مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 840

(126)
جلسة 25 من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة عزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 348 لسنة 26 القضائية

أموال مصادرة - بيع بطريق المزايدة - شروط خاصة - استرداد - منافع عامة.
أموال مصادرة - بيع أرض بطريق المزايدة (شروط خاصة) - عدم قيام ورثة الراسى عليه المزاد بسداد باقى ثمن الأرض المبيعة - مدة الخمس سنوات التى يجوز للحكومة خلالها استرداد الارض طبقا للبند ثالثا من قائمة شروط المزايدة - لا يسوغ القول بأن النية المشتركة للمتعاقدين قد اتجهت الى إسقاط حق الحكومة فى استعمال رخصة استرداد الارض بفوات خمس سنوات على تاريخ التعاقد الذى تم برسو المزاد ولم ينفذ الراسى عليه المزاد التزاماته - النية الحقيقية للمتعاقدين هى جواز اعمال رخصة استرداد الارض المبيعة فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع الذى توجب قائمة الشروط تحريره بعد سداد الراسى عليه المزاد باقى ثمن الصفقة وملحقاتها - تخصيص تلك الأرض فعلا للمسجد الذى أقيم عليها - اعتباره مشروعا من المشروعات المتعلقة بالمنافع العامة - اقامة شخص من أشخاص القانون الخاص مسجدا دون الحكومة لا ينفى عنه صفة النفع العام لاسيما وان الدولة قد أقرت قيام هذا المسجد على ما يستفاد من قرارها القاضى باسترداد الأرض لهذا السبب - رفض طلب الغاء قرار استرداد الأرض ورفض التعويض.


اجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 24 من يناير سنة 1980 أودع الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عبد الباقى والأستاذ أحمد حسين هيكل المحاميان نيابة عن:
1 - الأستاذ/ محمد صفوت عبد النعيم عبد الباقى
2 - الدكتور/ جاد الكريم عبد النعيم عبد الباقى
3 - الدكتور/ عبد الفتاح عبد النعيم عبد الباقى
4 - السيد/ أحمد ممدوح عبد النعيم
5 - السيدة/ كوكب عبد النعيم عبد الباقى
6 - السيدة/ محاسن عبد النعيم عبد الباقى
7 - السيدة/ نبيلة عبد النعيم عبد الباقى
8 - السيدة/ سهير عبد النعيم عبد الباقى
قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 348 لسنة 26 القضائية ضد:
1 - وزير المالية والاقتصاد بصفته.
2 - وزير الاسكان بصفته
3 - محافظ القاهرة بصفته
4 - رئيس مجلس ادارة البنك العقارى المصرى بصفته
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1979 فى الدعوى رمق 1698 لسنة 30 القضائية المرفوعة من الطاعنين ضد المطعون ضدهم الذى قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدعوى والزام المدعين بالمصروفات.
وانتهى تقرير الطعن للأسباب المبينة فيه الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبالزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعنين للذكر منهم مثل حظ الأنثيين مبلغ مليون جنيه مع الفوائد القانونية والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن قانونا وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالزام المطعون ضدهما بدفع التعويض الذى تقدره المحكمة للطاعنين والمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3 من يناير سنة 1983، وبجلسة 7 من مارس سنة 1983 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 9 من ابريل سنة 1983 وفى هذه الجلسة وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات قررت اصدار الحكم بجلسة 28 من مايو سنة 1983 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم الى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1698 لسنة 1974 - مدنى كلى - أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بصحيفة معلنة فى 30 من ابريل، 2 من مايو سنة 1974 طالبين الحكم:
أولا: بصحة ونفاذ عقد بيع قطعة الأرض الفضاء المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وذلك فى مواجهة وزارة المالية والاقتصاد (ادارة الأموال المستردة) بالنسبة الى أصل الأرض وفى مواجهة محافظة القاهرة بالنسبة الى زوائد التنظيم.
ثانيا: الزام وزارة المالية والاقتصاد ومحافظة القاهرة كل فى حدود ما باعه، بتسليم الأرض موضوع الدعوى الى المدعين خالية من كل عائق والزامها بازالة ما عليها من تعديات ورفع يد الغاصبين عنها.
ثالثا: فى حالة امتثال وزارة المالية والاقتصاد والمحافظة لمقتضى التزاماتها بتسليم الأرض وبنقل الملكية وبالضمان أو الحكم عليهما بتنفيذ هذه الالتزامات تنفيذا عينيا جبرا فان المدعين يطلبون الحكم عليهما على سبيل التضامن فيما بينهما بتعويض مقداره عشرون ألف جنيه عن الضرر الذى يكون قد نالهم من مجرد التأخير فى استيفاء حقوقهم فى تسلم الأرض واستثمارها بالبناء عليها مع الفوائد القانونية عن هذا المبلغ ابتداء من تاريخ المطالبة القضائية بواقع 4%.
رابعا: اذا لم تقم الوزارة المذكورة والمحافظة كل فى حدود ما باعه بتسليم الأرض الى المدعين خالية من كل عائق وازالة كل ما عليها من تعديات خلال شهرين من الزامها قضاء بذلك فان المدعين يطلبون الحكم عليها على سبيل التضامن مع باقى المدعى عليهم بمبلغ مائة ألف جنيه والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق تعويض لهم عن استحقاقهم للأرض وتفويت الكسب الذى كانوا ينالونه بالبناء عليها مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجاء فى بيان الدعوى انه بتاريخ 29/ 10/ 1957 قامت وزارة الخزانة "المندمجة حاليا فى وزارة المالية والاقتصاد" ممثلة ببنك الائتمان العقارى (المندمج حاليا فى البنك العقارى المصرى) بشهر مزاد قطعة الأرض الفضاء المستردة من أسرة محمد على رقم 5 القائمة على ناصية ميدان ذو الفقار وشارع ذو الفقار بالمنيل بالقاهرة وذلك على أساس أن مساحتها 2.940.30، وقد رسا هذا المزاد على مورث المدعين المرحوم عبد النعيم عبد الباقى بثمن إجمالى مقداره 10343 جنيها أى بواقع أحد عشر جنيها للمتر المربع وأخطر المشترى برسو المزاد عليه بتاريخ 4/ 12/ 1957 وقام بدفع مبلغ 4137.200 وهو المقدار الذى اشترط تعجيله من الثمن طبقا لقائمة شروط بيع الأموال المصادرة وفى 7 من يناير سنة 1958 انتقل الراسى عليه المزاد الى رحمة الله وحل محله المدعون فى الصفقة بعد أن تخارجوا مع والدتهم وورثة شقيقتهم المرحومة/ توحيده، وعند استخراج كشف تحديد الأرض المشتراه اتضح وجود زوائد تنظيم مقدارها 5ر21 م2 كما ظهر ان حقيقة المساحة المباعة 946.85م2 وقدرت محافظة القاهرة ثمن المتر المربع من زوائد التنظيم بمبلغ 22 جنيها ووافق المدعون على هذا التقدير، وقد أظهروا بعد وفاة والدهم كامل استعدادهم لأداء باقى الثمن كل بحسب نصيبه غير ان بنك الائتمان العقارى تسبب بلا مبرر فى اطالة وقت أداء هذا الباقى بسبب اصراره على استيفائه منهم على نحو مخالف للقانون كاشتراط أن تكون فائدة التأخير مركبة وبنسبة 6% رغم ما تنص عليه قائمة شروط البيع من أن فائدة التأخير هى بنسبة 5% ورغم عدم توافر شروط استحقاق الفائدة المركبة، وقد حدا اصرار البنك على مخالفة القانون بالمدعين الى أن يتقدموا اليه فى 9/ 2/ 1970 بمذكرة بأقوالهم وفقا لحكم القانون واقتنع البنك أخيرا بوجهة نظرهم وحرر عقد صلح بين الطرفين فى 17/ 12/ 1972 واستطرد المدعون الى انهم طلبوا فى مناسبات عديدة قبل وبعد ابرام الصلح المشار اليه من البنك ومن الحكومة تسليمهم الأرض محل النزاع أو على الأقل الاذن لهم فى تسويرها منعا من وقوع أى تعد عليها كما طلبوا منها التدخل لدى النيابة العامة ولدى سلطات الأمن لمنع جماعة من الناس اعتدوا بالفعل على جزء من الأرض وأخذوا فى بناء بعض المحال عليها وقد استجابت وزارة الاسكان فى النهاية لطلبهم ووافقت على تسليم الأرض إليهم وأخطرتهم بالحضور لاستلامها يوم 7/ 2/ 1973 غير أن مغتصبى الأرض عندما علموا بعزم الحكومة على تسليم الأرض خالية الى المدعين عمدوا الى اقامة بعض الأعمدة وفرشوا الأرض بالحصير ووضعوا عليها لافتة تحمل اسم (مسجد) وفى اليوم المحدد لتسليم الأرض توجهت قوة من شرطة مرافق القاهرة لتنفيذ قرار وزير الاسكان رقم 825 لسنة 1972 بازالة التعدى على الأرض وتسليمها الى المدعين الا ان القوة توقفت عن أداء مهمتها بسبب غير معلوم وقررت فيما يبدو فى هدم الجدران والأعمدة التى أريد لها أن تأخذ اسم المسجد وازاء ذلك لجأ المدعون الى النيابة العامة لرد الاعتداء على أرضهم وأصدرت النيابة قرار بازالة جميع التعديات، كما لجأوا الى ادارة الفتوى بالأزهر يسألونها عن حكم الدين فى بناء مسجد على أرض بدون رضاء من أصحابها وجاءهم الرد بعدم جواز اقامة المسجد على أرض مغتصبة مملوكة للغير بغير رضاء من أصحابها وانه يحق لأصحاب الأرض ازالة البناء الذى أقيم بغير رضاهم، وازاء عدم الاستجابة الى طلبهم تسليم الأرض اليهم خالية والعمل على نقل ملكيتها اليهم عن طريق تحرير عقد البيع النهائى حتى يمكن تسجيله وضمان التعرض لهم فى العين فقد أقاموا هذه الدعوى للحكم بالطلبات المتقدمة تأسيسا على أن عقد البيع المبرم بتاريخ 29/ 10/ 1957 مع مورثهم فى بيع نهائى لا يجوز لأى من طرفيه الفكاك منه أو النكوص عنه وانه اذا كان البند الثالث من قائمة شروط البيع يخول للحكومة أن تأخذ من الأرض المبينة ما يلزمها للأغراض المتعلقة بالمنافع العامة بنفس الثمن الذى بيعت به الا أن هذه الرخصة طبقا لما نص عليه فى البند المذكور مقررة لمدة محددة بالخمس سنوات التالية لابرام عقد البيع وقد انتهت هذه المدة فى 29/ 10/ 1962 كما قام المدعون بالوفاء بكافة التزاماتهم المنصوص عليها فى العقد ولم يبق الا أن تقوم وزارة المالية والاقتصاد ومحافظة القاهرة بالوفاء بالتزاماتها المتمثلة فى اتخاذ الاجراءات اللازمة لنقل ملكية الأرض المبيعة اليهم وضمان التعرض اما اذا لم يتيسر لهم الوصول الى التنفيذ العينى لحقوقهم فى تسليم الأرض وفى انتقال ملكيتها اليهم فان الوزارة والمحافظة يلتزمان كل فى حدود ما باعه بتعويضهم عن استحقاق الأرض وضياعها. وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية عدل المدعون طلباتهم التى خلصت أمامها الى طلب الحكم أولا بصحة نفاذ عقد البيع وتسليم الأرض المبيعة اليهم ومنع التعرض الحاصل لهم فى انتفاعهم بها فضلا عن الحكم لهم بمبلغ مائة ألف جنيه نظير تأخير البائعين فى الوفاء بالتزاماتهم بنقل الملكية بالتسليم. ثانيا وعلى سبيل الاحتياط الحكم على وزارة المالية ومحافظة القاهرة متضامنين بمبلغ 293.670 جنيه مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم فى حالة عدم الحكم بالطلب الأول. ثالثا الحكم بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.
وعقبت ادارة قضايا الحكومة على الدعوى بالدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لأن موضوعها يتضمن الالغاء والتعويض عن قرار نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 207 لسنة 1973 الصادر بتاريخ 19/ 5/ 1973 باسترداد قطعة الأرض موضوع الدعوى للزومها لاعمال المنفعة العامة مما يختص مجلس الدولة وطلب رفض الدعوى تأسيسا على أن البند الحادى عشر من قائمة شروط عقد البيع قد نص على انه لا يحق للراسى عليه المزاد استلام العقار المبيع الا بعد وفائه بكامل الشروط والالتزامات الواردة فى هذه القائمة وخاصة سداده كامل ثمن الصفقة وملحقاتها وان البند الثانى عشر نص على أنه عن قيام الراسى عليه المزاد بتنفيذ الالتزامات والتعهدات الواردة بهذه الشروط يحرر عقد البيع النهائى أمام موثق العقود الرسمية ومفاد هذين النصين أن رسو المزاد لا يترتب عليه بذاته اتمام التعاقد لان هذه المرحلة تترتب على اجراء لاحق هو قيام الراسى عليه المزاد بالوفاء بجميع التزاماته وتعهداته الواردة بشروط عقد البيع ومن بينها الوفاء بالثمن، فاذا كان الثابت أن المدعين لم يسددوا كامل الثمن الا فى عام 1972 فانه ابتداء من هذا التاريخ يمكن أن يقال ان العقد بدأ سريانه، ومن ثم يكون تصرف الحكومة عندما أصدرت القرار رقم 207 لسنة 1973 أنف الذكر داخلا فى نطاق ما اتفق عليه الأطراف فى البند الثالث من شروط البيع ولا ينطوى على اخلال بالتزاماتها وبالتالى يكون طلب التعويض فى غير محله يتعين الرفض خاصة وان الملكية لم تنتقل بعد للمدعين لعدم تسجيل عقدهم، وقد عقب المدعون على هذا الدفاع فقالوا ان القرار الوزارى رقم 207 لسنة 1973 الذى نزع ملكية أرضهم تضمن بيعها الى جمعية المحافظة على القرآن الكريم بمصر القديمة لقاء الثمن الذى رسا به مزادها على مورثهم وهذه الجمعية من أشخاص القانون الخاص ولا يجوز أن ينزع الملكية لصالحها لأن هذا الاجراء لا يكون الا لأغراض المنفعة العامة، كما أن رئيس الجمهورية هو المختص بتقرير المنفعة العامة للفضاء الذى يراد نزع ملكيته وبالتالى كان القرار المشار اليه يعد عملا ماديا يدخل النظر فيه فى اختصاص القضاء العادى، أما عن موضوع الدعوى فقد ذكروا أن الرخصة المنصوص عليها فى البند الثالث من شروط البيع محددة بخمس سنوات من تاريخ البيع وأن البيع تم بين مورثهم والبنك بطريق المزاد ومن تاريخ رسو المزاد عليه فى 29/ 10/ 1957 وفقا للمادة 99 من القانون ومن هذا التاريخ مدة الخمس سنوات أو فى أبعد الحدود من تاريخ اخطاره برسو المزاد فى 4/ 12/ 1957.
وبجلسة 30/ 3/ 1976 حكمت المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى واحالتها الى محكمة القضاء الادارى مع ابقاء الفصل فى المصروفات تأسيسا على أن المنازعة تقتضى التعرض لقرار ادارى هو القرار الوزارى رقم 307 لسنة 1973، وبناء على ذلك قيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الادارى برقم 1698 لسنة 30 القضائية وأثناء نظرها أمامها قرر المدعى الأول عن نفسه وبوصفه وكيلا عن باقى المدعين بانه يعدل طلباته الى مليون جنيه تعويضا عن الأرض.
وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذى قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدعوى والزام المدعين بالمصروفات. وأقامت قضاءها فى الدفع بعدم الاختصاص على التزام المحكمة المحال اليها الدعوى بنظرها طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات وبنت قضاءها فى الموضوع على أن مقطع النزاع فى الدعوى يدور حول تفسير نص البند الثالث من قائمة شروط البيع الذى يجيز للحكومة خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع أن تأخذ من الأرض ما يلزمها لأعمال خاصة بالمنافع العامة بذات الثمن المبيعة به، وفى ذلك ذهب الحكم المطعون فيه الى انه ولئن كان من المسلم ان عقد البيع يتم بمجرد تبادل طرفين التعبير عن ارادتين متطابقتين وانه يتم فى حالة البيع بالمزاد وطبقا لنص المادة 99 من القانون المدنى برسو المزاد الا ان من المسلم أيضا أنه يتعين فى مقام تفسير العقود البحث عن النية الحقيقية للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للألفاظ وان من العوامل الموضوعية التى يؤخذ بها فى هذا المجال ان عبارات العقد يفسر بعضها بعض بحيث لا يجوز عزل العبارة الواحدة عن باقى العبارات بل يجب تفسيرها باعتبارها جزءا من كل هذا العقد وانه بالبناء على ذلك يبين من استقراء بنود قائمة شروط البيع ان عبارة (عقد البيع) المنصوص عليها فى البند ثالثا آنف الذكر انما يقصد بها عقد البيع النهائى الذى يحرر طبقا لشروط القائمة بعد سداد باقى الثمن ويقطع فى صحة هذا النظر ان البند تاسعا من القائمة نص على التزام الرأسى عليه المزاد خلال عشرة أيام من تاريخ اخطاره برسو المزاد عليه بسداد 20% أخرى من ثمن الصفقة حسبما رسا مزادها، 9% من الثمن لحساب رسوم وأتعاب عقد البيع، وهو بذلك قد استخدم ذات التعبير الوارد فى البند ثالثا قاصدا به عقد البيع النهائى اذ من المعروف ان الرسوم والأتعاب مرتبطة بعقد البيع النهائى مما يستفاد منه ان القائمة عندما ترددد عبارة عقد البيع دون تحديد فانها تقصد العقد النهائى الذى لا يجوز تحريره الا بعد سداد كامل الثمن ووفاء الراسى عليه المزاد بجميع التزاماته، يؤكد ذلك أيضا أن شروط البيع لا تخول الراسى عليه المزاد أية حقوق شخصية على العين المبيعة قبل سداد كامل الثمن على ما هو مستفاد من البند الرابع والبند الحادى عشر والبند الثانى عشر، الأمر الذى يستبين منه ان المتعاقدين قصدا ألا يترتب على رسو المزاد بذاته أية حقوق للرأسى عليه المزاد على البقاء وانما يترتب ذلك على اجراء لاحق هو الوفاء بالتزاماته ومن بينها سداد باقى الثمن حيث يتسنى تحرير العقد النهائى عندئذ. وينبنى على ذلك أن مدة الخمس سنوات المنصوص عليها فى البند ثالثا لا تبدأ الا من تاريخ العقد النهائى ومن ثم يكون للحكومة اعمال مقتضى هذا البند فى الفترة السابقة على تحرير العقد النهائى وخلال الخمس سنوات التالية لذلك، ولما كان البادى ان عقد البيع النهائى لم يحرر بعد بالنظر الى عدم وفاء المدعين بباقى الثمن وان الحكومة مارست حقها المنصوص عليه فى البند المشار اليه خلال عام 1973 عندما أصدر نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد قراره رقم 207 لسنة 1973 سالف البيان فمن ثم يكون ما ينعاه المدعون على القرار من صدوره بعد فوات الأوان غير قائم على أساس سليم. ولا يخرج الأمر عن ذلك ان قيل بحساب مدة الخمس سنوات من تاريخ سداد كامل الثمن لأن الثابت من الأوراق وخاصة محضر الصلح المحرر بين المدعين وبنك الائتمان العقارى فى 17/ 12/ 1972 ان باقى الثمن لم يسدد الا بعد رفع الدعوى رقم 4327 لسنة 1971 كلى القاهرة وأثناء تداولها بالجلسات فى حين صدر القرار الوزارى فى 16/ 5/ 1973 أى خلال الخمس سنوات التالية للسداد. ثم تطرق الحكم المطعون فيه بعد ذلك الى تنفيذ حجج المدعين فقال عن وجه الدفاع المستند الى مخالفة القرار الوزارى المشار اليه لقانون نزع الملكية ان مجال الدعوى يخرج تماما عن مجال نزع الملكية لأن الأرض ما زالت على ملك الدولة والقرار الوزارى تضمن أخذهما بذات الثمن المبيعة به اعمالا لنص فى قائمة الشروط وعما أثير عن استخدام الرخصة المخولة لوزارة المالية فى البند ثالثا فى غير مجالها بالعدول عن البيع الحاصل لمورثهم لكى تباع الأرض لشخص آخر، ذهب الحكم المطعون فيه الى ان واقع الحال لا يتفق مع هذا التصوير اذ الحكومة لم تسترد الأرض لبيعها لشخص آخر وانما استردتها بعد أن أقيم عليها مسجد وأصبحت مخصصة فعلا لمنفعة عامة هى دار العبادة أما النص فى المادة الثانية من القرار الوزارى المشار اليه على بيع الأرض الى جمعية المحافظة على القرآن الكريم والخدمات الاجتماعية بمصر القديمة التى أقامت المسجد، فان هذا النص لا يغير من الأمر شيئا لانه ينظم العلاقة بين الحكومة والجمعية والقصد منه هو التزام الجمعية بسداد الثمن الذى تلتزم به الحكومة فى مواجهة المدعين وفضلا عن ذلك فقد جاء بمذكرة دفاع الحكومة ان وزارة الأوقاف تسلمت المسجد بعد تمام انشائه لادارته والاشراف على اقامة الشعائر الدينية فيه. وخلص الحكم المطعون فيه بعد كل ما تقدم الى أن القرار الوزارى رقم 207 لسنة 1973 المشار اليه قد جاء تطبيقا سليما لنص البند ثالثا من قائمة الشروط ومن ثم لا تلتزم الجهة البائعة فى مواجهة المدعين الا بذات الثمن الذى رسا به مزاد الأرض على مورثهم ويقتصر حقهم على هذا النطاق وحده وبالتالى تكون دعواهم سواء ما تعلق منها بالطلب الأصلى أو الطلب الاحتياطى غير قائمة على أساس سليم من القانون.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لأسباب خمسة ورد تفصيلها فى تقرير الطعن ومبنى السبب الأولى منها أن الحكم لم يلتزم أصول التفسير حيث قام على فساد فى الاستدلال عن النية المشتركة للمتعاقدين، فجاء تفسيره لعبارة "عقد البيع" الواردة فى البند الثالث من قائمة الشروط على انه يقصد منها عقد البيع النهائى مجافيا لادعاءات المتعاقدين نفسها ودون دليل من واقعات الدعوى وأوراقها وانطوى بذلك على خلط بين العقد كنظام قانونى قوامه توافق الارادتين وبين العقد كمحرر يعد لاثبات قيام ذلك النظام فحين يجئ لفظ "عقد" مجردا عن النعت والتخصيص فانما يقصد به العقد كنظام قانونى فاذا أريد استعمال لفظ "عقد" للدلالة على المعنى الآخر فانه يلزم اضافة ما يدل على ذلك ومن هنا نشأ فى عرف التعامل عبارة عقد ابتدائى وعبارة عقد نهائى ومن ثم ما كان للحكم المطعون فيه بناء على ذلك أن يفسر عبارة "عقد البيع" الواردة فى البند الثالث من قائمة شروط البيع على ان المقصود منها البيع النهائى برغم خلوها من أى نعت أو تخصيص، أما استدلال الحكم على هذا المعنى من عبارات العقد فقد شابه الفساد فى الاستدلال اذ لا يؤخذ هذا المعنى من البند التاسع من قائمة شروط البيع كما ذهب الحكم المطعون فيه، وكان الأخرى به مراعاة العقد ككل وبجميع بنوده تمشيا مع منطقه ولو فعل لوصل فى يقين الى ان المقصود هو البيع كنظام قانونى يقوم عند توافق الارادتين، فقد جاءت شروط البيع تحت مجموع أطلق عليه "قائمة شروط البيع" ولا يمكن أن يكون المقصود بالبيع الا ذاك النظام القانونى القائم على توافق الارادتين فى البيع والشراء كما جاء فى الديباجة أن البنك يقوم بالبيع لحساب وزارة المالية وجاء فى البند الرابع اذا كان العقار مؤجرا وقت حصول البيع" وجاء فى البند السادس"وإذا كان البيع لأكثر من شخص.." وفى كل هذه البنود انطوى لفظ البيع الى العقد كنظام قانونى يقوم على توافق الارادتين والنص فى البند الثالث - موضع البحث - على انه اذا لزم للحكومة فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع أى مقدار كان من العقار المبيع قاطع بتعيين فى أن المقصود هو البيع كنظام قانونى والقول بغير ذلك يؤدى الى نتيجة شاذة وهى ان الحكومة لا تستطيع أن تسترد الا بعد البيع النهائى ومع ان الحكم المطعون فيه أقر للحكومة حق استرداد الأرض المبيعة قبل تحرير العقد النهائى، والحالة الوحيدة التى قصد بها هذا المعنى وردت فى البند 12 الذى جاء يقول "عند قيام الرأسى عليه بالمزاد بتنفيذ الالتزامات والتعهدات الواردة بهذه الشروط يحرر عقد البيع النهائى أمام موثق العقود الرسمية.." وبهذا تكون القائمة منطقية فى استعمال الاصطلاحات القانونية ومتمشية مع ما يسير عليه الفكر القانونى كله وعلى رأسه التشريع فى الآلاف من نصوصه، أما الاستدلال على المعنى الذى توصل اليه الحكم المطعون فيه من شروط البيع التى أضافت حقوق المشترى الى أجل محدد بتمام سداد الثمن فان ذلك ينطوى على استخلاص للمعنى من عبارات لا تؤدى اليه لان اضافة هذه الحقوق الى أجل لا يمنع من ان العقد قد انعقد فعلا. وحاصل السبب الثانى للطعن ان الحكم المطعون فيه لم يلتزم أصول التفسير المنصوص عليها فى المادة 150 من القانون المدنى وهى تقضى فى نظرتها الأولى بانه اذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على ارادة المتعاقدين. ودور القاضى معين والعقد يقتصر على تفسيره دون أن يغير فيه أو يضيف اليه ومن ثم كان واجبه أن يأخذ بعبارة العقد كما هى اذا كانت واضحة وليس أوضح من العبارة التى تضمنها البند الثالث من قائمة الشروط والتى جاءت تقول "اذا لزم للحكومة فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع أى مقدار كان من العقار المبيع.. " فهذه العبارة بينه الوضوح لأن اصطلاح عقد البيع مستقر ثابت بل هو اصطلاح أزلى سرمدى فى قدمه ويعنى البيع كنظام قانونى يقوم على توافق الارادتين فور حصوله، وعلى فرض غموض عبارة عقد البيع فقد كان على الحكم المطعون فيه أن يهتدى فى تفسيرها بما تنعى عليه المادة 150 فى فقرتها الثانية لكى يكون المقصود بتلك العبارة وقد حددت سلطته بغير تخصيص البيع كنظام قانونى حسبما تقتضيه طبيعة التعامل والعرف الجارى فى المعاملات دون انحراف عن هذا المعنى الاصطلاحى الأزلى. وقوام السبب الثالث للطعن ان الحكم المطعون فيه أهدر حكم المادة 151 من القانون المدنى التى تقضى فى فقرتها الأولى بأن يفسر الشك فى مصلحة المدين وتقضى فى فقرتها الثانية - بأنه لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الناقصة فى عقود الاذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن. وبنى السبب الرابع للطعن على أن الحكم المطعون فيه انطوى على مخالفة للقانون والدستور والدين الاسلامى والثابت من الأوراق، فالثابت - على خلاف الحكم - أن رخصة استرداد الأرض قد بوشرت من وزير المالية بقصد بيع الأرض الى الجمعية وقد بيعت لها بالفعل وسجل عقد البيع وبذلك انتقلت الملكية من الدولة الى الجمعية وبالتالى لا يستقيم ما جاء فى الحكم من ان الحكومة لم تسترد الأرض لبيعها فضلا عن ان القول بأن الأرض خصصت بالفعل للمنفعة العامة باقامة مسجد عليها يتنافى مع حقيقة الحال ويتجافى مع حكم القانون والدستور والدين فلم تستعمل الأرض كمسجد عند استعمال رخصة الاسترداد وآية ذلك ان النيابة "وزارة الاسكان أيضا أمرت بالازالة وتسليم الأرض للطاعنين ولو فرض جدلا وكانت الأرض قد بوشرت عليها الصلاة قبل الاسترداد فان ذلك لا يعد تخصيصا للمنفعة العامة تأسيسا على أن حكم الدين الاسلامى الواجب التطبيق بحكم الدستور والقانون يأبى بناء المساحة على الأرض المغتصبة من أصحابها وبما يؤدى الى بطلان المسجد وعدم اعتباره كذلك بل وبطلان الصلاة فيه ممن يكون على بينة من أمر غصبه وقد أفتت بذلك ادارة الفتوى بالأزهر الشريف بتاريخ 30/ 12/ 1392هـ الموافق 3/ 2/ 1973 م كما جرت الأحاديث الشريفة بهذا المعنى، ولا يزيل شبهة الغصب عن الأرض أن تكون الجمعية بين حصول الاسترداد قد اشترت الأرض لأن هذا الشراء قام على التواطؤ الذى يفسد كل شىء كما لا يزيل هذه الشبهة القول بأن الحكومة بقيت رغم البيع الحاصل للطاعنين مالكة للأرض المبيعة نتيجة عدم التسجيل لأمر البيع غير المسجل ينتج كل آثار البيع فيما بين العاقدين فهو يمنح الطاعنين الحق فى حيازة الأرض وفى تسلمها وفى أخذ ثمارها ونمائها واذا كانت هذه الحقوق قد أخفيت الى أجل يتمثل فى دفع الثمن فهذا الأجل كان عند الاسترداد قد انقضى من زمن طويل كما هو ثابت من الأوراق فضلا عن أن حق الملكية نفسه مثبتا واقعيا للمشترين فى مواجهة الحكومة البائعة. وجوهر السبب الخامس للطعن أن الحكم المطعون فيه أعمل حكم البند الثالث من قائمة شروط البيع على أساس توافر شروطه الموضوعية رغم عدم توافر هذه الشروط ذلك أن البند سالف الذكر يقيد أعمال رخصة الاسترداد الى جانب الشرط الزمنى بشروط أخرى موضوعية وينبغى أن تتوافر كلها مجتمعة وذلك بأن يكون العقار المبيع لازما للحكومة لأعمال متعلقة بالمنفعة العامة وأن يحصل الاسترداد للحكومة نفسها لاستعماله منها للمنفعة العامة، ولا يوجد فى واقعات الدعوى أى شرط متحقق من هذه الشروط فلم تكن الحكومة فى حاجة الى العقار ولم تدع تلك الحاجة الى نفسها قط ثم ان العقار لم يكن لازما للمنفعة العامة اذ أن تقرير المنفعة العامة لا يكون الا من الحكومة نفسها كما أن الاسترداد لم يحصل لمنفعة الحكومة بل لبيع الأرض إلى جمعية المحافظة على القرآن الكريم وهى شخص من أشخاص القانون الخاص، وان صح فرضا القول بأن تخصيص الأرض كان للمنفعة العامة من قبل الاسترداد فكيف تبيع الدولة تلك الأرض وهى القوامة على المنفعة العامة لشخص من أشخاص القانون الخاص مع انه لا يجوز التصرف فيها طالما بقيت كذلك.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن بنك الائتمان العقارى أعلن عن مراد بيع قطعة الأرض موضوع النزاع لحساب وزارة المالية والاقتصاد طبقا لقائمة شروط بيع الأملاك المصادرة وبجلسة المزاد المنعقدة فى 29/ 10/ 1957 تقدم مورث الدعين راغبا شراء هذه الأرض بثمنها الأساسى البالغ قدره 10343 جنيها ودفع للجنة المزاد مبلغ 2068.600 ملم جـ وهو ما يوازى 20% من الثمن الأساسى ووقع على قائمة شروط البيع الخاصة بهذه الصفقة وقد قررت اللجنة قبول العطاء المقدم منه على ذمة شراء الأرض بقيمتها الأساسية بمبلغ 10343 جنيها وبتاريخ 4/ 12/ 1957 أخطره البنك بارساء المزاد عليه بالثمن المنوه عنه وفق أحكام قائمة شروط البيع آنفة الذكر وتضمن الاخطار التنبيه عليه بالمبادرة خلال عشرة أيام من تاريخه الى سداد المبالغ التالية 2068.600 ملم جـ وهو ما يوازى 20% أخرى من الثمن حسبما رسا به المزاد عليه، 930.870 ملم جـ وهو ما يوازى 9% من الثمن لحساب رسوم ومصاريف وأتعاب عقد البيع، وبتاريخ 15/ 11/ 1964 قام البنك بصفته نائبا عن وزارة الخزانة بانذار ورثة الراسى عليه المزاد الذى كان قد توفى وذلك للوفاء بالالتزامات المنصوص عليها فى قائمة شروط المزاد وبالذات الوفاء بباقى الثمن والا قام البنك باتحاد الاجراءات القانونية وفقا للمادة 157 من القانون المدنى ونظرا لعدم قيام الراسى عليه المزاد ومن بعده ورثته بسداد باقى الثمن فقد أقام البنك الدعوى رقم 4327 لسنة 1971 كلى القاهرة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الورثة للحكم بالزامهم بطريق التضامن والتكامل بمبلغ 6278.150 مع فوائد هذا المبلغ اعتبارا من 4/ 12/ 1957 حتى اتمام السداد استنادا الى ما ورد بقائمة شروط البيع الا أن المحكمة قضت بجلسة 29/ 4/ 1972 برفض الدعوى تأسيسا على أن المدعى (البنك) لم يقدم ما يؤيد دعواه، ثم تحرر بين الطرفين فى 17/ 12/ 1972 محضر صلح أثبت فيه قيام الورثة بسداد باقى الثمن أثناء تداول القضية بالجلسات وعلى فترات متباعدة كما شمل المحضر اتفاق الطرفين على مسائل معينة كزوائد التنظيم وفوائد التأخير وتسوية الحساب مع اعتبار ما ورد عليه الاتفاق اتفاقا نهائيا لا رجعة فيه. وبتاريخ 19/ 5/ 1973 صدر قرار نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 207 لسنة 1973 ونص فى البند (1) منه على استرداد قطعة الأرض الفضاء الكائنة برقم 5 بدران ذو الفقار بالمنيل قسم مصر القديمة للزومها للحكومة لاعمال متعلقة بالمنافع العامة (مسجد المنيل المقام عليها حاليا) ونص فى البند (2) على بيع " قطعة الأرض سالفة الذكر الى جمعية المحافظة على القرآن الكريم والخدمات الاجتماعية بمصر القديمة لقاء الثمن الأساسى الذى رسا مزادها على المرحوم عبد النعيم عبد الباقى جاد الكريم مع تحميلها ما قد تلتزم به الوزارة بناء على هذا الاسترداد".
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على قائمة شروط بيع الأملاك المصادرة التى تم التعاقد مع مورث المدعين على أساسها أنها قد نصت فى البند ثالثا على انه "اذ لزم للحكومة فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع أى مقدار كان من العقار المبيع لاعمال متعلقة بالمنافع العامة يكون لها الحق فى أن تأخذ ما يلزمها من هذه العقارات بنفس الثمن المبيعة به". ونصت فى البند رابعا على انه "اذا كان العقار مؤجرا وقت حصول البيع فان المشترى يكون ملزما باحترام عقد الايجار المبرم ويكون له الحق فى قيمته اعتبارا من يوم استلام العقار الموضح بهذه الشروط". ونصت فى البند سادسا على أنه "اذا كان البيع لأكثر من شخص واحد فيكون جميع المشترين ملزمين بتنفيذ كافة الاشتراطات بطريق التضامن وبدون انقسام" وقضت فى البند سابعا على انه "إذا أقر الراسى عليه المزاد أنه مشتر لحساب غيره فيكون ملزما بأن يقدم فى نفس الجلسة اقرارا معتمدا ممن وكله بذلك وبقبوله كافة اشتراطات هذا المزاد والا فيعتبر الراسى عليه المزاد مسئولا شخصيا وملزما بتنفيذ كافة الاشتراطات ونصت فى البند تاسعا على أن "يدفع المتزايد حال دخوله فى المزاد ما يوازى 20% من قيمة عطائه مقدما.. ويزاد هذا المبلغ تدريجيا تبعا لعرضه أثناء الجلسة بحيث يكمل المدفوع منه إلى 20% مما رسا به المزاد عليه، ويخطر البنك الرأسى عليه المزاد بكتاب موصى عليه بعلم وصول بقبول عطائه وعندئذ يتعين على الرأسى عليه المزاد أن يسدد لخزينة البنك وفى خلال عشرة أيام التالية من ذلك الاخطار 1 -20% أخرى من ثمن الصفقة حسبما رسا مزادها 2-9% من الثمن لحساب رسوم واتعاب عقد البيع. فاذا تأخر الراسى عليه المزاد فى السداد فى الأجل المشروط آنفا حق للبنك بصفته اعادة بيع الصفقة على ذمة الراسى عليه المزاد.."ونصت فى البند عاشرا على أنه" بالنسبة لباقى ثمن الصفقة البالغ قدره 60% من العطاء المقبول، على الراسى عليه المزاد أن يسدده خلال شهرين من قبول عطائه أما نقدا أو أن يعقد به قرضا من بنك الائتمان العقارى بضمان العين الراسى مزادها عليه بفائدة 5% ويسدد على أقساط سنوية لا تزيد على عشرين قسطا وبالشروط والأوضاع المقررة لدى البنك المذكور وعلى أية حال يلزم الراسى عليه المزاد باخطار البنك بصفته كتابة بوسيلة السداد التى يراها لباقى الثمن المذكور فى خلال شهر من اخطاره بقبول عطائه. وكل مبلغ استحق للبنك بصفته ولم يدفع فى ميعاده المشروط تسرى عليه حتما بدون تنبيه أو انذار فوائد تأخير بواقع 5%". ونصت فى البند الحادى عشر على أنه "لا يحق للراسى عليه المزاد استلام العقار المبيع الا بعد وفائه بكافة الشروط والالتزامات الواردة فى هذه القائمة وخاصة سداده كامل ثمن الصفقة وملحقاتها، كما لا يحق له المطالبة يأجره أو ريع عن المدة السابقة على تاريخ الاستلام" ونص البند الثانى عشر على أنه "عند قيام الراسى عليه المزاد بتنفيذ الالتزامات والتعهدات الواردة بهذه الشروط يحرر عقد البيع النهائى أمام موثق العقود الرسمية بالشروط الآتية ( أ ).. (ب) يحل الراسى عليه المزاد محل البائع بصفته فى كافة حقوق الانتفاع والارتفاع الخاصة بالعقار المبيع سواء ما كان منها ايجابيا أو سلبيا ظاهرا أو خفيا دائما أو منقطعا تحت مسئوليته وعلى أن يتحمل بسداد الأموال والضرائب والتكاليف الأخرى المفروضة على العقار الراسى مزاده أيا كانت قيمتها ابتداء من تاريخ الاستلام.
ومن حيث أنه لا خلاف بين الحكم المطعون فيه والطعن على أن ارساء مزاد بيع الأرض موضوع النزاع على مورث المدعين بتاريخ 29/ 10/ 1957 قد تحقق به انعقاد العقد فى شأن بيع هذه الأرض للمورث المذكور، وانما انحصر الخلاف فى تفسير نص البند ثالثا من قائمة شروط البيع الذى يقضى بأنه "اذ لزم للحكومة فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع أى مقدار كان من العقار المبيع لاعمال متعلقة بالمنافع العامة يكون لها الحق فى أن تأخذ ما يلزمها من هذه العقارات بنفس الثمن المبيعة به". اذ بينما يرى الحكم المطعون فيه أن مدة الخمس سنوات المشار اليها لا تبدأ فى السريان الا من تاريخ عقد البيع النهائى الذى يحرر طبقا لقائمة الشروط بعد سداد باقى الثمن، فان الطعن يذهب الى أن تلك المدة يبدأ حسابها من تاريخ التعاقد الذى يقوم على توافق الارادتين على البيع والشراء بغض النظر عن تاريخ العقد النهائى أو دفع باقى الثمن.
ومن حيث أن البين من قائمة شروط البيع التى تم التعاقد مع المورث المدعين على أساسها أنها تضمنت شروطا خاصة من مقتضاها ان التزام الحكومة بتسليم الأرض المبيعة يترتب فى ذمتها معلقا على تمام تنفيذ التزامات المتعاقد معها فى حين أن التزامات الأخير قبل الحكومة بموجب قائمة الشروط تكون واجبة التنفيذ لمجرد اتمام التعاقد، ومن ثم فمن قبل الوفاء بكامل التزامات الراسى عليها المزاد وأخصها دفع باقى ثمن الصفقة وملحقاتها لا يمكنه - ورغم حصول التعاقد - المطالبة باستلام الأرض المبيعة والتمتع بحيازتها أو الحصول على ثمارها أو ريعها أو أى حق آخر من الحقوق المتعلقة بها وبه أحده لا يمكنه المطالبة بتحرير عقد بيعها النهايئ الذى يخوله حق نقل ملكيتها اليه، بينما تلزمه شروط المزايدة بأن يقوم بسداد باقى ثمن الصفقة وملحقاتها خلال شهرين من تاريخ قبول عطائه أما نقدا أو أن يعقد به قرضا بضمان العين الراسى مزادها عليه بفائدة 5% طبقا لنص البند عاشرا من قائمة شروط البيع، وازاء هذا التباين فى ترتيب نفاذ التزامات الطرفين كان التعبير بلفظ "البيع" أو بلفظ عقد البيع" فى المواضع التى وردت بها تلك الألفاظ فى قائمة الشروط مقصودا بذاته للدلالة على معنى معين ليس هو فى جميع الأحوال المعنى العام للعقد كنظام قانونى يقوم على توافق ارادتين، وفى مجال استعمال الرخصة المخولة للحكومة فى أخذ أى مقدار كان من العقار المبيع فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع طبقا للبند ثالثا من قائمة شروط المزايدة، يجب أن يؤخذ فى الاعتبار أن أعمال هذه الرخصة فى مجالها الزمنى المحدد على الوجه المتقدم انما يستند الى أوضاع العقد التى استقرت بشروطه - أى بنفاذ التزام الحكومة بتسليم الأرض للراسى عليه المزاد تبعا لقيام الأخير بتنفيذ التزاماته أما قبل تنفيذ هذه الالتزامات فان مركز الراسى عليه المزاد يكون معلقا ولا يعلم مصير الأرض المبيعة وما اذا كانت ستظل باقية تحت يد الحكومة كنتيجة لعدم التنفيذ من جانب الراسى عليه المزاد أم انها ستؤل اليه لوفائه بكامل التزاماته وأمام هذه الحالة التى تنطوى على عدم الاستقرار فى شأن حال الأرض ومركز التعاقد على شرائها لا يسوغ القول بان النية المشتركة للمتعاقدين قد اتجهت الى اسقاط حق الحكومة فى استعمال رخصة استرداد الأرض بفوات خمس سنوات على تاريخ التعاقد الذى يتم برسو المزاد ولو لم ينفذ الراسى عليه المزاد والتزاماته بل ان الصحيح فى صدد النية الحقيقية للمتعاقدين هو جواز أعمال رخصة استرداد الأرض المبيعة فى ظرف الخمس سنوات التالية لتاريخ عقد البيع الذى توجب قائمة الشروط تحريره بعد سداد الراسى عليه المزاد باقى ثمن الصفقة وملحقاتها على النحو الذى ذهب اليه الحكم المطعون فيه لأنه منذ هذه اللجنة - أى تاريخ السداد - يستوى العقد نافذا بناء على قائمة الشروط، سيكون أساسا متينا لمطالبة الراسى عليه المزاد بحقوقه وقيدا على الحكومة فى استعمال حقها فى استرداد الأرض بأن يكون ذلك فى النطاق الزمنى المتفق عليه بين الطرفين طبقا للبند ثالثا من قائمة شروط المزايدة، بما يعنيه ذلك بطبيعة الحال من قرار هذا الحق للحكومة من باب أولى فى فترة ما قبل سداد كامل الثمن، وبهذا الفهم تستقيم بنود القائمة التى التزمت فى جميع أحكامها جانب الحكومة فى الفترة التى تسبق اتمام الراسى عليه المزاد تنفيذ التزاماته التعاقدية مؤكدة بذلك ان حصول البيع فى حد ذاته ليس هو المناط فى تسليم الراسى عليه المزاد الأرض المبيعة أو فى مباشرة الحكومة لحقها فى استردادها.
ومن حيث انه ترتيبا على ما تقدم، ولما ثبت من ان ورثة الراسى عليه المزاد لم يقوموا بسداد باقى ثمن الأرض المبيعة الا فى عام 1972 ومن ثم فان مدة الخمس سنوات التى يجوز للحكومة خلالها استرداد الأرض طبقا للبند ثالثا من قائمة شروط المزايدة لا تكون قد انقضت فى تاريخ صدور القرار الوزارى القاضى باستردادها فى 19/ 5/ 1973 نظرا لما استبان من ان واقعة ابرام التعاقد برسو المزاد على مورث المدعين بتاريخ 29/ 10/ 1957 ليست هى الواقعة المعتبرة فى تطبيق حكم البند ثالثا آنف الذكر.
ومن حيث انه لا وجه للنعى على قرار استرداد الأرض بمقولة مخالفته الشروط الموضوعية للاسترداد حسبما نص عليها البند ثالثا من قائمة الشروط، ذلك لأن الاسترداد قد تم بعد أن تهيأت الظروف الموجبة له بتخصيص تلك الأرض فعلا للمسجد الذى أقيم عليها فأصبحت لازمة بالضرورة لأعمال متعلقة بالمنافع العامة بالمعنى المقصود فى البند ثالثا المشار اليه، ولا يتعارض ذلك مع قيام جمعية المحافظة على القرآن الكريم والخدمات الاجتماعية بمصر القديمة - وهى من أشخاص للقانون الخاص - باقامة هذا المسجد دون الحكومة لأن اعتبار مشروع ما من المشروعات المتعلقة بالمنافع العامة منوط يكون المشروع ذاته من المشروعات ذات النفع العام ومن ثم فان اقامة الجمعية مسجدا على أرض النزاع لا ينفى عنه صفة النفع العام لاسيما وان الدولة قد أقرت قيام هذا المسجد على ما يستفاد من قرارها القاضى باسترداد الأرض لهذا السبب. أما ما ورد فى قرار الاسترداد عن بيع الأرض للجمعية المذكورة لقاء الثمن الأساسى الذى بيعت به لمورث المدعين فلا يعدو ان يكون تنظيما قانونيا خاصا لمعالجة الأوضاع الناشئة عن استرداد الأرض التى خصصت للمسجد الذى أقامته هذه الجمعية عليها دون ان يترتب على ذلك حصول الحكومة على أى كسب "أو مزيه"، الأمر الذى يدحض الادعاء بأن هذا التصرف كان صفقة جديدة على حساب المدعين.
ومن حيث انه بناء على ما تقدم تعتبر الدعوى على غير أساس من القانون حقيقة بالرفض واذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فانه يكون محقا فى قضائه ويضحى الطعن عليه فى غير محله مستوجبا الرفض والزام الطاعنين المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الطاعنين بالمصروفات.