مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ1

(1)
جلسة 30 من أكتوبر سنة 1982

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربينى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نصحى بولس فارس ومحمد عزيز أحمد على وعادل عبد العزيز بسيونى وأبو بكر دمرداش أبو بكر - المستشارين.

الطعن رقم 792 لسنة 26 القضائية

دعوى تأديبية - اعلان – حكم - بطلان.
المادة (13) من قانون المرافعات المدنية والتجارية - مناط اعلان الأوراق القضائية فى النيابة العامة أن يكون موطن المعلن اليه غير معلوم فى الداخل أو الخارج - اذا كان للمعلن اليه مكان معلوم بالخارج تعين اعلانه بالطرق الدبلوماسية - اعلان الموظف فى مواجهة النيابة العامة مع العلم بمكان عمله بالخارج يقع باطلا - بطلان الاعلان يؤثر فى إجراءات المحاكمة ويؤدى الى بطلان الحكم.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 12 من ابريل سنة 1980 أودع الأستاذ رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 792 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلستها المنعقدة فى الأول من مارس سنة 1980 فى الدعوى رقم 111 لسنة 7 القضائية المرفوعة من النيابة الادارية ضد السيد/ .... الذى قضى بمجازاته بفصله من عمله. وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بالمنصور لاعادة محاكمة المحال فيما هو منسب اليه مجددا من هيئة أخرى.
وبعد أن تم اعلان تقرير الطعن الى ذوى الشأن على النحو المبين فى الأوراق - أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14 من يناير سنة 1981 وفى 14 من يوليه سنة 1982 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا - الدائرة الرابعة - وحددت لنظره أمامها جلسة 2 من اكتوبر سنة 1982 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل فى أنه فى 12 من ديسمبر سنة 1978 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة تقرير اتهام ضد السيد/ ..... المدرس بمديرية التربية والتعليم ببورسعيد بالدرجة الثالثة لأنه فى المدة من الأول من سبتمبر سنة 1976 وحتى 17 من سبتمبر سنة 1978 بدائرة مديرية التربية والتعليم بمحافظة بور سعيد خالف القانون بأن انقطع عن عمله بدون اذن وفى غير حدود الأجازات المسموح بها قانونا فى المدة المذكورة. وخلصت النيابة الادارية الى أنه يكون بذلك قد ارتكب المخالفة الادارية المنصوص عليها فى المادة 42 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وفى المادة 62 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت محاكمته بالمادتين سالفتى الذكر بالمادتين 80 و 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وبالمادتين 15 و 19 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وبالمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن اعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية.
وبجلسة الأول من مارس سنة 1980 حكمت المحكمة بمجازات السيد/ ........... بالفصل من الخدمة. واستندت فى ذلك الى أنه انقطع عن عمله دون اذن اعتبارا من الأول من سبتمبر سنة 1976 عقب انتهاء إعارته وبذلك يكون قد اخل بواجبات وظيفته وان انقطاعه عن عمله يكشف عن عزوفه عن الوظيفة العامة.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن الحكم فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لأنه كان يتعين إعلان المخالف بالطريق الدبلوماسى اعمالا لحكم البند التاسع من المادة 13 من قانون المرافعات وذلك نظرا لأنه أعير للعمل بالخارج حتى أول سبتمبر سنة 1976 ولما كان الثابت أنه لم يعلن بهذا الطريق القانونى وإنما تم إعلانه فى مواجهة النيابة العامة بمقولة تعذر الاستدلال على محل إقامته فان هذا الاعلان يكون قد تم بالمخالفة لحكم القانون وعلى وجه لا تتحقق معه الغاية منه وبالتالى يكون قد وقع عيب شكلى فى إجراءات المحاكمة يؤثر فى الحكم ويؤدى إلى بطلانه.
ومن حيث ان المادة 34 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 الذى صدر الحكم المطعون فيه فى ظله تقضى بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية باعلان المعلن ذوى الشأن بقرار الاحالة وتاريخ الجلسة فى محل اقامة المعلن اليه أو فى عمله وحكمة هذا النص واضحة وهى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم الى المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه وذلك باحاطته علما بأمر محاكمته بإعلانه بقرار احالته الى المحاكمة التأديبية المتضمن بيانا بالمحالفات المنسوبة اليه وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ليتمكن من المثول أمام المحكمة بنفسه أو بوكيل عنه للأدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذوى الشأن. وإذ كان إعلان العامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية واخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته إجراء جوهريا فان إغفال هذا الإجراء أو إجراؤه بالمخالفة لحكم القانون على وجه لا يتحقق معه الغاية منه من شأنه وقوع عيب شكلى فى إجراءات المحاكمة يؤثر فى الحكم ويؤدى إلى بطلانه.
ومن حيث ان قانون المرافعات المدنية والتجارية وان كان قد اجاز فى الفقرة العاشرة من المادة 13 منه اعلان الأوراق القضائية فى النيابة العامة الا أن مناط صحة هذا الاجراء أن يكون موطن المعلن إليه غير معلوم فى الداخل أو الخارج. أما إذا كان للمعلن إليه موطن معلوم فى الداخل فيجب تسليم الاعلان إلى شخصه أو فى موطنه على الوجه الذى أوضحته المادة العاشرة من هذا القانون. وان كان له موطن معلوم فى الخارج فيسلم الاعلان للنيابة العامة لارساله لوزارة الخارجية لتوصيله بالطرق الدبلوماسية حسبما نصت على ذلك الفقرة التاسعة من المادة 13 من ذات القانون.
ومن حيث انه يبين من مطالعة الأوراق أن النيابة الادارية أثبتت فى مذكرتها أن السيد/ ......... كان قد أعير للعمل بالجزائر لمدة عامين تنتهى فى 31 من أغسطس سنة 1976 استكمالا لاعارة جزئية سابقة له بالسعودية وبانتهاء مدة اعارته تقدم بالتماس طلب فيه اعتبار اعارته للجزائر اعارة جديدة وقد تم عرض هذا الالتماس على الادارة المختصة التى انتهت الى أن إعارته كاملة ثم عرض طلب تجديد اعارته على السيد وكيل أول الوزارة فى 20 من ديسمبر سنة 1976 فرفض تجديد الاعارة له وأخطر بذلك عن طريق البعثة التعليمية بالجزائر ولما كان الثابت أن قلم كتاب المحكمة التأديبية قد قام باعلان المذكور بقرار إحالته إلى المحكمة التأديبية وبتاريخ الجلسة فى محل إقامته فى مصر وعند نظر الدعوى بجلسة المحكمة المنعقدة فى الأول من ابريل سنة 1979 قررت تأجيل نظرها لجلسة 17 من يونية سنة 1979 لاعلان المتهم وتنفيذا لهذا القرار قامت النيابة الادارية باعلانه بصورة تقرير الاتهام وبالجلسة المذكورة فى مواجهة النيابة العامة. واذ كان الثابت من الأوراق أن الادارة كانت تعلم علم اليقين أن المتهم كان معارا للعمل بالجزائر. فقد كان يتعين أن يتم إعلانه على الوجه الذى أوضحته الفقرة التاسعة من المادة 13 من قانون المرافعات السالف الاشارة اليها بتسليم الأوراق الى النيابة العامة لارسالها الى وزارة الخارجية لتوصيلها له بالطرق الدبلوماسية. وبالتالى يكون اعلانه فى مواجهة النيابة العامة وفقا لنص الفقرة العاشرة من تلك المادة على النحو الذى تم به قد وقع باطلا ويكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب فى الاجراءات ترتب عليه الاخلال بحق المذكور فى الدفاع عن نفسه على وجه يؤثر فى الحكم ويؤدى الى بطلانه.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان المحال - على ما سلف بيانه - لم يعلن بقرار احالته إلى المحاكمة التأديبية ولم يخطر بجلسات محاكمته ومن ثم لم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه وكانت الدعوى بذلك لم تتهيأ أمام المحكمة التأديبية للفصل فيها فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بالمنصورة لاعادة محاكمة المحال والفصل فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.