مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ 48

(11)
جلسة 6 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعنان رقما 1001 لسنة 26 القضائية
و 327 لسنة 27 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - تقادم
مطالبة الموظف بحقه فى الترقية - ثبوت المطالبة بحقه كل عام من واقع ملف خدمته - لا أساس لتمسك الجهة الادارية بالتقادم وسقوط حقه فيما يطالب به - أساس ذلك تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - تعويض
حرمان العامل من ترقية يستحقها - وجوب تعويضه عن حرمان بغير حق فى الزيادة التى كانت ستطرأ على مرتبه ومعاشه - أساس ذلك - تطبيق.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - تقارير الكفاية.
لا يصح فى القانون خفض درجات قدرات العامل التى قدرها الرئيس المباشر المختص ممن لم يثبت له اختصاص بشئ فى إعداد التقرير السنوى وبغير ان يذكر سببا من الواقع يكون من شأنه أن يؤد يد هذا النقص فى قدراته - لا مناص من اعتماد ما صح من تقدير الرئيس المباشر لقدرات المدعى.
( د ) عاملون مدنيون بالدولة - تقدير كفاية - ضرر أدبى - تعويض
مطالبة المدعى بتعويضه عن الضرر الأدبى الذى يستند الى ما وقع من خفض لتقدير كفايته - لا أساس له اذ أن تقدير الكفاية يتم فى تقرير سرى يتعين على الادارة أن تعده - لا وجه لمساءلة من يعدون ذلك التقرير عن تقديرهم لعناصر الكفاية مادام لم يثبت قصد احدهم الاساءة الى المدعى ظلما أو عمل على الخروج بالتقرير عن سريته للتشهير به - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم 15/ 5/ 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد/ رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بصفته طعنا قيده قلم كتاب هذه المحكمة برقم 1001 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 16/ 3/ 1980 فى الدعوى رقم 279 لسنة 32 ق المرفوعة من السيد/ محمد توفيق محمد عمر وشهرته محمد توفيق عمر ضد السيد/ رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بصفته والذى حكم بالزام المدعى عليه أن يدفع للمدعى مائتى جنيه والمصروفات. وطلب الطاعن الحكم بقبول طعنه شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزام المدعى المصروفات.
وفى يوم 12/ 2/ 1981 أودع المحامى المنتدب عن المدعى بجلسة 15/ 12/ 1980 فى طلب الاعفاء رقم 114 لسنة 26 تقرير طعن فى الحكم ذاته وطلب ان يحكم له بقبول طعنه شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تقادم حق الطاعن فى التعويض عن الاضرار المادية والحكم بطلبات الطاعن الثابتة بصحيفة دعواه مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن الطعنان وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا عنهما ارتأت فيه الحكم بقبول طعن الجهة الادارية شكلا ورفضه موضوعا وقبول طعن المدعى شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والزام المدعى عليه أن يدفع للمدعى التعويض المناسب لجبر الاضرار التى أصابته من تخطيه بقرار الترقية والزام المدعى عليه بصفته المصروفات.
وعرض الطعنان على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 5/ 4/ 1982 - ضمهما واحالتهما الى هذه المحكمة لنظرهما بجلسة 29/ 5/ 1982 وفيها قدم المدعى مذكرة بدفاعه وأجلت القضية ثم تقرر اصدار الحكم فيها بجلسة اليوم وفيها نطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعنين مقدمان فى المواعيد وقد استوفيا سائر الأوضاع القانونية.
ومن حيث ان واقعة النزاع تتحصل من الأوراق فى أن السيد/ محمد توفيق عمر أقام الدعوى رقم 279 لسنة 32 ق بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الادارى طلب فيها الحكم بإلزام السيد/ رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بصفته ان يدفع اليه مبلغ 2545 جنيها تعويضا عن الاضرار المادية والأدبية التى أصابته من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثانية بالقرار رقم 72 الصادر سنة 1966 وابدى المدعى انه كان يعمل مفتشا بالادارة العامة لاملاك الدولة الخاصة ويشغل الدرجة الثالثة من 28/ 4/ 1961 ولم يرق بالقرار المشار اليه مع انه قدم من المرقين بحجة أن تقريره السرى لعام 64/ 1965 بدرجة مرضى وزملاءه بدرجة ممتاز ولكن التقارير السرية لم تعرض على لجنة شئون الموظفين طبقا للقانون وقد رأى السيد مفوض الدولة بالهيئة لذلك بطلان التقرير السرى الخاص بالمدعى لعدم عرضه على تلك اللجنة، وفى هذا التقرير وصف للمدعى بالقصور فى القدرات المتعلقة بالاستعداد الذهنى وحسن التصرف واليقظة مما أساء الى سمعته واضر به اذ منعه فرصة العمل بعد احالته الى المعاش فى 16/ 11/ 1966 وقدر ما أصابه بمبلغ 2545 جنيها منها 545 مجموع العلاوات التى فاتته بالتخطى وما انقصته من معاشه وألفا جنيه قيمة الضرر الأدبى وردت الهيئة بأن زملاء المدعى المرقون حصلوا على درجة ممتاز وجيد وان المدعى قدم تظلمات عرضت على لجنة شئون العاملين بالهيئة فى 22/ 7/ 1974 وتقرر رفضها لأن تقدير المدعى عام 1964 كان مرضيا، ودفعت الهيئة بسقوط حق المدعى بمضى خمس سنين على علمه بالتخلص فى 30/ 1/ 1966 حين رفع دعواه فى 28/ 11/ 1977.
وعقب المدعى بانه قدم تظلما فى 14/ 2/ 1966 وداوم على المطالبة بحقه سنويا من 1967 حتى 1972 واذا كانت هذه التظلمات قد سقطت من ملف خدمته الا أن الأوراق تشير اليها فقد جاء بمذكرة شئون العاملين المؤرخة 15/ 7/ 1974 ان التقارير السرية لأعوام 1961 و 1962و 1963 والشكاوى عام 1967 و 1968 و1969و1970 ضمت كلها الى الشكوى رقم 2026 بتاريخ 24/ 11/ 1973 للعرض على لجنة شئون العاملين وأضاف المدعى أنه شكا عامى 1974 و 1976 وطلب الاعفاء من رسوم الدعوى فى 18/ 3/ 1976. ومن ثم لم يكتمل القادم لانقطاعه بهذه المطالبات.
وبجلسة 16/3/ 1980 قضت المحكمة بالزام المدعى عليه بصفته ان يدفع للمدعى مائتى جنيه تعويضا عن الضرر الأدبى مستندة الى ان دعوى التعويض عن قرار التخطى فى الترقية تسقط بمضى خمس سنوات باعتبارها المدة المقررة لسقوط المرتب طبقا لنص المادة 50 من القسم الثانى من اللائحة المالية للميزانية والحسابات واذ كان المدعى قد تظلم فى 6/ 1/ 1976 ولم يتقدم بتظلم آخر حتى 20/ 11/ 1973 فاكتملت الخمس سنوات المسقطة لحقه فى التعويض المادى عن تخطيه، أما التعويض عن الضرر الأدبى فلا يسقط الا بالتقادم الطويل واذ كانت الترقية من الدرجة الثالثة التى تخطى المدعى فيها تتم بالاختيار للكفاية مع التقيد بالأقدمية فى ذات مرتبة الكفاية طبقا لأحكام المادة 21 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964، ويخضع لنظام التقارير السرية وفقا للمادة 29 من ذلك القانون جميع العاملين لغاية الدرجة الثالثة وتعهد المادة 31 الى لجنة شئون العاملين أن تناقش الرؤساء فى التقارير المقدمة منهم لتعتمدها أو تعدلها بقرار مسبب، ومن ثم تترخص اللجنة بحكم تكوينها من كبار الموظفين فى تقدير المرتبة التى يستحقها الموظف وليست مهمتها التسجيل المادى لتقديرات الرؤساء وفى ذلك ضمان لسلامة التقدير النهائى وحيدة واضعية، واذ يبين من مطالعة تقرير المدعى عام 1964 أن لجنة شئون الموظفين لم تعمل سلطتها فى شأنه أصلا فقد جاء بكتاب شئون العاملين المؤرخ 8/ 11/ 1966 الى السيد مفوض الدولة للهيئة ان لجنة شئون العاملين وافقت بجلستها المعقودة فى 28/ 4/ 1965 على اعداد كشف بأسماء العاملين وبتقدير كفايتهم واعتمادها من مدير الهيئة على أن يقوم مراقب شئون العاملين بالتأشير على كل تقرير بما يفيد عرضه على اللجنة وتكون اللجنة بذلك قد فوضت مهمتها الى شخص بمفرده الامر الذى يخالف أحكام القانون ويعد اجراء جوهريا فى تقدير كفاية المدعى عام 1964 ويعد هذا التقدير باطلا ويكون تخطيه اذ أسس على هذا التقدير قد استند الى سبب غير صحيح وخالف القانون ويتعين تعويض المدعى عما ألحقه به من أضرار أدبية تمثل فى المساس بمشاعره الشخصية وصمه بضعف قدراته واستعداده الذهنى وتخلفه عن زملائه الأحدث منه.
ومن حيث ان مبنى طعن الهيئة أن الحكم خالف القانون واخطأ صحيح تطبيقيه اذ انتهى الى سقوط حق المدعى فى التعويض بمضى خمس سنين على آخر تظلم قدمه ثم عاد الحكم ففرق بين التعويض المادى والتعويض الأدبى بالنسبة الى التقادم مع أن أحكام المحكمة الادارية العليا لم تذهب الى هذه التفرقة وكلا النوعين من التعويض عن اضرار التخطى يندرج تحت لفظ التعويض الذى جرى قضاء المحكمة على تقادمه الخمسى ولا مبرر للتفرقة بين النوعين من الاضرار فكلاهما يلحق بالحق الأصلى ويسقط بتقادمه.
ومن حيث أن مبنى طعن المدعى ان الحكم المطعون فيه خالف الواقع الثابت من الأوراق اذ أن المدعى توالت تظلماته القاطعة للتقادم وقد صادر الحكم حقه فى التعويض عن الضرر المادى بعد أن انتهى إلى خطأ الجهة الادارية وان التعويض الذى قضى به ضئيل لا يجبر بحال ما أصابه من اضرار أدبية سواء وهو فى الخدمة وبعد احالته إلى المعاش ولم يتعرض الحكم للتحقق من مدى الاضرار المادية والأدبية التى حاقت به.
ومن حيث ان الثابت بأوراق ملف خدمة المدعى ( ص 209 ) أن قسم التسويات بالهيئة المدعى عليها أعد مذكرة بتاريخ 15/ 11/ 1974 أثبت فيها أن تقارير المدعى السرية عن أعوام 1961 و 1962 و 1963 والشكاوى الخاصة عن الأعوام 1967 و 1968 و1969 و1971 - والمقصود بها مطالباته بالترقية أرفقت جميعها بشكواه رقم 2026 بتاريخ 24/ 11/ 1973 المعروضة على لجنة شئون العاملين بجلسة 22/ 7/ 1974 واذ لم تمار الهيئة العامة المدعى عليها فى صحة ما تضمنته هذه المذكرة المحكمة بغير أن ترده الهيئة بدليل لديها فانه يتعين الأخذ بما جاء فى تلك المذكرة من قيام المدعى بالمطالبة بحقه كل عام ولا يكون قد اكتمل فى شأنه من التقادم الذى تمسكت به الجهة الادارية ويكون دفعها بسقوط حق المدعى ولا أساس له من الواقع ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بهذا السقوط فى شأن التعويض عن الضرر المادى قد أخطأ حكم القانون ويجب الغاؤه ورفض الدفع بتقادم حق المدعى فى المطالبة بالتعويض.
ومن حيث ان منع العامل ترقية استحقها يوجب تعويضه عما حرمه بغير حق من الزيادة التى كانت تفئ بها هذه الترقية فى المرتب والمعاش.
واذ ثبت من مذكرات المراقبة العامة لشئون العاملين بملف الخدمة أن قرار الهيئة رقم 72 الصادر فى 17/ 1/ 1966 بترقية عشرة من العاملين الى الدرجة الثانية بالاختيار كان ثمانية منهم كفايتهم عام 1964 بتقدير ممتاز واثنان هما السيدان سمير محمود حمدى وحسن حافظ حسن كفايتهما بتقدير جيد وان المدعى أخطر بتخطية فى هذه الترقية برقم 159 بتاريخ 20/ 1966 لأن تقدير كفايته مرضى ويبين من الاطلاع على التقرير السنوى السرى عن المدعى لعام 1964 أنه حصل على 50 درجة من 60 فى العمل والانتاج وعلى 5 درجات من 10 فى المواظبة وعلى 15 درجة من 20 فى الصفات الشخصية وهى المعاملة والتعاون والسلوك الشخصى وعلى 9 درجات من 10 فى القدرات وعناصرها الفرعية، والاستعداد الذهنى وحسن التصرف والتيقظ وذلك فى تقدير الرئيس المباشر فكان المجموع الكلى للدرجات 79 مما يدخل كفايته فى مرتبة جيد ولكن شخصا آخر لم تثبت صفته بالتقرير شطب تقدير القدرات وجعله 5 درجات بدل 9 بغير ان يبين سبب هذا الخفض فصار مجموع الدرجات 75 ومرتبة الكفاية مرضى ووقع كل من المدير المحلى ورئيس المصلحة على هذه المرتبة وكتب أمام تقدير اللجنة عرض هذا التقدير على اللجنة فقدرت كفايته بمرض ولم يثبت من وقع هذا البيان وظيفته ولا صفته بالنسبة الى اللجنة واذ كان التزام الاختصاص فيمن يعدون التقرير السنوى عن كفاية العامل ضمانا جوهريا تقتضيه سلامة التقدير وحفظ صالح العامل نفسه. واذ انحصر الاختلاف فى تقدير قدرات المدعى وهى بعناصرها العقلية النزوعية المبينة بالتقرير من السمات المستقرة للشخصية وهى تتبدى فى آثارها للمحيطين بالعامل من أقرانه ورئيسه المباشر بأكثر مما تتاح لرؤسائه غير المباشرين الذين لا يتصلون به من قريب فى أغلب الأحوال فانه لا يصح فى القانون خفض درجة قدرات المدعى التى قدرها الرئيس المباشر المختص ممن لم يثبت له اختصاص بشئ فى اعداد التقرير السنوى وبغير ان يذكر سببا من الواقع يكون من شأنه أن يؤيد هذا النقص الكبير فى قدرات المدعى ويبرر أفرادها بالوهن دون سائر مقومات كفايته المسلمة بالتقرير. واذ ثبت تقاعس الادارة عن استيفاء تقديرات الرؤساء المختصين بصحة هذا التقرير فى حينه فلا يكون مناص من اعتماد ما صح من تقدير الرئيس المباشر لقدرات المدعى وتكون مرتبة كفايته الصحيحة بتقدير جيد وكان بذلك مستحقا الترقية فى القرار رقم 72 لسنة 1966 واذ تخطاه هذا القرار بغير حق فانه يتعين الحكم له بما طلبه من فروق المرتب والمعاش التى كان ينالها لو تمت له تلك الترقية ما نازعت جهة الادارة فى ان مقدارها 545 جنيها وكما جاءت بصحيفة الدعوى.
ومن حيث ان فى الحكم للمدعى بحقه فى الترقية وتعويضه عما لم يستوفه من مزاياها ما يتم به جبر ما أصابه من التخطى ولا يدرء به من ضرر أدبى يسنده الى ما وقع من خفض تقدير كفايته لأن تقدير الكفاية يتم فى تقرير سرى يتعين على الادارة ان تعده لترتب عليه آثاره لصالح العمل والعامل ولا وجه لمساءلة من يعدون ذلك التقرير عن تقديرهم لعناصر الكفاية مادام لم يثبت قصد أحدهم الإساءة الى المدعى ظلما أو عمل على الخروج بالتقرير عن سريته للتشهير به ويكون طلب المدعى تعويضا عما ادعاه من الضرر الأدبى بغير أساس من الواقع والقانون ويتعين رفضه والغاء ما قضى به الحكم المطعون فيه من هذا التعويض.
ومن حيث ان كلا من طرفى الخصومة قد سلم له بعض طلبه وخسر سائره، مما ينبغى معه ان يتحمل كل منهما مصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى موضوعهما بالغاء الحكم المطعون فيه وبالزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بان تدفع للمدعى مبلغ 545 جنيه فقط (خمسمائة وخمسة وأربعين جنيها) ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت كلا من الطاعنين بمصروفات طعنه.