مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 561

(84)
جلسة 12 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادسة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم ومحمد عبد الرازق خليل وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 472 لسنة 26 القضائية

( أ ) قرار ادارى - منازعة ادارية - اختصاص.
طلب الغاء قرار الجهة الادارية ممثلة فى وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية السلبى بالامتناع عن الغاء الخصم الذى تم بمناسبة التحويل الذى أجرته المدعية من حسابها غير المقيم لدى أحد البنوك المحلية الى حساب احدى السفارات الأجنبية بالقاهرة - هذه المنازعة ادارية بطلب الغاء قرار ادارى وليست منازعة تجارية - اختصاص محاكم مجلس الدولة طبقا لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - أساس ذلك.
(ب) دعوى - صفة - قبول.
توجيه الدعوى الى الجهة الادارية صاحبة الصفة وهى وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية باعتبارها الوزارة المتصلة بالنزاع موضوعا - استحداث وزارة للاقتصاد فى التشكيل الوزارى. الدعوى - لا أثر له على أوضاع الدعوى الشكلية ما دام ان الثابت ان الجهة الادارية اتصلت بالنزاع وتمكنت من ابداء دفاعها فيه - لا وجه للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة.
(جـ) بنوك - تحويلات - ضريبة - مناطها.
مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 149 لسنة 1964 ان التحويلات الخارجية الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالاعانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين الى الخارج هى التى يتحقق بشأنها الواقعة المنشئة للضريبة المفروضة - الانفاق المحلى بطريق الخصم من أرصدة الحسابات غير المقيمة لدى البنوك المحلية لا يعتبر تحويلا الى الخارج فى تطبيق أحكام هذا القانون اذ لا يؤدى الى دفع فى الخارج وهو شرط أساس استحقاق تلك الضريبة لا يتحقق هذا الشرط باضافة المبلغ محل هذا الانفاق الى حساب آخر غير مقيم لسفارة أجنبية لدى البنوك المحلية مهما كانت المزايا المقررة فى القانون والعرف الدوليين للسفارة الأجنبية وما عليها من أوضاع دولية - أرصدة هذا الحساب تظل واقعا وقانونا داخل الدولة الكائن بها دار السفارة ولا تعد فعلا أو حكما لدى بنوك الدولة الأجنبية - المبالغ المضافة عمليا الى أرصدة هذا الحساب لا تعد تحويلا الى الخارج.


اجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 18 من فبراير سنة 1980 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير المالية والاقتصاد والخارجية قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 472 لسنة 26 القضائية ضد السيدة/ حانين بول طرايديان عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 25 من ديسمبر سنة 1979 فى الدعوى رقم 677 لسنة 28 القضائية المقامة من المطعون ضدها ضد:
1- وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية.
2- بنك الاسكندرية فرع قصر النيل بالقاهرة الذى قضى.
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
ثانيا: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ثالثا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة.
رابعا: بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار خصم ضريبة التحويلات الرأسمالية المفروضة بالقانون رقم 149 لسنة 1964 من المبلغ الذى حولته المدعية من حسابها غير المقيم ببنك الاسكندرية فرع قصر النيل بتاريخ 1/ 4/ 1974 والزام الحكومة بالمصاريف.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصليا بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها مع الزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن قانونا وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم.
أولا: برفض طلب وقف التنفيذ مع الزام الطاعن مصاريف هذا الطلب.
ثانيا: الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع الزام الطاعن المصاريف.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول مارس 1982 ثم قررت الدائرة بجلسة 3 من مايو سنة 1982 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 12 من يونيه 1982 حيث نظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات قررت بجلسة 29 من يناير سنة 1983 اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أنه بتاريخ 10 من ابريل 1974 أقامت السيدة/ جانين بول مرابيديان الدعوى رقم 677 لسنة 28 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى ضد:
1 - وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية:
2 - بنك الاسكندرية فرع قصر النيل بالقاهرة طالبة الحكم بالغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار مع المصروفات والأتعاب.
وجاء فى بيان الدعوى انها فى 1/ 4/ 1974 تقدمت بطلب الى وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية أوضحت فيه أنها حولت فى ذات التاريخ مبلغا من حسابها لدى بنك الاسكندرية فرع قصر النيل - تحويلا داخليا طبقا لمعاهدة زيورخ الى السفارة الفرنسية بالقاهرة، فقام البنك بخصم 5% من المبالغ المحولة كضريبة رأس مالية لصالح الخزانة و 6% كضريبة مستترة فى صورة قومسيون مصرفى باهظ، ولأن هذا الخصم لا يتفق مع الدستور والقانون فقد التمست الغاء الخصم الذى تم فى 1/ 4/ 1974 بمناسبة التحويل المشار اليه، ولما لم يصادف طلبها قبولا فقد أقامت هذه الدعوى طعنا فى القرار السلبى بالامتناع عن الغاء الخصم.
وعقبت ادارة قضايا الحكومة فدفعت بعدم الاختصاص الولائى للمحكمة تأسيسا على أن المنازعة فى نطاق المعاملات المصرفية التى تجريها البنوك التجارية وفقا لأحكام القانون التجارى، وليست محلها قرارا اداريا. كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر فى القضية رقم 2508 لسنة 26 ق بجلسة 23/ 11/ 1976 بالغاء القرار المطعون فيه وقد صار حكما نهائيا. ودفعت بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها على غير ذى صفة وباعتبار أن صاحب الصفة فى الدعوى وهو وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لأن وزارة الاقتصاد استحدثت فى التشكيل الوزارى بعد أن كانت جزءا من أعمال وزارة المالية. وأشارت الى أن القرار المدعى وجوده هو منشور يتضمن القواعد اللازمة لتنفيذ القانون رقم 149/ 1964 ولا يرقى الى مرتبة القرار الادارى. وعن الموضوع أبدت الادارة أن القانون رقم 149/ 1964 قضى فى مادته الأولى بفرض ضريبة قدرها 5% على التحويلات الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالأمانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين الى الخارج أيا كانت طريقة التحويل حتى ولو حملها المسافر عند خروجه من البلاد. وقد أصدرت الادارة العامة للنقد منشورا للبنوك فى 11/ 4/ 1964 يتضمن القواعد اللازمة لتنفيذ هذا القانون ويحدد مضمون التحويلات التى يستحق عنها الرسم ولما كانت الحسابات المجمدة أحد أنواع الحسابات غير المقيمة ومن بينها الحسابات الفرنسية مودع بها مبالغ ذات طبيعة رأسمالية غير قابلة للدفع فى الخارج من وجهة نظر الرقابة على النقد، فقد وجدت الادارة العامة للنقد أن سلامة تنفيذ المادة الأولى من القانون المشار اليه بنظر تحصيل ضريبة الـ 5% على المبالغ التى يتم صرفها محليا خصما من الحسابات المجمدة. وبناء على ذلك قام البنك بخصم الضريبة المذكورة على المبلغ المحول، واستطردت الادارة الى أن المدعية حولت جزءا من حسابها المجمد غير المقيم الى السفارة الفرنسية المقيدة طبقا للعرف والأوضاع الدبلوماسية جزءا من الدولة الفرنسية وبذلك يكون التحويل قد تم الى الخارج حقيقة وفعلا.
وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل على الوجه السالف بيانه، وأقامت قضاءها فى الدفع بعدم الاختصاص الولائى للمحكمة على أن النزاع فى حقيقته قائم بين المدعية ووزارة المالية حول قرار الادارة العامة للنقد بتحصيل الضريبة المذكورة من المبلغ الذى حولته المدعية من حسابها غير المقيم الى حساب آخر غير مقيم داخل البلاد وان اجراءات البنك لا تعدوا أن تكون اجراءات تنفيذية ومن ثم يدخل النزاع فى اختصاص المحكمة طبقا لقانون مجلس الدولة. وبالنسبة الى الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بمقتضى الحكم الصادر بجلسة 23/ 11/ 1976 فى الدعوى رقم 2508 لسنة 26 ق فقد ذهب الحكم الى أن القرار محل الدعوى المذكورة - وهو قرار بالخصم استبقاء لذات الضريبة يختلف عن القرار موضوع الدعوى الماثلة فى المبلغ المحول وفى تاريخ التحويل وفى مقدار الضريبة المخصومة، وبالتالى فلا حجية للحكم الصادر فيها فى المنازعة الحالية. وعن الدفع بعدم القبول الشكلى للدعوى لرفعها على غير ذى صفة، أسس الحكم قضاءه على أن الحكومة لم تبين تاريخ التشكيل الوزارى الذى استحدث وزارة الاقتصاد ونقل اليها أعمال الرقابة على النقد وما اذا كان هذا التاريخ سابقا أو لاحقا للقرار المطعون فيه، كما ان الدعوى موجهة فى الأصل الى وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية أى أن الجهة المختصة كانت مختصة فى الدعوى وقدمت فيها دفاعا.... وفى الموضوع بنى الحكم المطعون فيه قضاءه على أن المستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 149 لسنة 1964 بفرض رسم على التحويلات الرأسمالية، أن الواقعة المنشئة للضريبة لا تتحقق الا بتوافر شروط ثلاثة هى:
أولا: التحويل أى ان يلجأ شخص الى مصرف للحصول على حاجته من النقد الأجنبى مقابل دفع قيمته نقدا فى مصر.
ثانيا: ان يكون التحويل الى الخارج، أى أن يكون دفع النقد الأجنبى خارج البلاد، مع اعتبار المبالغ التى يحملها المسافرين ضمن خروجه من البلاد دفعا فى الخارج.
ثالثا: أن يكون التحويل لأحد الأغراض التى حددها القانون وهى المبالغ التى لها صفة رأس المال والاعانات والمبالغ التى يرخص بها للمسافرين لمواجهة نفقاتهم فى الخارج، وان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعية لم تقم بتحويل جزء من حسابها المجمد غير المقيم الى الخارج تحويلا حقيقيا فعليا بالمعنى الذى قصده القانون رقم 149/ 1964 وانما نقلت جزءا من حسابها الى حساب آخر مجمد غير مقيم داخل البلاد وبذلك تنتفى الواقعة المنشئة للضريبة المفروضة بالقانون المذكور ويكون خصمها من المدعية على غير أساس سليم من القانون دون أن يغير من ذلك القول بأن السفارة الفرنسية بالقاهرة تعتبر جزءا من الدولة الفرنسية طبقا للعرف والأوضاع الدبلوماسية لأن ذلك تقرر فى القانون الدولى كامتياز للمبعوثين الدبلوماسيين لتبرير عدم التعرض لدار البعثة السياسية الأجنبية وقد عول عن هذا التبرير فى الوقت الحالى، كما أن التحويل تم لحساب السفارة غير المقيم فى البنوك المحلية وهى تقع خارج مقر السفارة ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وحاصل أسبابه.
أولا: أن المنازعة فى حقيقتها هى منازعة تجارية تخرج عن اختصاص مجلس الدولة، لأن المدعية تطلب رد المبلغ الذى تم انقطاعه وهو ليس فقط ما خصم منها كضريبة (5%) وانما أيضا ما تم خصمه كعمولة مصرفية (6%).
ثانيا: أن الثابت أنه بعد رفع الدعوى استحدثت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية كوزارة مستقلة وهى الوزارة صاحبة الصفة فى الدعوى وكان ينبغى تصحيح شكل الدعوى بتوجهها اليها ذلك أن الدفع المتعلق بذلك هو من النظام العام ويجوز ابداؤه فى أى وقت.
ثالثا: ان ما تم خصمه كضريبة لم يستند الى قرار وانما الى أحكام القانون رقم 149 لسنة 1964 وان منشور ادارة النقد بشأن كيفية تنفيذ أحكام القانون لا يرقى الى مرتبة القرار الادارى.
رابعا: انه لا يمكن الحكم على مدى صحة قضاء الحكم المطعون فيه فى الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لعدم العثور على ملف الدعوى رقم 2508 لسنة 26 ق.
خامسا: ان حكم المادة الأولى من القانون رقم 149/ 1964 المشار اليه جاء مطلقا دون تحديد، فقط اشترط ان يكون التحويل للخارج دون أن يتطلب أن يكون هذا التحويل فعليا بل قد يكون حكميا، كما أن التحويل تم الى سفارة فرنسا وهى تعتبر طبقا للعرف الدبلوماسى جزءا من الدولة الفرنسية وما رددته المحكمة من أن التحويل قد تم لحساب السفارة غير المقيم فى البنوك المحلية مردود بأنه لا يمكن الفصل بين الشخص الاعتبارى وذمته المالية كما أن القول بأن التحويل الى السفارات الأجنبية لا يعد تحويلا الى الخارج قد يفتح الباب على مصراعيه لتهريب الأموال الوطنية الى الخارج لعدم إمكانية تطبيق قوانين النقد على هذه الأموال على النحو الواجب اتباعه مما يضر بالصالح العام.
ومن حيث ان ادارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة لاحقة قالت فيها أنه لا وجه للاستناد الى الحكم الصادر فى القضية المنضمة رقم 2508 لسنة 26 القضائية المشار اليها عند الفصل فى هذا الطعن، لاختلاف الموضوع فى كل منهما، فالمدعية فى القضية المنضمة قامت فقط بتحويل مبلغ من حسابها المجمد غير المقيم الى حساب آخر غير مقيم ومن ثم فلم يقيد الحكم الصادر فى الدعوى المنضمة مثل هذا التحويل انه قد تم الى الخارج حقيقة ولا ينطبق فى شأنه القانون رقم 149 لسنة 1964 وهو ما يختلف تماما عن موضوع الطعن الراهن إذ قامت المطعون ضدها بتحويل جزء من حسابها غير المقيم الى السفارة الفرنسية التى تعتبر بموجب أحكام القانون الدولى جزءا من الدولة الفرنسية وبالتالى يكون التحويل قد تم الى الخارج بما يؤدى الى انطباق أحكام القانون وبالتالى الى تحصيل الضريبة المقررة والتى تتحقق سواء كان التحويل فعلا أو حكما.
ومن حيث انه عن الدفوع التى آثارتها الحكومة فى الدعوى والطعن الماثل عن الاختصاص والصفة وسابقة الفصل فى الدعوى، فجميعها مردودة ولا سند لها من القانون، ذلك أن اختصاص القضاء الادارى بنظر تلك المنازعة قائم نظرا الى أن محل الدعوى مثار الطعن - وعلى ما يبين من عريضتها - هو طلب الغاء قرار الجهة الادارية ممثلة فى وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية السلبى بالامتناع عن الغاء الخصم الذى تم فى 1/ 4/ 1974 بمناسبة التحويل الذى أجرته المدعية من حسابها غير المقيم لدى بنك الاسكندرية فرع قصر النيل الى حساب السفارة الفرنسية بالقاهرة، وبهذه المثابة كانت المنازعة ادارية بطلب الغاء قرار ادارى وليست منازعة تجارية ولذا تختص بها محاكم مجلس الدولة طبقا لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. كذلك فقد وجهت الدعوى الى الجهة الادارية صاحبة الصفة وهى وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية باعتبارها الوزارة المتصلة بالنزاع موضوعا، أما القول كما ذهب الطعن باستحداث وزارة للاقتصاد فى التشكيل الوزارى بعد رفع الدعوى ينيط بها جزءا من أعمال وزارة المالية فلا أثر له على أوضاع الدعوى الشكلية ما دام أن الثابت أن الجهة الادارية اتصلت بالنزاع وتمكنت من ابداء دفاعها فيه فتصدت لموضوعه على نحو بات معه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعه على غير ذى صفة ولا وجه له - أما الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بمقتضى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 23/ 11/ 1976 فى الدعوى رقم 2508 لسنة 26 القضائية، فلا أساس له لاختلاف موضوع الدعوى المذكورة عن موضوع الدعوى المنظورة من ناحية مقدار المبلغ المحول وتاريخ التحويل مقدار الضريبة المخصومة طبقا للثابت من ملف القضية سالفة الذكر والذى أمرت المحكمة بضمه الى الطعن الماثل بجلسة 30 من أكتوبر سنة 1982.
ومن حيث أن القانون رقم 149 لسنة 1964 بفرض رسم على التحويلات الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالاعانات والمسافرين ينص فى مادته الأولى على أن "تفرض ضريبة قدرها 5% على التحويلات الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالاعانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين الى الخارج أيا كانت طريقة التحويل حتى ولو حملها المسافر عند خروجه من البلاد".
ومن حيث أن مؤدى النص المتقدم أن التحويلات الخارجية الرأسمالية والتحويلات الخاصة والاعانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين الى الخارج هى التى يتحقق بشأنها الواقعة المنشئة للضريبة المفروضة بالقانون المذكور، أما الانفاق المحلى بطريق الخصم من أرصدة الحسابات غير المقيمة ومن بينهما الحسابات الجارية المجمدة لدى البنوك المحلية فلا يعتبر تحويلا الى الخارج فى تطبيق أحكام هذا القانون، اذ لا يؤدى ذلك الى دفع فى الخارج وهو شرط أساسى لاستحقاق تلك الضريبة، ومن ثم لا يتحقق هذا الشرط باضافة المبلغ محل هذا الاتفاق الى أى حساب آخر غير مقيم لسفارة أجنبية لدى أحد البنوك المحلية، فمهما كانت المزايا المقررة فى القانون والعرف الدوليين للسفارة الأجنبية وما يضفيانه عليها من أوضاع دولية فان أرصدة هذا الحساب تظل واقعا وقانونا داخل الدولة الكائن بها دار السفارة ولا تعد فعلا أو حكما لدى البنوك الدولية الأجنبية. ومن ثم فان المبالغ المضافة عمليا الى أرصدة هذا الحساب لا تعد تحويلا الى الخارج فى معنى القانون رقم 149/ 1964 المشار اليه - ولا ينال من ذلك ما أثاره الطعن عن تهريب الأموال الى الخارج فيما لو لم تفرض الضريبة على التحويلات التى تتم الى السفارات الأجنبية، فتلك مسألة لا شأن لها بأمر استحقاق الضريبة من عدمه حيث المناط فى فرضها هو تحقق الواقعة المنشئة لها على ما سلف البيان، فضلا عن أن تهريب الأموال الى الخارج من جرائم النقد التى تكفلت بها قوانين النقد ولا حصانة لأحد فى مواجهتها.
ومن حيث انه بناء على ما تقدم، لما كان الثابت من الأوراق ان المدعية قامت بتاريخ 1/ 4/ 1974 بصرف مبلغ من حسابها غير المقيم لدى بنك الاسكندرية - فرع قصر النيل - لحساب السفارة الفرنسية غير المقيم لدى بنك القاهرة، فان ما تم على هذا النحو لا يعد من التحويلات الخارجية الرأسمالية التى تستحق عنها الضريبة المفروضة بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 149 لسنة 1964 المشار اليه. وبالتالى فان الضريبة المخصومة من حساب المدعية بمناسبة هذه العملية (5%) تكون غير مستحقة قانونا واجبة الرد مما يتعين معه الغاء القرار المطعون فيه فيما انطوى عليه من امتناع عن الغاء خصم هذه الضريبة. أما ما تم خصمه من حساب المدعية كعمولة مصرفية (6%) فلا محل لاثارته فى الطعن الماثل، ما دام أنه مقام من الحكومة وحدها وأن - الحكم المطعون فيه لم ينص بشيء فى أمر هذه العمولة.
ومن حيث انه لما تقدم من أسباب لا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ويكون الطعن عليه فى غير محله متعين الرفض والزام الجهة الادارية الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الحكومة بالمصروفات.