مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 844

(83)
جلسة 26 من نيسان (أبريل) سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة على بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل ومحمود محمد ابراهيم وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 25 لسنة 2 القضائية (ج)، 34 لسنة 2 القضائية (ش):

موظف - اجازة - موظف وكيل - عدم أحقيته فى الغياب بسبب الاجازة او بغيرها - أساس ذلك وحكمته.
لئن كانت المادة 88 من قانون الموظفين الاساسى رقم 135 لسنة 1945 تنص على أن "تخول الوكالة الوكيل ممارسة جميع صلاحيات الاصيل. ليس للموظف الوكيل أية ميزة فى التعيين للوظيفة الموكولة اليه او لاحدى الوظائف العامة" وتنص المادة 89 على أن: "يعين الوكيل بمرسوم او قرار من السلطة التى تمارس حق التعيين حتى تعيين الاصيل او عودته" وتنص المادة 91 على أنه "لا يتقاضى الموظف الذى يدعى لوكالة وظيفة خارج محل اقامته سوى تعويض الانتقال المنصوص عليه فى المادة 121 من هذا القانون، ويمكن منحه بقرار من الوزير المختص تعويضا كاملا عن مدة 90 يوما المنصوص عنها فى المادة المذكورة". وتنص المادة 92 على أنه "يحق للموظف الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة فى محل إقامته أن يتقاضى تعويض وكالة لا يتجاوز مقداره ثلث الراتب غير الصافى للدرجة الاخيرة من مرتبة الاصيل ضمن الشروط الاتية...."، وتنص المادة 93 على أنه "يحق للمتقاعد او الفرد الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة أن يتقاضى تعويضا لا يتجاوز مقداره الراتب غير الصافى للدرجة الاخيرة من مرتبة الاصيل"، ولئن كان مفاد تلك المواد أن الوكالة لا تعدو أن تكون أداة من نوع خاص ولغرض خاص لشغل الوظائف العامة حتى تسير المرافق بانتظام واطراد بغير انقطاع بسبب شغور الوظيفة او غياب المؤصل عنها، ولهذا خول الوكيل ممارسة جميع صلاحيات الاصيل للوظيفة، مما يضفى على هذا الوكيل صفة الموظف، بل ان تلك النصوص تعبر عنه بهذا اللفظ صراحة، ولئن كان ذلك كذلك، الا انه يجب أن يراعى أن هذا النظام الخاص من نظم الوظيفة العامة، قد اصطبغ بصبغته الخاصة به، تلك الصبغ التى تستمد لونها من طبيعة هذا النظام ومن الغاية المقصودة منه فتلون أحكامه بما تقضيه طبيعتها، فهو نظام يتصف أساسا بصفة التأقيت بالنسبة الى الشاغل للوظيفة بهذه الاداة، فبقاؤه فيها مرهون بشغور الوظيفة او بغياب الاصيل للاسباب الاخرى المشار اليها فى المادة 87 من قانون الموظفين الاساسى، كما أن الحكمة فى شغل الوظيفة بالوكيل هو معالجة الشغور أو الغياب، على نحو ما سلف بيانه حتى لا ينقطع سير المرفق فى الوظيفة، والا لما حقق هذا النظام الخاص الغاية المقصودة منه ولدار الامر فى الحلقة المفرغة، وقد لمح هذا المعنى بلاغ وزارة الخزانة رقم 6/ ب/ 10/ 1 فى 21 من كانون الثانى (يناير) سنة 1947، الذى جاء به "... ان تعيين الوكلاء انما اجيز لاملاء وظيفة شغرت عن أصيلها أو كان الاصيل فى أحد الاوضاع المبينة فى المادة 78 من قانون الموظفين الاساسى، وقد قضت الضرورة الملحة بعدم ابقائها شاغرة، فاعطاء اذن ادارى لوكيل يفضى الى شغور الوظيفة، وبالتالى الى زوال المبرر لتعيين الوكيل، فالاجدر إنهاء خدمة الوكيل بدلا من إعطائه الاذن او الاجازة لامكان تعيين وكيل جديد بدلا منه. وعلى هذا، فإنه لا يمكن أن يعطى وكلاء الموظفين راتبا ما عن أجازاتهم مهما يكن نوع هذه الاجازات". ولا وجه لقياس حالة الوكالة فى الوظيفة على حالة التعيين تحت التمرين، لان بقاء الموظف تحت الاختبار رهين بتحقيق شرط الصلاحية فيه، فإذا اتضح عدم لياقته وجب فصله، بينما بقاء الوكيل فى الوظيفة رهين بشغورها أو بغياب الاصيل كما تقدم، فلكل نظامه وحكمته وغايته وأحكامه الخاصة.

اجراءات الطعن

فى 10 من شباط (فبراير) سنة 1960 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1959 فى الدعوى رقم 45 لسنة 2 ق، المرفوعة من السيد/ عدنان قصاب حسن ضد رئيس ديوان المحاسبات، القاضى برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات، وطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة، للأسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية المدعى فى تسوية أجازاته طبقا لأحكام المادتين 50 و56 من قانون الموظفين الاساسى، وذلك عن الفترة التى عمل فيها مدققا وكيلا بديوان المحاسبات مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة"، وهى عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من آذار (مارس) سنة 1960 فقررت احالته الى المحكمة الادارية العليا وعين لنظره جلسة 16 من نيسان (ابريل) سنة 1960، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الاوراق تتحصل فى أنه فى 10 من شباط (فبراير) سنة 1959 اقام المدعى الدعوى رقم 96 أمام المحكمة العليا بدمشق ضد رئيس ديوان المحاسبات بصفته طالبا اتخاذ القرار بما يأتى: أولا - بقبول الدعوى شكلا لتقديمها فى الميعاد ولاستيفائها الشروط الشكلية حسب أحكام المادتين 23 و24 من القانون رقم 57 الصادر فى 28 من ديسمبر سنة 1950. ثانيا - قبول الدعوى موضوعا والزام المدعى عليه بصفته بابطال مفعول الكتاب رقم 13690 المؤرخ فى 7 من أغسطس سنة 1957 وصرف الاجر المستحق له عن مدة اجازته المرضية. ثالثا - ابطال القرار الضمنى بعدم صرف أجور الاجازة الادارية عن مدة خدمته كمدقق وكيل بديوان المحاسبات والزام الديوان بصرف مرتبه عن مدة اجازته الادارية خلال وجوده مدققا وكيلا من 13 من تموز (يوليه) سنة 1955 الى 30 من نيسان (ابريل) سنة 1958. رابعا - الزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال فى بيان ذلك أنه فى 13 من تموز سنة 1955 عين مدققا وكيلا بديوان المحاسبات وبقى وكيلا الى 30 من نيسان سنة 1958 حيث عين مدققا أصيلا، وخلال هذه الفترة تغيب عن عمله مدة أحد عشر يوما من 22 من تموز سنة 1957 لغاية أول آب سنة 1957 بسبب مرضه فأصدر رئيس ديوان المحاسبات الكتاب رقم 13690 فى 7 من أغسطس سنة 1957 بخصم راتبه عن مدة غيابه بالرغم من تقديمه تقارير طبية رسمية تفيد مرضه ومنح بسببها أجازة مرضية. وفى 28 من ديسمبر سنة 1959 تظلم المدعى من هذا الاجراء وطلب صرف مرتبه عن مدة مرضه سالفة الذكر بالتطبيق لأحكام المادة 50 من قانون الموظفين وتمشيا مع قضاء المحكمة المستقر من أن من حق الموظف الوكيل أن يتقاضى مرتبه عن مدة أجازاته المرضية والادارية السنوية عن مدة وكالته، الا أن الديوان لم يجب على التظلم، ومن أجل ذلك أقام المدعى دعواه، وقد رد ديوان المحاسبات على الدعوى بأن المدعى عين مدققا وكيلا بالديوان بموجب القرار رقم 54 فى 28 من يونية سنة 1955 نظرا لضرورة أشغال هذه الوظيفة الشاغرة ريثما تجرى مسابقة أصولية لاختيار مدققين يعينون أصالة لهذه الوظيفة، ومن البدهى ان تعيين الوكيل انما تم لضرورة المصلحة فلو منح هذا الوكيل مأذونية إدارية لكان من غير الضرورى أصلا تعيينه، يضاف الى ذلك أن قانون الموظفين فى المواد 50 وما يليها لم يتعرض مطلقا للموظف الوكيل بل اقتصر الشارع الحديث على الموظف، ومن المعلوم أن الموظف الوكيل هو غير الموظف بدليل أن القانون المذكور فى المادة 88 وما يليها فرق صراحة بين الموظف والموظف الوكيل، وقد أيد بلاغ وزارة خزانة الصادر فى 21 من يناير سنة 1947 بالاتفاق مع ديوان المحاسبات وجهة النظر هذه، اذ جاء به أنه لا يوجد ما يبرر اعطاء الوكيل أية أجازة لان الاجازة تفضى الى شغور الوظيفة وبالتالى الى زوال المبرر فى تعيين الوكيل، والأجدر بالادارة انهاء خدمة الوكيل لديها بدلا من منحه اذنا اداريا، وأن وزارة الخزانة عندما تبين لها أن الادارة لا تستطيع أن تحول دون مرض هذا الوكيل رأت ببلاغها المشار إليه عدم اعطاء وكلاء الموظفين أى تعويض عن أيام أجازاتهم الصحية وذلك مساعدة لهم لأن مرضهم أمر خارج عن ارادتهم. وقد أحيلت الدعوى الى محكمة القضاء الادارى عملا بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 55 الصادر فى 21 من فبراير سنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة وقيدت برقم 45 سنة 2 ق. وبجلسة 17 من كانون الاول (ديسمبر) سنة 1959 حكمت المحكمة "برفض الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها على أن الاجازات المنصوص عليها فى الفصل الثانى من الباب الرابع من قانون الموظفين الاساسى إنما قررت لمن كان موظفا عاما، الامر الذى يقتضى تبيان الطبيعة القانونية للعلاقة بين المدعى بوصفه وكيلا وبين جهة الادارة وهل هو بهذه المثابة يعد موظفا عاما فيستفيد من الاحكام الواردة فى الفصل الثانى من الباب الرابع السالف الذكر أو هو غير موظف عام فلا يفيد منها". وبعد أن أشارت المحكمة الى التنظيم الوارد بالقانون رقم 135 لسنة 1945 فى الفصل السادس من الباب الخامس فى شأن الوكالة - المواد 87 و88 و89 قالت "أن مفاد هذه النصوص أن الوكالة إنما نظمت لملء شغور فى احدى الوظائف بسبب عدم تعيين أصيل لها أو لغيبة هذا الاصيل ففى الحالتين يجوز أن يعين الوكيل بمرسوم لاجل غايته تعيين الاصيل أو عودته فتنفصم العلاقة تلقائيا، وفى خلال هذا الاجل الموقوت يباشر الوكيل صلاحيات الاصيل، ولكن هذا ليس من شأنه أن يرتب له حقا على ذات الوظيفة أو على أية وظيفة عامة أخرى، ومن ثم فقد جرد المشرع الوكيل من صفة الموظف العام المعنى بالاحكام الواردة فى الفصل الثانى من الباب الرابع من قانون الموظفين الاساسى" وأن "هذا الاستخلاص لقصد الشارع مرده الى صريح النصوص فى القانون من جانب ولكونه من جانب آخر يتسق مع ما استقر عليه القضاء الادارى من أنه لكى يعتبر الشخص موظفا عاما خاضعا لاحكام الوظيفة العامة يجب أن تكون علاقته بالحكومة لها صفة الاستمرار والدوام فى خدمة مرفق عام وليست علاقة عارضة، هذا على حين أن علاقة الوكيل بالحكومة علاقة عارضة مختلفة عن الاستقرار والدوام، وحاصل الرأى أن هذه الرابطة تنظيمية من نوع خاص لا تضفى على صاحبها وصف الموظف العام، وخلصت المحكمة من ذلك الى أنه لما كان "المدعى وكيلا يتقاضى تعويضا لا مرتبا فانه لا يستحق الاجازات التى شرعت للموظفين دون غيرهم وبذلك فلا حق له فى استرداد ما خصم من راتبه من مدة غيابه".
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان ما ذهبت اليه المحكمة من رفض الدعوى مخالف للقانون ويتضح ذلك من مناقشة النقطتين الآتيتين:
النقطة الاولى: العلاقة القانونية بين المدعى بوصفه وكيلا وبين جهة الادارة، وهل هو بهذه المثابة يعتبر موظفا عاما فيستفيد من الاحكام الواردة بقانون الموظفين الاساسى فى الفصل الثانى (الاجازات) من الباب الرابع الخاص بحقوق الموظفين وأوضاعهم، أم غير موظف عام فلا يفيد منها.
والنقطة الثانية: هل أحكام قانون الموظفين الاساسى تسمح للموظف الوكيل بأن يستمتع بأجازة ادارية سنوية وأجازات مرضية شأنه شأن الموظف الاصيل أم لا. أما بالنسبة للنقطة الاولى فإن مفاد أحكام الوكالة الواردة فى الفصل السادس من الباب الخامس من قانون الموظفين الخاص بانتهاء خدمة الموظفين وتعيين الوكلاء أن الوكيل انما هو موظف يقوم بخدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام وتربطه بالادارة علاقة تنظيمية، وهذه الخدمة تكون دائما ولها صفة الدوام والاستقرار ما دامت الوظيفة الشاغرة دائمة إذ أن فكرة الدائمية انما تنصرف الى الوظيفة لا الى الموظف، والوكيل يظل شاغلا الوظيفة طالما أن الموظف الاصيل لم يعين فيها أو لم يعد اليها، وتنتهى خدمته التى قد تستمر عدة سنوات بالتعيين فى هذه الوظيفة أو عودة الاصيل اليها، وهو يمارس جميع اختصاصات الاصيل ويقوم بجميع الواجبات الملقاة على عاتقه، يؤيد ذلك أن المشرع وصف الوكيل بالموظف عندما نص فى الفقرة الثانية من المادة 88 على أنه "ليس للموظف الوكيل أية ميزة فى التعيين للوظيفة الموكولة إليه او لإحدى الوظائف العامة" هذا الى أنه أجاز تكليف موظف بوكالة وظيفة، فاسناد وكالة احدى الوظائف لشخص ما انما هو فى حقيقة الامر تعيين فى هذه الوظيفة بالاداة المنصوص عليها فى القانون، ولا يهم بعد ذلك ما إذا كان الوكيل يتقاضى مرتبا أو تعويضا اذ أن القاعدة المسلمة فقها والمستقرة قضاء أن المرتب ليس عنصرا جوهريا فى تحديد صفة الموظف وليس من الخصائص اللازمة للوظيفة العامة أو شرطا من الشروط الواجبة فى اعتبارها كذلك، ومقتضى ذلك أنه طالما أن الوكيل لا يعدو أن يكون موظفا عاما فإنه يفيد من الحقوق والمزايا المقررة للأصيل كلما توافرت فيه شروط الاستفادة منها طبقا للقوانين المقررة لها ولا يجوز حرمانه منها الا بنص صريح، فالموظف الوكيل شأنه شأن الموظف الاصيل فى هذا الشأن. وأما بالنسبة للنقطة الثانية فهناك رأيان، الرأى الاول: وهو يذهب الى عدم استحقاق الموظف الوكيل أجازات ما سواء كانت إدارية سنوية أو مرضية، وسنده فى ذلك الى أن تعيين الوكلاء إنما أجيز لشغل وظيفة شاغرة - فى الاحوال المبينة فى المادة 87 من قانون الموظفين الاساسى - تقضى الضرورة الملحة بعدم ابقائها شاغرة، فمنح الوكيل اجازة يؤدى الى شغور الوظيفة بالتالى الى زوال المبرر لتعيين الوكيل، فالاجدر إنهاء خدمة الوكيل بدلا من اعطائه أجازة لامكان تعيين وكيل جديد بدلا منه. وهذا هو ما ذهبت إليه وزارة المالية وديوان المحاسبات. الرأى الثانى: أن للموظف الوكيل حقا فى الاجازات إذ أن النصوص الخاصة بها لم تفرق بين موظف أصيل وموظف وكيل ولأن هذا الرأى يتمشى مع مبدأ المساواة بين الموظفين الذين يؤدون نفس الواجبات كما يحقق المصلحة العامة، وهذا هو ما استقرت عليه المحكمة العليا بدمشق وما ترى هيئة المفوضين الاخذ به، ومن ثم يكون المدعى محقا فى دعواه.
ومن حيث انه يبين من مطالعة قانون الموظفين الاساسى رقم 135 الصادر فى 10 من كانون الثانى (يناير) سنة 1945 المعدل بالقانونين رقم 235 فى 31 من كانون الثانى (يناير) سنة 1946 ورقم 358 فى 10 حزيران (يونية) سنة 1947 أنه تحدث فى الباب الاول منه عن قواعد إحداث المصالح العامة وتنظيمها وفى الباب الثانى عن انتقاء الموظفين وترفيعهم، فنصت المادة 12 على أن التعيين لا يكون الا بمسابقة لا يقبل فيها الا من كان مستوفيا الشروط المنصوص عليها فى القانون "ويعين الناجحون متمرنين لمدة سنتين فى الدرجة الدنيا لمرتبة الوظيفة ويؤصلون فى الدرجة الدنيا بعد انتهاء مدة التمرين إذا تأكدت مقدرتهم بناء على اقتراح رؤسائهم، يسرح المتمرن أو تنزل درجته أو مرتبته اذا ثبت عدم قدرته خلال مدة التمرين بدون أن يحق له المطالبة بأى تعويض، يصبح المتمرن مؤصلا بحكم القانون اذا لم يؤصل أو يسرح أو تنزل درجته أو مرتبته بعد انقضاء مدة التمرين، تحسب مدة التمرين من الخدمة الفعلية فى حالة التأصيل.." وفى الباب الثالث عن واجبات الموظفين ومعاقبتهم ومحاكمتهم، وفى الباب الرابع عن حقوق الموظفين وأوضاعهم، ونص فى الفصل الثانى من ذلك الباب - المواد من 50 الى 70 - على الاجازات المختلفة التى يستحقها الموظفون على التفصيل الوارد بها، وتضمن الباب الخامس من القانون المذكور الاحكام الخاصة بانتهاء خدمة الموظفين وهى الاحالة الى التقاعد والاحالة الى الاستيداع والاستقالة والغاء الوظيفة والصرف من الخدمة - المواد من 74 الى 86 - ثم نص القانون فى الفصل السادس من الباب الخامس على أحكام خاصة بالوكالة - المواد 87 الى 93 - فنصت المادة 87 على أنه "لا يجوز تعيين وكيل الا اذا كانت الوظيفة شاغرة أو كان أصيلها فى أحد الأوضاع الآتية: 1 - كف اليد، 2 - الاجازة الخاصة، 3 - الغياب لأسباب صحية لمدة تتجاوز الثلاثين يوما، 4 - خارج الملاك، 5 - الاستيداع"، ونصت المادة 88 على أن "تخول الوكالة الوكيل ممارسة جميع صلاحيات الاصيل، ليس للموظف الوكيل أية ميزة فى التعيين للوظيفة الموكولة إليه أو لإحدى الوظائف العامة" كما نصت المادة 89 على أن: "يعين الوكيل بمرسوم أو قرار من السلطة التى تمارس حق التعيين حتى تعيين الاصيل أو عودته"، ونص فى المادة 90 على أن "تؤمن الوكالات من قبل الموظفين إذا أمكن والا فيعهد بالوكالة الى أحد المتقاعدين الذين شغلوا الوظيفة ذاتها وأن لم يمكن أيضا فيعهد بها الى فرد يحمل الشهادة المطلوبة للوظيفة". وفى المادة 91 على أن "لا يتقاضى الموظف الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة خارج محل اقامته سوى تعويض الانتقال المنصوص عنه فى المادة 121 من هذا القانون، ويمكن منحه بقرار من الوزير المختص تعويضا كاملا عن مدة 90 يوما المنصوص عنها فى المادة المذكورة"، وتنص المادة 92 على أنه "يحق للموظف الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة فى محل اقامته أن يتقاضى تعويض وكالة لا يتجاوز مقداره ثلث الراتب غير الصافى للدرجة الاخيرة من مرتبة الاصيل ضمن الشروط الآتية...."، وتنص المادة 93 على أنه "يحق للمتقاعد أو الفرد الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة أن يتقاضى تعويضا لا يتجاوز مقداره الراتب غير الصافى للدرجة الاخيرة من مرتبة الاصيل"، وقد جاء فى بلاغ وزارة الخزانة رقم 6/ ب 10/ 1 فى 21 من كانون الثانى (يناير) سنة 1947 فى شأن استفادة الوكلاء من أحكام الاجازات التى تمنح للموظفين ما يأتى: "لدى درس قضية حق وكلاء الموظفين فى الاستفادة من التمتع باجازات ادارية وصحية براتب تبين لنا بالاتفاق مع ديوان المحاسبات، بأن الاذون الادارية والاجازات لأداء فريضة الحج والاجازات الصحية التى يطلبها الوكلاء لا يوجد هناك ما يبرر إعطاءها لأن تعيين الوكلاء إنما أجيز لإملاء وظيفة شغرت عن أصيلها او كان الاصيل فى أحد الاوضاع المبينة فى المادة 87 من قانون الموظفين الاساسى، وقد قضت الضرورة الملحة بعدم إبقائها شاغرة، فاعطاء اذن ادارى لوكيل يفضى الى شغور الوظيفة، وبالتالى الى زوال المبرر لتعيين الوكيل فالأجدر انهاء خدمة الوكيل بدلا من اعطائه الاذن او الاجازة لامكان تعيين وكيل جديد بدلا منه، وعلى هذا فانه لا يمكن أن يعطى وكلاء الموظفين راتبا ما عن اجازاتهم مهما يكن نوع هذه الاجازات، نرجو التقيد بما ذكر أعلاه".
ومن حيث انه يخلص مما تقدم أن مثار النزاع هو ما اذا كان الوكيل هو موظف عام وله أن يفيد من مزايا الوظيفة العامة فى الاجازات بغير قيد أو شرط شأنه فى ذلك شأن الموظف المؤصل أم انه لا يفيد من ذلك.
ومن حيث انه ولئن كانت المادة 88 من قانون الموظفين الاساسى رقم 135 لسنة 1945 تنص على أن "تخول الوكالة الوكيل ممارسة جميع صلاحيات الاصيل - ليس للموظف الوكيل أية ميزة فى التعيين للوظيفة الموكولة اليه أو لاحدى الوظائف العامة" وتنص المادة 89 على أن: "يعين الوكيل بمرسوم أو قرار من السلطة التى تمارس حق التعيين حتى تعيين الاصيل أو عودته"، وتنص المادة 91 على أنه "لا يتقاضى الموظف الذى يدعى لوكالة وظيفة خارج محل اقامته سوى تعويض الانتقال المنصوص عليه فى المادة 121 من هذا القانون، ويمكن منحه بقرار من الوزير المختص تعويضا كاملا عن مدة 90 يوما المنصوص عنها فى المادة المذكورة"، وتنص المادة 92 على أنه "يحق للموظف الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة فى محل إقامته أن يتقاضى تعويض وكالة لا يتجاوز مقداره ثلث الراتب غير الصافى للدرجة الاخيرة من مرتبة الاصيل ضمن الشروط الآتية...."، وتنص المادة 93 على أنه "يحق للمتقاعد أو الفرد الذى يدعى للقيام بوكالة وظيفة أن يتقاضى تعويضا لا يتجاوز مقداره الراتب غير الصافى للدرجة الاخيرة من مرتبة الاصيل"، ولئن كان مفاد تلك المواد أن الوكالة لا تعدو أن تكون أداة من نوع خاص ولغرض خاص لشغل الوظائف العامة حتى تسير المرافق بانتظام واطراد بغير انقطاع بسبب شغور الوظيفة أو غياب المؤصل عنها، ولهذا خول الوكيل ممارسة جميع صلاحيات الاصيل للوظيفة، مما يضفى على هذا الوكيل صفة الموظف، بل ان تلك النصوص تعبر عنه بهذا اللفظ صراحة، لئن كان ذلك كذلك الا أنه يجب أن يراعى ان هذا النظام الخاص من نظم الوظيفة العامة قد اصطبغ بصبغته الخاصة به، تلك الصبغ التى تستمد لونها من طبيعة هذا النظام ومن الغاية المقصودة منه فتلون أحكامه بما تقضيه طبيعتها، فهو نظام يتصف أساسا بصفة التأقيت بالنسبة الى الشاغل للوظيفة بهذه الاداة، فبقاؤه فيها مرهون بشغور الوظيفة أو بغياب الاصيل للأسباب الاخرى المشار اليها فى المادة 87، كما أن الحكمة فى شغل الوظيفة بالوكيل هو معالجة الشغور أو الغياب، على نحو ما سلف بيانه، حتى لا ينقطع سير المرفق فى الوظيفة، فمن الطبيعى اذن ألا يسمح للوكيل بالغياب بسبب الاجازة أو بغيره والا لما حقق هذا النظام الخاص الغاية المقصودة منه ولدار الامر فى الحلقة المفرغة، وقد لمح هذا المعنى بلاغ وزارة الخزانة رقم 6/ ب 10/ 1 فى 21 من كانون الثانى (يناير) سنة 1947، الذى جاء به "... أن تعيين الوكلاء انما أجيز لإملاء وظيفة شغرت عن أصيلها أو كان الاصيل فى أحد الاوضاع المبينة فى المادة 87 من قانون الموظفين الاساسى، وقد قضت الضرورة الملحة بعدم إبقائها شاغرة - فاعطاء اذن ادارى لوكيل يفضى الى شغور الوظيفة، وبالتالى الى زوال المبرر لتعيين الوكيل، فالاجدر إنهاء خدمة الوكيل بدلا من اعطائه الاذن أو الاجازة لامكان تعيين وكيل جديد بدلا منه. وعلى هذا فانه لا يمكن أن يعطى وكلاء الموظفين راتبا ما عن اجازاتهم مهما يكن نوع هذه الاجازات". ولا وجه لقياس حالة الوكالة فى الوظيفة على حالة التعيين تحت التمرين، لأن بقاء الموظف تحت الاختبار رهين بتحقيق شرط الصلاحية فيه، فاذا اتضح عدم لياقته وجب فصله، بينما بقاء الوكيل فى الوظيفة رهين بشغورها أو بغياب الاصيل كما تقدم، فلكل نظامه وحكمته وغايته وأحكامه الخاصة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه سليما فى نتيجته ويكون الطعن فى غير محله حقيقا بالرفض.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه (برده) موضوعا.