مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 1076

(111)
جلسة 28 من مايو 1960

برياسة السيد/ سيد على الدمراوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الامام الامام الخريبى والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 393 لسنة 5 القضائية:

محكمة تأديبية - اختصاص - اختصاص المحكمة التأديبية بنظر أمر صرف مرتب الموظف الموقوف خلال مدة وقفه - مناط ذلك اتصالها بدعوى التأديب باحالة الامر عليها - عدم اتصالها بدعوى التأديب فى حالة حفظ الاوراق أو توقيع جزاء من السلطة الرئاسية - عدم اختصاصها فى هاتين الحالتين بالنظر فى أمر صرف المرتب خلال مدة الوقف - أساس ذلك.
يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذى أوقف فيه وذلك كأصل عام، ولكن أجاز القانون للمحكمة التأديبية استثناء من هذا الاصل العام أن تقرر صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة، والحكمة التشريعية لذلك هى حفظ أود الموظف ومن يعولهم بمراعاة أن المرتب هو مصدر رزقه، والمقصود بالتوقيت هنا ليس مجرد انتهاء التحقيق بوساطة النيابة الادارية مع بقاء أمر الموظف معلقا رهن المحاكمة التأديبية، وانما المقصود بالتوقيت هو التصرف فى هذا الشأن نهائيا، أما من غير محاكمة وذلك بحفظ الاوراق وصدور قرار بالحفظ أو بتوقيع جزاء من السلطة الرياسية بغير محاكمة أو بالفصل فى أمر الموظف من المحكمة التأديبية، فاذا ما تم التصرف على هذا الوجه أو ذاك فى شأن تأديب الموظف بقى بعد ذلك التصرف نهائيا فى أمر مرتبه طوال مدة الوقف، فإن كانت الاولى كان التصرف النهائى فى ذلك متروكا للسلطة الرئاسية التى تملك إصدار أمر الوقف ابتداء سواء الوزير أو الرئيس المختص حسب الاحوال طبقا للفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية، وإن كانت الاخرى كان ذلك من اختصاص المحكمة التأديبية طبقا للفقرة الثالثة من المادة المذكورة اذ نص فى آخرها على أن "تقرر عند الفصل فى الدعوى التأديبية ما يتبع فى شأن المرتب عن مدة الوقف سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه كله أو بعضه"، وغنى عن القول أن هذا النص اذ يعقد هذا الاختصاص للمحكمة التأديبية مقترنا بالفصل فى الدعوى التأديبية يترك الاختصاص للسلطات الرئاسية فيما عدا ذلك كما لو لم ينته الامر بصدور حكم من المحكمة التأديبية بل اقتصر على حفظ الاوراق أو توقيع جزاء من السلطة الرئاسية بدون محاكمة أمام المحكمة التأديبية.

اجراءات الطعن

فى يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد الاستاذ رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن فى القرار الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة العمومية بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 فى الطلب المقيد برقم 4 لسنة 1 ق المقدم من النيابة الادارية ضد الدكتور عمر عمر عصفور والقاضى "برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظر الطلب وفى موضوعه بصرف مرتب الدكتور عمر عمر عصفور عن مدة وقفه" وطلب رئيس هيئة مفوضى الدولة للأسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وتقرير عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الموضوع. وقد أعلن الطعن للنيابة الادارية فى 18من مايو سنة 1959 وللمطعون ضده فى 27 من مايو سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة أول مايو سنة 1960، وقد أبلغت النيابة الادارية والمطعون ضده فى 13 من ابريل سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة ثم قررت المحكمة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 28 من مايو سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. ثم قررت ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الاوراق تتحصل فى أنه بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1957 قدمت الآنسة سميرة أبو بكر مع زميلات لها من ممرضات المستشفى الاميرى بقنا الى مدير المستشفى شكوى نسبن فيها الى الدكتور عمر عمر عصفور أنه عاد من الخارج حيث كانت الساعة العاشرة مساء فى حالة سكر ورائحة الخمر تفوح من فمه وأنه حاول الاعتداء على بعض الممرضات ومرضى قسم الجراحة وأمراض النساء وقد حقق معه فى هذا الشأن وصدر قرار بوقفه عن العمل اعتبارا من 9 من نوفمبر سنة 1957 واحالة الاوراق الى النيابة الادارية، ونفاذا للمادتين 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة و51 من اللائحة التنفيذية له عرض أمره على مجلس التأديب المختص للنظر فى صرف مرتبه كله أو بعضه عن مدة الوقف. وفى الجلسة المنعقدة فى 23 من نوفمبر سنة 1957 قرر المجلس وقف صرف مرتبه مؤقتا أثناء مدة الوقف، واذ شارفت مدة وقفه على نهايتها، فقد عرض أمره ثانية على مجلس التأديب ليقرر ما يراه فى شأن مد مدة وقفه. وفى الجلسة المنعقدة فى 8 من فبراير سنة 1958 وانهاء ايقافه وفى هذه الاثناء انتهى التحقيق بحفظه بالنسبة اليه ونتيجة لذلك عرض الامر على مجلس التأديب للنظر فى صرف مرتبه عن مدة الوقف ثم أحيل الامر على المحكمة التأديبية، وقد دفعت النيابة الادارية بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر هذا الطلب.
وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 قررت المحكمة التأديبية رفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاصها بنظر الطلب وفى موضوعه بصرف مرتب الدكتور عمر عمر عصفور عن مدة وقفه.
ومن حيث ان الطعن يقوم على الاسباب الواردة به.
ومن حيث انه باستعراض التشريعات المختلفة التى تحدثت عن الوقف لبيان ماهيته وغايته والآثار المترتبة عليه يبين أن جميع هذه التشريعات تقرر قاعدة عامة هى حرمان الموظف الموقوف عن العمل من مرتبه طوال مدة الوقف وجعلت الاستثناء هو صرفه كله أو بعضه حسبما يقرر مجلس التأديب، كما نصت على ذلك المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة بقولها: "لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل فى دائرة اختصاصه أن يوقف الموظف عن عمله احتياطيا اذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر الا بقرار من مجلس التأديب ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذى أوقف فيه ما لم يقرر مجلس التأديب صرف المرتب كله أو بعضه"، أو المحكمة التأديبية كما قضت بذلك المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية فى الاقليم المصرى ونصها: "لمدير عام النيابة الادارية أو أحد الوكيلين أن يطلب وقف الموظف عن أعمال وظيفته اذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك. ويكون الوقف بقرار من الوزير أو الرئيس المختص، فاذا لم يوافق الرئيس المختص على وقف الموظف وجب عليه ابلاغ مدير عام النيابة الادارية بمبررات امتناعه وذلك خلال أسبوع من طلبه. ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر الا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة.
ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذى أوقف فيه ما لم تقرر المحكمة صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة الى أن تقرر عند الفصل فى الدعوى التأديبية ما يتبع فى شأن المرتب عن مدة الوقف سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه اليه كله أو بعضه".
ومن حيث ان المستفاد من هذا النص انه يترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذى أوقف فيه وذلك كأصل عام، ولكن أجاز القانون للمحكمة التأديبية استثناء من هذا الاصل العام أن تقرر صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة، والحكمة التشريعية لذلك هى حفظ أود الموظف ومن يعولهم بمراعاة أن المرتب هو مصدر رزقه، والمقصود بالتوقيت هنا ليس مجرد انتهاء التحقيق بوساطة النيابة الادارية مع بقاء أمر الموظف معلقا رهن المحاكمة التأديبية، وانما المقصود بالتوقيت هو التصرف فى هذا الشأن نهائيا اما من غير محاكمة وذلك بحفظ الاوراق وصدور قرار بالحفظ أو بتوقيع جزاء من السلطة الرياسية بغير محاكمة أو بالفصل فى أمر الموظف من المحكمة التأديبية، فاذا ما تم التصرف على هذا الوجه أو ذاك فى شأن تأديب الموظف بقى بعد ذلك التصرف نهائيا فى أمر مرتبه طوال مدة الوقف، فان كانت الاولى كان التصرف النهائى فى ذلك متروكا للسلطة الرئاسية التى تملك اصدار أمر الوقف ابتداء سواء الوزير أو الرئيس المختص حسب الاحوال طبقا للفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون المذكور، وان كانت الاخرى كان ذلك من اختصاص المحكمة التأديبية طبقا للفقرة الثالثة من المادة المذكورة اذ نص فى آخرها على أن "تقرر عند الفصل فى الدعوى التأديبية ما يتبع فى شأن المرتب عن مدة الوقف سواء بحرمان الموظف منه أو بصرفه كله أو بعضه". وغنى عن القول أن هذا النص اذ يعقد هذا الاختصاص للمحكمة التأديبية مقترنا بالفصل فى الدعوى التأديبية يترك الاختصاص للسلطات الرئاسية فيما عدا ذلك كما لو لم ينته الامر بصدور حكم من المحكمة التأديبية بل اقتصر على حفظ الاوراق أو توقيع جزاء من السلطة الرئاسية بدون محاكمة أمام المحكمة التأديبية.
ومن حيث ان التحقيق من الدكتور عمر عمر عصفور تقرر حفظه وأعيد الى عمله فإنه تأسيسا على ذلك تكون السلطة الرئاسية التى يتبعها هى المختصة، دون المحكمة التأديبية، بتقرير ما يتبع فى شأن المرتب عن مدة الوقف.
ومن حيث انه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله فيتعين الغاؤه والقضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطلب.