مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 778

(116)
جلسة 5 من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار يوسف شلبى يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور نعيم عطيه جرجس ويحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد ابراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى - المستشارين.

الطعن رقم 505 لسنة 28 القضائية

دعوى - الحكم فى الدعوى - بطلان الأحكام.
المادة 3 من قانون اصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - تطبيق الاجراءات المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة ويرجع الى قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما لم يرد به نص - قانون مجلس الدولة لم يتضمن قواعد الاجراءات بشأن الأحكام التى تصدرها محاكم مجلس الدولة - المادة 175 مرافعات - عدم ايداع مسودة الحكم عند النطق به - بطلان الحكم - مثال: ايداع ملف الدعوى المحكوم فيها صورة فوتوغرافية لمسودة حكم آخر صدر من ذات المحكمة فى ذات الجلسة فى دعوى لم تكن مضمومة واجراء التعديل اللازم على الصورة - بطلان - أساس ذلك: عند النطق بالحكم المطعون فيه لم تكن المسودة الخطية الخاصة به مودعة ملف الدعوى واستعيض عن هذا الايداع بتصوير مسودة حكم آخر - تطبيق(1).


اجراءات الطعن

بتاريخ 25 من فبراير سنة 1982 أودع الاستاذ محمد كمال عوض الله المحامى بصفته وكيلا عن السيدة/ نبيلة على السيد جبر قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قى بجدولها برقم 501 لسنة 28 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1981 فى الدعوى رقم 601 لسنة 2 القضائية المقامة من الطاعنة ضد محافظة الدقهلية ومدير عام مديرية الشئون الصحية بمحافظة الدقهلية والذى قضى برفض الدعوى والزام المدعية بالمصاريف - وقد طلبت الطاعنة - للاسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعية فى مكافأة مقدارها ثلاثون جنيها شهريا اعتبارا من 6 من نوفمبر سنة 1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية والزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بذات الطلبات التى طلبتها المدعية فى تقرير الطعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 24 من يناير سنة 1983 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 27 من فبراير سنة 1983 وبعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 4 من أغسطس سنة 1980 أقامت السيدة/ نبيلة على السيد جبر الدعوى رقم 601 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بالمنصورة ضد محافظة الدقهلية ومدير عام مديرية الشئون الصحية بمحافظة الدقهلية طالبة الحكم بأحقيتها فى المكافآت المنصوص عليها فى المادة 13 من قرار وزير الصحة ووزير الدولة للحكم المحلى رقم 69 لسنة 1976 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية والزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقالت المدعية شرحا للدعوى ما مجمله انه تنفيذا لأحكام القرار الجمهورى رقم 2444 لسنة 1965 بشأن تنظيم وادارة المستشفيات والوحدات الطبية الملحقة بالمجالس المحلية صدرت عدة قرارات من وزير الصحة والادارة المحلية آخرها القرار رقم 447 لسنة 1975 باللائحة الأساسية للمستشفيات والوحدات الطبية الملحقة بالمجالس المحلية وبينت المادتان 12 و 13 من هذا القرار كيفية توزيع حصيلة صناديق الخدمة بالمستشفيات والوحدات الطبية، ثم صدر قرار وزير الصحة ووزير الحكم المحلى والتنظيمات الشعبية رقم 69 لسنة 1976 وقضى فى المادة 13 منه بمنح مديرى الشئون الصحية ومديرى المناطق الطبية ومديرى الادارات الصحية مكافآت مقدارها 15 جنيها شهريا وذلك نظير قيامهم بالاشراف على أوجه النشاط أو المشروعات التى تمولها حصيلة صناديق تحسين الخدمة بالمستشفيات والوحدات الصحية - وبتاريخ 2 من أكتوبر سنة 1979 صدر قرار وزير الصحة وزير الدولة للحكم المحلى رقم 501 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام اللائحة الأساسية للمستشفيات والوحدات الصحية التابعة للمجالس المحلية وقضت المادة 3 منه بمنح مديرى الشئون الصحية بالمحافظات مكافأة قدرها 50 جنيها شهريا، والأطباء المتفرغون من وكلاء مديرية الشئون الصحية ومديرى المناطق الطبية ومديرى الادارات الصحية وغيرهم من الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة المتفرغون العاملون بديوان مديرية الشئون الصحية مكافأة قدرها 30 جنيها شهريا، وذلك نظير قيامهم بالاشراف على أوجه النشاط والمشروعات التى تمولها حصيلة صناديق تحسين الخدمة بالمستشفيات والوحدات الصحية - وأشارت المدعية الى انه طبقا للمادة 13 من القرار رقم 69 لسنة 1976 المعدل بالقرار رقم 501 لسنة 1979 تقدمت وباقى زميلاتها من الصيادلة المتفرغين للعمل بديوان مديرية الشئون الصحية بمحافظة الدقهلية بطلب لصرف المكافأة المنصوص عليها فى هذا القرار الا أن الجهة الادارية امتنعت عن صرفها دون سند قانونى.
وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1981 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه ويقضى برفض الدعوى والزام المدعية المصروفات - وأقامت قضاءها على أنه يبين من المادة 13 من القرار رقم 69 لسنة 1976 سواء قبل تعديلها بالقرار رقم 501 لسنة 1979 أو بعد التعديل أن مناط استحقاق المكافأة هو القيام بالاشراف الفعلى على أوجه النشاط ومشروعات المستشفيات والوحدات الصحية باعتبار أنها مكافأة خاصة تقررت لسبب خاص، فضلا عن أنه عند تحديد العاملين الذين يستحقون تلك المكافأة يتعين القول بأنهم الذين تسند اليهم بأداة صريحة ومحددة صادرة ممن يملكها مهمة الاشراف على أوجه نشاط ومشروعات المستشفيات والوحدات الصحية ويقومون فعلا بهذا الاشراف - ومن ثم لا يكفى فى هذا الشأن أن تنطوى عموم مهام الموظف العادية على نوع من الاشراف أو التفتيش على المستشفيات والوحدات الصحية أو أن يستشف ذلك مما يحرره الموظف عن نفسه من الأعمال والمهام التى يقوم بها فى تقارير الكفاية السنوية لانه فضلا عن انه لا يجوز أن تترتب الحقوق على ما يحرره الموظف عن نفسه من بيانات فان تقارير الكفاية ليست هى الوعاء الأصلى المخصص لبيان اختصاصات الموظف والأعمال التى يقوم بها - وعلى هذا واذ خلت الأوراق مما يفيد أن المدعية تقوم فعلا بالاشراف على أوجه نشاط ومشروعات المستشفيات والوحدات الصحية التابعة للمجالس فى نطاق محافظة الدقهلية بموجب أداة قانونية صريحة تسند اليها وبالتالى لا يغدو لها أصل حق فى طلب صرف تلك المكافأة.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان الحكم المطعون فيه خالف القانون اذ استخلصت المحكمة خطأ من المادة 13 من القرار رقم 69 لسنة 1976 المعدل بالقرار رقم 501 لسنة 1979 شرطا لم يرد فى هذه المادة وهو أن تسند مهمة الاشراف بأداة صريحة ومحددة صادرة ممن يملكها وهو شرط فيه تحميل للنص أكثر مما يحتمل - كما ان المحكمة استبعدت ما يرد بالتقارير السنوية من بيانات، ومن المقرر ان هذه التقارير لا تمنح الا على العمل الذى يقوم به الموظف فعلا سواء قام العالم بتحرير عمله بنفسه أو قام به رؤساؤه، فضلا عن ان المحكمة لم تحدد أيا من الأطباء والصيادلة المشار اليهم فى المادة 13 الذين تسند اليهم مهمة الاشراف بأداة صريحة وأنه اذا كان هذا القول مقصورا بالنسبة للأطباء المتفرغين من وكلاء مديريات الشئون الصحية ومديرى المناطق ومديرى الادارات الصحية وغيرهم من الأطباء وأطباء الأسناء والصيادلة اذ سيصدر القرار من مديرى الشئون الصحية بالمحافظات الا أنه غير متصور بالنسبة لهؤلاء المديرين أنفسهم.
ومن حيث ان المادة 3 من قانون اصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على انه "تطبق الاجراءات المنصوص عليها فيه، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك الى أن يصدر قانون الاجراءات الخاصة بالقسم القضائى". وتنص المادة 33 على أن يصدر الحكم فى الدعوى فى جلسة علنية" كما تنص المادة 43 فى الفصل الثالث الواردة تحت بند (ثانيا) الاجراءات أمام المحاكم التأديبية على أن تصدر الأحكام مسببة ويوقعها الرئيس والأعضاء أخيرا تنص المادة 48 الواردة فى الفصل الثالث تحت بند (ثالثا) الخاصة بالاجراءات أمام المحكمة الادارية العليا على انه مع مراعاة ما هو منصوص عليه بالنسبة الى المحكمة الادارية العليا يعمل أمامها بالقواعد والاجراءات والمواعيد المنصوص عليها فى الفصل الثالث أولا من الباب الأول من هذا القانون. والمستفاد من هذه النصوص أن قانون مجلس الدولة لم يتضمن قواعد الاجراءات بشأن الأحكام التى تصدرها محاكم مجلس الدولة كما تضمنه قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
ومن حيث انه تأسيسا على ذلك فانه يتعين الرجوع الى قانون المرافعات المدنية والتجارية وقد نص فى المادة 166 على أنه "تكون المداولة فى الأحكام سرا بين القضاة مجتمعين" ونص فى المادة 167 على أنه "لا يجوز أن يشترك فى المداولة غير القضاه الذين سمعوا المرافعة والا كان الحكم باطلا". ونص فى المادة 175 على انه "يجب فى جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاه عند النطق بالحكم والا كان الحكم باطلا". ونص فى المادة 176 على انه "يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها والا كانت باطلة" ومفاد هذه النصوص ان المشرع أوجب أن تحصل المداولة أى المشاورة فى الأحكام سرا بين أعضاء المحكمة مجتمعين فى منطوق الحكم وأسبابه بعد انتهاء المرافعة وقبل النطق به وذلك ضمانا لحرية آرائهم، وأوجب ألا يشترك فى المداولة غير أعضاء المحكمة الذين سمعوا المرافعة، وأوجب كذلك ايداع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من رئيس المحكمة ومن القضاء وذلك عند النطق بالحكم حتى يضفى الاطمئنان الى نفوس المتقاضين بان الحكم صدر بعد تمحيص أوجه النزاع ومناقشة أدلة الخصوم - فاذا لم تودع مسودة الحكم لدى النطق به كان معنى هذا ان القضاء قد نطقوا به قبل أن يتداولوا فى أسبابه ويتفقوا عليها وتستقر عقيدتهم على أساس فيها فحكمهم اذن يكون قد خلا من هذه الضمانة التى يحرص عليها المشرع ولذا رتب بطلان الحكم جزاء لهذه المخالفة.
من حيث أن الثابت من الاطلاع على مفردات المنازعة الماثلة ان الحكم المطعون فيه رقم 601 لسنة 2 القضائية الصادر من محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1981 عبارة عن صور فوتوغرافية لمسودة حكم آخر صدر من ذات المحكمة فى ذات الجلسة المذكورة فى دعوى لم تكن مضمومة وأجرى على هذه الصورة التعديل اللازم ومؤدى هذا أنه عند النطق بالحكم المطعون فيه لم تكن المسودة الخطية الخاصة به مودعة ملف الدعوى ذاتها واستعيض عن هذا الايداع بتصوير مسودة حكم آخر ومن ثم يكون الحكم باطلا تطبيقا للمادة 175 من قانون المرافعات مما يتعين بالتالى القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة لتصدر حكمها فى النزاع مستوفيا أسبابه فى المسودة الخطية مع باقى شرائطه القانونية.
ومن حيث انه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى الى محكمة القضاء الادارى للفصل فيها وأبقت الفصل فى المصروفات.


(1) قضت المحكمة بذات المبدأ فى الطعن 1263 لسنة 27 ق جلسة 12/ 6/ 1983 والطعن 509 لسنة 28 ق جلسة 19/ 6/ 1983.