مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 273

(43)
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد الاستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيى الدين وعلى السيد على السيد ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلاده - المستشارين.

الطعن رقم 1537 لسنة 27 القضائية

اصلاح زراعى - قواعد الاعتداد بالتصرفات - جنسية - أجنبى - استيلاء.
القانون رقم 15 لسنة 1963 بخطر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها - الجنسية المصرية لا تزول عن المأذون له بالتجنس بجنسية أجنبية الا بعد حصوله على الجنسية الأجنبية الجديدة وليس من تاريخ صدور القرار الجمهورى بالاذن له بالتجنس بهذه الجنسية - حكمه ذلك: درء انعدام جنسية المأذون له فى حالة تعذر اكتساب الجنسية الأجنبية أو أو تراخيه - الأثر المترتب على ذلك: متى ثبت أن التصرف قد تم خلال الفترة بين صدور القرار الجمهورى بالأذن بالتجنس وتاريخ اكتساب الجنسية الجنسية الأجنبية الجديدة فان المصرى يكون بمنأى عن الاستيلاء على أرضه بالتطبيق للقانون رقم 15 لسنة 1963 - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 1/ 6/ 1981 أودع الأستاذ يوسف كمال أحمد المحاكى بصفته وكيلاً عن السيد رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى تقريرا بالطعن فى القرار الصادر من اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى بجلسة 14/ 4/ 1981 فى الاعتراض رقم 705/ 1979 فيما قضى به من قبول الاعتراض شكلا وفى الموضوع بالافراج عن مساحة مائة فدان موضوع الاعتراض الكائنة بناحية أبو رواش محافظة الجيزة وعدم جواز الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963. وطلب الطاعن للاسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بالغائه وبرفض الاعتراض والزام المطعون ضده بالمصروفات.
وتم تحضير الطعن وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وفى الموضوع بالغاء هذا القرار وبرفض الاعتراض وبالزام المطعون ضده بالمصروفات كاملة.
وتقرر نظر الطعن امام دائرة فحص الطعون التى قررت احالة الطعن الى الدائرة الثالثة بالمحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 26/ 1/ 1982.
وفيها وفى الجلسات التالية استمعت المحكمة الى ملاحظات الطرفين ثم قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم , وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة ان القرار المطعون فيه صدر بجلسة 14/ 4/ 1981 وأن تقرير الطعن أودع قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/ 6/ 1981 خلال المواعيد القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث ان وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من مطالعة القرار المطعون فيه وسائر الأوراق فى ان المطعون ضده سبق أن اقام الاعتراض رقم 705 لسنة 1979 أمام اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى وقال شرحا لوقائعه انه يمتلك مساحة مائة فدان من الأراضى الزراعية بالشراء بالمزاد العلنى من مصلحة الأملاك الأميرية فى سنة 1954 بناحية أبو رواش محافظة الجيزة واذ فرضت عليه الحراسة بالأمر رقم 138 لسنة 1963 قامت الحراسة العامة ببيع الأراضى المشار اليها الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى عملا بقرار رئيس المجلس التنفيذى رقم 33 لسنة 1963 وسلمت هذه الأراضى إلى الهيئة المذكورة فى 18/ 10/ 1963 وتحرر عقد البيع الابتدائى بين الحراسة والهيئة العامة للاصلاح الزراعى برقم 252 فى 6/ 1/ 1964. وعقب صدور القانون رقم 69 لسنة 1974 تم الافراج عن تلك الأراضى، وتقدم المطعون ضده بطلب الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى لتسليمه الأرض. كما تقدم باقرار عن ملكيته تطبيقا لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 الا ان الهيئة استطلعت رأى ادارة الفتوى المختصة فى شأن ما اذا كان المطعون ضده يخضع لاحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 أم لاحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، وجاء رد ادارة الفتوى منتهيا الى انطباق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963، بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية على المطعون ضده فيما يتعلق بالأراضى التى كانت مملوكة له وقت فقده الجنسية المصرية فى 6/ 1/ 1964 بموجب القرار الجمهورية رقم 250 لسنة 1964 الذى أذن له بمقتضاه بالتجنس بالجنسية اللبنانية فلا يقبل منه والحالة هذه أى قرار طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969، وأنه يتعين الاستيلاء على الأطيان محل النزاع لتعلق حق الدولة بها اعتبارا من هذا التاريخ. وقد أوضح المطعون ضده فى صحيفة الاعتراض ان الأطيان المذكورة قد بيعت بمعرفة الحراسة العامة الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى وهو مصرى الجنسية قبل حصوله على الجنسية اللبنانية التى جاءت لاحقة لصدور القرار الجمهورى رقم 250 لسنة 1964 بالاذن له بالتجنس بالجنسية اللبنانية، وهو طبقا لأحكام قانون الجنسية يظل محتفظا بجنسيته المصرية الى أن يكتسب الجنسية الأجنبية التى حصل على اذن باكتسابها، وهو لم يكتسب هذه الجنسية الا بعد أن بيعت الأرض محل النزاع من الحراسة العامة الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى، وكان لا يزال مصريا وقت هذا البيع الذى تحرر عنه العقد فى 9/ 1/ 1964، وتمت اجراءات تسليم الأرض الى الهيئة المشترية قبل ذلك بموجب محضر التسليم المحرر فى 18/ 10/ 1963 الذى نص على استحقاق الهيئة المذكورة لربع الأرض اعتبارا من بداية السنة الزراعية 1963/ 1964.
مما يقطع بأن البيع تم فى هذا التاريخ وان العقد الذى تحرر فى 9/ 1/ 1964 ما هو الا تأكيد لهذا البيع الذى يعتبر قائما ونافذا منذ 18/ 10/ 1963.
وانتهى المطعون ضده فى الاعتراض الى طلب الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الاستيلاء على مساحة المائة فدان محل النزاع مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 14/ 4/ 1981 أصدرت اللجنة القضائية قرارها المطعون فيه ويقضى بالافراج عن المساحة موضوع الاعتراض وعدم جواز الاستيلاء عليها طبقا لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وبنت اللجنة قضاءها على ان المطعون ضده لا يخضع لأى من المادتين 10 و 11 من القانون رقم 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب الأراضى الزراعية باعتبار انه لم يكتسب ملكية هذه الأطيان بعد العمل بالقانون سالف الذكر باحدى الطرق التى نصت عليها هاتين المادتين، كما لم يتضمن هذا القانون ثمة أحكام تتعلق بالأطيان التى تكون مملوكة لمصرى ويفقد الجنسية بعد تاريخ العمل بهذا القانون اذ ان مثل هذا الشخص لا يخضع لأحكام المادة الثانية (الخاصة) بأيلولة ملكية الاجانب للأراضى الزراعية وقت العمل به الى الدولة، ذلك ان المادة الثانية تشترط شرطين أولهما أن تكون هذه الأراضى مملوكة لاجنبى والثانى أن يتحقق ذلك وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963، وعلى ذلك يظل مثل هذا الشخص محتفظا بملكيته ولا يجوز الاستيلاء عليها طبقا لأحكام القانون المذكور.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه يخالف القانون حين ذهب هذا القرار الى ان المطعون ضده لا يخضع لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963، ذلك أن المطعون ضده فقد جنسيته المصرية بأثر مباشر منذ صدور القرار الجمهورية رقم 250 لسنة 1964 فى 6/ 1/ 1964 وليس لقرار رد الجنسية المصرية اليه اثر من ناحية الماضى، بل يظل أجنبيا طوال الفترة بين فقد الجنسية المصرية واستردادها، ومن ثم يخضع طوال هذه الفترة لما يخضع له الأجانب من قيود على الملكية الزراعية وتئول أطيانه الى الدولة طبقا للقانون رقم 15 لسنة 1963، وأنه لا يقدح فى ذلك قيام الحراسة العامة ببيع هذه الأطيان الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى اذ أن هذا البيع تم بعد أيلولة الأطيان الى الدولة عملا بالقانون رقم 15 لسنة 1963، هذا فضلا عن ان ما انتهت اليه اللجنة لا يتفق وما قصده المشرع باصدار القانون المذكور، ويؤدى الى تقرير حق الأجنبى فى تملك الأراضى الزراعية بالرغم من الحظر العام الوارد فى هذا القانون.
ومن حيث ان مناط البحث يدور حول بيان التاريخ الذى زالت فيه عن المطعون ضده جنسيته المصرية أثر صدور القرار الجمهورية رقم 250 لسنة 1964 بالإذن له بالتجنس بالجنسية اللبنانية وهل يقع هذا التاريخ فى وقت سابق أو لاحق على تصرف الحراسة العامة فى أطيان النزاع الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى، وما يترتب على بيان هذا التاريخ من آثر بالنسبة لحق الهيئة الاخيرة فى الاستيلاء على هذه الاطيان تطبيقا لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها.
ومن حيث أن المادة 17 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة الملغى الذى صدر فى ظله القرار الجمهورية رقم 250 لسنة 1964 بالاذن للمطعون ضده بالتجنس بالجنسية اللبنانية - تنص هذه المادة على أنه "لا يجوز لمن يحمل جنسية الجمهورية العربية المتحدة أن يتجنس بجنسية أجنبية دون اذن سابق بقرار من رئيس الجمهورية" فالاذن بمقتضى هذا النص يسبق التجنس بالجنسية الجديدة، ولم يرتب المشرع بهذا النص زوال الجنسية المصرية عن الماذون له بأثر مباشر منذ صدور القرار الجمهورية بالاذن له بالتجنس بالجنسية الأجنبية كما هو الشأن بالنسبة للقرارات التى تصدر بكسب الجنسية المصرية إذ بسحبها أو باسقاطها أو باستردادها حيث نصت المادة 29 من هذا القانون على ان جميع هذه القرارات تحدث أثرها من تاريخ صدورها واذ قدر المشرع فى ذلك ان اكتساب المأذون له للجنسية الجديدة لا يتم بمجرد طلبه الدخول فيها وانما يتوقف ذلك على موافقة الدولة المراد كسب جنسيتها الأمر الذى قد يتراخى لفترة قد تطول بعد الحصول على الاذن بالتجنس بهذه الجنسية. ومقتضى ذلك ان الجنسية المصرية وفقا لحكم المادة سالفة الذكر لا تزول عن المأذون له بالتجنس بجنسية أجنبية الا بعد حصوله على الجنسية الجديدة وليس من تاريخ الاذن له بالتجنس بهذه الجنسية. وهو ما ورد عليه النص صراحة فى المادة العاشرة من القانون رقم 26 لسنة 1975 الخاص بالجنسية المصرية الذى حل محل القانون رقم 82 لسنة 1958 الملغى حيث نصت تلك المادة على انه يترتب على تجنس المصرية بجنسية أجنبية متى أذن له بذلك زوال الجنسية المصرية عنه. فواضح من هذا النص ان المشرع علق زوال الجنسية المصرية عن المأذون له على التجنس بالجنسية الأجنبية وربط ذلك بالدخول فى الجنسية الجديدة. وغنى عن البيان ان ذلك أمر طبيعى قصد به درء انعدام جنسية المأذون له فى حالة تعذر اكتساب الجنسية الاجنبية أو تراخيه.
وبأعمال هذه القاعدة على واقعة النزاع يبين انه ولئن كان المطعون ضده قد حصل على اذن بالتجنس بالجنسية اللبنانية بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1964 الصادر بتاريخ 6/ 1/ 1964، الا أنه لم يكتسب الجنسية اللبنانية الا فى 12 كانون الأول (يناير) سنة 1964 وذلك وفقا لما تضمنته الشهادة رقم 422398 الصادرة من المديرية العامة للاحوال الشخصية بوزارة الداخلية اللبنانية المؤرخة 20/ 12/ 1980 المصدق عليها السفارة المصرية ببيروت القسم القنصلى برقم 2334 فى 21 ديسمبر سنة 1980 وهى عبارة عن صورة اخراج قيد افرادية عن سجلات المقيمين لاحصاء 1932، وهذا الشهادة مودعة بملف الاعتراض ضمن حافظة المطعون ضده وقد أكدت القنصلية اللبنانية بالقاهرة بكتابها رقم 35/ 38 المؤرخ فى 26/ 4/ 1979 الذى اشارت اليه ادارة الفتوى للاصلاح الزراعى فى فتواها رقم 693 فى 5/ 7/ 1979 (ملف رقم 20/ 4/ 10/ 108) المتعلقة بهذا الموضوع والمودعة بملف اقرار المطعون ضده - أكدت القنصلية المذكورة ان الشهادة التى تصدر عن وزاة الداخلية اللبنانية الخاصة باخراج قيد افرادية والتى تحد تاريخ الدخول فى الجنسية اللبنانية هى المستند الرسمى الذى يعتمد عليه فى اثبات الجنسية اللبنانية. وبهذه المثابة فان المطعون ضده يكون قد اكتسب الجنسية اللبنانية فى 12 من يناير سنة 1964 طبقا لشهادة وزارة الداخلية اللبنانية سالفة الذكر، وهو ذات التاريخ الذى تزول فيه عنه الجنسية المصرية لا قبلها وفقا للقاعدة السالف بيانها وبمعنى آخر فان المطعون ضده ظل محتفظا بجنسيته المصرية ولم تنحسر عنه الا اعتبارا من هذا التاريخ الأخير وهو 12/ 1/ 1964.
ومن حيث أنه أيا كان الخلاف حول تحديد تاريخ تصرف الحراسة العامة فى الاطيان محل النزاع بالبيع الى الهيئة العامة للاصلاح الزراعى، وما اذا كان هذا التصرف يعتبر قائما ومنتجا آثاره منذ تسليم هذه الأطيان من الحراسة العامة الى الهيئة المذكورة بموجب محضر التسليم المؤرخ فى 18/ 10/ 1963 أم أن التصرف لم ينشأ الا من تاريخ التعاقد الفعلى فى 9/ 1/ 1964 - فان التعاقد المشار اليه فى جميع الاحوال سابق على 12/ 1/ 1964 - تاريخ زوال الجنسية المصرية عن المطعون ضده - الأمر الذى يقطع بأن هذا التعاقد قد تم وقت تمتعه بالجنسية المصرية مما يجعل الأرض محل التصرف بمنأى عن الاستيلاء بالتطبيق لاحكام القانون رقم 15 لسنة 1963، واذ انتهى القرار المطعون فيه الى عدم جواز الاستيلاء على الأطيان سالفة الذكر طبقا لأحكام القانون المشار اليه. فانه يكون محمولا على أسباب هذا الحكم متفقا مع القانون ويكون الطعن والحالة هذه فى شقيه العاجل والموضوعى غير قائم على أساس سليم من القانون حرى بالرفض.
ومن حيث ان من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعى والزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.