مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 230

(26)
جلسة أول يناير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 843 لسنة 8 القضائية:

( أ ) - بنك الاتحاد التجارى - علاقة العاملين ببنك الاتحاد التجارى بالبنك - علاقة عقدية تحكمها أحكام القانون الخاص.
(ب) - عقد العمل الفردى. "انتهاؤه". انتهاء عقد العمل غير المحدد المدة بارادة أحد طرفيه دون توقف على ارادة الطرف الآخر.
(جـ) - بنك الاتحاد التجارى - استقالة العاملين به - عدم توقفها على قبول البنك - المادة 11 من القانون النظامى للبنك - عدم جواز القياس فى هذا الخصوص، على أحكام نظام موظفى الدولة أو الاستناد الى لائحة نظام العاملين بالشركات النافذة بعد تاريخ الاستقالة.
(د) - شركات - العاملون فى الشركات المنصوص عليها فى القانون رقم 19 لسنة 1959 تأديبهم - عدم جوازه بعد انقضاء رابطة الاستخدام بالشركات - أساس ذلك.
1 - أن العاملين فى بنك الاتحاد التجارى يعتبرون فى مركز تعاقدى يستمد عناصره ومقوماته من عقد العمل الذى يحكم علاقتهم بالبنك المذكور - وهى علاقة تدخل فى روابط القانون الخاص وتنظمها أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ومن قبله المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 فى شأن عقد العمل الفردى والقانون النظامى لمستخدمى البنك ولائحة تنظيم العمل به.
2- لما كانت المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 (وهى تقابل المادة 36 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952) تنص على أنه (اذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين الغاءه بعد اعلان الطرف الآخر كتابة قبل الالغاء بثلاثين يوما بالنسبة الى العمال المعينين بأجر شهرى وخمسة عشر يوما بالنسبة الى العمال الآخرين فاذا ألغى العقد بغير مراعاة هذه المهلة ألزم من ألغى العقد بأن يؤدى الى الطرف الآخر تعويضا مساويا لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقى منها.
ووفقا لحكم هذه المادة ينتهى عقد العمل غير المحدد المدة بارادة أحد طرفيه وتنقطع العلاقة بينهما دون توقف على ادارة الطرف الآخر.
3- أنه لا حجة فى القول بأنه وفقا للمادة 11 من القانون النظامى لمستخدمى بنك الاتحاد التجارى لا ينتهى عقد العمل الا بقبول البنك - اذ بالاضافة الى أن المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن يقع باطلا كل شرط يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقا على العمل به الا اذا كان الشرط أكثر فائدة العمل - فانه ليس فى المادة 11 المشار اليها أيه مخالفة لأحكام القانون اذ أنها تنص على أن (كل مستخدم يمكنه فى أى وقت أن يقدم استقالته وفى هذه الحالة لا يمكنه ترك عمله الا بعد قبول استقالته من الادارة أو بعد انتهاء مدة الأخطار القانونية) ووفقا لحكمها للمستخدم أن ينهى عقد العمل بينه وبين البنك بارادته المنفردة دون أن يتوقف ذلك على موافقة ادارة البنك على ألا يترك عمله الا بعد قبول استقالته أو انتهاء مدة الاخطار القانونية أيهما أسبق - ولا محل فى هذا المجال للقياس على حكم المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى كان يحكم العلاقة التنظيمية بين جهة الادارة والموظف العام ولم يكن يسرى أصلا على العلاقة العقدية بين البنك وموظفيه والتى تدخل فى نطاق روابط القانون الخاص - كما أنه لا محل أصلا للاستناد على الحكم الذى استحدثته المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة - الذى أجاز ارجاء النظر فى قبول الاستقالة اذ أحيل على المحاكمة التأديبية - اذ أن عقد العمل بين المطعون عليه وبين البنك كان قد انتهى قبل أن يعمل بتلك اللائحة التى صدر بها القرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 وقبل أن يحال على المحاكمة التأديبية.
4 - أن الأصل فى التأديب أنه مرتبط بالوظيفة بحيث اذا انقضت رابطة التوظف لم يعد للتأديب مجال - واذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أورد استثناء من هذه القاعدة فى المادة 102 مكررا (ثانيا) المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - فان هذا الاستثناء مقصور على الموظفين العموميين اذ لم يرد نص يفيد سريانه على موظفى الشركات الخاضعين لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959.
وليس من شأن خضوع موظفى بنك الاتحاد التجارى لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه تعديل الأحكام التى تنظم انتهاء عقود عملهم أو مد ولاية المحكمة التأديبية المنصوص عليها فى المادة الخامسة منه الى من يترك العمل منهم قبل احالته الى المحاكم التأديبية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه قد صدر فى 6 من يناير سنة 1962 وكان ميعاد الطعن فيه ينتهى فى 7 من مارس سنة 1962 وقد صادف هذا اليوم عطلة عيد الفطر التى بدأت من يوم الثلاثاء 6 من مارس سنة 1962 وانتهت يوم الجمعة 9 من مارس سنة 1962 فامتد ميعاد الطعن على اليوم التالى أى 10 من مارس سنة 1962 وهو اليوم الذى أودع فيه تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة فيكون الطعن قد أقيم فى الميعاد.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أنه بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1960 أودعت النيابة الادارية سكرتيرية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفى الدرجة الأولى فما فوقها أوراق الدعوى التأديبية التى قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 3 لسنة 3 القضائية وتقرير اتهام ضد السيد شارل جريجوار قريصاتى المدير العام المساعد لبنك الاتحاد التجارى متضمنا اتهامه بأنه لم يقم بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل وأنه تسبب باهماله فى خسارة مادية جسيمة للبنك وذلك بأن ارتكب المخالفات المبينة فى التقرير وأنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفات المالية والادارية المنصوص عليها فى المواد 39 من لائحة موظفى البنك الصادر فى سنة 1957 و76 فقرة 1 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وطلبت النيابة الادارية محاكمته طبقا لهذه المواد.
وبجلسة 22 من أبريل سنة 1961 قررت المحكمة عدم اختصاصها بنظر الدعوى واحالتها بحالتها الى المحكمة التأديبية بمدينة الاسكندرية.
وقيدت الدعوى بالسجل العام للمحكمة التأديبية بالاسكندرية تحت رقم 76 لسنة 3 القضائية وبجلسة 16 من ديسمبر سنة 1961 دفع الحاضر عن المتهم بعدم اختصاص المحكمة استنادا الى انقطاع الصلة الوظيفية بالنسبة اليه لأنه ترك الخدمة بالاستقالة.
وتقدم المتهم بمذكرة شرحا لهذا الدفع قال فيها أنه كان مديرا لفرع بنك الاتحاد لتجارى بالاسكندرية الذى كانت الحكومة منذ سنة 1957 تساهم فيه بما يزيد عن 25% عن طريق شراء المؤسسة الاقتصادية لنصيب اتحاد الغرف التجارية فى هذا البنك وظل الأمر كذلك حتى أمم البنك بعد خروجه هو من خدمته اذ قدم استقالته فى 30 من ديسمبر سنة 1959 على أن تسرى ابتداء من 31 من يناير سنة 1960 وامتنع البنك عن قبول الاستقالة لحين ما يسفر عنه فحص أعمال فرع الاسكندرية وانقطع هو عن العمل ابتداء من أول فبراير سنة 1960 - وذكر أن المحاكم التأديبية - وهى محاكم استئنافية - لا تختص فى الأصل الا بمحاكمة الموظف الذى ما زالت تربطه بالوظيفة صلة واذ أراد المشرع الاستثناء من هذا الأصل فقد اضطر الى التدخل فى سنة 1957 بإضافة المادة 102 مكررا. ثانيا الى القانون رقم 210 لسنة 1951 بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وتنصت هذه المادة على اجازة اقامة الدعوى التأديبية عن المخالفات المالية والادارية على الموظف الذى يكون قد ترك الخدمة لأى سبب كان - أما بالنسبة الى موظفى الشركات فقد نص القانون رقم 19 لسنة 1959 فى المادة الأولى منه على سريان المواد من 3 الى 11، 14، 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفى الشركات التى تساهم فيها الحكومة بنسبة 25% من رأسمالها أو تضمن لها حدا أدنى من الأرباح - وذكر أن موظف الشركة يختلف عن موظف الحكومة فبينما علاقة التوظف بالنسبة الى الاخير تظل قائمة طالما لم تقبل الاستقالة فان موظف الشركة الخاضع لقانون عقد العمل الفردى تنقطع صلته الوظيفية باعلان رغبته فى ذلك دون توقف على قبول استقالته اذ وفقا لأحكام المادة 72 من قانون عقد العمل الفردى رقم 91 لسنة 1959 يلغى العقد بمجرد اعلان أحد الطرفين الى الآخر عزمه على الغائه فلا يتوقف الأمر على قبول استقالة الموظف أى أن العقد ينفسخ بادارة الموظف المنفردة دون توقف على قبول صاحب العمل لهذا الفسخ اذ لا يجوز له الامتناع عن قبول الاستقالة - ومضى المتهم يقول ان قانون عقد العمل الفردى هو الذى كان يحكم علاقته بالبنك وذلك باقرار كل من البنك والنيابة الادارية وأن تنطبق المادة 72 من هذا القانون يجعل علاقته بالبنك منفصلة منذ 31 من يناير سنة 1960 ولا يحول عدم قبول الاستقالة دون ذلك وانقطاع هذه العلاقة ينزع من المحكمة التأديبية اختصاصها بمحاكمته تأديبيا.
وبجلسة 6 من يناير سنة 1962 قضت المحكمة التأديبية بالاسكندرية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأقامت قضاءها على أن المستفاد من أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 أن المحاكم التأديبية بمجلس الدولة تختص بمحاكمة موظفى الشركات والجمعيات والهيئات الخاصة المنصوص عليها فى المادة الأولى من ذلك القانون وتطبق القواعد التنظيمية السارية فى شأن موظفيها أحكام قانون عقد العمل الفردى النافذة وقت وقوع المخالفة الا أن اختصاص المحاكم المذكورة بمحاكمة هؤلاء الموظفين يظل معقودا طالما ظلت علاقتها الوظيفية اذ جاءت أحكام قانون عقد العمل الفردى خلوا من نص مماثل لنص المادة 102 مكررا ثانيا من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة التى تجيز اقامة الدعوى التأديبية عن المخالفات المالية والادارية على الموظف الذى يكون قد ترك الخدمة والتى حددت العقوبات التى يجوز توقيعها فى هذه الحالة وهى عقوبات تتلاءم مع كون الموظف خارج الخدمة - وأشارت المحكمة الى أن قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 147 لسنة 1959 فى شأن بيان العقوبات.. التأديبية للعمال لم يتضمن نصا مماثلا والى أن القانون النظامى لبنك الاتحاد التجارى لم يتضمن مثل هذا النص - وذكرت أنه يبين من الأوراق أن الحكومة قد ساهمت فى بنك الاتحاد التجارى بما يزيد على 25% من رأسماله منذ سنة 1957 وظل الأمر كذلك الى أن تم تأميمه بعد تقديم المتهم استقالته منه فى 30 من ديسمبر سنة 1959 وأن القواعد التنظيمية السارية فى شأن موظفى هذا البنك هى القانون النظامى للمستخدمين ولائحة تنظيم العمل به الصادرة فى سنة 1957 تنفيذا للمادة 31 من القانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردى وكذلك قانون عقد العمل الفردى سالف الذكر والقانون رقم 91 لسنة 1959 باصدار قانون العمل وقد نص هذا القانون الأخير فى المادة 72 منه على أنه اذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين الغاءه بعد اعلان الطرف الآخر كتابة قبل الالغاء بثلاثين يوميا بالنسبة الى العمال المعينين بأجر شهرى ونصت المادة 11 من القانون النظامى لمستخدمى بنك الاتحاد التجارى على أن كل مستخدم يمكنه فى أى وقت أن يقدم استقالته الى ادارة البنك وفى هذه الحالة لا يمكنه ترك عمله الا بعد قبول استقالته من الادارة أو بعد انتهاء مدة الاخطار القانونية - والقيد الوارد بهذه المادة بشأن عدم جواز ترك الموظف لعمله الا بعد قبول استقالته قيد باطل اذا قصد به أن تتم الموافقة بعد مهمة الثلاثين يوما لمخالفته أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 الذى نص فى مادته السادسة على أن يقع باطلا كل شرط يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقا على العمل به الا اذا كان الشرط أكثر فائدة للعامل - وأنه يبين من الأوراق أن المتهم قدم طلبا مؤرخا فى 30 من ديسمبر سنة 1959 الى رئيس مجلس ادارة بنك الاتحاد التجارى بالقاهرة يخطره فيه بتقديم استقالته من وظيفته ابتداء من 31 من يناير سنة 1960 ثم صمم على استقالته بكتابه المؤرخ فى 16 من يناير سنة 1960 الا أن رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب للبنك أخطره بكتابه المؤرخ فى 18 من يناير سنة 1960 بأنه لا يسعه قبول استقالته قبل فحص المسائل المعلقة بفرع البنك وأنه تطبيقا للأحكام سالفة الذكر يعتبر المتهم مستقيلا من البنك اعتبارا من 31 من يناير سنة 1960 فلا تختص المحكمة بمحاكمته تأديبيا لأنفصام علاقته الوظيفية بالبنك المذكور.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أنه وأن كان المتهم قد انقطع عن العمل اعتبارا من 31 من يناير سنة 1960 الا أن صفته كموظف بالبنك لا تزال قائمة من الناحية القانونية اذ أن هذه الصلة لا تنتهى الا بعد قبول استقالته ما دامت ادارة البنك قد أخطرته خلال مدة الثلاثين يوما التالية لتقديم استقالته بارجاء قبولها وهذا ما يتفق مع ما أشارت اليه المادة 11 من القانون النظامى لمستخدمى البنك وما نصت عليه صراحة المادة 110 من قانون نظام موظفى الدولة وهو أمر يحتمه أيضا الصالح العام للمرفق ذاته - فلا أساس لما بنى عليه الحكم المطعون فيه قضاءه من أن صلة المتهم بالبنك قد انفصمت بمضى المهلة المحددة بقانون عقد العمل الفردى وهى ثلاثون يوما - وأنه لذلك فان اختصاص المحكمة التأديبية بمحاكمة المتهم يظل قائما لم يتأثر بانقطاعه عن العمل لعدم زوال صفته كموظف بالبنك.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة قد أودعت تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وذلك تأسيسا على أن رابطة العمل تنتهى بالاستقالة التى تقدم بها العامل دون أن يتوقف ذلك على قبول المنشأة أو رب العمل وأن الأصل أن ولاية التأديب تنتهى بمجرد انتهاء صله الوظيفة ولم يرد نص على خلاف ذلك فى قانون العمل أو القانون رقم 19 لسنة 1959.
ومن حيث ان النيابة الادارية قد تقدمت بمذكرة رددت فيها ما تضمنه تقرير الطعن وأضافت أن وجهة نظرها تتفق مع الصالح العام للمرفق ومع الحكمة التى حدت بالمشرع الى اصدار القانون رقم 19 لسنة 1959 وأنه بغير هذا النظر يصبح القانون المذكور لغوا اذ يكفى لانتفاء اختصاص النيابة الادارية وافلات الموظف من أحكام القانون مجرد تقدمه باستقالته من عمله حتى تفصم رابطة التوظف. كما أنه لا محل لأعمال نص المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 الذى حل محل القانون رقم 317 لسنة 1952 والتى تجيز لكل من الطرفين الغاء عقد العمل بعد اخطار الطرف الآخر كتابة قبل الالغاء بثلاثين يوما والقول بأنها تتعارض مع المادة 11 من القانون النظامى لمستخدمى بنك الاتحاد التجارى التى تحظر ترك العامل عمله الا بعد قبول الاستقالة وذلك فى مجال أعمال القانون رقم 19 لسنة 1959 الذى يختلف عن مجال أعمال القانون رقم 19 لسنة 1959 الواجب التطبيق.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم الاختصاص على أن علاقة المطعون علية الوظيفية ببنك الاتحاد التجارى قد انفصمت قبل احالته الى المحاكمة التأديبية ويقوم الطعن على أن هذه العلاقة لم تنفصم وأن صفة المطعون عليه كموظف بالبنك لا تزال قائمة من الناحية القانونية ما دام البنك لم يقبل استقالته.
ومن حيث ان المطعون عليه كان فى مركز تعاقدى يستمد عناصره ومقوماته من عقد العمل الذى يحكم علاقته بالبنك المذكور - وهى علاقة تدخل فى روابط القانون الخاص وتنظمها أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ومن قبله المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 فى شأن عقد العمل الفردى والقانون النظامى لمستخدمى البنك ولائحة تنظيم العمل به.
ومن حيث ان المادة 72 من القانون رقم 91 لسنة 1959 (وهى تقابل المادة 36 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952) تنص على أنه (اذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين الغاءه بعد اعلان الطرف الآخر كتابة قبل الالغاء بثلاثين يوما بالنسبة الى العمال المعينين بأجر شهرى وخمسة عشر يوما بالنسبة الى العمال الآخرين فاذا ألغى العقد بغير مراعاة هذه المهلة ألزم من ألغى العقد أن يؤدى الى الطرف الآخر تعويضا مساويا لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقى منها) ووفقا لحكم هذه المادة ينتهى عقد العمل غير المحدد المدة بارادة أحد طرفيه وتنقطع العلاقة بينهما دون توقف على ارادة الطرف الآخر.
ومن حيث أن المطعون عليه قد استقال من عمله اعتبارا من 31 من يناير سنة 1960 بمقتضى طلب تقدم به الى رئيس مجلس ادارة البنك فى 30 من ديسمبر سنة 1959 مراعيا فيه مهلة الاخطار المنصوص عليها فى المادة 72 سالفة الذكر - فانه وفقا لحكم هذه المادة يعتبر عقد عمله بالبنك منتهيا فى 31 من يناير سنة 1960 دون أن يتوقف هذا الانهاء على قبول ادارة البنك.
ومن حيث انه لا حاجة فى القول بأنه وفقا للمادة 11 من القانون النظامى لمستخدمى بنك الاتحاد التجارى لا ينتهى عقد العمل الا بقبول البنك - اذ بالاضافة الى أن المادة السادسة من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن يقع باطلا كل شرط يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقا على العمل به الا اذا كان الشرط أكثر فائدة للعامل - فانه ليس فى المادة 11 المشار اليها أية مخالفة لأحكام القانون اذ أنها تنص على أن (كل مستخدم يمكنه فى أى وقت أن يقدم استقالته وفى هذه الحالة لا يمكنه ترك عمله الا بعد قبول استقالته من الادارة أو بعد انتهاء مدة الأخطار القانونية) ووفقا لحكمها للمستخدم أن ينهى عقد العمل بينه وبين البنك بارادته المنفردة دون أن يتوقف ذلك على موافقة ادارة البنك على الا يترك عمله الا بعد قبول استقالته أو انتهاء مدة الاخطار القانونية أيهما أسبق - ولا محل فى هذا المجال للقياس على حكم المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذى كان يحكم العلاقة التنظيمية بين جهة الادارة والموظف العام ولم يكن يسرى أصلا على العلاقة العقدية بين البنك وموظفيه والتى تدخل فى نطاق روابط القانون الخاص - كما أنه لا محل أصلا للاستناد الى الحكم الذى استحدثته المادة 59 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة - الذى أجاز ارجاء النظر فى قبول الاستقالة اذا أحيل العامل الى المحاكمة التأديبية - اذ أن عقد العمل بين المطعون عليه وبين البنك كان قد انتهى قبل أن يعمل بتلك اللائحة التى صدر بها القرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 - وقبل أن يحال الى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث أن الأصل فى التأديب أنه مرتبط بالوظيفة بحيث اذا انقضت رابطة التوظف لم يعد للتأديب مجال - واذا كان القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أورد استثناء من هذه القاعدة فى المادة 102 مكررا (ثانيا) المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - فان هذا الاستثناء مقصور على الموظفين العموميين اذ لم يرد أى نص يفيد سريانه على موظفى الشركات الخاضعين لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959.
ومن حيث أن خضوع موظفى الاتحاد التجارى لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار اليه ليس من شأنه تعجيل الأحكام التى تنظيم انتهاء عقود عملهم أو مد ولاية المحكمة التأديبية المنصوص عليها فى المادة الخامسة منه الى من يترك العمل منهم قبل احالته الى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث أنه لذلك فان الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه بقضائه بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى التأديبية التى أقيمت ضد المطعون عليه بعد انفصام علاقته الوظيفية ببنك الاتحاد التجارى ويكون الطعن غير قائم على أساس مما يتعين معه رفضه والزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الحكومة المصروفات.