مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 259

(30)
جلسة 2 من يناير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة على محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1298 لسنة 7 القضائية

موظف. "تعيين". قرار ادارى. سحب القرار الادارى. تخلف شرط من شروط صحته - امتناع سحبه بعد فوات ميعاد الستين يوما وصيرورته حصينا من الرجوع فيه.
أن قصارى ما يمكن أن يترتب على تخلف شرط اللياقة الطبية قبل التعيين هو فقدان قرار تعيين المدعى لشرط من شروط صحته وصدوره من ثم مخالفا القانون مما يجعله قابلا للالغاء أو السحب بحسب الأحوال فى الميعاد القانونى ومدته ستون يوما من تاريخ صدوره فاذا انقضى هذا الميعاد دون أن تسحبه الادارة فانه يصبح حصينا من أمر الرجوع فيه من جانب مصدره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 57 لسنة 7 ق. أمام المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 13/ 2/ 1960 وذكر فيها أنه بتاريخ 24/ 1/ 1959 صدر القرار رقم 438 من الجامع الأزهر بسحب القرار الصادر فى 1/ 1/ 1955 فيما تضمنه من تعيينه على الدرجة الثامنة بالكادر الفنى المتوسط ولما كان هذا التصرف مخالفا للقانون لما هو معروف أنه لا يجوز سحب القرار الادارى ولو كان مشوبا الا خلال ستين يوما من تاريخ صدوره بحيث اذا انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة تعصمه من الالغاء أو التعديل فقد أقام هذه الدعوى طالبا الغاء القرار الصادر به وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام المدعى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد دفع الجامع الأزهر بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونا وفى الموضوع أوضح أنه كان قد صدر القرار رقم 3 لسنة 1955 متضمنا تعيين المدعى مدرسا بالدرجة الثامنة بالكادر الفنى المتوسط نقلا من بند المعاهد الحرة، وقد تبين فيما بعد أن المدعى لم يوقع عليه الكشف الطبى قبل تعيينه، ولما كان النجاح فى الكشف الطبى شرطا لازما للتعيين فقد صدر القرار المطعون فيه رقم 438 فى 24/ 1/ 1959 متضمنا سحب قرار تعيين المدعى رقم 3 لسنة 1955 آنف الذكر وأعادته كما كان على بند اعانة المعاهد الحرة وذلك تأسيسا على أن شرط اللياقة الطبية هو من الشروط الجوهرية التى يترتب على اغفالها اعتبار قرار التعيين منعدما، مما يسمح للادارة بسحبه فى أى وقت دون التقيد بمواعيد السحب ويكون القرار الصادر بسحب قرار تعيين المدعى فى الدرجة الثامنة قد صدر والحالة هذه سليما لا وجه للطعن عليه وانتهى الجامع الأزهر من ذلك الى طلب رفض الدعوى وبجلسة 4/ 10/ 1960 أصدرت المحكمة الادارية حكمها فى الدعوى قاضيا أولا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلا: ثانيا: برفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات وقد أقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع على ما استبان لها من أن القرار المطعون فيه صدر فى 24/ 1/ 1959 وتظلم منه المدعى فى 25/ 3/ 1959 ولما لم تجبه الادارة الى تظلمه قدم طلبا لاعفائه من رسم الدعوى الحالية فى 25/ 7/ 1959 وقد كان اليوم الستين بعد انقضاء الستين يوما على تقديم تظلمه أى بعد فوات المدة التى يعتبر أنقضاؤها بمثابة رفض ضمنى - قد وافق اجازة عيد 23 يوليو ووافق اليوم التالى لذلك اليوم يوم جمعة ويمتد الميعاد الى يوم السبت التالى الذى أودع فيه طلب معافاته من الرسوم، وبعد أن صدر القرار باعفائه من الرسوم فى 16/ 12/ 1959 أقام دعواه فى 13/ 2/ 1960 أى خلال ستين يوما من تاريخ صدور قرار الاعفاء ومن ثم يكون المدعى قد أقام دعواه فى الميعاد القانونى ويكون دفع الجامع الأزهر بعدم قبولها بعد الميعاد بهذه المثابة فى غير محله متعين الرفض، وأسست المحكمة قضاءها برفض الدعوى على أن مخالفة شروط اللياقة الطبية وهو من الشروط التى تتقيد فيها سلطة الادارة بما نص عليه القانون، ويجعل القرار منعدما ويجوز للادارة بالتالى سحبه فى أى وقت لأنه صدر عن سلطة مقيدة ولما كان الثابت أن المدعى لم تثبت لياقته الصحية فان القرار الصادر من الجامع الأزهر بسحب قرار تعيينه يكون قد صدر مطابقا للقانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون مستوجب الرفض مع الزام المدعى بالمصروفات وقد طعن المدعى فى هذا الحكم وأقام طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين قرر كقاعدة عامة اجازة سحب القرارات الادارية الصادرة عن سلطة مقيدة فى أى وقت متى كانت مخالفة للقانون كما أخطأ فى اعتبار قرار التعيين من قبيل القرارات الصادرة عن سلطة مقيدة بصفة مطلقة وبالنسبة لشروط التعيين كافة وذلك انه ما من قرار ادارى الا ويصدر عن سلطة مقيدة فى بعض جوانبها وتقديرية فى جانب آخر أو أكثر وكل ما تختلف فيه القرارات الادارية هو مدى هذه السلطة وأنما الرأى القانونى الصحيح هو الذى يحصر سلطة السحب الخطيرة فى الحالات التى تنعدم فيها كليه سلطة الادارة فى اصدار القرار الادارى أو فى تقدير أى عنصر لأن القانون فى هذه الحالة هو الذى يفرض المركز القانونى سلفا فتكون مهمة الادارة فى هذا الشأن تنفيذية محضة والحال بالنسبة لقرارات التعيين ليست كذلك أبدا والأخذ بمذهب الحكم المطعون فيه سيترتب عليه نتيجة مؤداها أن تندرج جميع القرارات الادارية فى طائفة القرارات التى تصدر عن سلطة مقيدة مع أن العكس هو الصحيح، ثم أنه سيترتب على هذا المذهب اباحة سحب جميع القرارات الادارية فى أى وقت متى خالفت القانون فى أى وجه من وجوهه فى حين أن استقرار المراكز القانونية ولو تولدت عن قرارات خالفت القانون أصل من الأصول الراسخة فى القانون الادارى لا يقل فى أهميته.... وخطورته عن وجوب نزول جهة الادارة على حكم القانون ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن فى الأحكام أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث أن قصارى ما يمكن أن يترتب على تخلف شروط اللياقة الطبية قبل التعيين هو فقدان قرار تعيين المدعى لشرط من شروط صحته وصدوره من ثم مخالفا القانون مما يجعله قابلا للالغاء أو السحب بحسب الأحوال فى الميعاد القانونى ومدته ستون يوما من تاريخ صدوره، فاذا انقضى هذا الميعاد دون أن تسحبه الادارة فانه يصبح حصينا من أمر الرجوع فيه من جانب مصدره واذا كان الثابت أن فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر ورغم تحصن القرار الصادر من سيادته بتاريخ 1/ 1/ 1955 بتعيين المدعى على الدرجة الثامنة بفوات مواعيد السحب قد أصدر قرارا فى 24/ 1/ 1959 بسحب قرار التعيين بعد مضى أكثر من أربع سنوات على صدوره، فان قرار السحب المشار اليه يقع والحالة هذه مخالفا للقانون ويكون طلب المدعى الغاء هذا القرار قائما على أساس سليم من القانون متعينا اجابته اليه واذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا فانه يكون قد خالف القانون ويتعيين لذلك الغاؤه والقضاء بالغاء القرار المطعون فيه والزام المدعى عليه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار المطعون فيه مع الزام الجامع الأزهر بالمصروفات.