مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 99

(11)
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1965

برئاسة السيد الاستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 394 لسنة 7 القضائية

مرافعات. حكم. "تفسير". لا يجوز اتخاذ تفسير الحكم ذريعة لاصلاح خطأ أو استكمال نقص وقع فيه أو على العموم لتعديله - يلزم لجواز التفسير أن يكون منطوق الحكم غامضا أو مبهما - غموض الأسباب لا يجيز التفسير ما لم تكن الاسباب قد كونت جزءا من المنطوق.
من الأصول المسلمة أن سلطان المحكمة ينحسر عن الدعوى اذا ما أصدرت حكمها فيها. ومن ثم فان الرجوع لليها لتفسير هذا الحكم ينبغى ألا يخل بهذا الأصل فلا يجوز أن يتخذ التفسير ذريعة لاصلاح خطأ أو استكمال نقص وقع فيه الحكم وعلى وجه العموم لتعديله كما لا يجوز التوسع فيما رسمته المادة 366 من قانون المرافعات سالفة الذكر من حدود لجواز التفسير: فيلزم لجواز التفسير أن يكون منطوق الحكم غامضا أو مبهما. وغموض المنطوق أو ابهامه مسألة تقديرية للمحكمة ولكن يحكمها معنى عام هو استغلاق عباراته فى ذاتها على الفهم كما لو كانت عبارة المنطوق فى ذاتها تبعث الحيرة فى كيفية تنفيذ الحكم فاذا كانت عبارات المنطوق فى ذاتها صريحة واضحة جلية. فلا يهم أن كان المنطوق قد جانب الصواب فى تطبيق القانون أو تأويله أو أنه أخطأ فى فهم المحصل من الوقائع ذلك أن المجال مجال تفسير وليس مجال طعن فى الحكم، كما يلزم لجواز التفسير أن يقع الغموض أو الابهام فى عبارات منطوق الحكم لا فى أسبابه الا اذا كانت الأسباب قد كونت جزءا من المنطوق كما لو أحال المنطوق فى جزء من قضائه الى ما بينته الأسباب فى خصوص هذا الجزء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
من حيث أن الطاعن كان قد تقدم فى 14 من مايو سنة 1960 - أى فى الميعاد المقرر للطعن - الى لجنة المساعدة القضائية بطلب لاعفائه من رسوم الطعن فقررت اللجنة فى 22 من أكتوبر لسنة 1960 رفض طلبه فأودع تقريره بالطعن فى 20 من ديسمبر سنة 1960 أى فى خلال الستين يوما التالية لرفض طلب الاعفاء ومن ثم فان الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 861 لسنة 23 القضائية ضد السيد/ مدير عام السكة الحديد بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 29 من ابريل سنة 1959 بطلب الحكم بتفسير الحكم الصادر فى الدعوى رقم 404 لسنة 4 القضائية على أساس أحقيته لأن يعتبر منقولا للوظيفة التى وجد لائقا لها فى 2 من مايو سنة 1945 وأن يمنح فى ذلك التاريخ الراتب الذى كان يتقاضاه قبل الاصابة على اساس أن مدة خدمته مستمرة وبالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال فى الصحيفة بيانا لدعواه انه كان قد أقام الدعوى رقم 404 لسنة 4 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بين فيها أنه التحق بخدمة السكة الحديد بوظيفة ساع فى 18 من سبتمبر لسنة 1923 ثم رقى لوظيفة وقاد اعتبارا من أول أبريل سنة 1930 ثم الى وظيفة وقاد مدرب فى أول أبريل سنة 1940 ثم كشف عليه طبيا فى أول يونيه سنة 1944. لوظيفة سائق مناورة غير أنه أصيب بأصابة مصلحية فى أول نوفمبر سنة 1944 ومنح عن ذلك تعويضا واستمر علاجه على حساب المصلحة حتى أول مايو سنة 1945 حيث تقرر عدم لياقته لوظيفته الاصلية وترشيحه لوظيفة أخرى كمندوب وابورات وبالرغم من أن التعليمات المالية والقواعد المصلحية كانت تحتم على المصلحة تعيينه فى الوظيفة التى يليق لها فان المصلحة فصلته من الخدمة اعتبارا من 2 من مايو سنة 1945 وكان مرتبه وقتئذ 9 جنيهات و500 مليم ولما تظلم من هذا التصرف عادت المصلحة وقررت اعادته فى أول يونيه سنة 1945 بوظيفة مندوب وابورات بأجر قدره 180 مليما كعامل مستجد على خلاف ما يقضى به قرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 والذى يوجب اعادته بحالته مع احتساب المدة السابقة واعتبار مدة الانقطاع كتصريح بالغياب بدون أجر واحتسابها من اجازاته المستحقة ان كان له رصيد يسمح بذلك. وفى 9 من يناير سنة 1956 اجتاز امتحانا أمام لجنة فنية بعنابر الوابورات ووافقت اللجنة على تشغيله بوظيفة سائق مناورة. ولذلك طلب فى الدعوى المذكورة الحكم باعتبار مدة خدمته متصلة واحتساب اقدميته فى وظيفة سائق مناورة من أول مايو سنة 1945 مع تدرجه فى الترقيات والعلاوات على هذا الأساس أسوة بزملائه. فقضت محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 404 لسنة 4 القضائية المشار اليها فى 9 من ابريل سنة 1952 بأستحقاقه واعتبار مدة الانقطاع كتصريح بالغياب بدون أجر واحتسابها من اجازاته وبراتبه الذى كان يتقاضاه قبل اصابته مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأستطرد الطاعن يقول أن كل ما فعلته المصلحة تنفيذا للحكم سالف الذكر هو تسوية حالته بمنحه يومية قدرها 316 مليما من تاريخ اعادته للخدمة فى 2 من مايو سنة 1945 ومنحه الدرجة الثامنة من 8 ديسمبر سنة 1948 ونعى الطاعن على هذا التنفيذ أنه يخالف منطوق الحكم الصادر لصالحه والذى قضى باعتباره معينا براتبه الذى كان يتقاضاه قبل فصله. وقال أنه قام الدعوى رقم 18 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الادارية لوزارة المواصلات بطلب الزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ 1000 جنيه تعويضا ولكن المحكمة الادارية قضت فى 5 من نوفمبر سنة 1957 برفض الدعوى على أساس أنه عليه أن يلجأ الى المحكمة التى اصدرت الحكم أما لتفسير هذا الحكم وأما لنظر ما أغفلت المحكمة النظر فيه من طلباته فاقام الدعوى الراهنة على أساس أن طلباته فيالدعوى رقم 404 لسنة 4 القضائية كانت اعتبار مدة خدمته متصلة واحتساب أقدميته فى وظيفة سائق مناورة من أول مايو سنة 1945 من تدرجه فى الترقيات والعلاوات على هذا الأساس اسوة بزملائه وصرف ما يستحق له من متجمد فصدر الحكم باستحقاقه لاعتباره معينا فى وظيفة مندوب وابورات من تاريخ لياقته طبيا لهذه الوظيفة وبراتبه الذى كان يتقاضاه قبل اصابته وأقام الحكم قضاءه على أساس أن مناط الافادة من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 هو عدم اللياقة فى الوظائف الأصلية بسبب المرض دون تخصيص لهذا المرض. وأن المصلحة بتقريرها اعادة المدعى الى الخدمة بوظيفة مندوب وابورات بعد تقرير لياقته طبيا لهذه الوظيفة تكون قد أقرت هذا النظر وكان حريا بها أن تجرى فى الأمر الى نهايته فتنقل المدعى الى هذه الوظيفة بدلا من فصله ثم تعيينه وأن تمنحه الراتب الذى كان يتقاضاه بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره أو أن تخلص من ذلك الى أن مفهوم هذه الأسباب أن يصادر الحكم باجابته الى طلباته الأصلية، وأنه لما كانت أسباب الحكم الصادر لصالحه تكمل المنطوق ومفهومها اعتبار مدة خدمته مستمرة وأن يمنح الراتب الذى كان يتقاضاه فلذلك يطلب تفسير الحكم على أساس ما جاء فى الأسباب. وقد ردت الهيئة العامة للسكة الحديد على الدعوى بأن التسوية التى أجرتها تنفيذا لهذا الحكم تسوية مطابقة تماما لمنطوقه وطلبت الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث أنه فى جلست 14 من مارس سنة 1960 قضت محكمة القضاء الادارى برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 أفترض النقل الى درجات أقل من الدرجات السابقة بما يمتنع معه القول بوجوب الاعادة الى نفس الدرجات السابقة وتكفى الاعادة بماهيات تعادل الماهيات الأصلية. وأنه لذلك ليس للمدعى الحق فى نقله الى وظيفته الجديدة بنفس درجته السابقة وهى الدرجة الثامنة ويقتصر الأمر على منحه ماهيته الأصلية ومن ثم فان التسوية التى أجرتها الادارة تنفيذا للحكم والتى رفضها المدعى تسوية صحية ومطابقة تماما لمنطوق الحكم.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن أسباب الحكم المطلوب تفسيره تعتبر مكملة للمنطوق وقد اكتسبت حجية بما لا يدع مجالا لاعادة بحث ما اذا كان القرار المشار اليه تنطبق أحكامه على حالة الطاعن أم لا. ومع ذلك فانه لا يمكن القول بأن اعادة الطاعن الى العمل بوظيفة مندوب وابورات بأجر يومى قدره 316 مليما يعادل فى مجموعة مرتب 9 جنيهات و500 مليما شهريا يعتبر تطبيقا صحيحا لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943. اذ أن أشترط منح الموظف ماهيته الأصلية على درجة الوظيفة التى تسند اليه وان تجاوزت آخر مربوطها وبصفة شخصية على أن تسوى حالته بمجرد وجود وظيفة خالية تتفق درجتها مع ما يتقاضاه من مرتب. هذا الاشتراط فى قرار مجلس الوزراء المذكور يتحتم معه أن تسوى حالته على درجة الوظيفة الجديدة مع رد أقدميته فيها من تاريخ اعادته للعمل والا فليس ثمة معنى من منحه الماهية بصفة شخصية واشتراط تسوية حالته على درجة الوظيفة الجديدة بمجرد وجودها. ويؤكد وجهة النظر هذه أنها وردت فى نص المادة الثانية من القانون رقم 468 لسنة 1954. مما يبين قصد الشارع سواء كان فى ظل قرار مجلس الوزراء الصادر فى سنة 1943 أو القانون رقم 468 لسنة 1954 ثم أنه لم تمض فترة طويلة من 2 من مايو لسنة 1945 حتى أعيد الطاعن الى نفس عمله السابق قبل فصله وهو عمل سائق قاطرة ومنح الدرجة الثامنة من تاريخ 8 من ديسمبر سنة 1948 بمعنى أن الاصابة التى فصل بسببها لم تمنعه من العودة الى نفس عمله الأصلى قبل الاصابة ولا يجوز عدلا أن تهدر أقدميته التى ترجع الى 18 من سبتمبر سنة 1923 بسبب اصابة تبين أنها لم تكن تبرر تقرير عدم لياقته الطبية ولم تمنعه من أسناد نفس وظيفته السابقة اليه.
ومن حيث أنه يبين من مطالعة الحكم المطلوب تفسيره الصادر فى جلسة 9 من أبريل سنة 1952 من محكمة القضاء الادارى (الدائة الثانية) فى الدعوة رقم 404 سنة 4 القضائية المقامة من المدعى فى الدعوى الراهنة ضد مصلحة السكك الحديدية ووزارة المواصلات ووزارة المالية. يبين من مطالعة الحكم المذكور أن المدعى قال فى طلباته أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 14 من يناير 1943 يوجب اعادته بحالته مع احتساب المدة السابقة واعتبار مدة الانقطاع كتصريح بالغياب بدون أجر واحتسابها من إجازاته إن كان له رصيد يسمح بذلك وانه فى 9 من يناير سنة 1946 اجتاز امتحانا أمام لجنة فنية بعنابر الوابورات ووافقت اللجنة على تشغيله بوظيفة سائق مناورة وأنه على مقتضى ذلك يكون من حقه طلب اعتبار مدة خدمته متصلة واحتساب أقدميته فى وظيفة سائق مناورة من أول مايو سنة 1945 مع وجوب تدرجه فى الترقيات والعلاوات على هذا الأساس أسوة بزملائه وطلب الحكم له بذلك وصرف ما يستحق له من متجمد. ولخص الحكم ادعاء المدعى وذكر أنه ينعى على قرار فصله من الخدمة أمرين: الأول أن المصلحة حينما احالته الى القسم الطبى لتقرير صلاحيته للخدمة بعد شفائه ذكرت خطأ فى قرار الاحالة أنه يشغل وظيفة وقاد عادى ولو أنها ذكرت وظيفته الحقيقية لما قرر القسم الطبى عدم لياقته للخدمة وبالتالى لما فصل من وظيفته والثانى أن فصله مخالف لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 الذى يقضى بوجوب اعادة امثاله ممن أصيبوا أثناء تأدية أعمالهم وبسببها بماهياتهم الأصلية وفى الوظيفة الخالية التى تتناسب مع المقدرة الفنية والادارية مع حساب المدة السابقة فى الخدمة على أن تعتبر كتصريح بالغياب بدون أجر أو تحسب من أجازاته المستحقة له أن سمح رصيدها بذلك. كما أورد الحكم فى الوقائع دفاع الحكومة فذكر أنها ردت فيما يتعلق بطلب ضم مدة خدمة المدعى السابقة الى الخدمة الحالية أنه لا حق له فى هذا الطلب لما تخلل مدة الخدمة الحالية من فترة عين فيها باليومية فى الدرجة الرابعة 150/ 180 مليما مع أنه كان قبل فصله على درجة دائمة. وانتهى الحكم فى أسبابه بالعبارات الآتية: "ومن حيث أن المصلحة بتقريرها أعادة المدعى الى الخدمة بوظيفة مندوب وابورات بعد تقرير لياقته الطبية لهذه الوظيفة تكون قد أقرت هذا النظر (وهذا النظر هو - كما ورد فى الفقرة السابقة من الأسباب - أن مناط الافادة من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 هو عدم اللياقة الطبية للعمل فى الوظائف الأصلية بسبب المرض دون تخصيص لهذا المرض أو نوعه) وكان حريا بها أن تجرى فى الأمر الى نهايته فتنقل المدعى الى هذه الوظيفة بدلا من فصله ثم تعيينه وأن تمنحه الراتب الذى كان يتقاضاه بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره". ثم قضى الحكم فى المنطوق. "باستحقاق المدعى لاعتباره معينا فى وظيفة مندوب وابورات من تاريخ لياقته طبيا لهذه الوظيفة وبراتبه الذى كان يتقاضاه قبل أصابته مع ما يترتب على ذلك من آثار".
ومن حيث أن المادة 3 من قانون اصدار قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 تنص على أن "تطبق الاجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه النص...." وتنص المادة 366 من قانون المرافعات على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا الى المحكمة التى أصدرت الحكم تفسير ما وقع فى منطوقه من غموض أو ابهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى".
ومن حيث أنه من الأصول المسلمة أن سلطان المحكمة ينحسر عن الدعوى اذا ما أصدرت حكمها فيها. ومن ثم فان الرجوع اليها لتفسير هذا الحكم ينبغى ألا يخل بهذا الأصل فلا يجوز أن يتخذ التفسير ذريعة لاصلاح خطأ أو استكمال نقص وقع فيه الحكم وعلى وجه العموم لتعديله كما لا يجوز التوسع فيما رسمته المادة 366 من قانون المرافعات سالفة الذكر من حدود لجواز التفسير فيلزم لجواز التفسير أن يكون منطوق الحكم غامضا أو مبهما. وغموض المنطوق أو ابهامه مسألة تقديرية للمحكمة ولكن يحكمها معنى عام هو استغلاق عباراته فى ذاتها على الفهم كما لو كانت عبارات المنطوق فى ذاتها تبعث الحيرة فى كيفية تنفيذ الحكم فاذا كانت عبارات المنطوق فى ذاتها صريحة واضحة جلية. فلا يهم أن كان المنطوق قد جانب الصواب فى تطبيق القانون أو تأويله أو أنه أخطأ فى فهم المحصل من الوقائع ذلك أن المجال مجال تفسير وليس مجال الطعن فى الحكم كما يلزم لجواز التفسير أن يقع الغموض أو الأبهام فى عبارات منطوق الحكم لا اسبابه الا اذا كانت الأسباب قد كونت جزءا من المنطوق كما أو أحال المنطوق فى جزء من قضائه الى ما بينته الأسباب فى خصوص هذا الجزء.
ومن حيث أن عبارات منطوق الحكم المطلوب تفسيره - كما سبق أن بينتها هذه المحكمة - عبارات فى ذاتها صريحة واضحة جلية. فاعتبار المدعى معينا فى وظيفة مندوب وابورات من تاريخ لياقته طبيا لهذه الوظيفة وبراتبه الذى كان يتقاضاه قبل اصابته هذه العبارات فى ذاتها لا تحمل أى خلاف فى فهم المراد منها ولا تبعث الحيرة فى كيفية تنفيذ الحكم على هذا الوجه. على أنه لو صح فى الفرض الجدلى أن عبارات المنطوق ولئن كانت فى ذاتها صريحة جلية الا أنها تنبهم على الفهم اذا ربطت بأسباب الحكم ذات الصلة بالمنطوق على اعتبار أن عبارات الأسباب - كما سبق البيان - قضت بنقل المدعى على حين قضت عبارات المنطوق باعتباره معينا لوضح ذلك فى الفرض الجدلى فان عبارات الأسباب ذات الصلة بالمنطوق لم تقض الا بنقل المدعى الى وظيفة مندوب وابورات وبمنحه الراتب الذى كان يتقاضاه بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 13 من يناير سنة 1943 ووقفت الأسباب عند هذا الحد. ومن ثم فان طلب المدعى تفسير الحكم على أساس أم مدة خدمته مستمرة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المذكور وهو طلبه الجوهرى يتجاوز ما تملكه المحكمة فى دعوى التفسير فهو يخل بالأصل المسلم من انحسار سلطان المحكمة عن الدعوى بصدور الحكم فيها اذ يجعل التفسير ذريعة لتعديل الحكم المطلوب تفسيره خصوصا وأن طلب اعتبار مدة خدمة المدعى مستمرة لم يكن فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره مسألة مسلمه وانما كان موضع اعتراض من جانب الحكومة كما سلف البيان وبالتالى لا يكون ثمة محل لافتراض القضاء ضمنا باجابة هذا الطلب.
ومن حيث أنه لما سلف من الأسباب يبين أن الطعن على غير أساس سليم من القانون وأن الحكم المطعون فيه صحيح فيما انتهى اليه من نتيجة ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن موضوعا والزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت المدعى بالمصروفات.