مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 735

(109)
جلسة 15 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى ومحمد فؤاد الشعراوى ومصطفى الفاروق الشامى - المستشارين.

الطعن رقم 918 لسنة 26 القضائية

( أ ) دعوى - قبولها.
مفاد نص المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 استحدث المشرع نظاما القصد منه تصفية الحقوق المترتبة على القوانين والنظم السابقة على نفاذه بشرطين:
1 - أن يكون الحق المطالب به قد نشأ قبل نفاذ القانون.
2 - أن يكون مصدر هذا الحق أحكام القوانين والقرارات السابقة على صدوره ونفاذه - اذا توفر الشرطان وجب على صاحب الشأن المطالبة بحقه خلال الميعاد المنصوص عليه وهو ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون تنتهى فى 30/ 9/ 1974 - رفع الدعوى بعد هذا الميعاد - عدم قبولها - تطبيق.
(ب) دعوى - قبولها - اجراءات التقاضى - نظام عام.
نص المادة 87 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وأن ورد بين نصوص القانون المشار اليه الا أنه من النصوص المتعلقة بتنظيم اجراءات التقاضى - هذا النص يمثل قاعدة من قواعد النظام العام الذى لا يجوز الخروج عليها أو مخالفتها إلا بنص صادر بذات الاداة التشريعية - سريانه على العاملين باتحاد الاذاعة والتليفزيونية باعتباره هيئة عامة - لا يقدح فى هذا النظر ما ينص عليه قرار رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون رقم 2 لسنة 1971 بأن تسرى الأحكام والنظم المطبقة على العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص فى هذا القرار - أساس ذلك: أن قانون اتحاد الاذاعة والتليفزيون رقم 1 لسنة 1971 سابق على صدور قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 فضلا عن أن نص المادة 87 يتعلق باجراءات التقاضى التى لا يجوز الخروج عليها الا بنص فى القانون - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 30 من ابريل سنة 1980 أودع الأستاذ/ صالح أحمد على حسن المحامى عن نفسه قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 918 لسنة 26 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 10 من مارس سنة 1980 فى الدعوى رقم 1128 لسنة 30 القضائية المقامة منه ضد اتحاد الاذاعة والتليفزيون والذى قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بتسوية حالته بارجاع أقدميته فى الفئة الرابعة الى 20 من أغسطس سنة 1968 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية للخمس سنوات السابقة على تاريخ رفع الدعوى وما بعدها والزام الجهة الادارية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 10 من يناير سنة 1983 وبجلسة 14 من فبراير سنة 1982 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدده لنظره أمامها جلسة 27 من مارس سنة 1982 وبعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى انه بتاريخ 22 من ابريل سنة 1976 أقام صالح أحمد على حسن الدعوى رقم 1128 لسنة 30 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى ضد اتحاد الاذاعة والتليفزيون طالبا الحكم بأحقيته فى ارجاع أقدميته فى الفئة الرابعة الى 20 من أغسطس سنة 1968 بدلا من 31 من ديسمبر سنة 1973 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية والزام الجهة الادارية المصروفات وقال شرحا للدعوى انه التحق بخدمة هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية فى 20 من أكتوبر سنة 1942 باليومية المؤقتة أثناء الخدمة على شهادة إتمام الدراسة القسم العام سنة 1951 وشهادة الدراسة الثانوية القسم الخاص سنة 1953 والليسانس من الحقوق فى مايو سنة 1959 وقد سويت حالته على الدرجة الثامنة طبقا لقانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1951 فى وظيفة ملاحظ مراجعة حسابات التلغرافات - ثم رقى الى وظيفة مساعد رئيس مكتب محاسبات من المرتبة الثالثة (ب) التى تعادل الدرجة السادسة اعتبارا من 26 من نوفمبر سنة 1960 ثم عين تعيينا جديدا فى وظيفة باحث ميزانية بديوان الموظفين فى 16 من يوليو سنة 1961 - وفى 5 من يوليو سنة 1965 نقل للمؤسسة المصرية العامة للهندسة الاذاعية ثم ندب للقيام بأعمال وظيفة رئيس قسم ميزانية الوظائف بمقتضى الأمر رقم 66 فى 8 من أكتوبر سنة 1966. وقد طلب تسوية حالته على هذه الوظيفة الا أن الجهة الادارية أرجأت التسوية لحين اعتماد جداول تقييم وتوصيف وظائفها - وفى 20 من أغسطس سنة 1968 اعتمدت اللجنة الوزارية للشئون التشريعية والتنظيم والادارة هذه الجداول وقامت المؤسسة بتطبيقها على العاملين بها منذ هذا التاريخ - ويشير المدعى الى انه لما كانت اشتراطات شغل وظيفة رئيس قسم الترقيات والعلاوات وميزانية الوظائف التى يشغلها هى الحصول على مؤهل عال مناسب وخبرة بالأعمال الادارية خاصة أعمال شئون العاملين لمدة لا تقل عن 8 سنوات أو مؤهل متوسط وخبرة لمدة لا تقل عن 15 سنة أو مؤهل أقل من المتوسط وخبرة لمدة لا تقل عن 19 سنة بالإضافة إلى المعرفة التامة بالقوانين واللوائح والتعليمات التى تحكم العمل مع القدرة على الاشراف والتوجيه واجتياز البرامج التدريبية والامتحانات التى تنظمها المؤسسة، ولما كانت جميع هذه الشروط قد توافرت فى حقه بالنسبة للوظيفة التى يشغلها ومقرر لها الفئة الرابعة فمن ثم كان يتعين على الجهة الادارية منحه هذه الدرجة اعتبارا من 20 من أغسطس سنة 1968.
وردت الجهة الادارية على الدعوى بمذكرة أوضحت بها أن المدعى عين فى 20 من أكتوبر سنة 1942 بوظيفة عامل مؤقت بأجر يومى قدره 140 مليما بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية وحصل أثناء الخدمة على شهادة الابتدائية سنة 1946 وعين بمقتضاها عامل تليفون من 20 من ديسمبر سنة 1947، ثم حصل على شهادتى اتمام الدراسة الثانوية (القسم العام) سنة 1951 (والقسم الخاص) سنة 1953 وعين بالدرجة الثامنة الفنية فى أول أكتوبر سنة 1951 ثم حصل على الليسانس فى الحقوق فى مايو سنة 1959 وعين بديوان الموظفين فى أول مايو سنة 1961 بوظيفة من الدرجة السادسة التنظيمية والادارية ثم نقل لوزارة التربية والتعليم فى 20 من يونيه سنة 1964 بوظيفة عضو فنى بادارة الشئون القانونية، وأخيرا نقل للمؤسسة المصرية العامة للسينما والاذاعة والتليفزيون (قطاع الهندسة الاذاعية) فى 5 من يوليو سنة 1965 والحق للعمل بالمراقبة العامة لشئون الأفراد، وقد رقى فى الفئة السادسة من 21 من ديسمبر سنة 1965 ثم صدر الأمر الادارى رقم 66 فى 8 من أكتوبر سنة 1966 بتكليفه للقيام بأعمال وظيفة رئيس قسم ميزانية الوظائف اعتبارا من تاريخ مباشرته لأعمال هذه الوظيفة فى 5 من يوليو سنة 1965 ثم نقل بمقتضى القرار الادارى رقم 355 الصادر فى 5 من سبتمبر سنة 1968 الى ادارة الشئون القانونية بناء على الطلب المقدم منه فى 29 من أغسطس سنة 1968 وصدر أمر داخلى فى 31 من ديسمبر سنة 1968 بالحاقه بوصفه عضوا بالشئون القانونية بقسم القضايا مع تكليفه برئاسة هذا القسم ثم رقى الى الفئة الخامسة من 31 من ديسمبر سنة 1970 فى وظيفة محام أول والى الفئة الرابعة من 30 من يناير سنة 1973 بالرسوب الوظيفى، وسويت حالته طبقا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 بمنحه الفئة الثالثة من 31 من ديسمبر سنة 1973 ثم الفئة الثانية من 31 من ديسمبر سنة 1976 - وأضافت الجهة الادارية أن قطاع الهندسة الاذاعية كان مؤسسة عامة أنشئت بالقرار الجمهورى رقم 48 لسنة 1963 ويخضع العاملون به ابتداء من 9 من مايو سنة 1963 للائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 وذلك بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 800 لسنة 1963، وقد سويت حالات العاملين بها فى 30 من يونيه سنة 1964 طبقا لجداول التقييم المعتمدة من مجلس الوزراء فى 28 من ديسمبر سنة 1964 وذلك بالقرار رقم 177 فى 30 من يونيه سنة 1965، واذ نقل المدعى الى المؤسسة فى 5 من يوليو سنة 1965 أى بعد صدور هذا القرار فقد نقل بذات الدرجة التى كان يشغلها بوزارة التربية والتعليم وهى الدرجة السابعة.. ثم أعدت جداول الوظائف الجديدة واعتمدتها اللجنة الوزارية للشئون التشريعية والتنظيم والادارة فى 20 من أغسطس سنة 1968 وأبلغت اليها فى أول نوفمبر سنة 1968 وكان المدعى قد نقل من المراقبة العامة للأفراد الى ادارة الشئون القانونية بمقتضى القرار رقم 355 فى 5 من سبتمبر سنة 1968، وانه وان كان قد ورد بهذه الجداول بالصفحة رقم 29 وظيفة رئيس قسم الترقيات والعلاوات والميزانية ومقرر لها الفئة الرابعة الا ان المدعى لا تتوافر فى شأنه الشروط اللازمة لشغل هذه الوظيفة والخبرة بالأعمال الادارية خاصة أعمال شئون العاملين لمدة لا تقل عن 8 سنوات فضلا عن تخلف شرط اجتياز البرامج التدريبية والامتحانات التى تنظمها المؤسسة، بالإضافة الى أن أحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 المكملة لأحكام لائحة العاملين باتحاد الاذاعة والتليفزيون تتطلب أن يكون العامل مستوفيا اشتراطات شغل الوظيفة المرشح الترقية اليها وهو غير متحقق بالنسبة الى المدعى.
ثم قدم المدعى مذكرة بدفاعه لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1979 ردا على ما أثارته هيئة مفوضى الدولة بخصوص تطبيق المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 على الدعوى الماثلة فأشار الى أن المادة 19 من القانون رقم 1 لسنة 1971 بانشاء اتحاد الاذاعة والتليفزيون تقضى بأن يخضع الاتحاد فى أنظمته وشئون العاملين فيه وادارة أمواله وحساباته وسائر شئونه الأحكام المنصوص عليها فى هذا القانون ولوائحه والقرارات التى يصدرها مجلس المديرين بعد عرضها على المجلس الأعلى.. وعلى الأخص
( أ )............
(ب)............
(جـ)............
(د) لائحة لتنظيم شئون العاملين.
وتطبيقا لذلك صدر القرار رقم 2 لسنة1971 من رئيس المجلس الأعلى للاتحاد وبلائحة شئون العاملين، وقضت المادة 100 من اللائحة بسريان الأحكام والنظم المطبقة على العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص فيها، وبذا تكون الشريعة العامة للعاملين بالاتحاد هى نصوص القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بشركات القطاع العام وليست أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ومن ثم لا يكون العاملون بالاتحاد مخاطبين بحكم المادة 87 من هذا القانون الأخير.
وبجلسة 10 من مارس سنة 1980 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه ويقضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا - وأقامت قضاءها على ان الواضح من عرض الأعمال التى أسندت الى المدعى منذ التحاقه بالخدمة فى 20 من أكتوبر سنة 1942 حتى تاريخ اعتماد جداول تقيم وتعادل وظائف المؤسسة المصرية العامة للهندسة الاذاعية فى 20 من أغسطس سنة 1968 انها لا تكسبه خبرة بالأعمال الادارية وخاصة أعمال شئون العاملين باستثناء الفترة من 16 من يوليو سنة 1961 الى أول يوليو سنة 1964 التى عمل فيها مساعد باحث الادارة العامة لميزانية الوظائف بديوان الموظفين والفترة من 5 من يوليو سنة 1965 الى 20 من أغسطس سنة 1968 التى كلف فيها القيام بأعمال وظيفة رئيس قسم الميزانية بالمؤسسة ومجموع هاتين الفترتين تقل عن ثمانى سنوات ومن ثم يكون شرط الخبرة المطعون لشغل وظيفة رئيس قسم الترقيات والعلاوات والميزانية غير متوافر فى شأن المدعى بالاضافة الى عدم اجتيازه البرامج التدريبية والامتحانات التى تنظمها المؤسسة لشغل تلك الوظيفة ومن ثم لا يكون مستوفيا مطالب التأهيل لها فى 20 من أغسطس سنة 1968 (تاريخ اعتماد جداول التقييم والتعادل) ويغدو طلبه ارجاع أقدميته فى الفئة الرابعة المقررة لها الى هذا التاريخ فى غير محله لانعدام سنده القانونى.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء على غير أساس سليم من الواقع أو القانون لما يأتى:
1 - الخطأ فى تطبيق جداول الوظيفة المطالب بها اذ الثابت من ملف خدمة الطاعن انه كلف بالقيام بأعمال التحقيقات بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية اعتبارا من 5 من أغسطس سنة 1959 عقب حصوله على الليسانس فى الحقوق حتى تاريخ تسلمه العمل فى وظيفة باحث بديوان الموظفين فى 16 من يوليو سنة 1961 - ولا جدال فى اعتبار طبيعة أعمال التحقيقات من الأعمال الفنية التى تكسب صاحبها خبرة واسعة لشغل سائر الأعمال الأخرى الفنية والادارية والكتابية.
2 - أهمل الحكم المطعون فيه مدة خبرة أخرى قضاها الطاعن بوزارة التربية والتعليم فى وظيفة عضو فنى بالادارة العامة للشئون القانونية من أول يوليو سنة 1964 حتى 5 من يوليو سنة 1965 ولا شك ان أعمال التحقيقات والأعمال القانونية الأخرى مثل الفتاوى والعقود والقضايا وغيرها من الأعمال الفنية تكسب القائم بها دراية وخبرة كبيرة بالأعمال الادارية.
3 - قصور الحكم المطعون فيه عند تطبيقه جداول تعادل الوظيفة اذ اقتصر على بحث الحالة الأولى من مطالب التأهيل وهى الحصول على المؤهل العالى وخبرة لمدة ثمانى سنوات دون التعرض لبحث الحالتين الأخيرتين وهما الحصول على مؤهل متوسط وخبرة لمدة 15 سنة وعلى مؤهل أقل من المتوسط وخبرة لمدة لا تقل عن 19 سنة.
4 - تجاهل الحكم المطعون فيه شرط اجتياز الطاعن للبرامج التدريبية، اذ الثابت من ملف خدمته أنه درس دورات تدريبية خلال سنتى 1963، 1964 فى المعهد العالى للادارة العامة فى نظام ترتيب الوظائف وشئون العاملين بالادارة العامة للتدريب بديوان الموظفين.
ومن حيث انه يتعين بداءة بحث مدى تطبيق حكم المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة على المنازعة الماثلة باعتبار ان تلك المادة تنطوى على مسألة أولية تتعلق بشكل الدعوى من حيث ميعاد اقامتها أمام القضاء للمطالبة بالحق المدعى به فهذه المادة تنص على أنه "مع عدم الاخلال بنص المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة يكون ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة المختصة ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون وذلك فيما يتعلق بالمطالبة بحقوق الخاضعين له التى نشأت قبل العمل به متى كانت مترتبة على أحكام القوانين والقواعد والقرارات والنظم السابقة على نفاذه، ولا يجوز بعد هذا الميعاد تعديل المركز القانونى للعامل على أى وجه من الوجوه الا اذا كان تنفيذا لحكم قضائى نهائى "ومفاد هذا النص أن المشرع استحدث نظاما القصد منه تصفية الحقوق المترتبة على القوانين والنظم السابقة على نفاذه بشرط أن يكون الحق المطالب به قد نشأ قبل نفاذ القانون رقم 58 لسنة 1971 المشار اليه وأن يكون مصدر هذا الحق أحكام القوانين والقرارات السابقة فى صدورها على هذا النفاذ، فاذا ما توافر هذان الشرطان تعين على صاحب الشأن المطالبة بحقه خلال الميعاد المنصوص عليه وهو ثلاث سنوات، فاذا ما انقضى هذا الميعاد ولم تكن الجهة الادارية قد أجابته الى طلبه ولم ترفع دعوى المطالبة القضائية خلاله امتنع قبول الدعوى لتعلق هذا النظام بالنظام العام، كما يمتنع على الجهة الادارية النظر فى الطلب ما لم يكن ذلك تنفيذا لحكم قصائى نهائى.
ومن حيث انه من ناحية أخرى فان نص المادة 87 سالفة الذكر ولئن ورد بين نصوص القانون رقم 58 لسنة 1971 الا انه من النصوص المتعلقة بتنظيم اجراءات التقاضى أى انه يمثل قاعدة من قواعد النظام العام التى لا يجوز الخروج عليها أو مخالفتها الا بنص صادر بذات الاداة التشريعية وهو القانون ومن ثم فانه يسرى فى عموميته التى ورد بها على العاملين بالهيئات العامة تطبيقا لما تقضى به المادة الأولى (ب) من ذلك القانون من أن تسرى أحكامه على العاملين بالهيئات العامة ما لم تنصن عليه اللوائح الخاصة بهم.
ومن حيث ان المادة الأولى من القانون رقم 1 لسنة 1971 بانشاء اتحاد الاذاعة والتليفزيون والصادر فى أول مارس سنة 1971 تنص على أنه "تنشأ هيئة تسمى "اتحاد الاذاعة والتليفزيون" تتولى شئون الاذاعة المسموعة والمرئية فى الجمهورية العربية المتحدة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع وزير الاعلام، ويكون مركزها مدينة القاهرة" وبالتالى فان نص المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 المشار اليه تسرى على العاملين وباتحاد الاذاعة والتليفزيون باعتباره هيئة عامة.
ومن حيث أنه لا يقدح فى هذا النظر ما تنص عليه المادة 19 من القانون رقم 1 لسنة 1971 من انه "يخضع الاتحاد فى أنظمته وشئون العاملين فيه وادارة أمواله وحساباته وسائر شئونه للأحكام المنصوص عليها فى هذا القانون ولوائحه والقرارات التى يصدرها مجلس المديرين بعد عرضها على المجلس الأعلى وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد المقررة فى الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة، ويضع مجلس المديرين القواعد المنظمة لعمل الاتحاد وتسييره وعلى الأخص:
( أ )............
(ب)............
(جـ)............
(د) لائحة لتنظيم شئون العاملين وما تنص عليه المادة الأولى من قرار اصدار قرار رئيس المجلس الأعلى لاتحاد الاذاعة والتليفزيون رقم 2 لسنة 1971 الصادر بتنفيذ الحكم الفقرة (د) المشار اليها من أنه "يعمل فى المسائل المتعلقة بشئون العاملين باتحاد الاذاعة والتليفزيون بالأحكام المرافقة لهذا القرار" وما تنص عليه المادة 100 من هذا القرار من أنه "تسرى الأحكام والنظم المطبقة على العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص فى هذه اللائحة" ولا يقدح فى النظر المتقدم ما أتت به تلك النصوص من أحكام ذلك لانه فضلا عن ان القانون رقم 1 لسنة 71 سابق فى صدوره على القانون رقم 58 لسنة 1971 فان نص المادة 87 الواردة فى هذا القانون الأخير نص عام يتعلق كما سلف باجراءات التقاضى التى لا يجوز الخروج عليها الا بنص فى القانون ومن ثم فان صدور القرار رقم 2 لسنة 1971 وهو أداة تشريعية أدنى بكثير من القانون الخاص باخضاع العاملين بالاتحاد لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 فيما لم يرد بشأنه نص فى هذا القرار الذى خلا من نص مماثل لنص المادة 87 لا يكون من شأنه انحسار نطاق حكم هذه المادة عن العاملين بذلك الاتحاد ويضاف الى ذلك ان العاملين باتحاد الاذاعة والتليفزيون انما يقومون على ادارة مرفق عام من المرافق العامة للدولة شأنهم فى ذلك شأن العاملين بالجهاز الادارى للدولة ذاته. وتختص محاكم القضاء الادارى بشئون منازعاتهم الوظيفية فيما يقام منهم أو عليهم من أقضية طرفها الآخر الاتحاد الذى يعملون به فهم موظفون عموميون، كما أن موازنة الهيئات العامة هى موازنات ملحقة بموازنة الدولة وتسرى عليها ذات الاجراءات والقواعد الخاصة بموازنة الدولة فكان من الملائم ازاء كل ذلك ولازمة سريان حكم المادة 87 سالفة الذكر على العاملين باتحاد الاذاعة والتليفزيون باعتباره احدى الهيئات العامة.
ومن حيث انه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعى يطالب بارجاع أقدميته فى الفئة الرابعة الى 20 من أغسطس سنة 1968 بدلا من 31 من ديسمبر سنة 1973 أى انه يطالب بتعديل مركز قانونى له مستندا فى ذلك الى جداول تقييم وتوصيف وظائف المؤسسة المصرية العامة للهندسة الاذاعية (التى حل محلها اتحاد الاذاعة والتليفزيون طبقا للمادتين 29 و 30 من القانون رقم 1 لسنة 1971) والتى اعتمدتها اللجنة الوزارية للشئون التشريعية والتنظيم الادارة فى 20 من أغسطس سنة 1968، وهذه القواعد والقرارات والنظم سابقة فى صدورها على القانون رقم 58 لسنة 1971 وبالتالى كان يتعين عليه أن يرفع دعواه خلال ثلاث سنوات سابقة من تاريخ نفاذ ذلك القانون أى فى ميعاد غايته 30 من سبتمبر سنة 1974 أما وأنه أقام الدعوى فى 22 من ابريل سنة 1976 فمن ثم تصبح غير مقبولة.
ومن حيث انه ترتيبا على ذلك واذ انتهى الحكم المطعون فيه الى غير النظر المتقدم فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه، بالغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات.