مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 144

(17)
جلسة 12 من ديسمبر سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1372 لسنة 8 القضائية

( أ ) دعوى. مصلحة. منازعة المدعى لجهة الادارة أحقيتها فى شغل الوظيفة من بين المتخصصين فى الفقه المالكى بدعوى الى كلية الشريعة لم تكن فى حاجة الى متخصص فى هذا المذهب - الحكم فيها بعدم القبول لانتقاء المصلحة على أساس أن محل القرار المطعون فيه هو تعيين مدرس من ذى التخصص فى الفقه المالكى فى حين أن المدعى من أصحاب التخصص فى الفقه الشافعى - غير صحيح لتوافر مصلحة المدعى، فضلا عن أن الحكم بعدم القبول فصل فى موضوع الدعوى ذاته.
(ب) موظف. "تعيين". "نقل". نقل مدرس بمعهد منوف الدينى لتدريس الفقه المالكى بكلية الشريعة - نقل نوعى بمثابة التعيين.
(جـ) أزهر. سلطة تقديرية. تحديد المحاضرات والأساتذة المتخصصين اللازمين لسير الدراسة فى الكليات على الوجه الأكمل - من الأمور التى تترخص الادارة فى تقديرها.
1 - متى كان المدعى فى دعواه الأصلية قد نازع الجهة الادارية فى أحقيتها فى شغل وظيفة مدرس بكلية الشريعة بطريق النقل أو التعيين من بين المتخصصين فى الفقه المالكى بدعوى أن كلية الشريعة لم تكن فى حاجة الى متخصص فى هذا المذهب وساق على ذلك من الأدلة ما رأى أنها تؤيده فى دعواه، فان هذه المنازعة الجدية يستفاد منها بالضرورة أنه لم يسلم فى دعواه بأن مقتضيات التعيين فى تلك الوظيفة كانت توجب شغلها بمتخصص فى الفقه المالكى أو تمنع من تعيين شافعى، ومن ثم فاذا انتهت المحكمة الى أن محل القرار هو تعيين مدرس من ذوى التخصص فى الفقه المالكى لحاجة الكلية الى هؤلاء المتخصصين فانها تكون قد فصلت فيما ينازع فيه المدعى أى فى موضوع الدعوى ولو صح ادعاء المدعى فى هذا الشأن لقضت بأحقيته فى دعواه وبذلك تتحقق للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة فى الدعوى عند أقامتها، واذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
2 - النقل من وظيفة مدرس بمعهد منوف الدينى على وظيفة مدرس بكلية الشريعة هو نقل نوعى بمثابة تعيين فى وظيفة مدرس بالكلية المشار اليها يتم الاختيار لها من بين من تتوافر فيهم الشروط التى وضعها المجلس الأعلى للأزهر بجلسته المنعقدة فى 24/ 1/ 1951 من بين مدرسى المعاهد الدينية.
3 - من المقرر أن تحديد المحاضرات والأساتذة المتخصصين اللازمين لسير الدراسة فى الكليات على الوجه الأكمل انما هو من الأمور التى تترخص الادارة فى تقديرها طبقا لما تراه محققا للصالح العام ولنظام الدراسة فى الكليات دون رقابة عليه من القضاء ما دام خلا تقديرها من الانحراف بالسلطة وهو أمر لم يقم أى دليل عنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أن المدعى أقام بتاريخ 20/ 5/ 1959 الدعوى رقم 967 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر بنقل الأستاذ سيد أبو السعود العقبى الى وظيفة مدرس بكلية الشريعة فيما تضمنه من تخطيه فى شغل هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الأزهر بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وبتاريخ 24/ 9/ 1959 أضاف المدعى الى طلباته طلبا آخر هو الحكم بالغاء القرار الصادر من مشيخة الأزهر فى ابريل 1959 بترقية الأستاذ سيد أبو السعود العقبى المدرس بكلية الشريعة الى الدرجة الرابعة الفنية العالية فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعى فى شرح دعواه أنه حصل على شهادة الأستاذية بدرجة جيد من كلية الشريعة فى الفقه والأصول بتاريخ 20/ 9/ 1949 وعين مدرسا بمعهد منوف الدينى، وفى 17/ 12/ 1958 علم بأن زميله الأستاذ سيد العقبى الحاصل بعده فى أكتوبر سنة 1949 على درجة الأستاذية من كلية الشريعة فى الفقه والأصول، قد نقل مدرسا بهذه الكلية فتظلم من هذا النقل بتاريخ 27/ 12/ 1958 فيما تضمنه من تخطية وحرص على أن يدفع مقدما ما قد يثيره الأزهر من أن زميله مالكى المذهب وأن الكلية فى حاجة الى مدرسين من فقهاء هذا المذهب فأوضح فى تظلمه أن مثل هذا الافتراض لا سند له لأن جدول الدروس التى أسندت الى زميله لا يشتمل على مادة الفقه يضاف الى ذلك أن هيئة التدريس بالكلية تضم عددا لا بأس به من علماء المذهب المالكى وفى 22/ 4/ 1959 تلقى ردا بحفظ تظلمه لأن التخطى كان سببه أن المتظلم شافعى المذهب والأستاذ المنقول مالكى المذهب وأن الكلية فى حاجة الى المالكى وقال المدعى أن هذا التبرير لا سند له للسببين اللذين أوردهما فى تظلمه، والأمر من بعد لا يتعلق بنقل مكانى وانما يتعلق بقرار نقل نوعى وأنه يتضمن شغل وظيفة تختلف عن الوظيفة التى يشغلها كلاهما وهى وظيفة مدرس بإحدى الكليات العالية الأزهرية لا يعين فيها الا الحائزون على مؤهلات معينة لا تتوافر لدى مدرس المعاهد الدينية الابتدائية أو الثانوية والنقل الى هذه الوظيفة أقرب الى التعيين والترقية منه الى النقل العادى واستطرد المدعى يقول أن القرار المطعون فيه صدر ابتداء فى صورة قرار ندب وأن كان فى حقيقته قرار نقل نهائى وعندما تظلم حول الأزهر الندب الى نقل قبل البت فى التظلم ثم بت فى التظلم ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قرارا نهائيا صالحا للطعن فيه أمام القضاء وقال المدعى أن النقل المطعون فيه كان وسيلة لترقية زميله الى الدرجة الرابعة الفنية العالية المخصصة لوظيفة مدرس فى ميزانية الكلية. ولذلك لما صدر قرار ترقية الأستاذ سيد أبو السعود العقبى الى الدرجة الربعة المذكورة فى أبريل 1959 تظلم منه فور علمه بصدوره ولكن الأزهر لم يجب على هذا التظلم وقال المدعى أن أحقيته فى الترقية الى هذه الدرجة مؤسسة على ذات الحجج التى أقام عليها طعنه فى قرار النقل ولأن الدرجة المتنازع عليها مخصصة لوظيفة مدرس بكلية الشريعة وثبوت أحقيته فى التعيين فى الوظيفة هو سند أحقيته فى الترقية.
وقد دفع الأزهر الدعوى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظرها لأن القرار المطعون فيه قرار مكانى مما لا يدخل فى اختصاص المجلس، ودفع بعدم قبول الدعوى لعدم سبق التظلم وكذلك لانعدام المصلحة، واحتياطيا طلب رفض الدعوى موضوعا استنادا الى أن كلية الشريعة كانت فى حاجة الى تعيين مدرس بها من المتخصصين فى الفقه المالكى فاختارت المطعون على نقله لتوافر هذا الشرط فيه الى جانب الشروط الأولى فى حين أن المدعى متخصص فى الفقه الشافعى ومن ثم تخلف فى شخصه طالما من شروط الاختيار للوظيفة التى جرى شغلها.
ومن حيث أنه بالقرار المطعون فيه بتاريخ 22/ 2/ 1962 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها وهو يقضى برفض الدفع لعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وباختصاصه بنظرها وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصروفات. واستندت المحكمة فى رفض الدفع بعدم الاختصاص الى أن القواعد التى وضعها المجلس الأعلى للأزهر بتاريخ 24/ 1/ 1951 بنقل وتعيين المدرسين بالكليات هذه القواعد وضعت شروطا من حيث المؤهل والفترة الزمنية التى يتعين قضاؤها فى التدريس فى المعاهد قبل التعيين فى وظائف التدريس بالكليات ومن ثم يعتبر قرار النقل من المعاهد الى الكليات منطويا على تعيين فى وظيفة عامة مما يدخل فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى.
أما بالنسبة للدفع بعد قبول الدعوى لعدم سبق التظلم فقد استندت المحكمة فى رفضه الى أن المدعى وأن كان قد تظلم من قرار الندب الا أنه وقد تلقى رفضا لتظلمه بعد صدور قرار النقل فقد تحققت الحكمة التى ابتغاها المشرع من ضرورة اللجوء الى طريق التظلم الادارى قبل رفع الدعوى، يضاف على الى ذلك أن قرار النقل وقد صدر فى أعقاب قرار الندب يجعله وثيق الصلة به ويعتبر قرار الندب فى حقيقته قرار بالنقل.
أما فى خصوصية الدفع بعدم قبول الدعوى لانتقاء شرط المصلحة فيها فانه حتى لو صح نعى المدعى على قرار النقل المطعون فيه فان الغاء هذا القرار لا جدوى من ورائه لأن موضوع القرار هو تعيين مدرس من ذوى التخصص فى الفقه المالكى فى حين أن المدعى من أصحاب التخصص فى الفقه الشافعى فهو من ثم ليس فى حالة قانونية يؤثر فيها القرار المطعون فيه ولن يعود عليه الغاء هذا القرار على أى الصورتين بنفع ما ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب.
أما بالنسبة لطلب المدعى الغاء ترقية الأستاذ سيد أبو السعود العقبى الى الدرجة الرابعة فان قرار الترقية يدور وجودا وعدما مع قرار النقل فاذا كانت مصلحة المدعى منتفية فى طلب الغاء قرار النقل فهى تعتبر لذلك متخلفة فى طلب الغاء الترقية.
وبتاريخ 17/ 7/ 1962 طعن المدعى فى الحكم المذكور بتقرير طعن قيد بجدول هذه المحكمة تحت رقم 1372 لسنة 8 القضائية. وطلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والغاء القرار الصادر بنقل الأستاذ سيد أبو السعود العقبى من وظيفة مدرس بالمعاهد الدينية الى وظيفة مدرس بكلية الشريعة فيما تضمنه من تخطى الطالب فى النقل الى هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الأزهر المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
واستند الطاعن فى طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه اذ قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة ذلك أن الحكم لم يحقق - قبل أن يفصل فى هذا الدفع ما ثار حوله النزاع على سبب قرار النقل، وهو ما اذا كان المذهب الذى تخصص فيه المطعون فى نقله (مذهب الأمام مالك) هو السبب ايثاره على المدعى بالنقل أم غير ذلك، وقد تقدم الطاعن بالاسانيد التى تؤيده من أن الاختيار لم يكن لسبب مذهب المطعون فى نقله بدليل أنه لم يسند الى الاساتذة المالكية بكلية الشريعة الا نصاب ضئيل فى تدريس مادة الفقه وجعلهم يدرسون مواد أخرى غير الفقه المالكى، وفى هذا ما ينفى حاجة الكلية الى مدرسين متخصصين فى الفقه المالكى، فكأن المحكمة انتهت فى قضائها الى أن الوظيفة التى نقل اليها المطعون فى نقله من الوظائف المخصصة للفقه المالكى وفى ذلك مخالفة للواقع على ما سلف بيانه، يضاف الى ذلك أن ميزانية الكلية لا تضم وظائف مخصصة لأساتذة متخصصين فى الفقه المالكى وأخرى لأساتذة شافعى المذهب فكل الوظائف بها متماثلة واستطرد الطاعن مبديا أن وجهة النظر هذه كان من مؤداها اعتبارا طعنه على قرار التربية الى الدرجة الرابعة غير مقبول لانعدام شرط المصلحة فى حين أن مصلحته فى الطعن فى هذا القرار والقرار الصادر بالنقلى ظاهرة، وبين الطاعن أن قرار نقل الأستاذ سيد أبو السعود العقبى مخالف للقواعد التنظيمية التى وضعها مجلس الأزهر الأعلى للنقل الى كليات وهى القواعد التى تجعل من بين شروط الاختيار للتدريس بالكليات قضاء ثلاث سنوات على الأقل بالمعاهد منهما سنتان فى الأقسام الثانوية، وهذه الشروط متوافرة فيه وغير متوافرة فى المطعون فى نقله الذى لم يدرس الا سنة واحدة بمعاهد بها أقسام ثانوية مشتركة مع الأقسام الابتدائية ثم أعير الى المملكة السعودية للتدريس بمعاهد هى دون شك أدنى مرتبة من الأقسام الثانوية التى بالمعاهد الدينية العربية وانتهى الطاعن الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والغاء القرار الصادر بنقل الأستاذ/ سيد أبو السعود العقبى من وظيفة مدرس بالمعاهد الدينية الى وظيفة مدرس بكلية الشريعة فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى النقل الى هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الأزهر المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث أن الطاعن تقدم بتاريخ 23/ 4/ 1962 بطلب الاعفاء من الرسوم القضائية وقد أجيب الى طلبه بجلسة 2/ 7/ 1962 وأودع صحيفة الطعن فى 27/ 7/ 1962 فان الطعن يكون مقدما فى الميعاد واذ استوفى الطعن باقى الأوضاع الشكلية المطلوبة قانونا فانه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن الطاعن يستند فى طعنه الى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون اذ قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة ذلك أن مصلحته ظاهرة فى الدعوى.
ومن حيث أن الدعوى هى مكنه مخولة لكل شخص له حق يعترف به القانون فى أن يتقاضى حماية القضاء لاقرار هذا الحق اذ جحد أورد الاعتداء عنه أو استرداده اذا سلب.
ومن حيث انه يجب لوجود الدعوى وامكان مباشرتها أن تتوافر شروطا خاصة عند اقامتها منها شرط المصلحة على أن تكون هذه المصلحة قد نشأت وظهرت بالفعل وعلى أن تكون شخصية ومباشرة. فاذا تخلف هذا الشرط أو تخلفت احدى عناصره قضى بعدم قبول الدعوى طبقا لنص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث أنه اذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاؤه بعدم قبول الدعوى لانتقاء شرط المصلحة مستندا الى أن محل القرار المطعون فيه كان تعيين مدرس من ذوى التخصص فى الفقه المالكى فى حين أن المدعى من أصحاب التخصص فى الفقه الشافعى، واذا كان المدعى فى دعواه الأصلية قد نازع الجهة الادارية فى أحقيتها فى شغل هذه الوظيفة بطريق النقل أو التعيين من بين المتخصصين فى الفقه المالكى بدعوى أن كلية الشريعة لم تكن فى حاجة على متخصص فى هذا المذهب وساق على ذلك من الادلة ما رأى أنها تؤيده فى دعواه لهذه المنازعة الجدية يستفاد منها بالضرورة أنه لم يسلم فى دعواه بأن مقتضيات التعيين فى تلك الوظيفة كانت توجب شغلها بمتخصص فى الفقه المالكى أو تمنع من تعيين شافعى فاذا انتهت المحكمة الى أن محل القرار هو تعيين مدرس من ذوى التخصص فى الفقه المالكى لحاجة الكلية الى هؤلاء المتخصصين فانها تكون قد فصلت فيما ينازع فيه المدعى أى فى موضوع الدعوى ولو صح ادعاء المدعى فى هذا الشأن لقضت بأحقيته فى دعواه، وبذلك تتحقق للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة فى الدعوى التى أقامتها، واذ قضى الحكم المطعون على خلاف ذلك فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
ومن حيث أن الدعوى صالحة للفصل فى موضوعها
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على الاوراق أنه بتاريخ 10/ 11/ 1958 أصدرت مشيخة الأزهر القرار 217 بندب الشيخ سيد أبو السعود العقبى المدرس بمعهد منوف الدينى لتدريس الفقه المالكى فى كلية الشريعة وفى 16/ 4/ 1959 أصدرت قرارا بنقله الى الكلية المذكورة، وقد تظلم المدعى من قرار الندب فى 27/ 12/ 1958 ثم أقام دعواه 21/ 5/ 1959 أمام محكمة القضاء الادارى بعد أن أجابت الجهة الادارية على تظلمه بتاريخ 21/ 4/ 1959 بأن تخطيه بسبب أن المتظلم شافعى المذهب بينما المعين مالكى المذهب وأن الكلية فى حاجة الى مالكى.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه حسبما انتهى الى ذلك بحق الحكم المطعون فيه - وان صدر فى صورة نقل الشيخ سيد أبو السعود العقبى الى كلية الشريعة إلا أنه نقل نوعى بمثابة تعيين فى وظيفة مدرس بالكلية المشار اليها يتم الاختيار لها من بين من تتوافر فيهم الشروط التى وضعها المجلس الأعلى للأزهر بجلسته المنعقدة فى 24/ 1/ 1951 من بين مدرسى المعاهد الدينية.
ومن حيث أن المادة الثانية من هذه القواعد تقضى بأنه يشترط فيمن يجوز اختياره من مدرسى المعاهد أن يكون قد مضى عليه فى التدريس بالمعاهد ثلاث سنوات على الأقل منها سنتان فى الأقسام الثانوية أن كان من حاملى شهادة العالمية من درجة أستاذ أو خمس سنين على الأقل منها ثلاث فى الأقسام الثانوية أن كان من حاملى اجازة التدريس أو شهادة العالمية.
ونصت المادة الثالثة على انه تبحث اللجنة حالة المرشح حسب طلب الكلية من جهة كفايته وذلك بمراعاة الآتى: - أ - درجتة العلمية فى التخرج. ب - مدة تدريسه فى الأقسام التى درس فيها وتدرجه فيها جـ - المادة التى كان يدرسها وكيف كان تدرجه فيها، د - حالته حسب رأى التفتيش فيه والتقارير السرية عنه.
ونصت المادة الرابعة من هذه القواعد على أن يقدم فى الاختيار للتدريس فى الكليات بعد توافر الشروط السابقة فى المادتين الثانية والثالثة: أولا حاملوا شهادة العالمية من درجة أستاذ اذا كانوا من المتخصصين فى المادة المطلوب نقله للتدريس اليها. وتنص المادة الخامسة على أنه، يكون فى الاختيار.... ببحث حالة القدامى فى التعيين أولا ثم من يليهم فى القدم وهكذا واذا استوى اثنان أو أكثر من رأى فريق يقدم فى الاختيار الاقدم فى التدريس فى الأقسام الثانوية واذا استووا فى ذلك ان تفاوتوا تفاوتا قريبا قدم الاقدم فى التدريس، واذا تساووا من جميع الوجوه فالراجع يكون بترشيح الكلية. واذا وجد اثنان أو أكثر من المدرسين بعضهم يدرس فى الاقسام الابتدائية والثانوية معا وبعضهم يدرس فى الأقسام الثانوية فقط قدم الأخير منهم فى الاختيار.
ومن حيث أنه يبين من النصوص السابقة أن الشرط الوحيد بالنسبة لنقل المدرسين من حملة العالمية من درجة استناد الى الكليات الأزهر هو أن يكون قد مضى على المدرس ثلاث سنوات فى التدريس بالمعاهد منها اثنان فى الأقسام الثانوية، واذا توافر هذا الشرط فثمة عناصر أخرى للاختيار تقوم اللجنة ببحث حالة المرشح فى ضوءها وهى درجته العلمية فى التخرج وحدة دراسته فى الاقسام التى درس فيها وتدرجه فيها والمادة التى كان يدرسها وكى كان تدرجه فيها وحالته حسب رأى التفتيش فيه والتقارير السرية عنه ثم تكفلت المادتين الرابعة والخامسة بيان عناصر الترجيح عند - التزاحم بين أكثر من مرشح.
ومن حيث انه قبل اجراء تطبيق الأحكام السابقة على وقائع الدعوى ترى المحكمة أن تحسم موضوع اعارة المطعون ضده الى المملكة السعودية وما اذا كانت مدة الاعارة للحكومات الأجنبية تدخل فى الحساب عند تحديد المستحقين للترقية سواء أكانت الترقية الى درجة مالية أو الى وظيفة كما هى حالة هذه الدعوى.
ومن حيث أن المادة 51 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص على أنه تجوز اعارة الموظفين الى الحكومات والهيئات الوطنية والأجنبية والدولية وتدخل مدة الاعارة فى حساب المعاش أو المكافأة أو حساب صندوق الادخار والتأمين أو استحقاق العلاوة والترقية.
ومن حيث أن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 تسرى على موظفى الجامع الأزهر والمعاهد الدينية طبقا للمادة الأولى من هذا القانون.
ومن حيث أن المادة 51 من هذا القانون قد نصت صراحة على دخول مدة الاعارة فى الحساب عند تحديد المستحقين للترقية وذلك سواء أكانت الترقية الى درجة مالية أو الى درجة وظيفية وتأسيسا على ذلك فان المدة التى قضاها المطعون ضده معارا للمملكة السعودية من 1/ 9/ 1954 الى 28/ 10/ 1958. تدخل فى الاعتبار عند بيان مدى استحقاقه للنقل الى الكليات الأزهرية باعتبار هذا النقل يتضمن ترقية وظيفية، وتحسب هذه المدة وكأنها قد قضيت فى ذات الوظيفة والدرجة التى كان يشغلها الموظف عند اعارته.
ومن حيث أن المطعون فى ترقيته قد قام بالتدريس فى العام الدراسى 53/ 1954. بالقسمين الابتدائى والثانوى بمعهد منوف على ما هو ثابت من كتاب الأزهر المؤرخ 3/ 4/ 1961، ومن ثم فانه يعتبر شاغلا حكما لوظيفة مدرس بالقسمين الابتدائى والثانوى بالمعهد المذكور طوال مدة الاعارة التى انتهت فى 28/ 10/ 1958 ومن ثم يكون قد توافرت فى شأنه الشروط التى تتطلبها المادة الثانية من القواعد التى وضعها المجلس الأعلى للأزهر للنقل من المعاهد الى الكليات وهى حصوله على شهادة العالمية من درجة أستاذ وقيامه بالتدريس ثلاث سنين على الأقل منها اثنان فى الأقسام الثانوية.
ومن حيث أنه يتعين على ضوء ما سلف جميعه التحقق من مدى توافر شروط التعيين بالنسبة للمطعون فى تعيينه وتقدير مدى مشروعية قرار النقل بصفة عامة على هذا الأساس، ثم تحديد أوجه المفاضلة بين كل من المدعى والمطعون ضده وبيان ما اذا كان قرار النقل قد صدر مخالفا للقانون لما تضمنه من نقل المطعون ضده دون المدعى.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون على تعيينه أنه حاصل على الشهادة العالمية من كلية الشريعة من درجة أستاذ سنة 1939 وعلى شهادة العالمية من درجة أستاذية 1949، وعين فى 31/ 10/ 1949 مدرسا بمعهد أسيوط بالدرجة السادسة ولما كانت له مدة سابقة بوزارة الأوقاف ضمت له فى أقدمية الدرجة السادسة فقد أصبحت أقدميته فى هذه الدرجة راجعة الى 1/ 7/ 1948 وبتاريخ 8/ 2/ 1950 نقل من معهد أسيوط الى شبين الكوم ورقى الى الدرجة الخامسة فى 28/ 7/ 1954 ثم أعير للعمل بالمملكة السعودية بمقتضى القرار رقم 138 بتاريخ 18/ 8/ 1954 وذلك لمدة سنة كاملة ثم تجددت اعارته سنويا حتى نهاية العام الدراسى 57/ 1958. وبمقتضى القرار رقم 217 بتاريخ 10/ 11/ 1958 ندب للتدريس بكلية الشريعة وبتاريخ 16/ 4/ 1959 صدر القرار بنقله بدرجته وماهيته الى الكلية.
ومن حيث أنه يبين من كتاب السيد شيخ معهد منوف الى السيد الدكتور مدير المعاهد الدينية أن المطعون عليه بدأ عمله بالمعهد بتاريخ 19/ 2/ 1950 وقد كان المعهد مقصورا على القسم الابتدائى ثم بدأ القسم الثانوى فى 1/ 10/ 1953 وقد سافر للبعثة فى 1/ 9/ 1954 وعاد منها الى المعهد فى 28/ 10/ 1958 ونقل كلية الشريعة فى 17/ 11/ 1958.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعى أنه حاصل على شهادة العالمية من درجة أستاذ عام 1946 ثم عين مدرسا بمعهد قنا اعتبارا من 31/ 10/ 1949 بالدرجة السادسة العالية ثم نقل الى معهد الاسكندرية فى أكتوبر 1951 وظل يعمل بهذا المعهد الى أن نقل الى معهد منوف اعتبارا من 13/ 11/ 1954 ثم رقى الى الدرجة الخامسة فى 25/ 7/ 1955.
ومن حيث أنه يبين من مقارنة حالة المدعى والمطعون ضده أنهما حصلا على شهادة العالمية من درجة أستاذ فى تاريخ واحد وأن المطعون فى نقله أسبق فى أقدمية الدرجة السادسة والخامسة من المدعى وقد حصل كل منهما على درجة جيد فى التقريرين السريين لعامى 56/ 1957 وأن مدة خدمتهم بالمعهد واحدة أو عينا فى تاريخ واحد: المدعى فى معهد قنا والمطعون فى ترقيته فى معهد أسيوط.
ومن حيث أنه يبين من هذه المقارنة أن كل منهما قد استوفى الشروط المنصوص عليها فى المادة الثالثة من قواعد النقل من المعاهد الى الكليات ويتعين بعد ذلك تحديد أيهما أحق بالنقل الى الكلية طبقا للمعايير التى تضمنتها المادتان الرابعة والخامسة من القواعد المشار اليها.
ومن حيث أن المستفاد من رد الأزهر على الدعوى أن كلية الشريعة كانت فى حاجة الى مدرسين مالكية فى العام الدراسى 58/ 1959 وانه لذلك وقع الاختيار على المطعون فى نقله دون المدعى اذ أن الأول مالكى المذهب والمدعى شافعى المذهب، وقد رد المدعى على ذلك مقررا أن الكلية بها عدد وفير من الأساتذة المالكيين وهذا ينفى القول بحاجتها لأساتذة، مالكيين فضلا عن أن المطعون فى نقله قد قام عقب نقله الى الكلية بتدريس مادة المنطق ولم يدرس مادة الفقه المالكى.
ومن حيث أنه بالسبة لما قرره الأزهر من عدم وجود أساتذة مالكيين بما يفى بحاجة الكلية فهذا القول لا محل للتعقيب عليه قضاء اذ من المقرر أن تحديد المحاضرات والأساتذة المتخصصين اللازمين لسير الدراسة فى الكليات على الوجه الأكمل أنما هو من الأمور التى تترخص الادارة فى تقريرها طبقا لما تراه محققا للصالح العام ولنظام الدراسة فى الكليات دون رقابة عليها من القضاء ما دام خلا تقديرها من الانحراف بالسلطة وهو أمر لم يقم أى دليل عليه.
ومن حيث ان الأزهر قد قرر فى رده على دفاع المدعى القائم على ان المطعون عليه لم يعهد اليه بتدريس الفقه المالكى عقب نقله الى الكلية مباشرة لأن نقله تم فى نهاية الفصل الدراسى الأول لعام 58/ 1959 وقدرت الكلية عدم التغيير فى جداول العلوم حرصا على مصلحة الطلاب فأسندت الى المطعون فى نقله تدريس بعض العلوم الاضافية فى هذه المدة الباقية من الفصل الدراسى وهذا القول معقول ومنطقى ولا دليل على عدم جديته ومما يؤكد حاجة الكلية الى أساتذة مالكيين اقتصار المطعون فى نقله فى الفصل الدراسى الثانى لعام 58/ 59 على تدريس الفقه المالكى وكذلك الحال بالنسبة للفصل الدراسى الأول لعام 59/ 1960 كله حاسم الدلالة على صدق دفاع الأزهر من ناحية احتياجها الى أساتذة لتدريس الفقه المالكى.
ومن حيث أن المادة الرابعة من قواعد النقل من المعاهد الى الكليات قد نصت على أنه يقدم فى الاختيار للتدريس بالكليات بعد توافر الشروط المقررة حاملوا شهادة العالمية من درجة أستاذ اذا كانوا من المتخصصين فى المادة المطلوب نقله لتدريسها فى الكلية.
ومن حيث ان المدعى متخصص فى الفقه الشافعى بينما المطعون فى نقله متخصص فى الفقه المالكى وقد ثبت أن كلية الشريعة كانت فى حاجة الى أساتذة مالكيين ومن ثم يكون اختيار المطعون فى نقله دون المدعى للنقل الى الكلية قد وقع سليما ولا محل للطعن عليه.
ومن حيث أن طالب المدعى الغاء ترقية المطعون فى نقله الى الدرجة الرابعة مؤسس على استحقاقه لالغاء النقل وقد ثبت سلامة قرار النقل ومن ثم يكون طلب الغاء الترقية غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث انه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الغاءه فيما تضمنه من القضاء بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة وبرفض الدعوى موضوعا مع الزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى وبقبولها وفى موضوعها برفضها وألزمت المدعى بالمصروفات.