مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 495

(74)
جلسة 19 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1144 لسنة 26 القضائية

تعويض - تقادم خمسى.
المادة 375 من القانون المدنى تقضى بأن يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو أقر به المدين كالأجور والمعاشات والمهايا والايرادات المرتبة - دعوى تعويض مقابل الحرمان من المرتب وملحقاته بسبب التخطى فى الترقية استنادا الى عدم مشروعية قرار الادارة المتضمن تخطى العامل فى الترقية - سريان مدة التقادم المسقطة للحق الأصلى ذاته فى المرتب والأجور على هذا التعويض سقوط دعوى التعويض بسقوط الحق الأصلى من تاريخ علم المدعى عما يقينيا بنشوء الحق - أساس ذلك تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت 7/ 6/ 1980 أودع الوكيل عن أحمد فؤاد صديق حلمى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد فى جدول المحكمة برقم 1144 لسنة 26 ق ضد رئيس مجلس ادارة بنك مصر فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى هيئة العقود الادارية بجلسة 27/ 4/ 1980 فى الدعوى رقم 998 لسنة 29 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده والذى قضى برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات وطلب الطاعن للاسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والزام بنك مصر بأن يدفع للمدعى  مبلغ 11071.065 مليم جنيه تعويضا عن الضرر الذى أصابه بسبب تخطيه فى الترقية الى الفئة الثانية فى حركة ترقيات 16/ 1/ 1964 والزام بنك مصر بالمصروفات والاتعاب وقد اعلن تقرير الطعن الى بنك مصر فى 22/ 6/ 1980 وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزام الطاعن بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن جلسة 15/ 11/ 1982 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 20/ 12/ 1982 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 15/ 1/ 1983 وفيها نظرت المحكمة الطعن وسمعت ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت ارجاء اصدار الحكم فى الطعن لجلسة اليوم، وقد صدر الحكم فعلا بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى أن المدعى أحمد فؤاد صديق حلمى أقام الدعوى رقم 1300 لسنة 1974 امام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بصحيفة أودعت فى 22/ 9/ 1974 ضد رئيس مجلس ادارة بنك مصر وطلب فى ختامها الحكم بارجاع أقدميته فى الفئة الثانية الى 16/
1/ 1964 تاريخ ترقية زملائه وإلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 3187.350 مليم جنيه الفروق المالية المترتبة على ارجاع الاقدمية مع المصروفات والاتعاب. وقال المدعى فى شرح الدعوى انه التحق بخدمة بنك مصر فى أن أكتوبر سنة 1934 بعد حصوله على دبلوم التجارة المتوسطة ثم دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العليا وتدرج المدعى فى وظائف البنك الى ان رقى الى الفئة الثالثة فى 1/ 6/ 1957 والى الفئة الثانية فى 1/ 7/ 1967. الا أن أقدمية المدعى وكفايته وخبرته كل ذلك يجعله جديرا بالترقية الى الفئة الثانية من 16/ 1/ 1964 بدلا من 1/ 7/ 1967 أسوة بزملائه الأحدث منه فى التعيين وفى أقدمية الفئة الثالثة والذين رقوا الى الفئة الثانية فى 16/ 1/ 1964 وهم رجب عبد الواحد أبو طالب وعين فى مارس سنة 1938 ورقى الى الفئة الثالثة فى 1/ 6/ 1958 ورشدى محمود السباعى المعين فى يوليه سنة 1935 ورقى الى الفئة الثالثة فى 1/ 9/ 1959 ومصطفى أحمد عمرو المعين فى سنة 1932 ورقى الى الفئة الثالثة فى 1/ 8/ 1962 - وسعد زغلول العارف الذى عين فى سبتمبر 1946 ورقى الى الفئة الثالثة فى 1/ 9/ 1959 وحيدر عبد الهادى بدر المعين فى سنة 1947 ورقى الى الفئة الثالثة فى 1/ 2/ 1959 وقد خالف البنك القانون اذ تخطى المدعى فى الترقية الى الفئة الثانية. والمدعى أقدم من زملائه المذكورين وقد جرى البنك على قاعدة هى عدم الترقية الى الفئة الثانية الا لمن كان يشغل وظيفة وكيل فرع أو ما يماثلها - وكان المدعى قد شغل وظيفة أعلى من وظيفة وكيل فرع فى تاريخ ترقية الى الفئة الثانية فى 16/ 1/ 1964. واذ يستحق المدعى الترقية الى الفئة الثانية فى 16/ 1/ 1964 فان الفروق المالية المستحقة له تبلغ 3187.350  مليم جنيه - ومفردات هذا المبلغ هى 2119.950 مليم جنيه حصيلة فرق علاوة الترقية عشرة جنيهات وغلاء المعيشة بواقع 3.900 والمكافأة 2.925 مليم جـ - 16.825 مليم جـ شهريا عن المدة من 1/ 1/ 1964 الى 30/ 6/ 1974 - يضاف الى  ذلك مبلغ 809.400 مليم جـ حصيلة فروق علاوة يناير سنة 1965 من 1/ 1/ 1965 الى  30/ 6/ 1974 بواقع 7.100 مليم جـ × 114 شهرا - يضاف إلى ذلك فرق بدل التمثيل 258 جنيه - وجملة ذلك كله 3187.350 مليم جـنيه وهو المبلغ الذى يطالب المدعى به بموجب الدعوى.
وعقب بنك مصر على الدعوى فقال ان المدعى يطعن بالالغاء على القرار الصادر من البنك فى 16/ 1/ 1964 وكان بنك مصر مؤسسة عامة بالقانون رقم 39 لسنة 1960 ثم تحول الى شركة مساهمة بالقرار الجمهورى رقم 872 لسنة 1965 فى 19/ 4/ 1965. وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه قرارا اداريا لصدوره عن بنك مصر حال كونه مؤسسة عامة كما ان المدعى كان عند صدور القرار المطعون فيه موظفا عموميا ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة للقضاء الادارى وحده. ودفع البنك بعدم اختصاص المحكمة المدنية ولائيا بنظر الدعوى والزام المدعى بالمصروفات والاتعاب.
وبجلسة 25/ 1/ 1975 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وباحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة المختصة بنظرها. وباحالة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى قيدت فى جدولها برقم 998 لسنة 29 ق.
وعدل المدعى طلباته الى طلب الحكم بالزام بنك مصر بأن يؤدى له تعويضا عن تخطيه فى الترقية الى الفئة الثانية من 16/ 1/ 1964 وقدم مذكرة حدد فيها قيمة
التعويض المطلوب بمبلغ 7221.104 مليم جنيه ثم قدم مذكرة لاحقة حدد فيها قيمة التعويض  بمبلغ 11071.065 مليم جنيه وهذا المبلغ عبارة عن 4495.284 فروق العلاوات وبدل  التمثيل، 2725.920 مليم جنيه فروق المعاش عن عشر سنوات، 3849.961 مليم جنيه فروق مكافآت نهاية الخدمة
وعقب بنك مصر على الدعوى بقوله أن حركة الترقيات محل الطعن صدرت طبقا للائحة البنك المعمول بها فى سنة 1956 والتى نصت على جعل الترقية الى الفئة الثانية بالاختبار للكفاية مع مراعاة الأقدمية فالكفاية هى مناط المفاضلة عند الترقية بالاختيار وهى عنصر تقدره الادارة بلا معقب عليها الا اساءة استعمال السلطة. والمدعى التحق بخدمة البنك فى 13/ 10/ 1934 بمؤهل متوسط هو دبلوم التجارة المتوسطة ثم حصل على دبلوم الدراسات التكميلية سنة 1948 وتم تسكينه فى وظيفة من الفئة الثالثة (مدير فرع) وهى الوظيفة التى كان يشغلها فعلا وتم تسكينه فى 1/ 7/ 1964. أما من استشهد المدعى بهم فهم جميعا كانوا يشغلون وظائف من الفئة الثانية قبل التسكين وقد رقوا جميعا الى وظيفة (مدير ادارة مساعد) فى 1/ 4/ 1964 وتم تسكينهم على هذه الوظيفة من 1/ 7/ 1964. فالمطعون على ترقيتهم كانوا يسبقون المدعى فى شغل الوظائف المقرر لها الفئة الثانية وقد انتهت خدمة المدعى الى المعاش فى 30/ 4/ 1978 ولا يستحق المدعى أى تعويض ما دام البنك لم يصدر عنه خطأ أصاب المدعى بأية اضرار موجبة للتعويض. وفى مذكرة تالية اجاب البنك ان المدعى كان يشغل وظيفة وكيل فرع بنك مصر بمصر الجديدة من 1/ 6/ 1957 وقد تمت تسوية حالته وتسكينه من 1/ 7/ 1964 على وظيفة مدير فرع بالفئة الثالثة وفى 1/ 7/ 1967 رقى مديرا لادارة التفتيش لفروع القاهرة بالفئة الثانية ورقى الى الفئة الاولى فى 23/ 9/ 1975 - وتقضى لائحة 1/ 1/ 1956 التى صدرت على أساسها حركة الترقيات المطعون فيها فى 16/ 1/ 1964 بأن الترقية الى الدرجة الثانية مقصورة على من يشغل وظيفة وكيل فرع أو ما يماثلها وهم رؤساء أقلام المركز الرئيسى وفرع القاهرة ووكلاء فرع الاسكندرية وأمين مخازنها وفرازها الأول ونواب مديرى فروع الخارج والمفتشين المعادلين لوكيل فرع والمفتشين الذين وصلت مرتباتهم الى آخر مربوط الدرجة الثالثة ووكيل قلم القضايا. وقد استشهد المدعى ببعض زملائه منهم رشدى محمود السباعى الذى التحق بالبنك فى 18/ 7/ 1935 ورقى رئيسا لقلم الحسابات الجارية فرع القاهرة فى 1/ 9/ 1959 وحاصل على تقريرين بمرتبة ممتاز قبل حركة ترقيات 16/ 1/ 1964 أما مصطفى أحمد عمر فقد التحق بالبنك فى 16/ 2/ 1932 ورقى رئيسا لقلم التوفير فى 1/ 8/ 1962 وحصل على تقريرين بمرتبة ممتاز قبل ترقيات 16/ 1/ 1964 وسعد زغلول العارف التحق بالبنك فى 10/ 9/ 1946 ورقى رئيسا لقلم الفروع الداخلية فى 1/ 9/ 1959 وحصل على تقريرين بمرتبة ممتاز قبل ترقيته الى الدرجة الثانية فى 16/ 1/ 1964، والترقية بالاختيار متروكة لمطلق سلطان البنك بحسب ما يراه محققا للمصلحة العامة ولا يحده الا اساءة استعمال السلطة ولا يتدخل القضاء فى وزن وتقدير المفاضلة بين المشرحين. وعيب اساءة استعمال السلطة عيب قصدى قوامه أن يكون لدى الادارة قصد اساءة استعمال السلطة. وقرار الترقية المطعون فيه جاء خاليا من أى مخالفة توجب التعويض للمدعى - ودفع البنك بسقوط حق المدعى فى التعويض طبقا لحكم المادة 172 من القانون المدنى لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على علم المدعى بالضرر المدعى به. وطلب الحكم برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.
وبجلسة 27/ 4/ 1980 قضت محكمة القضاء الادارى برفض الدعوى وأقامت هذا القضاء على اساس ان بنك مصر اجرى حركة الترقيات الى الفئة الثانية فى 16/ 1/ 1964 وتضمنت عدم ترقية المدعى الى تلك الفئة وقد تظلم المدعى من جراء عدم ترقيته فى 17/ 2/ 1964 ثم قدم تظلما ثانيا فى 24/ 6/ 1965 الى رئيس مجلس ادارة البنك لتحقيق شكواه وترقيته اسوة بزملائه. وفى 25/ 10/ 1964 اخطر المدعى بتسوية حالته طبقا للقرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 فى الفئة الثالثة من 1/ 7/ 1964 بوظيفة مدير فرع وقد تظلم المدعى من هذه التسوية فى 14/ 11/ 1965 وطلب مساواته بزملائه الذين فى الفئة الثانية. وهذه الوقائع تكشف عن علم المدعى بالقرار الصادر فى 16/ 1/ 1964 المتضمن عدم ترقيته الى الفئة الثانية. ورفضت المحكمة اسناد سقوط حق المدعى فى التعويض الى حكم المادة 172 مدنى التى وردت بشأن الحقوق الناشئة عن المصدر الثالث من مصادر القانون المدنى وهو العمل غير المشروع ذلك أن مسئولية البنك عن القرارات الادارية تنسب الى القانون كمصدر للالتزام باعتبار ان القرارات الادارية تصرفات قانونية وليست عمالا مادية واسندت المحكمة سقوط حق المدعى فى التعويض الى المادة 375 مدنى الخاصة بالتقادم، اذ يسرى على طلب التعويض أحكام التقادم التى تسرى على المرتبات والأجور لان التعويض هو من طبيعة الحق الأصلى وهو المرتب فيتقادم بمدة التقادم التى تسرى على المرتبات وقد علم المدعى خلال عامى 1964، 1965 بتخطيه فى الترقية الى الفئة الثانية، الا انه أقام الدعوى فى 22/ 9/ 1974 بعد انقضاء أكثر من خمس سنوات طبقا لحكم المادة 375/ 1 مدنى التى تسرى على الحقوق الدورية المتجددة ومنها المهايا والأجور والمعاشات. وخلصت المحكمة من ذلك الى سقوط حق المدعى فى التعويض والى القضاء برفض الدعوى.
ويقوم الطعن على اساس ان الاصل ان يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الاستثناءات ومنها الاستثناءات المنصوص عليه فى المادة 375 مدنى. ولما كان الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره فان الحكم المطعون فيه اذ توسع فى تفسير المادة 375 مدنى واعمالها فى شأن طلب التعويض على الرغم من ان النص لا يشمل طلبات التعويض كما ان التعويض لا يعتبر حقا دوريا متجددا، بل هو مال ثابت لا يتعدى أثره تاريخ صدور الحكم بخلاف قضاء التسويات الذى يمتد اثر الحكم فيها الى ما بعد صدوره من فروق مالية دورية متجددة. والمرتب فى المنازعة الماثلة هو طريقة حساب الضرر الذى لحق بالمدعى طالب التعويض. وحكم المادة 375/ 1 لا تسرى على التعويضات ولكنها تسرى على منازعات التسويات ولقاضى التعويض سلطة فى تقديره بمقدار المرتبات التى حرم منها طالب التعويض أو بأكثر أو بأقل منها والتعويض عن الضرر الأدبى لا يقاس بطريقة الحق الدورى المتجدد ويقدره قاضى التعويض، واصل الحق فى هذه المنازعة هو قرار ادارى خاطئ مطلوب التعويض عنه ومن آثاره الفروق المالية التى ضاعت على المضرور بالقرار محل طلب التعويض. كما ان قضاء التسويات حين يعمل التقادم الخمسى فانه يعمله على الفروق المالية فقط دون اصل الحق. كما أنه لا محل لاعمال احكام القانون المدنى كلها فى مجالات تطبيق القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وقد أخذ القانون الادارى حكم المادة 375 مدنى وصاغها فى حكم المادة 50 من اللائحة المالية للحسابات التى تنص على تقادم المرتبات والأجور والمهايا والمعاشات بالتقادم الخمسى ولا محل لاعمال حكم هذه المادة على العاملين بالقطاع العام وعلى ذلك لا يسرى فى حق المدعى لا حكم المادة 375/ 1 من القانون المدنى ولا حكم المادة 50 من اللائحة المالية للحسابات الحكومية. ولما كان قانون العمل يسرى على المدعى فيما لم يرد بشأنه نص فى قوانين العاملين بالقطاع العام فانه يسرى فى حق المدعى حكم التقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة 698/ 1 مدنى واذ اقام المدعى الدعوى قبل خروجه الى المعاش فانه يكون قد اقامها فى الميعاد وبالتالى لا يسقط حقه فى الفروق المالية. وأوراق الطعن قاطعة فى الدلالة على كفاية المدعى وامتيازه وانحراف البنك بالسلطة حين تخطاه فى الترقية.
ومن حيث الثابت مما تقدم أن المدعى قصر طلباته الختامية على طلب التعويض بواقع 11071.065 مليم جنيه وجعل عناصر التعويض على النحو الآتى:
مليم جنيه
4495.184 فروق العلاوات وبدل التمثيل
2725.920 فروق المعاش عن عشر سنوات
3849.961 فروق مكافآت نهاية الخدمة.
ـــــــ
11071.065 (احد عشر ألف وواحد وسبعين جنيها وخمس وستين مليما).
والثابت من الأوراق أن بنك مصر بصفته مؤسسة عامة طبقا لاحكام القانون رقم 39 لسنة 1960 (واستحدث له هذه الصفة - مؤسسة عامة - الى أن تحول الى شركة مساهمة بالقرار الجمهورى رقم 872 لسنة 1965) اصدر قرارا فى 16/ 1/ 1964 بترقية بعض العاملين من زملاء المدعى الى الدرجة الثانية ولم يرق المدعى الى الدرجة الثانية ضمن ذلك القرار ولكنه رقى الى الدرجة الثانية فى 1/ 7/ 1967 واستمر فى الخدمة الى أن انتهت خدمته بسبب بلوغه السن القانونية فى 30/ 4/ 1978 والثابت من الأوراق ان المدعى حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة سنة 1934 والتحق بخدمة بنك مصر فى 13/ 10/ 1934 وكان قد حصل على تقريرين بمرتبة (ممتاز) فى السنتين السابقتين على قرار الترقية محل هذه الخصومة وذلك فى كل من سنتى 1962، 1963. وكان من بين المرقين الى الدرجة الثانية فى 16/ 1/ 1964 من زملاء المدعى كان من رشدى محمود السباعى وهو لاحق على المدعى فى ترتيب الاقدمية اذ بينما عين المدعى فى خدمة البنك - بنك مصر - فى 13/ 10/ 1934 ورقى الى الدرجة الثانية فى 1/ 6/ 1957 فقد عين رشدى محمود السباعى فى خدمة بنك مصر وهو حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة ويشترك مع المدعى فى الحصول على دبلوم التجارة التكميلية - عين فى 18/ 7/ 1935 ورقى الى الدرجة الثالثة فى 1/ 9/ 1959 تاليا للمدعى الذى رقى الى تلك الدرجة فى 1/ 6/ 1957، كما حصل رشدى محمود السباعى على تقريرين بمرتبة (ممتاز) فى سنتى 1962، 1963 ورقى الى الدرجة الثانية اعتبارا من 16/ 1/ 1964 من زملاء المدعى مصطفى أحمد عمرو الذى رقى الى الدرجة الثالثة فى 1/ 8/ 1962 وحصل على تقريرين بمرتبة (ممتاز) فى سنتى 1962، 1963 والثابت من الأوراق أنه بعد صدور قرار بنك مصر فى 16/ 1/ 1964 بترقية بعض زملاء المدعى الى الدرجة الثانية - متضمنا عدم ترقيته الى تلك الدرجة رغم توافر عنصرى الكفاية والأقدمية فى حقه تظلم المدعى من القرار سالف الذكر بما يقطع بثبوت علمه اليقينى به وبمحتوياته متضررا من عدم ترقيته الى الدرجة الثانية بموجبه الى رئيس وعضو مجلس الادارة المنتدب فى 17/ 2/ 1964 وفى 24/ 6/ 1965، الا أنه - أى المدعى - لم يرفع الدعوى بطلب ارجاع أقدميته الى الدرجة الثانية من 1/ 7/ 1967 الى 16/ 1/ 1964 وهو الطلب الذى عدل عنه اكتفاء بطلب الحكم له بالزام بنك مصر بأن يؤدى له تعويضا مقداره 065ر11071 عن الأضرار التى اصابته من جراء تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثانية فى 16/ 1/ 1964 - لم يرفع الدعوى الا فى 22/ 9/ 1974 بعد اكثر من عشر سنوات كاملة على تظلمه من القرار محل المخاصمة فى 17/ 2/ 1964.
ومن حيث أن المادة 375 من القانون المدنى تقضى بأن يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد - ولو أقر به المدين - كالأجور والمعاشات والمهايا والايرادات المرتبة. وقد جرى قضاء المحكمة الادارية العليا على أن مسئولية الحكومة عن القرارات الادارية - بوصفها تصرفات قانونية - مصدرها القانون، وان التعويض المترتب على القرارات غير المشروعة هو من طبيعة الحق الاصلى الذى فات على المضرور من جراء القرار الادارى غير المشروع وكان مصدره القانون ذاته ولما كان التعويض الذى يطالب به المدعى فى هذه الدعوى - بافتراض التسليم بأحقيته قانونا للتعويض عن الاضرار التى اصابته من جراء صدور قرار بنك مصر المتضمن عدم ترقيته الى الدرجة الثانية اعتبارا من 16/ 1/ 1964 - ولما كان التعويض فى هذه الدعوى مطلوبا مقابل حرمان المدعى من مرتبات وعلاوات وبدل التمثيل الى غير ذلك من حقوق الوظيفة العامة المترتبة على الترقية الى الدرجة الثانية فى 16/ 1/ 1964 بالقرار المطعون عليه. ولما كان الحق الأصلى فى مرتب وعلاوات الدرجة الثانية اعتبارا من 16/ 1/ 1964 قد سقط بالتقادم الخمسى طبقا لحكم المادة 375 من القانون المدنى فان دعوى التعويض تسقط بسقوط الحق الأصلى بمضى المدة المسقطة للرواتب والأجور والمهايا وهى خمس سنوات من تاريخ علم المدعى علما يقينيا بنشوء حقه فى الترقية الى الدرجة الثانية ضمن قرار البنك الصادر فى 16/ 1/ 1964 وذلك من تاريخ تقديم تظلمه الأول فى 17/ 2/ 1964 دون اقامة الدعوى بطلب التعويض فى يوم 16/ 2/ 1969 اذ الثابت كما تقدم أن المدعى أقام الدعوى 22/ 9/ 1974، فالتعويض مقابل الحرمان من المرتب وملحقاته بسبب التخطى فى الترقية استنادا الى عدم مشروعية قرار الادارة المتضمن تخطى العامل فى الترقية الى الدرجة أو الوظيفة الأعلى تسرى عليه مدة التقادم المسقطة للحق الاصلى ذاته فى المرتب والاجور وبديهى ان التقادم الخمسى لا يقوم على قرينة الوفاء، ولكنه يقوم على أساس انه يفترض فى المدين أداء الديوان الدورية المتجددة المستحقة عليه من ايراده، وأنه لو أجبر المدين على الوفاء بما تراكم من هذه الديون بعد انقضاء خمس سنوات فأكثر من تاريخ استحقاقها كان ذلك يقضى الى تكليفه بما يجاوز السنة والقرينة التى تقوم عليها التقادم الخمسى - وهى حماية موازنة المدين وعدم تكليفه بما يجاوز السنة - قرينة لا تقبل الدليل العكسى، فلا يقبل فى هذه الخصومة القول بالملائمة الملاية لبنك مصر - ما دام قد ثبت انقضاء خمس سنوات من تاريخ نشوء حق المدعى فى التعويض دون ان يقيم الدعوى، ومتى كان الثابت ان المدعى توافر له العلم اليقينى بالقرار المتضمن تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثانية فى 16/ 1/ 1964 وذلك من خلال تظلمه من ذلك القرار فى 17/ 2/ 1964 الا انه لم يقم الدعوى بطلب التعويض الا فى 22/ 9/ 1974 تاريخ ايداع صحيفتها قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة، فان الدعوى تكون قد اقيمت بعد سقوط حق المدعى فى مرتبات الدرجة الثانية وفى التعويض مقابل حرمانه من هذه المرتبات بانقضاء أكثر من خمس سنوات من تاريخ نشوء حقه فى الرواتب دون رفع دعوى التعويض طبقا لحكم المادة 375 من القانون المدنى، الامر الذى يوجب الحكم برفض الدعوى. ومتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى فانه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون الطعن فيه فى غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون الأمر الذى يجب معه الحكم برفض الطعن.
ومن حيث أنه لما تقدم فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.