مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 559

(70)
جلسة 20 من مارس سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية كل من السادة الأساتذة: الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 1376 لسنة 7 القضائية

( أ ) دعوى الالغاء. "ميعاد رفعها". جريانه فى حق صاحب الشأن - من التاريخ الذى يتحقق معه اعلانه بما تضمنه القرار المطعون فيه - شروط صحة هذا العلم.
(ب) ميزانية. موظف. نقله. قانون الميزانية عن السنة المالية 1950/ 1951 - تضمنه فيها يختص بوزارة التربية والتعليم نقل وظيفة المدعى وزملائه من الفرع الخامس (مدارس أولية) الى الفرع الأول (كادر كتابى) وكذلك درجاتهم اعتبارا من أول السنة المالية المحدد لها أول مارس سنة 1950 - القرار الادارى الصادر فى 12/ 10/ 1950 بنقل المدعى اعتبارا من أول مارس سنة 1950 - انما قد أفصح عن المركز القانونى الصحيح الذى كان قد نشأ للمدعى منذ صدور قانون الميزانية - من قبيل القرارات التنفيذية المؤكدة الذى كشف به الجهة الادارية عن حقيقة مركز المدعى القانونى.
1 - أن ميعاد رفع دعوى الالغاء لا يجرى فى حق صاحب الشأن الا من التاريخ الذى يتحقق معه اعلامه بما تضمنه القرار المطعون فيه ومن ثم يتعين أن يثبت علمه به علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا، وأن يكون هذا العلم شاملا لجميع العناصر التى تطوع له أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة للقرار المطعون فيه وأن يحدد على مقتضى ذلك طريقة للطعن عليه.
2 - ان قانون الميزانية عن السنة المالية 1950/ 1951 قد تضمن فيما يختص بوزارة التربية والتعليم نقل وظيفة المدعى وزملائه من رؤساء ومعلمى المدارس الأولية المندوبين للأعمال الكتابية من الفرع الخامس (مدارس أولية) الى الفرع الأول (كادر كتابى) وكذلك درجاتهم اعتبارا من أول السنة المالية المحدد لها أول مارس سنة 1950، ومن ثم فان المدعى من هذا التاريخ يعد ضمن الموظفين الكتابيين بالوزارة الذين يتدرجون فى الفرع الأول والذين شملتهم الحركة المطعون فيها ترتيبا على نقل وظيفته والمصرف المالى المخصص لدرجته الى هذا الفرع من فروع الوزارة. وبهذه المثابة فان القرار الادارى الصادر فى 12/ 10/ 1950 بنقل المدعى اعتبارا من أول مارس سنة 1950 يكون قد أفصح عن المركز القانونى الصحيح الذى كان قد نشأ للمدعى منذ صدور قانون الميزانية، وهو بذلك لا يعدو أن يكون من قبيل القرارات التنفيذية المؤكدة الذى كشفت به الجهة الادارية عن حقيقة مركز المدعى القانونى بالنسبة لزملائه الموظفين الكتابيين، ومن ثم فان تراخيها فى اصدار هذا القرار المثبت لنقله من يوم نفاذ قانون الميزانية لا يضار به المدعى ولا يحرمه من حقه فى الافادة مما قرره قرار النقل خاصا بالتاريخ الذى حدده لسريان هذا النقل لسنده الصحيح الذى استمد منه مقوماته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام دعواه طالبا الحكم بعد تأثير القرار رقم 9601 الصادر فى 30 من سبتمبر سنة 1950 على أقدميته فى الدرجة السابعة الكتابية بحيث ترجع الى أول أغسطس سنة 1950 بدلا من فبراير سنة 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال فى بيان ذلك أنه حاصل على شهادة كفاءة التعليم الأولى سنة 1937 والتحق بخدمة مجلس مديرية المنيا فى وظيفة مدرس بالمدارس الابتدائية فى الدرجة الثامنة اعتبارا من 16/ 1/ 1939، وقد انتدب للأعمال الكتابية فى منطقة بنى سويف التعليمية بعد نقله الى وزارة التربية والتعليم فى يناير سنة 1947 وظل كذلك الى أن صدرت ميزانية الوزارة فى سنة 1950/ 1951، متضمنة نقل وظائف معلمى المدارس الأولية المندوبين للأعمال الكتابية بديوان الوزارة وفروعها من الفرع الخامس (مدارس أولية) الى الفرع الأول (وظائف كتابية) وقد عمل بهذه الميزانية منذ أول مارس سنة 1950 ومع هذا تراخت الوزارة فى اصدار قرار النقل الى الوظائف الكتابية حتى 12 من أكتوبر سنة 1950 الأمر الذى فوت على المدعى وزملائه الترقية الى الوظائف الكتابية التى وردت بالميزانية عندما قامت الوزارة بترقية الموظفين الكتابيين الأصليين على هذه الدرجات وذلك بالقرار رقم 9601 الصادر فى 30 من سبتمبر سنة 1950 الذى تضمن ترقية من ترجع أقدميته فى الدرجة الثامنة حتى 16 من مايو سنة 1945 الى الدرجة السابعة الكتابية بالأقدمية المطلقة واذ كانت أقدمية المدعى فى الدرجة الثامنة وترجع الى 16 من يناير سنة 1939 فقد كان من حقه أن يرقى فى هذه الحركة لولا تأخير صدور قرار نقله الى ما بعد اجراء حركة الترقيات سالفة الذكر وهذا التأخير لا يؤثر على حق المدعى باعتباره موظفا كتابيا من أول مارس سنة 1950، تنفيذا لقانون الميزانية وطبقا لما نص عليه القرار الصادر فى 12 من أكتوبر سنة 1950 بنقله واعتبار هذا النقل من أول مارس سنة 1950 وهو ما يخوله حق الطعن على القرار رقم 9601، وطالما أن المدعى قد رقى فعلا الى الدرجة السابعة اعتبارا فى أول فبراير سنة 1952 فانه يكتفى بطلب ارجاع أقدميته فى هذه الدرجة الى تاريخ الحركة المطعون عليها أى الى أول أغسطس سنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأضاف المدعى أنه لم يعلم بحركة الترقيات المطعون فيها الا أخيرا وقد بادر فور علمه بها الى تقديم تظلمه بتاريخ 22/ 10/ 1957، ولما لم ترد الوزارة على تظلمه هذا أقام الدعوى.
وأجابت الجهة الادارية على الدعوى بأن المدعى حاصل على شهادة كفاءة التعليم الأولى سنة 1937، والتحق بالخدمة فى وظيفة من الدرجة الثامنة الفنية اعتبارا من يناير سنة 1939 ثم نقل الى الكادر الكتابى بموجب القرار رقم 9631 الصادر فى 12 من أكتوبر سنة 1950 على أن يكون نقله اعتبارا من أول مارس سنة 1950، ومنح الدرجة السابعة الكتابية فى أول فبراير سنة 1953، وانه وان كان قد رقى فى القرار المطعون فيه من ترجع أقدميته فى الدرجة الثامنة الكتابية الى 16 من مايو 1945 الا أن المدعى لم يرق ضمن من شملهم هذا القرار لأنه وقت اعداد كشوف المستحقين للترقية لم يكن قد صدر قرار نقله للكادر الكتابى وأضافت الوزارة أن القرار المطعون فيه نشر بالعدد رقم 22 الصادر فى 16/ 7/ 1956 مما ينتفى معه القول بأن المدعى لم يعلم بهذا القرار الا أخيرا.
وبجلسة 12/ 1/ 1961 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعى بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر فى 30 من سبتمبر سنة 1950 ونشر بنشرة الوزارة الادارية بالعدد رقم 22 الصادر فى 16 من يولية سنة 1956 وذلك يعتبر قرينة على العلم بهذا القرار، ومن ثم تبدأ مواعيد الطعن فى القرار من هذا التاريخ، ولما كان المدعى لم يتقدم بتظلم من هذا القرار الا فى 22 من أكتوبر سنة 1957 أى بعد أكثر من الستين يوما المقررة للتظلم بعد أن أصبح هذا القرار حصينا من الالغاء بالنسبة له، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد الذى حددته المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أنه ولئن كانت الوزارة لم تنشر القرار المطعون فيه الا بعد ست سنوات من صدوره، ولئن كان هذا النشر يعتبر قرينة على المدعى بصدور القرار فى تاريخ معاصر لصدور هذه النشرة، فان هذه القرينة ليست قرينة قاطعة لا تقبل اثبات العكس، بل هى قرينة نسبية يمكن نفيها. والمدعى ينفى علمه بأنه لم يطلع على النشرة المذكورة لأنه يعمل فى منطقة بنى سويف التعليمية، وهذه المنطقة لم توزع النشرة المنوه عنها على موظفيها، ولم تعرضها عليهم، كما لم تعلقها بلوحة الاعلانات، ويبدو أن ذلك يرجع الى أن المنطقة لم تتلق من هذه النشرة سوى نسخة أو نسختين ولم تنص تعليمات الوزارة فى ذلك التاريخ على طريقة للاعلان عن هذه النشرة وابلاغ محتوياتها الى أصحاب الشأن. وقد أيد المدعى هذه الحقائق باقرار رسمى حصل عليه من مسئول فى المنطقة بأن النشرة المذكورة لم توزع على موظفى المنطقة ولم تعرض على أحد منهم ولم تبلغ اليهم للعلم بها، وهذا كاف لهدم القرينة التى استند اليها دفاع الوزارة والتى قام عليها الحكم المطعون فيه. ومما يسجل على الوزارة التناقض فى دفاعها أنها لم تتمسك بالقرينة المذكورة قبل من تماثل حالتهم حالة المدعى حيث قامت بتعديل أقدمية زميله السيد/ عبد الحفيظ محمد عجاج استجابة لتظلمه الذى لم يقدمه الا بتاريخ 29/ 9/ 1960.
ومن حيث ان المشرع قد تكفل فى القانون الصادر بتنظيم مجلس الدولة بالنص على أن ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به. ومفاد هذا أن ميعاد رفع دعوى الالغاء لا يجرى فى حق صاحب الشأن الا من التاريخ الذى يتحقق معه اعلامه بما تضمنه القرار المطعون فيه ومن ثم يتعين أن يثبت علمه به علما يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا، وأن يكون هذا العلم شاملا لجميع العناصر التى تطوع له أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة للقرار المطعون فيه وأن يحدد على مقتضى ذلك طريقه للطعن عليه.
واذا كان الواضح مما أفاد به المدير المساعد لمنطقة بنى سويف التعليمية فى أوراق الدعوى أن المنطقة لم تقم بتوزيع النشرات المصلحية على موظفى المنطقة كما لم تأخذ بنظام تعليقها بلوحة الاعلانات الا فى نهاية عام 1958، الأمر الذى ينتفى معه ثبوت علم المدعى بالقرار المطعون فيه عن طريق النشرة المصلحية المنوه عنها. وما دام لم يقم الدليل من جانب الوزارة على توفر علم المدعى بالقرار المطعون فيه فى تاريخ معين يجرى منه حساب ميعاد الستين يوما المحددة قانونا، فان المدعى اذ تظلم من القرار المشار اليه بتاريخ 22/ 10/ 1957 ثم أعاد دعواه فى 12/ 1/ 1958 خلال الستين يوما التالية لتاريخ الرفض الضمنى المستفاد من سكوت الجهة الادارية عن الرد على التظلم، فان الدعوى تكون قد رفعت فى الميعاد، وبالتالى فان الحكم المطعون فيه وقد ذهب فى ذلك مذهبا مخالفا فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله، ويتعين لذلك الغاؤه، والقضاء بقبول الدعوى شكلا.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بموضوع الدعوى وهى تنصب على طلب الغاء القرار رقم 9601 الصادر فى 30/ 9/ 1950 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة السابعة الكتابية اعتبارا من أول أغسطس سنة 1950 تأسيسا على أن هذه الترقية تمت بالأقدمية وشملت كل من ترجع أقدميته فى الدرجة الثامنة الى 16/ 5/ 1945 وهذه القاعدة التى أجريت الترقية على مقتضاها تنطبق على المدعى باعتبار أن أقدميته فى الدرجة الثامنة ترجع الى 16/ 1/ 1939، وبهذه المثابة فانه ما كان يجوز تخطيه فى الترقية بهذا القرار، وطالما أن الثابت أن المدعى رقى الى الدرجة السابعة اعتبارا من 16/ 3/ 1952 فان مصلحته فى الدعوى تكون مقصورة على ارجاع أقدميته فى هذه الدرجة الى التاريخ الذى نص عليه القرار المطعون فيه وهو أول أغسطس سنة 1950، ولا وجه للتحدى من جانب الجهة الادارية بأن الحركة المذكورة لم تشمله لأنه لم يكن عند صدور القرار المطعون فيه يجمعه أقدمية واحدة مشتركة مع المرقين به حيث لم ينقل من المدارس الأولية الى الوظائف الكتابية الا بالقرار رقم 9631 بتاريخ 12/ 10/ 1950 أى بعد صدور قرار الترقية المطعون فيه - لا حجة فى ذلك ما دام أن قانون الميزانية عن السنة المالية 1950/ 1951 قد تضمن فيما يختص بوزارة التربية والتعليم نقل وظيفة المدعى وزملائه من رؤساء ومعلمى المدارس الأولية المندوبين للأعمال الكتابية من الفرع الخامس (مدارس أولية) الى الفرع الأول (كادر كتابى) وكذلك درجاتهم اعتبارا من أول السنة المالية المحدد لها أول مارس سنة 1950، ومن ثم فان المدعى من هذا التاريخ يعد ضمن الموظفين الكتابيين بالوزارة الذين يتدرجون فى الفرع الأول والذين شملتهم الحركة المطعون فيها ترتيبا على نقل وظيفته والمصرف المالى المخصص لدرجته الى هذا الفرع من فروع الوزارة. وبهذه المثابة فان القرار الادارى الصادر فى 12/ 10/ 1950 بنقل المدعى اعتبارا من أول مارس سنة 1950 يكون قد أفصح عن المركز القانونى الصحيح الذى كان قد نشأ للمدعى منذ صدور قانون الميزانية، وهو بذلك لا يعدو أن يكون من قبيل القرارات التنفيذية المؤكدة الذى كشفت به الجهة الادارية عن حقيقة مركز المدعى القانونى بالنسبة لزملائه الموظفين الكتابيين، ومن ثم فان تراخيها فى اصدار هذا القرار المثبت لنقله من يوم نفاذ قانون الميزانية لا يضار به المدعى ولا يحرمه من حقه فى الافادة مما قرره قرار النقل خاصا بالتاريخ الذى حدده لسريان هذا النقل لسنده الصحيح الذى استمد منه مقوماته.
ولكل ما تقدم فان الدعوى تكون على أساس سليم من الواقع والقانون ويتعين لذلك الحكم بارجاع أقدمية المدعى فى الدرجة السابعة الكتابية الى 1/ 8/ 1950 وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الحكومة بكامل المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بارجاع أقدمية المدعى فى الدرجة السابعة الى أول أغسطس سنة 1950 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.