مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 618

(91)
جلسة 26 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد والدكتور حسين توفيق ومحمد عبد الرازق خليل وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 1188 لسنة 28 القضائية

أكاديمية الشرطة - تأديب - اختصاص.
مفاد المادة 14 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بانشاء أكاديمية الشرطة هو خضوع طلبة تلك الاكاديمية لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 فى اطار ما نظمته نصوص قانون الأكاديمية - حكم المحكمة العسكرية الصادر بفصل أحد الطلبة من الأكاديمية هو فى حقيقته قرار تأديبى تختص محكمة القضاء الادارى بالفصل فى طلب الغائه - أساس ذلك.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت 5/ 6/ 1982 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السادة وزير الداخلية ومدير أكاديمية الشرطة ومدير كلية الشرطة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 1188 لسنة 28 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى - دائرة منازعات الأفراد بجلسة 20/ 4/ 1982 فى الدعوى رقم 666 لنسنة 36 ق المرفوعة من المطعون ضده والذى قضى برفض تنفيذ القرار المطعون فيه والزام الجهة الادارية المصروفات. وطلب الطاعنون الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه واحالة الطعن الى هذه المحكمة لتحكم بقبوله شكلا وأصليا بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى واحتياطيا برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات وأعلن تقرير الطعن بتاريخ 25/ 7/ 1982.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزام الجهة الادارية المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون المختصة بجلسة 20/ 12/ 1982 فقررت احالته الى هذه المحكمة لنظره بجلسة 8/ 1/ 1983 فنظرته ثم قررت اصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن مقدم فى الميعاد وقد استوفى سائر الأوضاع القانونية.
ومن حيث أن واقع المنازعة يتحصل من الأوراق فى أن السيد اللواء شرطة المتقاعد.... أقام بصفته وليا على ابنه القاصر.... الدعوى رقم 666 لسنة 36 القضائية بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بتاريخ 21/ 12/ 1981 ضد السادة/ وزير الداخلية ومدير أكاديمية الشرطة طالبا الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بفصل ابنه.... من كلية الشرطة وفى الموضوع بالغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار وأبدى المدعى أن ابنه طالب بالسنة الثانية بكلية الشرطة وبتاريخ 18/ 11/ 1981 أصدرت المحكمة العسكرية لأكاديمية الشرطة قرارا بفصله من الكلية عن تهمة التعدى بالسبب على الملازم أول.... أثناء الاجازة الصيفية وذلك برغم عدم ثبوت هذه المخالفة وعدم تناسب جزاء الفصل معها، واذ تظلم المدعى بتاريخ 30/ 11/ 1981 ولم يتلق ردا فقد رفع دعواه ودفعت ادارة قضايا الحكومة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى باعتبارها طعنا فى حكم صادر من المحكمة العسكرية بجلسة 10/ 11/ 1981 وأنه طبقا للمادة 117 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 لا يجوز الطعن بأى وجه من الوجوه فى الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية أمام أية هيئة قضائية أو ادارية على خلاف ما نصت عليه أحكام هذا القانون، وطلبت الادارة احتياطيا الحكم برفض الدعوى لثبوت المخالفات على الطالب المذكور. وعقب المدعى بان ما سمى تجاوزا محكمة عسكرية هو فى حقيقته مجلس تأديب وان المادة 15 من القانون رقم 91 لسنة 1975 تقضى أن يكون قرار الفصل من مجلس ادارة الأكاديمية مسببا ولا ينفذ الا بتصديق وزير الداخلية، فهو قرار ادارى يخضع لرقابة القضاء الادارى.
وبجلسة 20/ 4/ 1981 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، استنادا الى أن هذا القرار قرار ادارى تحضيرى صادر من هيئة تأديبية يتعين أن يصدر به قرار من مجلس ادارة الأكاديمية ويصدق عليه وزير الداخلية، وذلك أن المادة 15 المشار اليها تضمنت حكما خاصا بفصل الطلاب سواء فى حال الحكم من المحكمة العسكرية وفى غيرها من الأحوال المبينة بالنص يقضى بما تقدم وان كان ظاهر نص المادة 14 يفيد ان أحكام المحكمة العسكرية تنفذ بعد تصديق مدير الأكاديمية. واذ كان حكم الفصل المطعون فيه لم يستوف ما نصت عليه المادة 15 من اجراءات فانه يكون بحسب الظاهر مخالفا للقانون راجحا الغاؤه، كما أن تعطيل الطالب عن مواصلة دراسته وأداء الامتحانات المقررة ما يتعذر تداركه ويتحقق به الاستعجال، ويتوافر شرط وقف تنفيذ قرار الفصل بغير مساس بطلب الغائه وبما يتفرع عنه من دفوع خاصة الدفع بعدم اختصاص المحكمة.
ومن حيث أن الطعن ينعى على هذا الحكم مخالفة القانون لأسباب أولهما عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فقد نصت المادة 14 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بانشاء أكاديمية الشرطة على أن "يخضع طلبة القسمين العام والخاص لقانون الأحكام العسكرية فى حدود أحكام هذا القانون وتتولى تأديبهم ومحاكمتهم محكمة عسكرية تشكل بقرار من مدير الأكاديمية برئاسة نائب المدير المختص وللطالب أن يختار أحد ضباط الأكاديمية ليتولى الدفاع عنه أمام المحكمة، ويصدق مدير الأكاديمية على أحكام هذه المحكمة، وتحدد اللائحة الداخلية الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على طلاب الأكاديمية وسلطة توقيعها وتنص المادة 15 من القانون ذاته على أن يفصل الطالب من الأكاديمية فى الحالات الآتية:
1 - ............
5 - الحكم عليه من المحكمة العسكرية المشكلة طبقا للمادة 14 من هذا القانون وتقطع هذه النصوص بان الذى يتولى تأديب هؤلاء الطلبة ومحاكمتهم محكمة قضائية عسكرية تصدر أحكاما قضائية، وقد أحالت المادة 14 السالف ذكرها الى قانون الأحكام العسكرية الذى منعت المادة 117 منه الطعن فى أحكام المحاكم العسكرية أمام أية جهة أخرى وقررت المادة 118 منه لتلك الأحكام قوة الأمر المقضى. والتأديب كما يصدر بقرار ادارى من السلطات الرئاسية والهيئات التأديبية، يصدر بحكم من هيئات قضائية كالمحاكم التأديبية لمجلس الدولة ولجان ضباط القوات المسلحة ولجان التأديب بالهيئات القضائية وقد قضت المحكمة العليا باعتبار لجنة ضباط القوات المسلحة، ومن باب أولى المحكمة العسكرية، تتوافر فيها الصفة القضائية بما توافره لديها من ضمانات التقاضى عند الفصل فى المنازعة دون اعتداد بالتأهيل القانونى لأعضائها فقد يخلع المشرع الصفة القضائية على غير مجاز فى الحقوق حتى اقتضت ذلك طبيعة المنازعة. وضمانات التقاضى متوافرة فى المحكمة العسكرية التى تحاكم طلبة الأكاديمية سواء فى تشكيلها سلفا وفيما تتبعه من اجراءات الفصل فى الدعوى التأديبية. وقد أخطأ الحكم فى اعتبار الحكم بالفصل قرارا تحضيريا يتعين تصديق وزير الداخلية عليه، ذلك أن هذا التصديق يتعلق بأحوال الفصل الأخرى التى عددتها المادة 15 بنصها على أن "يفصل من الأكاديمية فى الحالات الآتية:
1 - ثبوت عدم صلاحيته خلال فترة الاختبار.
2 - تغيبه عن الدراسة.
3 -........
4 - اذا رسب الطالب بالقسم العام أكثر من مرة.
5 - الحكم عليه من المحكمة العسكرية.
6- بناء على اقتراح من مدير الأكاديمية لأسباب تتعلق بالصالح العام.
7 - اذا حصل الطالب على أقل من 50% من درجات السلوك والمواظبة.
ويكون قرار الفصل من مجلس ادارة الأكاديمية مسببا ولا ينفذ الا بعد تصديق وزير الداخلية، ومفهوم هذا النص أن صدور قرار مسبب من مجلس ادارة الأكاديمية وتصديق وزير الداخلية لا يتعلقان بحكم الفصل الذى تصدره المحكمة العسكرية ويصدق عليه مدير الأكاديمية، واإنما يتعلقان بسائر أحوال الفصل التى ترجع الى عدم الصلاحية أو لاعتبارات الصالح العام ونحوها مما يحتاج الى قرار يصدر فى اطار من الضمانات التى يقتضيها انشاء المركز القانونى بالفصل. ولا وجه لصدور قرار بسبب الفصل من مجلس ادارة الأكاديمية بعد صدور حكم قضائى بهذا الفصل سببته المحكمة المختصة، ولا لتصديق وزير الداخلية على هذا الحكم بعد تصديق مدير الأكاديمية عليه ولا وجه لقياس محاكمة طلبة الأكاديمية على ما جاء بالقانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة لاختلاف أحكام هذا القانون عن أحكام قانون الأكاديمية. واستند الطعن فى الموضوع الى أن الحكم صدر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع أنه حكم من محكمة عسكرية وليس بقرار ادارى، ولو اعتبر قرارا اداريا فقد صدر عن سبب صحيح بثبوت المخالفتين المنسوبتين الى ابن المطعون ضده من التحقيق والمحاكمة وقد بلغت حدا من الجسامة اقتضى أن تأخذه المحكمة بالشدة رعاية لمقتضيات النظام العسكرى من الطاعة والانضباط ونظرا الى ما سبق توقيعه عليه من جزاءات عن مخالفات مماثلة تتعلق باستهتاره وخروجه على قواعد الضبط والربط فالتناسب متحقق بين العقوبة وما ثبت على الطالب من المخالفين ثبوتا لا شبهة فيه من أقوال الضباط المعتدى عليه السب ومن شهادة الجندى الذى كان على بوابة الكلية يوم الحادث كما يفتقر طلب وقف التنفيذ الى شرط الاستعجال فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 15 من القانون رقم 91 لسنة 1975 على أن يكون للطالب المفصول من القسم العام الحق فى استكمال دراسته فى احدى كليات الحقوق، وقد التحق ابن المطعون ضده فور تنفيذ حكم الفصل بكلية الحقوق بجامعة عين شمس وقيد فى السنة الدراسية التى كان بها عند تنفيذ الفصل ولم تلحق به أية أضرار. وما كان للحكم المطعون فيه أن يرجأ الفصل فى الدفع بعدم اختصاص المحكمة نظر الدعوى الى حين الفصل فى موضوعها فان القضاء بوقف التنفيذ يقتضى ثبوت اختصاص المحكمة بفصل النزاع أولا.
واذا يترتب على تنفيذ الحكم المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها وأخصها استمرار الطالب فى الدراسة بأكاديمية الشرطة رغم صدور حكم المحكمة العسكرية المختصة بفصله فان الطاعنين يطلبون الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ومن حيث ان مفاد المادة 14 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بانشاء أكاديمية الشرطة التى سلف نصها هو خضوع طلبة تلك الأكاديمية لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 فى اطار ما نظمته نصوص قانون الأكاديمية، واذ غنى هذا القانون بتنظيم الهيئة التى تتولى تأديب أولئك الطلبة وبين طريقة تشكيلها والتصديق على أحكمها ولم يسبغ حصانة عليها من الطعن القضائى كما لم يحل فى شىء من ذلك الى ما تضمنه قانون الأحكام العسكرية المشار اليه فى شأن أحكام المحكمة العسكرية المشكلة طبقا له ونصه على عدم جواز الطعن فيها أمام أى هيئة قضائية، فلا يكون ثمة نص من القانون يختص بما تصدره المحكمة العسكرية التى تجزى طلبة أكاديمية الشرطة بوصف الأحكام القضائية خلافا لما جرى عليه القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن ضباط الشرطة من النص على محاكمتهم أمام مجالس تأديب لا تصدر بجزائهم أحكاما قضائية بل قرارات تأديبية لا تنأى عما يهيمن عليه قضاء مجلس الدولة من رقابة المشروعية على القرارات الادارية الجزائية ويكون حكم المحكمة العسكرية الصادر بفصل ابن المطعون ضده وهو فى حقيقته قرارا تأديبيا تختص محكمة القضاء الادارى بالفصل فى طلب الغائه، ولا يكون وجه للدفع بعدم اختصاصها ويتعين الالتفات عن هذا الدفع وفصل الدعوى بما اشتملت عليه من طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث ان المادة 14 من قانون تلك الأكاديمية فرغت لتأديب طلابها أمام المحكمة العسكرية التى نظمت تشكيلها وبينت اجراءات المحاكمة التى تتبع لديها وعهدت الى مدير الأكاديمية التصديق على أحكامها وتميز بذلك حال الفصل بحكم من هذه المحكمة عن أحوال الفصل الأخرى التى عددتها المادة 15 من ذلك القانون واشترطت أن يكون قرار الفصل فى من مجلس ادارة الأكاديمية مسببا ولا ينفذ الا بعد تصديق وزير الداخلية وترد بذلك المادة الفصل الذى تحكم به المحكمة وما تقتضيه أوضاعه من وفور التسبيب وتمام التصديق مع سائر أحوال الفصل لا يفيد بحال تطبق أوضاعها عليه بعد اذ أفرده القانون بشكل خاص اقتضاه سلوك المحاكمة التأديبية. ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما اشترطه من تصديق وزير الداخلية على حكم الفصل المطلوب الغاؤه ويبقى ثمة قرار ادارى نهائى يتعين النظر فى مشروعيته للفصل فى طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث ان هذا القرار قد أخذ ابن المطعون ضده بالفصل من كلية الشرطة وهو أشد الجزاء ويندرئ لذلك بكل شبهة فى وقوع المخالف أو فى اسنادها الى من يجزى به. واذ يبدو من ظاهر التحقيق الذى أجرته المحكمة العسكرية أن ما اتهم به الطالب من واقعتى انكاره انه من طلبة الكلية حين سأله النقيب/ ...... ثم تعديه بالسب على هذا الذى سأله لا يسلم بثبوتهما من شك فى وقوعهما وفى اسناد التهمة الثانية خاصة، فقد ادعى صدورها من الطالب وهو بداخل سيارة تمر أمام من شهدها والوقت فجر ولم يشهد بسماعها سوى الضابط الشاكى الا جندى البوابة وهو لا يعرف الطالب المتهم الذى أنكر زميلاه أنه تفوه بمثل تلك السب ويدرأ عنه جزاء الفصل بظاهر الحال مثل هذا الشك ويرجع الغاء القرار الصادر به واذ يفوت الفصل على الطالب فرصته فى السير مع أقرانه بكلية الشرطة ويتعذر تدارك تخلفه عن الدراسة والامتحانات فيها ولا يغنيه أن تفرض عليه الدراسة بكلية الحقوق عن الكلية التى أثر سلكها، فيكون قد تحقق لوقف تنفيذ هذا الفصل موجبة من الجدية والاستعجال ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما انتهى اليه صحيح القانون، ولا وجه لطلب وقف تنفيذه ولا لطلب الغاء ويتعين رفض الطعن والزام جهة الادارة الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الحكومة المصروفات.