مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 624

(92)
جلسة 3 من ابريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطية جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد ابراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى - المستشارين.

الطعن رقم 883 لسنة 26 القضائية

( أ ) اختصاص - قواعد توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية - التنازع السلبى فى الاختصاص بين محكمة القضاء الادارى والمحكمة الادارية - اختصاص المحكمة الادارية العليا بالفصل فيه - أساس ذلك: المحكمة الادارية العليا وهى آخر المطاف فى نظام التدرج القضائى فى مجلس الدولة أن تحدد جهة القضاء الادارى المختصة ينظر الدعوى غير مقيدة بتغليب أحد الحكمين لسبق صدوره على الاخر أو لعدم الطعن فيه وهما لم ينهيا الخصومة فى الدعوى - أساس ذلك: ألا يترك هذا التنازع السلبى بلا رقابة من جهة تعالجه وتحسمه وحتى لا يؤدى الى الحرمان من حق التقاضى - تطبيق.
(ب) اختصاص - قواعد توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية قضاء محكمة القضاء الادارى بعدم الاختصاص والاحالة الى المحكمة الادارية قضاء المحكمة الادارية بعدم الاختصاص والاحالة الى المحكمة الاولى ثانية - حكم محكمة القضاء الادارى بعد إعادة الدعوى اليها بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها - غير صحيح - أساس ذلك: أن حكمها السابق بعدم الاختصاص لم ينه الخصومة فى الدعوى - حكم المحكمة الادارية العليا بالغاء الحكم المطعون فيه وبجواز نظر الدعوى وباختصاص محكمة القضاء الادارى - بالنزاع وباحالته اليها للفصل فيه - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 26 من ابريل سنة 1980 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 883 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بجلسة 27 من فبراير سنة 1980 فى الدعوى رقم 670 لسنة 32 ق المرفوعة من سعيد يوسف جرجس ضد رئيس هيئة كهرباء مصر بصفته "والقاضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وألزمت المدعى المصروفات" وطلب الطاعن للأسباب الواردة بالتقرير قبول الطعن شكلا. وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بنظر الدعوى واعادتها اليها للفصل فيها مع ابقاء الفصل فى المصروفات" وأعلن الطعن على الوجه المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها. وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت احالته الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية". وهذه المحكمة نظرته على ما هو مبين بمحاضر جلساتها، وفيها سمعت ما رأت لزوما له من ايضاحات وقررت بجلسة 1983 وارجاء اصدار الحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن سعيد يوسف جرجس أقام الدعوى رقم 670 لسنة 32ق، أمام محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية ضد رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة للكهرباء (وحل محله رئيس مجلس ادارة هيئة كهرباء مصر) طالبا الحكم بتسوية حالته بارجاع أقدميته فى الدرجة التاسعة الى فبراير سنة 1939 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة، تأسيسا على أنه التحق بخدمة شركة ليبون من التاريخ المذكور بأجر شهرى قدره 14 ج، ثم نقل فى 1/ 3/ 1950 الى وظيفة محصل بأجر قدره 21 ج شهريا، ثم تدرج حتى شغل وظيفة رئيس وحدة الايرادات من الفئة السادسة من ابريل سنة 1966 وانه عند تسوية حالته طبقا لقرار مجلس ادارة المؤسسة الصادر فى 29/ 8/ 1962 الذى تدرج جميع الموظفين وفقا له بمنحهم درجة كل أربع سنوات من تاريخ التحاقهم بالخدمة، لم تسو المؤسسة حالته التسوية السليمة حيث اعتبرته معينا تعيينا جديدا، فتقدم بعدة تظلمات بتسوية حالته بمنحه الدرجة التاسعة عند دخوله الخدمة فى سنة 1939 ليصل الى الدرجة الرابعة فى 30/ 6/ 1962. اذ لم تختلف طبيعة عمله طوال مدة خدمته، ولكن المؤسسة لم تجيبه لهذا، مما جعله يقيم هذه الدعوى - وطلبت المؤسسة الحكم أصليا، بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، لتعلقها بموظف من الفئة السادسة، واحتياطيا رفضها، لأن مدة خدمته قبل 1/ 3/ 1950 كانت باليومية، وفى وظيفة عامل بالشبكة الهوائية بها، والعبرة بتاريخ التعيين بالهيئة فى وظيفة محصل. وبجلسة 12 من يناير 1977 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباحالتها الى المحكمة الادارية بالاسكندرية للاختصاص، وأقامت قضاءها على أن المدعى لا يدخل فى عدد العاملين من المستوى الأول الذى تختص محكمة القضاء الادارى بنظر دعواهم، عملا بالمواد 10 و 13 و 14 من قانون مجلس الدولة، كما أن طلبات المدعى انحصرت فى طلب رد أقدميته فى الفئة التاسعة الى فبراير سنة 1939، ولم يضمن طلباته طلبا صريحا بأحقيته فى فئة محددة تدخل فى عداد المستوى المشار اليه، وأن التسوية التى تجريها له الادارة فيما لو أجيب الى طلباته، وهى لا زالت أمرا احتماليا، لا تعدو أن تكون أثرا من آثار تنفيذ الحكم ولا صلة لها بتوزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية وبموجب هذا الحكم قيدت الدعوى بسجل المحكمة الادارية بالاسكندرية، برقم 221 لسنة 24 ق. وبجلسة 9 من مايو سنة 1978 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباحالتها الى محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية للاختصاص، استنادا الى ما قرره المدعى ولم تعارضه المدعى عليها من أنه يشغل الفئة الرابعة اعتبارا من مارس سنة 1973، وانه لذلك تخرج دعواه من اختصاصها وتختص بها محكمة القضاء الادارى ومن ثم قيدت الدعوى بسجل محكمة القضاء الادارى برقم 670 لسنة 32 ق، وبجلسة 16 من يناير 1980 قضت المحكمة المذكورة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وألزمت المدعى المصروفات"، لما ورد بأسباب الحكم من أنه سبق لها أن حكمت فى 12/ 1/ 1977 بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وبإحالتها الى المحكمة الإدارية بالاسكندرية للاختصاص وأصبح هذا الحكم نهائيا بعدم الطعن فيه، وأنها اذ أصدرت الحكم المشار إليه تكون قد استنفدت ولايتها بالنسبة لهذه الدعوى، وليس من شأن الحكم الصادر من المحكمة الادارية بجلسة 23/ 5/ 1978 أن تسترد المحكمة تلك الولاية، على خلاف أحكام القانون، وتأسيسا على ذلك يتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، مع الزام المدعى بالمصروفات، عملا بالمادة 184 مرافعات" وفى هذا الحكم طعنت هيئة مفوضى الدولة بطعنها هذا، طالبة الغاءه، واعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى، للفصل فيها.
ومن حيث ان مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه اذ استبعد الدعوى من دائرة النظر رغم أنها أحيلت الى المحكمة بمقتضى حكم حائز حجية الشىء المقضى من المحكمة الادارية، فكان يتعين عليها أن تفصل فى الدعوى عملا بالمادة 110 من قانون المرافعات، شكلا وموضوعا، بغض النظر عن حكمها السابق، حسما للمنازعات ولوضع حد لها من أن تتقاذفها أحكام عدم الاختصاص من محكمة الى أخرى، ولأن الامتناع عن نظر الدعوى لا يجوز الا اذا سبق للمحكمة اصدار حكم حاسم منه للخصومة فيها، بينما الحكم بعدم الاختصاص لا ينهى الخصومة فى الدعوى، كما أن الحكم بعدم جواز نظر الدعوى يقتضى أن تكون قد اتحدت فى كافة عناصرها مع الدعوى السابق الفصل فيها، أى باتحادهما خصوما وموضوعا وسببا، والدعوى المطروحة من قبل على محكمة القضاء الادارى تتعلق بحالة موظف يشغل وظيفة من الفئة السادسة "المستوى الثانى" فكان منطقيا أن تصدر المحكمة حكما بعدم اختصاصها بها، أما وقد انتهت هذه الحالة القانونية بتعديل مركز المدعى الذى أصبح شاغلا لوظيفة من المستوى الأول الذى يندرج فى اختصاصها فقد انتفى السبب الذى أقيم عليه حكمها بعدم الاختصاص، لدخول المنازعة فى اختصاصها عند اعادة طرحها عليها، مما تكون معه المنازعة الجديدة مختلفة سببا عن المنازعة موضوع الحكم السابق، مما ينتفى معه أى مبرر للحكم بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها، وقد أحيلت اليها بمقتضى حكم يلزمها بنظرها.
ومن حيث انه يبين مما تقدم أن المسألة التى تناولتها الأحكام الثلاثة الصادرة من محكمة القضاء الادارى والمحكمة الادارية بالاسكندرية فى الدعوى ذاتها بالبحث وفصلت فيها لا تعدو مسألة الاختصاص بنظرها، وأن كلتا المحكمتين تسلبت من هذا الاختصاص مرة أو مرتين، مع احالة الدعوى الى الأخرى، أو اغفال ذلك، وأن الحكم الثانى خالف الأول، اعتمادا على واقعة كون المدعى، قد اعتبر فى الفئة الرابعة من مارس سنة 1973 فعلا، بما يغير من الوضع الذى اعتمد عليه الأول لاحالة الدعوى، وهى أن طلباته فيها لا تجاوز القضاء له بالدرجة التاسعة من بدء تعيينه، ولم يطلب صراحة القضاء له بما يخرجه من عداد العاملين من المستوى الثانى، وأن الحكم الثالث خالف الثانى، بحجة سبق الفصل فى الدعوى تقضى لذلك بعدم جواز نظرها وهذا الحكم هو الذى يتناوله الطعن، وهو فى الحقيقة ونفس الأمر قضاء بعدم الاختصاص دون الاحالة.
ومن حيث ان الطعن فى الحكم المطعون فيه يثير النزاع فى المسألة التى فصلت فيها الأحكام من أساسها، وهى مسألة الاختصاص بنظر الدعوى، اذ باختصار الحكم المطعون فيه على القضاء فيها، تعتبر هى المسألة مثار النزاع التى يطرحها الطعن ويتلق بها، وللمحكمة الادارية العليا بما لها من سلطة التعقيب على الحكم المطعون فيه أن تنزل عليها حكم القانون دون أن يقيدها عن أعمال ولايتها هذه، ما قيل من نهائية الحكمين المتسلبين من الاختصاص بنظر الدعوى قبل الحكم المطعون فيه الصادر فى الخصوص فانه وفى الدعوى ذاتها نتيجة تبادل الاحالة بين المحكمتين بهما، اذ فضلا عن أن كليهما، على مقتضى ذلك لم ينه الخصومة فى الدعوى، اذ لم يتصديا كالثالث أيضا، للفصل فى موضوعهما، وبهما وبالحكم المطعون فيه لم يحسم النزاع فى مسألة الاختصاص ذاتها، التى يثيرها الطعن فيه، مما يستوجب أن يكون للمحكمة الادارية العليا وهى آخر المطاف فى نظام التدرج القضائى فى جهة القضاء الادارى المختصة بنظر الدعوى، حيث لا يتعلق الخلاف "بأى المحكمتين تختص بنظرها فيها" الكلمة العليا فى هذه المسألة، غير مقيدة بتغليب أحد الحكمين على الآخر لسبق صدوره على الثانى، رغم مخالفته القانون، أو لعدم الطعن فيه، وهما لم ينهيا الخصومة فى الدعوى، حتى وصل أمرها الى المحكمة المطعون فى حكمها، كما أن التزام المحكمة المحال اليها بالاحالة محدود بالأسباب التى بنى عليها، وهى وضع المدعى عندئذ، وغنى عن البيان، أن المحكمة الادارية العليا هى التى تحدد الاختصاص بين أى من المحكمتين عند تسلب كل منهما من الاختصاص وهى التى تقضى بالقول الفصل عند تعارضهما، اذ من سلطتها وهى تفصل فى الطعن فى الحكم الأخير وهو ما يثير الطعن فى سابقيه، أن تقرر أى المحكمتين تختص بالدعوى، حتى لا يترك أمر هذا التنازع بلا رقابة من جهتها تعالجه وتحسمه، وحتى لا يؤول الأمر، كما ينتهى اليه الحكم الأخير الى الحرمان من حق التقاضى.
ومن حيث انه يبين من صحيفة الدعوى أن المدعى حدد طلباته فيها بوضوح، فى أنه يطلب "انفاذ القانون وتسوية حالته ومنحه الدرجة التاسعة منذ دخوله الخدمة فى سنة 1939 ليصل للدرجة الرابعة فى 30/ 6/ 1962، وأن هذا هو ما تقدم بطلب الى الجهة المدعى عليها فلم تجبه اليه، فأقام هذه الدعوى وبين أسانيد ذلك بأنه مقتضى تطبيق قرار مجلس ادارة المؤسسة الصادر فى 29/ 8/ 1962 بشأن تسوية حالة العاملين بها بعد اسقاط الالتزام الممنوح لشركة ليبون التى التحق بها أولا بالقانون رقم 122 لسنة 1961. والدعوى على هذا تكون وفقا لما ورد فى صحيفتها وكل ما تضمنته جزء لا يتجزأ، ويكمل بعضه بعضا تكون من اختصاص محكمة القضاء الادارى منذ أقامها المدعى وتوجه بها اليها، وهو ما زال على طلباته لم يعدلها، ومن ثم فلا معنى للوقوف عندما تضمنته خاتمتها من أنه يطلب تسوية حالته بارجاع أقدميته فى التاسعة وجعلها من فبراير سنة 1939، اذ أن ذلك محمول على ما قدمه مما سلف ذكره، ومرتبط به ارتباطا لا يقبل التجزئة، فهو لم يرد بدعواه، كما هو واضح، الوقوف عند حل تعديل أقدميته فى التاسعة بردها الى ذلك التاريخ، بل أراد صراحة تدرجه بعدئذ على أساس ترقيته من درجة الى أعلى كل أربع سنوات بعدها، على ما يقضى به البند 5 من ذلك القرار، ليبلغ بذلك، كما طلب بها ولم تجبه الادارة له الرابعة فى يناير سنة 1962 وليس بلوغه هذه الدرجة، كما ذهب الى ذلك أثرا أو احتمالا لاجابته الى طلب ارجاع أقدميته الى التاسعة اذ هذا الطلب بعض ما طلبه فى دعواه، فهو لم يقف عنده، بل طلب فى صراحة ووضوح، تدرج أقدميته الى الفئة الرابعة فى 1/ 1/ 1962، وما تعلق به الحكم من أن التسوية التى تجريها له الادارة فيما لو أجيب الى طلباته، وهى لا زالت أمرا احتماليا، لا تعدو أثر من آثار الحكم، غير صحيح، لأن الدعوى وهى بحكم الأساس الذى رفعت به الطلبات المطروحة فيها هى بلوغ الرابعة على أساس تدرجه وفقا للقاعدة السالفة الذكر فى 1/ 1/ 1962، مما يدخل فى اختصاص المحكمة، ولا يخرجها من اختصاصها أن تكون هذه الطلبات على غير أساس قانونا، لأن ما يترتب على عدم صحة الدعوى هو رفضها، لا الحكم بعدم الاختصاص، ولأن المحكمة، كما هو مقرر، هى التى تفصل فى أمر كون الدعوى صحيحة فتجيبه الى طلباته أو ترفضها، ولا يقبل منها التنصل من اختصاصها بحجة أن اجابته لا زالت أمرا احتماليا، لأن هذا هو الموضوع الذى عليها بعد ثبوت اختصاصها الفصل فيه، وينحسم الأمر فى خصوصه بحكمها فيه، فلا معنى للاحتجاج بأن ذلك ما زال أمرا احتماليا، لأن فيه مصادرة على المطلوب، ولا وجه لهما، ما دام أن طلبات المدعى تبلغ به المستوى الأول مما يجعلها متعلقة بأمر العاملين فيه وماسة بمراكز من سبقوه اليه وهى من اختصاصها.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه فى قضائه، بعد اعادة الدعوى اليه بحكم المحكمة الادارية بالاسكندرية بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من قبل محكمة القضاء الإدارى بحكمها السابق، اذ أنه لم يسبق لها أن تصدت لموضوعها، بل اقتصر بحثها فى الحكم الذى أشار اليه على مسألة الاختصاص منتهيا الى التسلب منه، دون التعرض لموضوعها ومن ثم لم يكتسب حكمها قوة الأمر المقضى فى الخصوص، ولا يعدو حكمها بعدم جواز نظر الدعوى، مع تخلف موجبه أن يكون قضاء وبغير مقتضى للمرة الثانية فيها بعدم الاختصاص. وهو من هذه الجهة أيضا غير صحيح، لأن الاختصاص بنظر الدعوى منعقد لها منذ أقامها المدعى، على ما تقدم بيانه، وهو فوق ذلك غير صحيح، فى ضوء ما آل اليه وضع المدعى، مما أورده حكم المحكمة الادارية، باعادتها له، اذ تتعلق الدعوى به، وهو من عداد الموظفين الذى تختص به دعاواهم، وتؤول على تعديل أقدميته فى درجته الأخيرة وما قبلها، ومن أجل ذلك يكون الحكم غير صحيح من كل وجه، ونتيجة على ما سبق غير مقبولة، لما يؤدى اليه من حرمان المدعى من التقاضى الادارى المنعقد لمحكمة نتيجة تسلبها من الاختصاص غير مرة.
ومن حيث انه لما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه فى غير محله، ويتعين لذلك القضاء بالغائه وبجواز نظر الدعوى واختصاص محكمة القضاء الادارى بها واعادتها اليها للفصل فيها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبجواز نظر الدعوى وباختصاص محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بنظر النزاع وباحالته اليها للفصل فيه.