مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 959

(97)
جلسة 21 من مايو سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة على بغدادى ومحمود محمد ابراهيم وعبد المنعم سالم مشهور وحسنى جورجى المستشارين..

القضية رقم 836 لسنة 4 القضائية:

ميزانية - أزهر - تقسيمه فى الميزانية الى وحدات مستقلة: الادارة العامة ثم الكليات ثم المعاهد الدينية ثم المجلة - نتيجة ذلك - نقل الموظف من احدى هذه الوحدات الى الاخرى يسرى عليه الحظر الوارد بالمادة 47/ 2 من قانون نظام موظفى الدولة -أساس ذلك.
أن المناط فى تطبيق المادة 47/ 2 من قانون نظام موظفى الدولة بحظر ترقية المنقول من وزارة أو مصلحة الى وزارة أو مصلحة أخرى الا بعد مضى سنة على الاقل ما لم تكون الترقية فى نسبة الاختيار أو فى درجات المصالح المنشأة حديثا، هو النقل من وحدة الى أخرى مستقلة عنها فى ترقياتها، والمراد فى هذا هو الى أوضاع الميزانية، ويبين من مراجعتها أن الادارة العامة للازهر ثم الكليات ثم المعاهد الدينية ثم المجلة كل منها وحده قائمة بذاتها فيما يتعلق بتدرجها الوظيفى المنتظم للكادرات الثلاثة: الفنى العالى والادارى والفنى المتوسط والكتابى، ولا أدل على ذلك من الملاحظة التى درجت فى الميزانية المذكورة (1956 -1957) عن وظائف المراقبين بالكليات والمعاهد والتى نصت على ما يأتى: (نقلت الوظائف من الكليات والمعاهد لتكون وحدة واحدة تلحق بالادارة العامة). مما مؤداه أن كل وحدة من الوحدات مستقلة عن الاخرى بتدرجها الوظيفى، وعلى ذلك فانه يجب فى تطبيق المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة اعتبارها كذلك، ومما يؤكد هذا النظر ما ورد فى المذكرة الايضاحية للقانون رقم 94 لسنة 1953 فيما يتعلق بتعديل المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد جاء فيها: "ولما كانت بعض الادارات بالمصلحة الواحدة تعتبر كل منها وحدة مستقلة بدرجاتها وترقياتها مما يكون معه النقل من احداها الى الاخرى بمثابة النقل من وزارة أو مصلحة الى أخرى مفوتا على الموظف دوره فى الترقية، فقد ادمجت الفقرتان حتى ينسحب حكم الفقرة الثانية على الاولي". كما أوضحت المذكرة ما هدفت اليه من نص الفقرة التى تقضى بعدم جواز النظر فى ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة الى وزارة أو مصلحة أخرى الا بعد مضى سنة على الاقل من تاريخ نقله ولو حل دوره فى نسبه الترقية بالاقدمية فى المصلحة المنقول اليها، فقالت: "وقو قصد بهذا النص عدم التحايل بنقل الموظفين من وزاراتهم أو مصالحهم لترقيتهم فى وزارات أو مصالح أخرى".

اجراءات الطعن

بتاريخ 9 من اغسطس سنة 1958 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة الطعن رقم 836 لسنة 4 ق المقدم من السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الثالثة أ) بجلسة 12 من يونية سنة 1958 فى القضية رقم 692 لسنة 11 ق المقامة من الشيخ محمد محمد فرج سليم والشيخ عبد التواب عبد الجليل اسماعيل ضد فضيلة الاستاذ الاكبر شيخ الجامع الازهر، والقاضى بالغاء القرار المطعون فيه الصادر فى 31 من ديسمبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطى المدعيين فى الترقية الى الدرجة الرابعة مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الجامع الازهر بالمصروفات.
وبتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1958 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة الطعن رقم 927 لسنة 4 ق المقدم من السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الثالثة أ) بجلسة 17 من يونية سنة 1958 فى القضية رقم 897 لسنة 11 ق المرفوعة من الشيخ محمد أحمد الدهمه ضد فضيلة الاستاذ الاكبر شيخ الجامع الازهر والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه والصادر من مشيخة الازهر بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الرابعة مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليه بالمصروفات.
وطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة للاسباب التى أوردها فى صحيفة طعنيه الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكمين المطعون فيهما وبرفض الدعويين والزام كل من المدعيين بمصروفات دعواه.
أعلنت صحيفة الطعن الاول للمدعيين والازهر فى اليوم الثانى من شهر سبتمبر سنة 1958 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من يناير سنة 1960 وأعلنت صحيفة الطعن الثانى للازهر فى اليوم السادس والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1958 وللمدعى فى الثامن من شهر نوفمبر سنة 1958 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من يناير سنة 1960 وأحيل الطعنان الى المحكمة الادارية العليا لنظرهما بجلسة 12 من مارس سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات وارجأت النطق بالحكم فى الطعن لجلسة 23 من ابريل سنة 1960 ورخصت فى تقديم مذكرات وقدم المدعون مذكرة بدفاعهم كل فى دعواه ومد أجل الحكم لجلسة اليوم 21 من مايو سنة 1960 لاتمام المداولة وقد قررت المحكمة ضم الطعن رقم 927 لسنة 4 ق الى الطعن رقم 836 لسنة 4 ق للارتباط.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع ما رئى لزوما لسماعه من ايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن كلا من الطعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما هو ثابت من أوراق الطعن تتحصل فى أن المدعيين الشيخ محمد محمد فرج سليم والشيخ عبد التواب عبد الجليل اسماعيل رفعا الدعوى رقم 692 لسنة 11 ق ضد فضيلة شيخ الجامع الازهر ورفع الشيخ محمد أحمد الدهمى الدعوى رقم 927 لسنة 4 ق ضد فضيلة شيخ الجامع الازهر وطلب كل من المدعين فى دعواه الغاء قرار لجنة شئون الموظفين بالازهر الصادر فى 30/ 12/ 1956 والقاضى بترقية الاستاذين محمد سعاد جلال ومنصور محمد الشيخ الى الدرجة الرابعة وترقيتهم اليها مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع الزام المدعى عليه بصفته بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماة.
وقال المدعون فى دعوييهم أنه فى سنة 1948 نقل المدعى الاول فى الدعوى 692 لسنة 11 ق الى كلية الشريعة وفى 27/ 11/ 1954 نقل اليها المدعى الثانى فى الدعوى المذكورة وفى 6/ 9/ 1954 نقل اليها أيضا المدعى فى الدعوى 927 لسنة 4 ق وفى سبتمبر 1956 صدر قرار من ادارة الازهر بنقل الاساتذة محمد سعاد جلال ومنصور الشيخ وسليمان رمضان وعلى خليل من المعاهد الدينية الى كلية الشريعة، وفى نوفمبر سنة 1956 خلت درجتان رابعة بكلية الشريعة، وفى ديسمبر سنة 1956 خلت درجة رابعة أخرى فأفصح فى الكلية ثلاث درجات رابعة خالية وفى 30 من ديسمبر سنة 1956 قررت لجنة شئون الموظفين بالازهر ترقية الاستاذين محمد سعاد جلال ومنصور الشيخ للدرجة الرابعة مع أنه لم يمض على نقلهما الى كلية الشريعة سوى أربعة أشهر أو أقل.
وينعى المدعون على هذا القرار مخالفته لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة التى تقضى بعدم جواز النظر فى ترقية موظف منقول من وزارة أو مصلحة الى وزارة أو مصلحة أخرى الا بعد مضى سنة على الاقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية فى نسبة الاختيار ويقول المدعون انهم وبعض زملائهم من مدرسى الكلية قدموا التماسا للمدعى عليه قالوا فيه أن قانون ربط ميزانية الازهر يقضى بوضوح أن كل كلية وحدة على حدة مستقلة فدرجات مدرسيها وترقياتهم واقدمياتهم محصورة فيهم، وتبعا لهذا يعتبر المنقول من المعاهد الدينية الى احدى الكليات منقولا من مصلحة الى مصلحة أخرى فلا يجوز ترقيته الى درجة أعلى من درجته الا بعد مضى سنة كما تقضى بذلك المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن أجل ذلك تكون ترقية المنقولين من المعاهد الى كلية الشريعة قبل مضى السنة مخالفة لما يقضى به القانون.
أجاب الجامع الازهر على الدعوى 692 لسنة 11 ق بقوله انه بالاطلاع على ميزانية سنة 56 - 1957 يتضح أن الازهر بفروعه وحدة مالية واحدة حيث لا تستقل كل كلية أو معهد باعتماد معين على الوجه الذى تقوم عليه ميزانية كل مصلحة من المصالح التى تعتبر وحدة واحدة مستقلة بذاتها فايرادها غير مقسمة الى وحدات ومصروفاتها ليست كذلك مقسمة الى وحدات فيما عدا البند الاول الخاص بالاجر والمرتبات فمقسم الى درجات دائمة ومؤقتة وخارجة عن هيئة العمال وقد وزع كل نوع من الدرجات على حدة توزيعها عدديا بحسب حاجة كل وحدة واستكمال جهازها بغض النظر عن التنسيق الهرمى الواجب اعتباره فى كل مصلحة مستقلة متميزة. ولما كان النقل من المعاهد الى احدى الكليات لا يكون الا من بين المدرسين الحاصلين على شهادة العالمية من درجة استاذ ويرشحهم مجلس الكلية للنقل اليه حسب حاجتها الى المادة أو المواد التى تخصصوا فيها وحسب الكراسى الشاغرة بالكلية والمذهب الذى يتطلبه شغل هذه الكراسى، ولما كان الاستاذان المطعون فى ترقيتهما قد نقلا الى كلية الشريعة ضمن القرار 429 فى الثانى من سبتمبر سنة 1956 لشغل وظائف التدريس الخالية بالكلية لوجود نقص فى مدرسى فقه السادة المالكية والحنفية وعلوم القرآن الكريم لذلك فان نقل كل من الشيخ محمد سعاد جلال ومنصور محمد الشيخ من معهد القاهرة الى كلية الشريعة لا يعتبر نقلا من مصلحة الى أخرى وبالتالى لا يسرى على هذا النقل شرط السنة المنصوص عليها فى المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة وأن قرار ترقيتهما قد صدر صحيحا لا يستوجب الغاءه وانه فضلا عن ذلك فقد أيد ديوان الموظفين بكتابه رقم 59 - 3 جـ 2 المؤرخ 19 من فبراير سنة 1956 رأى الجامع الازهر فقد أفاد بأنه وان كانت وظائف كل كلية من كليات الجامع الازهر ووظائف المعاهد الدينية كل منها وحدة منفصلة عن الاخرى فى ميزانية السنة المالية 1956/ 1957 الا أن هذه الوحدات لا تعتبر لكل منها صفة المصلحة المستقلة اذ تجمعها جهة واحدة هى الجامع الازهر، ولما كان النص الوارد فى المادة 47 هو حكم استثنائى لا يجوز التوسع فى تطبيقه ويجب لاعماله أن يكون النقل من مصلحة أو وزارة الى مصلحة أو وزارة أخرى، فلا يسرى فى حالة النقل على الوحدات الادارية داخل المصلحة الواحدة أو الوزارة فى حالة النقل ما دام لم يكن من مصلحة الى أخرى.
وبمثل هذا الدفاع أجاب الجامع الازهر على الدعوى رقم 927 لسنة 4 ق وأضاف اليه دفعا بعدم قبول الدعوى تأسيسا على أنه يبين من الدعوى رقم 692 لسنة 11 ق المرفوعة من الاستاذين محمد محمد فرج سليم وعبد التواب عبد الجليل اسماعيل (وهى الدعوى موضوع الطعن رقم 836 لسنة 4 ق) والتى طلبا فيها الغاء نفس القرار المطعون فيه أن المذكورين أقدم من المدعى فى الدرجة الخامسة فالمدعى رقى الى الدرجة الخامسة حسبما جاء بصحيفة دعواه فى 17/ 11/ 1953 فى حين أن الاستاذ محمد محمد فرج سليم رقى اليها فى 17/ 11/ 1951 والاستاذ عبد التواب عبد الجليل اسماعيل رقى اليها فى 24/ 1/ 1952 وحيث أن الحركة جرت بالاقدمية فيستحقان الترقية دونه ولا تكون هناك درجة خالية يرقى اليها وبذلك لا تكون له مصلحة شخصية مباشرة فى الغاء القرار، لأن المصلحة فى دعوى الالغاء معناها أن يكون الطاعن فى مركز قانونى خاص أو حالة قانونية خاصة بالنسبة الى القرار المطعون فيه من شانها ان تجعله مؤثرا فى مصلحة ذاتية للطالب تأثيرا مباشرا.
وقد أودع الجامع الازهر ملفات خدمة المدعين واعيد ملف خدمة الاستاذ محمد أحمد الدهمى وكذلك أودع محضر لجنة شئون الموظفين جلسة 30 من ديسمبر سنة 1960 وقد جاء فيه: (فى شغل الدرجتين الرابعة الخاليتين من الكادر الفنى العالى والمخصصتين لمدرسين فى كلية الشريعة وعلى التقارير السرية والتحقق من شرط الترقية والاطلاع على الشكاوى المقدمة من بعض مدرسى كلية الشريعة بهذا الصدد قررت اللجنة أولا ترقية كل من الشيخين محمد سعاد جلال ومنصور محمد الشيخ المدرسين بهذه الكلية من الدرجة الخامسة الفنية الى الدرجة الرابعة بالاقدمية المطلقة ثانيا - لا محل للشكوى المقدمة من المشايخ محمود شوكت العدوى، وعبد التواب عبد الجليل اسماعيل، ومحمد محمد فرج سليم لأن هذه الشكوى أساسها اعتبار المعاهد الدينية مصلحة قائمة بذاتها والكليات التابعة للأزهر كل منها مصلحة أخرى وذلك غير صحيح وان كانت وحدات متمايزة منفصلة تحت عنوان جهة واحدة هى الجامع الازهر والمعاهد الدينية)، وقد اعتمد هذا القرار من فضيلة الاستاذ الاكبر شيخ الجامع الازهر فى 31 من ديسمبر سنة 1956.
ومن حيث أن محكمة القضاء الادارى قضت فى كل من الدعويين بحكميها المطعون فيهما بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعين فى الترقية الى الدرجة الرابعة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجامع الازهر بالمصروفات. وأقامت قضاءها فى الدعويين على انه بالاطلاع على ميزانية الازهر عن عام 1956/ 1957 وهو العام الذى صدر فيه القرار المطعون فيه ان وظائف ودرجات كل كلية من الكليات والمعاهد الدينية والاقسام وردت مستقلة عن الاخرى فقد انفردت كل كلية كما انفردت المعاهد والاقسام بوظائفها المختلفة والدرجات المحددة لكل وظيفة وأن توزيع هذه الوظائف والدرجات على هذه الهيئات يفيد اعتبار كل منها وحدة مالية مستقلة عن الاخرى لها كيانها الخاص القائم بذاته منفصلا عن غيره مما يدل على اعتبارها وحدة مستقلة فى معنى المادة 47 من قانون التوظف بحيث لا يجوز ترقية المنقول من قسم الى آخر سواء من كلية الى اخرى أو من المعاهد والاقسام الى احدى الكليات وبالعكس الا بعد استيفاء قيد السنة المنصوص عليه فى المادة 47 ولا حجة فيما ذهبت إليه الوزارة وديوان الموظفين من انها تجمعها جميعا وحدة واحدة هى الجامع الازهر فان ذلك لا ينفى استقلال كل وحدة من الوحدات فى داخل الازهر فى مجموعه وان احتفاظ كل منها بصفة الوحدة المالية المستقلة على الوجه الوارد فى قانون الميزانية يؤكد اعتبارها اقساما ومصالح مختلفة فى حكم المادة 47 من قانون التوظف وان المطعون ضدهما وقد نقلا من المعاهد والاقسام فى 2 من سبتمبر سنة 1956 الى كلية الشريعة ورقيا الى الدرجة الرابعة المخصصة لوظيفة مدرسى ( أ ) فى 31 من ديسمبر سنة 1956 قبل مضى سنة من تاريخ نقلهما فان قرار ترقيتهما يكون مخالفا للقانون.
ومن حيث ان الطعنين المقدمين من السيد رئيس هيئة المفوضين فى هذين الحكمين يقومان على أنه لا سبيل الى اعتبار معاهد وكليات الازهر كل منها بمثابة مصلحة مستقلة يسرى على النقل منها أو اليها القيد المنصوص عليه فى المادة 47 من قانون نظام الموظفين إذ أن الازهر بجميع فروعه والكليات والمعاهد التابعة له يعتبر بمثابة مصلحة واحدة وان تعددت الوحدات المالية المستقلة، ومن ثم فان النقل من احدى الكليات الى الاخرى أو من المعاهد الى الكليات وما الى ذلك يعتبر بصورة كافة من قبيل النقل داخل مصلحة واحدة، فلا يسرى على المنقول تبعا لذلك قيد السنة الوارد فى المادة 47 من قانون نظام الموظفين.
ومن حيث أن المادة 47 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص فى فقرتها الاولى على أنه "يجوز نقل الموظف من ادارة الى أخرى، ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة الى مصلحة أو وزارة أخرى اذا كان النقل لا يفوت عليه دوره فى الترقية أو كان بناء على طلبه" وتنص فى فقرتها الثانية على أنه "ومع ذلك لا يجوز النظر فى ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة الى وزارة أو مصلحة أخرى الا بعد مضى سنة على الاقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية فى نسبة الاختبار أو فى درجات المصالح المنشأة حديثا" وهذا القيد هو استثناء من الاصل العام الذى يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقا للقواعد العامة، ويجب تفسيره فى حدود الحكمة التشريعية التى قام عليها، وهى منع التحايل لايثار الموظف المنقول بترقيته فى الجهة المنقول اليها فى نسبة الاقدمية وحرمان من كان يصيبه الدور فى الترقية لولا مزاحمة المنقول له فى فرصة الترقية فيحجبه بحكم أقدميته، ويبين من ذلك أن سياسة التشريع فى هذا الشأن فى ضوء حكمته تقوم على افتراض موظفين فى وحدتين مستقلتين بأقدمياتهما وترقياتهما، فيتدخل النقل من احداهما الى الاخرى فيغير تكافؤ الفرص فى الترقية، وهو ما أراد القانون تنظيمه على الوجه المبين فى تلك المادة، ولو أخذ بوجهة نظر الازهر ومن ورائه ديوان الموظفين لامتنع تطبيق هذه المادة بالنسبة للازهر، وان الازهر من وجهة التنظيم الادارى هو مصلحة واحدة بصرف النظر عن فروعه المختلفة التى قد تعتبر بحسب اوضاع الميزانية وحدات قائمة بذاتها فى الترقية.
ومن حيث أنه لما تقدم وما دام أن المناط هو النقل من وحدة الى أخرى مستقلة عنها فى ترقياتها، فان المراد فى هذا هو الى اوضاع الميزانية ويبين من مراجعتها ان الادارة العامة للازهر ثم الكليات ثم المعاهد الدينية، ثم المجلة كل منها وحدة قائمة بذاتها فيما يتعلق بتدرجها الوظيفى المنتظم للكادرات الثلاثة: الفنى العالى والادارى والفنى المتوسط والكتابى، ولا أدل على ذلك من الملاحظة التى درجت فى الميزانية المذكورة (1956 - 1957) عن وظائف المراقبين بالكليات والمعاهد والتى نصت على ما يأتى: "نقلت الوظائف من الكليات، والمعاهد لتكون وحدة واحدة تلحق بالادارة العامة). مما مؤداه أن كل وحدة من الوحدات مستقلة عن الاخرى بتدرجها الوظيفى. وعلى ذلك فانه يجب فى تطبيق المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة اعتبارها كذلك، ومما يؤكد هذا النظر ما ورد فى المذكرة الايضاحية للقانون رقم 94 لسنة 1953 فيما يتعلق بتعديل المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد جاء فيها "ولما كانت بعض الادارات بالمصلحة الواحدة تعتبر كل منها وحدة مستقلة بدرجاتها وترقياتها مما يكون معه النقل من احداها الى الاخرى بمثابة النقل من وزارة أو مصلحة الى اخرى مفوتا على الموظف دوره فى الترقية، فقد أدمجت الفقرتان حتى ينسحب حكم الفقرة الثانية على الاولي". كما أوضحت المذكرة ما هدفت إليه من نص الفقرة التى تقضى بعدم جواز النظر فى ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة الى وزارة أو مصلحة أخرى الا بعد مضى سنة على الاقل من تاريخ نقله، ولو حل دوره فى نسبه الترقية بالاقدمية فى المصلحة المنقول اليها، فقالت: "وقد قصد بهذا النص عدم التحايل بنقل الموظفين من وزاراتهم أو مصالحهم لترقيتهم فى وزارات أو مصالح أخرى.
وعلى الاساس المتقدم، وما دام ان ترقية المطعون فى ترقيتهما تمت قبل مضى السنة المنصوص عليها فى تلك المادة فتكون الترقية والحالة هذه مخالفة للقانون، ويتعين الغاء القرار الصادر بها.
ومن حيث أن الثابت ان الوظائف التى تمت الترقية اليها بالقرار المطعون فيه اثنتان يتنازعهما المدعون الثلاثة وغيرهم من المدرسين، ممن لم يتقدم بدعوى، وما دام ان الغاء القرار يستتبع اعتباره معدوما فمقتضى هذا أن يعاد النظر فى الترقية فى الوقت الذى تمت فيه على الاساس القانونى السليم بترقية من يستحق الترقية فى ذلك التاريخ بالاقدمية فى نسبتها، وبالاختبار فى نسبته.
ومن حيث أنه لما تقدم يتعين تعديل الحكمين المطعون فيهما بالغاء القرار الصادر من مشيخة الازهر فى 31 من ديسمبر سنة 1956 بترقية الاستاذين محمد سعاد جلال ومنصور محمد الشيخ الى الدرجة الرابعة بالاقدمية قبل مضى سنة على نقلهما الى كلية الشريعة، وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المتقدم بيانه وتأييد الحكمين فيما قضيا به من الزام الحكومة بمصروفات الدعويين.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفى موضوعهما بتعديل الحكمين المطعون فيهما، وبالغاء القرار الصادر من مشيخة الازهر فى 31 من ديسمبر سنة 1956 بترقية الاستاذين محمد سعاد ومنصور محمد الشيخ الى الدرجة الرابعة قبل مضى سنة على نقلهما الى كلية الشريعة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالاسباب، وبتأييده فيما عدا ذلك.