مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 905

(88)
جلسة 7 من مايو سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة/ السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 621 لسنة 4 القضائية:

موظف - مد خدمته بعد بلوغه السن المقررة للاحالة الى المعاش وفقا للمادة 108 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - مركزه القانونى خلال فترة المد - هو ذات المركز الذى كان يشغله - أفادته من جميع مزايا الوظيفة الا ما استثنى منها بنص خاص صريح - عدم اختلاف الحكم سواء صدر قرار المد قبل بلوغه السن أو بعده وسواء بدأت اجراءات المد قبل بلوغه السن أو بعده - اساس ذلك.
أن الاصل فى استصحاب الحال هو استمرار بقاء الموظف خلال فترة مدة خدمته فى ذات المركز القانونى الذى كان يشغله من قبل دون حدوث أى تغيير فى هذا المركز من حيث صفته كموظف عام وخضوعه تبعا لذلك للقوانين واللوائح التى تحكم وضعه بهذه الصفة، واذ كانت هذه القوانين واللوائح لا تتضمن أحكاما خاصة تعالج وضعه خلال فترة مد خدمته بنصوص استثنائية تخرج عن القواعد العامة، فان مقتضى هذا هو خضوع الموظف للقوانين واللوائح القائمة، سواء فيما يتعلق بما تفرضه عليه من واجبات أو ما تقرره له من مزايا مرتبطة بالوظيفة العامة، ومن ثم فانه يفيد من جميع تلك المزايا ومن بينها الترقيات والعلاوات والاجازات وما اليها، الا ما استثنى منها بنصوص خاصة صريحة كما هو الحال بالنسبة للمعاش، اذ تنص المادة 19 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق التأمين والمعاشات على عدم حساب مدد الخدمة بعد سن الستين فى المعاش، وهذا الاستثناء فى ذاته يؤكد القاعدة العامة وهى افادة الموظف خلال فترة مد خدمته من باقى المزايا التى تقررها القوانين واللوائح ما لم يستثن من ذلك بنص خاص.
وانه ولئن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد رسم طريقا معينا لمد خدمة الموظف، فقضى فى المادة 108 منه على أنه يكون بقرار من الوزير المختص بعد الاتفاق مع وزير المالية والاقتصاد، الا أنه لم ينظم طريقة المد، كما لم يحدد فترة زمنية معينة يتعين خلالها اتمام اجراءات هذا المد، ومن ثم فان قرار الوزير بمد خدمة الموظف ينتج أثره القانونى فى حق الموظف، سواء صدر هذا القرار قبل بلوغ الموظف السن المقررة لترك الخدمة أو بعدها، وسواء بدأت الاجراءات قبل بلوغه هذه السن أو بعدها كذلك.

اجراءات الطعن

فى 8 من يونية سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة. سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة، قيد تحت رقم 621 لسنة 4 ق، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة ثالثة ب)، بجلسة 10 من ابريل سنة 1958 فى الدعوى رقم 1221 لسنة 10 ق المقامة من مصطفى محفوظ إسماعيل ضد وزارة المالية، والذى يقضى (بعدم قبول الدعوى، وبالزام المدعى المصروفات). وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلا، والغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من عدم قبول الدعوى، والقضاء بقبولها واعادة القضية الى محكمة القضاء الادارى للفصل فى الموضوع". وقد أعلن هذا الطعن الى الحكومة فى 12 من يولية سنة 1958 والى المطعون لصالحه فى 26 منه، وعين لنظره أمام دائرة فحض الطعون جلسة 9 من يناير سنة 1960، وفيها أحيل الطعن الى المحكمة الادارية العليا للمرافعة بجلسة 27 من فبراير سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم مع الترخيص فى تقديم مذكرات.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى ان المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 1221 لسنة 10 ق ضد وزارة المالية والاقتصاد أمام محكمة القضاء الادارى بصحيفة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 10 من ابريل سنة 1956، طلب فيها الحكم بالغاء القرار الصادر من السيد وزير المالية والاقتصاد فى 30 من نوفمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الثانية موضوع هذا القرار، واستحقاقه للترقية اليها، وما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل الاتعاب. وقال المدعى شرحا لدعواه أن السيد وزير المالية والاقتصاد أصدر فى 30 من نوفمبر سنة 1955 قرارا اداريا بترقية عباس حلمى اسلام، وكيل الحسابات بوزارة المالية، الى الدرجة الثانية، وقد علم المدعى بهذا القرار عندما نشرته جريدة الاهرام فى عددها الصادر فى 5 من ديسمبر سنة 1955 لان هذا القرار قد تخطى المدعى فى الترقية الى هذه الدرجة حيث ترجع أقدميته فى الدرجة الثالثة الى 24 من ديسمبر سنة 1951 فى حين ترجع أقدمية زميلة زميله المرقى الى 16 من يونية سنة 1952، وذلك فضلا عن ان ترتيب المدعى فى سجل أقدمية موظفى الدرجة الثالثة بالكادر الادارى العالى بوزارة المالية هو الاول، أما ترتيب زميله المطعون عليه فهو التالى فى كشف الاقدميات ولما كانت الدرجة الثانية التى رقى اليها زميل المدعى، هى درجة مخصصة للترقية بالاقدمية، فقد دهش المدعى عندما علم بترقيته وتخطى المدعى فى الوقت الذى يفضله فى الاقدمية وفى ترتيب درجة الكفاية، اذ أنه يزيد عليه فى درجة الكفاية فى عامى 1953، 1954 وزميله المرقى دونه فى ترتيب هذه الدرجات، ولذلك فقد سارع المدعى الى تقديم التظلم الادارى الى السيد وزير المالية والاقتصاد فى 10 من ديسمبر سنة 1955، وطلب إليه يتدارك الامر بحسب القرار لمخالفته للقانون ويرقى المدعى الى الدرجة الثانية. وقد مضى الميعاد القانونى لنظر هذا التظلم دون أن تتخذ وزارة المالية أى اجراء يكفل له حقه رغم أنه علم ان السيد مفوض الدولة لوزارة المالية قد أبدى رأيه فى التظلم، وقال باستحقاق المدعى للترقية الا أن الوزارة أعرضت عن هذا الرأى، وقد ردت وزارة المالية على صحيفة الدعوى بكتابها رقم 400/ 25/ 25 فى 11 من مايو سنة 1956 استعرضت فيه حالة كل من المدعى والمطعون فى ترقيته، فقالت: ان المدعى يشغل وظيفة وكيل حسابات وزارة الاوقاف، وقد ولد فى عام 1895 ولا يحمل من المؤهلات سوى الشهادة الابتدائية سنة 1913، وقد التحق بالخدمة فى سنة 1922، وكان قبل رفع الدعوى فى الدرجة الثالثة من 22 من ديسمبر سنة 1951، وبلغ مرتبه الحالى 52 جنيها شهريا، اعتبارا من أول يولية سنة 1955، وقالت الوزارة أن المدعى قد أحيل الى المعاش اعتبارا من 24 من اغسطس سنة 1955، على مد مدة خدمته سنة من 24 من اغسطس سنة 1955 بناء على طلب السيد وزير الاوقاف. أما عن زميل المدعى المطعون على ترقيته وهو السيد عباس حلمى اسلام، فانه يشغل وظيفة مفتش مالية ومولود سنة 1897، ويحمل من المؤهلات ليسانس الحقوق سنة 1927وقد التحق بالخدمة منذ سنة 1916، ويشغل عند رفع الدعوى، الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه الصادر فى 30 من نوفمبر سنة 1955 وان مرتبه الحالى 65 جنيها اعتبارا من اول ديسمبر سنة 1955، وأنه حصل على الدرجة الثالثة من 16 من يونية سنة 1952. ثم قالت الوزارة ان المدعى قد بلغ السن القانونية فى 23 من أغسطس سنة 1955 وصدر قرار الوزارة باحالته الى المعاش فى 24 من أغسطس سنة 1955، وانما حدث بعد ذلك أنه بناء على توصية السيد وزير الاوقاف استبقى المدعى فى الخدمة لمدة عام واحد اعتبارا من 24 من اغسطس سنة 1955، وعندما اجتمعت لجنة شئون الموظفين بوزارة المالية اقترحت ترقية الاول فى الاقدمية وهو عباس حلمى اسلام، تأسيسا على ان المدعى قد أحيل الى المعاش اعتبارا من 24 من أغسطس سنة 1955، وخلصت وزارة المالية الى طلب الحكم برفض الدعوى والزام رافعها بالمصروفات. وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1957 قررت محكمة القضاء الادارى اعادة القضية الى المرافعة لتودع الجهة الادارية ملف خدمة المدعى وأصول المكاتبات المتبادلة بين السيدين وزيرى الاوقاف والمالية فى شأن مد مدة خدمة المدعى بما فى ذلك رد السيد وزير المالية على كتاب السيد وزير الاوقاف برقم 275 فى 19 من يولية سنة 1955، الخاص بطلب الموافقة على مد مدة خدمة المدعى سنتين، وبيانا بالاسباب والمراحل التى انتهت الى تعديل المدة المطلوبة الى سنة واحدة.
وبجلسة 30 من يناير سنة 1958 ضمت الاوراق المطلوبة، وبجلسة 10 من ابريل سنة 1958 قضت محكمة القضاء الادارى (الهيئة الثالثة ب) "بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن المدعى لم يكن موظفا تحكمه قواعد الترقية التى نظمها القانون رقم 210 لسنة 1951 عندما صدر القرار المطعون فيه وبالتالى لم تكن للمدعى مصلحة للطعن فيه، وقالت المحكمة فى تبرير انتفاء مصلحة المدعى فى الطعن فى القرار الصادر فى 30 من نوفمبر سنة 1955 ان علاقة الموظف بالحكومة تنفصم فورا، وبقوة القانون، عند بلوغه السن القانونية المقررة للاحالة الى المعاش، او لترك الخدمة بصفة عامة، ما لم يصدر من الوزير المختص - قبل بلوغ الموظف هذه السن - قرار بمد الخدمة وببقائه فيها مدة لا تجاوز السنتين، فاذا ما صدر هذا القرار، بعد بلوغ الموظف السن القانونية فانه يكون قد صدر بعد انتهاء تلك الرابطة الوظيفية بقوة القانون فالعبرة بصدور قرار المد فى وقت تكون علاقة الموظف بالحكومة لا تزال قائمة "لم يأت قرار عليها بالزوال" ببلوغه السن القانونية. ولما كان المدعى قد بلغ سن الستين فى 23 من اغسطس سنة 1955 وصدر قرار باحالته الى المعاش فى 19 من يوليه سنة 1955 اعتبارا من 24 من أغسطس سنة 1955، وهو التاريخ التالى لبلوغه السن القانونية. ولكن الثابت أيضا من الاوراق أن السيد وزير الاوقاف قد أرسل فى 19 من يوليه سنة 1955 الكتاب رقم 275 الى السيد وزير المالية يطلب اليه فيه استصدار قرار بمد مدة خدمة المدعى سنتين من تاريخ بلوغه السن القانونية. ولكن وزير المالية لم يستجب لهذا الطلب. فعاد وزير الاوقاف فى 25 من اغسطس سنة 1955 يطلب الى السيد وزير المالية الموافقة على مد مدة خدمة المدعى سنة واحدة بدلا من سنتين. فوافق وزير المالية على هذا الطلب الثانى فى 25 من أغسطس سنة 1955 وقرر مد مدة خدمة المدعى سنة واحدة، كما عاد ووافق من جديد على مد مدة خدمة المدعى مرة ثانية ستة أشهر أخرى اعتبارا من 24 من اغسطس سنة 1956، تلبية لمطلب وزير الاوقاف.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان المدعى قد بلغ سن الاحالة الى المعاش فى 24 من اغسطس سنة 1955 وكان مفروضا أن تنتهى فى هذا التاريخ علاقته بالحكومة، الا ان الثابت أن الوزارة التابع لها المدعى قد طلبت مد مدة خدمته قبل بلوغه هذه السن استنادا الى السلطة المخولة لها فى المادة 108 من قانون التوظف: وكان أن وافقت وزارة المالية على طلب وزارة الاوقاف، فاكتمل بذلك لقرار مد مدة خدمة المدعى كل مقوماته، مما كان يتعين معه أعمال كافة آثاره القانونية فى شأن المدعى دون أن يؤثر فى ذلك، ان موافقة وزارة المالية قد تراخت الى اليوم الثالث لبلوغ المدعى سن الاحالة الى المعاش، فهذه الموافقة انما وردت على طلب وزارة الاوقاف السابق على تاريخ بلوغ المدعى هذه السن، فترتد الموافقة الى تاريخ طلب وزارة الاوقاف دون أن يتصور فى ذلك أية رجعية، اذ أن الامر لا يعدو أن يكون اقرار للحالة الواقعة، ليس ثمت رجعية فيه، وهذا هو مفهوم المبدأ الذى أرست قواعده المحكمة الادارية العليا بالنسبة لقرارات التعيين التى يتراخى صدورها فترة ما بعد استلام العمل. واذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا، فانه يكون قد خالف القانون ويتعين الطعن فيه بالالغاء. وانتهى تقرير الطعن الى طلب الحكم "بقبول الطعن شكلا، والغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من عدم قبول الدعوى، والقضاء بقبولها، واعادة القضية الى محكمة القضاء الادارى للفصل فى موضوعها.
ومن حيث ان الثابت من الاوراق أنه فى 19 من يوليه سنة 1955 ارسل السيد وزير الاوقاف الى السيد وزير المالية الكتاب الاتى: "أن السيد/ مصطفى محفوظ اسماعيل، وكيل مراقبة الحسابات بوزارة الاوقاف تنتهى مدة خدمته لبلوغه السن القانونية فى 25 من اغسطس سنة 1955، وان هذا الموظف أمضى معظم مدة خدمته بهذه الوزارة بمراقبة الحسابات، واكتسب خبرة ودراية بجميع أعمال الوزارة المتنوعة وهو يقوم فى وظيفته بأعمال هامة تستدعى كفاءة ممتازة قد لا تتوافر الآن فى غيره. هذا الى أن حالته الصحية حسنة وتمكنه من أداء أعماله. وأن فى تركه الخدمة الان خسارة كبيرة لوزارة الاوقاف التى يعمل بها.
ولهذا أكون شاكرا لو تفضلتم باستصدار القرار اللازم بمد مدة خدمته سنتين من تاريخ بلوغه السن القانونية". وفى 25 من أغسطس سنة 1955 عاد السيد وزير الاوقاف وكتب الى السيد وزير المالية: "ان السيد/ مصطفى محفوظ وكيل الحسابات، وقد بلغ الستين من العمر، لا يزال يستمتع بشباب فائض الى كفاءة ونزاهة وتيسير للامور، وقد انتفعت به وزارة الاوقاف انتفاعا عظيما. ولهذا أرجو التفضل بأن يوافق السيد وزير المالية بكتاب الى السيد وزير الاوقاف جاء فيه: "اشارة الى كتاب فضيلتكم المؤرخ 25 من أغسطس سنة 1955، بشأن السيد وكيل حسابات وزارة الاوقاف، فاننا نوافق على مد مدة خدمة هذا الموظف سنة واحدة. وتفضلوا.... ".
ومن حيث أنه قد جاء بمحضر لجنة شئون الموظفين المنعقدة فى 16 من نوفمبر سنة 1955 تمهيدا لاستصدار القرار موضوع هذا الطعن فى 30 من نوفمبر سنة 1955 "أن الموضوع يتعلق بالكادر الادارى لحسابات الوزارات والمصالح والتفتيش، وان الدرجة الثانية (من 780/ 960 جنيها سنويا) عددها درجتان. وبمناسبة العدول عن نقل السيد/ عبد الحليم رمضان الموظف من الدرجة الثانية بوزارة الحربية الى هذه الوزارة وتمسك وزارة الحربية به. فانه قد تبين للجنة ان الترقيات التى تمت خلال السنة المالية الحالية خمس درجات. ثلاث منها كانت من نصيب الاقدمية، واثنتان بالاختيار، فيكون توزيع الدرجتين الخاليتين بالتخلف على الوجه الآتى: (1) درجة واحدة من نصيب الاقدمية (2) ثم درجة واحدة من نصيب الاختيار. فاستعرضت اللجنة سجلات الاقدمية لموظفى الدرجة الثالثة ودرجات الكفاية الحاصلين عليها. وحصرت ترشيحها فى المستحقين للترقية الى هاتين الدرجتين طبقا للقانون رقم 210 لسنة 1951، وتقترح اللجنة ترقية السيد/ عباس حلمى اسلام مفتش المالية من الدرجة الثالثة، وحاصل على 93 درجة فى سنة 1953، 95 درجة فى سنة 1954، وهو مولود فى 12 من يونية سنة 1897 والتحق بالخدمة فى 15 من يولية سنة 1916 وحاصل على ليسانس الحقوق سنة 1927 وهو فى الدرجة الثالثة من 16 من يونية سنة 1952 ترقية قانونية الى الدرجة الثانية الحالية، وترتيبه الاول فى الاقدمية بعد السيد/ مصطفى محفوظ اسماعيل الموظف من الدرجة الثالثة من 24 من فبراير سنة 1951 وهو حاصل على الشهادة الابتدائية فقط، ولكن مدة خدمته قد انتهت فى 25 من أغسطس سنة 1955، وصدر قرار وزارى باحالته الى المعاش ثم ووفق على مدة خدمته عاما. وليس فى القانون رقم 210 لسنة 1951 نص صريح بتخويل المحالين الى المعاش اى حق من حقوق الموظفين الموجودين بالخدمة".
ومن حيث أن مثار هذه المنازعة هو تحديد المركز القانونى للموظف الذى بلغ السن المقررة للاحالة الى المعاش ثم تقرر بعد ذلك مد مدة خدمته وهل يخضع خلال فترة المد للقواعد العامة العادية التى تحكم حالة الموظف أم لا.
ومن حيث ان المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفى الدولة تنص على أنه "ينتهى مدة خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الاسباب الآتية: (1) بلوغه السن المقررة لترك الخدمة..." وتنص المادة 108 من القانون المشار اليه على أنه "لا يجوز مد خدمة الموظف بعد بلوغه السن المقررة الا بقرار من الوزير المختص بعد الاتفاق مع وزير المالية والاقتصاد، ولا يجوز مدها لاكثر من سنتين فيما عدا موظفى التمثيل السياسى من درجة السفراء."
ومن حيث ان الاصل فى استصحاب الحال هو استمرار بقاء الموظف خلال فترة مدة خدمته فى ذات المركز القانونى الذى كان يشغله من قبل دون حدوث أى تغيير فى هذا المركز من حيث صفته كموظف عام وخضوعه تبعا لذلك للقوانين واللوائح التى تحكم وضعه بهذه الصفة، واذ كانت هذه القوانين واللوائح لا تتضمن احكاما خاصة تعالج وضعه خلال فترة مد خدمته بنصوص استثنائية تخرج عن القواعد العامة، فان مقتضى هذا هو خضوع الموظف للقوانين وللوائح القائمة، سواء فيما يتعلق بما تفرضه عليه من واجبات او ما تقرره له من مزايا مرتبطة بالوظيفة العامة، ومن ثم فانه يفيد من جميع تلك المزايا ومن بينها الترقيات والعلاوات والاجازات وما اليها، الا ما استثنى منها بنصوص خاصة صريحة كما هو الحال بالنسبة للمعاش، اذ تنص المادة 19 من القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق التأمين والمعاشات على عدم حساب مدد الخدمة بعد سن الستين فى المعاش، وهذا الاستثناء فى ذاته يؤكد القاعدة العامة، وهى افادة الموظف خلال فترة مد خدمته من باقى المزايا التى تقررها القوانين واللوائح ما لم يستثن من ذلك بنص خاص..@@
ومن حيث انه ولئن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 رسم طريقا معينا لمد خدمة الموظف، فقضى فى المادة 108 منه على أنه يكون بقرار من الوزير المختص بعد الاتفاق مع وزير المالية والاقتصاد، الا أنه لم ينظم طريقة المد، كما لم يحدد فترة زمنية معينة يتعين خلالها اتمام اجراءات هذا المد، ومن ثم فان قرار الوزير بمد خدمة الموظف ينتج أثره القانونى فى حق الموظف، سواء صدر هذا القرار قبل بلوغ الموظف السن المقررة لترك الخدمة أو بعدها، وسواء بدأت الاجراءات قبل بلوغه هذه السن أو بعدها كذلك.
ومن حيث أنه لما كان الثابت ان السيد وزير الاوقاف قد طلب فى 19 من يوليه سنة 1955 ثم فى 25 من أغسطس سنة 1955 من السيد وزير المالية والاقتصاد مد مدة خدمة المطعون لصالحه سنة واحدة، وقد تمت الموافقة على هذا الطلب فى 25 من أغسطس سنة 1955، ومن ثم يعتبر الموظف المذكور مستمرا قانونا فى خدمة الحكومة متمتعا بكافة الحقوق والمزايا ملتزما بجميع الالتزامات والاعباء التى تنظمها القوانين واللوائح المتعلقة بموظفى الدولة، الى ان تنتهى مدة خدمته، ومتى كان الامر كذلك فما كان يجوز تركه فى الترقية الى الدرجة الثانية الادارية - وهى درجة اقدمية - فى القرار الصادر من السيد وزير المالية والاقتصاد فى 30 من نوفمبر سنة 1955 لا لعلة سوى ما أثبتته لجنة شئون الموظفين فى محضر جلستها المنعقدة فى 16 من نوفمبر سنة 1955 من أن المدعى "قد انتهت مدة خدمته فى 25 من أغسطس سنة 1955 وصدر قرار باحالته الى المعاش، ثم ووفق على مد خدمته عاما، وليس فى القانون رقم 210 لسنة 1951 نص صريح بتخويل المحالين الى المعاش أى حق من حقوق الموظفين الموجودين بالخدمة".
ومن حيث أنه لكل ما تقدم يكون للمدعى مصلحة محققة فى اقامة هذه الدعوى، ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بعدم قبولها قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه مما يتعين معه الغاؤه والقضاء بقبول الدعوى، وفى موضوعه بالغاء القرار الصادر من السيد وزير المالية والاقتصاد فى 30 من نوفمبر سنة 1955 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الثانية الادارية، وما يترتب على ذلك من آثار، مع الزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبالغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، وفى موضوعها بالغاء القرار الصادر فى 30 من نوفمبر سنة 1955 من وزير المالية والاقتصاد، فيما تضمنه من ترك المدعى فى الترقية الى الدرجة الثانية وما يترتب على ذلك من آثار، والزمت الحكومة بالمصروفات.