مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 814

(81)
جلسة 26 من نيسان (ابريل) سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة على بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل ومحمود محمد ابراهيم وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 21 لسنة 2 القضائية (ج)/ 23 لسنة 2 القضائية (ش):

( أ ) تأديب - جامعات - قرار تأديبى - مجلس تأديب - موظف - طعن - المحكمة الادارية العليا - مهمتها فى الاصل التعقيب النهائى على الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أو المحاكم الادارية - ليس ثمت ما يمنع الشارع من أن يجعل فى حدود هذه المهمة استثناء التعقيب على بعض القرارات الادارية الصادرة من الهيئات التأديبية لحكمة يراها - القرارات التأديبية الصادرة من المجالس التأديبية فى الاقليم السورى - قابليتها للطعن أمام الغرفة المدنية بمحكمة التمييز طبقا للمادة 28 من المرسوم التشريعى رقم 37 لسنة 1950 - صدور القانون رقم 55 لسنة 1959 - الطعن فى القرارات المشار اليها رأسا أمام المحكمة الادارية العليا - أساس ذلك - المادة 80 من القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة - تأكيدها الطعن فى قرارات مجالس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات أمام المحكمة الادارية العليا.
(ب) حكم - قرار ادارى - قرار تأديبى - قرار قضائى - مناط التفرقة بين القرار القضائى والقرار التأديبى هو الموضوع الذى يصدر فيه القرار - القرار القضائى هو الذى تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية ويحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية تقوم بين طرفين متنازعين تتعلق بمركز قانونى خاص أو عام ولا ينشئ مركزا قانونيا جديدا - اعتبار القرار قضائيا متى توافرت له هذه الخصائص ولو صدر من هيئة لا تتكون من قضاة - القرار التأديبى كأى قرار ادارى لا يحسم خصومة قضائية على أساس قاعدة قانونية، وانما هو ينشئ حالة جيدة فى حق من صدر عليه - صدور القرار التأديبى من هيئة تتكون كلها أو بعضها من قضاة لا يغير من طبيعته (1).
(ج) قرار تأديبى (2) - ركن السبب فيه - مدى رقابة القضاء الادارى له - سبب القرار التأديبى بوجه عام هو اخلال الموظف بواجبات وظيفته أو اتيانه عملا محرما.
(د) جامعات - تأديب - مزاولة أعضاء هيئة التدريس المهنة خارج الجامعة أو داخلها فى غير أوقات العمل الرسمية - منوطة بالحصول على ترخيص بها من مدير الجامعة بالشروط الواردة فى المادة 72 من القانون رقم 184 لسنة 1958 - محاكمة المخالف تأديبيا - مثال.
1 - لئن كان الشارع قد ناط بالمحكمة الادارية العليا فى الاصل مهمة التعقيب النهائى على الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أو المحاكم الادارية فى الاحوال التى بينتها المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة حتى تكون كلمتها القول الفصل فى تأصيل أحكام القانون الادارى وتنسيق مبادئه واستقرارها ومنع التناقض فى الاحكام، الا أن هذا لا يمنع الشارع من أن يجعل فى حدود هذه المهمة استثناء التعقيب على بعض القرارات الادارية الصادرة من الهيئات التأديبية لحكمة يراها قد تجد سندها من حيث الملاءمة التشريعية فى اختصار مراحل التأديب حرصا على حسن سير الجهاز الحكومى، كما قد تجد سندها القانونى فى أن قرارات تلك الهيئات وان كانت فى حقيقتها قرارات ادارية الا أنها أشبه ما تكون بالاحكام ولكنها ليست بالاحكام ما دام الموضوع الذى تفصل فيه ليس منازعة قضائية، بل محاكمة مسلكية تأديبية. ومن ثم يسقط التحدى بالمفارقة بين القرارات التأديبية الصادرة من المحاكم التأديبية فى الاقليم المصرى بالتطبيق للقانون رقم 117 لسنة 1958 وبين مثيلاتها الصادرة من المجالس التأديبية بالاقليم السورى بالتطبيق للمرسوم التشريعى رقم 37 الصادر فى 5 من شباط (فبراير) سنة 1950 فجميعها قرارات ادارية بجزاءات تأديبية فى مؤاخذات مسلكية تنشئ فى حق الموظفين الصادرة فى شأنهم مراكز قانونية جديدة ما كانت لتنشأ من غير هذه القرارات، بينما القرارات القضائية - كما سلف البيان - انما تقرر من قوة الحقيقة القانونية وجود حق أو عدم وجوده ولا يغير من هذه الحقيقة أن يعبر عن الهيئة التأديبية بلفظ المحكمة، كما فعل القانون رقم 117 لسنة 1958. اذ العبرة بالمعانى لا بالالفاظ والمبانى.
وليس بدعا فى التشريع أن يطعن رأسا فى قرار ادارى أمام المحكمة الادارية العليا، اذ لهذا نظير فى النظام الفرنسى حيث يطعن رأسا أمام مجلس الدولة الفرنسى بهيئة نقض فى بعض القرارات الادارية، وقد كان هذا هو الشأن فى تمييز القرارات التأديبية الصادرة من المجالس التأديبية فى الاقليم السورى اذ كانت قابلة للطعن طبقا للمادة 28 من المرسوم التشريعى سالف الذكر أمام الغرفة المدنية بمحكمة التمييز بعد اذ ألغى مجلس الشورى بالقانون رقم 82 الصادر فى 31 من كانون الثانى (يناير) 1951 سواء من قبل الموظف أو من قبل الادارة المختصة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ التبليغ لعيب فى الشكل أو مخالفة القانون، دون أن يكون للمحكمة المذكورة بأى حال أن تبحث فى مادية الوقائع، ومفاد ذلك أن المرسوم التشريعى المشار اليه قد ناط بمجلس التأديب فى الاقليم السورى مهمة المحاكمات المسلكية المتعلقة بالموظفين الخاضعين لقانون الموظفين الاساسى كدرجة تأديبية وحيدة لا يطعن فى قرارها الا بطريق التمييز على الوجه السالف بيانه، فاختصر بذلك اجراءات التأديب ومراحله كى يفصل فيه على وجه السرعة وهذا التنظيم فى التأديب هو الذى انتهى اليه الشارع فى الاقليم المصرى بالقانون رقم 117 لسنة 1958 فبعد أن كان التأديب يمر فى إجراءات مطولة وفى مرحلتين ابتدائية واستئنافية ثم يطعن فى القرار التأديبى النهائى امام المحاكم الادارية أو محكمة القضاء الادارى بحسب الاحوال ثم فى أحكام هذه المادة أو تلك امام المحكمة الادارية العليا، اختصر الشارع هذه الاجراءات والمراحل وجعل التأديب فى مرحلة وحيدة أمام هيئة تأديبية عبر عنها بالمحكمة التأديبية يطعن فى قراراتها رأسا أمام المحكمة الادارية العليا للاسباب المشار اليها آنفا والتى أفصحت عنها المذكرة الايضاحية للقانون المذكور بقولها: ".... ويقوم المشروع على أساس تلافى العيوب التى اشتمل عليها النظام الحالى فى شأن المحاكمات التأديبية - ولما كان من أهم عيوب نظام المحاكمات التأديبية: (1) تعدد مجالس التأديب التى تتولى المحاكمة (2) بطء اجراءات المحاكمة (3) غلبة العنصر الادارى فى تشكيل مجالس التأديب، ذلك انه طبقا للقانون رقم 210 لسنة 1951 تتعدد المجالس التى تتولى المحاكمات التأديبية.... وما من شك فى أن هذا التعدد ضار بهذه المحاكمات فضلا عما تثيره من التعقيدات، لذلك نص المشروع على أن المحاكمات التأديبية تتولاها محكمتان تأديبيتان تختص احداهما بمحاكمة الموظفين لغاية الدرجة الثانية وتتولى الاخرى محاكمة الموظفين من الدرجة الاولى فما فوقها، وبذلك قضى على التعدد المعيب الذى احتواه النظام الحالى، وقد قضى المشروع على ما يعيب النظام الراهن من بطء فى اجراءات المحاكمة التأديبية وذلك بنصوص صريحة... ذلك أن طول الوقت الذى تستغرقه اجراءات المحاكمة التأديبية ضار بالجهاز الحكومى من ناحيتين: (1) أن ثبوت ادانة الموظف بعد وقت طويل يفقد الجزاء الذى يوقع عليه كل قيمة من حيث ردعه هو وجعله العقاب عبرة لغيره لان العقاب يوقع فى وقت يكون قد انمحى فيه أثر الجريمة التى وقعت من الاذهان. (2) ان من الخير الا يظل الموظف البرئ معلقا أمره مما يصرفه عن أداء عمله الى الاهتمام بأمر محاكمته... كما يدخل فى هذا المجال أن المشروع عدل عما كان يقضى به القانون الحالى من جواز استئناف القرارات التأديبية لما يترتب على اباحة الاستئناف من اطالة اجراءات المحاكمة، وبكل هذه التعديلات يستقر وضع الموظف المحال الى المحاكمة التأديبية فى وقت قريب" واذا كان النظامان التأديبيان فى كل من الاقليمين المصرى والسورى - قبل العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1959 - قد أصبحا متماثلين فى جوهرهما من حيث اختصار اجراءات ومراحل المحاكمة التأديبية وصار كلاهما مقصورا على مرحلة موضوعية وحيدة لا تقبل التعقيب الا بطريق التمييز فى النظام المصرى وبذلك تلاقى النظامان وسارا فى خط واحد للحكمة التشريعية عينها بحيث لا يتصور أن يكون الشارع قد قصد فى القانون رقم 55 لسنة فى 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة العودة بنظام التأديب فى الاقليم السورى الى تعدد مراحل التأديب وطول اجراءاته وهى عيوب كانت تعتور الى ما قبيل القانون المشار إليه نظام التأديب فى الاقليم المصرى مما أدى الى علاجها بالقانون رقم 117 لسنة 1958، والقول بغير ذلك فيه تحريف لقصد الشارع ومسخ لفهم القانون على وجه ينتكس بالنظام الى مساوئ وعيوب أفصح الشارع عنها من قبل غير مرة، فلا وجه والحالة هذه الى الاخلال بما استقرت عليه الاوضاع وذلك تحت ستار تأويل نصوص قانون مجلس الدولة الموحد تأويلا لا تحتمله هذه النصوص بمقولة أن قرارات المحاكم التأديبية فى الاقليم الجنوبى هى أحكام على عكس قرارات المجالس التأديبية فى الاقليم الشمالى، وتلك مجرد حجة لفظية داحضة، فجميعها قرارات إدارية فى حقيقتها وليست أحكاما قضائية كما سلف ايضاحه، بل ان الشارع فى القانون رقم 117 لسنة 1958 وان كان قد غلب العنصر القضائى فى تشكيل هيئة التأديب التى عبر عنها بالمحاكم التأديبية الا أنه لم يعتبر قراراتها أحكاما قضائية وأن كان شبهها بالاحكام، فقال فى هذا الصدد فى المذكرة الايضاحية ما نصه: "وقد حرص المشروع على تغليب العنصر القضائى فى تشكيل المحاكم التأديبية وذلك بقصد تحقيق هدفين: (1) توفير ضمانة واسعة لهذه المحاكمات لما يتمتع به القضاة من حصانات يظهر أثرها ولا ريب فى هذه المحاكمات. (2) صرف كبار موظفى الدولة الى أعمالهم الاساسية وهى تصريف الشئون العامة وذلك باعفائهم من تولى هذه المحاكمات التى تعد بعيدة عن دائرة نشاطهم الذى ينصب اساسا على ادارة المرافق العامة الموكولة اليهم، أما هذه المحاكمات فمسألة عارضة تعطل وقتهم".
وغنى عن القول ان اعتبار المحاكمات التأديبية أدخل فى الوظيفة القضائية منها فى الوظيفة الادارية - على حد تعبير المذكرة الايضاحية - ليس معناه انها فى ذاتها خصومات قضائية تنتهى بأحكام بالمعنى المقصود من هذا، وانما هى فقط شبيهة بها وان كانت ليست منها (3).
يضاف الى ما تقدم أن المادة 80 من القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة، بعد أن نصت على أن تكون "محاكمة أعضاء هيئة التدريس بجميع درجاتهم أمام مجلس تأديب يشكل من وكيل الجامعة رئيسا ومستشار من مجلس الدولة واستاذ ذى كرسى من كلية الحقوق يعينه مجلس الجامعة سنويا عضوين"، نصت فى فقرتها الاخيرة على أنه "وتسرى بالنسبة للمحاكمة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار اليه على أن تراعى بالنسبة للتحقيق والاحالة الى مجلس التأديب أحكام المادة 76 من هذا القانون" فأكد هذا النص بما يقطع كل شبهة التزام الشارع السياسة عينها التى نظم على أساسها التأديب بوجه عام بالنسبة الى الموظفين كافة من حيث اختصار مراحله بقصره على محاكمة وحيدة أمام هيئة تتوافر فيها الضمانات اللازمة على أن يتاح التعقيب على القرار التأديبى الصادر منها أمام المحكمة الادارية العليا وهو ما نصت عليه المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الذى أحال اليه القانون رقم 184 لسنة 1958 المشار اليه، تلك المادة التى تقضى بأن أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها الا أمام المحكمة الادارية العليا.
2 - أن القرار القضائى هو الذى تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية ويحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانونى خاص أو عام، ولا ينشئ القرار القضائى مركزا قانونيا جديدا وانما يقرر فى قوة الحقيقة القانونية وجود حق أو عدم وجوده، فيعتبر عنوان الحقيقة فيما قضى به متى حاز قوة الشئ المقضى به، ويكون القرار قضائيا متى توافرت له هذه الخصائص ولو صدرت من هيئة لا تتكون من قضاة وإنما أسندت سلطة قضائية استثنائية للفصل فيما نيط بها من خصومات، وعلى العكس من ذلك فان القرار التأديبى لا يحسم خصومة قضائية بين طرفين متنازعين على أساس قاعدة قانونية تتعلق بمركز قانونى خاص أو عام، وانما هو ينشئ حالة جديدة فى حق من صدر عليه، شانه فى ذلك شأن كل قرارى، ولو صدر القرار التأديبى من هيئة تتكون كلها أو أغلبها من قضاة، اذ العبرة كما سلف القول هو بالموضوع الذى صدر فيه القرار، فما دام هذا الموضوع اداريا كالتأديب مثلا، فالقرارات التى تصدر فيه تكون بحكم اللزوم ادارية، ولا تزايلها هذه الصفة لكون من أصدرها قضاة كالجزاءات التأديبية التى يوقعها رؤساء المحاكم فى حق موظفيها من كتبة ومحضرين، اذ تعتبر قرارات تأديبية لا قضائية.
3 - ان القرار التأديبى شأنه من ذلك شأن أى قرار ادارى آخر يجب ان يقوم على سبب يسوغ تدخل الادارة لاحداث أثر قانونى فى حق الموظف هو توقيع الجزاء للغاية التى استهدفها القانون وهى الحرص على حسن سير العمل، ولا يكون ثمت سبب للقرار الا اذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ هذا التدخل، وللقضاء الادارى فى حدود رقابته القانونية أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانونى، وهذه الرقابة القانونية لا تعنى أن يحل القضاء الادارى نفسه محل السلطات التأديبية المختصة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها، فيستأنف النظر الموازنة والترجيح فيما يقوم لدى السلطات التأديبية من دلائل وبيانات وقرائن أحوال اثباتا أو نفيا فى خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية أو القانونية التى تكون ركن السبب أو أن يتدخل فى تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار، بل ان هذه السلطات حرة فى تقدير تلك الدلائل والبيانات وقرائن الاحوال تأخذها دليلا اذا اقتنعت بها وتطرحها اذا تطرق الشك الى وجدانها، وانما الرقابة للقضاء الادارى فى ذلك تجد حدها الطبيعى - كرقابة قانونية - فى التحقق مما اذا كانت النتيجة التى انتهى اليها القرار التأديبى فى هذا الخصوص مستفادة من أصول موجودة أو أثبتتها السلطات المذكورة وليس لها وجود، وما اذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونا، فاذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التى أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التى يتطلبها القانون، كان القرار فاقدا ركنا من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون، أما اذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونا فقد قام القرار على سببه وكان مطابقا للقانون، وسبب القرار التأديبى بوجه عام هو اخلال الموظف بواجبات وظيفته أو اتيانه عملا من الاعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التى تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء فى حدود القانون أو يخرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته تلك التى يجب أن يقوم بها بنفسه اذا كان منوطا له وأن يؤديها بذمة وامانة - ان هذا الموظف انما يرتكب ذنبا اداريا هو سبب القرار يسوغ تأديبه فتتجه ارادة الادارة الى انشاء أثر قانونى فى حقه هو توقيع جزاء عليه بحسب الشكل والاوضاع المقررة قانونا وفى حدود النصاب المقرر.
4 - ان المادة 72 من القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة تنص على أن "لمدير الجامعة بناء على عرض عميد الكلية أن يرخص بصفة استثنائية لاعضاء هيئة التدريس فى مزاولة مهنتهم خارج الجامعة أو داخلها فى غير أوقات العمل الرسمية بشرط أن يكسب المرخص له فى ذلك خبرة تنفع فى تخصصه العلمى وبشرط الا يتعارض هذا الترخيص مع الواجبات الجامعية وحسن أدائها ولا مع اللوائح المعمول بها فى مزاولة هذه المهنة، ويصدر بقواعد تنظيم مزاولة المهنة خارج الجامعة الا لمن مضى على تخرجه عشر سنوات وقضى ثلاث سنوات على الاقل فى هيئة التدريس.." ولما كان الثابت من الاوراق ان الطاعن تخرج من كلية الطب بجامعة دمشق فى يونية سنة 1951 وعين مدرسا فى الكلية المذكورة فى 17 من كانون الثانى (يناير) سنة 1956 ومن ثم فانه لم يستوف الشروط المنصوص عليها فى المادة 72 سالفة الذكر التى تشترط لامكان الترخيص بمزاولة المهنة خارج الجامعة أن يكون قد مضى على تخرجه عشر سنوات، ويكون ما استخلصه القرار المطعون فيه والنتيجة التى انتهى اليها فى ادانة الطاعن هو استخلاص سليم من اصول موجودة بطريقة سائغة، ولا يبرئه من المخالفة المنسوبة اليه، ان يكون له نظراء لم يقدموا للمحاكمة التأديبية ما دامت المخالفة المنسوبة اليه هو قائمة قانونا، وانما هذا الزعم لو صح لكان عيبا فى سلوك الجهة الادارية، ومحل الشكوى من ذلك انما يكون أمام الجهات الادارية الأعلى ذات الاختصاص فى هذا الشأن.

اجراءات الطعن

فى 18 من كانون الثانى (يناير) 1960 أودع السيد وكيل السيد/ موسى أسعد رزق طعنا فى الحكم الصادر من مجلس تأديب جامعة دمشق بجلسة 21 من تشرين الثانى (نوفمبر) 1959 فى الدعوى رقم 2 لسنة 1959 القاضى بتوقيع "عقوبة توجيه اللوم على الطاعن مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة طبقا لأحكام المواد 68 و72 و81 من قانون الجامعات". وطلب الطاعن للاسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلا وموضوعا وفسخ الحكم المطعون فيه مع تضمين الجهة المطعون ضدها كافة النفقات وأتعاب المحاماة مع رد الرسوم والتأمينات". وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من مارس سنة 1960 وقد قررت المحكمة احالة الطعن الى المحكمة العليا، ثم عين لنظره أمام المحكمة الادارية العليا جلسة يوم 16 من نيسان (ابريل) سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الاوراق - تتحصل فى أنه فى 26 من أيار (مايو) 1959 أصدر السيد مدير جامعة دمشق القرار رقم 344 باحالة السيد/ موسى أسعد رزق (الطاعن) المدرس بكلية الطب الى مجلس التأديب لمخالفاته الادارية ومزاولة مهنة الطب خارج الجامعة خلافا لأحكام المادة 72 من قانون الجامعات الصادر بالقرار رقم 184 لسنة 1958، وبجلسة 21 من تشرين الثانى (نوفمبر) 1959 قضى مجلس التأديب بتوقيع "عقوبة توجيه اللوم على السيد/ موسى أسعد رزق مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة طبقا لأحكام المواد 68و72و81 من قانون الجامعات...". وأقام مجلس التأديب قراره على أن السيد/ موسى أسعد رزق كان قد تخرج فى كلية الطب بجامعة دمشق فى 24 من حزيران (يونية) 1951 وفى 17 من كانون الثانى (يناير) 1956 عين مدرسا فى الكلية المذكورة وكان الى جانب عمله فى التدريس يزاول مهنة الطب فى عيادة خارجية خاصة، وفى 21 من تشرين الاول (اكتوبر) 1958 صدر القرار بقانون رقم 184 لسنة 1958 بشأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة وقد أوجبت المادة 68 منه على أعضاء هيئة التدريس أن يتفرغوا للقيام بالدروس والمحاضرات والتمرينات العملية، الا أن المادة 72 أجازت لمدير الجامعة بناء على عرض عميد الكلية أن يرخص لاعضاء هيئة التدريسية بمزاولة مهنتهم خارج الجامعة بشروط أهمها أن يكون قد مضى على تخرج طالب الترخيص عشر سنوات وعلى انتسابه الى هيئة التدريس ثلاث سنوات على الاقل، وفى 11 من تشرين الثانى (نوفمبر) سنة 1958 أذاع مدير جامعة دمشق على جميع أعضاء هيئة التدريس بلاغا يرجو فيه من يمارس منهم مهنة خارج الجامعة التقيد بأحكام المادة 72 المشار اليها وطلب الاجازة بذلك اذا كانت شروطها متوافرة فيه، وقد طلب السيد/ موسى أسعد رزق الترخيص له بمزاولة مهنته فى الخارج فرد عليه مدير الجامعة بكتاب مؤرخ فى 30 من تشرين الثانى (نوفمبر) سنة 1959 بأنه لا يجوز له ممارسة المهنة خارج الجامعة عملا بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 72 سالفة الذكر وطلب اليه اغلاق عيادته فورا واذا لم ينفذ ذلك طبقت عليه الاجراءات القانونية". ثم قال المجلس أنه ثبت بعد ذلك أن السيد/ موسى أسعد رزق لا تتوافر فيه الشروط الزمنية لممارسة مهنته خارج الجامعة الواردة فى المادة 72 من قانون الجامعات.. يضاف الى ذلك أن ممارسته المهنة خارج الجامعة تحتاج الى ترخيص من مدير الجامعة ولو كانت شرائط الممارسة متوافرة فى الشخص من حيث المدة وسواها". وبعد أن أشار الحكم الى ثبوت ما نسب الى المدعى عليه من التحقيق ومن اعترافه فى التحقيق وأمام المجلس رد ما ادعاه المدعى عليه من أن له حقا مكتسبا فى مزاولة مهنته فى الخارج بوصفه طبيبا اخصائيا سبق له فتح عيادة قبل صدور القانون بأن هذا الادعاء لا سند له فى القانون وكان يجب عليه ان يتقيد بالقواعد والانظمة التى فرضها القانون وان الاحتجاج بارتكاب الغير المخالفات القانونية لا يبرر ارتكاب تلك المخالفات المجلس ومن ذلك كله الى توقيع عقوبة توجيه اللوم الى المدعى عليه مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة.
ومن حيث ان الطعن يقوم من حيث الشكل على ان المادة 80 من قانون الجامعات رقم 184 الصادر فى 9 من أكتوبر سنة 1958 قد نصت على أنه تسرى بالنسبة لمحاكمة أعضاء هيئة التدريس بأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بالمحاكمات التأديبية فى الاقليم المصرى كما قررت المادة 32 من القانون المذكور ان احكام المحاكم التأديبية قابلة للطعن أمام المحكمة الادارية العليا وأيد ذلك نص المادة 15 من قانون مجلس الدولة اذ جعل احكام المحاكم التأديبية خاضعة للطعن أمام المحكمة الادارية العليا وان مجلس تأديب الجامعة وان سمى فى بعض المواد مجلس تأديب الا أنه سمى فى بعض المواد الاخرى محكمة تأديبية وهو فى الواقع كذلك على ما يتضح من سياق المواد 77 وما بعدها من قانون الجامعات. ومن حيث الموضوع يقوم الطعن أولا على انه لكى يستطيع مجلس التأديب أن ينظر فى المخالفة المنسوبة الى الطاعن يجب أن يكون هناك قرار من مدير الجامعة باحالته الى المحاكمة ولا يكون ثمت قرار بالاحالة الا اذا كان صحيحا مستوفيا للشروط القانونية)، ويقول الطاعن أن قرار إحالته الى المحاكمة التأديبية قد صدر مشوبا باساءة استعمال السلطة - وهو على استعداد لاثبات ذلك - ومن ثم فهو قرار باطل ويكون قرار مجلس التأديب تبعا لذلك غير قانونى، ثم أشار الطاعن فى عريضة طعنه أن هناك زملاء له يمارسون مهنتهم فى الخارج بعلم مدير الجامعة وموافقته ومع ذلك لم يقدم منهم للمحاكمة التأديبية وقد حاكم مجلس التأديب الطاعن على ما نسب اليه فى هذا اخلال بمبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور.@@ ثم يقول الطاعن أنه على فرض ان مجرد فتحه لعيادته خلافا للقانون يفترض فيه توفر القصد الجرمى لديه الا أنه يستطيع ان يقدم الدليل على أنه لم يكن مخالفا للقانون ولا قاصدا مخالفته، ذلك أنه كان من المنتظر أن يعطى القانون لاصحاب العيادات فترة انتقالية يتمكنون خلالها من تصفية عياداتهم بل كان من المنتظر أن يحتفظ لهؤلاء بحقوقهم المكتسبة، وأخيرا أشار الطاعن الى أن مجلس التأديب اعتبر أن المخالفة المنسوبة له تستوجب عقوبة شديدة مع انه كان هناك أكثر من سبب للتخفيف. وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها فى ذلك الطعن طلبت فيه القضاء بعدم اختصاص المحكمة الادارية العليا بنظر الدعوى واحالتها الى محكمة القضاء الادارى للاختصاص، وتتحصل وجهة نظر هيئة مفوضى الدولة فى أن مجالس التأديب - ومن بينها مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات - ليست محاكم تأديبية وانما هى هيئات ادارية تصدر قرارات ادارية، ذلك ان العبرة فى تكييف القرارات وما اذا كانت قضائية أم ادارية انما يكون بحسب المجال الذى تعمل فيه الهيئة التى تصدرها وفقا للسلطة المخولة لها قانونا، فاذا كان المجال اداريا اعتبر القرار الصادر منها قرارا اداريا، ولما كانت السلطات التأديبية ومنها مجالس التأديب من الوسائل الادارية فى تقويم سير المرافق العامة فان كل ما يصدر من الهيئات القوامة عليها يعد من القرارات الادارية، والتأديب عمل ادارى بطبيعته، ومن ثم تجوز المطالبة بالغاء القرارات الصادرة فى هذا الشأن أيا كانت الهيئة التى أصدرتها باعتبار أنها قرارات ادارية لا سبيل الى منع المطالبة بالغائها أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى الا بنص صريح فى القانون، كما هو حاصل بالنسبة للاحكام الصادرة من المحاكم التأديبية المشكلة بالتطبيق لاحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 والتى هى فى حقيقتها قرارات ادارية صادرة من مسائل التأديب والتى لم يجز المشرع الطعن فيها الا امام المحكمة الادارية العليا وفى أحوال معينة على سبيل الحصر، ولا يوجد مثل هذا النص بالنسبة للقرارات الصادرة من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، يؤيد هذا النظر ان المشرع فى القانون رقم 184 لسنة 1958 الخاص بتنظيم الجامعات لم يضف صفة المحكمة على مجلس التأديب كما هو ظاهر من صريح نص المواد 76 و78 و79 و80 منه، وهو وان كان قد سماه فى المادة 77 بالمحكمة التأديبية الا أن هذه التسمية وردت خطأ، ذلك ان المشرع عند وضع هذا النص نقل النص الوارد فى المادة 10 من القانون 117 لسنة 1958 الخاص باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية فى الاقليم المصرى نقله بحرفيته، دون أن يتنبه الى أن هذا النص يتكلم عن تقرير اختصاص المحكمة التأديبية باصدار قرار وقف الموظف فى الحالة التى ترى فيها الادارة أن تتجاوز مدة وقفه ثلاثة أشهر، على حين انه كان فى معرض الحديث عن مجلس التأديب فذكر المحكمة التأديبية حيث كان يقصد مجلس التأديب، هذا الى أن القانون 117 لسنة 1958 المشار اليه لا تسرى أحكامه بنص المادة 46 منه على الموظفين الذين تنظم التحقيق معهم وتأديبهم قوانين خاصة، ولما كان القرار بقانون رقم 184 لسنة 1958 قد نظم فى المواد من 76 الى 83 اجراءات التحقيق مع أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وقواعد تأديبهم فانه يعتبر قانونا خاصا بهم فلا تنطبق فى شأنهم أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 ومنها ما تقضى به المادة 32 من عدم جواز الطعن فى أحكام المحاكم التأديبية الا أمام المحكمة الادارية العليا، ولا يغير من هذا النظر أن المادة 80 من القرار بقانون رقم 184 لسنة 1958 قد أحالت بالنسبة لمحاكمة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات على أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958، اذ أن المشرع لم يهدف من ذلك الى اعتبار مجلس التأديب محكمة تأديبية أو القول بجواز الطعن فى القرارات الصادرة منه أمام المحكمة الادارية العليا، ذلك أن النص قاصر على اجراءات المحاكمة فقط أمام مجلس التأديب، يؤيد ذلك أن المشرع أورد قيدا على هذا النص يدل بوضوح على هذا القصد، وهو "على ان تراعى بالنسبة للتحقيق والاحالة الى المحاكمة التأديبية أحكام المادة 76 من هذا القانون" يضاف الى ما تقدم ان أحكام المحاكم التأديبية المعنية بالطعن فيها أمام المحكمة الادارية العليا بنص المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 هى الاحكام النهائية الصادرة من المحاكم التأديبية التى أورد القانون المذكور الاحكام المتعلقة بها فى الباب الثالث - المواد من 18 الى 32 - وانتهى طعن هيئة المفوضين الى أنه لا يجوز الطعن فى قرارات مجلس التأديب الخاص بأعضاء هيئة التدريس فى الجامعات أمام المحكمة الادارية العليا مباشرة اللهم الا عن طريق الطعن فيما تصدره محكمة القضاء الادارى من أحكام تكون قد فصلت فى طلبات الغاء هذه القرارات التى تعتبر نهائية بمجرد صدورها من مجلس التأديب، كما قدمت ادارة قضايا الحكومة مذكرة برأيها فى الطعن ذهبت فيه الى اختصاص المحكمة الادارية العليا بنظره طبقا للمادة 15 من قانون مجلس الدولة والى ما درج عليه الاجتهاد الادارى فى الجمهورية العربية المتحدة من أن المحكمة الادارية العليا هى المرجع فى الطعن فى الاحكام الصادرة من المجالس التأديبية للجامعات لما تمارسه هذه المجالس من اختصاص مماثل لاختصاص المحاكم، ومن ثم يكون الطعن مقبولا من حيث الشكل، وفى الموضوع ناقشت مذكرة الحكومة دفاع الطاعن وانتهت الى طلب رد الطعن وتأييد حكم المجلس التأديبى.
عن الدفع بعدم جواز نظر الطعن فى قرار مجلس التأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات رأسا أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث أن مبنى هذا الدفع أن مجالس التأديب - ومن بينها مجلس تأديب هيئة التدريس بالجامعات - ليست محاكم تأديبية وانما هى هيئات ادارية تصدر قرارات ادارية وبهذه المثابة يطعن فى قراراتها أمام محكمة القضاء الادارى أو المحكمة الادارية بحسب الحلقة التابع لها الموظف ولا سبيل الى منه المطالبة بالغائها أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الا بنص صريح فى القانون كما هو حاصل بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية المشكلة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 والتى هى فى حقيقتها قرارات ادارية صادرة فى مسائل التأديب والتى لم يجز المشرع الطعن فيها الا أمام المحكمة الادارية العليا وفى أحوال معينة على سبيل الحصر ولا يوجد مثل هذا النص بالنسبة للقرارات الصادرة من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
ومن حيث أنه ولئن كان الشارع قد ناط بالمحكمة الادارية العليا فى الاصل مهمة التعقيب النهائى على الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أو المحاكم الادارية فى الاحوال التى بينتها المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة حتى تكون كلمتها القول الفصل فى تأصيل أحكام القانون الادارى وتنسيق ومبادئه واستقرارها ومنع التناقض فى الاحكام، الا أن هذا لا يمنع الشارع من أن يجعل فى حدود هذه المهمة استثناء التعقيب على بعض القرارات الادارية الصادرة من الهيئات التأديبية لحكمة يراها قد تجد سندها من حيث الملاءمة التشريعية فى اختصار مراحل التأديب حرصا على حسن سير الجهاز الحكومى، كما قد تجد سندها القانونى فى أن قرارات تلك الهيئات وان كانت فى حقيقتها قرارات ادارية الا أنها أشبه ما تكون بالأحكام ولكنها ليست بالأحكام ما دام الموضوع الذى تفصل فيه ليس منازعة قضائية بل محاكمة مسلكية تأديبية، وذلك ان القرار القضائى هو الذى تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية ويحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانونى خاص أو عام، ولا ينشئ القرار القضائى مركزا قانونيا جديدا وانما يقرر فى قوة الحقيقة القانونية وجود حق أو عدم وجوده، فيعتبر عنوان الحقيقة فيما قضى به متى حاز قوة الشئ المقضى به ويكون القرار قضائيا متى توافرت له هذه الخصائص ولو صدر من هيئة لا تتكون من قضاة وانما أسندت اليها سلطة قضائية استثنائية للفصل فيما نيط بها من خصومات، وعلى العكس من ذلك فان القرار التأديبى لا يحسم خصومة قضائية بين طرفين متنازعين على أساس قاعدة قانونية تتعلق بمركز قانونى خاص أو عام، وانما هو ينشئ حالة جديدة فى حق من صدر عليه، شأنه فى ذلك شأن كل قرار ادارى، ولو صدر القرار التأديبى من هيئة تتكون كلها أو أغلبها من قضاة، اذ العبرة كما سلف القول هو بالموضوع الذى صدر فيه القرار، فما دام هذا الموضوع اداريا كالتأديب مثلا فالقرارات التى تصدر فيه تكون بحكم اللزوم ادارية، ولا تزايلها هذه الصفة لكون من أصدرها قضاة كالجزاءات التأديبية التى يوقعها رؤساء المحاكم فى حق موظفيها من كتبة ومحضرين اذ تعتبر قرارات تأديبية لا قضائية، ومن ثم يسقط التحدى بالمفارقة بين القرارات التأديبية الصادرة من المحاكم التأديبية فى الاقليم المصرى بالتطبيق للقانون رقم 117 لسنة 1958 وبين مثيلاتها الصادرة من المجالس التأديبية بالاقليم السورى بالتطبيق للمرسوم التشريعى رقم 37 الصادر فى 5 من شباط (فبراير) سنة 1950 فجميعها قرارات ادارية بجزاءات تأديبية فى مؤاخذات مسلكية تنشئ فى حق المواطنين الصادرة فى شأنهم مراكز قانونية جديدة ما كانت لتنشأ من غير هذه القرارات، بينما القرارات القضائية - كما سلف البيان - انما تقرر من قوة الحقيقة القانونية وجود حق أو عدم وجوده ولا يغير من هذه الحقيقة أن يعبر عن الهيئة التأديبية بلفظ المحكمة كما فعل القانون رقم 117 لسنة 1958 اذ العبرة بالمعانى لا بالألفاظ والمبانى.
ومن حيث انه ليس بدعا فى التشريع أن يطعن رأسا فى قرار ادارى أمام المحكمة الادارية العليا، اذ لهذا نظير فى النظام الفرنسى حيث يطعن رأسا أمام مجلس الدولة الفرنسى بهيئة نقض فى بعض القرارات الادارية، وقد كان هذا هو الشأن فى تمييز القرارات التأديبية الصادرة من المجالس التأديبية فى الاقليم السورى اذ كانت قابلة للطعن طبقا للمادة 28 من المرسوم التشريعى سالف الذكر أمام الغرفة المدنية بمحكمة التمييز بعد اذ ألغى مجلس الشورى بالقانون رقم 82 الصادر فى 31 من كانون الثانى (يناير) 1951 سواء من قبل الموظف أو من قبل الادارة المختصة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ التبليغ لعيب فى الشكل أو مخالفة القانون، دون أن يكون للمحكمة المذكورة بأى حال أن تبحث فى مادية الوقائع، ومفاد ذلك أن المرسوم التشريعى المشار إليه قد ناط بمجلس التأديب فى الاقليم السورى مهمة المحاكمات المسلكية المتعلقة بالموظفين الخاضعين لقانون الموظفين الأساسى كدرجة تأديبية وحيدة لا يطعن فى قرارها الا بطريق التمييز على الوجه السالف بيانه، فاختصر بذلك اجراءات التأديب ومراحله كى يفصل فيه على وجه السرعة وهذا التنظيم فى التأديب هو الذى انتهى اليه الشارع فى الاقليم المصرى بالقانون رقم 117 لسنة 1958 فبعد أن كان التأديب يمر فى اجراءات مطولة وفى مرحلتين ابتدائية واستئنافية ثم يطعن فى القرار التأديبى النهائى أمام المحاكم الادارية أو محكمة القضاء الادارى بحسب الاحوال ثم فى أحكام هذه المادة أو تلك أمام المحكمة الادارية العليا، اختصر الشارع هذه الاجراءات والمراحل وجعل التأديب فى مرحلة وحيدة أمام هيئة تأديبية عبر عنها بالمحكمة التأديبية يطعن فى قراراتها رأسا أمام المحكمة الادارية العليا للأسباب المشار اليها آنفا والتى أفصحت عنها المذكرة الايضاحية للقانون المذكور بقولها: ".... ويقوم المشروع على أساس تلافى العيوب التى اشتمل عليها النظام الحالى فى شأن المحاكمات التأديبية - ولما كان من أهم عيوب نظام المحاكمات التأديبية: (1) تعدد مجالس التأديب التى تتولى المحاكمة (2) بطء اجراءات المحاكمة (3) غلبة العنصر الادارى فى تشكيل مجالس التأديب، ذلك أنه طبقا للقانون رقم 210 لسنة 1951 تتعدد المجالس التى تتولى المحاكمات التأديبية.... وما من شك فى أن هذا التعدد ضار بهذه المحاكمات فضلا عما تثيره من التعقيدات، لذلك نص المشروع على أن المحاكمات التأديبية تتولاها محكمتان تأديبيتان تختص احداهما بمحاكمة الموظفين لغاية الدرجة الثانية وتتولى الأخرى محاكمة الموظفين من الدرجة الاولى فما فوقها، وبذلك قضى على التعدد المعيب الذى احتواه النظام الحالى، وقد قضى المشروع على ما يعيب النظام الراهن من بطء فى اجراءات المحاكمة التأديبية وذلك بنصوص صريحة... ذلك أن طول الوقت الذى تستغرقه اجراءات المحاكمة التأديبية ضار بالجهاز الحكومى من ناحيتين: (1) ان ثبوت ادانة الموظف بعد وقت طويل يفقد الجزاء الذى يوقع عليه كل قيمة من حيث ردعه هو وجعله العقاب عبرة لغيره لأن العقاب يوقع فى وقت يكون قد انمحى فيه أثر الجريمة التى وقعت من الاذهان (2) أن من الخير ألا يظل الموظف البرئ معلقا أمره مما يصرفه عن أداء عمله الى الاهتمام بأمر محاكمته... كما يدخل فى هذا المجال أن المشروع عدل عما كان يقضى به القانون الحالى من جواز استئناف القرارات التأديبية لما يترتب على اباحة الاستئناف من اطالة اجراءات المحاكمة وبكل هذه التعديلات يستقر وضع الموظف المحال الى المحاكمة التأديبية فى وقت قريب" واذا كان النظامان التأديبيان فى كل من الاقليمين المصرى والسورى - قبل العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1959 - قد أصبحا متماثلين فى جوهرهما من حيث اختصار اجراءات ومراحل المحاكمة التأديبية وصار كلاهما مقصورا على مرحلة موضوعية وحيدة لا تقبل التعقيب الا بطريق التمييز فى النظام السورى وما يماثله وهو الطعن أمام المحكمة الادارية العليا فى النظام المصرى وبذلك تلاقى النظامان وسارا فى خط واحد للحكمة التشريعية عينها بحيث لا يتصور أن يكون الشارع قد قصد فى القانون رقم 55 لسنة فى 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة العودة بنظام التأديب فى الاقليم السورى الى تعدد مراحل التأديب وطول اجراءاته وهى عيوب كانت تعتور الى ما قبيل القانون المشار اليه نظام التأديب فى الاقليم المصرى مما أدى الى علاجها بالقانون رقم 117 لسنة 1958، والقول بغير ذلك فيه تحريف لقصد الشارع ومسخ لفهم القانون على وجه ينتكس بالنظام الى مساوئ وعيوب أفصح الشارع عنها من قبل غير مرة فلا وجه والحالة هذه الى الاخلال بما استقرت عليه الاوضاع وذلك تحت ستار تأويل نصوص قانون مجلس الدولة الموحد تأويلا لا تحتمله هذه النصوص بمقولة ان قرارات المحاكم التأديبية فى الاقليم الجنوبى هى أحكام على عكس قرارات المجالس التأديبية فى الاقليم الشمالى، وتلك مجرد حجة لفظية داحضة، فجميعها قرارات ادارية فى حقيقتها وليست أحكاما قضائية كما سلف ايضاحه، بل ان الشارع فى القانون رقم 117 لسنة 1958 وان كان قد غلب العنصر القضائى فى تشكيل هيئة التأديب التى عبر عنها بالمحاكم التأديبية الا أنه لم يعتبر قراراتها أحكاما قضائية وان كان شبهها بالاحكام فقال فى هذا الصدد فى المذكرة الايضاحية ما نصه: "وقد حرص المشروع على تغليب العنصر القضائى فى تشكيل المحاكم التأديبية وذلك بقصد تحقيق هدفين: (1) توفير ضمانة واسعة لهذه المحاكمات لما يتمتع به القضاة من حصانات يظهر أثرها ولا ريب فى هذه المحاكمات، ولان هذه المحاكمات أدخل فى الوظيفة القضائية منها فى الوظيفة الادارية (2) صرف كبار موظفى الدولة الى أعمالهم الأساسية وهى تصريف الشئون العامة وذلك باعفائهم من تولى هذه المحاكمات التى تعد بعيدة عن دائرة نشاطهم الذى ينصب أساسا على ادارة المرافق العامة الموكولة اليهم، أما هذه المحاكمات فمسألة عارضة تعطل وقتهم" وغنى عن القول أن اعتبار المحاكمات التأديبية أدخل فى الوظيفة القضائية منها فى الوظيفة الادارية - على حد تعبير المذكرة الايضاحية - ليس معناه انها فى ذاتها خصومات قضائية تنتهى بأحكام بالمعنى المقصود من هذا، وانما هى فقط شبيهة بها وان كانت ليست منها.
ومن حيث انه بالاضافة الى كل ما تقدم فان المادة 80 من القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة، بعد اذ نصت على أن تكون "محاكمة أعضاء هيئة التدريس بجميع درجاتهم أمام مجلس تأديب يشكل من وكيل الجامعة رئيسا ومستشار من مجلس الدولة واستاذ ذى كرسى من كلية الحقوق يعينه مجلس الجامعة سنويا عضوين"، نصت فى فقرتها الأخيرة على أنه "وتسرى بالنسبة للمحاكمة أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار اليه على أن تراعى بالنسبة للتحقيق والاحالة الى مجلس التأديب أحكام المادة 76 من هذا القانون" فأكد هذا النص بما يقطع كل شبهة التزام الشارع السياسة عينها التى نظم على أساسها التأديب بوجه عام بالنسبة الى الموظفين كافة من حيث اختصار مراحله بقصره على محاكمة وحيدة أمام هيئة تتوافر فيها الضمانات اللازمة على أن يتاح التعقيب على القرار التأديبى الصادر منها أمام المحكمة الادارية العليا وهو ما نصت عليه المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الذى أحال اليه القانون رقم 184 لسنة 1958 المشار اليه، تلك المادة التى تقضى بأن أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها الا أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث انه لكل ما تقدم يكون الدفع المقدم من هيئة المفوضين فى غير محله، ومن ثم يتعين القضاء باختصاص هذه المحكمة بنظر هذا الطعن.
عن الموضوع:
ومن حيث أنه يتعين بادئ ذى بدء التنبيه الى أن القرار التأديبى شأنه فى ذلك شأن أى قرار ادارى آخر يجب أن يقوم على سبب يسوغ تدخل الادارة لاحداث اثر قانونى فى حق الموظف هو توقيع الجزاء للغاية التى استهدفها القانون وهى الحرص على حسن سير العمل، ولا يكون ثمت سبب القرار الا اذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ هذا التدخل، وللقضاء الادارى فى حدود رقابته القانونية أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانونى، وهذه الرقابة القانونية لا تعنى أن يحل القضاء الادارى نفسه محل السلطات التأديبية المختصة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها، فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما يقوم لدى السلطات التأديبية من دلائل وبيانات وقرائن أحوال اثباتا أو نفيا من خصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية أو القانونية التى تكون ركن السبب أو أن يتدخل فى تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن ترتيبه عليه من آثار، بل أن هذه السلطات حرة فى تقدير تلك الدلائل والبيانات وقرائن الاحوال تأخذها دليلا اذا اقتنعت بها وتطرحها اذا تطرق الشك الى وجدانها، وانما الرقابة للقضاء الادارى فى ذلك تجد حدها الطبيعى - كرقابة قانونية - فى التحقق مما اذا كانت النتيجة التى انتهى اليها القرار التأديبى فى هذا الخصوص مستفادة من أصول موجودة أو أثبتتها السلطات المذكورة وليس لها وجود، وما اذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونا، فاذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التى أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التى يتطلبها القانون، كان القرار فاقدا ركنا من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون، أما اذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونا فقد قام القرار على سببه وكان مطابقا للقانون، وسبب القرار التأديبى بوجه عام هو اخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من الاعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التى تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء فى حدود القانون أو يخرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته تلك التى يجب أن يقوم بها بنفسه اذا كان منوطا له وأن يؤديها بذمة وأمانة - ان هذا الموظف انما يرتكب ذنبا اداريا هو سبب القرار يسوغ تأديبه فتتجه ارادة الادارة الى انشاء أثر قانونى فى حقه هو توقيع جزاء عليه بحسب الشكل والاوضاع المقررة قانونا وفى حدود النصاب المقرر.
ومن حيث ان الذنب المنسوب الى الطاعن أنه زاول مهنة الطب خارج الجامعة خلافا لأحكام المادة 72 من القانون رقم 184 لسنة 1958 وأحيل من أجل ذلك الى مجلس التأديب الخاص بأعضاء هيئة التدريس بجامعة دمشق الذى قضى بجلسة 21 من تشرين الثانى 1959 بعقوبة توجيه اللوم اليه مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة طبقا لأحكام المواد 68 و72 من قانون الجامعات، واستند المجلس فى قراره الى ما ثبت من التحقيق ومن اعتراف الطاعن أمام وكيل الحقوق وأمام المجلس من أنه يمارس مهنته خارج الجامعة فى حين أنه لا تتوافر فيه الشروط الزمنية لممارسة مهنته خارج الجامعة الواردة فى المادة 72 من قانون الجامعات فضلا عن أن ممارسة المهنة خارج الجامعة تحتاج الى ترخيص من مدير الجامعة ولو كانت شرائط الممارسة متوافرة فى الشخص من حيث المدة وسواها، وان احتجاج الطاعن بارتكاب غيره هذه المخالفة لا يقبل منه تبريرا لارتكابه مخالفة أو لاستمراره على ارتكابها.
ومن حيث ان المادة 72 من القانون رقم 184 لسنة 1958 فى شأن تنظيم الجامعات فى الجمهورية العربية المتحدة تنص على أن "لمدير الجامعة بناء على عرض عميد الكلية ان يرخص بصفة استثنائية لأعضاء هيئة التدريس فى مزاولة مهنتهم خارج الجامعة أو داخلها فى غير أوقات العمل الرسمية بشرط ان يكسب المرخص له فى ذلك خبرة تنفع فى تخصصه العلمى وبشرط ألا يتعارض هذا الترخيص مع الواجبات الجامعية وحسن أدائها ولا مع اللوائح المعمول بها فى مزاولة هذه المهنة، ويصدر بقواعد تنظيم مزاولة المهنة قرار من المجلس الاعلى للجامعات، ولا يكون الترخيص فى مزاولة المهنة خارج الجامعة الا لمن مضى على تخرجه عشر سنوات وقضى ثلاث سنوات على الاقل فى هيئة التدريس..." ولما كان الثابت من الاوراق أن الطاعن تخرج من كلية الطب بجامعة دمشق فى يونية سنة 1951 وعين مدرسا فى الكلية المذكورة فى 17 من كانون الثانى (يناير) سنة 1956 ومن ثم فانه لم يستوف الشروط المنصوص عليها فى المادة 72 سالفة الذكر التى تشترط لامكان الترخيص بمزاولة المهنة خارج الجامعة أن يكون قد مضى على تخرجه عشر سنوات، ويكون ما استخلصه القرار المطعون فيه والنتيجة التى انتهى اليها فى ادانة الطاعن هو استخلاص سليم من أصول موجودة بطريقة سائغة، ولا يبرئه من المخالفة المنسوبة اليه، أن يكون له نظراء لم يقدموا للمحاكمة التأديبية ما دامت المخالفة المنسوبة اليه هو قائمة قانونا، وانما هذا الزعم لو صح لكان عيبا فى سلوك الجهة الادارية، ومحل الشكوى من ذلك انما يكون أمام الجهات الادارية الاعلى ذات الاختصاص فى هذا الشأن.
ومن حيث انه لذلك يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الطاعن بالمصروفات.


(1) بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة فى الجلسة ذاتها فى القضايا أرقام: 1 لسنة 1 ق، 3 و6 و8 لسنة 2 ق، 28 لسنة 2 ق (ج)/ 32 لسنة 2 ق (ش).
(2) قضت المحكمة بهذا المبدأ فى ذات الجلسة فى القضية رقم 28 لسنة 2 ق (ج)/ 32 لسنة 2 ق (ش).
(3) بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة فى ذات الجلسة فى القضايا أرقام: 1 لسنة 1 ق، 28 لسنة 2 ق (ج)/ 32 لسنة 2 ق (ش)، 3 و6 و8 لسنة 2 ق، وأضافت فى القضايا الثلاث الاخيرة الى المبدأ قولها: "ومن حيث انه لكل ما تقدم تكون جهة الادارة - اذ طعنت فى قرار مجلس التأديب بالاقليم الشمالى أمام المحكمة الادارية بدمشق، دون أن ترفع فى الطعن فى هذا القرار رأسا أمام المحكمة الادارية العليا - قد تنكبت الطريق السليم الذى رسمه القانون فى النظام التأديبى سواء فى الاقليم الشمالى أو الاقليم الجنوبى على النحو المفصل آنفا والذى هدف فيه الى الاختصار والتبسيط فى مراحل التأديب واجراءاته، ويتعين - والحالة هذه - رفض الطعن، والادارة وشأنها فى سلوك الطريق القانونى السليم، ان كان ما زال لذلك وجه شكلا".