مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 28

(4)
جلسة 21 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية كل من السادة الأساتذة على محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد. المستشارين.

القضية رقم 1418 لسنة 8 القضائية

دعوى الالغاء. "ميعاد دفعها" - ترقية المدعى الى الدرجة الثانية نفاذا تحكم محكمة القضاء الادارى - الغاء هذه الترقية نتيجة الغاء المحكمة الادارية العليا لهذا الحكم - ميعاد الطعن فى القرارات التى صدرت خلال الفترة بين تاريخ الترقية وتاريخ الغائها - يبدأ من التاريخ الذى تصدر فيه الادارة قرارها بتنفيذ الحكم الأخير والذى يبين منه الوجه الذى يتم عليه التنفيذ - أساس ذلك.
أن المدعى لم يكن يستطيع أن يعرف حقيقة مركزه القانونى الذى يحدد على مقتضاه وضعه بالنسبة الى القرارات التى صدرت خلال الفترة بين تاريخ ترقيته الى الدرجة الثانية نفاذا لحكم محكمة القضاء الادارى الصادر لصالحه وبين تاريخ الغاء هذه الترقية بعد اذ ألغت المحكمة الادارية العليا هذا الحكم بجلستها المنعقدة فى 14/ 3/ 1959 الا من التاريخ الذى تصدر فيه الادارة قرارها بتنفيذ هذا الحكم الأخير، عندئذ فقط وبعد أن يتبين المدعى الوجه الذى يتم عليه هذا التنفيذ يستطيع أن يحدد طريقة فيما اذا كان يطعن أو لا يطعن فى تلك القرارات، واذا كان الثابت أن المدعى قد تظلم ثم أقام دعواه خلال المواعيد المقررة قانونا محسوبة على مقتضى المبدأ المتقدم فانه بذلك يكون قد أقام دعواه فى المواعيد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن المدعى السيد/ حسن ذهنى على المفتش بالتعليم الثانوى بمنطقة القاهرة الشمالية كان قد أقام الدعوى رقم 2054/ 9 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بطلب تسوية حالته طبقا للقانون الخاص يربط درجات أعضاء هيئات التدريس بالجامعة بدرجات رجال القضاء والنيابة وبجلسة 29/ 4/ 1957 قضت له المحكمة المذكورة باستحقاقه لتسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون 131 لسنة 1950، ومع أن هيئة المفوضين كانت قد طعنت فى هذا الحكم الا أن الوزارة نفذته وسوت حالة المدعى على مقتضاه فاعتبر بناء على هذه التسوية فى الدرجة الثالثة من 27/ 9/ 1960 بدلا من 28/ 11/ 1955 واعتبر مرقى بالأقدمية الى الدرجة الثانية من 18/ 2/ 1958 وبجلسة 14/ 3/ 1959 أصدرت المحكمة الادارية العليا حكمها فى طعن هيئة المفوضين بالغاء الحكم المذكور وبرفض دعوى المدعى وتنفيذا لهذا الحكم أصدرت الوزارة قرارا فى 30/ 9/ 1959 بالغاء التسوية التى كانت قد أجرتها للمدعى تنفيذا لحكم محكمة القضاء الادارى قبل صدور حكم المحكمة الادارية العليا بالغائه. وألغت بذلك ترقيته الى الدرجة الثانية فعادت حالة المدعى الى ما كانت عليه قبلا وأصبح فى الدرجة الثالثة كما كان من 28/ 11/ 1955 غير أن الوزارة من وجهة نظر المدعى تجاهلت أنه خلال الفترة بين 18/ 2/ 1958 وهو التاريخ الذى اعتبر فيه فى الدرجة الثانية بالتسوية التى أجريت له تنفيذا لحكم المحكمة القضاء الادارى قبل الغائه وبين 20/ 9/ 1959 تاريخ الغاء هذه التسوية تنفيذا لحكم المحكمة الادارية العليا بالغاء حكم محكمة القضاء الادارى المشار اليه - تجاهلت أنه قد صدرت خلال تلك الفترة حركة ترقية الى الدرجة الثانية رقى فيها بالاختيار زملاء للمدعى منهم من هم أحدث منه فى أقدمية الدرجة الثالثة وليس هو دونهم كفاية - وكان طبيعيا الا ينظر فى أمر ترقيته فى هذه الحركات لأنه فعلا فى الدرجة الثانية عند صدورها وذلك بناء على التسوية التى أجريت له والتى ألغيت فيما بعد تنفيذا لحكم المحكمة الادارية العليا الصادر فى الطعن هيئة المفوضين، لذلك فانه يحق له أن يطالب بترقيته الى الدرجة الثانية بأحد هذه القرارات التى صدرت خلال تلك الفترة متضمنة ترقية زملاء هم أحدث منه ولا يقل هو عنهم كفاية وهو القرار رقم 64 الصادر فى 12/ 5/ 1958 ولما لم تستجب الوزارة الى تظلم المدعى فى هذا الشأن أقام الدعوى الراهنة بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة القضاء الادارى فى 23/ 1/ 1960 طالبا أولا: وبصفة أصلية الغاء القرار الصادر فى 30/ 9/ 1959 الذى قضى بسحب التسوية التى كانت قد أجريت له واعتبر بموجبها مرقى الى الدرجة الثانية اعتبارا من 18/ 2/ 1958 وبصفة احتياطية الغاء القرار رقم 64 الصادر فى 12/ 5/ 1958 فيما تضمن من تخطى المدعى فى الترقية بالاختبار الى الدرجة الثانية وما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد دفعت الوزارة الدعوى بعدم قبولها شكلا لرفعها بعد الميعاد بمقولة أن المدعى كان عليه أن يقيم دعواه خلال شهرين من تاريخ صدور حكم المحكمة الادارية العليا، وفى الموضوع قالت بالنسبة للطلب الأصلى أنها ألغت التسوية السابق عملها للمدعى تنفيذا لحكم المحكمة العليا وبالنسبة الى الطلب الاحتياطى ذكرت أن الترقية بالاختيار تمت بالقرار المطعون فيه طبقا للضوابط المنصوص عليها فى قانون الموظفين وطلبت لذلك رفض الدعوى وبجلسة 24/ 5/ 1962 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه قاضيا، برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبرفض الطلب الأصلى والزام المدعى مصروفاته وبارجاع أقدمية المدعى فى الدرجة الثانية الى 28/ 4/ 1958 تاريخ العمل بالقرار رقم 64 المطعون فيه والزام المحكمة بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر بسحب التسوية قد نشر فى 1/ 11/ 1959 وقد تظلم منه المدعى فى 29/ 11/ 1959 متضمنا تظلمه أيضا من تخطيه فى الترقيات الى الدرجة الثانية التى صدرت خلال الفترة من 18/ 2/ 1958 الى تاريخ السحب، وعلى هذا يكون المدعى قد تظلم من القرارين المطعون فيهما فى الميعاد مما يتعين معه رفض هذا الدفع وبالنسبة الى الموضوع أسست المحكمة حكمها برفض الطلب الأصلى على أن التسوية التى أجرتها الوزارة للمدعى كان مناطها الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بأحقيته فى الافادة من أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 واذا ألغت المحكمة الادارية العليا هذا الحكم فقد تخلف عن هذه التسوية سندها القانونى وبالتالى يقع القرار الصادر بسحبها سليما لا مطعن عليه، وأما بالنسبة الى الطلب الاحتياطى الخاص بالغاء القرار رقم 64 لسنة 1958 فقد تبين للمحكمة أن هذا القرار قد تضمن ترقية خمسة وعشرين موظفا من الدرجة الثالثة الى الدرجة الثانية بالاختيار وهؤلاء وان تساوى المدعى معهم فى التقدير العام الا انهم يفرقونه فى درجات هذا التقدير غير أن آخر المرقين وهو السيد/ حسين يوسف فوزى فان الوزارة لم تقدم أصلا التقريرين الخاصين به على السنتين السابقتين على الترقية وهما سنتا 1957 و1958 حتى يمكن الاستناد اليهما فى ترجيح كفته على كفة المدعى عند الترقية بالاختيار ومن ثم فقد تعين الغاء القرار فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية ولما كان قد رقى الى الدرجة الثانية أثناء نظر الدعوى فان مصلحته تصبح مقصورة على ارجاع أقدميته فى تلك الدرجة الى 28/ 4/ 1958 تاريخ العمل بالقرار المطعون فيه، وقد طعنت الحكومة فى هذا الحكم طالبة الغاءه والقضاء أصليا بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها والزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك تأسسا على أن المدعى لم يتظلم من القرار المطعون فيه محل الطلب الاحتياطى الذى أجابته المحكمة اليه، وانه على فرض صحة ما ذهب اليه الحكم من أن تظلم المدعى من سحب التسوية التى كانت قد أجريت له نفاذا لحكم محكمة القضاء الادارى بعد اذ ألغته المحكمة الادارية العليا على الوجه سالف البيان قد شمل التظلم من القرارين محل الطلب الأصلى والاحتياطى معا، فقد أخطأ الحكم حين اعتبر الميعاد الذى يبدأ منه حساب مواعيد التظلم ورفع الدعوى هو تاريخ نشر قرار سحب تلك التسوية فى 1/ 11/ 1959 فى حين أن سحب التسوية كان تنفيذا لحكم المحكمة الادارية العليا الصادر فى 14/ 3/ 1959 الذى استقر على مقتضاه مركز المدعى فكان واجبا عليه أن يبادر بالتظلم خلال شهرين من تاريخ صدور هذا الحكم وليس من تاريخ نشر القرار الصادر نفاذا له، وبالنسبة الى الموضوع طلبت الحكومة فى عريضة الطعن رفض الدعوى استنادا على أن القرار المطعون فيه قد صدر مطابقا للقانون.
ومن حيث أنه يتبين مما تقدم ايراده فى مقام سرد الوقائع أن المدعى لم يكن ليستطيع أن يعرف حقيقة مركزه القانونى الذى يحدد على مقتضاه وضعه بالنسبة الى القرارات التى صدرت خلال الفترة بين تاريخ ترقيته الى الدرجة الثانية نفاذا لحكم محكمة القضاء الادارى الصادر لصالحه وبين تاريخ الغاء هذه الترقية بعد اذ ألغت المحكمة الادارية العليا هذا الحكم بجلستها المنعقدة فى 14/ 3/ 1959، الا من التاريخ الذى تصدر فيه الادارة قرارها بتنفيذ هذا الحكم الأخير، عندئذ فقط وبعد أن يتبين المدعى الوجه الذى يتم عليه هذا التنفيذ يستطيع أن يحدد طريقه فيما اذا كان يطعن أو لا يطعن فى تلك القرارات، واذا كان الثابت أن المدعى قد تظلم ثم أقام دعواه خلال المواعيد المقررة قانونا محسوبة على مقتضى المبدأ المتقدم حيث ظهر من الأوراق أن القرار الصادر بتسوية حالة المدعى نفاذا لحكم المحكمة الادارية العليا المشار اليه قد صدر فى 30/ 9/ 1959 ونشر فى 1/ 11/ 1959 وتظلم منه المدعى ومن القرار موضوع الطلب الاحتياطى فى 25/ 11/ 1959 ثم أقام دعواه فى 23/ 1/ 1960 فانه بذلك يكون قد أقام دعواه فى المواعيد وطبقا للاجراءات المقررة قانونا ويكون دفع المحكمة بعدم قبولها شكلا فى غير محله متعين الرفض بالنسبة للموضوع.
ومن حيث ان القرار المطعون فيه وحسبما يتبين من الاطلاع على نشرة وزارة التربية والتعليم الصادرة فى أول يونيه سنة 1958 - قد اشتمل على ترقية ستة وعشرين موظفا جميعهم فيما عدا آخر المرقين السيد حسين يوسف فوزى وكيل كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية - من الحاصلين خلال السنتين السابقتين على الترقية على تقدير ممتاز اذ حصلوا جميعهم فى تقرير فبراير لسنة 1957 على مائة درجة وحصل كل منهم فى تقرير فبراير سنة 1958 على تقدير ممتاز - أما آخر المرقين وهو السيد/ حسين يوسف فوزى فقد تبين أنه لم يوضع عنه تقارير سرية عن هاتين السنتين بسبب عدم وجوده بخدمة الوزارة خلالهما لأنه استقال من الخدمة فى 19/ 10/ 1954 وأعيد اليها اعتبارا من 18/ 12/ 1957
ومن حيث انه ياستعراض حالة المدعى يتضح أنه بدوره لم يوضع عنه تقرير عن السنة السابقة على اجراء الترقية محل الطعن وهو التقرير الذى يوضع فى فبراير سنة 1958. لأنه كان يشغل الدرجة الثانية فى ذلك الوقت طبقا للتسوية الملغاة واعتباره من موظفى تلك الدرجة لم يكن خاضعا لنظام التقارير السنوية أما تقرير فبراير سنة 1957 فقد ظهر للمحكمة أنه لم يتضمن سوى تقديرى الرئيس المباشر والمدير المحلى حيث قرر الأول درجة كفايته باثنتين وتسعين درجة وقدرها الثانى بواحد وثمانين درجة ولم يعرض التقرير بعد ذلك على رئيس المصلحة لابداء ملاحظاته كما لم يعرض على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التى تراها وفقا للاجراءات التى رسمتها المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفى الدولة.
ومن حيث انه اذ اتضح أن جميع المرقين الى الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه فيما عدا آخر المرقين قد حصلوا وطبقا للاجراءات المقررة قانونا على أعلى مراتب التقدير عن السنتين السابقتين على الترقيات المطعون فيها، واتضح أن آخر المرقين هذا وهو السيد/ حسين يوسف فوزى والمدعى كذلك لم يوضع لهما تقارير سنوية عن هاتين السنتين طبقا للأوضاع القانونية، فان الادارة اذا أصدرت قرارها المطعون فيه بترقية من شملتهم الترقية على النحو سالف البيان. وهى فى هذا المجال انما تتمتع بسلطة تقديرية واسعة لا تكون قد خالفت القانون أو أساءت استعمال سلطتها ذلك أنه لا جدال فى أنه لو تبين أن المدعى والمطعون على ترقيته بالاختيار السيد/ حسين يوسف فوزى لم يقدم فى شأنهما تقريران سنويان عن كفايتهما فى خلال السنتين السابقتين على هذه الترقية المطعون فيها لظروف لا دخل للادارة فيها، فان القرار الصادر بالترقية يكون اذن سليما صحيحا لكونه مصاحبا لقرينة المصلحة التى تلازم القرارات الادارية عامة - وهى قرينة لم يسقطها المدعى اذ لا يتأتى له ذلك حتى يقيم الدليل على أنه أرجح كفاية من المطعون على ترقيتهم وهو لا يستطيع ذلك بالبداهة أما امتيازه على غيره ممن لهم تقارير تشهد بحصولهم على أعلى درجات التقدير مع كونه لا تقارير له فهو أمر لا حجة فيه ولا دليل عليه.
ومن حيث أن المدعى اذ عجز عن اقامة الدليل على أفضليته فى الكفاية على السيد/ حسين يوسف فوزى أو على غيره من سائر المرقين يكون طعنه على قرار الترقية غير قائم على أساس مكين مستوجب الرفض خصوصا اذا أدخل فى الاعتبار أنه كان تاليا فى اقدميته الدرجة الثالثة للسيد/ حسين يوسف فوزى اذ حصل المدعى على هذه الدرجة فى 28 من نوفمبر لسنة 1955 بينما ترجع أقدميته السيد/ فوزى فيها الى 30 من يونيه سنة 1954
ومن حيث ان دعوى المدعى تكون اذن غير مستنده الى أساس سليم فى القانون ويتعين من ثم القضاء بقبول طعن الحكومة شكلا وفى موضوعه الغاء الحكم المطعون فيه قضى به من ارجاع أقدمية المدعى فى الدرجة الثانية الى 28 من أبريل سنة 1958 وبرفض دعوى المدعى برمتها مع الزامه بكامل المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.