مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 1031

(105)
جلسة 21 من مايو سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة على بغدادى ومحمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل اسماعيل وحسنى جورجى المستشارين.

القضية رقم 184 لسنة 5 القضائية:

موظف - موظف منسى - علاوة الثلاثين سنة - قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 فى هذا الشأن - مناط الافادة منه - أن يكون الموظف المنسى متخلفا فى الدرجتين الاخيرتين مدة ثلاثين سنة عند صدوره - لا يعتبر الموظف منسيا، فى حكم هذا القرار، اذا أدركته الترقية الى درجة أعلى قبل صدور القرار المشار اليه ورغم قضائه النصاب الزمنى المتطاول فى درجتين متتاليتين - أساس ذلك.
يبين من مراجعة قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950، والذى صدر تنفيذا له كتاب المالية الدورى رقم ف 234 - 245 - 12 المؤرخ 23 من يوليه سنة 1950، أنه كان يقضى بأن "كل موظف أو مستخدم من الدرجة الخامسة فأقل قضى بعد 30 من يونية سنة 1943 لغاية 25 من يونية سنة 1950 ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين يمنح من التاريخ الأخير علاوة من علاوات درجته الحالية ولو تجاوز بها نهاية مربوط هذه الدرجة" - ويستفاد من هذا النص أن مناط الافادة من القرار المذكور أن يكون الموظف المنسى متخلفا فى الدرجتين الاخيرتين مدة ثلاثين سنة عند صدور القرار المشار اليها، وقد استصحب واضع هذه القاعدة التنظيمية فى خلده أن يكون الموظف المنسى قد قضى هذا الامد البعيد فى الدرجتين الاخيرتين عند صدور ذلك القرار، لانه بهذا الشرط المحتم الذى يقتضيه قرار مجلس الوزراء يعتبر الموظف متخلفا وراسبا بحق فى درجتين متتاليتين رسوبا يستدعى منحه هذه العلاوة. أما من أدركته الترقية الى درجة أعلى قبل صدور قرار مجلس الوزراء المشار اليه فى 25 من يونية سنة 1950، وبعد ركود متطاول فى درجتين سابقتين متتاليتين، فلا يعتبر فى حكم القرار المشار إليه راسبا منسيا، لأنه قد عوض بهذه الترقية اللاحقة تعويضا ينفى عنه وصف الموظف المنسى. يؤكد هذا الفهم أن قرارات الانصاف وقوانينه الصادرة على التوالى فى 30 من يناير سنة 1944 و25 من يونيه سنة 1950 والمادة 40 مكررا فى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة - وهى قرارات تتجه شطر هدف واحد وتسرى فيها روح واحدة هى انصاف قدامى الموظفين - هذه القرارات تنحى جميعا هذا المنحى فلا يعتبر راكدا منسيا فى حكمها الا من لم تصبه الترقية بعد قضاء النصاب الزمنى المتطاول فى درجتين أو ثلاث درجات متتالية باستصحاب الدرجة الاخيرة فى ضمن الدرجتين أو الثلاث درجات المشار اليها. وعليه فان من تخلف فى درجتين متتاليتين سابقتين طوال ثلاثين سنة ولكنه لم يستكمل هذه النصاب الزمنى الطويل بالنسبة الى الدرجتين الاخيرتين لا ينطبق عليه قرار 25 من يونية سنة 1950، لكونه قد أصاب بالترقية الأخيرة ما يعوضه عن هذا الانصاف، يقطع فى ذلك أن المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة وهى الحلقة الاخيرة التى اكتمل بها انصاف المنسيين، ولخصت بأحكام منحى الشارع فى هذا السبيل، قد وضعت حكما دائما للترقية بقوة القانون الى الدرجة التالية بصفة شخصية فاستوجبت - طبقا لتعديلها الأخير المستحدث بالقانون رقم 322 لسنة 1956 - لانصاف الموظف المنسى بالترقية المشار اليها أن يكون قد "قضى.. حتى تاريخ نفاذ هذا القانون خمس عشرة سنة فى درجة واحدة أو خمسا وعشرين سنة فى درجتين متتاليتين أو ثلاثين سنة فى ثلاث درجات متتالية, ويكون قد قضى فى الدرجة الاخيرة ثلاث سنوات على الاقل, كى يعتبر مرقى الى الدرجة التالية بصفة شخصية ما لم يكن التقريران الأخيران عنه بدرجة ضعيف" ولا جدال فى أن حساب هذا النصاب الزمنى المشترط قضاؤه فى درجتين متتاليتين أو ثلاث درجات متتالية بحسب الأحوال, قد أريد به ان يندرج فيه ما قضى فى الدرجة الأخيرة أو الدرجة الحالية عند صدور النص المتقدم الذكر, وهذا الذى هدف اليه الشارع واضح القسمات فى كافة التعديلات التى تعاقبت من قبل على حكم المادة 40 مكررا من قانون موظفى الدولة.
وتمشيا مع هذا النهج واستلهاما لهذه الروح يتعين تأويل قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 بحيث يمتنع استحقاق الموظف المنسى لعلاوة الثلاثين سنة، رغم استكماله شرط النصاب الزمنى الواجب قضاؤه فى درجتين متتاليتين، بسبب ترقيته الى درجة أعلى بعد ذلك وقبل صدور القرار آنف الذكر، على اعتبار أن واضع هذا القرار لم ينصرف قصده أبدا الى أن يولى الموظف المنسى هذا الوجه من وجوه الانصاف بعد أن عوض عن هذا الركود المتطاول بالترقية التى أصابته قبل صدوره.

اجراءات الطعن

فى 14 من يناير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 184 لسنة 5 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (هيئة التسويات). وبجلسة 24 من نوفمبر سنة 1958، فى الدعوى رقم 453 لسنة 10 القضائية المقامة من السيد/ عبد الوهاب محمد السواح ضد وزارة الداخلية والقاضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه واستحقاق المطعون ضده لعلاوة الثلاثين سنة بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء فى 25 من يونية سنة 1950 وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات، وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه، الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه مع الزام الطاعن المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن الى وزارة الداخلية فى 4 من فبراير سنة 1959 والى المطعون عليه فى 7 من الشهر ذاته. وفى 25 من يناير سنة 1960 أبلغ الخصوم بجلسة 14 من فبراير سنة 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى أحالته الى المحكمة الادارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 26 من مارس سنة 1960. وفى هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المطعون عليه قدم التظلم رقم 39 لسنة 2 القضائية الى اللجنة القضائية لوزارة الداخلية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة فى 6 من أكتوبر سنة 1953 ذكر فيها انه التحق بخدمة وزارة الداخلية فى وظيفة خارج عن هيئة العمال اعتبارا من أول أغسطس سنة 1913 وظل فيها الى أن عين كاتبا درجة رابعة فى أول أبريل سنة 1919 ولما عدلت الدرجات فى سنة 1921 اعتبر فى الدرجة (ج) من بدء تعيينه فى أول أغسطس سنة 1913 وتدرج راتبه الشهرى على هذا الاساس حتى بلغ 500 مليم و9 جنيهات فى أول أغسطس سنة 1920 ووقع اقرارا بقبول نقله الى الدرجات الجديدة على استمارة خاصة بذلك، وأنه رقى بعد ذلك الى الدرجة السابعة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1935 ثم الى الدرجة السادسة فى أول مايو سنة 1946 ثم الى الدرجة الخامسة فى أول مارس سنة 1952 وأحيل الى المعاش اعتبارا من 15 من سبتمبر سنة 1952 وأنه قد أمضى ثلاثين سنة أو يزيد فى الدرجتين الثامنة والسابعة فى المدة ما بين أول أغسطس سنة 1913 حتى 30 من ابريل سنة 1946 ولذلك فانه يستحق علاوة الثلاثين سنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 والذى قضى بمنح الموظفين الذين قضوا ثلاثين سنة فى درجتين بعد أول يولية سنة 1943 علاوة من علاوات درجاتهم المالية وقت صدور القرار المتقدم ذكره وانه طلب من محافظة القناة التى كان يتبعها منح هذه العلاوة فلما راجعت إدارة المستخدمين بالوزارة فى هذا الكتاب أعلمت هذه الادارة المحافظة فى 24 من يولية سنة 1952 بأنها تأسف لعدم امكانها التسليم بهذا الطلب وأنه تشكى من هذا القرار تارة الى المحافظة وطورا الى الوزارة وبعد بحث واستعجال من جانب المحافظة، أخطرت وزارة الداخلية المحافظة فى 17 من سبتمبر سنة 1953 بافهام صاحب المعاش بأن الوزارة تأسف لعدم امكان منحه علاوة الثلاثين سنة، ويقول المدعى ان معاشه سوى على أساس عدم احتساب هذه العلاوة رغم ثبوت استحقاقه لها بموجب قرارى مجلس الوزراء فى سنتى 1944، 1950، ورغم منحها لزملاء له فى مثل وضعه، ولهذا فقد ختم تظلماته بطلب منح العلاوة المشار اليها وتعديل معاشه على أساس مقدار مرتبه مضافا اليه العلاوة المذكورة مع صرف الفروق التى تترتب على ذلك. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944 لا ينطق على المدعى، لانه يقضى بأن "يمنح علاوة لكل من قضى ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين ولم يتم فى الاخيرة خمس عشرة سنة مع سريان هذا على رقى قبل أول يوليه سنة 1943" ولان المدعى لم يكن قد أمضى فى الدرجتين الثامنة والسابعة حتى 30 من يونية سنة 1943 سوى 29 سنة و11 شهر، فهو لا يتوافر فيه شرط استحقاق هذه العلاوة طبقا لهذا القرار، أما قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 القاضى بمنح علاوة الثلاثين سنة لمن أمضى ثلاثين سنة فى درجتين لغاية 25 من يونية سنة 1950 فلا ينطبق عليه لانه بعد اذ رقى الى الدرجة السادسة فى أول مايو سنة 1946، لم يعد ممن يفيد من هذا القرار لانه لم يقض فى الدرجتين السابعة والسادسة لغاية تاريخ قرار مجلس الوزراء المشار اليه ثلاثين سنة.
بجلسة 2 من فبراير سنة 1954 أصدرت اللجنة القضائية قرارها بـ "عدم قبول التظلم والزام المتظلم بالرسوم المستحقة" واستندت فى هذا الى أوجه دفاع الوزارة المدعى عليها. وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 27 من نوفمبر سنة 1955 طعن المدعى فى قرار اللجنة القضائية سالف الذكر بالدعوى رقم 453 لسنة 10 القضائية مؤسسا طعنه على أن قرار مجلس الوزراء فى 25 من يونية سنة 1950 صريح فى منح هذه العلاوة لمن استكمل هذه المدة فى الفترة من 30 من يونية سنة 1943 و25 من يونية سنة 1950. وان الطاعن قضى فى الدرجتين الثامنة والسابعة حتى أول مايو سنة 1946 أكثر من ثلاثين سنة وبذلك توافر فيه شرط الافادة من ذلك القرار. وبجلسة 24 من نوفمبر سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الادارى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه واستحقاق المطعون ضده لعلاوة الثلاثين سنة بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء فى 25 من يونية سنة 1950 وما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أنه "وقد سويت حالته (أى حالة المطعون عليه) فى الدرجة الثامنة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1935 فانه يكون قد أمضى ثلاثين سنة فى الدرجتين الثامنة والسابعة فى أول أغسطس سنة 1943 أى بعد آخر يونية سنة 1943 وهو التاريخ الذى تستند اليه الوزارة المدعى عليها وفقا لاحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى هذا الشأن"، وعلى "أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944 والصادر بأحكامه كتاب المالية الدورى رقم ف 234 - 1/ 302 الصادر فى 10 من فبراير سنة 1944 بقواعد الانصاف قد نص فى المادة 10 فقرة هـ على أن يمنح علاوة لكل من قضى 30 سنة فى درجتين متتاليتين ولو لم يتم فى الدرجة الاخيرة خمس عشرة سنة مع سريان هذا على من رقى قبل أول يولية سنة 1943". وعلى "أنه بتاريخ 25 من يونية سنة 1950 صدر قرار مجلس الوزراء وهو يقضى بأن كل موظف أو مستخدم من الدرجة الخامسة فأقل يكون قد أمضى بعد 30 من يونيه سنة 1943 وقبل 25 من يونية سنة 1950 مدة ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين يمنح فى التاريخ الاخير علاوة من علاوات درجته المالية ولو تجاوز بها مربوط هذه الدرجة"، وعلى أن "أن الطاعن (وهو المطعون عليه فى الطعن الحالى) وقد أمضى مدة الثلاثين سنة فى الدرجتين الثامنة والسابعة فى أول أغسطس سنة 1943 فانه يستحق علاوة من علاوات الدرجة السادسة اعتبارا من تاريخ صدوره قرار مجلس الوزراء المشار اليه الذى استحدث هذا الحق من تاريخ نفاذه واذ قضى قرار اللجنة القضائية بغير ذلك يكون قد خالف القانون".
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن "الطاعن لم يمض عليه حتى 25 من يونية سنة 1950 ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين اذ أنه رقى الى الدرجة السابعة فى أول أغسطس سنة 1935 وفى الدرجة السادسة فى أول مايو سنة 1946 ومن ثم فانه لا تتوافر فيه شروط الافادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 الذى يجعل استحقاق العلاوة الجديدة رهينا بأن يكون الموظف من الدرجة الخامسة فأقل قد أمضى ثلاثين سنة فى درجتين متعاقبتين بعد 30 من يونية سنة 1943 حتى 25من يونية سنة 1950 وهذه العلاوة هى من فئة علاوات الدرجة الأخيرة ولو تجاوزيها الموظف نهاية مربوط هذه الدرجة"، كما يقوم على أنه "لا اعتداد بالقول بأن الطاعن وقد اعتبر فى الدرجة الثامنة من أول أغسطس سنة 1913 والدرجة السابعة من أول أغسطس سنة 1935 يكون قد أمضى أكثر من ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين بعد 30 من يونية سنة 1943 اذ المناط فى استحقاق العلاوة حسبما سلف البيان هو رسوب الموظف بعد هذا التاريخ مدة ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين فى 25 من يونية سنة 1950، الامر الذى تخلف فى شأن الطاعن بترقيته الى الدرجة السادسة فى أول مايو سنة 1950، واذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فانه يكون قد خالف القانون".
ومن حيث انه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الاوراق أن المطعون عليه حصل على شهادة الدراسة الابتدائية فى شهر يونية سنة 1910 ثم التحق بحكمدارية بوليس القبة فى وظيفة نفر متطوع وقد عين كاتبا مؤقتا فى أول أبريل سنة 1919 ثم كاتبا مؤقتا على وظيفة دائمة فى أول ابريل سنة 1920 وفى تعديل الدرجات اعتبر كاتبا فى الدرجة (ج) وبهذا عد بموجب التسوية الواردة فى الانموذج رقم 1 بملف خدمته أنه كاتب من الدرجة الثامنة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1913 تاريخ تعيينه الاول ثم حصل على الدرجة السابعة فى أول أغسطس سنة 1930 ومنح الدرجة السادسة فى أول مايو سنة 1946 والدرجة الخامسة فى أول مارس سنة 1952 وأحيل الى المعاش اعتبارا من 15 من سبتمبر سنة 1952 ولم يسلم له سركى المعاش الا فى 3 من أغسطس سنة 1953، وقد أقام دعواه الحالية أمام اللجنة القضائية فى 6 من أكتوبر سنة 1953 على ما سلف البيان.
ومن حيث انه يبين من مراجعة قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 والذى صدر تنفيذا له كتاب المالية الدورى رقم ف 234 - 245 - 12 المؤرخ 23 من يولية سنة 1950، انه كان يقضى بأن "كل موظف أو مستخدم من الدرجة الخامسة فأقل قضى بعد 30 من يونية سنة 1943 لغاية 25 من يونيه سنة 1950 ثلاثين سنة فى درجتين متتاليتين يمنح من التاريخ الاخير علاوة من علاوات درجته الحالية ولو تجاوز بها نهاية مربوط هذه الدرجة". ويستفاد من هذا النص أن مناط الافادة من القرار المذكور أن يكون الموظف المنسى متخلفا فى الدرجتين الاخيرتين مدة ثلاثين سنة عند صدور القرار المشار اليه، وقد استصحب واضع هذه القاعدة التنظيمية فى خلده أن يكون الموظف المنسى قد قضى هذا الأمد البعيد فى الدرجتين الاخيرتين عند صدور ذلك القرار، لانه بهذا الشرط المحتم الذى يقتضيه قرار مجلس الوزراء يعتبر الموظف متخلفا وراسبا بحق فى درجتين متتاليتين رسوبا يستدعى منحه هذه العلاوة. أما من أدركته الترقية الى درجة أعلى قبل صدور قرار مجلس الوزراء المشار إليه فى 25 من يونيه سنة 1950، وبعد ركود متطاول فى درجتين سابقتين متتاليتين، فلا يعتبر فى حكم القرار المشار إليه راسبا منسيا، لانه قد عوض بهذه الترقية اللاحقة تعويضا ينفى عنه وصف الموظف المنسى. يؤكد هذا الفهم أن قرارات الانصاف وقوانينه الصادرة على التوالى فى 30 من يناير سنة 1944 و25 من يونية سنة 1950 والمادة 40 مكررا فى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة - وهى قرارات تتجه شطر هدف واحد وتسرى فيها روح واحدة هى انصاف قدامى الموظفين - هذه القرارات تنحو جميعا هذا المنحى فلا يعتبر راكدا منسيا فى حكمها الا من لم تصبه الترقية بعد قضاء النصاب الزمنى المتطاول فى درجتين أو ثلاث درجات متتالية باستصحاب الدرجة الأخيرة فى ضمن الدرجتين أو الثلاث درجات المشار اليها. وعليه فان من تخلف فى درجتين متتاليتين سابقتين طوال ثلاثين سنة ولكنه لم يستكمل هذه النصاب الزمنى الطويل بالنسبة الى الدرجتين الاخيرتين لا ينطبق عليه قرار 25 من يونية سنة 1950، لكونه قد أصاب بالترقية الاخيرة ما يعوضه عن هذا الانصاف. يقطع فى ذلك أن المادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة وهى الحلقة الأخيرة التى اكتمل بها انصاف المنسيين، ولخصت باحكام منحى الشارع فى هذا السبيل - قد وضعت حكما دائما للترقية بقوة القانون الى الدرجة التالية بصفة شخصية فاستوجبت - طبقا لتعديلها الأخير المستحدث بالقانون رقم 322 لسنة 1956 -لانصاف الموظف المنسى بالترقية المشار اليها ان يكون قد "قضى.. حتى تاريخ نفاذ هذا القانون خمس عشرة سنة فى درجة واحدة أو خمسا وعشرين سنة فى درجتين متتاليتين أو ثلاثين سنة فى ثلاث درجات متتالية، ويكون قد قضى فى الدرجة الأخيرة ثلاث سنوات على الاقل"، كى يعتبر مرقى الى الدرجة التالية بصفة شخصية ما لم يكن التقريران الاخيران عنه بدرجة ضعيف. "ولا جدال فى أن حساب هذا النصاب الزمنى المشترط قضاؤه فى درجتين متتاليتين أو ثلاث درجات متتالية بحسب الاحوال، قد أريد به أن يندرج فيه ما قضى فى الدرجة الاخيرة أو الدرجة الحالية عند صدور النص المتقدم الذكر. وهذا الذى هدف اليه الشارع واضح القسمات فى كافة التعديلات التى تعاقبت من قبل على حكم المادة 40 مكررا من قانون موظفى الدولة.
ومن حيث انه تمشيا مع هذا النهج واستلهاما لهذه الروح يتعين تأويل قرار مجلس الوزراء الصادر فى 25 من يونية سنة 1950 بحيث يمتنع استحقاق الموظف المنسى لعلاوة الثلاثين سنة، رغم استكماله شرط النصاب الزمنى الواجب قضاؤه فى درجتين متتاليتين، بسبب ترقيته الى درجة أعلى بعد ذلك وقبل صدور القرار آنف الذكر، على اعتبار أن واضع هذا القرار لم ينصرف قصده أبدا الى أن يولى الموظف المنسى هذا الوجه من وجوه الانصاف بعد أن عوض عن هذا الركود المتطاول بالترقية التى أصابته قبل صدوره.
ومن حيث انه بتطبيق هذه الاصول الواضحة على واقعة الدعوى الحالية، يتبين أن المطعون عليه لم يستكمل ثلاثين سنة فى الدرجتين الأخيرتين عند صدور قرار 25 من يونية سنة 1950 لانه رقى الى الدرجة السابعة - كما سلف الايضاح - فى أول أغسطس سنة 1935 والى الدرجة السادسة فى أول مايو سنة 1946 ومن ثم فلا يفيد من حكم القرار سالف الذكر.
ومن حيث انه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب، ويتعين من أجل ذلك الغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع الزام رافعها بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.