مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 216

(25)
جلسة أول يناير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 412 لسنة 7 القضائية

( أ ) - مرافق عامة - الخدمات التى تؤديها المرافق العامة - وجوب تيسيرها لكل من تتوافر فيهم شروط الانتفاع بها، طبقا للقانون - مبدأ المساواة فى المعاملة ازاء الانتفاع بالمرافق العامة.
(ب) - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. موظف: الشروط الواجب توافرها لاعتبار الشخص موظفا عاما.
درن - مستعمرة الناقهين من الدرن بالمرج - علاقة من يلحقون بها بوزارة الصحة بصفتها الجهة التى تشرف على المستعمرة - ليست علاقة لائحية بين موظف عام، وبين جهة حكومية - عدم اختصاص المحاكم الادارية بنظر الدعاوى التى يرفعها هؤلاء.
1 - من طبيعة الخدمة المرفقية حسبما هو مسلم أن تكون ميسرة للجميع مهيأة للكافة طبقا للشروط التى يرسمها القانون، فلا يمكن قصرها على شخص أو أشخاص معينين بذواتهم وحرمان غيرهم ممن يتساوون معهم فى الأحوال والظروف من الانتفاع بتلك الخدمة لا يسوغ ذلك لما تنطوى عليه التفرقة من اخلال بمبدأ المساواة فى المعاملة ازاء الانتفاع بالمرافق العامة.
2- أن الحاق المدعين بمستعمرة الناقهين من الدرن بالمرج كان بصفتهم مرضى استهدفت الوزارة من ايوائهم استكمال علاجهم والأخذ بيدهم فى فترة النقاهة منعا لانتكاسهم وذلك عن طريق توفير العمل لهم لكسب قوتهم لحين تماما شفائهم وحتى يتمكنوا من مباشرة حياتهم خارج المستعمرة، ومن ثم لا تعتبر علاقة المدعين بوزارة الصحة - باعتبارها المشرفة على المستعمرة علاقة لائحية بين موظف عام وجهة حكومية تدخل فى روابط القانون العام، بل هى علاقة مريض أخذت الدولة على عاتقها تدبير طريق الكسب الشريف له، ولا يغير من هذا حصول المدعيين على أجر من بند الأجور نظير عملهم بالمستعمرة ذلك أن الأجر لا يعدو أن يكون بمثابة اعانة، ومن ثم فان المدعين لا يعتبرون موظفين عموميين وتكون دعواهم خارجة عن اختصاص المحاكم الادارية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تتحصل فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 4427 لسنة 8 القضائية بأن أودعوا عريضتها بطريق المعافاة سكرتيرية ومحكمة القضاء الادارى بتاريخ 23 من فبراير سنة 1954 طالبين:
أولا: وقف تنفيذ القرار الصادر من وزارة الصحة بأخراجهم من مستعمرة الناقهين بالمرج.
ثانيا: بالغاء القرار المذكور والحكم بأحقية الطالبين باستمرارهم فى العمل والمسكن.
ثالثا: الزام المدعى عليه بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، ومع حفظ حقوق الطالبين الأخرى.
وبتاريخ أول أبريل سنة 1954 قررت المحكمة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى 2 نوفمبر سنة 1960 حكمت المحكمة بالغاء القرار الصادر من وزارة الصحة العمومية باخراج المدعين من مستعمرة الناقهين بالمرج والمبلغ اليهم فى 2 من نوفمبر سنة 1953 وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ 50 قرش أتعاب المحاماة - وقد قال المدعون شرحا لدعواهم المذكورة أن مستعمرة الناقهين بالمرج أنشئت سنة 1943 لاقامة الناقهين من مرضى الدرن والحاقهم بها بصفة دائمة ومستقرة هم وعائلاتهم بعد اتمام علاجهم فى مصحات ذلك المرض، وذلك حماية لهؤلاء الناقهين من انتكاس المرض وحماية للمصلحة العامة من خطر هذا الانتكاس، وفى سبيل الترغيب فى الاقامة بالمستعمرة عين المدعون فى وظائف بها بعد استيفاء مسوغات التعيين، وكفل أولو الأمر للناقهين حياة مستقرة هادئة فانشئت المصانع والورش داخل المستعمرة وعمل فيها المدعون عمالا وصناعا ومستخدمين واستمر الحال على هذا النحو منذ سنة 1943 الى الآن فجاء القرار المطعون عابثا بحقوقهم ومصائرهم هم وأسرهم ومخالفا للقانون ومشوبا بعيب اساءة استعمال السلطة.
وقد رددت الحكومة قائلة أن المستعمرة قد أنشئت للناقهين، ولم يقصد من انشائها بقاؤهم فيها بصفة مستمرة بل كخطوة تالية لخروجهم من المستشفى حتى اذا مضت فترة النقاهة خرجوا منها، فالبقاء موقوف وينتهى بأحد أمور ثلاثة: (1) عودة المرض. (2) الشفاء. (3) الوفاة - وقد استفتيت شعبة الرأى فأفتت بجواز أخرجهم هم وعائلاتهم ذلك أن مستعمرة الناقهين من أملاك الدولة العامة وللحكومة وحدها حق تنظيم استغلالها والانتفاع بها فى حدود الأغراض التى خصصت من أجلها ولو بقى الناقهين بها بصفة دائمة لفات الغرض من انشائها لأن فائدتها على هذا الوضع تكون محدودة ومقصورة على عدد ضئيل.
وبتاريخ أول أبريل سنة 1954 أصدرت محكمة القضاء الادارى قرارا يوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى 2 من نوفمبر سنة 1960 حكمت المحكمة بالغاء القرار الصادر من وزارة الصحة العمومية باخراج المدعين من مستعمرة الناقهين بالمرج على النحو السالف الاشارة اليه - وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن مستعمرة الناقهين فى المرج تحكمها وتنظمها قواعد حددتها مذكرة وزارة الصحة التى وافق عليها مجلس الوزراء سنة 1942 وغيرها من القواعد التى حددت بعد ذلك شروط القبول فى المستعمرة والأعمال التى يقوم بها الناقهون والأجور التى تصرف لهم ونظام الكشف الطبى وتعليم أولادهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا، وذلك كله لتكون المستعمرة وسيلة لحماية الناقهين من الانتكاس فيما لو تركوا وشأنهم فى معترك الحياة القاسية عاجزين عن اللحاق بركب الاصحاء ومنافستهم فى العمل لتوفير أسباب الرزق والعيش، وأردف الحكم ذاكرا أنه غنى عن البيان أن المدة التى يقضيها مريض الدرن تحت العلاج فى المستشفيات والمصحات المخصصة لذلك بالاضافة الى مدة النقاهة فى المستعمرة مدة طويلة تقتضى أن يقطع الناقهون صلتهم بالحياة العامة الخارجية عن دائرة المستعمرة وليس من الميسور عليهم بعد هذه المدة الطويلة أن يعودوا الى نشاطهم السابق، فالخروج من المصحة اذن ليس مرجعه مجرد مرور فترة من الوقت يتمالك فيها الناقه صحته بل لا بد من التأكيد من أن للناقه عملا يرتزق منه ومسكنا يأويه هو وعائلته حتى يتوافر له الاستقرار المالى والعائلى وهو استقرار لازم لعدم انتكاسه وعودة المرض اليه فيضيع على الدولة ما صرفته من أموال وما بذلته من جهود فى علاجه، ذلك أن الثابت أن الناقهين تنقصهم بصفة عامة الصحة الكاملة التى هى عماد التنافس فى مجال الرزق فى الحياة العامة - ثم انتهت الى القول بأن قرار الوزارة باخراجهم من المستعمرة دون أن تدبر الحكومة لهم سبل العيش وبدون ادراك لمصيرهم بعد خروجهم وقبل التأكد من توفيقهم فى الحصول على مسكن وعمل يرزقون منه بوسائلهم الخاصة، يجعل هذا القرار مخالفا للقانون ومشوبا بسوء استعمال السلطة لما ينطوى عليه من مفاجأة المدعين باخراجهم من المستعمرة فى وقت غير لائق واخلال واضح بالغرض الذى أنشئت من أجله المستعمرة - ذلك أن المستفاد من قرار مجلس الوزراء بانشائها ومن القواعد الواردة بالمذكرات والتقارير أن الغرض من انشائها هو ضمان عيش هادئ مستقر للناقه يقيه شر الانتكاس مما تدل بداهة أن خروج الناقة منها لا يكون الا حيث يوفق بوسائل الى عمل فى الخارج أو تجد له الحكومة عملا فى احدى وظائفها بحيث تضمن له حياة هادئة مستقرة خارج المستعمرة تقيه شر انتكاس المرض والا كان اخراجه فى غير هاتين الحالتين اخلال واضح بالغرض الذى أنشئت من أجله المستعمرة.
وبتاريخ 24 من أكتوبر سنة 1960، وتقدمت ادارة قضايا الحكومة بعريضة طعن فى الحكم المذكور تطلب فيها قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع الزام المطعون ضدهم بالمصروفات. وبنت رأيها على أن وزارة الصحة طلبت على وزارة الوقاية فى 16 من نوفمبر سنة 1942 تسلم قرية أنشأتها وزارة الوقاية لأغراض الدفاع المدنى لاستخدامها كمستعمرة لتحسين أحوال الناقهين من مرضى الدرن وأسرهم، وذلك بتهيئة المساكن الصحية لهم وتوجيههم الى الصناعات التى تناسبهم، وقد وافقت وزارة الوقاية على ذلك على أن يكون استعمال وزارة الصحة لهذه القرية بصفة مؤقتة، وبأن تظل مهيأة للغرض الذى أنشئت من أجله وهو ايواء المهاجرين فى أى وقت تراه هذه الوزارة، وأن يكون الأهالى الذين يشغلون هذه المساكن من بين أهالى القرى المجاورة قدر المستطاع حتى يمكن ارجاعهم الى أماكنهم الأصلية فى أقرب وقت، وقد رفعت وزارة الوقاية مذكرة بهذا المعنى الى مجلس الوزراء بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1942، وقد جاء فى مذكرة وزارة الصحة فى هذا الشأن والخاصة بمشروع انشاء قرى للناقهين من مرضى السل بأن انشاء مثل هذه القرى الغرض منها العناية بهؤلاء الناقهين حتى اذا ما مضت بضع سنوات يمكن أن تستقر فى خلالها فى حالة المريض المالية والنفسية فقد يستطيع الخروج لاستئناف حياته السابقة على قدم المساواة مع زملائه الأصحاء. لأنه يكون فى هذه الحالة من مأمن من النكسة، ويكون مزودا برأس مال صغير اقتصده من عمله بالقرية تحت الوقاية الصحية - وأنه يخلص مما سلف أن اقامة المريض بالمستعمرة موقوفة بطبيعتها، ومن ثم فاذا رأت الوزارة أخراج المطعون عليهم لاحلال غيرهم محلهم فلا تثريب عليها فى ذلك لأن سلطتها تقديرية فى هذا الشأن تترخص فى استعمالها حسبما تراه محققا للصالح العام لا سيما بعد أن أوصت اللجنة الطبية المختصة فى تقريرها المؤرخ 21/ 10/ 1953 باخراجهم بعد الكشف عليهم وفحص حالاتهم مما اقتنعت معه باستقرار حالتهم الصحية.
وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرين عن هذا الطعن خلصت فى الأول بعد مراجعتها لمذكرة وزارة الصحة المؤرخة 25 من مارس سنة 1942 بانشاء قرى للناقهين، وما جاء بمحضر الاجتماع الرابع للجنة تنظيم الأعمال بالمستعمرة المؤرخ 4 من يوليو سنة 1953 من اجراء كشف دورى على الناقهين بحيث اذا رأت اللجنة أن حالة الناقه استقرت تماما سمحت له بالخروج وأعطت له مهلة ست شهور يتدبر فيها أمر خروجه، واعطائه اعانة لترتيب حياته خارج المستعمرة، خلصت من ذلك الى أنه لما كان الثابت أن المطعون ضدهم قد أقاموا بمستعمرة الناقهين بعد علاجهم بالمصحات من السل وعوملوا أثناء اقامتهم طبقا للقواعد الموضوعية فى هذا الصدد من حيث الرعاية الصحية والاجتماعية وحصلوا على الأجور المقررة عن أعمالهم، وبعد أن استبان للجان الفحص الفنية المختصة أن حالتهم أصبحت مستقرة أنذروا بالخروج ومنحوا مهلة تزيد عن ستة أشهر ليتدبروا فيها أمرهم ومنهم من نفذ القرار، ومنهم من أبى، فانه والحالة هذه يكون القرار الصادر باخراج المدعى عليهم من المستعمرة قد جاء مطابقا للقانون مبرأ من عيب اساءة استعمال السلطة - وانتهت هذه الهيئة الى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدهم، وألزمتهم بالمصروفات، فى تقريرها الثانى الذى قدم بناء على طلب هيئة المحكمة نوهت بأنه بان لها من حافظة مستندات الحكومة أن عبد العظيم خليل، وسعد منصور ضحى قد توفيا الاول بتاريخ 20 من مارس سنة 1964 والثانى بتاريخ 27 من سبتمبر سنة 1961 وانه بناء على ذلك يتعين الحكم بانقطاع سير الخصومة فى الطعن المقدم ضدهما - ثم استطردت أن الثابت أن جميع المطعون ضدهم قد أخرجوا بعد ان تبين للجنة الطبية أن حالتهم مستقرة، وأردفت بقولها أن قرى الناقهين قد أنشئت لتيسير الحياة على الناقهين من مرض السل بتهيئة أسباب العلاج لهم وتوفير طرق كسب شريفة تناسب حالتهم، على أنه قد يجد من هذه الغاية ما هو متاح لإنشاء هذه القرى من موارد وعدد الناقهين من هذا الداء، ومن ثم فانه وان كانت الغاية المثلى من انشاء هذه القرى هو الابقاء على الناقهين بها حتى تدبر لهم موارد رزق ثابتة، الا أنه قد يحول دون تحقيق هذه الغاية ضيق هذه القرى على أن تستوعب جميع الناقهين وفى ضوء ما تقدم فان الادارة اذ قدرت اخراج جميع الناقهين الذين استقرت حالتهم على أساس أنهم أقدر من غيرهم على مواجهة أعباء الحياة بعد أن نالوا قدرا من الرعاية وحتى يفسحوا لغيرهم أن ينالوا ما نالوا من الرعاية، فان قرارها هذا يكون - فى ضوء امكانيات هذه القرى يكون قد صدر سليما مطابقا للقانون.
وقد قدم المدعين مذكرة أشاروا فيها الى أنه عند انشاء هذه المستعمرة سنة 1943، حجم الناقهون عن قبول نزولهم فى المستعمرة وترك مساكنهم وأعمالهم، لذلك عمد المسئولين الى وسائل التهديد والترغيب بالنسبة للناقهين المترددين على المصحات والمستوصفات، لاسيما العمال الصناع منهم وذلك بتهديدهم بالامتناع عن الاشراف الطبى عليهم، وفى الوقت ذاته بترغيبهم فى الالتحاق بالمؤسسة عمالا... وصناعا بورش المستعمرة واسكانهم فى مساكنها مجانا، وبناء على ذلك تم الحاق المطعون ضدهم بالمستعمرة لا على أساس أنهم مرضى ولتمضية فترة النقاهة بل كصناع كل تبعا لما تخصص له وبعد أداء امتحان وتقديم مسوغات التعيين للوظيفة التى عين عليها واجراء كشف طبى فيما عدا الكشف على الصدر، وأردف المدعين أنهم فى واقع الأمر عمالا، وأن آية ذاك أنهم يتقاضون الأجور عن الأعمال التى يؤدونها متضمنة جميع العناصر التى يتكون منها أجر عمال الحكومة وموظفيها من ذلك العلاوات الدورية والعلاوات الاجتماعية ومرتب الصناعة، وأنهم يقتضون هذه الأجور وفق النظام المقرر لقبض أجور سائر عمال الحكومة وعلى بند المرتبات، وأن مما هو جدير بالملاحظة أن وزارة الصحة حاولت فى سبيل أضعاف مركزهم أن تغير المصرف المالى لأجور المدعين وذلك بنقلها على بند الاعانات بدلا من بند الأجور ولكنها لم توفق بسبب اعتراض ديوان الموظفين وأضاف المدعين (المطعون ضدهم) أن كثيرا من نزلاء المستعمرة يتقدمون للعمل فى الوزارات ومصالح الحكومة المختلفة طبقا لقواعد الانتدابات المعروفة وفى حدود لوائح بدل السفر، كما وأن عمال المستعمرة يخضعون كذلك لنظام تأديب عمال الحكومة، ومن أمثلة ذلك صدور قرار من وزارة الصحة بفصل عاملين لسوء سلوكهما، كما فصل آخر لعدم عودته الى المستعمرة بعد انتهاء أجازته بخمسة عشر يوما الخ... وأنه لا يفرض عليهم النظام التأديبى فحسب، بل يفرض عليهم أيضا نظام الاستقطاعات اذ تستقطع الخصومات طبقا للمخالفات التى يرتكبونها من أجورهم، وقد يتسلم البعض منهم مثل أسطوات الورش وغيرهم، عهد مثل عهد الورش... وأضاف المدعون أنهم يطبق عليهم نظام عمال الحكومة فى الاجازات من حيث تقسيمها الى اعتيادية ومرضية ولا تمنح الأولى الا بناء على طلب وموافقة رئيس الورشة التى يعمل بها العامل، كما وأن طبيعة العمل ونظام سيره فى ورش المؤسسة كان يسير وفقا للنظم الموضوعة لسير العمل فى سائر مرافق الحكومة - وخلص المدعيين الى طلب تأييد الحكم المطعون فيه - وقد قدمت الحكومة مذكرة بالرد على مذكرة المدعين رددت فيها الأسباب والعناصر التى استندت اليها فى عريضة طعنها، وأضافت اليها بالنسبة لما ذكره المدعين بأنهم عمالا، بأنه سبق للمطعون ضدهم أن قاموا الدعوى رقم 158 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة الادارية لوزارة الصحة يعترضون فيها على صرف مكافآتهم على بند الاعانات ويطلبون صرفها على بند أجور العمال بمصلحة الصحة الاجتماعية استنادا الى اسباغ صفة العمال الحكوميين عليهم، فقضت هذه المحكمة بجلستها المنعقدة بتاريخ 12/ 11/ 1958 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزامهم بالمصروفات استنادا الى أنهم ليس لهم صفة العمال الحكوميين الذين تختص المحكمة بمنازعاتهم وانما هم بمثابة مرض ناقهين وأضافت المذكرة الى ما سلف بأن المستعمرة أى مجتمع انسانى يجب أن تكون لها قواعد ونظم تجرى الحياة فى المستعمرة فى مقتضاها والا كان الأمر فوضى وأن مجرد وجود أوجه شبه بين هذه النظم والقواعد التى تنظم علاقة العمل لا يترتب عليه تغيير طبيعة العلاقة بين المستعمرة والناقة واعتبارها من قبيل علاقات العمل - وخلصت الطاعنة الى طلب الغاء الحكم المطعون.
ومن حيث أنه يبين من مطالعة الأوراق أن مستعمرة الناقهين كانت فى الأصل قرية أنشأتها وزارة الوقاية، ثم طلبت وزارة الصحة الى هذه الوزارة فى 16 من نوفمبر سنة 1942 تسليمها القرية المذكورة لاستخدامها فى تنفيذ مشروع يومى الى تحسين أحوال الناقهين من مرض الدرن هم وزوجاتهم وأولادهم، وذلك بتهيئة المساكن الصحية لهم وتوجيهم الى الأعمال الزراعية، والصناعات اليدوية التى تناسبهم وتلائم ظروفهم، وقد وافقت وزارة الوقاية على ذلك بالشروط الآتية نجتزئ منها ما يأتى:
أولا: أن يكون استعمال وزارة الصحة لهذه القرية بصفة مؤقتة، فينبغى أن تظل مهيئة للغرض الذى انشئت من أجله وهو ايواء اللاجئين فى أى وقت تراه وزارة الوقاية.
ثانيا: أن تتعهد وزارة الصحة بالمحافظة على منشئات القرية وصيانتها بحيث تبقى دائما فى حالة جيدة لا تقلل من استعدادها لاداء الغرض الذى أنشئت من أجله وألا تحدث تغيرات فى منشآتها الا بموافقة وزارة الوقاية.
ثالثا: أن يكون الأهالى الذين سيشتغلون هذه القرية من بين أهالى القرى المجاورة قدر المستطاع حتى يمكن ارجاعهم الى أماكنهم الأصلية فى أقرب وقت.
رابعا: أن تقوم وزارة الصحة بتسليم القرية من مجلس مديرية القليوبية طبقا للمحاضر التى حررت من قبل عند تسلم القرية اليه الخ...
وقد وافق مجلس الوزراء على ما ورد فى هذه المذكرة بجلسته المنعقدة فى 6 من ديسمبر سنة 1942، ومن ثم فان قرار مجلس الوزراء المذكور خول الصحة الحق فى استعمال هذه القرية وتوجيهها للأغراض الصحية بحيث لا يتعارض ذلك الاستعمال مع الغرض الذى أنشئت من أجله - هذا وقد جاء فى مذكرة وزارة الصحة المؤرخة 5 من مارس سنة 1942 فى شأن مشروع أنشاء قرى للناقهين من السل أن هذا المرض منتشر انتشارا يفوق كل تقدير، ولخطورة هذا المرض على الأيدى العاملة دعا الحكومة الى أنفاق أموال طائلة فى سبيل علاج المرضى الذين تتسع لهم المصحات اذ يبلغ متوسط علاج المريض الواحد نحو مائة جنيه فى فترة الستة أشهر التى تقتضى فى المصلحة - الا أن هذا المال قد يضيع هباء اذا ما أراد المريض الناقه استئناف جهاده فى الحياة طالبا لقوته وقوت عياله - على أن العالم المتمدين قد واجه هذه الحالة بحل عملى يضمن للمريض راحة البال من الوجهة النفسية والعائلية ويدبر له العمل الذى يناسب طاقته الصحية بانشاء قرى خاصة للناقهين ينتقل اليها من تتسع لقبوله من المرضى الناقهين بعد خروجهم من المصحات للاقامة بها مع عائلاتهم فى مساكن صحية بسيطة تتفق مع أوساطهم بحيث يكونون تحت رقابة طبية مستمرة وتوجيه صحى واجتماعى واقتصادى تتوافر فيها وسائل العمل المناسب للجميع... بحيث يشتغل كل مريض فى العمل الذى يناسب حالته الصحية ويتفق مع مواهبه العملية... الى أن ورد فى هذه المذكرة بالنص "أنه غنى عن البيان أن الفائدة من هذه المنشئات تكون مزدوجة اذ يتوافر استكمال المريض لصحته فى دور التفاهة بدون نفقة كبيرة وتيسر له سبل العمل بدون إرهاق لصحته حتى اذا ما مضت بضع سنوات وتوطدت فيها حالته النفسية والمالية فقد يستطيع الخروج لاستئناف حياته السابقة على قدم المساواة مع زملائه الأصحاء لأنه يكون قد أصبح بعد هذه الحياة الهادئة الصحية المنتظمة فى مأمن من النكسة، ويكون مزودا برأس مال صغير اقتصده من عمله بالقرية تحت الرقابة الصحية".
و من حيث أنه يخلص مما سلف فى ضوء البيانات والأحكام الواردة فى مذكرة وزارة الصحة أن السياسة التى انتهجتها هذه الوزارة والتى على أساسها عمدت الى انشاء قرية الناقهين سدادها ولحمتها أن الاقامة بهذه المستعمرة اقامة مؤقتة ينتهى أجلها باستقرار حالة الناقه الصحية، وحتى يفسح المجال لغيره بالانتفاع بهذه الخدمات الصحية حقيقا للمصلحة العامة المبغاه التى تتحقق بدفع مغبة انتكاس المرض عن السواد الأعظم من الناقهين.
ومن حيث أن المنهج الذى رسمته الوزارة فى مذكرة انشاء قرى الناقهين سالفة الذكر من أن اقامة الناقه بالمستعمرة مرهونة بعدم استقرار حالته، يبدو واضحا ومؤكدا فيما درجت عليه لجنة تنظيم أعمال المستعمرة سواء بالنسبة للأجل المرسوم لبقاء المريض، أو بالنسبة لتقرير صلاحيته للبقاء أو الخروج أو طبيعة المكافآت التى تمنح لهم، وتخص بالذكر على سبيل المثال ما ورد "بمحضر الاجتماع الرابع" للجنة تنظيم الأعمال بالمستعمرة والمؤرخ 4 من يوليو سنة 1953 اذ أبرز هذا المحضر بما لا يدع مجالا للشك صفة التأقيت بالنسبة لاقامة الناقه ونجتزئ منه على ما ورد فى البندين التاسع والحادى عشر - اذ نص الأول منهما على أن - اللجنة وافقت على مبدأ صرف المساعدات المالية عند الخروج لتحسين الحالة أو انتكاسا (بحيث لا ينتظر لياقة الناقة للبقاء فى المستعمرة) أو بسبب الوفاة بأن يصرف مبلغ 20 جنيه اعانة لترتيب حياة الناقه أو عائلته خارج المستعمرة، ولا تمنح الا بعد أن ترتب العائلة نهائيا مغادرتها المستعمرة فى خلال الستة شهور المهلة التى تمنح لهم - وتصرف هذه المبالغ من اعتمادات اعانات مرضى السل حتى يعتمد لها مبلغ خاص بالميزانية "ونص الثانى على أن" اللجنة وافقت على عمل فحص دورى للناقهين كل ثلاثة شهور ويعمل تقرير عن الحالة فى كل مرة يوضع بملف الناقه، وتعرض هذه التقارير على لجنة فنية يشكلها قسم الأمراض الصدرية وتجتمع أيضا كل ثلاثة شهور لفحص التقارير المشار اليها - فاذا رأت هذه اللجنة أن حالة الناقه استقرت تماما سمح له بالخروج واعطته مهلة أيضا ستة شهور يتدبر فيها أمر خروجه - وفى حالة عدم استقرارها تقرر الامتداد المناسب.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أن الغرض من انشاء المستعمرة حسبما رسمته مذكرته انشائها - وما درجت عليه لجنة تنظيم أعمالها، هو أن تكون مرحلة انتقال يستوفى فيها الناقه من الدرن بعد خروجه من مصحات العلاج عيشة هادئة، وصحية، بتيسر له فيها سبيل العمل بدون ارهاق بحيث تتوقد فيها حالته النفسية والصحية، ويستطيع بعدها استئناف حياته السابقة على قدم المساواة مع زملائه الاصحاء فى مأمن من النكسه، ومزود برأس مال صغير مما يكون قد أقتصده من عمله بالمستعمرة وما حصل عليه من مكافأه مالية تصرف له عند السماح لخروجه، وقد روعى فى تقرير الصلاحية للخروج أن يحاط بالضمانات اللازمة، فعهد بهذا الأمر الى لجنة فنية مختصة تقوم بفحص حالة الناقه ووضع التقرير الخاص بمدى استقرار حالته.
ومن حيث أن بتطبيق المبادئ سالفة الذكر على واقعات الدعوى المعروضة يبين أن المطعون ضدهم قد أقاموا بمستعمرة الناقهين بعد خروجهم من مصحات الدرن، وعوملوا أثناء اقامتهم فيها طبقا للقواعد الموضوعة فيه هذا الصدد من حيث الرعاية الصحية والاجتماعية وحصلوا على الأجور المقررة عما أدوه من أعمال، وبعد أن استبان للجان الفحص الفنية المختصة أن حالتهم الصحية أصبحت مستقرة وذلك حسبما هو ثابت بالمحضر المؤرخ 2 من أكتوبر سنة 1953 والكشوف المرافقة له - انذروا بالخروج ومنحوا مهلة تزيد عن ستة شهور يتدبروا فيها أمرهم.
ومن حيث أن جهة الادارة وقد أبانت وجهة نظرها فى اصدار قرارها المطعون فيه، ومن أنه لم يقصد من انشاء مستعمرة بقاء الناقهين فيها بصفة مستمرة بل يقضوا فيها فترة النقاهة بعد خروجهم من المصحات حتى اذا مضت فترة النقاهة واستقرت حالتهم بغير خوف من انتكاس صحتهم أخرجوا منها - فاذا كان الثابت من الأوراق أن هؤلاء الناقهين قد عوملوا أثناء اقامتهم فى المستعمرة وفقا للقواعد المقررة فى هذا الصدد، واستكملوا وسائل شفائهم، وثبت ذلك من بحث اللجان لحالتهم على ما نوهت المحكمة، ومن ثم تكون الأسباب التى أثبتت عليها جهة الادارة قرارها لها أساسها الصحيح الثابت من الأوراق وهى تؤدى الى النتيجة التى انتهت اليها هذه الجهة ولم تنحرف فى ذلك بسلطتها العامة، ولم ينطو قرارها على أية شائبة من اساءة استعمال السلطة، ويكون قرارها على هذا الوضع قد صدر سليما.
ومن حيث أنه ينبنى على ما تقدم أن ما ذهب اليه الحكم بأن خروج الناقة من المستعمرة لا يكون الا حيث يوفق بوسائله الخاصة الى عمل فى الخارج أو تجد له الحكومة عملا فى احدى هيئاتها بحيث تضمن له حياة هادئة مستقرة خارج المستعمرة بغية شر الانتكاس والا كان أخراجه منها فى غير هاتين الحالتين اخلال واضح بالغاية التى أنشئت من أجلها المستعمرة - هذا الذى ذهيت اليه المحكمة مخالف للقواعد المقررة للاقامة فى المستعمرة اذ حسبما سلف البيان أن الاقامة فيها تنتهى باحدى حالات ثلاث أولها: أن يثبت بمعرفة اللجنة الفنية المختصة بالفحص أن حالة الناقه أصبحت مستقرة فيسمح له بالخروج.
ثانيهما: فى حالة الانتكاس يعاد الى مصحات العلاج.
ثالثهما: فى حالة وفاة الناقه تخرج عائلته من المستعمرة.
يضاف الى ذلك أن الوزارة قد قصدت من وراء هذا النظام تدريب الناقهين وتوجيههم الى ما فيه خيرهم وتحسين أحوالهم الصحية والاجتماعية والمالية حتى تقوى بنيتهم ويشتد ساعدهم، فيستطيعوا بعد ذلك ممارسة شئونهم بأنفسهم، ويمرنوا على مواجهة أعباء الحياة وحدهم بلا خشية عليهم من أضرار التعطيل وأخطار الانتكاس، فأعدت لهم تلك القرية وهيأت لهم سبل العيش وذللت أمامهم كثير من مصاعب الحياة بغية رفع مستواهم وصون صحتهم لما فى ذلك من تحقيق للصالح العام، فهى على هذا الوضع تقدم خدمة مرفقيه لطائفة معينة من المرضى توسلا لعلاجهم وحرصا على سلامتهم، وقد رأت القيام بها طوعا مستهدفة فى ذلك الصالح العام، ومن طبيعة الخدمة المرفقية حسبما هو مسلم أن تكون ميسرة للجميع مهيأة للكافة طبقا للشروط التى يرسمها القانون، فلا يمكن قصرها على شخص أو أشخاص معينين بذواتهم وحرمان غيرهم ممن يتساون معهم فى الأحوال والظروف من الانتفاع بتلك الخدمة، لا يسوغ ذلك لما تنطوى عليه التفرقة من اخلال بمبدأ المساواة فى المعاملة ازاء الانتفاع بالمرافق العامة - وأن هذا هو الذى استشهدت به الادارة عند وضعها للقواعد الخاصة بمستعمرة الناقهين على ما سبق ونوهت به المحكمة.
ومن حيث أنه مما دفع به المدعيين من أن حقيقة العلاقة التى تربطهم بالوزارة نشأت على أساس أنهم عمال فى المستعمرة الناقهين بصرف النظر عن حالتهم الصحية - وهم يركنون فى هذا الادعاء الى ما تضمنته نظم المستعمرة الصحية - وهم يركنون فى هذا الادعاء الى ما تضمنته نظم المستعمرة من قواعد خاصة بالمكافآت التى تمنح لهم نظير ما يقومون به من أعمال وقواعد لتأديب النزلاء التى يجرى عليها نظام سير العمل بالمؤسسة - فان المستبقى من الأوراق أن محمد مرسى امام وآخرين سبق لهم أن أقاموا الدعوى رقم 158 لسنة 4 ق أمام المحكمة الادارية لوزارة الصحة يعترضون فيها على تغيير المصرف المالى لصرف أجورهم من بند الأجور الى بند الاعانات بقرار الوزارة الصادر فى 3 من نوفمبر سنة 1956، وذلك على اعتبار أنهم عمال وصناع بمستعمرة المرج - فقضت ضده المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى مع الزام المدعين المصروفات وأقامت قضاءها على أنه بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1953 وافق مدير قسم الأمراض الصدرية على المذكرة المقدمة من الادارة المالية باعتبار الناقهين مرضى لا يدخلون فى عداد عمال الحكومة وتقرير أجورهم بصفة، اعانة، وبتاريخ 4 من يناير سنة 1954 وافق ديوان الموظفين على ما عرضته الوزارة من نقل أجور الناقهين فى ميزانية العام التالى من بند الأجور الى البند 17 اعانات وبتاريخ 15/ 2/ 1956 قررت لجنة تنظيم الأعمال بالمستعمرة رصد مبلغ 10540 جنيه فى بند الاعانات نقلا من بند الأجور وغلاء المعيشة وهو ما يعادل ما كان يصرف كأجر وغلاء للناقهين وصدرت ميزانية الوزارة عن عام 56/ 1957 متضمنة هذا التعديل، وأضافت المحكمة المذكورة أن الحاق المدعين بالمستعمرة كان بصفتهم مرضى استهدفت الوزارة من ايوائهم استكمال علاجهم والأخذ بيدهم فى الفترة النقاهة منعا لانتكاسهم وذلك عن طريق توفير العمل لهم لكسب قوتهم لحين تمام شفائهم وحتى يتمكنوا من مباشرة حياتهم خارج المستعمرة، ومن ثم لا تعتبر علاقة المدعين بوزارة الصحة - باعتبارها المشرفة على المستعمرة علاقة لائحية بين موظف عام وجهة حكومية تدخل فى روابط القانون العام، بل هى علاقة مريض أخذت الدولة على عاتقها تدبير طريق الكسب الشريف له، وأنه لا يغير من هذا حصول المدعين على أجر من بند الأجور نظير عملهم بالمستعمرة ذلك أن الأجر لا يعدو أن يكون بمثابة أعانة، ومن ثم فان المدعين لا يعتبرون موظفين عموميين وتكون دعواهم خارجة عن اختصاص المحاكم الادارية - هذا وأن الواضح من مطالعة المستندات المقدمة فى الدعوى أن ما يدعيه المدعون (المطعون عليهم) من أنهم عمال لا يستند على أساس سليم من القانون، وذلك أنه فضلا عما سبق التنويه عنه من طبيعة المركز القانونى للناقه، فان الأجور التى تمنح للناقهين حسبما هو ثابت فى محضر اجتماع لجنة تنظيم الأعمال الادارية بالمستعمرة بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1944، وكانت عوضا عن الغذاء على أن يقوموا هم باعالة أنفسهم والمخالطين لهم، وقد وضح هذا الأمر جليا فى كتاب سكرتير عام وزير الصحة الى سكرتير مالى الوزارة بتاريخ 15 من أبريل سنة 1948 - وكان بصدد طلب الموافقة على منح العمال الناقهين بالمستعمرة علاوة بنسبة 10% من أجورهم كل سنة اذ ورد به بالنص "وأن هؤلاء الناقهين ليسوا عمالا بالمعنى الصحيح كما أنهم لم ينتفعوا بقواعد كادر العمال كما تضمن هذا الكتاب فى موضع آخر.... "ومن جهة أخرى فان هؤلاء العمال الناقهين ليست لهم صفة الدوام (اذا استثنينا رؤساء الورش) اذ أنهم يعملون بهذه الورش بصفة مؤقتة حتى اذا لم ينتكسوا خلالها أمكن أخراجهم لاستئناف عملهم فى الخارج دون خوف على حالتهم لافساح المجال لقبول غيرهم، كما وأن الأجور التى تمنح لهم هى فى الحقيقة مقرره لهم بدلا من منحهم أغذية تمكينا لهم من الاعتماد على أنفسهم" وكان من نتيجة ما أفصحته الوزارة الصحية - وهو ما يتفق مع الوضع السليم لنظام المؤسسة حسبما أوضحت المحكمة - أن جاء رد وزارة المالية - وهى الجهة المختصة بمثل هذه الشئون - بأن ترى عرض موضوع هذه العلاوات على الهيئة التى وضعت قواعد هذه المستعمرة.
ومن حيث أنه يخلص من كل ما تقدم أن دعوى المدعين لا تستند على أساس سليم من القانون، واذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف هذا المذهب، فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه - ورفض دعوى المدعين.
على أنه وان كانت المحكمة قد انتهت الى رفض دعوى المدعين، انزالا لحكم القانون السليم فى هذا الشأن، الا أنه قد استرعى نظرها، وهى بصدد بحث هذه الدعوى أن مدير ادارة الأمراض الصدرية نوه فى كتابه بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1965 المرسل الى السيد مدير الشئون القانونية بأنه قد تم تعيين (11) ناقها فى وحدات الوزارة، وأنه جارى اتخاذ اجراءات تعيين الباقين والبالغ عددهم (24) ناقها فى المحافظات التى رشحوا عليها، ومن ثم فان المحكمة لا يسعها الا أن تهيب بجهة الادارة - وهى أقدر الجهات على تقدير ظروف هؤلاء الناقهين - أن تتم مسعاها الحميد بتعيين من لم يتم تعيينه منهم، وعلى هذا الوجه تتحقق المساواة والعدالة بين الناقهين جميعا.
ومن حيث انه فيما يتعلق بالمصاريف فانه يلزم بها من اصابة الخسر فى الدعوى واذ كان الثابت أن اثنين من المطعون ضدهما قد توفيا وهما عبد العظيم خليل وسعد منصور، وأن أولهما توفى فى 20 من مارس سنة 1964، والثانى توفى فى 27 من سبتمبر سنة 1961 وقد وجهت وزارة الصحة الطلبات الى ورثة المذكورين، وقد أعلن هؤلاء الورثة للحضور الى جلسة 9 من أكتوبر سنة 1965 مما يتعين ألزامهم بالمصاريف أسوة بباقى المطعون ضدهم، على أن تدفع من تركة مورثهما.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعين بالمصروفات وذلك على الوجه المبين بالأسباب.