مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 286

(45)
جلسة 18 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم ومحمد أحمد البدرى وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 849 لسنة 26 القضائية

قرار ادارى - منازعة ادارية - الاعانة المقررة للمدارس الخاصة - اختصاص.
الاعانة المقررة للمدارس الخاصة الخاضعة لأحكام قانون التعليم الخاص رقم 160 لسنة 1958 هى اعانة أوجب القانون صرفها لهذه المدارس ويستمد القائمون على هذه المدارس أصل الحق فى هذه الاعانة من أحكام القانون - موقف الادارة المتمثل فى الامتناع عن صرف هذه الاعانة اذا ما توافرت شروط منحها يشكل قرارا اداريا سلبيا بالامتناع عن صرفها بينما هى واجبة بحكم القانون - دخول هذه المنازعة حول هذا القرار فى الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة.

اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 21/ 4/ 1980 أودع السيد الأستاذ المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد فى جدول المحكمة برقم 849 لسنة 26 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى دائرة المنصورة بجلسة 24/ 2/ 1980 فى الدعوى رقم 298 لسنة 1 المقامة من د0 رؤوف مشرقى بطرس بصفته رئيس لجنة المدارس القبطية بمدينة ميت غمر والعضو المنتدب لادارتها ضد وزارة التربية والتعليم ومحافظة الدقهلية والذى قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والزام المدعى بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فى موضوعها. وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى دائرة المنصورة للفصل فى موضوعها. وقد أعلن تقرير الطعن فى يوم الخميس الموافق 22/ 5/ 1980.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7/ 6/ 1982 وفيها قررت احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الأولى) لتنظره بجلسة 30/ 10/ 1982 وفيها نظرت المحكمة الطعن وسمعت ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت ارجاء اصدار الحكم لجلسة اليوم. وقد صد الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق , وسماع الايضاحات , وبعد المداولة
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى أن الدكتور رؤوف مشرفى بطرس بصفته رئيسا للجنة المدارس القبطية بمدينة ميت غمر والعضو المنتدب لادارتها أقام الدعوى رقم 3738 لسنة 1968 أمام محكمة القاهرة الابتدائية بموجب صحيفة معلنة فى 14/ 7/ 1968 الى كل من وزير التربية والتعليم ومحافظ الدقهلية بصفتيهما وطلب فى ختامها الحكم بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 560ر3468 ج والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء مع المصروفات المناسبة. وقال فى شرح الدعوى انه توجد فى مدينة ميت غمر مدرسة اعدادية للبنات تشغل العقارين رقمى 51 شارع أحمد ماهر، 27 شارع فكرى. تدار هذه المدرسة بمعرفة لجنة المدارس القبطية بمدينة ميت غمر ويشرف عليها المدعى بصفته رئيسا للجنة. وهى مدرسة خاصة معانة تخضع لقانون المدارس الخاصة. وتوجب اللائحة التنفيذية للقانون رقم 160 لسنة 1958 ان تكون إعانة الايجار للمدرسة الخاصة مساوية للاجرة التى يؤديها صاحب المدرسة. الا أن وزارة التربية والتعليم قد توقفت تماما منذ شهر سبتمبر سنة 1958 عن دفع اعانة الايجار. وحدد المدعى قيمة اعانة الايجار المستحقة للمدرسة المذكورة حتى آخر أغسطس سنة 1968 بمبلغ 560ر3468 ج.
وبجلسة 31/ 3/ 1970 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وباحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة المختصة بنظرها مع ابقاء الفصل فى المصروفات. واقامت المحكمة هذا القضاء على أساس ان الدعوى تتضمن منازعة فى قرار ادارى سلبى مما يدخل فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى وقد أحيلت الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالقاهرة حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1098 لسنة 24ق. وبجلسة 28/ 11/ 1978 قررت المحكمة احالة الدعوى الى دائرة محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للاختصاص. وقيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الادارى بالمنصورة برقم 298 لسنة 1ق.
وبجلسة 24/ 2/ 1980 قضت محكمة القضاء الادارى دائرة المنصورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبالزام المدعى بالمصروفات. وأقامت هذا القضاء على أساس أنه طبقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لا يكون ثمة قرار ادارى الا حيث ترفض السلطات الادارية أو تمتنع من اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح. أما حيث لا يتعلق الأمر بقرار ادارى ولكن بحقوق الأفراد قبل الادارة وبمدى توافر شروط استحقاق هذه الحقوق فى حق الأفراد فان المنازعة لا تتعلق بقرار ادارى سلبى وتكون من قبيل الدعاوى الحقوقية. والدعوى الماثلة هى للمطالبة بالزام جهة الادارة بأن تدفع للمدعى اعانة الايجار المقررة باللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص. وطبقا لحكم المادة العاشرة - البند الخامس من قانون مجلس الدولة فان اختصاص محاكم مجلس الدولة بدعاوى الأفراد والهيئات منوط بأن تكون الطلبات فيها بالغاء قرارات ادارية نهائية أو بالتعويض عنها. وترتيبا على ذلك تخرج هذه الدعوى من اختصاص محاكم مجلس الدولة، لا يحول دون القضاء بذلك ان الدعوى محالة الى محكمة القضاء الادارى بالحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها بنظرها وباحالتها ذلك ان المادة 110 من قانون المرافعات لا تلزم المحكمة المحال اليها الدعوى بالفصل فى موضوعها. واذ قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فانه يمتنع احالة الدعوى اليها واعادتها اليها مرة ثانية، ولذلك فانه يجب الزام المدعى بالمصروفات.
ويقوم الطعن المقام من رئيس هيئة مفوضى الدولة على أساس ان قضاء المحكمة الادارية العليا قد أطرد على أن المادة 110 مرافعات توجب على المحكمة اذا قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ان تأمر باحالة الدعوى الى المحكمة المختصة وتلزم المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها أى انها تلزم بالفصل فى موضوع الدعوى ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية ويمتنع عليها ان تعاود البحث فى موضوع الاختصاص لأن الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها وباحالة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى يحوز حجية الشىء المقضى.
ومن حيث انه يبين من الاطلاع على أحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أنه أخذ بنهج القوانين السابقة عليه فى تحديد المسائل التفصيلية التى تدخل فى الاختصاص الوظيفى لمحاكم مجلس الدولة فى الفقرات الثلاثة عشرة الأولى من المادة العاشرة ثم انفرد القانون رقم 47 لسنة 1972 بحكم مستحدث أورده فى الفقرة الرابعة عشرة من المادة العاشرة يجعل لمحاكم مجلس الدولة بموجبه ولاية الفصل فى "سائر المنازعات الادارية" وقد أصبح مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بموجب هذا الحكم المستحدث ولأول مرة هو قاضى القانون العام فى المنازعات الادارية بعد ان كان اختصاصه بنظر هذه المنازعات مقصورا على ما تحدده نصوص قانون مجلس الدولة على سبيل الحصر من هذه المنازعات وليس من ريب ان الاعانة المقررة للمدارس الخاصة الخاضعة لأحكام قانون التعليم الخاص هى اعانة أوجب القانون صرفها لهذه المدارس ويستمد القائمون على هذه المدارس أصل الحق فى هذه الاعانة من أحكام القانون، ومن ثم فان موقف الادارة المتمثل فى الامتناع عن صرف هذه الاعانة اذا ما توافرت شروط منحها يشكل قرارا اداريا سلبيا بالامتناع عن صرفها بينما هى واجبة بحكم القانون وتدخل المنازعة حول هذا القرار فى الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة كما تدخل فى الاختصاص النوعى والمحلى لمحكمة القضاء الادارى دائرة المنصورة - طبقا لاحكام قانون مجلس الدولة وقرار رئيس مجلس الدولة بانشاء دائرة لمحكمة القضاء الادارى بمدينة المنصورة. واذ قضت محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبالزام المدعى بالمصروفات فان هذا الحكم يكون قد جاء معيبا فى القانون بما يوجب الحكم بالغائه، وباختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى، وباحالة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للحكم فى موضوعها.
ومن حيث انه لما تقدم فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى، وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى دائرة المنصورة للحكم فى موضوعها مجددا، مع ابقاء الفصل فى المصروفات للحكم الذى تنتهى به المتقدمة، ولا مصروفات عن الطعن المقام من هيئة مفوضى الدولة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وباعادتها الى دائرة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فيها.