مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 773

(115)
جلسة 29 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد ابراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى - المستشارين.

الطعن رقم 69 لسنة 24 القضائية

موظف - مرتب - بدل طبيعة عمل - اعتقال.
قرار رئيس مجلس ادارة المؤسسة المصرية العامة للكهرباء بمنح العاملين بالمؤسسة بدل طبيعة عمل موحد بنسبة 25% من راتبهم - هذا القرار من العمومية والتجريد بحيث يلحق بالراتب ويدور معه وجودا وعدما - متى ثبت أن العامل كان معتقلا فان اعتقاله يرقى الى القوة القاهرة ويحول دون ارادته الحرة فى الحضور الى مقر عمله خلال أوقاته الرسمية - بقاء العلاقة الوظيفية قائما بما يترتب من آثار ومزايا مالية أخرى كالعلاوات وبدل طبيعة العمل طالما لم يسند اليه تهمة محددة ولم يحكم بادانته - تطبيق.


اجراءات الطعن

بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1977 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 69 لسنة 24 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1977 فى الدعوى رقم 1509 لسنة 30 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد محمد سالم الدجوى ضد هيئة كهرباء مصر والذى قى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى والحكم بأحقية المدعى فى صرف ما يعادل البدل المقرر بالمؤسسة خلال فترة اعتقاله من 26/ 10/ 1967 حتى 4/ 4/ 1968 والزام المدعى عليها بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلن الطعن الى المطعون ضدها وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعى فى الدعوى المشار اليها فى اقتضاء بدل طبيعة العمل المستحق له خلال الفترة التى اعتقل فيها مع الزام الجهة الادارية المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 24 من يناير سنة 1983 وبجلسة 14 من مارس سنة 1983 قررت احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا "الدائرة الثانية" حيث عين لنظره أمامها جلسة 15 من مايو سنة 1983 وفيها استمعت المحكمة الى ما ارتأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى ان السيد/ محمد محمد سالم الدجوى أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم باستحقاقه لبدل طبيعة العمل بنسبة 25% من مرتبه الأصلى عن مدة اعتقاله من 26/ 10/ 1965 حتى 4/ 4/ 1968 مع الزام المدعى بالمصاريف والأتعاب وقال شارحا دعواه أنه اعتقل بسبب انتمائه الى جماعة الاخوان المسلمين فى الفترة من 26/ 10/ 1965 وحتى 4/ 4/ 1968 وكان يصرف له راتبه مخصوما منه بدل طبيعة العمل الذى كان يتقاضاه بواقع 25 ج من المرتب شأنه شأن باقى العاملين بالهيئة، وقد جرت الفتاوى والأحكام بأن الاعتقال يرقى الى مرتبة القوة القاهرة ويحول دون الارادة الحرة للمعتقل فى الحضور الى عمله فتظل العلاقة الوظيفية قائمة بما يترتب عليها من مزايا وآثار وبدل طبيعة العمل جزء من الراتب يأخذ حكمه فى المنح وفى المنع.
وقد عقبت الجهة الادارية على الدعوى بالقول بأن بدل طبيعة العمل يصرف فى هيئة الكهرباء باعتباره مقابلا لأداء ساعات العمل الاضافية وهى محددة بالقرار رقم 303 لسنة 1967 الصادر من مؤسسة الكهرباء فلا يستحقه العامل اللهم الا أن يكون قائما بالعمل فعلا.
وبجلسة 13/ 10/ 1977 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات وأقامت قضاءها على ان البدل المطالب به يأخذ حكم الراتب ويصرف شهريا فتسرى فى شأنه القاعدة المقررة بالمادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات التى تقضى بتقادم الأجور بفوات خمس سنوات دون المطالبة. والمدعى تقدم بتظلم فى 1/ 5/ 1970 ولم يقم الدعوى الا فى 17/ 6/ 1976. فيكون حقه قد سقط بالتقادم الخمسى.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ما ورد فيه من أسباب حاصلها ان التكيف القانونى السليم لطلبات المدعى هو اعتبار ما يطالب به تعويضا فهو مقابل لما لحق به من ضرر مادى وأدبى نتيجة صدور قرار اعتقاله وما يترتب عليه من الحيلولة بينه وبين أداء العمل ويكون الاعتقال فى حكم القوة القاهرة ومن ثم يحق للموظف أن يتقاضى كل ما كان يمكن أن يتقاضاه من الوظيفة، هذا فضلا على ان المدعى أبدى دفاعه جوهريا التفتت عنه المحكمة حين قرر أنه أودع لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة طالبا لمعافاته من رسوم الدعوى برقم 502 لسنة 22ق. وقيد فى 23/ 5/ 1971 بسجلات الاعفاء، وان هذا الطلب قاطع للتقادم ومع ذلك طرحته المحكمة ولم تأمر باستيفائه.
ومن حيث ان هيئة مفوضى الدولة أثبتت فى تقريرها انها اطلعت على سجل طلبات الاعفاء فظهر ان المدعى محمد محمد سالم الدجوى تقدم بطلب اعفائه من رسوم الدعوى وقيد الطلب أمام لجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الادارى برقم 503 لسنة 25 قضائية فى 23 من مايو سنة 1971 وبجلسة 30 من ابريل سنة 1972 قضى برفض الطلب فتقدم بعريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الادارى فى 17/ 6/ 1976.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد استقر واطرد على أن التقدم الى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة بطلب الاعفاء من الرسوم القضائية هو بمثابة تظلم يقطع المواعيد المسقطة للحق، فانه وقد تبين أنه افرج عنه من الاعتقال فى 4/ 4/ 1968. وتقدم بطلب للمعافاة من الرسوم فى 23/ 5/ 1972. ورفض هذا الطلب فى 30/ 4/ 1972 فأقام الدعوى بالمطالبة بالحق فى 17/ 6/ 1976. يكون طلبه قائما لم يدركه التقادم الخمسى، ويكون الحكم حين قضى بغير هذا النظر قد صدر مخالفا صحيح حكم القانون.
ومن حيث أنه بالنسبة لموضوع الطلبات فانها تنحصر فى طلب الأجور الاضافية وبدل طبيعة العمل فى الفترة التى كان المدعى معتقلا فيها اعتبارا من 26/ 10/ 1965 وحتى 4/ 4/ 1968.
ومن حيث أنه بالنسبة للقرار رقم 303 لسنة 1967 الصادر بتاريخ 24/ 5/ 1967 من رئيس مجلس ادارة المؤسسة المصرية العامة للكهرباء قد نص فى المادة الأولى على أن يمنح العاملون بالمؤسسة بدل طبيعة عمل موحد بنسبة 25% محسوبا على أساس ما كانوا يتقاضونه من مرتبات وأجور أو مكافآت شاملة فى 31/ 12/ 1966 ثم جاءت المادة الرابعة وحظرت صرف الأجور الاضافية للعاملين بالمؤسسة حيث أن بدل طبيعة العمل تقرر نظير ظروف ومواعيد العمل بالمؤسسة والذى يستفاد من ذلك أنه وقبل صدور هذا القرار كانت تصرف للعاملين بالمؤسسة أجورا اضافية وضحت قواعدها فى المنشور الدورى الصادر من الأمين العام للمؤسسة فى 29/ 6/ 1967 وكان يصرف نظير تشغيل العاملين وقتا اضافيا مدته خمسون ساعة فى الشهر علاوة على الساعات الرسمية المقررة وعلى أن يكون هذا التشغيل بمعرفة المناطق والاجهزة والادارة العامة وتحت اشرافهم ومسئوليتهم لما تقتضيه ظروف العمل مع الأخذ فى الاعتبار ما جاء بالمادة 4 من القرار رقم 303 لسنة 1967 المشار اليه ومعنى ذلك أن الأجر الاضافى كان يصرف لمن كان يقوم بالعمل فعلا وفى أوقات وساعات اضافية يجب أن تبلغ مددا محددة وعليه فلم يكن كقاعدة عامة يصرف لجميع العاملين، بل لطوائف محددة وبقواعد محددة حسب ظروف كل عامل ومدى توافر شروطها فيه بما ينفى عنها صفة العمومية المطلقة فلا يستحقها الا من قام بالعمل الاضافى فعلا وطبقا لمدد التشغيل المحددة وبقرار ممن يملكه وتحت اشرافه ومسئوليته.
ومن حيث أنه بالنسبة للقرار رقم 303 لسنة 1967 فانه اشتمل على بدل طبيعة عمل يصرف لجميع العاملين بها، وهو بدل موحد بنسبة 25% محسوبا على أساس ما كان يتقاضاه العاملون من مرتبات وأجور أو مكافآت شاملة فى 31/ 12/ 1966، فهو اذا من العمومية والتجريد بحيث يلحق بالراتب ويدور معه وجودا وعدما.
ومن حيث أنه بتطبيق ذلك على الوقائع الواردة بالأوراق فان المدعى وقد اعتقل اعتبارا من 26/ 10/ 1965 فان هذا القرار يرقى الى مرتبة القوة القاهرة ويحول دون الارادة الحرة للعامل فى الحضور الى مقر عمله خلال أوقاته الرسمية ومن ثم فان العلاقة الوظيفية قائمة بما يترتب عليها من أثار ومزايا مالية طالما لم تستند اليه تهمة محددة ولم يحكم بادانته وكان انقطاعه عن العمل بقوة خارجة عن ارادته، فيستحق راتب الوظيفة وكل ما يدور معه من مزايا مالية أخرى كالعلاوات وبدل طبيعة العمل. والواضح أيضا أن الجهة الادارية كانت تصرف له راتبه طوال فترة الاعتقال، وليس من شك على الشرح الذى ألمعنا اليه أنه يدخل فى عموم هذا الراتب استحقاقه لبدل طبيعة العمل المقرر بمقتضى القرار الادارى رقم 303 لسنة 1967 اعتبارا من تاريخ نفاذه فى أول مايو سنة 1967 دون استحقاق للأجر الاضافى الذى كان ساريا قبل هذا التاريخ.
ومن حيث أنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله حقيقا بالالغاء وبأحقية المدعى فى بدل طبيعة العمل المقرر بالقرار الادارى رقم 303 لسنة 1967 اعتبارا من أول مايو سنة 1967 وحتى تاريخ تسلمه العمل فى 5/ 4/ 1968 ورفض ما عدا ذلك من طلبات مع الزام الجهة الادارية المصروفات عن الدرجتين.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه، بالغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية المدعى فى بدل طبيعة العمل من أول مايو سنة 1967 الى 5 من ابريل سنة 1968 وألزمت الجهة الادارية المصروفات.