مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 599

(65)
جلسة 26 من مارس سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة الامام الامام الخريبى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 562 لسنة 5 القضائية

معاشات - أئمة المساجد بوزارة الاوقاف وخطباؤها ومدرسوها - سرد للقوانين واللوائح المنظمة لتقاعدهم حتى صدور القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفى الدولة المدنيين وآخر لموظفى الهيئات ذات الميزانيات المستقلة - تطبيق هذا القانون على أفراد هذه الطائفة ولو تجاوز الموظف السن المحددة به للاحالة على المعاش مادام موجودا فعلا فى الخدمة وقت صدوره وتوافرت فيه شروط المادة الأولى منه - عدم احتساب المدة الزائدة على سن الاحالة المقررة فى المادة 17 من القانون.
يبين من استعراض القوانين واللوائح المنظمة لتقاعد أئمة المساجد بوزارة الاوقاف وخطبائها ومدرسيها أنه فى 15 من أبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 بشأن المعاشات الملكية وقد نص فى المادة 67 منه على أنه "لا تسرى أحكام هذا القانون الا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية المربوطة ماهياتهم وأجرهم فى ميزانية الحكومة العمومية، على أن هذه الأحكام تسرى بصفة استثنائية على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية فى المصالح الآتية غير المندرجة فى ميزانية الحكومة. سادسا: مدير عموم ووكيل عموم وباشمهندس ديوان الاوقاف"، كما تضمنت المادة 66 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 نصا مماثلا قضى بعدم سريان أحكامه الا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم فى ميزانية الحكومة العمومية وبسريان أحكامه بصفة استثنائية على موظفى بعض المصالح ومن بين هؤلاء الموظفين وزير ووكيل وباشمهندس وزارة الاوقاف، أى أن أحكام القانونين المذكورين لا تسرى على أئمة المساجد بوزارة الاوقاف وخطبائها ومدرسيها تلك الاحكام التى تضمنت احالة الموظف أو المستخدم الدائم الى المعاش متى بلغ سن الستين ورفت المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال متى بلغوا الخامسة والستين ما لم يرخص لهم ناظر المالية بالبقاء فى الخدمة لمدة معينة بناء على طلبهم، ومع ذلك فلا يجوز فى أى حال من الاحوال ابقاؤهم فى الخدمة بعد سن السبعين، ومفاد ذلك انه ليس هناك سن معينة لانتهاء خدمة الطائفة المذكورة، وهذا هو ما جرت عليه وزارة الاوقاف من ابقاء هذه الطائفة فى الخدمة مدى الحياة مادامت حالتهم الصحية تمكنهم من أداء عملهم، وفى أبريل سنة 1928 أصدر مجلس الاوقاف الاعلى لائحة النذور للمساجد والاضرحة التابعة للوزارة على أن يعمل بها من أول يناير سنة 1928، وقد جاء بالمادة الثامنة من تلك اللائحة ما يأتى: "ينشأ بالوزارة صندوق توفير لمستخدمى المساجد جميعا يودع فيه ما يرد من النذور النقدية وما فى حكمها لتصرف منه مكافآت لهؤلاء المستخدمين عن مدد خدمتهم بحسب النظام الذى يقرر له..." ثم أصدرت الوزارة المنشور العام رقم 36 لسنة 1928 فى 15 من أبريل سنة 1928 متضمنا أحكام اللائحة المذكورة، وقد نص فى البند الثالث منه على ما يأتى: "يتبع فى صرف المكافآت لمستخدمى المساجد ما يأتى: ( أ ) كل مستخدم بالمساجد والزوايا الخيرية التابعة للوزارة أمضى فى الخدمة سنة فأكثر وفصل لوفاته أو لعجزه عن القيام بعمله لشيخوخته أو مرضه يستحق مكافأة عن مدة خدمته تصرف له أو لورثته الشرعيين (ب) تحتسب هذه المكافأة باعتبارها ماهية نصف شهر من آخر ماهية شهرية للمستخدم عن كل سنة قضاها بالخدمة.. (جـ) اذا مضت مدة ستة أشهر فأكثر على فصل المستخدم ولم يطلبها هو ولا أحد من ورثته سقط حقه فيها". وواضح من اللائحة والمنشور أن ليس ثمت سن معينة تنتهى عندها خدمة الامام أو الخطيب، وانما تنتهى خدمته بوفاته أو لوزارة الاوقاف القرار رقم 228 بشأن السن الذى يفصل فيه أئمة المساجد وعلماؤها وخطباؤها ومدرسوها الذين يعينون على درجات بميزانية الاوقاف الخيرية والحرمين الشريفين وبشأن مقدار المكافأة التى تمنح عند الفصل وشروط منحها، وقد جاء بالبند (أولا) من هذا القرار ما يأتى: "( أ ) يفصل المذكورون من الخدمة لبلوغ السن فى الخامسة والستين (ب) يعامل المذكورون عند الفصل بالنسبة لمقدار المكافأة التى تمنح لهم هم وورثتهم من بعدهم وكذلك بالنسبة لشروط منح هذه المكافأة بمثل ما يعامل به الموظفون المؤقتون المعينون على ميزانية الادارة العامة أو ورثتهم"، ونص البند الثالث من القرار المشار اليه على أن "الائمة والعلماء والمدرسون الحاليون تسرى عليهم القواعد التى نص عليها فى البند (أولا) اذا أعطوا اقرارا كتابيا بقبولهم اياها، ومن لم يعط منهم هذا الاقرار الكتابى يستمر فى معاملته بالنسبة للمكافأة طبقا لاحكام لائحة النذور الصادرة فى 25 من أبريل سنة 1928"، وفى 8 من ديسمبر سنة 1952 صدر القانون رقم 316 لسنة 1952 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار والمعاشات لموظفى الحكومة المدنيين، ولم يشمل هذا القانون موظفى وزارة الاوقاف، وانما صدر لهؤلاء قانون مماثل هو القانون رقم 269 لسنة 1953، وقد نص فى مادته الاولى على أنه "ينشأ فى مصلحة للتأمين للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة ضمن الباب الاول فى ميزانية وزارة الاوقاف (الادارة العامة والاوقاف الخيرية وأوقاف الحرمين الشريفين والاوقاف الاهلية) ولو كانوا معينين قبل العمل بأحكام هذا القانون وصندوق آخر للادخار يخصص لغير المثبتين من هؤلاء الموظفين، ولا تسرى أحكام هذا القانون على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعدهم فى الحكومة" ومؤدى ذلك أن الموظفين الموجودين بالخدمة حاليا من ذوى الاعمال الذين تزيد سنهم على سن التقاعد لا يتمتعون بنظام الادخار، أما من نقل أعمارهم عن هذه السن فانهم يتمتعون بأحكام هذا القانون بشرط أن يتركوا الخدمة فى سن التقاعد المقررة قانونا وذلك ما لم يقرر مجلس الاوقاف الاعلى حرمانهم من الاشتراك فى هذين الصندوقين طبقا للمادة 28 منه" وفى 16 من يناير سنة 1954 صدر القانون رقم 27 لسنة 1954 بتعديل لائحة التقاعد للعلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالازهر ناصا فى مادته الاولى على أنه "يستبدل بالبند "أولا" من المادة الاولى من لائحة التقاعد المشار اليها النص الآتى: (أولا) من بلغ سن الخامسة والستين ميلادية (وكان البند الاول من لائحة التقاعد سالفة الذكر رقم 21 لسنة 1951 بنص على ان يحال على التقاعد من العلماء من بلغ من العمر سبعين سنة شمسية) كما نص فى المادة الثانية منه على أنه" فيما عدا ما نص عليه البند "أولا" من المادة الاولى من لائحة التقاعد المشار اليها تسرى أحكام قوانين المعاشات الخاصة بموظفى الدولة على علماء الازهر وموظفيه من العلماء متى طلبوا ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون على أن يعفى من يطلب منهم ذلك من أداء الفرق بين ما استقطع منه للمعاش عن المدة السابقة وما تقضى به أحكام قوانين المعاشات بالنسبة الى الاستقطاع" وقد تقدمت وزارة الاوقاف الى مجلس الوزراء بمذكرة بشأن معاملة أئمة المساجد بالوزارة وخطبائها ومدرسيها معاملة علماء ومدرسى الازهر الذين صدر فى شأنهم القانون رقم 27 لسنة 1954، واستهلتها الوزارة بذكر ما جرى عليه العمل من تطبيق قواعد اعتزال الخدمة بالنسبة للعلماء والمدرسين بالازهر على أئمة ومدرسى المساجد بها بأن تستغنى عن خدماتهم متى بلغوا سن السبعين وتصرف لهم مكافآتهم طبقا للائحة النذور وهى لا تزيد على ثلاثين جنيها عن طوال مدة خدمتهم ثم قيام بعض الائمة الذين فصلوا من الخدمة برفع دعوى ضد الوزارة بمحكمة القضاء الادارى يتظلمون فيها من هذا الوضع وصدور حكم لصالحهم يقضى بابقائهم فى الخدمة مدى الحياة متى كانوا قادرين على العمل، ثم قيام الوزارة بعد ذلك بتعديل لائحتها الداخلية وقد سبق بيان ذلك - وعلمت اقرارات للتوقيع عليها من هؤلاء الائمة بتخييرهم بين أمرين: أما البقاء فى الخدمة مدى الحياة وفى هذه الحالة تصرف لهم المكافأة طبقا للائحة النذور، وأما الفصل عند بلوغ سن الخامسة والستين وفى هذه الحالة تصرف لهم المكافأة طبقا لما يعامل به الموظفون المؤقتون بالحكومة، ونظرا لان بعض الائمة الذين أعطوا اقرارا بقبولهم البقاء فى الخدمة مدى الحياة عادوا وطلبوا التصريح لهم بالخروج فى سن الخامسة والستين على أن يمنحوا المكافأة طبقا للائحة المعاشات، كما أن بعضا ممن طلب البقاء فى الخدمة حتى سن الخامسة والستين عام وطلب البقاء فى الخدمة مدى الحياة، فقد استطلعت الوزارة رأى الشعبة الثقافية والاجتماعية بمجلس الدولة فى هذا الموضوع فأشارت بأن الائمة ومن اليهم يعتبرون من موظفى الدولة ويسرى عليهم ما يسرى على سائر الموظفين فى شأن تحديد سن تقاعدهم بحسب حالتهم سواء من قبل منهم البقاء مدة الحياة ومن لم يقبل، وأشارت على الوزارة بأن تلغى الاقرارات السابق التوقيع عليها منهم، ثم أشارت الوزارة فى مذكرتها الى القانون رقم 27 لسنة 1954 والى أن أئمة المساجد ومن اليهم ينقسمون الى قسمين: الاول وهم الذين دخلوا الخدمة قبل سنة 1930 وحرموا من الامتيازات التى كان يستفيد منها جميع موظفى الحكومة، ومنها التثبيت وهؤلاء ترى الوزارة أن العدالة تقتضى النظر فى حالتهم وتثبيتهم فى الخدمة مع ربط معاشات استثنائية لهم على حساب وزارة الاوقاف على أساس ما وصلت اليه ماهياتهم فى سن الخامسة والستين مع اعفائهم من دفع احتياطى المعاش عن مدة خدمتهم السابقة أسوة بعلماء ومدرسى الازهر مع انهاء خدمة من وصلت سنهم الخامسة والستين فأكثر، وأما القسم الثانى وهم الذين عينوا فى الخدمة سنة 1935 فيكون شانهم شأن باقى موظفى الدولة من حيث الانتفاع بقانون التأمين والادخار وانتهاء مدة الخدمة. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة فى 4 من أغسطس سنة 1954 على ما ورد بهذه المذكرة الا أن وزير الاوقاف عاد ورأى تأجيل التنفيذ نظرا الى أن الرغبة فى وظائف الامامة والخطابة غير متوافرة لدى المواطنين ولا يمكن شغل هذه الوظائف فيما لو نفذ هذا الآن، وفى 25 من نوفمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفى الدولة وآخر لموظفى الهيئات ذات الميزانيات المستقلة ونص فى المادة الاولى منه على أنه "ينشأ صندوق للتأمين والمعاشات لجميع موظفى الدولة المدنيين غير المثبتين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة الى درجات فى الميزانية العامة للدولة أو الميزانيات الملحقة بها، كما ينشأ صندوق آخر للتأمين والمعاشات يخصص للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة الى درجات فى الميزانيات المستقلة وهى ميزانية الجامعات وميزانية المجالس البلدية ومجالس المديريات.." ونصت المادة 17 على أنه "مع عدم الاخلال بحكم المادة 108 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الاولى من القانون رقم 27 لسنة 1954 المشار اليهما تنتهى خدمة الموظفين المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء ويستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الاوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين"، وبينت المادة 18 كيفية حساب المعاش ونصت المادة 19 على أنه "يقصد بمدة خدمة الموظف المحسوبة فى المعاش المدد التى قضاها فى احدى الوظائف المنصوص عليها بعد استبعاد المدد الآتية: (1)... (2)... (3) مدد الخدمة بعد سن الستين ويستثنى من ذلك المدد التى يقضيها الوزراء ونواب الوزراء فى المناصب المذكورة بعد السن المشار اليها والمدد التى يقضيها العلماء والمدرسون والعلماء الموظفون بالازهر والمعاهد الدينية العلمية الاسلامية والعلماء الموظفون فى مراقبة الشئون الدينية بوزارة الاوقاف حتى الخامسة والستين فيؤدى عنها اشتراك بواقع 9% من كل من المذكورين والخزانة العامة والازهر ومعاهدة الدينية ووزارة الاوقاف..." ونص أخيرا فى المادة 66 على أن يعمل به من أول أكتوبر سنة 1956.
ويتضح من مطالعة أحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 المشار اليه أن مناط الافادة منه أن يكون الموظف ممن توافرت فيه شروط المادة الأولى وأن يكون موجودا فعلا فى الخدمة وقت صدوره. وأن كان قد جاوز وقتذاك السن المحددة فى المادة 17 للاحالة الى المعاش وفى هذه الحالة يستبعد من المدة المحسوبة فى المعاش المدد التى تقضى بعد السن المحددة للاحالة الى المعاش وفقا لاحكام المادة 19 من القانون.
وقد قررت وزارة الاوقاف فى 17 من يناير سنة 1957 معاملة المدعى طبقا للقانون رقم 394 لسنة 1956 فأحالته الى المعاش اعتبارا من أول يناير سنة 1957 - تاريخ بلوغه سن الخامسة والستين - مع خصم 9% من ماهيته الاصلية لحساب صندوق التأمين والادخار من ذلك التاريخ، ولما تبين لها بعد ذلك أنه كان قد بلغ سن الخامسة والستين فى أول يناير سنة 1951 عادة فسحبت قرارها الاول وقررت صرف مكافأة له عن مدة خدمته، ظنا منها أنه وقد بلغ سن الخامسة والستين قبل صدور القانون رقم 394 لسنة 1956 فانه لا يفيد من أحكامه.
ولكن لما كان مناط الافادة من أحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 المشار اليه أن يكون الموظف موجودا فى الخدمة فعلا وقت صدوره مع توافر شروط المادة الاولى من القانون، فاذا كان قد جاوز السن المحددة فى القانون للاحالة الى المعاش استبعدت المدة التى قضاها بعد السن المذكورة من المدة المحسوبة فى المعاش، ولما كان الثابت أن المدعى كان فى خدمة وزارة الاوقاف عند صدور القانون سالف الذكر وأحيل الى المعاش بالتطبيق لاحكامه فانه يتعين ربط معاش له وفق أحكام ذلك القانون عن مدة خدمته السابقة من 7 من يونية سنة 1930 الى أول يناير سنة 1951 بعد وفائه بالتزاماته المالية التى يرتبها القانون كافة.


اجراءات الطعن

فى 25 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة التسويات) بجلسة 26 من يناير سنة 1959 فى الدعوى رقم 582 لسنة 12 القضائية المرفوعة من قطب خليفة الشريف ضد وزارة الاوقاف، القاضى "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعى فى الاستفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 14 من أغسطس سنة 1954". وقد أعلن الطعن للحكومة فى 8 من يونية سنة 1959 وللمدعى فى 11 من يونية سنة 1959 وعين لنظره جلسة 2 من يناير سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ثم أرجأت الحكم لجلسة 30 من يناير سنة 1960 ثم لجلسة 27 من فبراير سنة 1960 ثم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الاوراق - تتحصل فى أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 25 من فبراير سنة 1958 أقام المدعى الدعوى رقم 582 لسنة 12 القضائية ضد وزارة الاوقاف طالبا الحكم باستحقاقه معاشا من يناير سنة 1957 على أساس متوسط المرتبات الاصلية التى حصل عليها خلال السنتين الاخيرتين من مدة خدمته مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال فى بيان ذلك أنه حصل على شهادة العالمية فى سنة 1918 وعين اماما بمساجد وزارة الاوقاف فى سنة 1929 ومنح بعد ذلك الدرجة الخامسة ثم الرابعة بمرتب أساسى قدره 35 جنيها، وفى يناير سنة 1957 أحيل الى المعاش فى حين أنه من أئمة المساجد الذين أعطاهم القانون حق البقاء فى الخدمة مدى الحياة أو الى سن السبعين، وقد كان من الطبيعى وقد أحالته الوزارة الى المعاش بعد صدور القانون رقم 394 لسنة 1956 الخاص بانشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفى الدولة المدنيين وبعد أن قاربت مدة خدمته بالوزارة من الثلاثين عاما، أن تسوى معاشه على أساس متوسط المرتبات الاصلية التى حصل عليها خلال السنتين الاخيرتين، الا أن الوزارة قامت بصرف مكافأة له معتبرة أن مدة خدمته بالوزارة انتهت فى سنة 1951 حيث كان مرتبه 10 جنيهات متجاهلة مدة خدمته اللاحقة لهذا التاريخ، ومتجاهلة أيضا حصوله على الدرجتين الخامسة والرابعة، لذلك أقام هذه الدعوى طالبا تثبيته بالمعاش بالتطبيق للقانون رقم 394 لسنة 1956 وتسوية معاشه طبقا لنص المادة 8 أو ما بعدها من القانون المذكور، وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعى من مواليد أول يناير سنة 1886 وبلغ سن الخامسة والستين فى أول يناير سنة 1951 وطبقا للمادة 14 من قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 المعامل به تنتهى مدة خدمته متى بلغ سن الخامسة والستين لانه من الموظفين المؤقتين وعلى ذلك صرفت له المكافأة لغاية هذا التاريخ، وأما عن المدة التى قضاها فى العمل بعد بلوغه السن المذكورة فقد منحت له ماهية خلالها كأجر عن عمل، وفيما يختص بطلب معاملته بالقانون رقم 394 لسنة 1956 لربط معاش له فانه طبقا لحكم المادة 17 من هذا القانون تسرى أحكامه على من بلغ سن الستين من الموظفين مع استثناء العلماء فانه يجوز ابقاؤهم الى سن الخامسة والستين، وقد بلغ المدعى هذه السن قبل صدور القانون المذكور فلا يجوز له الانتفاع بأحكامه وبجلسة 26 من يناير سنة 1959 حكمت المحكمة "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات". وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من "استقراء أحكام القانون رقم 36 لسنة 1946 بشأن لائحة اجراءات وزارة الاوقاف انها لم تحدد سنا معينا لاحالة علماء المساجد وأئمتها الى المعاش، وكانت القاعدة التنظيمية التى يجرى عليها العمل هى استمرارهم فى الخدمة ما داموا قادرين على عملهم، الا أن الوزارة رأت أخيرا أحالتهم الى المعاش فى سن السبعين أسوة بما هو متبع فى وعاظ الازهر. واستندت فى ذلك الى قرار مجلس الوزراء الصادر فى 23 من نوفمبر سنة 1944 فى شأن انصاف علماء المساجد الذى اشترط لامكان انصافهم أن تتوافر فيهم شروط التوظف بالازهر والمعاهد الدينية وان يكونوا منقطعين لاعمال وظائفهم فاستنتجت الوزارة من مساواة هؤلاء بأولئك مساواتهم كذلك فى سن الاحالة الى المعاش.." ولما كانت "العبارة التى استنتجت منها الوزارة مساواة علماء المساجد وأئمتها بوعاظ الازهر قد وردت فى مذكرة اللجنة المالية المرفوعة الى مجلس الوزراء فى خصوص معين هو انصاف علماء المساجد وأئمتها بوزارة الاوقاف... فلا يجوز اعمالها الا فى هذا الخصوص التى وردت فيه بالذات... ذلك لان مجلس الوزراء حين أقر مذكرة اللجنة المالية فى الخصوص المذكور لم يقصد تعديل نظم التوظف بالنسبة لعلماء المساجد وأئمتها بوزارة الاوقاف.. ويكون بذلك من حق المدعى البقاء فى الخدمة مدى الحياة طالما كان قدرا على العمل، وهذا ما قضت به محكمة القضاء الادارى فى القضية رقم 311 لسنة 3 القضائية المرفوعة من رئيس اتحاد علماء المساجد وآخرين". وكان من أثر ذلك الحكم أن" أصدر مجلس الاوقاف الاعلى قرارا بجلسته المنعقدة فى 16 من مايو سنة 1951 برقم 228 بشأن الكيفية التى يعامل بها أئمة المساجد وعلماؤها وخطباؤها ومدرسوها الذين يعينون على درجات بميزانية الاوقاف الخيرية والحرمين الشريفين، وهذا القرار بطبيعته يسرى على المعينين بعد صدوره.. وقد نص فى البند الثالث من القرار المشار اليه على أن الائمة والعلماء والخطباء والمدرسين الحاليين تسرى عليهم القواعد التى وضعت باعتبار أن سن التقاعد هو 65 سنة، اذا أعطوا اقرارا كتابيا بقبولهم اياه، ومن لم يعط منهم اقرارا كتابيا يستمر فى معاملته بالنسبة للمكافأة طبقا لاحكام لائحة النذور الصادرة فى 25 من أبريل سنة 1928. ويبين من الاطلاع على الاقرار المودع ملف خدمة المدعى المؤرخ فى 24 من يناير سنة 1952 أنه اختار البقاء فى وظيفته مدة الحياة وبذلك لا يجوز احالته الى المعاش اذا ما كان قادرا على العمل دون التقيد بسن معينة". ثم استعرضت المحكمة المواد 17 و18 و19 من القانون رقم 394 لسنة 1956 وخلصت من ذلك أنه "كقاعدة عامة لا يجوز حساب مدد فى المعاش طبقا لهذا القانون بعد سن الستين، اذ لا تؤدى عنها اشتراكات سواء من جانب الموظف أو من جانب الخزانة العامة أو الجهات ذات الميزانيات المستقلة ويستثنى من هذه القاعدة حالتين، الاولى خاصة بالوزراء ونواب الوزراء، فان مدد الخدمة التى يقضونها بعد سن الستين تحسب فى المعاش والحالة الثانية خاصة بالعلماء الموظفين بالازهر وكذلك العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الاوقاف، فقد رخص فى حساب مدة الخدمة التى يقضونها بعد سن الستين وحتى بلوغهم سن الخامسة والستين فى المعاش وذلك اتساقا مع ما ينص عليه القانون رقم 27 لسنة 1954 من انهاء مدة خدمتهم فى سن الخامسة والستين". ثم قالت المحكمة: أن " القواعد التنظيمية العامة التى تسرى فى شأن موظفى الدولة تسرى فى حق موظفى وزارة الاوقاف نزولا على مفهوم المادة 30 من القانون رقم 36 لسنة 1946 بشأن لائحة اجراءات وزارة الأوقاف من أم موظفى وزارة الأوقاف يعاملون كموظفى الحكومة فى شأن السن المقررة للتقاعد ما لم تكن هناك قاعدة تنظيمية عامة تكون أكثر فائدة للموظف، وأن القواعد التنظيمية المعمول بها فى وزارة الاوقاف واقرها مجلس الاوقاف الاعلى تقضى بجواز بقاء علماء المساجد من أئمة وخطباء ومدرسين فى الخدمة مدى الحياة طالما كان قادرا على العمل.. ومن مقتضى ذلك بقاء المدعى فى الخدمة حتى آخر ديسمبر سنة 1956 ومن تكون علاقته بالوزارة خدمة حقيقية يسرى فى شأنها أحكام الوظيفة ويخضع للقوانين واللوائح الصادرة فى هذا الخصوص.. يقطع فى صحة هذا النظر ما جاء بملف خدمة المدعى من أنه منح علاوة قدرها 1.5 جنيه فى أول مايو سنة 1951 ورقى الى الدرجة الخامسة فى أول يناير سنة 1953 والى الدرجة الرابعة الشخصية بمرتب 35 جنيها من أول أكتوبر سنة 1956 عملا بأحكام المادة 40 مكررا من قانون موظفى الدولة ولذلك يعامل عند حساب المستحق له من مكافأة أو معاش على أساس أن مرتبه الاخير هو مبلغ 35 ج شهريا". وبعد أن اشارت المحكمة الى ما ورد بالمادة 19 من القانون رقم 394 لسنة 1956 من ان المدة التى يقضيها الموظف فى الخدمة بعد بلوغه السن المقررة للتقاعد - وهو 65 سنة بالنسبة للعلماء الموظفين فى مراقبة الشئون الدينية بوزارة الاوقاف - لا تحسب فى المعاش. قالت: ان المدعى لا يفيد من أحكام القانون المذكور، لانه عند تاريخ العمل به فى أول اكتوبر سنة 1956 كان سنه قد جاوز السن المقررة للتقاعد طبقا لهذا القانون، اذ أنه كان قد بلغ سن الخامسة والستين فى أول يناير سنة 1951. وخلصت المحكمة من ذلك الى رفض الدعوى.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 14 من أغسطس سنة 1954 بشأن قواعد اعتزال أئمة المساجد وخطباء ومدرسى المساجد، الخدمة قد انتهى الى الموافقة على منحهم معاشات استثنائية ووافق على مذكورة وزارة الاوقاف التى استعرضت حالتهم، ولما كان الثابت أن المدعى عين بوزارة الاوقاف وسويت حالته بمنحه الدرجة السادسة من 7 من يونية سنة 1930 فمن ثم يكون له الحق فى الاستفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 14 من أغسطس سنة 1954.
ومن حيث انه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعى أنه مقيد ضمن سواقط صنبو سنة 1892 وتقدر سنه بست سنوات وأنه حصل على شهادة العالمية سنة 1918 وعين بوزارة الاوقاف بوظيفة امام وخطيب ومدرس اعتبارا من 11 من يونية سنة 1930 بمرتب اربعة جنيهات شهريا بغير درجة، وعندما صدرت قواعد الانصاف سويت حالته بالتطبيق لتلك القواعد ومنح الدرجة السادسة بصفة شخصية من 7 من يونية سنة 1930 ومنح ماهية مقدارها 16 جنيها و500 مليم اعتبارا من أول مايو سنة 1941 على الا يصرف اليه الفرق الا من اول نوفمبر سنة 1944، وفى 16 من أكتوبر سنة 1950 صدر قرار وزير الاوقاف بنقل المدعى وآخرين من زملائه من الدرجة السادسة الشخصية الى الدرجة السادسة الاصلية اعتبارا من اول مارس سنة 1950 ثم منح الدرجة الخامسة اعتبارا من أول مايو سنة 1951 وفى 24 من مايو سنة 1952 وقع قرارا رفض فيه المعاملة بالبند "أولا" من قرار مجلس الاوقاف الاعلى رقم 228 فى 16 من مايو سنة 1951 بشأن الكيفية التى يعامل بها أئمة المساجد وعلماؤها وخطباؤها ومدرسوها الذين يعينون على درجات بميزانية الاوقاف الخيرية والحرمين الشريفين، واختار البقاء فى وظيفته مدى الحياة، ثم منح الدرجة الرابعة الفنية العالية بصفة شخصية اعتبارا من 2 من سبتمبر سنة 1956. وفى 10 من يناير سنة 1957 رفعت ادارة المستخدمين بوزارة الاوقاف مذكرة الى السيد وكيل الوزارة ذكرت بها أن الشيخ قطب خليفة الشريف (المدعى) من مواليد أول يناير سنة 1892 ويبلغ سن الخامسة والستين فى 31 من ديسمبر سنة 1956 وطلبت الموافقة على انهاء خدمته اعتبارا من اليوم التالى لبلوغه سن الخامسة والستين، فأصدر السيد وكيل الوزارة قرارا فى 17 من يناير سنة 1957 بعد اطلاعه على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 394 لسنة 1956 بمعاملة المدعى بالقانون المذكور اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1956 مع خصم 9% من ماهيته الاصلية لحساب صندوق التأمين والمعاشات من ذلك التاريخ.
ومن حيث أنه يبين من استعراض القوانين واللوائح المنظمة لتقاعد أئمة المساجد بوزارة الاوقاف وخطبائها ومدرسيها أنه فى 15 من أبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 بشأن المعاشات الملكية وقد نص فى المادة 67 منه على أنه "لا تسرى أحكام هذا القانون الا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية المربوطة ماهياتهم وأجرهم فى ميزانية الحكومة العمومية، على أن هذه الاحكام تسرى بصفة استثنائية على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية فى المصالح الآتية غير المندرجة فى ميزانية الحكومة:... سادسا: مدير عموم ووكيل عموم وباشمهندس ديوان الاوقاف"، كما تضمنت المادة 66 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 نصا مماثلا قضى بعدم سريان احكامه الا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم فى ميزانية الحكومة العمومية وبسريان أحكامه بصفة استثنائية على موظفى بعض المصالح ومن بين هؤلاء الموظفين وزير ووكيل وباشمهندس وزارة الاوقاف، أى أن أحكام القانونين المذكورين لا تسرى على أئمة المساجد بوزارة الاوقاف وخطبائها ومدرسيها تلك الاحكام التى تضمنت احالة الموظف أو المستخدم الدائم الى المعاش متى بلغ سن الستين ورفت المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال متى بلغوا سن الخامسة والستين ما لم يرخص لهم ناظر المالية بالبقاء فى الخدمة لمدة معينة بناء على طلبهم ومع ذلك فلا يجوز فى أى حال من الاحوال ابقاؤهم فى الخدمة بعد سن السبعين، ومفاد ذلك أنه ليس هناك سن معينة لانتهاء خدمة الطائفة المذكورة، وهذا هو ما جرت عليه وزارة الاوقاف من ابقاء هذه الطائفة فى الخدمة مدى الحياة مادامت حالتهم الصحية تمكنهم من أداء عملهم، وفى أبريل سنة 1928 أصدر مجلس الاوقاف الاعلى لائحة النذور للمساجد والاضرحة التابعة للوزارة على أن يعمل بها من أول يناير سنة 1928 وقد جاء بالمادة الثامنة من تلك اللائحة ما يأتى "ينشأ بالوزارة صندوق توفير لمستخدمى المساجد جميعا يودع فيه ما يرد من النذور النقدية وما فى حكمها لتصرف منه مكافآت لهؤلاء المستخدمين عن مدد خدمتهم بحسب النظام الذى يقرر له.." ثم أصدرت الوزارة المنشور العام رقم 36 لسنة 1928 فى 15 من أبريل سنة 1928 متضمنا أحكام اللائحة المذكورة وقد نص فى البند الثالث منه على ما يأتى: "يتبع فى صرف المكافآت لمستخدمى المساجد ما يأتى: ( أ ) كل مستخدم بالمساجد والزوايا الخيرية التابعة للوزارة أمضى فى الخدمة سنة فأكثر وفصل لوفاته أو لعجزه عن القيام بعمله لشيخوخته أو مرضه يستحق مكافأة عن مدة خدمته تصرف له أو لورثته الشرعيين (ب) تحتسب هذه المكافأة باعتبارها ماهية نصف شهر من آخر ماهية شهرية للمستخدم عن كل سنة قضاها بالخدمة..(جـ) اذا مضت مدة ستة أشهر فأكثر على فصل المستخدم ولم يطلبها هو ولا أحد من ورثته سقط حقه فيها" وواضح من اللائحة والمنشور أن ليس ثمت سن معينة تنتهى عندها خدمة الامام أو الخطيب وانما تنتهى خدمته بوفاته لعجزه عن أداء عمله. وفى 16 من مايو سنة 1951 أصدر المجلس الاعلى لوزارة الاوقاف القرار رقم 228 بشأن السن الذى يفصل فيه أئمة المساجد وعلماؤها وخطباؤها ومدرسوها الذين يعينون على درجات بميزانية الاوقاف الخيرية والحرمين الشريفين وبشأن مقدار المكافأة التى تمنح عند الفصل وشروط منحها، وقد جاء بالبند أولا من هذا القرار ما يأتى: ( أ ) يفصل المذكورون من الخدمة لبلوغ السن فى الخامسة والستين. (ب) يعامل المذكورون عند الفصل بالنسبة لمقدار المكافأة التى تمنح لهم هم وورثتهم من بعدهم وكذلك بالنسبة لشروط منح هذه المكافأة بمثل ما يعامل به الموظفون المؤقتون المعينون على ميزانية الادارة العامة أو ورثتهم. ونص البند الثالث من القرار المشار اليه على "أن الائمة والعلماء والخطباء والمدرسين الحاليين تسرى عليهم القواعد التى نص عليها فى البند أولا اذا أعطوا اقرارا كتابيا بقبولهم اياها، ومن لم يعط منهم هذا الاقرار الكتابى يستمر فى معاملته بالنسبة للمكافأة طبقا لاحكام لائحة النذور الصادرة فى 25 من ابريل سنة 1928"، وفى 8 من ديسمبر سنة 1952 صدر القانون رقم 316 لسنة 1952 بانشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار والمعاشات لموظفى الحكومة المدنيين، ولم يشمل هذا القانون موظفى وزارة الاوقاف وانما صدر لهؤلاء قانون مماثل هو القانون رقم 269 لسنة 1953، وقد نص فى مادته الاولى على أنه "تنشأ فى مصلحة صناديق التأمين والادخار الحكومية بوزارة المالية ولاقتصاد صندوق للتأمين للموظفين المربوط مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة ضمن الباب الاول فى ميزانية وزارة الاوقاف (الادارة العامة والاوقاف الخيرية وأوقاف الحرمين الشريفين والاوقاف الاهلية) ولو كانوا معينين قبل العمل بأحكام هذا القانون وصندوق آخر للادخار يخصص لغير المثبتين من هؤلاء الموظفين، ولا تسرى أحكام هذا القانون على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعد موظفى الحكومة" وقد جاء بالمذكرة الايضاحية لذلك القانون فى صدد الفقرة الاخيرة من تلك المادة أنه "نظرا لما تبين من دراسة حالات الموظفين فى الوزارة المذكورة من انه توجد طائفة من أئمة المساجد وخطبائها ومدرسيها أجازت لهم الانظمة المالية أن يستمروا فى الخدمة مدى حياتهم وهو نظام لا يتفق والاحكام الخاصة بصندوق التأمين والادخار، فقد نصت هذه المادة فى فقرتها الثانية على عدم سريان احكامه على الموظفين الذين تزيد سنهم عند العمل به على السن المعينة لتقاعد موظفى الحكومة، ومؤدى ذلك أن الموظفين الموجودين بالخدمة حاليا من ذوى الاعمار التى تزيد على سن التقاعد لا يتمتعون بنظام الادخار، أما من تقل أعمارهم عن هذه السن فانهم يتمتعون بأحكام هذا القانون بشرط أن يتركوا الخدمة فى سن التقاعد المقررة قانونا، وذلك ما لم يقرر مجلس الاوقاف الاعلى حرمانهم من الاشتراك فى هذين الصندوقين طبقا للمادة 28منه". وفى 16 من يناير سنة 1954 صدر القانون رقم 27 لسنة 1954 بتعديل لائحة التقاعد للعلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالازهر ناصا فى مادته الاولى على انه "يستبدل بالبند (أولا) من المادة الاولى من لائحة التقاعد المشار اليها النص الآتى: (أولا) من بلغ سن الخامسة والستين ميلادية (وكان البند الاول من لائحة التقاعد سالفة الذكر رقم 21 لسنة 1921 ينص على أن يحال على التقاعد من العلماء من بلغ من العمر سبعين سنة شمسية)، كما نص فى المادة الثانية منه على أنه "فيما عدا ما نص عليه البند (أولا) من المادة الاولى من لائحة التقاعد المشار اليها تسرى احكام قوانين المعاشات الخاصة بموظفى الدولة على علماء الازهر وموظفيه من العلماء متى طلبوا ذلك خلال ستة اشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، على أن يعفى من يطلب منهم ذلك من أداء الفرق بين ما استقطع منه للمعاش عن المدة السابقة وما تقضى به أحكام قوانين المعاشات بالنسبة الى الاستقطاع" وقد تقدمت وزارة الاوقاف الى مجلس الوزراء بمذكرة بشأن معاملة أئمة المساجد بالوزارة وخطبائها ومدرسيها معاملة علماء ومدرسى الازهر الذين صدر فى شأنهم القانون رقم 27 لسنة 1954، واستهلتها الوزارة بذكر ما جرى عليه العمل من تطبيق قواعد اعتزال الخدمة بالنسبة للعلماء والمدرسين بالازهر على أئمة وخطباء ومدرسى المساجد بها بأن تستغنى عن خدماتهم متى بلغوا سن السبعين وتصرف لهم مكافآتهم طبقا للائحة النذور وهى لا تزيد على ثلاثين جنيها عن طوال مدة خدمتهم ثم قيام بعض الأئمة الذين فصلوا من الخدمة برفع دعوى ضد الوزارة بمحكمة القضاء الادارى يتظلمون فيها من هذا الوضع وصدور حكم لصالحهم يقضى بابقائهم فى الخدمة مدى الحياة متى كانوا قادرين على العمل، ثم قيام الوزارة بعد ذلك بتعديل لائحتها الداخلية وقد سبق بيان ذلك - وعملت اقرارات للتوقيع عليها من هؤلاء الأئمة بتخييرهم بين أمرين: أما البقاء فى الخدمة مدى الحياة وفى هذه الحالة تصرف لهم المكافأة طبقا للائحة النذور، وأما الفصل عند بلوغ سن الخامسة والستين وفى هذه الحالة تصرف لهم المكافأة طبقا لما يعامل به الموظفون المؤقتون بالحكومة، ونظرا لان بعض الأئمة الذين أعطوا اقرارا بقبولهم البقاء فى الخدمة مدى الحياة عادوا وطلبوا التصريح لهم بالخروج فى سن الخامسة والستين على أن يمنحوا المكافأة طبقا للائحة المعاشات كما أن بعضا ممن طلب البقاء فى الخدمة الى سن الخامسة والستين عاد وطلب البقاء فى الخدمة مدى الحياة، فقد استطلعت الوزارة رأى الشعبة الثقافية والاجتماعية بمجلس الدولة فى هذا الموضوع فأشارت بأن الأئمة ومن اليهم يعتبرون من موظفى الدولة ويسرى عليهم ما يسرى على سائر الموظفين فى شأن تحديد سن تقاعدهم بحسب حالتهم سواء من قبل منهم البقاء مدة الحياة ومن لم يقبل، وأشارت على الوزارة بأن تلغى الاقرارات السابق التوقيع عليها منهم، ثم أشارت الوزارة فى مذكرتها الى القانون رقم 27 لسنة 1954 والى أن أئمة المساجد ومن اليهم ينقسمون على قسمين: الاول وهم الذين دخلوا الخدمة قبل سنة 1935 وحرموا من الامتيازات التى كان يستفيد منها جميع موظفى الحكومة ومنها التثبيت وهؤلاء ترى الوزارة أن "العدالة تقتضى النظر فى حالتهم وتثبيتهم فى الخدمة مع ربط معاشات استثنائية لهم على حساب وزارة الاوقاف على أساس ما وصلت اليه ماهياتهم فى سن الخامسة والستين مع اعفائهم من دفع احتياطى المعاش عن مدة خدمتهم السابقة أسوة بعلماء ومدرسى الازهر، مع انهاء خدمة من وصلت سنهم الخامسة والستين فأكثر. وأما القسم الثانى وهم الذين عينوا فى الخدمة سنة 1935 فيكون شانهم شأن باقى موظفى الدولة من حيث الانتفاع بقانون التأمين والادخار وانتهاء مدة الخدمة. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة فى 4 من أغسطس سنة 1954 على ما ورد بهذه المذكرة، الا أن وزير الاوقاف عاد ورأى تأجيل التنفيذ نظرا الى "أن الرغبة فى وظائف الامامة والخطابة غير متوافرة لدى المواطنين ولا يمكن شغل هذه الوظائف فيما لو نفذ هذا الآن". وفى 25 من نوفمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفى الدولة وآخر لموظفى الهيئات ذات الميزانيات المستقلة ونص فى المادة الاولى منه على أنه "ينشأ صندوق للتأمين والمعاشات لجميع موظفى الدولة المدنيين غير المثبتين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة الى درجات فى الميزانية العامة للدولة أو الميزانيات الملحقة بها، كما ينشأ صندوق آخر للتأمين والمعاشات يخصص للموظفين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقتة أو على درجات شخصية يخصم بها على وظائف خارج الهيئة أو على اعتمادات الباب الثالث المقسمة الى درجات فى الميزانيات المستقلة وهى ميزانية الجامعات وميزانية الجامع الازهر والمعاهد الدينية وميزانية وزارة الاوقاف وميزانية المجالس البلدية ومجالس المديريات" ونصت المادة 17 على أنه "مع عدم الاخلال بحكم المادة 108 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الاولى من القانون رقم 27 لسنة 1954 المشار اليهما تنتهى خدمة الموظفين المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء ويستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الاوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين"، وبينت المادة 18 كيفية حساب المعاش ونصت المادة 19 على أنه "يقصد بمدة خدمة الموظف المحسوبة فى المعاش المدد التى قضاها فى احدى الوظائف المنصوص عليها بعد استبعاد المدد الآتية: (1)... (2)... (3) مدد الخدمة بعد سن الستين ويستثنى من ذلك المدد التى يقضيها الوزراء ونواب الوزراء فى المناصب المذكورة بعد السن المشار اليها والمدد التى يقضيها العلماء والمدرسون والعلماء الموظفون بالازهر والمعاهد الدينية بوزارة الاوقاف حتى الخامسة والستين فيؤدى عنها اشتراك بواقع 9% من كل من المذكورين والخزانة العامة والازهر ومعاهده الدينية ووزارة الاوقاف..." ونص أخيرا فى المادة 66 على أن يعمل به من أول أكتوبر سنة 1956.
ومن حيث أنه يتضح من مطالعة أحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 المشار اليه أن مناط الافادة منه أن يكون الموظف ممن توافرت فيه شروط المادة الاولى، وأن يكون موجودا فعلا فى الخدمة وقت صدوره، وأن كان قد جاوز وقتذاك السن المحددة فى المادة 17 للاحالة الى المعاش وفى هذه الحالة يستبعد من المدة المحسوبة فى المعاش المدد التى تقضى بعد السن المحددة للاحالة الى المعاش وفقا لاحكام المادة 19 من القانون.
وقد قررت وزارة الاوقاف فى 17 من يناير سنة 1957 معاملة المدعى طبقا للقانون رقم 394 لسنة 1956 فأحالته الى المعاش اعتبارا من أول يناير سنة 1957 - تاريخ بلوغه سن الخامسة والستين - مع خصم 9% من ماهيته الاصلية لحساب صندوق التأمين والادخار من ذلك التاريخ، ولما تبين لها بعد ذلك أنه كان قد بلغ سن الخامسة والستين فى أول يناير سنة 1951 عادت فسحبت قرارها الاول وقررت صرف مكافأة له عن مدة خدمته، ظنا منها أنه وقد بلغ سن الخامسة والستين قبل صدور القانون رقم 394 لسنة 1956 فانه لا يفيد من أحكامه.
ومن حيث انه وقد اتضح مما سبق بيانه أن مناط الافادة من أحكام القانون رقم 394 المشار اليه أن يكون الموظف موجودا فى الخدمة فعلا وقت صدوره مع توافر شروط المادة الاولى من القانون، فاذا كان قد جاوز السن المحددة فى القانون للاحالة الى المعاش استبعدت المدة التى قضاها بعد السن المذكورة من المدة المحسوبة فى المعاش، ولما كان الثابت أن المدعى كان فى خدمة وزارة الاوقاف عند صدور القانون سالف الذكر وأحيل الى المعاش بالتطبيق لاحكامه، فانه يتعين ربط معاش له وفق أحكام ذلك القانون عن مدة خدمته السابقة من 7 من يونية سنة 1930 الى أول يناير سنة 1951، بعد وفائه بالتزاماته المالية التى يرتبها القانون كافة.
وهذا هو ما اتبعته مصلحة صناديق التأمين والادخار مع زملاء المدعى كما تبين لهذه المحكمة من دعوى الشيخ عبد الرحمن حسن اسماعيل ودعوى الشيخ عبد العزيز محمد السنجرجى.
ومن حيث أنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه اذ قضى برفض دعوى المدعى قد اخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين من أجل ذلك الغاؤه والقضاء باستحقاق المدعى المعاش بالتطبيق لاحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 عن مدة خدمته البالغ مقدارها 20 سنة و6 أشهر و24 يوما بعد وفاته بكافة الالتزامات المالية التى يرتبها القانون المذكور مع الزام وزارة الاوقاف بالمصروفات.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعى لمعاش بالتطبيق لاحكام القانون رقم 394 لسنة 1956 مقابل رد ما سبق أن دفع اليه من مكافأة والقيام بسائر الالتزامات المالية فى هذا الشأن، وذلك على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت وزارة الاوقاف بالمصروفات.