مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 1047

(107)
جلسة 21 من مايو 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة على بغدادى والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 249 لسنة 5 القضائية:

( أ ) كادر العمال - عامل - صبى - قرار مجلس الوزراء فى 12/ 8/ 1951 - أثر تطبيقه على الصبية المعينين بعد أول مايو سنة 1945 - استحقاقهم لاجور فرضية متدرجة تدرجا متصاعدا بحسب أقدمياتهم - سريانها بأثر رجعى خلال الخمس السنوات التالية لتعيينهم - مثال.
(ب) كادر العمال - عامل - اعانة غلاء المعيشة - تثبيتها - قرارات مجلس الوزراء الصادرة فى 3/ 12/ 1950 و6/ 1/ 1952 و18/ 3/ 1953 فى هذا الشأن - تثبيتها اعانة الغلاء كقاعدة عامة على الماهيات والاجور المستحقة فى آخر نوفمبر سنة 1950 - تثبيتها استثناء بالاعتداد بالتحسينات الطارئة عليها بعد هذا التاريخ - عدم قصر هذه التحسينات على التعيين على درجة أعلى من الدرجات المخصصة للتعيين من الخارج فى نطاق كادر العمال - شمولها للترقيات كذلك - سريان هذه الاحكام على الصبية المستفيدين من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 12/ 8/ 1951 - تثبيت اعانة الغلاء المستحقة لهم على أساس أجورهم فى آخر نوفمبر سنة 1950 طبقا للتسويات الفرضية التى تضمنها هذا القرار - لا يقدح فى ذلك عدم صرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسويات قبل نفاذ القرار المذكور - أساس ذلك.
1 - ان مجلس الوزراء قد وافق بجلسته المنعقدة فى 12 من أغسطس سنة 1951 على أن الصبية الذين لم يكونوا قد أتموا خمس سنوات فى الخدمة فى أول مايو سنة 1945، وكذا الذين عينوا منهم أو يعينون بعد هذا التاريخ، سواء كانوا حاصلين على الشهادة الابتدائية أو غير حاصلين عليها تطبق عليهم قواعد وكشوف حرف (ب) أى يمنحون الاجور التالية: الستة شهور الاولى مجانا - 50 مليما عن باقى السنة الاولى - 100 مليم من أول السنة الثانية - 150 مليما من أول السنة الثالثة - 200 مليم من أول السنة الرابعة - 250 مليما من أول السنة الخامسة. وبعد نهاية السنة الخامسة يؤدى امتحانا أمام اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزارى ان نجح فيه يرقى الى درجة صانع دقيق اذا وجدت درجة خالية، وفى هذه الحالة يمنح أجره يومية قدرها 300 مليم واذا رسب يعطى فرصه أخرى بأجر 250 مليما يوميا، فان تكرر رسوبه يفصل - وقد طبقت هذه القواعد على حالات الصبية الموجودين فى الخدمة عند صدور القرار السالف الذكر على أن يخصم بالزيادة المترتبة على ذلك التطبيق على الاعتماد الذى يخصم عليه بالاجور.
ويستفاد من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر أنه بالنسبة للصبية المعينين بعد أول مايو سنة 1945 بالحكومة أو بالمجالس البلدية التى تسرى عليها اللوائح والقواعد التنظيمية العامة السارية على الحكومة - ومن بين هؤلاء الصبية المطعون لصالحهم - تعاد تسوية أجورهم اليومية عن الماضى بما يرفعها تدريجيا، طبقا لهذا القرار، خلال الخمس السنوات التالية لتعيينهم على أن يؤدوا بعد انقضائها امتحانا أمام لجنة فنية خاصة تكشف عن مدى صلاحيتهم للتعيين فى درجات الصناع الذين تفتقر حرفهم الى دقة عند خلوها. ويتضح من هذا استحقاق هؤلاء الصبية - خلال تلك المدة - لأجور فرضية متدرجة تدرجا متصاعدا بحسب أقدمياتهم، وبشرط أن لا يترتب لهم حق فى فروق مالية بناء على هذه الزيادة، طبقا لهذا القرار، الا من تاريخ نفاذه.
وتطبيقا لذلك فانه ولئن صح أن أجر المطعون لصالحه الفعلى لم يكن يجاوز فى 30 من نوفمبر سنة 1950 ثمانين مليما - طبقا لاحكام كادر العمال السارية آنذاك، الا أن رفع مربوط أجر الصبى بأثر رجعى بموجب قرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 قد جعل المطعون لصالحه مستحقا من أول السنة الثالثة لتعيينه، أى فى 6 من يونية سنة 1950 لاجر قدره مائة وخمسون مليما يوميا، ويترتب على ذلك أجره اليومى الفرضى فى 30 من نوفمبر سنة 1950 طبقا للتسوية الصحيحة التى أوجبها قرار 12 من أغسطس سنة 1951 بأثر رجعى هو مائة وخمسون مليما بدلا من الثمانين مليما التى ربطت عليها اعانة غلاء المعيشة.
ب - باستظهار قرارات مجلس الوزراء التى عالجت تقدير اعانة الغلاء وتثبيتها على المرتبات والاجور، يبين أنه بعد اصدار قرار 3 من ديسمبر سنة 1950 الذى تضمن قاعدة عامة تقضى بتثبيت اعانة الغلاء على الماهيات والمرتبات والاجور المستحقة للموظفين والعمال فى آخر نوفمبر سنة 1950 عاد مجلس الوزراء بناء على شكوى بعض الموظفين والمستخدمين والعمال فأورد على القاعدة التى أرساها بموجب قراره المتقدم الذكر استثناء مقتضاه الاعتداد بأى تحسين يطرأ على المرتبات والاجور بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 بحيث يتعين تثبيت اعانة الغلاء على الاجور الجديدة كى لا يمتاز جديد على قديم فى تقدير اعانة الغلاء، ثم اكتملت حلقات الاستثناء بقرار أصدره مجلس الوزراء فى 18 من مارس سنة 1953 لم يقصر فيه منشأ تحسين الراتب أو الاجر على التعيين فى درجة أعلى من الدرجات المخصصة للتعيين من الخارج فى نطاق كادر العمال، كما فعل قرار 6 من يناير سنة 1952، بل أطلق الامر فجعل الحصول على درجة أعلى بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 غير ناشئ من التعيين فحسب بل شاملا للترقية أيضا.
وتوكيدا لهذا المعنى، رفعت وزارة المالية الى مجلس الوزراء مذكرة فى 8 من مارس سنة 1953 ورد فيها - بعد استعراض مضمون قرار مجلس الوزراء فى 6 من يناير سنة 1952 مايلى: "وبالنظر لان نسبة الوظائف المخصصة الخالية بكادر العمال وفقا لقرار مجلس الوزراء المتقدم، فان هذه النسبة فقط من الوظائف هى التى يمنح شاغلوها اعانة الغلاء على أساس الاجور أو الماهيات الجديدة، وبخلاف ذلك يظل من نقل أو رقى الى باقى الوظائف يستولى على اعانة الغلاء على أساس الاجر الذى كان يتقاضاه فى 30 من نوفمبر سنة 1950 فى حين أن هذا الاجر يقل عن المقدر لدرجاتهم لما طرأ عليها من تحسينات مختلفة بعد ذلك نتيجة رد الـ 12% التى سبق خصما منهم، فضلا عن رفع أول مربوط بعض الدرجات".
وباستلهام روح هذا القرار والالتفات الى أهدافه ومراميه يتحتم القول بأن تحسين اجر المطعون لصالحه بزيادة مربوط درجته وتدرج أجره فى نطاقها بأثر رجعى طبقا لقرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 أجدر بالاعتبار فى مقام تثبيت اعانة الغلاء من مجرد تحسين يطرأ عليه نتيجة لترقيته أو نقله الى درجة أعلى بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 ذلك أن التحسين الاول إنما نشأ من اعانة تسوية أجره تسوية افتراضية يتدرج بها أجره تدرجا صاعدا على مر الزمن بحيث اعتبر مستحقا لأجر فرضى مقداره 150 مليما فى 30من نوفمبر سنة 1950 بحكم الاثر الرجعى للتسوية التى أوجبها قرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 بالنسبة لاجور الصبية المعينين بعد عام 1945 - ومنهم المدعى - ولا يقدح فى ذلك أن يكون استحقاق فروق الاجر المترتبة على هذه التسوية ممتنعا قبل تاريخ نفاذ القرار المذكور، لان حظر صرف الفروق المالية عن الماضى لاعتبارات مالية لا ينفى استحقاق هذا الاجر افتراضيا فى ذلك التاريخ، ومؤدى هذا لزوم تثبيت اعانة غلاء المعيشة على مقدار الاجر المبين آنفا طبقا للتسوية الفرضية الصحيحة المشار اليها.
هذا الى أن فى مذكرة وزارة المالية - السالف ايراد طرف منها - الدليل الحاسم على ان ما عرض له مجلس الوزراء فى قراره الصادر فى 18 من مارس سنة 1953 من ترقية أو نقل الى درجة أعلى بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 غير مقصود اليهما لذاته وفقا للمدلول اللغوى للترقية أو النقل بل مقصود لنتيجته من جهة ما يترتب على كل منهما من تحسين فى الراتب أو الاجر بعد هذا التاريخ حتى لا يمتاز جديد على قديم، على أن التسوية الفرضية التى أوجبها قرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 لا تدع مجالا للشك فى أن وضع المدعى بعد هذه التسوية أدل على ثبوت حقه فى تثبيت اعانة الغلاء على أجره الافتراضى فى 30 من نوفمبر سنة 1950 مما لو طرأ على أجره تحسين بعد ذلك التاريخ بزيادة فى مربوط أجره أو رفع درجته، ومتى كان ذلك كان انطباق حكم قرار 18 من مارس سنة 1953 عليه أولى وأوجب.
وتأسيسا على ما سلف بيانه فما دام مركز المطعون لصالحه قد تبدل بالتحسين تبعا لرفع مربوط درجته بأثر رجعى بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس 1951، فانه لا ينبغى إهدار ذلك بل يجب اتخاذ أجره اليومى الذى استحقه فى 30 من نوفمبر سنة 1950 بحكم التسوية الصحيحة - وهو مائة وخمسون مليما - أساسا افتراضيا لربط اعانة الغلاء المستحقة وتثبيتها.

اجراءات الطعن

فى 2 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة الطعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 249 لسنة 5 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية بالاسكندرية بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1958 فى الدعوى رقم 205 لسنة 5 القضائية المقدمة من السيد/ محمد محمود اسماعيل الديب ضد بلدية الاسكندرية والقاضى، بعدم قبول الدعوى والزمت المدعى المصروفات. وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعى فى تثبيت اعانة غلاء المعيشة على أساس أجر قدره 150 مليما وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المستحقة من تاريخ اعادته للخدمة فى 23 من مارس سنة 1953 والزام البلدية بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن الى بلدية الاسكندرية فى 16 من فبراير سنة 1959 والى المطعون لصالحه فى 22 من مارس سنة 1959 وفى 18 من فبراير سنة 1960، أبلغ الخصوم بجلسة 28 من فبراير سنة 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى أحالت الطعن الى المحكمة الادارية العليا وحددت لنظره امامها جلسة 26 من مارس سنة 1960. وفى هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت ارجاء النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الاوراق، تتحصل فى أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 205 لسنة 5 القضائية ضد بلدية الاسكندرية أمام المحكمة الادارية بالاسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة فى 27 من يناير سنة 1958 بناء على قرار لجنة المساعدة القضائية الصادر لصالحه فى 11 من سبتمبر سنة 1957 فى طلب الاعفاء رقم 364 لسنة 4 القضائية بقبول هذا الطلب المقدم فى 5 من مارس سنة 1957 وقال شرحا لدعواه أنه عين ببلدية الاسكندرية فى اليوم الاول من شهر سبتمبر سنة 1947 ولم يمنح أجرا بالرغم من انقضاء الستة الاشهر المحددة بكادر العمال لعمل الصبى بدون أجر وقال انه يطلب تطبيق كشوف حرف "ب" عليه وهى تقضى بتسوية حالة الصبى على النحو الآتى: الستة شهور الاولى بدون أجر و50 مليما من أول السنة الثالثة و200 مليم من أول السنة هذه الكشوف فعلا من التاريخ الذى اعتبرته البلدية مبدأ لتعيينه وهو 6 من يونية سنة 1948 ولكن اعانة غلاء المعيشة ربطت على أساس أن أجره اليومى هو 40 مليما مع انه يستحق أن تثبت له اعانة الغلاء على أساس أجره الذى ينبغى ان يصل - طبقا للتدرج آنف الذكر - الى 150 مليما يوميا فى 30 من نوفمبر سنة 1950 وانه قد صدرت تأييدا لهذا الرأى أحكام لصالح بعض زملائه من المحكمة الادارية بالاسكندرية فى الدعويين رقم 736 لسنة 3 القضائية و737 لسنة 3 القضائية ثم خلص الى طلب الحكم له تثبيت اعانة غلاء المعيشة على أساس 150 مليما وهو ما يمثل أجره فى 30 من نوفمبر سنة 1950 وما يترتب على ذلك من آثار مع صرف الفروق.
وردت الجهة الادارية بأن البلدية كانت تقبل فى ورشها بعض الصبية بدون أجر وكان مقصودها تعليمهم حرفة تعينهم على التكسب فى المستقبل، دون أن تربطها بهم أية علاقة بل لم تكن ملزمة بتعيينهم بعد قضاء فترة التمرين لأنها كانت تصطفى من بينهم أصلح العناصر لشغل الدرجات التى تخلو بالورش وعلى هذا الاساس لم يعين المدعى الا فى 6 من يونية سنة 1948 بأجر يومى قدره 40 مليما زيد الى 60 مليما فى 6 من ديسمبر سنة 1948 ولما طلب للتجنيد واعيد الى الخدمة بعد انتهائه تقرر له أجر يومى قدره 250 مليما بتاريخ 23 من مارس سنة 1953 على أساس تعيينه فى وظيفة صبى من تاريخ تعيينه الاول فى 6 من يونية سنة 1948 وتدرج أجره وفقا لأحكام كادر العمال الخاصة بالصبية. وقالت ان المدعى لا يستحق أية فروق أو أجور من 14 من فبراير سنة 1951 لأنه كان مجندا فى المدة من 7 من نوفمبر سنة 1949 حتى 22 من مارس سنة 1953، ولا يستحق فروقا قبل ذلك لسقوط حقه فيها بالتقادم الخمسى على أساس أنه لم يتقدم بطلب الاعفاء من الرسوم الا فى 5 من مارس سنة 1957 وخلصت الى طلب رفض الدعوى وقدم السيد مفوض الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى انتهى فيه الى طلب الحكم بأحقية المدعى فى تثبيت اعانة غلاء المعيشة المقررة له على أجره فى 30 من نوفمبر سنة 1950 على أساس التسوية الافتراضية سالفة الذكر، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق عن الخمس السنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة فى 5 من مارس سنة 1957 والزام الجهة الادارية بالمصاريف ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وبجلسة 4 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة الادارية بالاسكندرية بعدم قبول الدعوى والزمت المدعى المصروفات وأقامت قضاءها على انه "يتضح من الاطلاع على الاوراق ان المدعى الحق بقسم الورش ببلدية الاسكندرية صبيا بدون أجر بغرض تعليمه مهنة يتكسب منها اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1947 ثم عين بعد ذلك صبيا بأجر يومى قدره 40 مليما اعتبارا من 6 من يونية سنة 1948 وزيد أجره الى 60 مليما اعتبارا من 6 من ديسمبر سنة 1948 وقد جند فى 7 من نوفمبر سنة 1949 وبعد انتهاء خدمته العسكرية اعبد الى وظيفته صبى بأجر يومى قدره 250 مليما اعتبارا من 23 من مارس سنة 1953 وهو الاجر الذى وصل اليه بعد تسوية حالته طبقا لكادر العمال. هذا وكان أجر المدعى قد وصل فى 6 من ديسمبر سنة 1949 الى 80 مليما وهو الاجر الذى ثبتت عليه اعانة غلاء المعيشة المقررة للمدعى باعتباره الاجر الذى كان يتقاضاه فى 30 من نوفمبر سنة 1950، وعلى أنه "يبين مما تقدم أن المدعى عليها كانت قد قامت من تلقاء نفسها وقبل رفع هذه الدعوى بتثبيت اعانة غلاء المعيشة المستحقة للمدعى على أجره الذى وصل اليه فعلا فى 30 من نوفمبر سنة 1950 وفقا للتسوية التى أجرتها لها طبقا لاحكام كادر العمال ومقدار هذا الاجر 80 مليما فى اليوم - لذلك يكون طلب المدعى الحكم باستحقاقه تثبت غلاء المعيشة على أجره المستحق فى 30 من نوفمبر سنة 1950 وفقا للتسوية التى أجرتها المدعى عليها لحالته طبقا لأحكام كادر العمال، تكون الدعوى قد رفعت مفتقرة الى عنصر المنازعة الامر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
ومن حيث ان الطعن يقوم على "ان الثابت من اجابة الجهة الادارية أن المدعى عين وظيفة صبى بأجر قدره أربعون مليما من 6 من يونية سنة 1948 وبعد انتهاء مدة تجنيده اعيد الى العمل بالاجر الذى يصل اليه طبقا لاحكام كادر العمال وقد بلغ مائتين وخمسين مليما فى 23 من مارس سنة 1953، وان الجهة الادارية اعادت المدعى طبقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 21 من مايو سنة 1952 بالاحتفاظ للمجندين بوظائفهم" كما يقوم على أنه "طبقا للقواعد التى وافق عليها مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 تطبق قواعد كشوف حرف "ب" على الصبية الذين عينوا بعد أول مايو سنة 1945 ويمنحون الاجور الآتية "الستة شهور الاولى مجانا، 50 مليما عن باقى السنة الاولى، 100 مليم من أول السنة الثانية، 150 مليما أول السنة الثالثة..." ويكون الاجر المستحق للمدعى على أساس هذه القواعد فى 7 من يونية سنة 1950 هو مائة وخمسين مليما يوميا ويتعين تثبيت اعانة غلاء المعيشة على أساس هذا الاجر".
ومن حيث انه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الاوراق "أن المطعون لصالحه - وهو غير مؤهل - الحق فى أول سبتمبر سنة 1947 باحدى ورش البلدية بدون أجر ودون أن تربطه بها علاقة وظيفية، وذلك بقصد تعليمه حرفة يتكسب من ورائها ثم عين فى احدى وظائف الصبية اعتبارا من 6 من يونية سنة 1948 بأجر يومى مقداره أربعون مليما زيد الى ستين مليما اعتبارا من 6 من ديسمبر سنة 1948 وقد دعى للتجنيد فى 7 من نوفمبر سنة 1949 ولما انتهت خدمته العسكرية أعيد الى مثل وظيفته الاولى من 23 من مارس سنة 1953 بأجر يومى قدره 250 مليما وهو الاجر الذى كان يبلغه لو بقى فى وظيفته من غير انقطاع طبقا لقواعد كادر العمال النافذة عند الاعادة، وكانت قواعد الكادر السابقة على قرار 12 من أغسطس سنة 1951 تجعل أجر الصبى فى بداية الستة الثالثة من خدمته ثمانين مليما يوميا ولهذا ثبتت اعانة الغلاء على ثمانين مليما باعتباره الاجر الفرضى الذى يستحقه فى 30 من نوفمبر سنة 1950.
ومن حيث ان مجلس الوزراء قد وافق بجلسته المنعقدة فى 12 من أغسطس سنة 1951 على ان الصبية الذين لم يكونوا قد أتموا خمس سنوات فى الخدمة فى أول مايو سنة 1945، وكذا الذين عينوا منهم أو يعينون بعد هذا التاريخ، سواء كانوا حاصلين على الشهادة الابتدائية أو غير حاصلين عليها تطبق عليهم قواعد وكشوف حرف (ب) أي يمنحون الاجور التالية: الستة شهور الاولى مجانا - 50 مليما عن باقى السنة الاولي - 100 مليم من اول السنة الثانية - 150 مليما من أول السنة الثالثة - 200 مليم من أول السنة الرابعة - 250 مليما من أول السنة الخامسة وبعد نهاية السنة الخامسة يؤدى امتحانا أمام اللجنة الفنية المشكلة بقرار وزارى ان نجح فيه يرقى الى درجة صانع دقيق اذا وجدت درجة خالية، وفى هذه الحالة يمنح أجره يومية قدرها 300 مليم، واذا رسب يعطى فرصه أخرى بأجر 250 مليما يوميا، فان تكرر رسوبه يفصل. وقد طبقت هذه القواعد على حالات الصبية الموجودين فى الخدمة عند صدور القرار السالف الذكر على ان يخصم بالزيادة المترتبة على ذلك التطبيق على الاعتماد الذى يخصم عليه بالاجور.
ومن حيث أنه يستفاد من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر انه بالنسبة للصبية المعينين بعد أول مايو سنة 1945 بالحكومة أو بالمجالس البلدية التى تسرى عليها اللوائح والقواعد التنظيمية العامة السارية على الحكومة - ومن بين هؤلاء الصبية المطعون لصالحهم تعاد تسوية أجورهم اليومية عن الماضى بما يرفعها تدريجيا - طبقا لهذا القرار خلال الخمس السنوات التالية لتعيينهم على ان يؤدوا بعد انقضائها امتحانا أمام لجنة فنية خاصة تكشف عن مدى صلاحيتهم للتعيين فى درجات الصناع الذين تفتقر حرفهم الى دقة عند خلوها. ويتضح من هذا استحقاق هؤلاء الصبية - خلال تلك المدة - لاجور فرضية متدرجة تدرجا متصاعدا بحسب أقدمياتهم، وبشرط ان لا يترتب لهم حق فى فروق مالية بناء على هذه الزيادة، طبقا لهذا القرار، الا من تاريخ نفاذه.
ومن حيث انه ولئن صح ان أجر المطعون لصالحه الفعلى لم يكن يجاوز فى 30 من نوفمبر سنة 1950 ثمانين مليما - طبقا لاحكام كادر العمال السارية آنذاك، الا أن رفع مربوط أجر الصبى بأثر رجعى بموجب قرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 قد جعل المطعون لصالحه مستحقا من أول السنة الثالثة لتعيينه أي فى 6 من يونية سنة 1950 لاجر قدره مائة وخمسون مليما يوميا، ويترتب على ذلك أجره اليومى الفرضى فى 30 من نوفمبر سنة 1950 طبقا للتسوية الصحيحة التى أوجبها قرار 12 من أغسطس سنة 1951 بأثر رجعى هو مائة وخمسون مليما بدلا من الثمانين مليما التى ربطت عليها اعانة غلاء المعيشة.
ومن حيث انه باستظهار قرارات مجلس الوزراء التى عالجت تقدير اعانة الغلاء وتثبيتها على المرتبات والاجور، يبين انه بعد صدور قرار 3 من ديسمبر سنة 1950 الذى تضمن قاعدة عامة تقضى بتثبيت اعانة الغلاء على الماهيات والمرتبات والاجور المستحقة للموظفين والعمال فى آخر نوفمبر سنة 1950 عاد مجلس الوزراء بناء على شكوى بعض الموظفين والمستخدمين والعمال فأورد على القاعدة التى أرساها بموجب قراره المتقدم الذكر استثناء مقتضاه الاعتداد بأي تحسين يطرأ على المرتبات والاجور بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 بحيث يتعين تثبيت اعانة الغلاء على الاجور الجديدة كيلا يمتاز جديد على قديم فى تقدير اعانة الغلاء، ثم اكتملت حلقات الاستثناء بقرار اصدره مجلس الوزراء فى 18 من مارس سنة 1953 لم يقصر فيه منشأ تحسين الراتب أو الاجر على التعيين فى درجة أعلى من الدرجات المخصصة للتعيين من الخارج فى نطاق كادر العمال، كما فعل قرار 6 من يناير سنة 1952، بل اطلق الامر فجعل الحصول على درجة أعلى بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 غير ناشئ من التعيين فحسب بل شاملا للترقية أيضا.
ومن حيث أنه توكيدا لهذا المعنى، رفعت وزارة المالية الى مجلس الوزراء مذكرة فى 8 من مارس سنة 1953 ورد فيها - بعد استعراض مضمون قرار مجلس الوزراء فى 6 من يناير سنة 1952 مايلى: وبالنظر لان نسبة الوظائف المخصصة للتعيين من الخارج مباشرة هى بمقدار 20% فقط من مجموع الوظائف الخالية بكادر العمال وفقا لقرار مجلس الوزراء المتقدم، فان هذه النسبة فقط من الوظائف هى التى يمنح شاغلوها اعانة الغلاء على أساس الاجور أو الماهيات الجديدة، وبخلاف ذلك يظل من نقل أو رقى الى باقى الوظائف يستولى على اعانة الغلاء على أساس الاجر الذى كان يتقاضاه فى 30 من نوفمبر سنة 1950 فى حين ان هذا الاجر يقل عن المقدر لدرجاتهم لما طرأ عليها من تحسينات مختلفة بعد ذلك نتيجة رد الـ 12% التى سبق خصمها منهم، فضلا عن رفع أول مربوط بعض الدرجات"
ومن حيث ان استلهام روح هذا القرار والالتفات الى أهدافه ومراميه يتحتم معها القول بأن تحسين أجر المطعون لصالحه بزيادة مربوط درجته وتدرج أجره فى نطاقها بأثر رجعى طبقا لقرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 أجدر بالاعتبار فى مقام تثبيت اعانة الغلاء من مجرد تحسين يطرأ عليه نتيجة لترقيته أو نقله الى درجة أعلى بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 ذلك ان التحسين الاول انما نشأ من اعادة تسوية أجره تسوية افتراضية يتدرج بها أجره تدرجا صاعدا على مر الزمن بحيث اعتبر مستحقا لاجر فرضى مقداره 150 مليما فى 30 من نوفمبر سنة 1950 بحكم الاثر الرجعى للتسوية التى أوجبها قرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 بالنسبة لاجور الصبية المعينين بعد عام 1945 - ومنهم المدعى - ولا يقدح فى ذلك أن يكون استحقاق فروق الاجر المترتبة على هذه التسوية ممتنعا قبل تاريخ نفاذ القرار المذكور، لأن حظر صرف الفروق المالية عن الماضى لاعتبارات مالية لا ينفى استحقاق هذا الاجر افتراضيا فى ذلك التاريخ، ومؤدى هذا لزوم تثبيت اعانة غلاء المعيشة على مقدار الأجر المبين آنفا طبقا للتسوية الفرضية الصحيحة المشار اليها.
ومن حيث ان فى مذكرة وزارة المالية - السالف ايراد طرف منها - الدليل الحاسم على ان ما عرض له مجلس الوزراء فى قراره الصادر فى 18 من مارس سنة 1953 من ترقية أو نقل الى درجة أعلى بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 غير مقصود اليهما لذاته وفقا للمدلول اللغوى للترقية أو النقل أو مقصود لنتيجته من جهة - ما يترتب على كل منهما من تحسين فى الراتب أو الاجر بعد هذا التاريخ حتى لا يمتاز جديد على قديم على أثر التسوية الفرضية التى أوجبها قرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس سنة 1951 لا تدع مجالا للشك فى أن وضع المدعى بعد هذه التسوية أدل على ثبوت حقه فى تثبيت اعانة الغلاء على أجره الافتراضى فى 30 من نوفمبر سنة 1950 مما لو طرأ على أجره تحسين بعد ذلك التاريخ بزيادة فى مربوط أجره أو رفع درجته، ومتى كان ذلك كان انطباق حكم قرار 18 من مارس سنة 1953 عليه أولى وأوجب.
ومن حيث انه تأسيسا على ما سلف بيانه فما دام مركز المطعون لصالحه قد تبدل بالتحسين تبعا لرفع مربوط درجته بأثر رجعى بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء فى 12 من أغسطس 1951، فانه لا ينبغى اهدار ذلك بل يجب اتخاذ اجره اليومى الذى استحقه فى 30 من نوفمبر سنة 1950 بحكم التسوية الصحيحة - وهو مائة وخمسون مليما - أساسا افتراضيا لربط اعانة الغلاء المستحقة وتثبيتها.
ومن حيث ان تثبيت اعانة الغلاء على الوجه السابق على أساس أجر المدعى الفرضى فى 30 من نوفمبر سنة 1950 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 من مارس سنة 1953، لا يترتب عليه استحقاق فروق مالية ناجمة عن ذلك الا من تاريخ هذا القرار، بيد انه اذا ثبت أن المدعى لم يعد الى خدمة البلدية بعد انتهاء مدة تجنيده الا فى 23 من مارس سنة 1953، وجب القضاء له بفروق اعانة الغلاء من التاريخ الاخير فحسب، وبخاصة وأنه لم ينقض على هذا التاريخ أكثر من خمس سنوات قبل طلب المطعون لصالحه اعفاءه من الرسوم القضائية فى 5 من مارس سنة 1957 على ما سلف البيان.
ومن حيث انه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد اخطأ فى تطبيق القانون وتأويله اذ قضى بعدم قبول الدعوى، مع ان النزاع ما يزال شاجرا بين طرفيها - ويتعين من ثم الغاؤه والقضاء باستحقاق المدعى تثبيت اعانة الغلاء على أجره الفرضى فى 30 من نوفمبر سنة 1950 البالغ مقداره مائة وخمسين مليما يوميا على أساس التسوية الافتراضية المبينة آنفة مع صرف فروق اعانة الغلاء من تاريخ اعادته الى الخدمة فى 23 من مارس سنة 1953 والزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وفى موضوعها باستحقاق فرضا فى 30 من نوفمبر سنة 1950 وقدره 150 مليما وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 من مارس سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار مع صرف الفروق المالية المستحقة له اعتبارا من 23 من مارس سنة 1953 وألزمت مجلس بلدى الاسكندرية بالمصروفات.