مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 316

(39)
جلسة 15 من يناير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عادل عزيز وحسنين رفعت وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1167 لسنة 7 القضائية

( أ ) عمد ومشايخ. "كشوف المرشحين". القانون رقم 106 لسنة 1957 - قسم عملية تعيين الشيخ الى مرحلتين أساسيتين - أولاهما اعداد كشوف الجائز ترشيحهم والطعن فيها أمام لجنة الطعون - الكشوف نهائية بالفصل فى الطعون أو فوات ميعاد الطعن دون طعن- المرحلة الثانية هى الترشيح والانتخاب ثم التعيين وأخيرا اعتماد التعيين من وزير الداخلية.
(ب) قرار ادارى. "انعدام القرار الادارى". عمد ومشايخ. كشف الجائز ترشيحهم للشياخة - شموله للمطعون على تعيينه رغم فقدانه شرط النصاب المالى - لا ينزل الكشف منزلة القرار المعدوم ما دام أن المطعون عليه لم يكن فاقد النصاب اطلاقا وانما كان قد قام خلاف حول تقدير ما يملكه.
1 - أن القانون رقم 106 لسنة 1957 الذى كان ساريا وقت خلو الشياخة المنوه عنها بعد أن نص فى المادة 3 منه على الشروط الواجب توافرها فيمن يعين شيخا ومنها النصاب المالى - نص فى المادة 4 على أنه "عند خلو وظيفة الشيخ يحرر المركز كشفا بأسماء من تتوافر فيهم الشروط الواردة فى المادة الثالثة. واذا كان عدد المقيدين بهذا الكشف أقل من خمسة أكمل عددهم ممن يلونهم فى ملكية النصاب". ثم نص فى المادة 5 على عرض مستخرج من هذا الكشف لمدة عشرة أيام وأنه "لكل من أهمل قيد اسمه بدون وجه حق أن يطلب قيده فيه، ولكل من كان اسمه مقيدا بالكشف أن يطلب حذف اسم من قيد اسمه بغير وجه حق. وتقدم الطلبات بذلك كتابة الى مأمور المركز خلال مدة العرض والعشرة أيام التالية لها" ونص فى المادة 6 على تشكيل لجنة للفصل فى هذه الطلبات وتكون قرارات هذه اللجنة نهائية وتبلغ للمركز لتنفيذها. ثم نص فى المواد التالية على اجراءات الترشيح والانتخابات والتعيين وأخيرا اعتماد هذا التعيين من السيد وزير الداخلية.
ويبين من هذه النصوص - كما قالت المحكمة الادارية فى حكمها المطعون فيه، وبحق أن المشرع قد قسم عملية تعيين الشيخ الى مرحلتين أساسيتين أولهما اعداد كشوف الحائز ترشيحهم والطعن فيها أمام لجنة الطعون المنصوص على تشكيلها بالمادة 6 سالفة الذكر. ونص على اعتبار هذه الكشوف نهائية بالفصل فى الطعون أو بفوات ميعاد الطعن اذا لم تقدم طعون، والمرحلة الثانية هى عملية الترشيح والانتخابات ثم التعيين بمعرفة لجنة العمد والمشايخ وأخيرا اعتماد التعيين من السيد وزير الداخلية.
2 - لا صحة فيما ذهب اليه الطاعن فى صحيفة طعنه - من أن كشف ترشيحهم الذى حرره المركز كان معيبا بعيب جسيم، هو فقدان شرط النصاب المالى المطعون على تعيينه - لا صحة فى ذلك لأن المطعون على تعيينه لم يكن معدوم النصاب اطلاقا بمعنى أنه كان لا يملك أطيانا بالبلدة بل الثابت أنه يمتلك بها أرضا زراعية وفقط قام الخلاف حول تقدير ما يملكه فيما يتعلق بتحديد النصاب المالى المتطلب للترشيح لوظيفة الشياخة فقد قامت جهة الادارة ابتداء بادراج اسمه فى كشف الجائز ترشيحهم مما قد يستشف معه اطمئنانها الى امتلاكه المقدر الذى قيد به. ويؤكد هذا المعنى تقديم الشكوى الأولى ضده ثم قيام الادارة بتحقيقها والانتهاء منها الى ثبوت عدم صحتها - الأمر الذى رأت الوزارة معه اصدار قرارها باعتماد تعيينه فى 5 من أبريل سنة 1959 - وأن تقديم الشكوى من المدعى بعد هذا التعيين والانتهاء من بحثها الى أن المطعون فى تعيينه يملك أقل من المقدار المقيد به أمر لا يمكن أن ينزل الكشف منزلة القرار المعدوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن الطاعن السيد/ المنشاوى يوسف رجب أقام الدعوى رقم 263 لسنة 6 قضائية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل فى 2 سبتمبر سنة 1959 ضد وزارة الداخلية طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر فى 26 من أبريل سنة 1959 باعتماد قرار لجنة الشياخات بتعيين السيد/ عبد الغفار عبد الرسول عبد الغفار شيخا لناحية زاوية فريج مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام وزارة الداخلية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة... وقال - شرحا لدعواه - أنه خلت احدى شياخات ناحية زاوية فريج بوفاة شاغلها وقد شرع المركز فى اعداد كشف المرشحين متضمنا خمسة أسماء من بينهم المدعى وعبد الغفار عبد الرسول وقيد هذا الأخير على أنه يمتلك 1 فدان، 23 قيراط و 19 سهما وذلك على خلاف الحقيقة اذ أنه لا يمتلك سوى 23 قيراطا فقط... وعند عرض كشف الترشيح تقدم باعتراض طالبا حذف اسم المذكور منه. وفى يوم 10 من ديسمبر سنة 1958 المحدد لاجراء الانتخاب فوجئ بأن اسم ذلك الشخص لازال مدرجا بالكشف فتظلم من ذلك تلغرافيا لوزارة الداخلية كما احتج ثلاثة مرشحون ولم يحضروا عملية الانتخاب التى انتهت بفوز عبد الغفار عبد الرسول. وبجلسة 27 من يناير سنة 1959 قررت لجنة العمد والمشايخ تعيينه لأنه حائز على الأغلبية.... وعند عرض أمر التصديق على هذا القرار على السيد وزير الداخلية تبين وجود شكاوى تتضمن بطلان ادراج اسم المذكور فى كشف الترشيح - من بينها شكوى شقيق المدعى - وقد أحيلت هذه الشكاوى على المديرية للتحقيق ولكن المحقق ضرب بما جاء بأقوال الشهود والمستندات المقدمة اليه عرض الحائط مقررا أن المشكو يضع يده على المساحة المدرجة قرين اسمه ولما كان هو الحائز على الأغلبية فانه يرى تعيينه وبناء على ذلك صدر القرار المطعون فيه فى 25 من أبريل سنة 1959 باعتماد القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ باعتماد تعيين السيد/ عبد الغفار عبد الرسول شيخا للناحية المشار اليها. وختم المدعى عريضة دعواه بأنه تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 7 من مايو سنة 1959 ولما لم ترد الوزارة على تظلمه أقام هذه الدعوى.... وقد قدمت وزارة الداخلية أوراق تعيين المطعون عليه.. ثم قدم السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا انتهى فيه الى أنه يرى الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات... وقدم المدعى حافظة مستندات ومذكرة ردد فيها ما جاء بصحيفة الدعوى وعقب على ما جاء بتقرير السيد المفوض - من أنه لم تقدم طعون فى كشف الترشيح - بأنه قد قدم طعونا وشكاوى يؤيد ذلك ما ورد بالتحقيقات المرفقة بملفات الوزارة التى قدمت الوزارة بعضها ولم تقدم البعض الأخر.... ثم قدم مذكرة أخرى ردد فيها ما جاء بمذكرته السابقة وأضاف اليه أن المطعون عليه استعمل الغش فى البيان الذى قدمه عن ممتلكاته وأن الغش يفسد كل شىء وأنه لذلك لو سلم جدلا بعدم تقديم طعون فى المدة القانونية فان له الحق فى الطعن فى القرار الصادر بالتعيين لأنه بنى على أساس كشف مرشحين وقع باطلا....... وبجلسة 14 من يونيو سنة 1960 قضت المحكمة الادارية بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات. وأقامت قضاءها على أن المشرع فى القانون رقم 106 لسنة 1957 - فى شأن العمد والمشايخ - قسم عملية تعيين الشيخ الى مرحلتين أساسيتين أولهما أعداد كشف الجائز ترشيحهم والطعن فيها أمام لجنة الطعون. والثانية عملية الانتخاب وما يتبعها من تقرير لجنة العمد والمشايخ بتعيين الشيخ حائز الأغلبية وتصديق السيد وزير الداخلية على هذا القرار وكل من هاتين المرحلتين مستقلة عن الأخرى وقد حدد المشرع لكل مرحلة منهما مجالها ورسم الاجراءات الخاصة بها والحد الذى تنتهى عنده. فبالنسبة لمرحلة الكشوف جعل مداها صيرورتها نهائية بالفصل فى الطعون التى تقدم فيها أو بفوات مواعيد الطعن اذا لم تقدم طعون. وأن الحق فى الطعن فيها مقصور على المقيدين بها دون سواهم فاذا ما فاتت الفرصة على من كان مقيدا بها بالطعن على غيره أمام لجنة الطعون فليس له أن يلجأ الى الطعن فى هذه الكشوف بادئ ذى بدء أمام القضاء الادارى أو أن يتخذ من الطعن فى القرار الصادر بالتعيين فى وظيفة الشيخ وسيلة للطعن فى هذه الكشوف - والتى أصبحت نهائية لعدم الطعن فيها - ثم قالت المحكمة أنه لم يثبت من الأوراق أن المدعى قد تقدم بطعن فى كشوف الترشيح الخاصة بهذه الشياخة فى فترة عرضها من 12 من يوليو سنة 1957 الى 22 من ذات الشهر فيكون قد فوت على نفسه فرصة الطعن وبالتالى فقد أصبح كشف المرشحين نهائيا ومن ثم فلا يجوز له معاودة الطعن فيه من جديد متذرعا بالطعن فى القرار المطعون فيه تأسيسا على عدم توافر النصاب المالى بالنسبة للمطعون عليه لأن فى ذلك اهدارا للغاية من النصوص القانونية التى حددت اجراءات ومواعيد الطعن فى كشف الترشيح باعتباره قرارا اداريا نهائيا تنتهى به المرحلة الأولى من مراحل التعيين فى وظيفة الشيخ.... وبصحيفة أودعت سكرتيرية هذه المحكمة فى 7 من مايو سنة 1961 طعن المدعى فى هذا الحكم طالبا الغاءه والحكم بالغاء القرار الصادر فى 26 من أبريل سنة 1959 باعتماد قرار لجنة الشياخات بتعيين عبد الغفار عبد الرسول شيخا لناحية زاوية فريج مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المطعون عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون حين قضى بأن عملية تعيين الشيخ تنقسم الى مرحلتين أساسيتين مستقلة كل منهما عن الأخرى ذلك أن لعملية التعيين غرضا نهائيا هو تقلد الشيخ الذى تتوافر فيه الشروط القانونية المنصب العمومى وهذه العملية لا تبلغ غايتها الا بصدور القرار النهائى بالتعيين وبذلك يكون من المحتم أن يستهدف هذا القرار لأسباب الطعن كلها التى تكون قد شابته فى أية مرحلة من مراحل تكوينه لأن وجوده لا يكتمل الا بصدور قرار التعيين ووقتئذ يجوز الطعن فيه. فضلا عن أن توافر النصاب المالى مسألة جوهرية لا ينعقد أى قرار بدونها، ومن ثم فان العيب الذى يشوب القرار فى هذه المرحلة من الجسامة بحيث يعدم القرار فيجوز الطعن فيه فى كل وقت ويستطيع كل شخص أن يطعن فيه حتى ولو لم يكن اسمه مدرجا فى الكشوف. وأن هذه النتائج تكون أوجب فى الاتباع اذا كان المرشح قد استخدم وسائل الغش فخدع الحكومة وأوهمها أنه يملك النصاب فى حين أنه لا يملكه ولا يتصور أن يستفيد شخص من غشه وتدليسه. فضلا عن أن النتيجة التى وصل اليها الحكم المطعون فيه نتيجة خطيرة مؤداها أن فوات الطعن فى كشف المرشحين يترتب عليه اعتبار الأشخاص الذين تخلفت فيهم شروط النصاب المالى قد تحققت فيهم هذه الشروط وهو ما يعنى أن وزارة الداخلية نفسها لا تستطيع أن تسحب مثل هذا القرار وهى نتيجة غير مقبولة ولا تتفق مع حكم القانون الصحيح... وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا أيدت فيه الطاعن فى طلباته وأستندت فى ذلك الى أنه - وأن كانت عملية تعيين الشيخ تمر بمرحلتين تنتهى الأولى منها بصدوره كشوف المرشحين نهائية - الا أن فوات مواعيد الطعن فى هذه الكشوف دون أن يطعن فيها أمام القضاء الادارى لا يسبغ عليها المشروعية ولا يطهرها من العيوب التى شابتها. لأن الطعن فى قرار تعيين الشيخ أمام المحكمة يثير التساوى من مدى توافر الشروط اللازمة للتعيين فى وظيفة الشياخة بالنسبة الى المطعون فى تعيينه... ثم قدمت الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه والزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستندت فى ذلك الى الأسباب التى استند اليها الحكم المذكور وأضافت اليها أن الفقه والقضاء قد استقرا على أن كشوف الترشيح قرارات ادارية ومن ثم فان صيرورتها نهائية بعدم الطعن عليها يمنع الادارة من أن تسحبها أو تعدلها لتعلق حق الغير بها واستطردت الحكومة قائلة أن القانون رقم 59 لسنة 1964 الذى حل محل القانون رقم 106 لسنة 1957 قد عدل فى شرط النصاب المالى فى المادة الثالثة منه مكتفيا بالنص على أن يكون المرشح حائزا لأرض زراعية فى القرية أيا كانت مساحتها وسواء أكانت هذه الحيازة عن طريق الملكية أو الايجار وبذلك تكون دعوى الطاعن التى تقوم على أساس أن المطعون فى تعيينه لا يملك سوى 23 قيراطا قد فقدت الأساس القانونى الذى تستند اليه على فرض صحة دفاع الطاعن.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه خلت فى 15 من مارس سنة 1958 احدى شياخات ناحية زاوية فريج مركز كوم حمادة مديرية البحيرة بوفاة شاغلها فقام المركز - تنفيذا لقانون العمد والمشايخ رقم 106 لسنة 1957 الذى كان ساريا حينذاك - بتحرير كشف بأسماء الجائز ترشيحهم لهذه الشياخة ضم عبد الغفار عبد الرسول (المطعون فى تعيينه) والمنشاوى يوسف رجب (المدعى) وثلاثة آخرين وتضمن الكشف النصاب المالى لكل مرشح وجاء به أن عبد الغفار عبد الرسول يملك 1 فدان و 22 قيراط و 19 سهما يدفع عنها أموالا أميرية مقدارها 7 جنيهات و 248 مليما. وقد عرض هذا الكشف لمدة عشرة أيام من 12 يوليه سنة 1958 فقدم المدعو سيد أحمد يوسف رجب، وهو أخ المدعى، شكوى بأن المدرجين بالكشف ومنهم المطعون فى تعيينه لا يتوافر فيهم شرط النصاب وطلب ادراج أسماء أشخاص آخرين وقد بحثت جهة الادارة هذه الشكوى وحررت بشأنها مذكرة مؤرخة فى 27 من يولية سنة 1958 جاء بها أن المدرجين بالكشف هم أليق أهل الحصة الخالية وأنهم من عائلة الشيخ المتوفى وأن من طلب الشاكى ادراج أسمهم ليسوا من أفراد تلك الحصة فضلا أن الشاكى نفسه ليس مدرجا بالكشف ووافقت المديرية لذلك على حفظها. ولما لم يتقدم أحد بطلب لادراج اسمه فى الكشف فى المدة القانونية حدد يوم 10 من ديسمبر سنة 1958 موعدا لاجراء عملية الانتخاب وأسفرت النتيجة عن فوز عبد الغفار عبد الرسول اذ حصل على 74 صوتا وحصل المدعى على 16 صوتا من مجموع أصوات الناخبين الحاضرين وعددهم 90 صوتا. ثم تقدم المدعى وأخوه سيد أحمد بعدة شكاوى فى عملية الانتخاب وافقت المديرية على حفظها لما تبين لها من أن عملية الانتخاب تمت صحيحة. وبجلسة 27 من يناير سنة 1959 قررت لجنة العمد والمشايخ تعيين حائز الأغلبية شيخا لهذه الحصة باجماع الآراء فقدم المدعى شكاوى أخرى كان مآلها الحفظ كسابقتها واعتمدت الوزارة تعيين الشيخ المذكور فى 25 من أبريل سنة 1959 فتظلم ولما لم يبت فى تظلمه رفع هذه الدعوى... وقد قام ببحث التظلم السيد مفتش التحقيقات وانتهى فى مذكرته المؤرخة 14 من أكتوبر سنة 1959 الى أن ما يملكه المطعون فى تعيينه هو 22 قيراطا و 19 سهما. وأن هناك شخصين بالحصة يملكان أكثر منه... وبعرض الموضوع على ادارة الفتوى والتشريع بوزارة الداخلية لابداء الرأى فى فصله باعتباره فاقدا لشرط النصاب المالى رأت فى 5 من يناير سنة 1960 أن الأوضاع الادارية السليمة تقتضى عدم زعزعة المراكز وبالتالى ابقاء المطعون فيه تعيينه فى وظيفته الى أن يأتى جديد يغير من مركزه ولا سيما أن هناك دعوى مرفوعة يمكن للادارة أن تتريث حتى يفصل فيها.
ومن حيث ان القانون رقم 106 لسنة 1957 الذى كان ساريا وقت خلو الشياخة المنوه عنها بعد أن نص فى المادة 3 منه على الشروط الواجب توافرها فيمن يعين شيخا - ومنها النصاب المالى - نص فى المادة 4 على أنه عند خلو وظيفة الشيخ يحرر المركز كشفا بأسماء من تتوافر فيهم الشروط الواردة فى المادة الثالثة. واذا كان عدد المقيدين بهذا الكشف أقل من خمسة أكمل عددهم ممن يلونهم فى ملكية النصاب.. ثم نص فى المادة 5 على عرض مستخرج من هذا الكشف لمدة عشرة أيام وأنه "لكل من أهمل قيد اسمه بدون وجه حق أن يطلب قيده فيه، ولكل من كان اسمه مقيدا بالكشف أن يطلب حذف اسم من قيد اسمه بغير وجه حق. وتقدم الطلبات بذلك كتابة الى مأمور المركز خلال مدة العرض والعشرة أيام التالية لها" ونص فى المادة 6 على تشكيل لجنة للفصل فى هذه الطلبات وتكون قرارات هذه اللجنة نهائية وتبلغ للمركز لتنفيذها. ثم نص فى المواد التالية على اجراءات الترشيح والانتخابات والتعيين وأخيرا اعتماد هذا التعيين من السيد وزير الداخلية.... ويبين من هذه النصوص - كما قالت المحكمة الادارية فى حكمها المطعون فيه، وبحق، - أن المشرع قد قسم عملية تعيين الشيخ الى مرحلتين أساسيتين أولاهما إعداد كشوف الحائز ترشيحهم والطعن فيها أمام لجنة الطعون المنصوص على تشكيلها بالمادة 6 سالفة الذكر. ونص على اعتبار هذه الكشوف نهائية بالفصل فى الطعون أو بفوات ميعاد الطعن اذا لم تقدم طعون.. والمرحلة الثانية هى عملية الترشيح والانتخاب ثم التعيين بمعرفة لجنة العمد والمشايخ وأخيرا اعتماد التعيين من السيد وزير الداخلية.
ومن حيث أن اسم المدعى كان مقيدا بكشف الجائز ترشيحهم للشياخة موضوع الدعوى فكان يتعين عليه أن يطعن ابتداء فى كشف الجائز ترشيحهم الذى حرره المركز أمام لجنة الطعون فى المدة المنصوص عليها فى المادة 5 من القانون المذكور طالبا حذف اسم المطعون على تعيينه من ذلك الكشف على أساس أن اسمه قد قيد بغير وجه حق باعتباره فاقدا لشرط النصاب المالى وكان له بعد ذلك أن يطعن أمام المحكمة الادارية فى القرار الذى تصدره تلك اللجنة وأما أنه قد فوت طريق التظلم الادارى فلم يطعن فى الكشف أمام لجنة الطعون فان دعواه لدى المحكمة الادارية تكون على غير أساس سليم من القانون... ولا اعتداد بالشكوى التى قدمها أخ المدعى أولا لأن هذا الأخ غير مقيد فى كشف الجائز ترشيحهم كما أنه لم يدع فيها أن اسمه قد أهمل قيده فيه بدون وجه حق والطعن طبقا لصريح نص المادة 5 سالفة الذكر مقصور على من أهمل قيد اسمه بدون وجه حق أو كان اسمه مقيدا بالكشف المذكور.
ومن حيث أنه لا صحة فيما ذهب اليه الطاعن فى صحيفة طعنه - من أن كشف الجائز ترشيحهم الذى حرره المركز كان معيبا بعيب جسيم، هو فقدان شرط النصاب المالى المطعون على تعيينه - لا صحة فى ذلك لأن المطعون على تعيينه لم يكن معدوم النصاب اطلاقا بمعنى أنه كان لا يملك أطيانا بالبلدة بل الثابت أنه يمتلك بها أرضا زراعية وفقط قام الخلاف حول تقدير ما يملكه فيما يتعلق بتحديد النصاب المالى المتطلب للترشيح لوظيفة الشياخة فقد قامت جهة الادارة ابتداء بادراج اسمه فى كشف الجائز ترشيحهم مما قد يستشف معه اطمئنانها الى امتلاكه للقدر الذى قيد به. ويؤكد هذا المعنى تقديم الشكوى الأولى ضده ثم قيام الادارة بتحقيقها والانتهاء منها الى ثبوت عدم صحتها - الأمر الذى رأت الوزارة معه اصدار قرارها باعتماد تعيينه فى 5 من إبريل سنة 1959 - وأن تقديم الشكوى من المدعى بعد هذا التعيين والانتهاء من بحثها الى أن المطعون فى تعيينه يملك أقل من المقدار المقيد به أمر لا يمكن أن ينزل الكشف منزلة القرار المعدوم.
ومن حيث أنه لما تقدم تكون دعوى المدعى غير قائمة على أساس سليم من القانون واذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى برفضها فانه يكون قد أصاب وجه الحق فى قضائه، ومن ثم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض مع الزام الطاعن المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.