مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ 60

(13)
جلسة 6 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق ومحمد أحمد البدرى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1309 لسنة 26 القضائية

خدمة عسكرية ووطنية - تجنيد - قرار ادارى.
اعفاء مؤقت من التجنيد - زوال سبب الاعفاء - قبول احدى الكليات المدعى طالبا فيها خلافا للحظر المنصوص عليه فى المادة 57 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 505 لسنة 1955 نتيجة مسلكه فى اخفاء موقفه من التجنيد وتقديمه شهادة الاعفاء المؤقت السابق منحها له وهو يعلم علم اليقين بانتهاء صلاحيتها - قرار قبوله بالكلية معدوم ويضحى بمنأى عن الحصانة القانونية مهما استطال الزمن على صدوره - اهدار ادارة التجنيد هذا القرار لا تثريب على قرارها برفض تأجيل تجنيده بعد ان تكشف لها وجه الحقيقة فى أمره - أساس ذلك.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 28 من يونيه 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الدفاع بصفته قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1309 لسنة 26 القضائية ضد محمد زكى عفيفى عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 6 من مايو سنة 1980 فى الدعوى رقم 2113 لسنة 32 القضائية الذى قضى بالغاء القرار المطعون فيه والزام الحكومة بالمصاريف.
وطلب الطاعن الأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع الزامه بالمصروفات. ومقابل أتعاب المحامااة عن الدرجتين وأعلن تقرير الطعن قانونا وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الجهة الطاعنة بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5 من ابريل 1982 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 29 من مايو سنة 1982 وتداول نظره بالجلسات وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات قررت الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى انه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بتاريخ 28من سبتمبر سنة 1978 أقام السيد/ محمد أحمد زكى عفيفى الدعوى رقم 2113 لسنة 23 القضائية ضد وزير الدفاع (وزير الحربية سابقا) طالبا الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من ادارة تجنيد القاهرة بتاريخ 17/ 2/ 1978 بتجنيده وفى الموضوع بالغاء هذا القرار مع الزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستند فى ذلك الى أنه من مواليد 21/ 9/ 1952 وصدر قرار ادارة التجنيد باعفائه من التجنيد لكونه أكبر أخوته الذكور والعائل بعد والده المتجاوز سن الستين، وفى 30/ 10/ 75 بلغ شقيقه سن الحادية والعشرين ولم يكن هو - أى المدعى - قد التحق بعد بالجامعة رغم تجاوزه سن الثانية والعشرين مما يعد سببا موجبا لزوال الاعفاء الصادر له. وفى أول أكتوبر 1976 التحق بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر قسم اللغة الألمانية واستمر طالبا بهذه الكلية حتى 16/ 5/ 1978 حيث قررت الكلية وقفه عن أداء الامتحان ما لم يجدد شهادة المعافاة المؤقته أو يقدم شهادة تأجيل تجنيد وبناء على ذلك تقدم لادارة تجنيد القاهرة لتأجيل تجنيده حتى سن الثلاثين باعتباره طالبا بجامعة الأزهر الا أن الادارة رفضت هذا الطلب تأسيسا على عدم استحقاقه للتأجيل لالتحاقه بكلية حال تجاوزه سن الثانية والعشرين بعد زوال الاعفاء المؤقت، وعندما تظلم من قرار الرفض أمام لحنة التظلمات للقوات المسلحة تلقى كتاب هيئة التنظيم والادارة المؤرخ 9/ 9/ 1978 برفض تظلمه وانه إزاء ذلك أقام الدعوى للحكم بالطلبات المتقدمة لمخالفة القرار المطعون فيه حكم المادة (8) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 505 لسنة 1955 التى تجيز تأجيل الخدمة الالزامية لطلبة الجامعات حتى سن الثامنة والعشرين دون قيد أو شرط، ولانه اذا كانت المادة 57 من هذا القانون لا تجيز قيد الطلاب باحدى الكليات اذا جاوزت سنه الثانية والعشرين يوم أول سبتمبر من العام الذى يلتحق فيه الا أنه قرار قيده المخالف لحكم هذه المادة قد تحصن لعدم سحبه خلال الستين يوما التالية لصدوره.
وبجلسة 30 من يناير سنة 1979 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع الزام الحكومة المصروفات وعقب الحكومة على الدعوى وقدمت صورة من تقرير الطعن المرفوع منها امام المحكمة الادارية العليا عن الحكم الصادر فى الشق المستعجل وجاء بالتقرير أن قرار قيد المدعى بالجامعة لا يكتسب حصانة تحول دون سحبه أو الغائه لانه صدر بناء على الغش الذى اصطنعه المدعى وانطلى على ادارة الكلية فتم قيده بناء على شهادة اعفاء انتهت صلاحيتها. وبجلسة 6من مايو سنة 1980 اصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذى قضى بالغاء القرار المطعون فيه والزام الحكومة بالمصاريف وأقامت قضاءها على انه ولئن كان قرار قيد المدعى بكلية اللغات والترجمة قد جاء مخالفا لحكم المادة 57 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 505 لسنة 1955 التى لا تجيز قيد أى طالب ملتحقا أو منتسبا فى أولى مراحل الدراسة باحدى الكليات أو المعاهد أو المدارس أو مراكز التدريب التى يكون الالتحاق بها بشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها اذا جاوزت سنه 22 عاما يوم أول سبتمبر من العام الذى يلتحق أو ينتسب فيه الا ان هذا القرار قد تحصن بمضى ستين يوما على صدوره دون أن يصادفه سحب أو الغاء ومن ثم صار نهائيا وانشأ للمدعى مركزا قانونيا لا يجوز المساس به بعد ذلك وبالتالى يحق للمدعى الاستناد اليه فى كونه طالبا مقيدا بتلك الكلية والاستفادة بهذه المثابة من حكم المادة 8 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية التى تجيز تأجيل الخدمة الالزامية وقت السلم للطلبة النظاميين والمنتسبين المتفرغين للدراسة الواردة ذكرهم فى المادة ومن بينهم طلبة كليات جامعات جمهورية مصر العربية بناء على طلبهم لحين حصولهم على أول مؤهل دراسى بشرط الا تزيد سن الطالب خلال فترة التأجيل على ثمانية وعشرين عاما أما الغش المقول به فلم يثبت قيامه فى حق المدعى اذا اكتفت الادارة بالقول بأن المدعى تقدم بشهادة اعفاء مؤقتة زال سببها واستغل عدم فطنة المسئول عن شئون الطلبة بالكليات وترى المحكمة أن تقديم المدعى لهذه الشهادة ليس فيه ما يمكن اعتباره غشا أو تدليسا يحول دون تحصن القرار الصادر بقيده.
ومن حيث ان مبنى الطعن محكالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله اذ الثابت من أوراق المدعى ان المطعون ضده التحق بكلية اللغات والترحمة بجامعة الأزهر فى أول اكتوبر 1976 بعد أن تجاوزت سنه وقتئذ الثانية والعشرين وبعد زوال سبب اعفائه المؤقت وذلك بالمخالفة لحكم المادة 57 من القانون رقم 505 لسنة 1955 ومن ثم فان قرار قبوله بالكلية قد صدر مشوبا بالبطلان ولا يمكن ان تلحقه أية حصانة لصدوره على أساس الغش الذى أدخله المطعون ضده على الموظف المختص بالكلية وذلك بتقيمه شهادة الاعفاء الموقتة السابق منحها له بعد انتهاء صلاحيتها وقتئذ بأكثر من سنة وهى حقيقة يعلمها المطعون ضده والذى يفترض علمه أيضا بأحكام القانون المانعة من قبوله بالكلية بعد أن تجاوزت سنه الثانية والعشرين وعلى ذلك لا يصح أن يرتب قرار قبوله بالكلية أية آثار أو يكون مصدرا لأية حقوق مكتسبة، ففى تقديم الشهادة المذكورة فى صدد بيان موقفه من التجنيد الدليل المؤكد على سوء نيته وغشه ومن ثم لا يصدق على المطعون ضده وصف الطالب فى مفهوم المادة 8 من القانون رقم 505 لسنة 1955 وبالتالى لا حق له فى تأجيل تجنيده ويكون القرار الصادر بتجنيده سليما لا شائبة فيه.
ومن حيث ان المادة 8 من القانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية الذى ينطبق على واقعة النزاع تنص على انه يجوز تأجيل الخدمة الالزامية وقت السلم للطلبة النظاميين والمنتسبين المتفرغين للدراسة الآتى بيانهم بناء على طلبهم لحين حصولهم على أول مؤهل دراسى:
( أ ) طلبة كليات وجامعات جمهورية مصر العربية والجامع الأزهر المعاهد والمدارس العليا أو ما يعادلها داخل الجمهورية أو فى الخارج بشرط ألا تزيد سن الطالب خلال فترة التأجيل على ثمانية وعشرين عاما.
(ب).......
(ج)..... وعلى الطلبة المؤجل تجنيدهم فى جميع الأحوال ابلاغ منطقة التجنيد المختصة بزوال سبب التأجيل بكتاب موصى عليه بعلم وصول خلال ثلاثين يوما من تاريخ زوال السبب لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتجنيدهم وينص فى الفقرة الثالثة من المادة 57 على انه "ولا يجوز قيد أى طالب ملتحقا أو منتسبا فى أول مراحل الدراسة باحدى الكليات أو المعاهد أو المدارس أو مراكز التدريب التى يكون الالتحاق بها بشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها اذا جاوزت سنه 22 عاما يوم أول سبتمبر من العام الذى يلتحق أو ينتسب فيه وذلك ما لم يقدم احدى الشهادات أو النماذج المنصوص عليها فى المادة 64 عدا نموذج تأجيل الخدمة الالزامية طبقا لأحكام المادة (8) وينص فى المادة (64) على أن تعطى وزارة الدفاع (الحربية) الشهادات والنماذج الآتية بعد أداء الرسوم المقررة.
أولا: الشهادات:
( أ ) شهادة بالاستثناء من الخدمة العسكرية والوطنية طبقا للمادة 6.
(ب) شهادة بالاعفاء من الخدمة العسكرية والوطنية طبقا للمادة 7.
(ج) شهادة بتأجيل الخدمة الالزامية طبقا لأحكام المادتين 8 مكرر أو 9.
(د) شهادة بأن المواطن لم يصيبه الدور طبقا للمادة 30.
(هـ) شهادة تأدية الخدمة العسكرية.
(و) شهادة بالانتهاء من خدمة الاحتياط.
ثانيا: النماذج:
( أ ).........
(ب) نموذج بأن المواطن تحت الطلب لأجل معين..... ويعمل بالشهادات والنماذج المؤقته حتى نهاية الأجل المحدد لها.
ومن حيث انه يستفاد من هذه النصوص انها أوجبت على الطلبه المؤجل تجنيدهم فى جميع الأحوال ابلاغ منطقة التجنيد المختصة بزوال سبب التأجيل خلال أجل معين لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتجنيدهم كما حظرت قيد أى طالب ملتحقا أو منتسبا فى أولى مراحل الدراسة باحدى الكليات أو المعاهد أو المدارس أو مراكز التدريب التى يكون الالتحاق بها بالشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها اذا جاوزت سنه 22 عاما يوم أول سبتمبر من العام الدراسى الذى يلتحق أو ينتسب فيه، ما لم يقدم احدى الشهادات أو النماذج المنصوص عليها فى المادة 64 من القانون المذكور عدا نموذج تأجيل الخدمة الالزامية طبقا لأحكام المادة 8 الأمر الذى له دلالته الواضحة على أن المشرع وهو يصدر قانون ضريبة الدم يتطلب من الخاضع لأحكامه ان يفصح عن حقيقة موقفه من التجنيد، على الوجه المرسوم فى القانون سواء كان من شأن هذا الافصاح اخضاعه لهذه الفريضة أو تأجيلها أو اعفائه منها لما يترتب على ذلك من آثار فى علاقة الخاضع بجهته الدراسية سواء كاكن من طلابها أو راغبا فى القيد فيها أو الانتساب اليها ومن حيث انه لا خلاف بين طرفى الخصومة على أن المدعى من مواليد 21/ 9/ 1952 وانه حصل على شهادة اعفاء مؤقت من الخدمة الالزامية لكونه أكبر أخوته الذكور والعائل بعد والده الذى تجاوز سن الستين وان هذا الاعفاء زال سببه منذ 30/ 10/ 1975 تاريخ بلوغ شقيقه سن الحادية والعشرين وانه - أى المدعى - تقدم للالتحاق بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر فى أول أكتوبر 1976 بعد أن جاوزت سنه الثانية والعشرين وقد قبلته الكلية طالبا فيها خلافا للحظر المنصوص عليه فى المادة (57) من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار اليه بعد ان غابت عنها حقيقة الأمر فى شأن موقفه من التجنيد بسسبب مسلكه فى اخفاء تلك الحقيقة بتقديم شهادة الاعفاء المؤقت السابق منحها له وهو يعلم علم اليقين بانتهاء صلاحيتها فى اعفائه من التجنيد منذ 30/ 10/ 1975 ولا ريب أن هذا المسلك من جانب المدعى ان دل على شئ فانه يدل على عدم سلامة القصد وينطوى على اتباع سبيل غير مشروع ولانتزاع قرار بقبوله بالكلية التى تقدم لها على خلاف الارادة فى اصداره، ويضحى من ثم مثل هذا القرار فيعدمه لانعدام الارادة فى اصداره، ويضحى من ثم مثل هذا القرار بمنأى عن الحصانة القانونية مهما استطال الزمن على صدوره، فاذا ما أهدرته الادارة وقررت رفض تأجيل تجنيد المدعى بعد أن تكشف لها وجه الحقيقة فى أمره باعتباره ممنوعا من القيد كطالب بالكلية المذكورة فى عام 1976 بالتطبيق للمادة 57 سالفة البيان، فلا تثريب على قرارها هذا ويغدو الطعن عليه على غير أساس من القانون.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير هذا النظر فانه يكون قد خالف القانون مستوجب الالغاء والقضاء برفض الدعوى والزام المدعى المصروفات عن درجتى التقاضى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات.