتعارض أحكامه مع أحكام قانون نظام موظفى الدولة، وكان بدل التخصص هذا علاوة تضاف الى المرتب الاصلى للموظف للحكمة التى دعت الى تقريره، وهى ترغيب المهندسين فى الاقبال على خدمة الحكومة وتشجيع الموجودين منهم على الاستمرار فى وظائفهم، وكانت علة الخصم من بدل التخصص قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 هى حصول الموظف على مزية التيسير لمنع ازدواج المزايا، وهى المزية التى أزال هذا القانون أثرها وأحل محلها مزية جديدة هى بداية مربوط الدرجة التى تقررت لجميع الموظفين على حد سواء، من عين أو رقى منهم قبل أول يولية سنة 1952 أو بعد هذا التاريخ، فان الحق فى هذا البدل يظل قائما، وانما يزول السند القانونى للخصم بعد سريان قانون نظام موظفى الدولة بزوال السبب الذى قام عليه فى الماضى قبل نفاذ هذا القانون الذى أنشأ الموظفين مراكز قانونية جديدة ينتفى معها أصحاب العلة القديمة لانقطاع صلتها بالماضى، اذ تقتضى المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة عدم التفرقة فى المعاملة بين أربابها من أفراد الطائفة الواحدة فلا يسوغ تقرير ميزة الموظف الاحدث تعيينا أو ترقية على الموظف الاقدم مع تطابق الوضع القانونى لكليهما تطابقا تاما من حيث الوظيفة والدرجة وسائر الوجوه الاخرى، الامر الذى لا يمكن أن يكون قد انصرف اليه قصد الشارع.
ومن حيث أنه بعد صدور حكم المحكمة الادارية العليا المتقدم ذكره، صدر فى 13 من يولية سنة 1957 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1957 فى شأن بدل التفرغ للمهندسين، ونص فى مادته الاولى على أن "يعتبر فى حكم الصحيح الخصم الذى تم من بدل التخصص للمهندسين وفقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950.." كما نص فى مادته الثانية على انه "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية منح بدل تفرغ للمهندسين، وذلك للطوائف وبالشروط والفئات التى ينص عليها القرار". ونص فى مادته الثالثة على أن "يلغى القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل التخصص للمهندسين". وقد صدر فى التاريخ ذاته، أى فى 13 من يولية سنة 1957 قرار رئيس الجمهورية رقم 618 لسنة 1957 بمنح بدل تفرغ للمهندسين. وورد بالمذكرة المرفوعة الى السيد رئيس الجمهورية فى شأن هذا البدل أنه "بتطبيق قرارات مجلس الوزراء والقانون رقم 67 لسنة 1950 المشار اليها تبين الآتى:(أولا).... (ثانيا)... (ثالثا) وقف العمل بقرار التيسير منذ صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفى الدولة المعمول به من أول يولية سنة 1952 وبذلك لم يطبق النص الخاص بخصم الزيادة فى الماهية المترتبة على قواعد التيسير من مرتب بدل التخصص بالنسبة الى المهندسين المعينين فى ظل هذا القانون فى الوقت الذى ظلت قاعدة الخصم هذه سارية المفعول بالنسبة الى المعينين قبل صدوره، مما أدى الى امتياز الاحدث على الاقدم. (رابعا) من بين المفارقات التى نشأت عن تطبيق قواعد الخصم من هذا البدل أن أصبح من رقى من المهندسين الى درجة أعلى بعد اول يولية سنة 1952 أحسن حالا ممن رقى منهم الى نفس الدرجة قبل هذا التاريخ - ولازالة الفوارق المشار اليها والتى أدت الى كثرة شكاوى المهندسين وتظلماتهم ورغبة فى تفادى أية منازعات مستقبلا - تقترح وزارة المالية والاقتصاد بالاتفاق مع ديوان الموظفين استصدار مشروع القانون المرافق. وقد نص فى مادته الاولى على اعتبار الخصم الذى تم من بدل التخصص تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 نافذا من نهاية الشهر الذى يعمل فيه بهذا التخصص العمل بالقواعد الآتية: (أولا).... (خامسا) يعمل بهذه القواعد ابتداء من الشهر التالى لنشر هذا القرار مع عدم صرف فروق عن الماضى. وقد بحثت اللجنة المالية هذه الاقتراحات ورأت الموافقة عليها وأعدت لذلك القرار المرافق...".
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أن تطبيق قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى 3 من يولية سنة 1949 و28 من ديسمبر سنة 1949 و19 من فبراير سنة 1950 و17 من مايو سنة 1950 فى شأن منح بدل التخصص للمهندسين وزيادة فئات اعانة غلاء المعيشة، وقواعد التيسير، وكذا القانون رقم 67 لسنة 1950 بتقرير بدل التخصص للمهندسين - ذلك التطبيق الذى أسفر عن اختلاف جهات القضاء والفتوى فى تحديد من يمنحون هذا البدل، وعن صعوبات فى تنفيذ القاعدة الخاصة بعدم جواز الجمع بين بدل التخصص والمكافآت عن ساعات العمل الاضافية قد كشف فى الوقت ذاته عن مفارقات نشأت عن تطبيق قواعد الخصم من البدل المذكور بعد أن وقف العمل بقرار التيسير منذ أول يولية سنة 1952 تاريخ نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، فلم تخصم الزيادة فى الماهية المترتبة على قواعد التيسير من بدل التخصص بالنسبة الى المهندسين المعينين فى ظل سريان أحكام هذا القانون بينما استمر هذا الخصم - الذى قضت المحكمة العليا بزوال سنده القانونى بعد العمل بالقانون المشار اليه - ساريا فى حق المهندسين المعينين قبل صدوره، الامر الذى أدى الى امتياز الاحدث على الاقدم، والى أن أصبح من رقى من المهندسين الى درجة أعلى بعد أول يولية سنة 1952 أحسن حالا مما رقى منهم الى الدرجة ذاتها قبل هذا التاريخ. ومن أجل هذا ونظرا الى كثرة شكاوى المهندسين وتظلماتهم ورغبة فى تفادى أية منازعات مستقبلا، عمد الشارع الى الغاء القانون رقم 67 لسنة 1950 الصادر بتقرير التخصص للمهندسين، وذلك بالقانون رقم 154 لسنة 1957، لتصفية للاوضاع القديمة التى نجمت عنها الاختلافات والصعوبات والمنازعات المتقدم ذكرها، ثم صدر فى التاريخ عينه الذى ألغى فيه القانون المشار اليه، وهو 13 من يولية سنة 1957 قرار رئيس الجمهورية رقم 671 لسنة 1957 بمنح بدل تفرغ للمهندسين، متضمنا اعادة تنظيم قواعد هذا البدل تنظيما عاما بالنسبة الى جميع من تجرى عليهم أحكامه من المهندسين دون تفرقة أو تمييز بينهم، وذلك وفقا للاوضاع وبالشروط والفئات التى نص عليها، وبذا حسم الامر فيما كان قائما من فوارق بازالة مصدرها، وحقق بالنسبة الى المستقبل المساواة والتوحيد فى المعاملة بين هؤلاء جميعا بالقضاء على الاوضاع الشاذة التى كانت مثار شكاواهم وتظلماتهم، واعتبر فيما يتعلق بالماضى أن الخصم الذى تم من بدل التخصص تنفيذا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من مايو سنة 1950 نافذا وفى حكم الصحيح حتى نهاية شهر يولية سنة 1957، وذلك لغاية تتعلق بصالح الخزانة وهى منع المطالبة برد ما استقطع من هذا البدل وفقا لقواعد التيسير، كما هو الشأن عندما يقضى المشرع - لمثل هذه المحكمة - بعدم صرف فروق عن الماضى. وقد جاء هذا النص عاما ومجردا بالنسبة الى كل من يصدق عليهم حكمه من طوائف المهندسين الذين جرى فى حقهم الخصم من بدل التخصص المقرر لهم، وهم المعينون أو المرقون الى درجات أعلى قبل أول يولية سنة 1952 تاريخ نفاذ قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951، لا فرق من هذه الناحية بين فرد من هذه الطائفة وآخر، ودون اخلال بمبدأ المساواة بين أفراد هذه الفئة من المهندسين الذين تماثلت مراكزهم القانونية واتحدت خصائصها فى الفترة الزمنية التى عناها. ومن ثم فلا وجه للنعى عليه بعدم الدستورية. ذلك أن الاصل المسلم هو أن القانون لا يكون غير دستورى الا اذا خالف نصا دستوريا قائما أو خرج على روحه ومقتضاه أو أنكر حقا من الحقوق التى يكفلها الدستور ذاته، ومرد ذلك الى أن الدستور - وهو القانون الاعلى فيما يقرره - لا يجوز أن يهدره قانون وهو أداة أدنى. كما أن من المسلمات كذلك كأصل دستورى أن المقصود بالمساواة هو عدم التفرقة بين أفراد الطائفة الواحدة اذا تماثلت مراكزهم القانونية. بيد أن هذه المساواة لا يجوز أن تفهم بالقياس بين أفراد فئة أخرى وأن انتمتهما معا طائفة واحدة أعم، متى كان وضع كل فئة ينفرد بظروف ذاتية خاصة تميزه عن الاخرى.
ومن حيث أن لكل ما تقدم فان الدعوى بطلب الحكم ببطلان الخصم من بدل التخصص المقرر للمدعى اعتبارا من أول يولية سنة 1952 مع ما يترتب على ذلك من فروق وآثار تكون على غير أساس سليم من القانون واذ قضى حكم محكمة القضاء الادارى المطعون فيه برفضها، فانه يكون قد اصاب الحق فى النتيجة التى انتهى اليها ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة فى هذا الحكم بطلب الغائه والقضاء للمدعى بطلباته فى غير محله متعينا رفضه.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا.