مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ 82

(17)
جلسة 20 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين - المستشارين.

الطعن رقم 691 لسنة 26 القضائية

تأميم - سببه.
التأميم بقصد نقل المنشأة الخاصة التى تقرر الحكومة أهميتها الاقتصادية الى ملكية الدولة لتسيرها باشراف مباشر - ذكر هذه المنشآت فى جدول القانون كما حددتها الجهات الادارية المختصة بعد تقصى حال كل منشأة منها - لا يشترط لصحة هذا التحديد أن يحيط بتحقيق ملكية المنشأة المؤممة وإنما يأتى بيان مالكها بين الأوصاف التى يستدل بها ولا تؤثر المجاوزة فى شئ من هذه الأوصاف ما دامت لا تؤرث جهالة فى المنشأة المقصودة - أساس ذلك - تطبيق: تأميم مطحنين - تشابه أسماء مالكيها لا يسلب المطحنين المأخوذين سبب تأميمهما لا وجه للشك فى صحة ما اتخذته الادارة نفاذا للقانون الذى شرع بما قصدته سلفا.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 20 مارس سنة 1980 أودع وكيل ورثة المرحومين محمد توفيق حجازى وعبد العزيز محمد حجازى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 691 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر فى محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 22 يناير سنة 1980 فى الدعوى رقم 156 لسنة 29 القضائية المرفوعة من الطاعنين ضده السادة وزيرى التموين والمالية ورئيس مجلس ادارة شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا والزام المدعين المصروفات. وطلب الطاعنون الحكم بقبول طعنهم شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 334 لسنة 1965 بادراج مطحنى الطاعنين ضمن المطاحن المطلوب تقييمها والغاء الآثار المترتبة على ذلك بما فيها الاستيلاء على هذه المطاحن والزام المطعون ضدهم بتسليم الطاعنين المطحنين الموضحين بصحيفة الدعوى مع الزامهم المصروفات. وأعلن الطعن بتاريخ 17/ 5/ 1980 وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعنين المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون المختصة فى جلسة 1/ 3/ 1982 و أجل لاستيفاء التوكيلات عن ورثة المرحوم عبد العزيز محمد حجازى وقد توفيت زوجته المرحومة عزيزة مصطفى عقب الباب فى 27/ 9/ 1978 وورثتها أولاده الطاعنون، وفى جلسة 7/ 6/ 1982 تقررت احالة الطعن الى هذه المحكمة فنظرته وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث ان الطعن مقدم فى الميعاد وقد استوفى سائر الأوضاع القانونية.
ومن حيث ان واقع المنازعة يتحصل من الأوراق فى أن السادة ابراهيم وعبد المنعم ومصطفى كمال وحسين ورفعت وأخوتهم أولاد المرحوم محمد توفيق حجازى والسادة عبد العاطى الشهير بمحمد وعبد العزيز وعزت وأمونه الشهيرة بالهام وعواطف أولاد المرحوم عبد العزيز محمد حجازى أقاموا الدعوى رقم 156 لسنة 29 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) يوم 12/ 11/ 1974 طلبوا فيها الحكم بالغاء قرار الاستيلاء رقم 334 لسنة 1965 الصادر استنادا إلى القانون رقم 42 لسنة 1962 بالنسبة الى المطحنين المملوكين للطالبين ببندر المحلة الكبرى أولهما بشارع حمام البصل والآخر بعزبة أبو دراع وتسليمهما الى الطالبين وكف منازعة المدعى عليهم وهم السادة وزير التموين ووزير المالية ورئيس مجلس ادارة شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا. وأبدى المدعون أن القانون رقم 42 لسنة 1962 أمم بعض المطاحن ومن بينها المطاحن المملوكة لمحمد توفيق حجازى بالمحلة الكبرى، واستولت الادارة على المطحنين المبينين بصحيفة الدعوى باعتبارهما ملكا للمرحوم محمد توفيق حجازى فى حين أنهما مملوكان للمدعين وقد توفى المرحوم محمد توفيق حجازى فى 7/ 5/ 1954 قبل صدور قانون التأميم. والمطحن الكائن بشارع حمام البصل رخصته صادرة بتاريخ 8/ 8/ 1955 باسم رفعت محمد حجازى وحسن محمد حجازى نيابة عن سائر المدعين وأذون صرف القمح الصادرة من وزارة التموين كلها باسم المدعين والمطحن الثانى ملكيته ثابتة لرفعت وتوفيق وحسنى أبناء محمد توفيق حجازى بالرخصة رقم 28652 الصادرة فى 21/ 12/ 1953 قبل التأميم بنحو تسع سنين وأذون صرف القمح لهذا المطحن مستخرجة باسم بعض الطالبين نيابة عن سائرهم ويبين من ذلك أن الاستيلاء على هذين المطحنين لا سند له من قانون التأميم و يعتبر عملا من أعمال الغصب. ورفعت الجهة الادارية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم قبولها ومن باب الاحتياط الكلى برفضها مع الزام المدعيين المصروفات واستندت الى أن القانون رقم 42 لسنة 1962 أمم مطاحن محمد توفيق حجازى تأميما جزئيا ثم صدر القانون رقم 51 لسنة 1963 فأممها تأميما كليا وتم تقييمها بقرار لجنة التقييم.
وبجلسة 22/ 1/ 1980 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا، مستندة الى أن التأميم ينصب على مشروع اقتصادى بعناصره المادية والمعنوية ولا يجدى القول بأن المرحوم محمد توفيق حجازى توفى الى رحمة الله قبل التأميم ما دام أحد المدعين لم يدع أن ثمة منشأة أخرى توجد بالمحلة الكبرى تحمل الاسم ذاته الوارد فى جدول قانون التأميم، وفى عبارة مطاحن محمد توفيق حجازى بالمحلة الكبرى ما يكفى للتعرف بالمنشأة التى تم الاستيلاء عليها بقرار ادارى موافق للقانون ويؤكد أن المطحنين المستولى عليهما هما المقصودان بالتأميم وأن رخصة أولهما تغيرت سنة 1955 بعد وفاة والدهم باسم الورثة وأن المطحن الآخر يطلق عليه مطحن أولاد محمد توفيق حجازى واذ ثبت علم المدعين يقينا بالقرار المطعون فيه سواء عند الاستيلاء على المطحنين وعند تقويمهما، ولم يراعوا الميعاد المقرر لطلب الالغاء بالمادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فتكون دعواهم غير مقبولة شكلا.
ومن حيث ان للطعن أسبابا ثلاثة، أولهما أن القرار المطعون فيه منعدم لا يتقيد طلب الغائه بميعاد الستين يوما، كما أن هذا الميعاد لا يسرى على المدعين لأنهم ليسوا من ذوى الشأن المقصودين به. وثانى الأسباب أن الحكم أطاح بمبادئ الملكية إذ جعل التأميم منصبا على المنشأة ذاتها وأن ثبت عدم دخولها فى ملكية من صدر القانون باسمه، فضلا على ان بالمحلة الكبرى مطحنين آخرين كان أحدهما مملوكا لمحمد حجازى وشركاه ثم ورثه لورثة محمد توفيق حجازى والآخر ملك محمود حلمى السيد حجازى، ولم يشمل قرار التأميم المطاحن الأربعة وقد أثبت القرار أن المطحنين المستولى عليهما يملكهما رفعت وعبد المنعم حجازى وأولاد محمد توفيق حجازى وفقا للثابت بسجلات وزارة التموين، ولم يثبتهما باسم محمد توفيق حجازى الذى ذكر بالقانون ولو كان الأمر خطأ ماديا فى اسم صاحب المطحنين لوجب تصحيحه بقانون كالذى صدر به قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 80 لسنة 1963 لتعديل الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 لتصحيح مثل تلك الأخطاء، واذ لم يشمل التصحيح الطاعنين فان القرار المطعون فيه يكون منعدما واعتداء على حرمة الحياة الخاصة لهم ولا تسقط الدعوى فى شأنه بالتقادم عملا بنص المادة 57 من الدستور.
ومن حيث ان التأميم انما يقصد الى نقل المنشآت الخاصة التى تقرر الحكومة أهميتها الاقتصادية الى ملكية الدولة لتسيرها باشراف مباشر، وتذكر هذه المنشآت فى جداول القانون كما حددتها الجهات الادارية المختصة بعد تقصى حال كل منشأة منها بظاهرها فى الأسواق ولا يشترط لصحة هذا التحديد ان يحيط بتحقيق ملكية المنشأة المؤممة، وانما يأتى بيان مالكها بين الأوصاف التى يستدل بها عليها، ولا تؤثر المجاوزة فى شئ من هذه الأوصاف ما دامت لا تورث جهالة فى المنشأة المقصودة.
ولا يكون فى أخذ الدولة المطحنين اللذين يطالب بهما المدعون ما يخالف حكم القانون الذى نص على تأميم مطاحن محمد توفيق حجازى بالمحلة الكبرى، ما دام ثابت أن هذين المطحنين كان لمحمد توفيق حجازى نفسه وما جاوزا أولاده المدعين بعد وفته، وان وقعت من قبل صدور قانون التأميم، فانها و ان نقلت ملك المنشأتين الى الورثة لم تغير من ظاهر حالهما التجارية بوجه تجهلان به فى المعاملات ان اسندتا الى المورث.
وكذلك لا ترين جهالة عى هذين المطحنين من وجود المطحنين الآخرين اللذين أشار اليهما المدعون ولم يشملهما التأميم، فان هذين المطحنين بدورهما ليسا باسم محمد توفيق حجازى خاصة , لينصرف اليهما التأميم وحدهما من دون المطحنين اللذين أخذ بهما، وما قد يحدثه وجود تلك المطاحن الأربعة من تشابه فى أسماء مالكيها لا يسلب المطحنين المأخوذين سبب تأميمهما وقصارى ما يحدثه أن يضيف الى ما أخذته الادارة أخذا صحيحا بمقتضى التأميم منشأتين آخرين يشك فى خضوعهما لقانون التأميم، واذ ما كان للادارة أن تذر شيئا منهما لو كانا مما حصرته للتأميم، وصدر القانون بضمهما الى القطاع العام، فلا يكون وجه للشك فى صحة ما اتخذته الادارة نفاذا للقانون الذى شرع بما قصدته سلفا، ولا يكون التأميم قد جاوز المطحنين المقصودين قانونا، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بذلك صوابا، ولا وجه للطعن فيه، وتلزم الطاعنين المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزمت الطاعنين بالمصروفات.