مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 579

(87)
جلسة 19 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاتذة محمود عبد العزيز الشربينى ونصحى بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دجروج - المستشارين.

الطعن رقم 208 لسنة 24 القضائية

ادارة محلية - اختصاص المحافظ - تفويض.
القانون رقم 37 لسنة 1968 نظم تفويض المحافظ لغيره فى بعض اختصاصاته تنظيما حدد فيه الأشخاص الذين يجوز تفويضهم فى ممارسة هذه الاختصاصات ولم يرد به ذكر لمساعد المحافظ - صدور قرار جمهورى بالأذن للمحافظ فى تقرير مساعدة فى بعض الاختصاصات - غير جائز - أساس ذلك: لا يجوز الخروج على حدود التفويض المقررة بالقانون رقم 37 لسنة 1968 الا بأداه من ذات المرتبة أى بقانون وليس بقرار جمهورى - صدور قرار مساعد المحافظ بناء على تفويضه بمجازاة موظف مخالف للقانون - أساس ذلك صدوره ممن لا يملك اصداره - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق الأول من مارس سنة 1978 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن كل من السيد/ وزير الصحة والسيد/ محافظ القاهرة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير بالطعن قيد برقم 208 لسنة 24 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارتى الصحة والاسكان بجلسة 4 من يناير سنة 1978 فى الدعويين رقم 109 لسنة 7 القضائية رقم 112 لسنة 7 القضائية المقامتين من السيد الدكتور (المطعون ضده) ضد الطاعنين والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر فى 20 من يناير سنة 1970 فيما تضمنه من مجازاة المدعى بخصم سبعة أيام من راتبه ورفض ما عدا ذلك من طلبات مع الزام كل من طرفى الخصومة مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطلبت ادارة قضايا الحكومة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من الغاء الجزاء سالف الذكر من الزام المطعون ضده المصروفات. وأعلن تقرير الطعن الى المطعون ضده فى 22 من أبريل سنة 1978 وقدم السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن انتهى فيه الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من مايو سنة 1982 وبجلسة 26 من يناير سنة 1983 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 12 من فبراير سنة 1983، وبعد أن استمعت المحكمة الى ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن الدكتور/ (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 1515 لسنة 24 القضائية ضد كل من وزير الصحة ومحافظ القاهرة بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 19 من يولية سنة 1970 طلب فى ختامها الحكم بصفة أصلية بالغاء قرار الجزاء رقم 172 لسنة 1970 الصادر من مساعد محافظ القاهرة فى 20 من يناير سنة 1970 بمجازاته بخصم سبعة أيام من راتبه لما نسب إليه من أنه بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1969 منح السيد/ .... اجازة مرضية لمدة ثلاث أيام دون توقيع الكشف الطبى عليه وتشخيص حالته. وبصفة احتياطية الحكم بالزام الجهة الادارية بأن تؤدى له مبلغ مائتى جنيه تعويضا له عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جزاء هذا القرار ثم أقام الدعوى رقم 3001 لسنة 26 القضائية بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 24 من أغسطس سنة 1972 طلب فى ختامها الحكم بصفة أصلية بالغاء قرار الجزاء رقم 264 الصادر فى 22 من مايو سنة 1971 من وكيل الوزارة لمديرية الشئون الصحية لمحافظة القاهرة بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه وبصفة احتياطية بالزام الجهة الادارية بأن تؤدى له مبلغ مائتى جنيه تعويضا له عن الاضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء هذا القرار. وبتاريخ 28 من أغسطس سنة 1973 قرر السيد المستشار رئيس محكمة القضاء الادارى (دائرة الجزاءات) احالة كل من هاتين الدعوتين الى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارتى الصحة والاسكان للاختصاص. وقيدت الدعوى رقم 1515 لسنة 24 القضائية فى جدول المحكمة التأديبية برقم 113 لسنة 7 القضائية كما قيدت الدعوى رقم 3001 لسنة 26 القضائية فى جدول المحكمة المذكورة برقم 109 لسنة 7 القضائية حيث عدل المدعى طلباته فى هذه الدعوى الأخيرة الى طلب الحكم بالغاء القرار رقم 270 لسنة 1973 بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه وبجلسة 6 من نوفمبر سنة 1972 قررت المحكمة التأديبية ضم الدعوتين ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 4 من يناير سنة 1978 قضت بالغاء القرار الصادر من مساعد محافظ القاهرة فى 20 من يناير سنة 1970 بمجازاة المدعى بخصم سبعة أيام من راتبه وبرفض ماعدا ذلك من الطلبات وألزمت كل من طرفى الخصومة مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها بالغاء هذا القرار على أنه صدر من غير مختص باصداره، ذلك أن قانون الادارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 الذى صدر القرار المطعون فيه فى ظله وأن كان قد خول المحافظ سلطة توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين فى دائرة المحافظة من الوزارات التى نقلت اختصاصاتها الى الادارة المحلية فى حدود اختصاص الوزير ووكيل الوزارة على ما يستفاد من أحكام المادتين 6 و 7 من القانون المذكور والمادة 22 من لائحته التنفيذية الا أن هذا القانون لم يخول المحافظ سلطة تفويض غيره فى ممارسة هذا الاختصاص التأديبى مثلما فعل القانون اللاحق عليه رقم 57 لسنة 1971 الذى أنشأ منصب مساعد المحافظ وأجاز للمحافظ فى المادة 28 منه أن يفوض مساعد المحافظ فى بعض اختصاصاته. ولا يجوز الاستناد فى هذا الصدد الى أحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 فى شأن التفويض فى الاختصاصات الذى خول الوزراء ووكلاء الوزارة سلطة تفويض غيرهم فى بعض اختصاصاتهم لأن من القواعد الأصولية أن أحكام التفويض فى الاختصاص ذات طابع استثنائى وتخضع فى تفسيرها لقواعد التفسير الضيق اذ الاختصاص واجب يلتزم صاحبه بأن يمارسه بنفسه وليس ميزة أو حقا يسوغ له أن يعهد به الى سواه ومن ثم فان أحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 المشار اليه لا تسرى الا بالنسبة للوزراء ووكلاء الوزارات بوزارتهم دون غيرهم من أعضاء الادارة المركزية وأعضاء الادارة المحلية المعهود اليهم باختصاصات الوزير فى أمور معينة كما هو الشأن بالنسبة للمحافظين. وأنه اذا كان القانون رقم 37 لسنة 1968 فى شأن التفويض فى بعض الاختصاصات قد أجاز للمحافظ أن يفوض ممثلى الوزارات فى مجلس المحافظة والسكرتيرين العامين للمحافظات ورؤساء المدن والقرى فى بعض اختصاصاته فى المسائل المالية والادارية الا أنه لا يجوز قياس اختصاص المحافظ التأديبى على المسائل المالية والادارية المشار اليها فى هذا النص تمشيا مع ضرورة التزام التفسير الضيق فى مجال التفويض فى الاختصاصات ولا يغير من الأمر شيئا فى هذا الخصوص أنه كان قد صدر القرار الجمهورى رقم 4431 لسنة 1966 بتعيين مساعد لمحافظ القاهرة وان محافظ القاهرة أصدر القرار رقم 146 (صحة الرقم 1460) فى 22 من نوفمبر سنة 1966 بتفويض مساعد المحافظ فى بعض اختصاصاته بالنسبة لمديريات التربية والتعليم والصحة طالما أن قانون الادارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 سالف الذكر لم يرخص للمحافظ فى تفويض غيره فى بعض اختصاصاته.
ومن حيث أن الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك لأن التفويض الصادر من محافظ القاهرة الى مساعد المحافظ بالقرار رقم 1460 لسنة 1966 فى المسائل الادارية والمالية بالنسبة الى مديريات التربية والتعليم والصحة تفويض صحيح صادر ممن يملكه قانونا استنادا الى نص المادة الأولى من القانون رقم 37 لسنة 1968 التى خولت المحافظ بالنسبة للمرافق التى نقلت الى المجالس المحلية ولأجهزة هذه المجالس اختصاصات الوزير ووكيل الوزارة فى المسائل الادارية وأجازت له أن يفوض ممثلى الوزارات فى مجلس المحافظة والسكرتيرين للمحافظات ورؤساء مجالس المدن والقرى فى بعض هذه الاختصاصات ومن ثم فان قرار الجزاء المطعون فيه الصادر من مساعد محافظ القاهرة يكون قد صدر بدوره ممن يختص باصداره قانونا ولا مطعن عليه من هذه الناحية أخذا فى الاعتبار أن مسائل تأديب العاملين تدخل فى مدلول المسائل الادارية المشار اليها فى النص. هذا فضلا عن أن للمحافظ من ناحية أخرى أن يفوض غيره فى اختصاصه التأديبى سالف الذكر استنادا الى أحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 فى شأن التفويض فى الاختصاصات الذى أجاز للوزراء أن يفوضوا غيرهم فى بعض اختصاصاتهم طالما ان للمحافظ حدود اختصاص الوزير فى ممارسة اختصاصه التأديبى المشار اليه.
ومن حيث ان المادة الأولى من القانون رقم 37 لسنة 1968 فى شأن التفويض فى بعض الاختصاصات تنص على أن (تكون للمحافظ بالنسبة للمرافق التى نقلت إلى المجالس المحلية ولأجهزة هذه المجالس اختصاصات الوزير ووكيل الوزارة فى المسائل المالية والادارية عدا ما يختص به مجلس المحافظة ويجوز أن يفوض ممثلى الوزارات فى مجلس المحافظة والسكرتيرين العاملين للمحافظات ورؤساء مجالس المدن والقرى فى بعض هذه الاختصاصات) ولئن كانت مسائل تأديب العاملين بالمحافظات تدخل ضمن المسائل المالية والادارية المشار اليها فى هذا النص الا أن النص المذكور حدد الأشخاص الذين يجوز للمحافظ أن يفوضهم فى ممارسة بعض اختصاصاته فى هذه المسائل تحديدا لم يرد به ذكر لمساعد المحافظ ولا يغنى عن وجوب الالتزام بهذا التحديد القانونى للأشخاص الذين يجوز للمحافظ أن يفوضهم فى بعض اختصاصاته سالفة الذكر أن رئيس الجمهورية كان قد أصدر القرار رقم 4431 لسنة 1966 بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1966 بتعيين السيد/ ...... مساعدا لمحافظ القاهرة لشئون الخدمات ونص على أن يعتبر سيادته عضوا بمجلس المحافظة بحكم وظيفته وعلى أن يعهد اليه بالاختصاصات التى يفوضه بها المحافظ. وأنه تنفيذ لهذا القرار أصدر محافظ القاهرة القرار رقم 1460 لسنة 1966 فى 22 من نوفمبر سنة 1966 بتفويض السيد المذكور فى جميع اختصاصات المحافظ بالنسبة لمديريات التربية والتعليم والصحة والتموين والاسكان والشئون الاجتماعية والعمل وشئون الديوان العام فى الشئون المالية والادارية. لا يصلح هذان القراران سندا لتبرير اختصاص مساعد محافظ القاهرة باصدار قرار الجزاء المطعون فيه، ذلك لأنه من القواعد المقررة فى هذا الصدد ان الاختصاصات المقررة بقانون كما هو الشأن بالنسبة لاختصاص المحافظ التأديبى لا يجوز الاذن بالتفويض فيها بأداة أدنى من القانون، وانه متى أذن القانون بالتفويض فى هذه الاختصاصات فانه لا يسوغ الخروج على حدود هذا الاذن الا بأداة من ذات القوة أى بقانون أيضا. ولما كان قرار رئيس الجمهورية رقم 4431 لسنة 1966 الذى تضمن الاذن لمحافظ القاهرة بتفويض مساعد المحافظ فى بعض اختصاصاته أداة أدنى قوة من نص القانون رقم 37 لسنة 1968 الذى نظم مسألة الاذن للمحافظ فى تفويض غيره فى بعض اختصاصاته تنظيما حدد فيه الأشخاص الذين يجوز تفويضهم فى ممارسة هذه الاختصاصات تحديدا لم يرد به ذكر لمساعد المحافظ على ما تقدم البيان، فمن ثم لا يصلح قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر سندا قانونيا صحيحا فى تبرير قرار محافظ القاهرة رقم 1460 لسنة 1966 بتفويض مساعد المحافظ فى مباشرة الاختصاصات المذكورة ويكون القرار الصادر من مساعد المحافظ بتوقيع الجزاء المطعون فيه قد صدر بالتالى ممن لا يملك اصداره ووقع بذلك مخالفا للقانون. ولا يغير من ذلك أن تحديد الاختصاصات والاذن بالتفويض فيها مما يدخل فى نطاق الاختصاص الدستورى المقرر لرئيس الجمهورية فى ترتيب المصالح العامة ذلك لأن المشرع يملك هو أيضا وبحكم اختصاصه الدستورى كذلك ترتيب المصالح العامة بقانون يصدره. ومتى تدخل المشرع من ناحيته بممارسة هذا الاختصاص وأصدر قانونا ينظم الاختصاصات والاذن بالتفويض فيها على النحو الذى صدر به القانون رقم 38 لسنة 1968 فانه لا يسوغ لرئيس الجمهورية أن يعدل من هذا القانون بقرار منه لا يرقى فى قوته الى قوة القانون الصادر من السلطة التشريعية مثلما فعل القرار الجمهورى رقم 4431 لسنة 1966 سالف الاشارة اليه. ولا يصلح كذلك فى تبرير قرار محافظ القاهرة رقم 1460 لسنة 1966 سالف الذكر الاستناد الى أحكام القانون رقم 42 لسنة 1967 فى شأن التفويض فى الاختصاصات الذى ينص فى المادة الثالثة منه على أن (للوزراء ومن فى حكمهم أن يعهدوا ببعض الاختصاصات المخولة لهم بموجب التشريعات الى المحافظين أو وكلاء الوزارات أو رؤساء المصالح والادارات العامة أو رؤساء الهيئات أو المؤسسات العامة التابعة لهم أو لغيرهم بعد الاتفاق مع الوزير المختص) ذلك لأن هذا النص على ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه وبحق ينظم مسألة التفويض فى الاختصاص فى نطاق الادارة المركزية دون الادارة المحلية التى ورد بشأنها فى هذا الخصوص تنظيم آخر هو القانون رقم 37 لسنة 1968 سالف الاشارة اليه، وطالما ان مسألة التفويض فى الاختصاص بالنسبة للمحافظ ورد بشأنها تنظيم خاص على هذا النحو فانه لا يكون ثمة وجه للرجوع فى هذا الصدد الى التنظيم الوارد فى القانون رقم 42 لسنة 1967 بشأن الادارة المركزية لمجرد ان قانون الادارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 خول المحافظ حدود اختصاصات الوزير فى مسائل تأديب العاملين بالمحافظة اذ الأمر فى هذا الخصوص يتعلق بمجرد تحديد نطاق الاختصاص التأديبى المخول للمحافظ دون أن يقصد به تحديد الوضع القانونى للمحافظ واعتباره فى حكم الوزراء بالادارة المركزية للدولة المعنيين بنص المادة الثالثة من القانون رقم 42 لسنة 1967 سالف الذكر.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغاء قرار الجزاء المطعون فيه لعدم اختصاص مساعد محافظ القاهرة باصداره قد أصاب الحق ولا مطعن عليه مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الادارية المصروفات.