مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 417
(52)
جلسة 6 من فبراير سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة على محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
القضية رقم 219 لسنة 9 القضائية
( أ ) - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. القرارات الادارية
الصادرة فى شأن الموظفين ويجوز طلب الغائها - ليس من بينهما ما تعلق بالنقل المكانى
- النقل المتضمن حرمان الموظف من ميزة مالية يعتبر نقلا نوعيا مما يختص المجلس بنظره.
(ب) موظف. "نقله". لجنة شئون الموظفين.
النقل النوعى المتضمن حرمان الموظف من ميزة مالية - عدم عرضه على لجنة شئون الموظفين
- أثره: بطلان القرار فى الأحوال العادية - النقل الذى يتم تنفيذا لقانون كنقل العاملين
فى قسم الايرادات بالاذاعة بعد الغائه بالقانون رقم 532 لسنة 1960 - لا يسرى عليه مثل
هذا الحكم - أساس ذلك.
(جـ) موظف. "نقله". هيئة الاذاعة. وظيفة. الغاء الوظيفة.
نقل موظفى هيئة الاذاعة العاملين أصلا فى قسم الايرادات بها الى وظائف أخرى بالوزارات
والمصالح والهيئات العامة بعد الغاء هذا القسم ووظائفه طبقا للقانون رقم 112 لسنة 1960
- صحته حتى ولو تضمن تفويت مزايا مالية على الموظف المنقول - لا ينال من ذلك أن يكون
الموظف المنقول قد الحق من تاريخ العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1960 الى تاريخ العمل
بقرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 الصادر تنفيذا له باحدى وظائف هيئة الاذاعة
الأخرى، اذ أن ذلك الالحاق مؤقت.
1 - إن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى هو اختصاص محدد بما نص عليه فى القانون،
ويبين من مراجعة الفقرات 3، 4، 5 من المادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس
الدولى التى حددت اختصاصه فى الغاء القرارات الادارية الصادرة فى شأن الموظفين أن قرارات
النقل ليست من بينها، فانه غنى عن البيان أن هذه القرارات لا يخرج طلب الغائها عن اختصاص
المجلس الا اذا كانت إرادة الادارة قد اتجهت الى إحداث الأثر القانونى بالنقل فقط أو
ما يعبر عنه بالنقل لمكانى. فاذا لم يكن القرار مقصورا على النقل بل يتضمن حرمانا من
ميزة مالية مثل القرار المطعون فيه، فأنه يعتبر نقلا نوعيا مما يختص المجلس بطلب الغائه.
اذ هو فى هذه الحالة ينطوى على مساس بميزات الوظيفة مما يدخل فى عموم الطلبات المنصوص
عليها فى الفقرة 4 من المادة 8 سالفة الذكر.
2 - الأصل أن النقل الذى لم يعرض على لجنة شئون الموظفين والذى يتضمن الحرمان من ميزة
مالية يعتبر معيبا فى الأحوال العادية التى يحكمها قانون موظفى الدولة رقم 210 لسنة
1951، الا أن القرار المطعون فيه يخرج عن مجال تطبيق هذا القانون بحكم صدوره تطبيقا
لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1960 فى شأن رسوم الاذاعة والأجهزة اللاسلكية وأحكام قرار
رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 الصادر تنفيذا للقانون المذكور فى شأن توزيع موظفى
ومستخدمى هيئة الاذاعة الزائدين عن حاجة العمل بها الى وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات
العامة الأخرى، ومن ثم فأنه لا وجه للتحدى بأحكام قانون موظفى الدولة عند النظر فى
مشروعية القرار المطعون فيه أو عدم مشروعيته.
3 - يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 112 لسنة 1960 سالف الذكر ومذكرته الايضاحية أنه
نسخ النظام المالى القديم الذى كان متبعا فى فرض وتحصيل رسوم أجهزة الاستقبال والذى
كان يقوم عليه قسم الايرادات بهيئة الاذاعة فقد أزال حكمه باحلاله محله نظاما جديدا
لا يمت الى النظام القديم بأية صلة. بل أنه أناط بجهات أخرى غير هيئة الاذاعة مهمة
تحصيل الرسوم المقررة لحساب هيئة الاذاعة. وبذلك تقطعت أسباب بقاء قسم الايرادات بهيئة
الاذاعة، مما يترتب عليه بحكم اللزوم اعتبار وظائف هذا القسم ملغاة، ولو كان المشرع
قد وقف عند هذا الحد لما كان أمام شاغلى هذه الوظائف الا انتهاء خدمتهم بسبب الغاء
وظائفهم. ولكن صدر بالاستناد الى القانون المذكور قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة
1960 وتنص المادة الأولى منه على أن موظفى ومستخدمى هيئة الاذاعة الذين يتقرر بعد العمل
بالقانون المشار اليه اعتبارهم زائدين على حاجة العمل بها يتم توزيعهم بدرجاتهم ووظائفهم
على الوزارات والمصالح والهيئات العامة الأخرى وفقا لما تقتضيه حاجتها وتنص المادة
الثانية على أن يتم التوزيع المشار اليه بالمادة السابقة بقرار رئيس ديوان الموظفين
بناء على اقتراح اللجنة التى تشكل لهذا الغرض من ممثلى ديوان الموظفين وهيئة الاذاعة
ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس ديوان الموظفين وتنص المادة الرابعة على أن يعمل بهذا
القرار اعتبارا من أول يوليه سنة 1960.
ومن حيث انه يبدو واضحا مما تقدم أن موظفى قسم الايرادات ليس لهم من وقت العمل بالقانون
رقم 112 لسنة 1960 الى وقت العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 ليس لهم فى
هذه الفترة أصل حق فى اعتبارهم غير زائدين على حاجة العمل بهيئة الاذاعة، ذلك أن وظائفهم
بقسم الايرادات قد اعتبرت ملغاة من وقت العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1960 وأوضاعهم
الجديدة التى نظمها قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 سواء بالاستبقاء فى هيئة
الاذاعة أو بالنقل الى خارجها لا تعتبر قد استقرت الا اعتبارا من أول يوليو سنة 1960
وقت العمل بالقرار المذكور. وينبنى على ذلك أن الحاق البعض منهم بأحد أقسام هيئة الاذاعة
فى هذه الفترة هو وضع مؤقت لا يترتب له أى حق فى البقاء ما دام هذا الوضع لم يستمر
الى ما بعد أول يوليو سنة 1960 اذ لا يكتسب المركز القانونى الذاتى بالنسبة لذلك الوضع
بحسب أحكام قرار رئيس الجمهورية المشار اليه الا اعتبارا من التاريخ المذكور. كما أنه
ليس لمن نقل منهم الى الوزارات والمصالح الأخرى أصل حق فى التمسك بالميزة المالية التى
كان يتمتع بها. فهذه الميزة كانت من ملحقات وظيفته بقسم الايرادات التى الغاها القانون
رقم 112 لسنة 1960 قبل نقله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن المدعى أقام
الدعوى رقم 88 لسنة 7 القضائية ضد السادة وزير شئون رئاسة الجمهورية ووزير الدولة المختص
بشئون ديوان الموظفين ومدير عام هيئة الاذاعة ورئيس ديوان الموظفين بعريضة أودعت سكرتيرية
المحكمة الادارية لرياسة الجمهورية فى 5 من يناير سنة 1961 وكان قد تقدم فى 21 من سبتمبر
سنة 1960 بطلب الى لجنة المساعدة القضائية لاعفائه من رسوم هذه الدعوى فصدر فى 15 من
ديسمبر سنة 1960 قرار اللجنة بقبوله. وبسط المدعى أسانيد دعواه فى الصحيفة فقال أنه
فى 22 من مايو سنة 1960 أصدر مدير هيئة الاذاعة اللاسلكية القرارات أرقام 6، 7، 8،
تتضمن أسماء الموظفين الذين رأى أن يعهد اليهم لصالح العمل القيام بأعمال وظائف بأقسام
التفتيش والسجلات والشئون القانونية والحجز الادارى وقسم الاحصاء وقسم السكرتيرية والمحفوظات
الى غير ذلك من أقسام واستندت هذه القرارات فى صدورها الى القانون رقم 112 لسنة 1960
فى شأن رسوم الاذاعة والأجهزة اللاسلكية والى قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960
فى شأن توزيع موظفى ومستخدمى هيئة الاذاعة الزائدين عن الحاجة بها على وزارات الحكومة
ومصالحها والهيئات العامة الأخرى وكان المدعى ضمن من ألحقوا بهذه الأقسام واسند اليه
العمل فعلا بالقسم المخصص له وقد سبقت اصدار القرارات المذكورة عملية اختيار فشملت
القرارات المشار اليها خير ما بهيئة الاذاعة من الموظفين والباقون وعددهم 94 موظفا
وهم الأقل مستوى اعتبروا الزائدين عن الحاجة الذين ينطبق عليهم القرار الجمهورى رقم
532 لسنة 1960، غير أنه حين صدر فى 11 من يونيه سنة 1960 قرار رئيس ديوان الموظفين
رقم 110 لسنة 1960 بنقل موظفى ومستخدمى هيئة الاذاعة الزائدين عن الحاجة كل بدرجته
ووظيفته الى الوزارات والمصالح والهيئات العامة ورد اسم المدعى فى هذا القرار منقولا
الى وزارة التموين ومضى المدعى ينعى على هذا القرار مخالفته للقرار الجمهورى رقم 532
لسنة 1960 واهداره للقرارات الصادرة من مدير الاذاعة بتنظيم العمل بها. لأن القرار
الجمهورى المذكور جعل اختصاص رئيس ديوان الموظفين مقصورا على توزيع الموظفين الزائدين
عن الحاجة فلا يملك أن يوزع من لم يكن زائدا عن الحاجة والقرارات أرقام 6، 7، 8، الصادرة
من مدير هيئة الاذاعة اذ وزعت من شملتهم من الموظفين ومنهم المدعى على فروع الاذاعة
وأقسامها المختلفة تكون قد اعتبرت هؤلاء الموظفين غير زائدين عن الحاجة فلا يخضعون
للقرار الجمهورى سالف الذكر. ويكون القرار الصادر من رئيس ديوان الموظفين بنقل المدعى
الى وزارة التموين قرارا معدوما. وأضاف المدعى للتدليل على كونه هو وزملاؤه المنقولون
الى وزارة التموين غير زائدين عن الحاجة أنه صدر أمر ادارى رقم 373 لسنة 1960 فى 24
من يونية سنة 1960 بتعيين ثمانية من الموظفين بمراقبة الايرادات بدلا من المدعى وزملائه
الذين نقلوا الى وزارة التموين. وانتهى المدعى الى طلب الحكم بالغاء قرار رئيس ديوان
الموظفين رقم 110 لسنة 1960 فيما تضمن من نقله الى وزارة التموين وما يترتب على هذا
الالغاء من كافة الآثار وعلى وجه الخصوص صرف الفروق المالية التى كان يتقاضاها نتيجة
اشتغاله بهيئة الاذاعة (بواقع 25% من قيمة المرتب شهريا والتى حرم منها نتيجة نقله
الى وزارة التموين واعتباره ما زال موظفا بهيئة الاذاعة). وفى مذكرة ثانية بين المدعى
أن الـ 25% بدل طبيعة عمل وليس أجرا اضافيا خاضعا لتقدير جهة الادارة بل هو جزء لا
يتجرأ من المرتب. ورد ديوان الموظفين وهيئة الاذاعة على الدعوى بالدفع بعدم اختصاص
القضاء الادارى بنظر الدعوى على أساس أن قرار المدعى هو فى حقيقته قرار نقل مكانى ولا
ولاية للقضاء الادارى فى التعقيب عليه. وفى الموضوع بأنه فى 10 من إبريل سنة 1960 أصدر
رئيس ديوان الموظفين قرارا بتشكيل اللجنة (المنصوص عليها فى المادة الثانية من القرار
الجمهورى رقم 532 لسنة 1960) برياسة مدير عام شئون الموظفين بالديوان وعضوية من رشحتهم
الاذاعة ووكيل مدير عام التفتيش بالديوان ومفتش بالادارة العامة لترتيب الوظائف. وأثناء
ذلك كان القانون رقم 112 لسنة 1960 قد طبق فعلا اعتبارا من أول مايو فأصبح موظفو الأجهزة
الخاصة بتحصيل الرسوم والرخص كقاعدة مبدئية زائدين عن الحاجة وكان عددهم 510 موظف ومستخدم.
ولعدم وجود أعمال لهم صدر قرار من مدير الاذاعة فى 22 من مايو سنة 1960 بتكوين جهاز
يشرف على تنفيذ القانون 112 لسنة 1960 والحق به بعض موظفى مراقبة الايرادات الملغاة
كما الحق عدد آخر بمختلف أقسام الاذاعة وفروعها وكان المدعى منهم. وباشرت اللجنة عملها
وكان أساس بحثها اعتبار جميع موظفى مراقبة الايرادات الملغاة زائدين عن حاجة العمل.
ولكن تبين أن هيئة الاذاعة فى حاجة الى عدد من الموظفين للقيام بالأعباء التى ألقاها
عليها القانون رقم 112 لسنة 1960 وتلك التى ألقاها انشاء التليفزيون وأتساع البرامج
فرؤى أن يبقى بهيئة الاذاعة بعض هؤلاء الموظفين وأن ينقل الى التليفزيون فريق منهم
ويوزع الباقون على وزارات الحكومة ومصالحها على أساس المؤهل وطبيعة العمل فصدر القرار
المطعون فيه. ثم مضى الدفاع يقول أن رئيس ديوان الموظفين هو المختص بتحديد الموظفين
الزائدين عن حاجة العمل بالاذاعة كما أنه المختص بتوزيعهم على الوزارات والمصالح. وقانون
ديوان الموظفين صريح فى أنه هو المرجع فى تحديد عدد الموظفين اللازمين لكل وزارة أو
مصلحة والقرار الجمهورى رقم 532 لسنة 1960 لم يقصد الخروج على قانون الموظفين واذا
كان القرار المذكور قد أعطى الديوان اختصاص التوزيع فبديهى أن يلحق هذا الاختصاص بتقدير
الزائدين عن الحاجة. ولا يصح أن يؤخذ من القرار المشار اليه أن المشرع فرق بين مرحلتين
مرحلة تقدير الزائدين عن الحاجة ومرحلة التوزيع. ذلك أن القرار نص على تمثيل الاذاعة
فى لجنة التوزيع.
ومن حيث أنه فى جلسة 10 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الادارية:
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الادارى وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
ثانيا: قبول الدعوى شكلا.
ثالثا: الغاء القرار رقم 110 لسنة 1960 الصادر من رئيس ديوان الموظفين مع ما
يترتب على ذلك من آثار.
رابعا: الزام الحكومة المصروفات. وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع على أن الحاق
المدعى بوزارة التموين بعد أن كان من بين موظفى الاذاعة وهى هيئة ذات شخصية معنوية
وميزانية مستقلة - يعتبر بمثابة التعيين فى الوظيفة الجديدة بالاضافة الى أن القرار
المطعون فيه بأنه مس حق المدعى المكتسب فى وظيفته الأصلية وما ترتب له من مزايا مالية
وفيما يتعلق بالموضوع على أن القانون رقم 112 لسنة 1960 والقرار الجمهورى رقم 532 لسنة
1960 لم تتضمن نصوصها الغاء وظائف قلم الايرادات وأن حاجة العمل بهيئة الاذاعة تطلبت
أن يستمر بعض موظفى قسم الايرادات عاملين بهيئة الاذاعة فصدر فى 22 من مايو سنة 1960
القرار رقم 6 بتشكيل الجهاز الذى يتولى تنفيذ القانون رقم 112 لسنة 1960 ودخل المدعى
فى هذا التشكيل وباصدار هذا القرار وما يماثله من قرارات أخرى تكون هيئة الاذاعة قد
أعملت حقها فى الاحتفاظ بمن تستدعى الاحتفاظ به حاجة العمل. وعلى ذلك لا يدخل المدعى
فى عداد الزائدين عن حاجة العمل الذى يتم توزيعهم على وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات
العامة الأخرى. وليس للجنة التى شكلها ديوان الموظفين الا اقتراح التوزيع ولا سلطة
لها فى تقدير الزائدين عن حاجة العمل وتمثيل الاذاعة فيها لا يعطيها هذه السلطة ويكون
القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص متضمنا اغتصابا للسلطة - ينحدر به الى درجة
الانعدام ومقتضى هذا الانعدام أن تعتبر خدمة المدعى مستمرة بهيئة الاذاعة.
ومن حيث أن الطعن يقوم على الدفع بعدم الاختصاص على أساس أن طبيعة وظيفة المطعون ضده
فى الاذاعة لا تختلف عن وظيفته فى وزارة التموين التى نقل اليها كما أن شروط التعيين
فى الاذاعة لا تختلف عن شروط التعيين فى الوزارة التى نقل اليها ولم يفوت عليه النقل
دوره فى الترقية فيكون ما تم فى شأن المطعون ضده هو النقل. كما يقوم الطعن فيما يتعلق
بالموضوع على أن جميع الموظفين الدائمين بقسم الايرادات بهيئة الاذاعة قد اعتبروا حتما
وبالضرورة وباللزوم زائدين عن الحاجة نتيجة لصدور القانون رقم 112 لسنة 1960 وأن القرار
الجمهورى رقم 532 لسنة 1960 صدر لتوزيعهم. ولذلك يعتبر المدعى زائدا عن الحاجة لأنه
كان يشغل وظيفة دائمة بقسم الايرادات. وليس فى نصوص القرار الجمهورى سالف الذكر ما
يفيد أن تحديد الموظفين الذين تحتاجهم هيئة الاذاعة والموظفين الزائدين عن حاجة العمل
بها متروك لتقديرها وانما باشرت اللجنة التى شكلت بديوان الموظفين عملها على أساس اعتبار
جميع موظفى قسم الايرادات زائدين عن الحاجة. هذا الى أن رئيس ديوان الموظفين هو المختص
بتحديد الموظفين الزائدين عن حاجة العمل بالاذاعة كما أنه المختص بتوزيعهم على الوزارات
والمصالح وفقا لنصوص القرار الجمهورى رقم 532 لسنة 1960 وتوزيع المدعى على أحد أقسام
الاذاعة كان بقرار صادر ممن لا يملك سلطة اصداره الذى أصدر مع ذلك القرار رقم 10 فى
16 من يونية سنة 1960 بنقل المطعون ضده الى وزارة التموين. أما صدور القرار المطعون
فيه فى 11 من يونيه سنة 1960 وهو تاريخ سابق على العمل بالقرار الجمهورى المذكور فان
كل ما يترتب عليه هو أن يتراخى تنفيذ القرار حتى أول يولية سنة 1960.
ومن حيث أنه يتعين بادئ الأمر البحث فيما اذا كان لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى اختصاص
فى هذا النزاع، أم أن مثل هذا النزاع مما يخرج أصلا من اختصاص المجلس.
ومن حيث أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى هو اختصاص محدد بما نص عليه فى القانون.
ويبين من مراجعة الفقرات 3، 4، 5 من المادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس
الدولة التى حددت اختصاصه فى الغاء القرارات الادارية الصادرة فى شأن الموظفين أن قرارات
النقل ليست من بينها. غير أنه غنى عن البيان أن هذه القرارات لا يخرج طلب الغائها عن
اختصاص المجلس الا اذا كانت ارادة الادارة قد اتجهت الى أحداث الأثر القانونى بالنقل
فقط أو ما يعبر عنه بالنقل المكانى. فاذا لم يكن القرار مقصورا على النقل بل يتضمن
حرمانا من ميزة مالية، مثل القرار المطعون فيه، فأنه يعتبر نقلا نوعيا مما يختص المجلس
بطلب الغائه. اذ هو فى هذه الحالة ينطوى على مساس بميزات الوظيفة مما يدخل فى عموم
الطلبات المنصوص عليها فى الفقرة 4 من المادة 8 سالفة الذكر.
ومن حيث أنه ولئن كان الأصل أن مثل هذا النقل الذى لم يعرض على لجنة شئون الموظفين
والذى يتضمن الحرمان من ميزة مالية يعتبر معيبا فى الأحوال العادية التى يحكمها قانون
موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951، الا أن القرار المطعون فيه يخرج عن مجال تطبيق هذا
القانون بحكم صدوره تطبيقا لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1960 فى شأن رسوم الاذاعة والأجهزة
اللاسلكية وأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 الصادر تنفيذا للقانون المذكور
فى شأن توزيع موظفى ومستخدمى هيئة الاذاعة الزائدين عن حاجة العمل بها الى وزارات الحكومة
ومصالحها والهيئات العامة الأخرى. ومن ثم فأنه لا وجه للتحدى بأحكام قانون موظفى الدولة
عند النظر فى مشروعية القرار المطعون فيه أو عدم مشروعيته. وأنما المعول عليه فى تسليط
الرقابة القانونية على هذا القرار هو أحكام القانون رقم 112 لسنة 1960 وقرار رئيس الجمهورية
رقم 532 لسنة 1960 المشار اليهما.
ومن حيث أنه يبين من مطالعة نصوص القانون رقم 112 لسنة 1960 سالف الذكر ومذكرته الايضاحية
أنه نسخ النظام المالى القديم الذى كان متبعا فى فرض وتحصيل رسوم أجهزة الاستقبال والذى
كان يقوم عليه قسم الايرادات بهيئة الاذاعة فقد أزال حكمه باحلاله محله نظاما جديدا
لا يمت الى النظام القديم بأية صلة. بل أنه أناط بجهات أخرى غير هيئة الاذاعة مهمة
تحصيل الرسوم المقررة لحساب هيئة الاذاعة. وبذلك تقطعت أسباب بقاء قسم الايرادات بهيئة
الاذاعة. مما يترتب عليه بحكم اللزوم اعتبار وظائف هذا القسم ملغاة. ولو كان المشرع
قد وقف عند هذا الحد لما كان أمام شاغلى هذه الوظائف الا انتهاء خدمتهم بسبب الغاء
وظائفهم. ولكن صدر بالاستناد الى القانون المذكور قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة
1960 وتنص المادة الأولى منه على أن موظفى ومستخدمى هيئة الاذاعة الذين يتقرر بعد العمل
بالقانون المشار اليه اعتبارهم زائدين على حاجة العمل بها يتم توزيعهم بدرجاتهم ووظائفهم
على الوزارات والمصالح والهيئات العامة الأخرى وفقا لما تقتضيه حاجتها وتنص المادة
الثانية على أن يتم التوزيع المشار اليه بالمادة السابقة بقرار رئيس ديوان الموظفين
بناء على اقتراح اللجنة التى تشكل لهذا الغرض من ممثلى ديوان الموظفين وهيئة الاذاعة
ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس ديوان الموظفين وتنص المادة الرابعة على أن يعمل بهذا
القرار اعتبارا من أول يوليه سنة 1960.
ومن حيث أنه يبدو واضحا مما تقدم أن موظفى قسم الايرادات ليس لهم من وقت العمل بالقانون
رقم 112 لسنة 1960 الى وقت العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 632 لسنة 1960 - ليس لهم
فى هذه الفترة أصل حق فى اعتبارهم غير زائدين على حاجة العمل بهيئة الاذاعة. ذلك أن
وظائفهم بقسم الايرادات قد اعتبرت ملغاة من وقت العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1960 وأوضاعهم
الجديدة التى نظمها قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 سواء بالاستبقاء فى هيئة
الاذاعة أو بالنقل الى خارجها، لا تعتبر قد استقرت الا اعتبارا من أول يولية سنة 1960
وقت العمل بالقرار المذكور. وينبنى على ذلك أن الحاق البعض منهم بأحد أقسام هيئة الاذاعة
فى هذه الفترة هو وضع مؤقت لا يرتب له أى حق فى البقاء ما دام هذا الوضع لم يستمر الى
ما بعد أول يوليه سنة 1960، اذ لا يكتسب المركز القانونى الذاتى بالنسبة لذلك الوضع
بحسب أحكام قرار رئيس الجمهورية المشار اليه الا اعتبارا من التاريخ المذكور. كما أنه
ليس لمن نقل منهم الى الوزارات والمصالح الأخرى أصل حق فى التمسك بالميزة المالية التى
كان يتمتع بها. فهذه الميزة كانت من ملحقات وظيفته بقسم الايرادات التى ألغاها القانون
رقم 112 لسنة 1960 قبل نقله.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم ولما كان الحاق المدعى بأحد أقسام هيئة الاذاعة قد وقع
فى 22 من مايو سنة 1960 أى قبل أول يولية سنة 1960 ولم يستمر هذا الالحاق الى أن حل
هذا التاريخ، فان وضعه هذا كان وضعا مؤقتا لا يكتسب بالنسبة له أى مركز قانونى ذاتى
فيجوز تغييره ما دام لم يقم الدليل الايجابى على الانحراف بالسلطة أو اساءة استعمالها
ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر من رئيس ديوان الموظفين بناء على اقتراح اللجنة
التى شكلت لهذا الغرض. فانه يكون لما تقدم مطابقا للقانون وصادرا ممن يملكه بحسب نص
المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 532 لسنة 1960 وتكون الدعوى على غير أساس
من القانون. واذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق
القانون وتأويله يتعين الغاؤه والقضاء برفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب":
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفضه الدعوى مع الزام المدعى المصروفات.