مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 946

(95)
جلسة 21 من مايو سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 349 لسنة 4 القضائية:

مسئولية الادارة - قيامها على خطأ ثابت محقق - الخطأ فى تفسير القوانين وتطبيقها - لا يرتب مسئولية الادارة: اذا كان الامر مما تتفرق فيه وجوه الرأى وتختلف فيه وجهات النظر - ويرتب مسئوليتها اذا خالفت رأيا مستقرا بين رجال المهنة أو الفن - يستوى فى ذلك الخطأ الجسيم أو اليسير - بيان ذلك:
ان مسئولية الادارة لا تترتب الا على خطأ ثابت محقق يسيرا كان او جسيما، اذ الاحكام لا تبنى الا على اليقين لا على ما يقبل الظن أو التأويل القانونى مما تتفرق فيه وجوه الرأى وتختلف فيه وجهات النظر، وكان لكل رأى ما يبرره بحيث لا يمكن القطع بأى الآراء أصح أو على الاقل الارجح قبولا عند جمهرة رجال المهنة أو الفن، وكان عمل الحكومة عند اصدار قرارها كعمل الفنيين من المحامين وامثالهم باعتبارها قائمة على تأويل القوانين وتطبيقها، فانها لا تعتبر قد ارتكبت خطأ الا اذا خالفت ما استقر عليه الرأى، ولم يعد محلا للمناقشة بين رجال المهنة أو الفن، وأصبحت جمهرتهم تسلم به، فعندئذ يبدو الخروج على هذا الرأى المستقر خطأ يرتب المسئولية، جسيما كان هذا الخروج أو يسيرا.

اجراءات الطعن

وفى 26 من مارس سنة 1958 اودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الخامسة) بجلسة 26 من يناير سنة 1958 فى الدعوى رقم 1325 لسنة 10 ق المرفوعة من الدكتور موسى باسليوس، ضد وزارة التربية والتعليم، القاضى "برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات"، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة، الحكم "بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بالتعويض المناسب مع الزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة فى 11 من مايو سنة 1958، وللمدعى فى 10 من مايو سنة 1958 وعين لنظره جلسة 2 من يناير سنة 1960، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الاوراق، تتحصل فى انه بصحيفة اودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 30 من ابريل سنة 1956 أقام المدعى الدعوى رقم 1325 لسنة 10 ق ضد وزارة التربية والتعليم، طلب فيها الحكم بالزام الوزارة بأن تدفع اليه مبلغ 2000 ج ألفى جنيه على سبيل التعويض مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال فى بيان ذلك، انه سبق ان رفع الدعوى رقم 234 لسنة 3 ق، ضد الوزارة، وحكم فيها بجلسة 27 من فبراير سنة 1952 باستحقاقه لتسوية حالته على أساس اعتباره فى الدرجة السادسة من 29 من أكتوبر سنة 1934، وفى الدرجة الخامسة بعد ست سنوات من ذلك التاريخ مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة المصروفات، وقد اقتصرت الوزارة فى تنفيذ ذلك الحكم على صرف الفروق دون ارجاع أقدمية المدعى فى الدرجة الرابعة الى أول اغسطس سنة 1947 بدلا من أول اغسطس سنة 1950 أسوة بزملائه ووفقا للاقدمية التى قررها الحكم، ومن ثم لم يرق الى الدرجة الثالثة فى نسبة الاقدمية فى أول اغسطس سنة 1950 مع صرف الفروق المالية والعلاوات المستحقة له باعتبار ذلك جميعه من الآثار التى تترتب على الحكم، اذ ذكرت المحكمة فى أسباب حكمها ما يأتى "أن المحكمة توجه النظر الى أنه وقد كان عدم ترقية المدعى الى درجة أعلى ملحوظا فيه أنه قد وضع فى الدرجة الخامسة اعتبارا من أول مارس سنة 1946، فلو ان وضعه فيها قد اعتبر من تاريخ سابق أى من 29 من اكتوبر سنة 1940 لاقتضى الامر أن تعيد الادارة النظر فى حالته على اساس التسوية المقررة بمقتضى هذا الحكم، والتى بمقتضاها عدلت اقدميته فى الدرجة الخامسة الى تاريخ سابق على التاريخ الذى رقى فيه، مما قد يؤثر فى مركزه وظيفة ودرجة بالقياس الى زملائه أقدمية وكفاية، وذلك فى الحدود المرسومة بمقتضى القوانين واللوائح" ثم قال المدعى: انه بالرغم من قيامه باعلان ذلك الحكم للوزارة، الا أنها أجابت بأنها لا تستطيع تعديل اقدميته فى الدرجة الرابعة ولا ترقيته الى الدرجة الثالثة بأثر رجعى الا بحكم جديد، ولما كان من حق المدعى - بعد أن عدلت أقدميته فى الدرجة الخامسة الى 29 من اكتوبر سنة 1940 - أن يرقى الى الدرجة الرابعة تنسيقا من أول أغسطس سنة 1947 فى حدود النسبة المقررة بالاقدمية، والى الدرجة الثالثة فى أول أغسطس سنة 1950 وفقا لقواعد التيسير، فقد تظلم الى اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم، طالبا الغاء قرار أول أغسطس سنة 1947، فيما تضمنه من تركه فى الترقية الى الدرجة الرابعة، واعتبار أقدميته فى تلك الدرجة راجعة الى تاريخ القرار المذكور، والغاء قرار أول أغسطس سنة 1950، فيما تضمنه من تركه فى الترقية الى الدرجة الثالثة وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. ولما انقضى أكثر من أربعة اشهر دون ان تقضى اللجنة فى التظلم، أقام المدعى الدعوى رقم 1523 لسنة 8 ق بالطلبات المذكورة. وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1955 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بعدم قبول التظلم لتقديمه بعد الميعاد على أساس أنه كان يتعين على المدعى أن يطعن فى القرارات التى تضمنت تركه فى الترقية فى الميعاد القانونى، فلم يسع المدعى الا رفع هذه الدعوى يطلب الزام الوزارة بالتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تقصيرها وخطئها فى تسوية حالته بوضعه فى الدرجة الخامسة من أول مارس سنة 1946 بدلا من 29 من اكتوبر سنة 1940 وما يترتب على ذلك من تأخير ترقيته الى الدرجة الرابعة حتى أول اغسطس سنة 1950 بدلا من اول اغسطس سنة 1947 أسوة بزملائه الذين رقوا الى الدرجة الثالثة من أول اغسطس سنة 1950، والى الدرجة الثانية من 27 من ديسمبر سنة 1953، وأول ابريل سنة 1954. ويتحصل رد الوزارة على الدعوى فى أن الترقية الى الدرجة الرابعة تنسيقا بالاقدمية - بالقسم الطبى بالوزارة - قد شملت كل من رجعت أقدميته فى الدرجة الخامسة الى 30 من ابريل سنة 1944، وكانت أقدمية المدعى عند اجراء حركة الترقيات على درجات التنسيق فى الدرجة الخامسة ترجع الى أول مارس سنة 1946، ولم تعدل الى سنة 1940 الا بعد انتهاء الحركة التنسيقية، ومن ثم لم تنطبق عليه قاعدة الترقية، وبجلسة 26 من يناير سنة 1958 حكمت المحكمة "برفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها على أنه ". عندما صدر فى 27 من فبراير سنة 1952 الحكم فى الدعوى رقم 234 سنة 3 ق بتسوية حالة المدعى على أساس اعتباره فى الدرجة السادسة من 29 من اكتوبر سنة 1934 وفى الدرجة الخامسة بعد ست سنوات من هذا التاريخ أى من 29 من اكتوبر سنة 1940 قامت الوزارة - باعتراف المدعى فى صحيفة دعواه - بتنفيذ الحكم من حيث صرف جميع الفروق المالية التى ترتبت عليه، ولكن المدعى يعيب على الوزارة عدم ارجاعها اقدميته فى الدرجة الرابعة الى أول اغسطس سنة 1947 بدلا من أول أغسطس سنة 1950، أسوة بزملائه، وبالتالى لم ترقه الى الدرجة الثالثة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1950، وهذا القول مردود بأن المدعى عندما صدر قرار سنة 1947 كان - فى نظر الوزارة، وحسب تفسيرها لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من مايو سنة 1947 باعفاء أطباء الوحدات الصحية الحاصلين على مؤهلات من الخارج من شرط الحصول على شهادة الدراسة الثانوية غير مستحق للترقية الى الدرجة الرابعة، لانه كان قد رقى الى الدرجة الخامسة، فى أول مارس سنة 1946، وكذلك الامر بالنسبة لقرار سنة 1950 كما سلف القول، فاذا كانت المحكمة فى حكمها سالف الذكر قد انتهت الى غير ما ذهبت إليه الوزارة فى تفسير قرار مجلس الوزراء المشار إليه، واعتبرت المدعى مستحقا للترقية الى الدرجة الخامسة من 29 من أكتوبر سنة 1940، فان خطأ الوزارة فى تفسيرها لذلك القرار يعتبر خطأ يسيرا، ومن المسلم به أن الادارة لا تسأل عن خطئها اليسير فى تفسير القوانين واللوائح والقرارات ما دام هذا الخطأ كان بحسن نية ولم يكن الدافع إليه الغرض أو الهوى أو سوء استعمال السلطة، ولم يقدم المدعى أى دليل على أن الوزارة فى تفسيرها قد صدرت عن هوى أو غرض او أساءت استعمال سلطتها.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أنه يعتبر عملا غير مشروع مكونا لركن الخطأ فى المسئولية كل مخالفة قانونية ترتكبها الادارة فى تفسير أو تطبيق القوانين واللوائح، واذ كانت المخالفة القانون قد ثبتت بحكم محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 234 لسنة 3 ق، وقد الحق خطأ الادارة فى تفسير قرار مجلس الوزراء موضوع تلك الدعوى أضرارا مالية لاحقت المدعى فى تدرج حياته الوظيفية، فيكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون عندما قضى برفض الدعوى التعويض.
ومن حيث أن الدعوى تقوم على أن المدعى وقد فاته الطعن فى القرارات الادارية التى تخطئه فى الترقية فى الميعاد القانونى، فأصبحت حصينة من الالغاء، فانه لم يفته طلب التعويض عما لحقه من اضرار بسببها ما دام هذا الحق لم يسقط بالتقادم.
ومن حيث أن المناط فى مساءلة الحكومة بالتعويض عن القرارات الادارية (1) هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الادارى غير مشروع، وذلك اذا شابه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها فى المادة الثالثة من القانون رقم 9 لسنة 1949، وفى المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955، وان يترتب عليه ضرر، وان تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فان كان القرار سليما مطابقا للقانون، فلا تسأل الادارة عنه مهما بلغ الضرر الذى يترتب عليه، لانتفاء ركن الخطأ، فلا مندوحة والحالة هذه من أن يتحمل الناس نشاط الادارة المشروع أى المطابق للقانون.
ومن حيث انه ولئن كانت مساءلة الادارة عن خطئها تقوم (2) - أيا كانت درجة هذا الخطأ، وسواء كان يسيرا أو جسيما، وسواء كان خطأ فنيا أو غير فنى - باعتبار أن الخطأ هو واقعة مجردة قائمة بذاتها متى تحققت أوجبت مسئولية مرتكبها عن تعويض الضرر الناشئ عنها، ولكن بمراعاة الحالات الاستثنائية الخاصة التى قد تلابس اصدار القرار الادارى مثار المساءلة والتفرقة عند وزن مساءلة الدولة (3) بين ما يصدر عنها من تدابير وتصرفات، وهى تعمل فى ظروف عادية تتاح لها فيها الفرص الكافية للفحص والتبصر والروية وبين ما تضطر الى اتخاذه من قرارات واجراءات عاجلة تمليها عليها ظروف طارئة ملحة غير عادية لا تمهل للتدبير عندئذ بميزان مختلف، اذ ما يعد خطأ فى الاوقات العادية قد يكون اجراء مباحا فى أحوال الضرورات الاستثنائية، وبمراعاة كذلك أنه ولئن كانت الادارة تملك فى الاصل حرية وزن مناسبات العمل وتقدير أهمية النتائج التى تترتب على الوقائع الثابتة الا أنه حينما تختلط مناسبات العمل الادارى بمشروعيته، وكانت هذه المشروعية تتوقف على حسن تقدير الامور، خصوصا فيما يتعلق بالحريات العامة، مما يستتبع عندئذ أن يكون المناط فى مشروعية القرار هو أن يكون التصرف لازما لمواجهة حالات معينة من دفع خطر جسيم يهدد الامن والنظام وباعتبار أن هذا الاجراء هو الوسيلة الوحيدة لمنع هذا الضرر. لئن كانت مساءلة الادارة عن خطئها تقوم على الوجه السابق ايضاحه تفصيلا الا أن هذه المسئولية لا تترتب الا على خطأ ثابت محقق، يسيرا كان أو جسيما حسبما تقدم، اذ الاحكام لا تبنى الا على اليقين لا على ما يقبل الظن أو التأويل أو الاحتمال، فاذا كان الامر فى التأويل القانونى مما تتفرق فيه وجوه الرأى وتختلف فيه وجهات النظر، وكان لكل رأى ما يبرره، بحيث لا يمكن القطع بأى الآراء أصح أو على الاقل الارجح قبولا عند جمهرة رجال المهنة أو الفن، وكان عمل الحكومة عند اصدار قرارها كعمل الفنيين من المحامين وأمثالهم باعتبارها قائمة على تأويل القوانين وتطبيقها، فانها لا تعتبر قد ارتكبت خطأ، الا اذا خالفت ما استقر عليه الرأى ولم يعد محلا للمناقشة بين رجال المهنة أو الفن وأصبحت جمهرتهم تسلم به، فعندئذ يبدو الخروج على هذا الرأى المستقر خطأ يرتب المسئولية، جسيما كان هذا الخروج أو يسيرا. وهذا كله هو ما قام عليه قضاء هذه المحكمة فى مساءلة الحكومة.
ومن حيث أنه يبين من استظهار الوقائع، على حسب المساق المتقدم، انه حين صدرت القرارات التى يزعم المدعى انها تخطته فى الترقية بغير حق ما كان يستحق المدعى الترقية على مقتضى القوانين واللوائح النافذة وقتذاك لو انها طبقت تطبيقا صحيحا، ذلك ان قرارات ضم مدد الخدمة السارية حينئذ ما كانت تجيز سوى ضم نصف مدة مزاولته عمله الحر، وبذلك تعتبر اقدميته فى الدرجة السادسة راجعة الى 29 من اكتوبر سنة 1934. اما فيما يتعلق بافتراض الترقية كل ست سنوات من المدة المحسوبة، فان قرارات حساب مدد الخدمة السابقة ما كانت تجيز مثل هذه الترقية على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة (4)، اذ قضت بأن مدة الخدمة السابقة فى العمل الحكومى لا تسمح بترقيات افتراضية خلالها محسوبة من تاريخ حصول الموظف على الدرجة المعادلة لدرجة مؤهله، بل كل ما تسمح به هو اعادته بدرجته وماهيته السابقتين ان أعيد لمثل درجته، على ألا تزيد الماهية على نهاية الدرجة، مع الاحتفاظ له بما اكتسب من اقدمية فى درجته السابقة فى خصوص العلاوة، أو عند النظر فى ترقيته مستقبلا، أما اذا تعذرت الاعادة الى مثل درجته وأعيد لاقل منها، احتسبت له فى أقدميته الدرجة الجديدة الاقدمية التى اكتسبها فى درجاته السابقة ابتداء من تاريخ حصوله على الدرجة المعادلة للدرجة الجديدة، ومتى وضح ذلك فلا يستقيم النظر الذى ذهب اليه المدعى من اقتراض الترقية بعد الدرجة المعادلة لدرجة المؤهل كل ست سنوات، أيا كانت الدرجة التى يبلغها على هذا الافتراض، وأيا كان مرتبها، والا لكان من يعمل فى هيئة شبه حكومية أو فى عمل حر أحسن حالا ممن كان يعمل فى خدمة الحكومة ذاتها، أما ما جاء فى المذكرة المقدمة من اللجنة المالية لمجلس الوزراء فى هذا الشأن من أنه "وتقدر الدرجة والماهية على أساس المؤهل الدراسى ودرجة العمل الحكومى المماثل لعمله، وافتراض حصول ترقيته بعد كل ست سنوات من المدة المحسوبة، فليس المقصود منه افتراض الترقية كل ست سنوات فى الدرجة الجديدة المعادلة للمؤهل الدراسى، واعتباره مرقى الى الدرجات التى تليها على حسب المدد المضمومة أيا كانت الدرجة التى يصل اليها هذا الافتراض، و أيا كان المرتب الذى يبلغه، وانما المقصود منها افتراض الترقية كل ست سنوات فى الدرجات الادنى من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسى، ان كان التماثل بين العمل الحكومى ودرجته وعمله خلال المدة المضمومة يجعله فى درجات أدنى، وذلك كقاعدة تتحدد بها الاقدمية فى تلك المدة تضاف اقدميته فيها الى أقدميته فى الدرجة الجديدة المقررة لمؤهله الدراسى، وهى قاعدة، وان كانت تبدو تحكمية، الا أنه قد دعا اليها افتراض ان الترقية فى الدرجات الادنى من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسى لا تسير فى تلك الهيئات على نمط يتحاذى مع الترقية فيها فى الحكومة، فافترضت الترقية على هذا النحو تنسيقا للاوضاع فى حساب مدد الخدمة السابقة، والوصول بمثل هذا الموظف الى الوضع المنصف له فى الاقدمية وتحديد المرتب فى الدرجة الجديدة، وغنى عن البيان أنه اذا كانت المدة قد قضيت فى هيئة شبه حكومية لا تطبق نظم الحكومة أو فى هيئة خاصة أو عمل حر، فالمفروض أن ليس فيها درجات مماثلة للعمل الحكومى ودرجاته، فلا يمكن ثمت محل لافتراض الترقية ولا مندوحة من اضافة نصف المدة فقط فى حساب أقدمية الدرجة الجديدة المقررة للمؤهل الدراسى وتحديد المرتب فيها على هذا الاساس.
ومن حيث أنه لا يجدى المدعى فى هذا الشأن الحكم الصادر لصالحه من محكمة القضاء الادارى فى 7 من فبراير سنة 1952، الذى قضى "باستحقاق المدعى تسوية حالته على أساس اعتباره فى الدرجة السادسة من 29 من اكتوبر سنة 1943، وفى الدرجة الخامسة بعد ست سنوات من ذلك التاريخ، مع ما يترتب على ذلك من آثار"، لأنه ولئن كان هذا الحكم قد أصبح حائزا لقوة الشئ المقضى به، ويعتبر عنوانا للحقيقة فيما قضى به أيا كانت الحقيقة الموضوعية فيه، وقد نفذته الوزارة بارجاع اقدميته فى الدرجتين السادسة والخامسة طبقا لما قضت به المحكمة، الا أنه فيما يتعلق بمساءلة الحكومة عن تعويض ما يزعم أنه اصابه بسبب عدم ترقيته الى الدرجة الاولى، مع أنه قد فوت على نفسه الطعن فى قرارات الترقية الى تلك الدرجات، وقد حكم بذلك من محكمة القضاء الادارى فى 8 من ديسمبر سنة 1955، فانه يظهر مما سلف ايراده ان الاساس القانونى الذى يقيم عليه المدعى دعواه هذه جد مختلف عليه قانونا، تفرقت فيه وجوه الرأى، وأية ذلك أن قضاء المحكمة الادارية العليا قد استقر على عكس ما قضت به محكمة القضاء الادارى فى حكمها الصادر فى 27 من فبراير سنة 1952 كما توضح آنفا، وبهذه المثابة لا تعتبر الحكومة قد ارتكبت خطأ يرتب مسئوليتها قبل المدعى بالتعويض ما دامت المسألة محل التأويل والاجتهاد، ولم يستقر فيها الرأى، ولم يعد محلا للمناقشة بين رجال القانون، بل على العكس من ذلك كان ما ذهبت اليه الحكومة واتخذته أساسا قانونيا لقرار الترقيات التنسيقية فى أول اغسطس سنة 1947 مطابقا لما ذهب اليه قضاء المحكمة الادارية العليا ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى النتيجة التى انتهى اليها ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا.


(1) راجع الاحكام الصادرة من المحكمة الادارية العليا فى القضايا الرقيمة 1831 لسنة 2 ق، و1565 لسنة 2 ق و1755 لسنة 2 ق فى 2/ 3 و27/ 4 و29/ 6/ 1957 المنشورة بمجموعة المبادئ القانونية التى قررتها هذه المحكمة، السنة الثانية ص 591 و975 و1309.
(2) راجع الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا فى القضية رقم 597 لسنة 2 ق فى 12/ 7/ 1958 المنشور بمجموعة المبادئ القانونية التى قررتها هذه المحكمة - السنة الثانية - العدد الثالث ص 1574.
(3) راجع الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا فى القضية رقم 1517 لسنة 2 ق فى 13/ 4/ 1957 المنشور بالمبادئ القانونية التى قررتها هذه المحكمة - السنة الثالثة - العدد الثانى ص 886.
(4) الحكم الصادر من لامحكمة الادارية العليا فى القضية رقم 1552 لسنة 2 ق فى 2 من مارس سنة 1957 المنشور بمجموعة المبادئ القانونية التى قررتها هذه المحكمة، السنة الثانية - العدد الثانى ص 584