مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 758

(112)
جلسة 21 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة محمود عبد العزيز الشربينى ونصحى بولس فارس ومحمد عزيز أحمد على وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 1239 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المحاكمة التأديبية - ضمانات الدفاع.
المادة 40 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - اختصاص المحكمة التأديبية منوط بالمخالفات التى وردت بقرار الاحالة من النيابة الادارية - يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة الادارية التصدى لوقائع لم ترد فى قرار الاحالة والحكم فيها - يشترط لتصدى المحكمة لتلك الوقائع تنبيه المخالف أو وكيله بذلك ومنحه أجلا لتحضر دفاعه - أساس ذلك - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 12 من يونيه سنة 1982 أودع الأستاذ/ بشير حسين بشير المحامى بصفته وكيلا عن السيدة/ (الطاعنة) قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1239 لسنة 28 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلستها المنعقدة فى 18 من ابريل سنة 1982 فى الدعوى رقم 452 لسنة 10 القضائية المرفوعة من النيابة الادارية ضد السيدة/ (الطاعنة) والذى قضى بمجازاتها بالفصل من الخدمة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم:
أولا: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ثانيا: بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه.
واحتياطيا تعديل العقوبة من الفصل الى عقوبة الخصم من المرتب.
وبعد أن تم اعلان تقرير الطعن الى ذوى الشأن على النحو الثابت فى الأوراق، أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه احالة الطعن الى دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى الموضوع، وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء الذى تراه المحكمة مناسبا.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من سبتمبر سنة 1982. وفى 9 من مارس سنة 1983 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا وحددت لنظره جلسة 28 من ابريل سنة 1983 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن، وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أنه فى 22 من يناير سنة 1976 أقامت النيابة الادارية الدعوى رقم 238 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد السيدة (الطاعنة) المدرسة بمدرسة أبو حماد الاعدادية الحديثة "بنين" "2" درجة سابعة ونسبت اليها أنها انقطعت عن عملها اعتبارا من الأول من نوفمبر سنة 1975 وحتى 18 من أبريل سنة 1976 فى غير حدود الإجازات المقررة وأنها سلكت فى تصرفها مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب بأن أثبتت بيانات لا تطابق الحقيقة باستمارة جواز السفر الخاص بها بأنها طالبة توصلا لمغادرة البلاد دون اتباع الطريق الذى رسمه القانون وطلبت النيابة الادارية معاقبتها طبقا للمواد 42 و 52/ 2 و 57 و 58 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971، والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية.
وبجلسة 7 من يناير سنة 1979 حكمت المحكمة بمعاقبة (الطاعنة) بالفصل من الخدمة. فطعنت المذكورة فى هذا الحكم أمام المحكمة الادارية العليا بالطعن رقم 134 لسنة 27 القضائية الذى قضى فيه فى 16 من يناير سنة 1982 بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بمدينة المنصورة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى. وأقامت المحكمة حكمها على أن المدرسة المذكورة لم تعلن أعلانا قانونيا بقرار أحالتها الى المحاكمة التأديبية ولم تخطر بجلسات محاكمتها، ومن ثم لم تتح لها فرصة الدفاع عن نفسها، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب فى الاجراءات ترتب عليه الاخلال بحق المتهمة فى الدفاع عن نفسها على وجه يؤثر فى الحكم ويؤدى الى بطلانه. الأمر الذى يتعين معه الحكم بالغائه وإعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بمدينة المنصورة لاعادة محاكمتها والفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.
وقد قيدت الدعوى بهذه المحكمة تحت رقم 452 لسنة 10 القضائية وبجلسة 18 من أبريل سنة 1982 حكمت المحكمة بمجازاة المتهمة بالفصل من الخدمة. وأقامت حكمها على أن الثابت أن المتهمة كانت قد استلمت العمل بعد صدور قرار تعيينها، واستمرت فى عملها شهرا ثم انقطعت عن عملها بدون اذن وفى غير حدود الإجازات المصرح بها قانونا لسفرها الى دولة البحرين لتنفيذ عقد العمل الشخصى الذى كانت تحمله وكان يتعين عليها وقد التحقت بالعمل أن تحصل على موافقة الجهة التى تتبعها للالتحاق بالعمل لدى دولة البحرين وخلصت الى أنها قد خالفت القانون بالتحاقها بالعمل لدى دولة أجنبية دون إذن، حال كونها تشغل وظيفة عامة، ورأت أن الجزاء المترتب على ذلك هو الفصل.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك لأنه وقع على الطاعنة جزاء الفصل من الخدمة استنادا الى أنها التحقت بالعمل لدى دولة أجنبية دون إذن أو موافقة الجهة الادارية التى تعمل بها، وهذا الاتهام لم تنسبه اليها النيابة الادارية ولم تقم دعواها عليه وبذلك تكون المحكمة قد حكمت بما لا تطلبه النيابة الادارية ونسبت تهمة جديدة الى الطاعنة لم تنسبها النيابة الادارية لها. يضاف الى ذلك أن العقوبة التى أوقعها الحكم على الطاعنة وهى الفصل من الخدمة يشوبها الغلو فى تقدير الجزاء. اذ أنها لا تتلائم بين درجة خطورة الذنب الادارى وبين نوع الجزاء ومقداره كما أن هذه العقوبة لا تتفق مع السياسة العامة للدولة التى تهدف الى حسن انتظام مرفق التعليم وذلك بالابقاء على المدرسين فى الخدمة لوجود عجز كبير فيهم، خاصة وأن الطاعنة متخصصة فى مادة الرياضيات.
ومن حيث أن المادة 40 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضى بأن تفصل المحكمة فى الواقعة التى وردت بقرار الاحالة، مع ذلك يجوز للمحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة الادارية التصدى لوقائع لم ترد فى قرار الاحالة والحكم فيها اذا كانت عناصر المخالفة ثابتة فى الأوراق، وبشرط أن تمنح العامل أجلا مناسبا لتحضير دفاعه اذا طلب ذلك.
ومن حيث أن الثابت أن المحكمة التأديبية قد تصدت فى حكمها المطعون فيه لمخالفة لم ترد بقرار إحالة السيدة (الطاعنة)، وهذه المخالفة هى أنها التحقت بالعمل لدى دولة أجنبية دون حصولها على اذن بذلك من الجهة الادارية التى تعمل بها، ولما كانت المحكمة قد اعتدت بهذه المخالفة عند توقيعها جزاء الفصل من الخدمة على المحالة، دون أن يثبت فى الأوراق عناصر هذه المخالفة، كما لم تنبه المحكمة المحالة أو وكيلها إلى هذه المخالفة حتى تتمكن من تحضير دفاعها بشأنها. وعلى ذلك تكون المحكمة قد أقامت جزاء فصل المحالة من عملها على غير أساس سليم، ومن ثم يتعين الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن الطعن صالح للفصل فيه.
ومن حيث أن الثابت فى الأوراق أنه فى 13 من سبتمبر سنة 1975 صدر القرار رقم 1125 لسنة 1975 بتعيين السيدة/ (الطاعنة) مدرسة بوزارة التربية والتعليم - وقامت باستلام عملها فى الأول من أكتوبر سنة 1975 وظلت تباشر هذا العمل الى أن انقطعت عنه بدون عذر قانونى اعتبارا من الأول من نوفمبر سنة 1975. وبالاستعلام من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية أفادت بكتابها رقم 1076 المؤرخ فى 11 من أبريل سنة 1976 بأن المدرسة المذكورة سافرت فى 11 من نوفمبر سنة 1975 بجواز سفر رقم 13489/ 75 مصر الجديدة وأنها مازالت خارج البلاد، وأنه يوجد بسجل جواز سفرها بطاقتها الشخصية رقم 25264 بندر بنها الصادرة بتاريخ 9 من ابريل سنة 1975، وثابت بها أن مهنتها طالبة، كما أقرت كتابة بأنها لا تعمل بالحكومة أو القطاع العام.
من حيث أنه عن الاتهام الأول المنسوب الى المتهمة والخاص بانها انقطعت عن عملها فى غير حدود الإجازات المقررة. فان هذا الاتهام ثابت فى حقها نظرا لوقوع هذا الانقطاع دون حصولها على إجازة من عملها وبالتالى يتعين مساءلتها عنه أعمالا لأحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 الذى يقضى فى المادة 42 منه على أنه لا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله الا لإجازة ممنوحة له فى حدود الإجازات المقررة.
ومن حيث أنه عن الاتهام الثانى المنسوب إلى المتهمة والخاص بأنها سلكت فى تصرفها مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب بأن أثبتت بينات لا تطابق الحقيقة باستمارة استخراج جواز سفرها بأنها طالبة توصلا لمغادرتها البلاد دون اتباع الطريق الذى رسمه القانون. فانه لما كان الثابت أنها قد أثبتت بجواز سفرها المذكور أنها طالبة ولا تعمل بالحكومة أو القطاع العام، وسافرت إلى خارج البلاد فى 11 من نوفمبر سنة 1975 مستغلة هذه الصفة بعد التحاقها بالعمل بوزارة التربية والتعليم، لذلك يكون هذا الاتهام ثابتا فى حقها ويتعين مؤاخذتها عنه.
ومن حيث أن المحكمة ترى أن الجزاء المناسب عن المخالفتين المنسوب ارتكابهما للمخالفة هو توقيع جزاء الخصم من أجرها لمدة شهرين.
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم، فقد تعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازاة (الطاعنة) بجزاء الخصم من أجرها لمدة شهرين.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازاة (الطاعنة) بالخصم من أجرها لمدة شهرين.