مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 161

(19)
جلسة 18 من ديسمبر سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1472 لسنة 8 القضائية

( أ ) - مؤسسة عامة. "الهيئة العامة للبترول". تعتبر مؤسسة عامة بنص المادة الأولى من القانون رقم 167 لسنة 1958 بانشائها.
(ب) - موظف. "تأديب " مؤسسة عامة. نيابة ادارية. ديوان المحاسبات. القانون رقم 19 لسنة 1959 فى شأن سريان أحكام قانون النيابة الادارية على موظفى المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة - ينطوى على تنظيم شامل للجهة المختصة بالتحقيق وكيفية التصرف فيه وسلطة توقيع العقاب - الاحالة فيه الى قانون النيابة الادارية رقم 117 لسنة 1958 - ورودها على سبيل الحصر - نص المادة 13 من قانون النيابة الادارية بوجوب اخطار ديوان المحاسبات بالقرارات الصادرة من الجهة الادارية فى شأن المخالفات المالية وتخويله الحق فى احالة الموظف المؤثم الى المحاكمات التأديبية - يخرج من نطاق هذه الاحالة ومن ثم لا يسرى فى شأن موظفى هذه المؤسسات - أساس ذلك.
1 - ان الهيئة العامة للبترول تعتبر مؤسسة عامة طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 167 لسنة 58 بانشائها اذ تنص على أن تنشأ فى الجمهورية العربية المتحدة هيئة تسمى الهيئة العامة لشئون البترول وتكون لها الشخصية الاعتبارية المستقلة وتعتبر من المؤسسات العامة.
2 - ان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 19 لسنة 1959 قد انتهى الى وضع تنظيم شامل للجهة المختصة بالتحقيق وكيفية التصرف فيه وسلطة توقيع العقاب سواء أكانت الجهة الادارية أم المحكمة التأديبية بالنسبة الى موظفى المؤسسات والهيئات والشركات، وهو على هذا الوضع يعتبر نظاما قانونيا قائما بذاته يعمل به من تاريخ نشره، وآية ذلك ما تضمنته المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 من تحديد الجهة المختصة بالتحقيق والتصرف فيه، وأحال فيها المشرع على أحكام معينة بذاتها وعلى سبيل الحصر من قانون النيابة الادارية رقم 117 لسنة 1958، فنصت على سريان أحكام المواد من 3 الى 10 من القانون الأخير المتضمنة للأحكام العامة والرقابة والفحص ومباشرة التحقيق، ثم عرض المشرع فى ذات المادة الى الأحكام الخاصة بالتصرف فى التحقيق والمشار اليها فى الفصل الخامس من الباب الأول من القانون رقم 117 لسنة 1958 واكتفى من هذا الفصل بالنص على سريان أحكام المواد 11، 14، 17 دون غيرها وأسقط على هذا الوضع المواد الاخرى الواردة فى هذا الفصل وأخصها المادة (13) التى أوجبت أخطار ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الادارية فى شأن المخالفات المالية، وخول له الحق بمقتضاها فى احالة الموظف المؤثم الى المحاكمة التأديبية كما أوردت المادة الثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليها على التفصيل الوارد بها تعيينا للجهة الادارية المختصة بالتصرف فى التحقيق واداة هذا التعيين، ثم تضمنت المادة (3) من القانون نصا مقتضاه سريان أحكام الباب الثالث من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار اليه مع مراعاة تنظيم معين بالنسبة لموظفى المؤسسات والهيئات نصت عليه المادة (4) متعلقا بتحديد المحكمة المختصة فى ضوء الراتب الذى يتقاضاه المخالف، وبيانا لتشكيل المحكمة التأديبية بالنسبة لموظفى الشركات تضمنته المادة (5)، وأوضحت أخيرا المادة (6) من هذا القانون العقوبات التأديبية التى يسوغ للمحاكم توقيعها وقد استبعدت هذه المادة بعض العقوبات المنصوص عليها فى القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الذكر - وعلى مقتضى ما سلف واذ جاء القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه متضمنا تنظيما شاملا فان التفسير السديد لهذا الوضع يستلزم أعمال النصوص هذا القانون وحدها فى مجال التطبيق على موظفى المؤسسات والشركات، ويترتب على ذلك بحكم اللزام استبعاد تطبيق المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 فى هذا المجال.


المحكمة

بعد الاطلاع والمداولة وسماع الايضاحات.
من حيث أن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل فى أن النيابة الادارية أقامت الدعوى التأديبية ضد جورج سمعان موسى الكاتب الأول بالهيئة العامة لشئون البترول أمام المحكمة التأديبية بالاسكندرية لأنه فى 26 من أكتوبر سنة 1960 بمستودعات معمل التكرير بالمكس لم يؤد عمله بدقة كما خالف مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته وذلك بأن أشر على سند الشحن بخلو معظم صهاريج ناقلة البترول (نادية) من خام البترول ما عدا صهاريج قليلة فيها كميات ضئيلة جدا الأمر الذى يستفاد منه أن هذه القيمة تدخل فى نطاق نسبة العجز المسموح به وقدره 1% وذلك على خلاف ما تبين من أن هذا العجز يزيد على ذلك بكثير حسبما هو وارد بأوراق التحقيق.
وبجلسة 2 من يونيو سنة 1962 حكمت المحكمة التأديبية بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها - وقد أقامت المحكمة التأديبية حكمها على أساس أنه بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1961 صدر قرار بمجازاة المخالف بالخصم من مرتبة لمدة ثلاثة أيام جزاء له عن المخالفات التى ارتكبها - وهى بذاتها المخالفات المسندة اليه بقرار الاتهام وقد صدق السيد وزير الصناعة على هذا القرار واضحى نهائيا - وقالت المحكمة أنه لا يجوز اعادة النظر فى هذه المخالفة بناء على ما أشار به ديوان المحاسبة استناد الى المادة (13) من القانون 117 لسنة 1958، وذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 تنص على سريان أحكام المواد من 3 الى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1959 على موظفى المؤسسات والهيئات العامة، ومن ثم لا يكون هناك وجه لأعمال حكم المادة (13) من القانون 117 لسنة 1958 على موظفى المؤسسات والهيئات العامة بعد أن استبعدها المشرع صراحة فى مجال التطبيق على هؤلاء.
وبتاريخ أول أغسطس سنة 1962 أودعت ادارة قضايا الحكومة بوصفها نائبة عن النيابة الادارية وديوان المحاسبات تقريرا بالطعن فى هذا الحكم التمست فيه قبول الطعن شكلا والغاء الحكم المطعون فيه واعادة القضية الى المحكمة التأديبية المختصة لنظر الموضوع - وتنعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وأبتنت على أن موظفى المؤسسات والهيئات العامة يعتبرون موظفون عموميون بحكم بتعيينهم لمؤسسة أو هيئة عامة تقوم على مرفق عام من مرافق الدولة، وتسرى عليهم الأحكام التى تسرى بالنسبة لموظفى الادارة الحكومية فيما لم يرد به نص خاص فى القانون الصادر بانشاء المؤسسة أو الهيئة وذلك بالتطبيق للمادة (13) من القانون رقم 32 لسنة 1957، وترتيبا على ذلك يخضع هؤلاء الموظفين لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية بوصف هذا القانون من القوانين المتعلقة بالوظائف العامة - وأضاف الطاعنان أن صدور القانون رقم 19 لسنة 1959 لا يمنع من تطبيق القانون رقم 117 لسنة 1958 على هؤلاء الموظفين اذا أن القانون الأول قصد به بسط مجال قانون النيابة الادارية خارج نطاق الوظيفة العامة بمعناها الفنى ليشمل موظفى الجمعيات والهيئات الخاصة والشركات وأن الاحالة الى موظفى المؤسسات العامة أنما قصد به تفويض السيد رئيس الجمهورية تشريعا فى استثناء بعض المؤسسات والهيئات العامة من الخضوع لأحكام القانون المذكور - وأنه ترتيبا على ذلك فان عدم احالة القانون رقم 19 لسنة 1959 الى المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 لا يمنع من تطبيقها بالنسبة لموظفى المؤسسات والهيئات العامة لما سلفت الاشارة اليه من أن القانون الأخير يطبق بجميع نصوصه على هؤلاء الموظفين وأنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين أن للهيئة طبقا لقانونها رقم 167 لسنة 1958 شخصية قانونية مستقلة وتعتبر من المؤسسات العامة وقد نصت المادة 16 من قانونها أن لها ميزانية مستقلة تلحق بميزانية الدولة، كما نصت المادة (22) على خضوع هذه الهيئة لرقابة ديوان المحاسبة - ومن ثم فان موظفى هذه الهيئة يخضعون لجميع أحكام ونظم موظفى الدولة بما فيها المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الذكر.
وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا أوردت فيه الى أنه يبين من نص المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 أن المشرع قد جمع بين الهيئات والمؤسسات العامة وكذلك الشركات والجمعيات والهيئات الخاصة فى صعيد واحد ونظم المحاكمة التأديبية لموظفى هذه الجهات وعدد الجزاءات التأديبية التى توقع عليهم، كذلك عنى المشرع بطريق الاحالة الى القانون رقم 167 لسنة 1958 ببيان القواعد القانونية التى تطبق على هؤلاء واستبعد من ذلك الحكم الوارد فى المادة (13) من هذا القانون الأخير ومؤدى ذلك أنه ما كان يجوز لديوان المحاسبات التعقيب على القرارات الصادرة بمجازاة موظفى هذه الجهات عن المخالفات المالية وخلصت هيئة مفوضى الدولة الى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وقد قدمت ادارة قضايا الحكومة بصفتها مذكرة رددت فيها أقوالها التى تضمنتها صحيفة الطعن، وقدم المطعون ضده مذكرة أورد بها أن نظام التفرقة بين المخالفات الادارية والمالية، ومنح الاختصاص فى التصدى على العقوبات فى المخالفات الأولى للوزير، ومنح الاختصاص فى التصديق على المخالفات الثانية لرئيس ديوان المحاسبة هو نظام يطبق فى وزارات الحكومة ومصالحها، ولا يمكن أن يطبق فى الهيئة العامة للبترول بالذات وذلك أن نص المادة (72) من القرار الجمهورى رقم 1086 لسنة 1960 فى شأن لائحة العاملين فى هذه الهيئة صريح فى أن اختصاص التصديق على العقوبة فى المخالفة المالية والادارية للوزير وحدة.
عن الشكل:
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه صدر فى 2 من يونيو سنة 1964 وقد أودعت الحكومة الطعن سكرتارية المحكمة الادارية العليا فى أول أغسطس سنة 1964 أى فى اليوم الستين، فمن ثم يكون الطعن مقبولا شكلا.
عن الموضوع:
ومن حيث ان واقعات الموضوع تجمل فى أنه بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1960 وصلت الباخرة نادية محملة بشحنة من خام البترول مستوردة لحساب الهيئة العامة للبترول، ورست الباخرة فى أحد أرصفة ميناء الاسكندرية للتفريغ، وقام مكتب الهيئة بقياس حمولة الباخرة وأسفر ذلك عن وجود عجز قدره 149 طنا وفى يوم 27 أكتوبر سنة 1960 أثناء تفريغ الحمولة ثقب خرطوم معمل التكرير فتوقف التفريغ - ولما كان ربان الباخرة قد اعتزم الابحار قبل الانتهاء من التفريغ فقد وجه اليه مندوب الهيئة كتابا يحمله مسئولية الابحار قبل الانتهاء من التفريغ وأن المحاسبة فى هذه الحالة سيكون على أساس قياس مستودعات الهيئة، وفى يوم 29/ 10/ 1960 توجه المطعون ضده الى ناقلة البترول وعاين صهاريجها وأثبت خلوها من الخام فيما عدا ثلاثة صهاريج أثبت أن بها كميات ضئيلة يتعذر تحديدها وأشر بذلك على سند الشحن، وبعد ابحار الباخرة تم قياس المستودعات وتبين وجود عجز 1028.282 طنا وتبلغ قيمتها حوالى خمسة آلاف جنيه، وقامت الهيئة بالتحقيق وانتهت الى مجازاة المطعون ضده بخصم ثلاثة أيام من راتبه فى 30 من أغسطس سنة 1960، وثم وافق السيد وزير الصناعة على هذا القرار فى 5 من أكتوبر سنة 1961، وبتاريخ 20 من فبراير سنة 1962 وأخطر ديوان المحاسبات بذلك، وأعترض السيد رئيس الديوان على الجزاء فى 10 من مارس سنة 1961 ورأى احالة المطعون ضده الى المحاكمة.
ومن حيث أن الهيئة العامة للبترول تعتبر مؤسسة عامة طبقا لنص المادة الاولى من القانون رقم 167 لسنة 1958 بانشائها اذ تنص على أن تنشأ فى الجمهورية العربية المتحدة هيئة تسمى الهيئة العامة لشئون البترول وتكون لها الشخصية الاعتبارية المستقلة وتعتبر من المؤسسات العامة.. ومن ثم فان مقطع النزاع فى هذا الطعن هو مدى سريان حكم المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفى هذه الهيئة - وذلك فى ضوء أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه.
ومن حيث انه بتاريخ 15 من يناير سنة 1959 صدر القانون رقم 19 لسنة 1959 فى شأن سريان أحكام قانون النيابة الادارية على موظفى المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة وقد نص فى المادة الأولى منه على أنه مع عدم الاخلال بحق الجهة الادارية التى يتبعها الموظف فى الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تسرى أحكام المواد من 3 الى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار اليه على:
(1) موظفى المؤسسات والهيئات العامة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية استثناء بعض المؤسسات والهيئات العامة المشار اليها من تطبيق أحكام هذا القانون.
(2) موظفى الجمعيات والهيئات التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية.
(3) موظفى الشركات التى تساهم فيها الحكومة أو المؤسسات أو الهيئات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن لها حدا أدنى من الارباح.
ونصت المادة الثانية على أن يحدد بقرار من مجلس ادارة المؤسسة أو الهيئة أو الشركة أو ممن يتولى الادارة فيها حسب الأحوال من يختص بتوقيع الجزاءات على الموظفين المشار اليهم فى المخالفات التى تقع من الموظفين الذين تجاوز مرتباتهم هذا الحد والتى ترى فيها النيابة الادارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة بها تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز خمسة عشر يوما وباصدار قرارات الوقف عن العمل.
ونصت المادة (3) على أنه مع مراعاة أحكام المواد التالية تسرى على موظفى المؤسسات والهيئات والشركات المنصوص عليها فى المادة (1) أحكام الباب الثالث من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار اليه.
وتناولت المادة (4) الأحكام الخاصة بالهيئة التى تحاكم موظفى المؤسسات والهيئات العامة، ونظمت المادة (5) كيفية تشكيل المحكمة التأديبية التى تتولى محاكمة موظفى الشركات والجمعيات الخاصة ونصت المادة السادسة على الجزاءات التى يجوز توقيعها من هذه المحاكم ونصت المادة (7) على أن يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره.
ومن حيث انه يخلص من استقراء المواد سالفة الذكر أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 19 لسنة 1959 قد انتهى الى وضع تنظيم شامل للجهة المختصة بالتحقيق وكيفية التصرف فيه وسلطة توقيع العقاب سواء أكانت الجهة الادارية أم المحكمة التأديبية بالنسبة الى موظفى المؤسسات والهيئات والشركات، وهو على هذا الوضع يعتبر نظاما قانونيا قائما بذاته يعمل به من تاريخ نشره، وأية ذلك ما تضمنته المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 من تحديد الجهة المختصة بالتحقيق والتصرف فيه، وأحال فيها المشرع على أحكام معينة بذاتها وعلى سبيل الحصر من قانون النيابة الادارية رقم 117 لسنة 1958 فنصت على سريان أحكام المواد 3 الى 10 من القانون الاخير المتضمنة للأحكام العامة والرقابة والفحص ومباشرة التحقيق، ثم عرض المشرع فى ذات المادة الى الأحكام الخاصة بالتصرف فى التحقيق والمشار اليها فى الفصل الخامس من الباب الأول من القانون رقم 117 لسنة 1958 واكتفى من هذا الفصل بالنص على سريان أحكام المواد 11، 14، 17 دون غيرها وأسقط على هذا الوضع المواد الأخرى الواردة فى هذا الفصل وأخصها المادة (3) التى أوجبت اخطار ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الادارية فى شأن المخالفات المالية، وخول له الحق بمقتضاها فى احالة الموظف المؤثم الى المحاكمة التأديبية كما وردت المادة الثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه على التفصيل الوارد بها تعيينا للجهة الادارية المختصة بالتصرف فى التحقيق وأداة هذا التعيين ثم تضمنت المادة (3) من هذا القانون نصا مقتضاه سريان أحكام الباب الثالث من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار اليه مع مراعاة تنظيم معين بالنسبة لموظفى المؤسسات والهيئات نصت عليه المادة (4) متعلقا بتحديد المحكمة المختصة فى ضوء الراتب الذى يتقاضاه المخالف، وتبيان لتشكيل المحكمة التأديبية بالنسبة لموظفى الشركات تضمنته المادة (5)، وأوضحت أخيرا المادة (6) من هذا القانون العقوبات التأديبية التى يسوغ للمحاكم توقيعها وقد استبعدت هذه المادة بعض العقوبات المنصوص عليها فى القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الذكر - وعلى مقتضى ما سلف، واذ جاء القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه متضمنا تنظيما شاملا، فان التفسير السديد لهذا الوضع يستلزم أعمال نصوص هذا القانون وحدها فى مجال التطبيق على موظفى المؤسسات والشركات، ويترتب على ذلك بحكم اللزام استبعاد تطبيق المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 فى هذا المجال.
ومن حيث أنه يؤيد وجهة النظر هذه ويدعمها أن المشرع اطلع فى ديباجة القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه على أحكام القوانين أرقام 210 لسنة 1951 الخاص بموظفى الدولة، 32 لسنة 1957 الخاص بالمؤسسات العامة، 117 لسنة 1958 الخاص بالنيابة الادارية والمحاكمات التأديبية، وانتهى من اطلاعه على هذه النظم المختلفة الى تعيين الاحكام التى رأى الأخذ بها فى القانون رقم 19 لسنة 1959 مما يقطع بأن السياسة التشريعية التى انتهجت فى وضع هذا القانون بالنسبة للتأديب، مقصودة لذاتها وكحكمة تغياها المشرع روعى فيها الوضع الخاص بالمؤسسة ومن أن جهاتها المتخصصة أقدر من غيرها نظرا لطبيعتها المتميزة فى تعرف مواطن الخطأ والجزاء المناسب الذى يتوائم معه - يضاف الى ما سلف أن المادة (13) فى حد ذاتها تتضمن قاعدة من قواعد الاختصاص، ومن المسلم أن تعيين قواعد الاختصاص من عمل المشرع وتتعلق بالنظام العام، والمشرع ذاته قد استبعد تطبيق نص المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 فيما يتعلق بموظفى المؤسسات والهيئات والشركات بصريح النص ولا اجتهاد ولا تأويل فى مجال النص الصريح.
ومن حيث لا حجة فيما ذهبت اليه الجهة الطاعنة من أنه من المسلمات أن موظفى المؤسسات العامة يعتبرون موظفين عموميين، وبهذه المناسبة فهم يخضعون لجميع الأحكام والأنظمة المقررة بالنسبة لموظفى الحكومة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القانون أو القرار الصادر بانشاء المؤسسة، وأنه اذ كان القانون رقم 117 لسنة 1958 هو من بين القوانين الصادرة فى شأن الموظفين التى تسرى أحكامها على موظفى المؤسسات والهيئات، فالقاعدة الواردة فى المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 تسرى على هؤلاء الموظفين دون حاجة الى نص خاص وأنه لا يغير من الأمر شيئا عدم احالة القانون رقم 19 لسنة 1959 على هذه المادة لا حجة فى ذلك اذ أن الالتجاء الى أحكام قوانين موظفى الحكومة بالنسبة لموظفى المؤسسات لا يكون الا حيث يوجد ثمة فراغ تشريعى، أو يكون التشريع قد جاء قاصرا عن مواجهة حالة بذاتها، وذلك حسبما هو مستقى من التفسير والتأويل السليم لمقتضى نص المادة (13) من القانون رقم 32 لسنة 1957 المشار اليه من أنه تسرى على موظفى المؤسسات العامة أحكام قانون الوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى القرار الصادر بانشاء المؤسسة أو اللوائح التى يضعها مجلس الادارة والتى رددت أحكامها المادة (85) من قرار رئيس الجمهورية رقم 1086 لسنة 1960 - باصدار لائحة موظفى وعمال الهيئة العامة لشئون البترول، فاذا كان الأمر كذلك، وكان الذى انتهت اليه هذه المحكمة من استقرائها لنصوص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 19 لسنة 1959 سالف الذكر انه جاء تشريعا مفصلا وشاملا عالج أحكام التحقيق والتأديب والسلطات المختصة فى هذا الصدد، وكان القرار الجمهورى رقم 1086 لسنة 1960 المشار اليه قد عالج بعد اطلاعه فى ديباجته على القانونين رقمى 32 لسنة 1957، 19 لسنة 1959 سالفى الذكر الجهة المختصة بتوقيع الجزاء أو الاحالة الى المحاكمة التأديبية فنص فى المادة (72) منه على أن لعضو مجلس الادارة المنتدب أو من ينيبه من موظفى الهيئة من درجة لا تقل عن مدير ادارة توقيع عقوبتى الانذار أو الخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز 45 يوما فى السنة الواحدة، بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن 15 يوما ويكون قراره فى ذلك مسببا - وللوزير سلطة الغاء القرار الصادر من عضو مجلس الادارة المنتدب أو مدير الادارة أو تعديل العقوبة الموقعة بتشديدها أو خفضها، وذلك خلال شهر من تاريخ اصدار القرار وله اذا ألغى القرار احالة الموظف الى المحكمة التأديبية خلال هذا الميعاد - أما العقوبات الأخرى فلا يجوز توقيعها الا من المحكمة التأديبية - فان الذى يخلص من كل ما سلف فى ضوء نصوص رقم 19 لسنة 1959، والقرار رقم 1086 لسنة 1960 المشار اليهما أن المشرع جاء صريحا فى استبعاد تطبيق نص المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 فى مجال التطبيق بالنسبة لموظفى الهيئة العامة لشئون البترول، مؤكدا حدود الجهة المختصة بالتأديب والتصرف فيه على وضع جامع مانع، ومن ثم يكون ما ذهب اليه الطاعنان لا يستند على أساس سليم من القانون.
ومن حيث ان المطعون ضده قد وقع عليه الجزاء الذى رأته الجهة المختصة مناسبا، وتم التصديق على هذا الجزاء من السيد وزير الصناعة، فانه لا يجوز بعد ذلك اعادة محاكمته عن ذات المخالفات التى جوزى من أجلها، واذ كان الحكم قد اتبع هذا النهج فانه يكون قد أصاب وجه الحق، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون خليقا بالرفض - مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع الزام الحكومة المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الحكومة المصروفات.