مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 929

(91)
جلسة 7 من مايو سنة 1960

برياسة السيد/ سيد على الدمراوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل اسماعيل ومحمود محمد ابراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وحسنى جورجى المستشارين.

القضية رقم 412 لسنة 5 القضائية:

عمال القناة - سلطة اللجان الفنية المختصة بامتحان هؤلاء العمال - تقتصر على تقدير الدرجة التى يستحقها العامل والاجر الذى يمنح له بحسب نتيجة امتحانه فى حرفته فلا يجوز للجنة أن تقدر للحرفة درجة أو أجرا يزيد عن الدرجة أو الاجر المقررين لها فى الكادر - مثال.
ان الغرض من الامتحان الذى يؤديه العمال هو التحقق من المام عمال الجيش البريطانى بحرفتهم وللوقوف على كفايتهم للعمل واستحقاقهم للدرجات المقدرة لهم فى الكادر ويراعى فيه مختلف الاعتبارات... الخ.
ومفاد ذلك أنه ولئن كان من اختصاص لجنة الامتحان تقدير الدرجة التى يستحقها العامل والاجر الذى يمنح له حسب نتيجة امتحانه فى حرفته الا أنه ليس لها أن تقدر لهذه الحرفة درجة أو أجرا يزيد عن الدرجة أو الاجر المقرر لها فى الكادر.
واذا كانت مهنة ميكانيكى الات كاتبة واردة فى الكشف رقم 8 من الكشوف الملحقة بكادر عمال القنال ومقدرا لها درجة صانع دقيق (300/ 500 مليم) وقد وضعته لجنة الامتحان بادئ الامر فى هذه الدرجة وببداية مربوطها فما كان لها أن تعدل هذا التقدير بعد ذلك بدعوى أن درجاته تؤهله لدرجة صانع دقيق ممتاز ما دام أن مهنته التى يقوم بعملها فعلا لم ترد فى الكشف رقم 9 المخصص لدرجة صانع دقيق ممتاز (260/ 700 مليم) لمهنة أخرى ليس من بينها مهنة المدعى التى امتحن فيها ويقوم بعملها فعلا، اذ أنه ولئن كانت لجنة الاختبار تستقل بتقدير كفاية العامل تبعا لاجادته عند تأدية الامتحان المعقود له بغية تحديد درجته وأجره، الا أنه لا يجوز لها أن تخرج عن نطاق ما تضمنته قواعد الكادر ومن ثم فان ما اتخذته الادارة من وضع المطعون ضده فى الدرجة (300/ 500 مليم المخصصة لمهنة ميكانيكى آلة كاتبة يكون مطابقا للقانون.

اجراءات الطعن

بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة فى الحكم الصادر بجلسة أول يناير سنة 1959 من المحكمة الادارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والارشاد القومى فى القضية رقم 104 لسنة 5 ق المرفوعة من محمود محمود السيد الضلعى ضد وزارة التربية والتعليم والقاضى بأحقية المدعى فى تسوية حالته طبقا لكادر عمال القنال فى الدرجة 360/ 700 مليم بأول مربوطها ابتداء من أول ابريل سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له ابتداء من هذا التاريخ مع الزام المدعى عليها المصروفات.
ويطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة للاسباب الواردة فى صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.
وأعلنت صحيفة الطعن للحكومة فى 20 من يونية سنة 1959 وللمدعى فى 21 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة أول مايو سنة 1960 وأخطر بها الطرفان وفيها تقرر احالته الى المحكمة العليا لجلسة 7 من مايو سنة 1960 وبعد سماع ما رؤى لزوما لسماعه من ايضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع ما رؤى لزوما من ايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما هو ثابت من أوراق الطعن فى أن المدعى رفع هذه الدعوى قال فيها انه من عمال الجيش البريطانى وترك خدمة السلطات البريطانية بقاعدة القناة وعين بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1951 بديوان وزارة التربية والتعليم فى وظيفة ميكانيكى آلات كاتبة بأجر يومى قدره 300مليم فى درجة صانع دقيق، ولما كان الاجر الذى قدرته له الوزارة جاء مجحفا بحقوقه فقد طالب بتعديل أجره بما يتناسب وعمله وذلك بعد امتحانه طبقا لما ينص عليه كتاب وزارة المالية رقم 234 - 9/ 77 بتاريخ 19/ 3/ 1952 وقد وافقت الوزارة على اختباره فنيا أمام لجنة بمدرسة الصناعات الميكانيكية وجاءت نتيجة الاختبار 80% فى البرادة، 87.5% فى الخراطة وقدرت اللجنة له درجة صانع دقيق (300/ 500 مليم) فتظلم من هذه النتيجة حيث أن درجاته السالفة تؤهله لدرجة الدقة الممتازة، وفعلا أعادت الوزارة تقرير لجنة الامتحان الى مدرسة الصناعات لتقدير الاجر الذى يستحقه على وجه الدقة فجاء تقديرها بأن الدرجات التى حصل عليها تؤهله لدرجة صانع دقيق ممتاز (360/ 700 مليم) وقد طالب مرارا بتسوية حالته على أساس كتاب وزارة المالية سالف الذكر ونتيجة امتحانه امام اللجنة الفنية دون جدوى وأنه يحق له أن يطلب تسوية حالته على أساس وضعه على الدرجة (360/ 700) من أول ابريل سنة 1952 مع تدرج أجره بالعلاوات الدورية وما يترتب على ذلك من آثار وطلب الحكم له بذلك.
أجابت الجهة الادارية على هذه الدعوى بكتابها رقم 11195 المرسل الى ادارة الشئون القانونية من ادارة شئون الخدم والعمال بمراقبة المستخدمين والمؤرخ 10 من يونية سنة 1958 بأن المدعى ألحق بخدمة الوزارة ضمن عمال القنال فى عام 1951 بأجر يومى قدره 300 مليم منذ تعيينه على أساس انه يقوم بعمل اصلاح الآلات الكاتبة وطبقا لقواعد كادر عمال القنال اختبر مهنته بمعرفة لجنة الاختبار بمدرسة الصناعات الميكانيكية وحصل فى امتحان البرادة على 80% وفى امتحان وفى امتحان الخراطة على 87.5% بدرجة صانع دقيق (300/ 500) وقد تظلم من هذا الاجر وقامت لجنة الاختبار ببحث تظلمه ورأت أن درجاته الحاصل عليها تؤهله لدرجة صانع دقيق ممتاز (360/ 700) وبما أن مقتضيات كادر عمال القناة الصادر به كتاب المالية رقم 234/ 9/ 77 بتاريخ 19 من مارس سنة 1952 بأن يوضع كل عامل من عمال القناة فى الدرجة التى تتفق وحرفته فى كادر العمال ومنحه بداية تلك الدرجة. وبما أن مهنة ميكانيكى آلات كاتبة وردت بكادر عمال القناة تحت درجة (300/ 500)، لذلك كان ينبغى على الوزارة التزام قواعد الكادر بمنحه أجرا يوازى أول مربوط الدرجة المقررة لخدمته فعلا وهى الدرجة (300/ 500).
وأضافت الجهة الادارية الى ما تقدم بكتابها رقم (12065) المؤرخ 25/ 6/ 1958 المرسل لادارة الشئون القانونية ردا على كتابها المؤرخ 21 من يونية سنة 1958 بأنه لا يجوز بناء على التقدير الاخير للجنة الامتحان بأحقية المدعى لدرجة صانع دقيق ممتاز أن يوضع على هذه الدرجة الاعلى لانه ليس من سلطة لجنة الامتحان تحديد أجور عمال القناة لان هذه الاجور محددة فى الجداول المرافقة للكادر وكل ما لها من سلطة هو بيان المهنة التى يصلح لها العامل.
ومن حيث ان المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والارشاد القومى أصدرت حكمها المطعون فيه وهو يقضى بأحقية المدعى فى تسوية حالته طبقا لاحكام كادر عمال القنال فى الدرجة (360/ 700) بأول مربوطها ابتداء من أول ابريل سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له ابتداء من هذا التاريخ والزام المدعى عليها بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أن المناط فى تقدير درجة الصانع ومقدار أجره هو بنتيجة الامتحان الذى يؤديه أمام اللجنة المختصة، كما أن الدرجة ومقدار الاجر اللذين يستحقهما طبقا لاحكام الكادر هما من المراكز القانونية التى تنطبق عليه ويستمد حقه فيها من القانون رأسا متى توافرت فيه شروط انطباقها، وأن الثابت أن لجنة الامتحان قررت فى 26 من سبتمبر سنة 1956، واعتمد مدير التعليم الصناعى قرارها فى 8 من أكتوبر سنة 1956 أن الدرجات التى حصل عليها المدعى فى امتحانه تؤهله لأن يوضع فى درجة صانع دقيق ممتاز، ومن ثم فان مركز المدعى القانونى يتحدد فى هذا الدرجة ويتعين منحه الاجر المخصص لها فى الكادر فى الدرجة (360/ 700)، وبالنسبة للفروق فان الثابت ان المدعى قدم تظلما فى سنة 1955 وهذا التظلم يقطع بالتقادم الخمسى مما يتعين معه صرف الفروق من أول ابريل سنة 1952.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن المناط فى تقدير درجة الصانع ومقدار أجره هو بنتيجة الامتحان الذى يؤديه أمام اللجنة المختصة، كما ان الدرجة ومقدار الاجر اللذين يستحقهما طبقا لأحكام الكادر هما من المراكز القانونية التى تنطبق عليه ويستمد حقه فيها من القانون رأسا متى توافر فيه شروط انطباقها، الا انه يلاحظ ان ذلك كله مشروط بأن يكون الصانع يقوم بعمل المهنة التى امتحن فيها فعلا، ولما كان المدعى يقوم بعمل ميكانيكى آلات كاتبة وقد وردت هذه المهنة بالكشف رقم 8 الملحق بكادر عمال القناة ومحدد لها الدرجة(300/ 500) بأول مربوطها وقد أثبتت نتيجة اختباره بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض صلاحيته لدرجة صانع دقيق فان الوزارة تكون قد أوفت المدعى حقه، ولا اعتداد بما قررته اللجنة بعد ذلك من أن درجاته التى حصل عليها فى الاختبار تؤهله لدرجة صانع دقيق ممتاز طالما ان المهنة التى يقوم بعملها فعلا لم ترد ضمن وظائف الدقة الممتازة (360/ 700) الواردة بالكشف رقم 9 الملحق بالكادر.
ومن حيث انه جاء بالتقرير المؤرخ 19 من مارس سنة 1952 المقدم الى وزير المالية من لجنة اعادة توزيع عمال الجيش البريطانى المشكلة بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 من نوفمبر سنة 1951، جاء فى هذا التقرير تحت عنوان منح الاجور المقدرة "قررت اللجنة أن الاجور المقدرة تمنح الى العمال الذين يقومون فعلا بأعمال الحرف التى قدرت لها فى الكادر. أما العمال الذين لا توجد لهم أعمال حكومية تتفق وحرفهم الاصلية فهؤلاء يكلفون أعمالا تقرب من حرفهم بقدر المستطاع أو أية أعمال أخرى بحسب مقتضيات الاحوال ويمنحون اذن اجورا تتفق والاعمال المكلفين بها أو القائمين بها فعلا". وجاء فى هذا التقرير أيضا تحت عنوان امتحان العمال" ومما يتصل اتصالا وثيقا بالاجور المقدرة مسألة تأدية الامتحان فهذا أمر واجب اذ يتحتم على العمال أو الصناع الفنيين أن يؤدوا امتحانا فى حرفهم بمعرفة اللجان المشكلة لهذا الغرض فى مختلف الوزارات والمصالح طبقا للمادة السابعة من قواعد كادر العمل وذلك لمعرفة الدرجة التى يوضع فيها كل منهم بحسب قدرته على العمل. فلقد نصت المادة المذكورة على أن لا يعين عامل من الخارج الا بعد اجتيازه امتحانا أمام لجنة فنية وتحدد اللجنة وظيفته ودرجته. ومراعاة للتيسير رأت اللجنة أن يؤدى الامتحان فى أقرب جهة فنية حكومية أو شبه حكومية. والغرض من الامتحان التحقق من المام عمال الجيش البريطانى بحرفتهم وللوقوف على كفايتهم للعمل واستحقاقهم للدرجات المقدرة لهم فى الكادر ويراعى فيه مختلف الاعتبارات... الخ" ومفاد هذا أنه ولئن كان من اختصاص لجنة الامتحان تقدير الدرجة التى يستحقها العامل والاجر الذى يمنح له حسب نتيجة امتحانه فى حرفته الا أنه ليس لها أن تقدر لهذه الحرفة درجة أو أجرا يزيد عن الدرجة أو الاجر المقرر لها فى الكادر.
ومن حيث أن مهنة ميكانيكى آلات كاتبة واردة فى الكشف رقم 8 من الكشوف الملحقة بكادر عمال القنال ومقدرا لها درجة صانع دقيق (300/ 500) وقد وضعته لجنة الامتحان بادئ الامر فى هذه الدرجة وببداية مربوطها فما كان لها أن تعدل هذا التقدير بعد ذلك بدعوى أن درجاته تؤهله لدرجة صانع دقيق ممتاز، ما دام أن مهنته التى يقوم بعملها فعلا لم ترد فى الكشف رقم 9 المخصص لدرجة صانع دقيق ممتاز (360/ 700 مليم) لمهن أخرى ليس من بينها مهنة المدعى التى امتحن فيها ويقوم بعملها فعلا، اذ أنه ولئن كانت لجنة الاختبار تستقل بتقدير كفاية العامل تبعا لاجادته عند تأدية الامتحان المعقود له بغية تحديد درجته وأجره، الا أنه لا يجوز لها أن تخرج عن نطاق ما تضمنته قواعد الكادر ومن ثم فان ما اتخذته الادارة من وضع المطعون ضده فى الدرجة (300/ 500 مليم) المخصصة لمهنة ميكانيكى آلة كاتبة يكون مطابقا للقانون ويتعين إلغاؤه ورفض الدعوى مع الزام رافعها بمصروفاتها.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.