مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 378

(45)
جلسة 30 من يناير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية كل من السادة الأساتذة: الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 170 لسنة 8 القضائية

( أ ) - حكم "حجية". تعويض. السبب الذى قامت عليه نتيجة الحكم يحوز قوة الشىء المحكوم فيه كالمنطوق ذاته - لا وجه للعودة لبحث مسئولية جهة الادارة عن التعويض بعد أن هدم هذا الحكم رابطة السببية بين حساب مدة الخدمة السابقة واستحقاق المدعى لما يطلبه من ترقيات.
(ب) - تقادم. "انقطاعه" اعتبار التظلم الادارى قاطعا للتقادم المسقط - من القواعد التى استحدثها القضاء الادارى بعد انشاء مجلس الدولة - لا يجوز إعمال هذه القاعدة فى مجال زمنى لم تختص به القضاء الادارى اطلاقا - انقطاع التقادم المسقط فى ظل القانون المدنى القديم - لا يقع الا برفع الدعوى أو بورقة يتوافر فيها معنى الطلب الواقع فعلا للمحكمة الجازم بالحق الذى يراد اقتضاؤه - ليس من ذلك الطلب المقدم للجنة المساعدة القضائية للاعفاء من الرسوم.
1 - أن الحكم الصادر من المحكمة الادارية فى 16 من فبراير سنة 1958 قد نفى قيام علاقة السببية المباشرة بين حساب مدة خدمة المدعى فى مجلس مديرية أسوان فى أقدمية الدرجة الثامنة وبين استحقاق المدعى لما يطلبه من ترقيات وما يترتب على هذه الترقيات من آثار وعلى هذا الأساس أقام قضاءه برفض دعوى التسوية وبهذه المثابة يحوز السبب الذى قامت عليه نتيجة الحكم قوة الشىء المحكوم فيه كالمنطوق ذاته ومن ثم فليس صحيحا ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن الحكم المذكور لا يلقى أى ظل على طلب التعويض فان أساس الحكم المشار اليه انما ينفى قيام علاقة السببية المباشرة بين الخطأ والضرر فهو مرتبط بطلب التعويض ارتباط العلة بالمعلول ولا يكون ثمة محل لبحث مسئولية جهة الادارة عن التعويض بعد أن هدم الحكم سالف الذكر الركن الركين لهذه المسئولية وقد حاز ذلك الحكم بعدم الطعن فيه فى الميعاد قوة الشىء المقضى به وتحصنت جميع الآثار المترتبة عليه.
2 - أنه وقد اكتملت مدة التقادم المسقط لحق المدعى فى التعويض قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1946 الخاص بانشاء مجلس الدولة فلا يكون ثمة وجه للتمسك بأن هذه المدة قد قطعها توالى التظلمات الادارية من المدعى واذ كان اعتبار التظلم الادارى قاطعا للتقادم المسقط قاعدة قانونية استحدثها القضاء الادارى بعد انشاء مجلس الدولة فلا يجوز أعمال هذه القاعدة فى مجال زمنى لم يختص به القضاء الادارى اطلاقا بل كانت فيه السيادة كاملة لأحكام القانون المدنى القديم وبحسب المفهوم من نص المادتين 82، 205 من ذات القانون لا يقطع التقادم المسقط الا رفع الدعوى أو بورقة يتوافر فيها مضى الطلب الواقع فعلا للمحكمة الجازم بالحق الذى يراد اقتضاؤه حتى الطلب المقدم للجنة المساعدة القضائية للاعفاء من الرسوم لم يكن يعتبر من الاجراءات القضائية التى تقطع التقادم لأنه لا يفيد معنى التكليف بالحضور أمام المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى وانما مجرد التماس بالاعفاء من الرسوم لا يقتضى الا استدعاء الخصم بالطريق الادارى للحضور أمام اللجنة لسماع أقواله فى طلب الاعفاء كما أن ليس فيه معنى التنبيه الرسمى اذ يشترط فى هذا التنبيه أن يكون على يد محضر وبناء على سند واجب التنفيذ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
ومن حيث انه وان كان أخر يوم فى ميعاد الطعن هو يوم 5 من يناير سنة 1962 الا أنه يوافق يوم الجمعة ومن ثم يمتد الميعاد الى اليوم التالى وهو اليوم الذى أودع فيه تقرير الطعن ويكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 582 لسنة 2 القضائية ضد وزارات الحربية والتربية والتعليم والمالية والاقتصاد بعريضة أودعت سكرتيرية المحكمة الادارية لوزارة الحربية فى 7 من مايو سنة 1955 ويخلص موضوع الدعوى مما ساقه المدعى فى العريضة والمذكرات المختلفة التى قدمها فى أنه عين فى 18 من يناير سنة 1921 كاتبا بمدرسة أسوان الصناعية التابعة لمجلس مديرية أسوان بالدرجة الثامنة مجالس (6 -12 جنيها) بمرتب شهرى قدره ستة جنيهات ثم بلغ مرتبه فى أول أبريل سنة 1926 ستة جنيهات ونصف وفى 31 من يوليو سنة 1927 صدر قرار من وزير المعارف بضم هذه المدرسة الى الوزارة اعتبارا من أول أغسطس سنة 1927 وبدلا من أن تضمه وزارة المعارف بحالته التى كان عليها اعتبرته معينا بعقد جديد حرف (ب) لمدة ستة شهور بمرتب شهرى قدره خمسة جنيهات ثم عدلت وضعه بأن عينته فى الدرجة (جـ) أى الثامنة بأول مربوطها وهو ستة جنيهات وبذلك ضيعت مدة خدمته السابقة بمجلس مديرية أسوان من 18 من يناير سنة 1921 التى كان يجب احتسابها فى أقدمية الدرجة (جـ) ولم تعدل مرتبه مخالفة بذلك التعليمات القائمة وقتذاك وهى منشور المالية رقم 34 لسنة 1925 ومنشور المالية رقم 18 لسنة 1926 وهى تقضى باحتساب مدة الخدمة السابقة فى بعض الهيئات ومنها مجالس المديريات اذا اتحد نوع العمل الذى كان يقوم به الموظف بتلك الهيئات مع العمل الذى نقل اليه بالحكومة وكان من مقتضى اتباع هذه القواعد أن تبلغ ماهيته فى الدرجة (جـ) عند نقله الى وزارة المعارف تسعة جنيهات على أساس تدرج ماهيته بالعلاوات المقررة فى كادر سنة 1921 خلال مدة خدمته المضمومة وكان يجب أيضا أن تطبق على حالته أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى سنة 1936 بضم مدارس مجالس المديريات الى وزارة المعارف بموظفيها وبحالاتهم دون توقيع الكشف الطبى عليهم ولكن حالته بقيت دون تسوية الى أن نقل لوزارة الحربية فى أول فبراير سنة 1940 ورقى فيها الى الدرجة السابعة فى سبتمبر سنة 1942 على اعتبار أن أقدميته فى الدرجة الثامنة تبدأ من أول أغسطس سنة 1927 وليس من 18 من يناير سنة 1921، وقد طلب من وزارة الحربية أن تحسب مدة خدمته بمجلس مديرية أسوان فى أقدمية الدرجة السابعة ولكن الوزارة المذكورة لم تستجب لهذا الطلب ولم تستعمل السلطة التى خولها مجلس الوزراء فى قراره الصادر فى 4 من أغسطس سنة 1943 للوزراء فى طلب ترقيات استثنائية للموظفين العموميين ولما صدر قرار مجلس الوزراء فى 5 من مارس سنة 1945 الخاص بطريقة معاملة الموظفين والمدرسين المنضمين للحكومة من مجالس المديريات ومساواتهم بزملائهم موظفى الحكومة فى الماهيات والدرجات طبقته عليه وزارة الحربية تطبيقا غير سليم بأن احتسبت مدة خدمته بمدرسة أسوان الصناعية فى أقدمية الدرجة الثامنة وعدلت مرتبه على هذا الأساس وأبقت أقدميته فى الدرجة السابعة على ماهى عليه فأصبح الفارق كبيرا بينه وبين زملائه الذين كانوا أصلا فى خدمة الحكومة أو الذين ضموا اليها من هيئات أخرى وهذا فضلا عن أن الوزارة المذكورة لم تطبق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 16 من أكتوبر سنة 1946 باعتماد كادر مجالس المديريات وتسوية حالة المنضمين منها الى الحكومة ثم رقى الى الدرجة السادسة فى 31 من يولية سنة 1950 تطبيقا لقواعد التيسير التى صدر بها قرار مجلس الوزراء فى 25 من يونيه سنة 1950 وعلى الرغم من تكرار طلباته لتسوية حالته على أساس مساواته بزملائه الذين يتفق معهم فى حالتهم وعلى الرغم من اقرار مراقبة مستخدمى الحكومة أحقيته فى الدرجة السادسة من 18 من يناير سنة 1933 قياسا على حالة موظف يدعى عبد الحميد المنوفى الا أن اللجنة المالية رفضت التسوية فى 7 من مارس سنة 1952 دون ابداء أسباب ولما أعاد الكرة قرر ديوان الموظفين أن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1952 لا تجيز هذه التسويات ومن ثم لجأ المدعى الى المحكمة الادارية بهذه الدعوى وقد انتهى فيها بعد أن قطعت عدة مراحل فى التحضير والمرافعة الى طلب الحكم باستحقاقه الترقية الى الدرجة السادسة فى 18 من يناير سنة 1933 والى الدرجة الخامسة فى 18 من يناير سنة 1939 استنادا الى قرار مجلس الوزراء الصادر فى 30 من يناير سنة 1944 الخاص بحساب مدد الخدمة السابقة فى الأقدمية والماهية وقراره الصادر فى 5 من مارس سنة 1945 بحساب مدد الخدمة بمدارس مجالس المدريات كاملة ثم الحكم باستحقاقه تطبيق قواعد تنسيق الدرجات الصادرة فى سنة 1947 وقواعد التيسير الصادرة فى سنة 1950 والمادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأجابت وزارة الحربية على الدعوى بأنها طبقت على المدعى قرار مجلس الوزراء الصادر فى 5 من مارس سنة 1945 بعد ترقيته الى الدرجة السابعة فأسفر ذلك عن تعديل أقدميته فى الدرجة الثامنة الى 18 من يناير سنة 1921 تاريخ التحاقه بخدمة مجلس مديرية أسوان وتعديل مرتبه تبعا لذلك وبعريضة تعديل طلبات معلنة الى وزارة التربية والتعليم فى 31 من أكتوبر سنة 1957 والى وزارة الحربية فى 2 من نوفمبر سنة 1957 والى وزارة المالية فى 3 من نوفمبر سنة 1957 طلب المدعى الحكم أصليا بتسوية حالته وفق ما طلبه فى عريضة افتتاح دعواه والمذكرات المعدلة واحتياطيا بالزام الوزارات الثلاث بدفع مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال فى هذه العريضة أن مع تصميمه على طلبه الأصلى الخاص بتسوية حالته يطالب احتياطيا بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت وذلك تأسيسا على ما يأتى 1 - مخالفة وزارة المعارف تعليمات المالية القائمة عند ضمه للحكومة فى أول أغسطس سنة 1927 وعدم نقله بحالته الى الوزارة وعدم أجابتها لتظلماته ب - اساءة اللجنة المالية وديوان الموظفين استعمال سلطتهما برفضهما اجراء تسوية حالته جـ - عدم قيام وزارة الحربية بتسوية حالته الى أن أحيل الى المعاش ثم قال أن أسس التعويض متوافرة من خطأ منسوب لجهة الادارة وضرر أصابه نتيجة تأخيره فى الترقيات وحرمانه من فرق لراتب والمعاش وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر وفى جلسة 16 من فبراير سنة 1958 قضت المحكمة الادارية برفض الدعوى والزام المدعى المصروفات واحالة طلب التعويض المؤقت الى مفوض الدولة لتهيئته وابقاء الفصل فى مصروفات هذا الطلب.
ومن حيث أن المدعى لم يقرر بالطعن فى الحكم المذكور وصرف همه الى متابعة طلب التعويض الذى أبقى الحكم المشار اليه الفصل فيه والذى دفعته وزارة التربية والتعليم بأن وزارة المالية هى التى كانت مختصة بتسوية شئون الموظفين وأنها كانت كتبت اليها عن حالة المدعى فى 25 من مايو سنة 1938 غير أنها رفضت تسوية حالته وأن ما كان لها أن تخالف رأى وزارة المالية ودفعته وزارة الحربية بأنها منحت المدعى كل ما يستحقه طبقا للتعليمات وأن حقه الذى يطالب عنه بالتعويض وهو عدم تطبيق التعليمات المقررة من جانب وزارة التربية والتعليم فى سنة 1927 قد سقط بالتقادم ودفعته وزارة الخزانة بطلب اخراجها من الدعوى بغير مصروفات لأن النزاع ينحصر بين المدعى من جهة وبين وزارتى لتربية والتعليم والحربية من جهة أخرى وأنه لا دخل لوزارة الخزانة فى شىء ورد المدعى على الدفع بالتقادم بأن الثابت من ملف خدمته أن تظلماته منذ 18 من أكتوبر سنة 1928 وكان تظلمه الأخير فى 22 من نوفمبر سنة 1952 ثم ظل فى منازعات قضائية حول مطلبه فى 8 من يناير سنة 1952 أمام اللجنة القضائية وأقام دعوى فى أول فبراير سنة 1955 أمام محكمة القضاء الادارى ثم أقام الدعوى الراهنة فى 7 من مايو سنة 1955 وأن لمستقر فى الفقه الادارى أن التظلم الى الجهة الادارية يقطع التقادم لأنه بمثابة رفع الدعوى بالمطالبة بالحق ثم بين المدعى فى جلسة المرافعة وفى مذكرة قدمها وجه الخطأ فى تصرف الادارة الذى يسائلها عنه بالتعويض فقال أن وزارة المعارف امتنعت عن تنفيذ تعليمات المالية عند نقله اليها فلم تحتسب أقدميته فى الدرجة الثامنة بعد النقل بل عاملته كموظف مستجد وأن هذا الامتناع هو قرار سلبى من جهة الادارة بالامتناع عن تنفيذ لوائح ادارية واجبة التطبيق فى حينها وهذا القرار السلبى بالامتناع عن ضم مدة الخدمة فى حينه يعتبر قرارا بالحرمان من الترقية مآلا. وطلب التعويض مؤسس على هذا القرار الادارى السلبى وأنه لذلك يدخل فى اختصاص المحكمة ثم قال أنه لا أثر للحكم الصادر برفض طلب التسوية على طلب التعويض لأن طلب التسوية كان يقوم على عدم تطبيق الادارة لقرارى مجلس الوزراء الصادرين فى 30 من يناير سنة 1944 و5 من مارس سنة 1945 وقواعد التنسيق وقواعد التيسير والمادة 40 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 على حين أن طلب التعويض مقصور على القرار السلبى بالامتناع عن تطبيق التعليمات المالية فور نقل المدعى لخدمة الحكومة وعقبت وزارة التربية والتعليم على ايضاحات المدعى فقالت أن القرار السلبى بالامتناع عن ضم مدة الخدمة لا يعتبر حرمانا من الترقية مآلا أو تخط فى الترقية اذ هو لا يؤثر فيها تلقائيا وأنه على فرض صحة فكرة المدعى فان مجلس الدولة لا يختص بالتعويض عن الضرر الناشئ عن هذا القرار السلبى لأنه نشأ سنة 1927 قبل انشاء مجلس الدولة فهذا القرار لا يختص المجلس بالغائه ومن ثم لا يختص بالتعويض عنه ومن ناحية الموضوع قالت الوزارة أن الضرر الناشئ عن عدم ضم مدة الخدمة غير قائم فى الواقع لأن مدة خدمة المدعى ضمت فعلا الى مدة خدمته التى بدأت سنة 1927 وأرجعت أقدميته فى الدرجة الثامنة الى سنة 1921 اذا كان ثمة ضرر لحقه نتيجة عدم ارجاع أقدميته فى الدرجتين السابعة والسادسة فانه ضرر لا يرتبط برابطة السببية مع خطأ الادارة الذى يزعمه المدعى اذ كان عليه أن يطعن بالالغاء فى قرارات الترقية لهاتين الدرجتين لأن ضم مدة الخدمة للدرجة الثامنة لا يستتبع بحكم الضرورة ارجاع الأقدمية فى الدرجات التالية الا عن طريق الطعن بالالغاء وأضافت الوزارة أن دعاوى التعويض تسقط بمضى 15 سنة والمدعى يطالب بتعويض عن حق نشأ من سنة 1927 ولم يتقدم بهذه الطالبة الى القضاء الا فى سنة 1957 فيكون الحق فى هذه المطالبة قد سقط بمضى المدة وانتهت الوزارة الى طلب الحكم أصليا بعدم الاختصاص بنظر الدعوى واحتياطيا برفض الدعوى موضوعا ومن قبيل الاحتياط الكلى الحكم بتقادم دعوى التعويض.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه الصادر فى طلب التعويض فى جلسة 6 من نوفمبر سنة 1961 قضى أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها ثانيا: باخراج وزارة الخزانة من الدعوى بلا مصروفات ثالثا: بالزام وزارتى الحربية والتربية والتعليم بأن تدفعا للمدعى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المناسبة ومقابل أتعاب المحاماة وأقام قضاءه فيما يتعلق بالاختصاص على أساس أن امتناع الادارة عن تطبيق تعليمات المالية على المدعى فور نقله الى وزارة المعارف فى 31 من يوليه سنة 1927 هو قرار سلبى ينطوى على الحرمان من الترقية مآلا ويختص القضاء الادارى بالفصل بطلب التعويض المترتب عليه وهذا القرار وأن كان صادرا قبل انشاء مجلس الدولة - الا أن طلبات التعويض السابقة على العمل بقانون مجلس الدولة يجوز للقضاء الادارى نظرها لأن الأمر فى شأنها لا يعدو أن يكون ترتيبا للاختصاص فى دعاوى الحق فيها مقرر من قبل ما دام لم يسقط هذا الحق طبقا للقواعد العامة أو المنصوص القانونية الخاصة وفيما يتعلق بالتقادم على أساس أن مدة التقادم بالنسبة للتعويض المذكور هى مدة التقادم المسقطة للمرتب وقدرها خمس سنوات وأن شكاوى المدعى وتظلماته ودعاواه قد أخذ بعضها بأعقاب بعض وهى تقوم مقام المطالبة القضائية فى قطع التقادم وفيما يتعلق بالموضوع على أساس أن الحكم الصادر برفض طلب التسوية لا يلقى أى ظل على طلب التعويض لاختلاف أساس الطلبين وان كان ينبغى أن ينقل المدعى الى وزارة التربية والتعليم عند ضم مدرسة أسوان الصناعية الى الوزارة بحالته التى كان عليها فى 31 من يوليه سنة 1927 فى مجلس مديرية أسوان وتعيينه فى الدرجة الثامنة واعتبار أقدميته راجعة الى 18 من يناير سنة 1921 طبقا لتعليمات المالية المعمول بها فى ذلك الوقت وأسوة بزملائه والتراخى فى تسوية حالته طبقا للتعليمات المالية والمشار اليها وفى ضم مدة خدمته السابقة فى مجلس المديرية الى أقدميته فى الدرجة الثامنة قد أثر فى ترقيته مآلا بتفويت فرص الترقية الى الدرجة السابعة وما يليها فى مواعيدها والترقية وأن كانت جوازية الا أن أصل الحق فيها لا ينشأ الا بتوافر الشرائط القانونية وتراخى الادارة أو امتناعها عن تطبيق التعليمات المالية على حالة المدعى حين نقله قد وقف حائلا بين المدعى وبين توفر الشرائط فيه وقت الترقية ومن ثم تكون الادارة قد صادرت أصل حقه فى الترقية.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن المدعى كان أمامه خمسة عشر عاما للمطالبة بالتعويض أمام القضاء العادى باعتباره جهة الاختصاص فى ذلك الحين منذ 31 من يوليه سنة 1927 حتى 16 من يناير سنة 1942 وبعد ذلك يسقط حقه بالتقادم ويصبح الأمر منطويا على مساس بحقوق مكتسبة وبحالة قانونية تمت وهى سقوط حق المطعون ضده بالتقادم منذ 16 من يناير سنة 1942 وقبل انشاء مجلس الدولة أما القاعدة التى استنبطها القضاء الادارى والمتضمنة قيام الشكاوى الى جهة الادارة مقام المطالبة القضائية فى قطع التقادم فهى تسرى على الحالات التى لم يكن قد تكامل فيها التقادم قبل السنة 1946 ولكنها لا يمكن بأى حال أن تمس الحقوق المكتسبة والمراكز القانونية التى ترتبت قبل انشاء المجلس وقبل ظهور هذه القاعدة فى الوجود ومن ناحية الموضوع فان المدعى لم يعين فى درجة أدنى من درجته السابقة ولا من الدرجة المقررة لمؤهله الدراسى وهو شهادة اتمام الدراسة الابتدائية وأنه من ثم لا وجه لافتراض ترقيته كل ست سنوات وألا وجه لنسبة الخطأ الى وزارة المعارف أما عن عدم ترقيته انصافا طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 4 من أغسطس سنة 1943 فيلاحظ أن الترقية طبقا لهذا القرار جوازية ولا وجه للالزام فيها.
ومن حيث أن مناط مسئولية الادارة عن القرارات الادارية التى تصدرها فى تسييرها للمرافق العامة هو قيام خطأ من جانبها وأن يلحق صاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث أن المحكمة الادارية كانت قد قضت كما سلف البيان فى 16 من فبراير سنة 1958 فى طلب التسوية برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أن وزارة المعارف لم تعين المدعى فى درجة أدنى من درجته السابقة فى مجلس مديرية أسوان ولا أدنى من الدرجة المقررة لمؤهله الدراسى هو شهادة اتمام الدراسة الابتدائية وأنه لذلك لا وجه لافتراض ترقيته كل ست سنوات خلال المدة المحسوبة فى اقدميته من 18 من يناير سنة 1921 الى 31 من يوليه سنة 1927 وهذا فضلا على أن لا أساس أصلا لما يقول به المدعى من افتراض الترقية كل ست سنوات خلال مدة خدمته السابقة على 30 من يناير سنة 1944 تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء الذى يستند اليه سواء ما قضاه منها بخدمة مجلس المديرية أم بخدمة الحكومة وأن وزارة الحربية قد طبقت عليه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 5 من مارس سنة 1945 الخاص بحساب مدد الخدمة السابقة لموظفى مدارس مجالس المديريات فى الأقدمية وحساب الماهية عند ألحاقهم بالحكومة فضمت مدة خدمته بمدرسة أسوان الصناعية الى أقدميته فى الدرجة الثامنة فأرجعت أقدميته فيها من 18 من يناير سنة 1921 وعدلت ماهيته تبعا لذلك طبقا لفئات كادر سنة 1921 وأنه لا وجه لاستناد المدعى فيما يطالب به الى قرار مجلس الوزراء المذكور اذ أن هذا القرار أحال فى طريقة حساب مدد الخدمة وما تنتجه من آثار على القواعد العامة ولم يأت بأى نص خاص يساند المدعى فى طلباته وأنه لذلك يكون طلب المدعى استحقاق الترقية الى الدرجة السابعة فى 18 من يناير سنة 1927 والدرجة السادسة فى 18 من يناير سنة 1933 والدرجة الخامسة فى 18 من يناير سنة 1939 على أساس افتراض ترقيته كل ست سنوات غير مستند الى أساس سليم من القانون وأن قواعد تنسيق الدرجات الصادرة فى سنة 1947 وقواعد التيسير الصادرة فى 25 من يونيه سنة 1950 كانت تقوم على ترقية الموظفين المستوفين شرائطها ترقيات فعلية الى درجات موجودة فى الميزانية ومن ثم فلا سبيل الى ما يطالب به المدعى من ترقيته بموجبها الا بالطعن بالالغاء فى قرارات الترقية الصادرة تطبيقا لها.
ومن حيث أنه يثبت من ذلك أن الحكم الصادر من المحكمة الادارية فى 16 من فبراير سنة 1958 آنفا قد نفى قيام علاقة السببية المباشرة بين حساب مدة خدمة المدعى فى مجلس مديرية أسوان فى أقدمية الدرجة الثامنة وبين استحقاق المدعى لما يطلبه من ترقيات وما يترتب على هذه الترقيات من آثار وعلى هذا الأساس أقام قضاءه برفض دعوى التسوية وبهذه المثابة يحوز السبب التى قامت عليه نتيجة الحكم قوة الشىء المحكوم فيه كالمنطوق ذاته ومن ثم فليس صحيحا ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن الحكم المذكور لا يلقى أى ظل على طلب التعويض فان أساس الحكم المشار اليه انما ينفى قيام علاقة السببية المباشرة بين الخطأ والضرر فهو مرتبط بطلب التعويض ارتباط العلة بالمعلول ولا يكون ثمة محل للعودة لبحث مسئولية جهة الادارة عن التعويض بعد أن هدم الحكم سالف الذكر الركن الركين لهذه المسئولية وقد حاز ذلك الحكم بعدم الطعن فيه فى الميعاد قوة الشىء المقضى به وتحصنت جميع الآثار المترتبة عليه.
ومن حيث أنه مع كل ما تقدم فان حق المدعى فى التعويض قد انقضى بالتقادم المسقط ذلك أنه اذا كان كما يدعى يستحق فى أول أغسطس سنة 1927 حساب مدة خدمته بمجلس مديرية أسوان فى أقدميته الدرجة الثامنة فانه من اليوم التالى مباشرة لهذا التاريخ يسرى التقادم المسقط ويبتدئ حساب مدته وقدرها خمس عشرة سنة طبقا للمادة 208 من القانون المدنى القديم التى كانت سارية المفعول وقتئذ والتى تنص على أن جميع التعهدات والديون تزول بمضى خمس عشرة سنة وكانت الخمس عشرة سنة تحتسب بالتقويم الهجرى لأن المدة المذكورة كانت مأخوذة من الشريعة الاسلامية لا من القانون الفرنسى كما أنه يدخل فى الحساب أيام الأعياد والمواسم ولو وقعت فى نهاية المدة ومن ثم تكون قد اكتملت مدة التقادم المسقط لحق المدعى فى التعويض قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1946 الخاص بانشاء مجلس الدولة فلا يكون ثمة وجه للتمسك بأن هذه المدة قد قطعها توالى التظلمات الادارية من المدعى فان اعتبار التظلم الادارى قاطعا للتقادم المسقط قاعدة قانونية استحدثها القضاء الادارى بعد انشاء مجلس الدولة فلا يجوز أعمال هذه القاعدة فى مجال زمنى لم يختص به القضاء الادارى اطلاقا بل كانت فيه السيادة كاملة لأحكام القانون المدنى القديم وبحسب المفهوم من نص المادتين 82، 205 من ذلك القانون لا يقع انقطاع التقادم المسقط الا اذا رفعت الدعوى أو بورقة يتوافر فيها معنى الطلب الواقع فعلا للمحكمة الجازم بالحق الذى يراد اقتضاؤه حتى الطلب المقدم للجنة المساعدة القضائية للاعفاء من الرسوم لم يكن يعتبر من الاجراءات القضائية التى تقطع التقادم لأنه ليس يحمل معنى التكليف بالحضور أمام المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى وأنما مجرد التماس بالاعفاء من الرسوم لا يقتضى الا استدعاء الخصم بالطريق الادارى للحضور أمام اللجنة لسماع أقواله فى طلب الاعفاء كما أن ليس فيه معنى التنبيه الرسمى اذ يشترط فى هذا التنبيه أن يكون على يد محضر وبناء على سند واجب التنفيذ.
ومن حيث انه لكل ما تقدم تكون الدعوى على غير أساس مكين من القانون واذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الغاؤه والقضاء برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات.