مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 688

(102)
جلسة 23 من ابريل سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور حسين توفيق ومحمد عبد الرازق خليل وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 2360 لسنة 27 القضائية

رسوم قضائية - أمر تقدير - معارضة - حق سكرتارية محكمة القضاء الادارى فى المعارضة.
لائحة الرسوم والاجراءات المتعلقة بها أمام محكمة القضاء الادارى - تخويل كل ذى شأن ان يعارض فى مقدار الرسم الصادر به أمر التقدير - لسكرتارية محكمة القضاء الادارى المعارضة فى مقدار الرسم الصادر به أمر التقدير باعتبارها جهة ادارية مختصة بتحصيل الرسوم وتسويتها.


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 22 من يوليو سنة 1981 أودعت ادارة قضايا الحكومة نائبة عن الطاعنين - قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن فى حكم محكمة القضاء الادارى فى المعارضة رقم 2 لسنة 1981 الصادر بجلسة 26/ 5/ 1981 والقاضى بعدم قبول المعارضة والزام المعارض بالمصاريف.
وطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول المعارضة شكلا وبالغاء أمر التقدير المعارض فيه وبتحديد مقدار الرسوم المطلوبة بمبلغ 61163 مع الزام المعارض ضدهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه الى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى (المعارضة) الى محكمة القضاء الادارى للفصل فى موضوعها مع ابقاء الفصل فى المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من مايو سنة 1982 وبجلسة 1/ 11/ 1982. قررت الدائرة أحالة الطعن الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 11/ 12/ 1982. وتدوول الطعن بجلسات المحكمة على الوجه الثابت بالمحاضر وحجز للحكم بجلسة 2/ 4/ 1983. ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاتمام المداولة وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 27/ 2/ 1981 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها فى الدعوى رقم 1275 لسنة 29 قضائية المقامة من انجلو قسطنطين كوتاريللى وآخرين ويقضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار لجنة التقييم المطعون فيه فيما تضمنه من ادراج مبلغ 1224534.512 جنيه فى جانب خصوم الذمة المالية لشركة اخوان كوتاريللى مع الزام وزارة الصناعة بالمصروفات.
وبتاريخ 25/ 3/ 1981 قدمت ادارة الشئون الادارية بمحكمة القضاء الادارى مذكرة الى السيد المستشار رئيس المحكمة بشأن التماس المدعى تسليمه الصورة التنفيذية للحكم استنادا الى استحقاق رسم ثابت على الدعوى لان الحكم الصادر فيها هو مجرد حكم بالغاء قرار التقييم وأشارت المذكرة الى أنه بعرض الموضوع على السيد المستشار الأمين العام لمجلس الدولة، رأى استصدار قائمة رسوم نسبية على المبلغ المحكوم به واعلانها للمطلوب منه الرسم. غير أن السيد رئيس المحكمة أشر بتاريخ 29/ 3/ 1981. باستحقاق الرسم الثابت على الدعوى باعتبارها دعوى الغاء قرار التقييم.
وقام قلم كتاب المحكمة بعرض مذكرة على المستشار الأمين العام لمجلس الدولة للموافقة على الطعن بالمعارضة فى أمر التقدير الصادر من السيد رئيس المحكمة فوافق على ذلك بتاريخ 2/ 4/ 1981.
وبتاريخ 2/ 4/ 1981 أودعت سكرتارية محكمة القضاء الادارى تقرير بالمعارضة فى الأمر الصادر من السيد رئيس المحكمة فى 29/ 3/ 1981 فيما تضمنه من تقدير الرسوم القضائية المطلوبة فى الدعوى رقم 1275 لسنة 29 القضائية بمقدار الرسم الثابت الذى يفرض فى دعاوى الالغاء، وطلبت الحكم بقبول المعارضة شكلا، وفى الموضوع بالغاء أمر التقدير المعارض فيه وتحديد مقدار الرسوم المطلوبة بمبلغ 61136 جنيه مع الزام المعارض ضدهم بالمصروفات.
وبجلسة 26/ 5/ 1981 قضت محكمة القضاء الادارى بعدم قبول المعارضة وألزمت المعارض بالمصاريف، وأقامت قضاءها على أساس أن المادة 12 من المرسوم الصادر فى 14 من أغسطس سنة 1946 بتعريفه الرسوم والاجراءات المتعلقة بها أمام محكمة القضاء الادارى تنص على أن لذى الشأن المعارضة فى مقدار الرسم الصادر به أمر التقدير والمقصود بذى الشأن الذين يحق لهم المعارضة فى أمر تقدير الرسم هم الخصوم فى الدعوى التى قدر الرسم بمناسبة الحكم الصادر فيها سواء فى ذلك من حكم عليه بالمصاريف عندما يعارض فى تقديرها بالزيادة عما هو مستحق أو من حكم لصالحه بها عندما يعارض فى تقديرها بأقل مما هو مستحق. أما سكرتارية المحكمة فهى غالبا المعارض ضده ولذلك كان نص المادة 12 بأن يحكم فى المعارضة بعد سماع أقوالها، فضلا عن سماع أقوال المعارض اذا حضر. ويعزز هذا النظر نصوص قانون المرافعات وهو القانون العام الذى يرجع اليه فيما لم يرد فى شأنه نص خاص فى قانون مجلس الدولة اذ خول القانون المذكور حق التظلم من الأمر الصادر بتقدير لمصاريف لكل من الخصوم. أى الخصوم فى الدعوى التى صدر الأمر بتقدير المصاريف المحكوم بها فيها.
ويخلص من ذلك عدم قبول المعارضة من سكرتارية المحكمة لانها ليست خصما فى الدعوى وليس محكوما لصالحها بالمصاريف أو محكوما عليها بها، وبهذه المثابة ينحسر عنها وصف ذى الشأن الذين تقبل منهم المعارضة، حتى وان ساغ اختصامها فى المعارضة التى يرفعها الخصوم باعتبارها الجهة المنوط بها تقدير الرسم عند رفع الدعوى والجهة التى يصدر أمر تقدير الرسم بناء على طلبها والجهة المنوط بها تسويته فى ضوء الحكم الصادر فى المعارضة والجهة التى تتطلب المادة 12 المشار اليها وسماع أقوالها عند الفصل فى المعارضة.
فهذه الصفات كلها وان سوغت اختصام السكرتارية فى المعارضة التى يرفعها الخصوم فى الدعوى الا أنها لا تخولها حق المعارضة فى أمر التقدير. وبناء عليه يتعين الحكم بعدم قبول المعارضة لرفعها من غير ذى صفة.
ومن حيث أن الطعن فى الحكم المشار اليه يقوم على الأسباب الآتية:-
1 - ان قلم كتاب المحكمة هو الجهة المنوط بها تقدير الرسوم عند رفع الدعوى، وكذلك عند تسويته على أساس ما قضى به الحكم الصادر فيها، والتقدم بطلب تقديره الى رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم فى الدعوى الأصلية، ومن ثم فهى صاحبة الشأن فى هذا الخصوص، ولا يعقل ألا يكون لها الحق فى الاعتراض على أمر تقدير الرسم اذا ما صدر الأمر على خلاف الطلب. حيث أن المادة 197 من قانون المرافعات تنص على أن للطالب اذا صدر الأمر برفض طلبه ولمن صدر عليه الأمر الحق فى التظلم الى المحكمة المختصة.
2 - ان استرشاد الحكم المطعون فيه بما نص عليه قانون المرافعات فى شأن اجراءات التظلم من أمر تقدير المصاريف. وتطبيقه فى تفسير وتحديد ذوى الشأن الذين يكون لهم حق الاعتراض على أمر تقدير المصاريف الذى يصدره رئيس المحكمة تكملة للحكم الصادر فيما انما يصدره بناء على طلب المحكوم لصالحه بتقدير المصروفات الملزم بها خصمه الذى خسر الدعوى ومن ثم فان ذوى الشأن الذين لهم حق التظلم من أمر تقدير المصاريف هم الخصوم فى الدعوى الأصلية أما أمر تقدير الرسوم أى قائمة الرسوم فانه يصدر من رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم فى الدعوى الأصلية بناء على طلب سكرتارية المحكمة ويصدر بتقدير الرسم المطلوب لسكرتارية المحكمة عن الدعوى الصادر فيها الحكم وتحصيل الرسم لا يرتبط بالحكم الصادر فى الدعوى الأصلية بالالزام وانما يحصله قلم الكتاب من المدعى سواء اكان محكوما لصالحه أو محكوما ضده استنادا إلى نص المادة 14 من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 التى نصت على أن يلزم المدعى بأداء كامل الرسوم المستحقة كما يلزم بدفع الباقى منها عقب صدور الحكم ولو استؤنف.
3 - ان المحكمة الادارية العليا قد أجازت لسكرتارية محكمة القضاء الادارى الطعن فى الحكم الصادر فى المعارضة فى أمر تقدير الرسوم ومن يكون له حق الطعن فى الحكم الصادر فى المعارضة يكون له الحق فى التظلم أو المعارضة فى أمر تقدير الرسوم.
ومن حيث ان المادة 11 من اللائحة الصادرة فى 14 من أغسطس سنة 1946 بشأن تعريفة الرسوم والاجراءات المتعلقة بها أمام محكمة القضاء الادارى تنص على أن "تقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم بناء على طلب سكرتارية المحكمة وتقوم السكرتارية من تلقاء نفسها باعلان هذا الأمر الى المطلوب منه الرسم".
وتنص المادة 12 من اللائحة المذكورة على انه "لذى الشأن أن يعارض فى مقدار الرسم الصادر به الأمر وتحصل المعارضة بتقرير فى سكرتارية المحكمة فى خلال الثمانية أيام التالية لاعلان الأمر.
وتنص المادة 13 من اللائحة على أن "تقدم المعارضة الى الدائرة التى أصدرت الحكم ويحكم فيها بعد سماع أقوال سكرتارية المحكمة والمعارض اذا حضر".
ومن حيث ان البادى مما تقدم ان سكرتارية المحكمة هى التى تمثل الدولة فى المطالبة بالرسوم القضائية فهى التى تتقدم الى رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم بطلب تقدير الرسم ثم تعلن الأمر الى المطلوب منه الرسم، وتقوم بتسوية ما ينبغى سداده بعد صدور الأمر بالتقدير، بخصم ما سبق دفعه عند تقديم الدعوى. وقد تطلب التشريع سماع أقوال السكرتارية قبل الحكم فى المعارضة فى أمر تقدير الرسوم وعليه فانه اذا كانت المادة 12 من لائحة تعريفة الرسوم والاجراءات المتعلقة بها أمام محكمة القضاء الادارى قد خولت كل ذى شأن أن يعارض فى مقدار الرسم الصادر به أمر التقدير، فلا شك أن سكرتارية المحكمة - وذلك دورها فى شأن الرسوم القضائية - تعتبر من ذوى الشأن فى هذا الخصوص فيكون لها كجهة ادارية مختصة بتحصيل الرسوم وتسويتها، المعارضة فى مقدار الرسم الصادر به أمر التقدير، ولا خلاف فى أن للدولة مصلحة أكيدة فى ذلك بحسبان أن الرسوم القضائية هى من الموارد العامة للدولة.
ومن حيث انه لا وجه للاستناد الى النصوص والأحكام الخاصة بتحديد من يكون له التظلم أو المعارضة فى أمر تقدير المصاريف المحكوم بها، للقياس عليها فى حالة التظلم أو المعارضة فى تقدير الرسوم، وذلك ان المصاريف المحكوم بها - وان كانت تشمل من بين عناصرها الرسوم القضائية - الا أن طرفى النزاع فى شأنها هما الخصوم فى الدعوى (المحكوم له والمحكوم عليه) أما الرسوم القضائية فصاحب الحق فيه بداءة هى الدولة، وهى فى الأصل واجبة الأداء عند تقديم الدعوى، ومن ثم فالمكلف بأدائها للدولة هو المدعى. واذا كان ثمة جزء من الرسوم يؤجل دفعه الى ما بعد صدور الحكم فى الدعوى - الا أن المدعى فى الحالين هو فى الأصل المكلف بأداء الرسم، وفى ذلك تنص المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 فى شأن الرسوم القضائية فى المواد المدنية على أن "يلزم المدعى بأداء كامل الرسوم المستحقة كما يلزم بدفع الباقى منها عقب صدور الحكم ولو استؤنف" ومن ثم فان طرفى الالتزام بالرسوم القضائية هما الدولة من ناحية والمدعى من ناحية أخرى. ولكل منهما مصلحة جدية فى المنازعة فى أمر تقديرها ولا تبدأ مصلحة المدعى عليه فى المنازعة فى تقدير هذه الرسوم الا اذا خسر الدعوى وألزم بالمصاريف. اذ يعنى ذلك الزامه بأن يؤدى للمدعى ما دفعه الأخيرة من رسوم قضائية سواء عند تقديم الدعوى أو بعد صدور الحكم فيها، باعتبار ان الرسوم عنصر من عناصر المصاريف. ومفاد ذلك انه ولئن كان أصحاب المصلحة فى التظلم من أمر تقدير المصاريف هم الخصوم فى الدعوى - الا ان الحال يختلف بالنسبة الى أمر تقدير الرسوم القضائية، لان المصلحة فى التظلم من هذا الأمر تثور بداءة بين الدولة - وتمثلها جهة الادارة التى أنيط بها تحصيل الرسوم وتسويتها وهى سكرتارية المحكمة - والمدعى المكلف بأدائها الى الدولة. ثم قد تبدو بعد ذلك مصلحة للمدعى عليه فى المنازعة فى هذا الأمر اذا ما حكم ضده والزم بالمصاريف. هذا وتبين الفروق واضحة بين المصاريف والرسوم القضائية، باستقراء نصوص قانون المرافعات الواردة فى شأن المصاريف، ومقابلتها بالنصوص الواردة بالقانون رقم 90 لسنة 1944، ولائحة تعريفة الرسوم والاجراءات المتعلقة بها المعمول بها أمام محكمة القضاء الادارى ذلك انه بينما نصت المادة 198 من قانون المرافعات على انه "تقدر مصاريف الدعوى فى الحكم ان أمكن والا قدرها رئيس الهيئة التى أصدرت الحكم بأمر على عريضة يقدمها المحكوم له ويعلن هذا الأمر للمحكوم عليه بها".
فان المادة 16 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار اليه تنص على أن "تقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضى حسب الأحوال بناء على طلب قلم الكتاب ويعلن هذا الأمر للمطلوب منه الرسم".
وتنص المادة 11 من اللائحة المشار اليها على أن " تقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم بناء على طلب سكرتارية المحكمة. وتقوم السكرتارية من تلقاء نفسها باعلان هذا الأمر الى المطلوب منه الرسم".
كذلك فانه بينما نصت المادة 90 من قانون المرافعات على "انه يجوز لكل من الخصوم أن يتظلم من الأمر المشار اليه فى المادة السابقة....
ويحدد المحضر أو قلم الكتاب على حسب الأحوال اليوم الذى ينظر فيه التظلم أمام المحكمة فى غرفة المشورة ويعلن الخصوم بذلك قبل اليوم المحدد بثلاثة أيام". فانه فى المقابل تنص المادة 17 من القانون رقم 90 لسنة 1944 على انه "يجوز لذى الشأن أن يعارض فى مقدار الرسوم الصادر بها الأمر المشار إليه فى المادة السابقة.... وتنص المادة 12 من لائحة الرسوم المشار اليها على انه "لذى الشأن أن يعارض فى مقدار الرسم الصادر به الأمر........".
ومن حيث انه متى استبان مما تقدم، غدا واضحا ان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب اذ قضى بعدم قبول المعارضة المقدمة من سكرتارية محكمة القضاء الادارى فى أمر تقدير الرسوم القضائية الصادر من السيد رئيس المحكمة بتاريخ 29/ 3/ 1981. فى الدعوى رقم 1275 لسنة 29 القضائية لرفعها من غير ذى صفة. ومن ثم يتعين القضاء بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة المعارضة الى المحكمة القضاء الادارى للفصل فى موضوعها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا فى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة المعارضة الى محكمة القضاء الادارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فى موضوعها.