مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 616

(75)
جلسة 17 من أبريل سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 586 لسنة 7 القضائية

اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. "توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية".
طلب التعويض بسبب امتناع الادارة عن تسوية الحالة - اختصاص المحكمة به طالما ينعقد لها اختصاص نظر طلب التسوية - أساس ذلك - طلب التعويض فى هذه الحالة بديل للتسوية ويأخذ حكمها (1).
انه يبين من مقارنة نصوص المادتين 13، 14 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة أن المشرع أراد أن يكون الاختصاص فى الفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين الداخلين فى الهيئة مرجعه الفئة التى ينتمى اليها الموظف فان كان من الفئة العالية عقد الاختصاص لمحكمة القضاء الادارى وان كان من غير هذه الفئة انعقد هذا الاختصاص للمحكمة الادارية المختصة فمتى كان الثابت أن المدعى لم يكن من موظفى الفئة العالية وطلب بدعواه أمام المحكمة الادارية تعويضا بسبب امتناع الادارة عن تسوية حالته فان هذا الطلب فى حقيقته انما هو بديل للتسوية ومحمول عليها افتراضا وبالتالى يأخذ حكمها من حيث اختصاص الجهة التى ينعقد لها نظرها فتختص بنظره المحكمة الادارية ولا تختص بنظره محكمة القضاء الادارى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى عناصره الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 1341 لسنة 10 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بصحيفة ايداع بتاريخ 3/ 5/ 1956 طلب فيها الحكم بالزام الوزارة المدعى عليها بأن تدفع له مبلغ 1350 جنيها مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحا لدعواه أنه حاصل على شهادة القبول للمدارس الثانوية سنة 1916 وعين بخدمة مصلحة المساحة من 3/ 10/ 1918 بأجر يومى، ثم عين فى الدرجة التاسعة من 1/ 5/ 1940. وعندما صدرت قواعد الانصاف طلب تسوية حالته على مقتضاها باعتباره حاصلا على مؤهل دراسى معادل لشهادة اتمام الدراسة الابتدائية، ولكن المصلحة لم تجبه الى طلبه فلجأ الى اللجنة القضائية لوزارة المالية فأصدرت قرارها باستحقاقه فى أن تسوى حالته بالتطبيق لقواعد الانصاف، فطعنت وزارة المالية فى هذا القرار أمام محكمة القضاء الادارى التى عدلت قرار اللجنة القضائية الى استحقاقه لتسوية حالته على أساس انه دخل الخدمة فى سنة 1918 وهو حاصل على شهادة القبول المعادلة لشهادة الدراسة الابتدائية بالتطبيق لقواعد المنسيين مع صرف الفروق المترتبة على هذه التسوية من 22/ 7/ 1953 تطبيقا للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية. ثم أضاف أنه لما كان يبين من هذا الحكم أنه كان على حق فى المطالبة بتطبيق قواعد الانصاف على حالته، وأن امتناع مصلحة المساحة ووزارة المالية عن تسوية حالته على مقتضاها كان امتناعا غير مشروع، ترتب عليه ضرر به، فقد حق له أن يطالب بتعويض يجبر هذا الضرر، قدره مبلغ 1350 جنيها.
وبتاريخ 20/ 8/ 1956 قرر رئيس محكمة القضاء الادارى احالة هذه الدعوى الى المحكمة الادارية المختصة فأحيلت الى المحكمة الادارية للخزانة والاقتصاد، ولكن هذه المحكمة قضت بجلسة 9/ 2/ 1953 بعدم اختصاصها بنظرها وباحالتها بحالتها الى المحكمة الادارية لوزارتى الأشغال والحربية فقيدت بجدولها برقم 280 لسنة 6 القضائية.
وبجلسة 19/ 11/ 1960 قضت المحكمة الادارية لوزارتى الأشغال والحربية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت باحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الادارى وأبقت الفصل فى المصروفات وأقامت قضاءها على أن المادة التاسعة من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أنه "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى دون غيره فى طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها فى المادة السابقة (المادة 8) اذا رفعت اليه بصفة أصلية أو تبعية". ولما كانت المادة 3 من هذا القانون تقصر اختصاص المحاكم الادارية على التعويض عن القرارات الادارية التى نصت عليها الفقرات ثالثا ورابعا وخامسا من المادة الثامنة، وهى القرارات الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو بالترقية أو بمنح علاوات، والقرارات النهائية للمحاكمات التأديبية، وبالقرارات الصادرة باحالة الموظفين العموميين الى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم من غير الطريق التأديبى، فانه يخرج من اختصاص المحكمة الادارية دعاوى التعويض الأخرى من غير هذه القرارات على حين أن اختصاص محكمة القضاء الادارى فيما يتعلق بطلبات التعويض قد جاء شاملا لكل القرارات المنصوص عليها فى المادة الثامنة، ومنها المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت، أى "دعاوى تسوية الحالة هذا ولا محل لما أثير من أن التسوية تصدر فى شأنها قرارات ادارية تستند الى سلطة مقيدة وأن طلب التعويض عنها يندرج تحت الفقرة الأولى من المادة الثالثة عشرة ومدلول المادة التاسعة من قانون مجلس الدولة، ذلك لأن المرجع فى التسوية قواعد تنظيمية آمرة، ولا يستمد الموظفون حقهم فيها من القرارات الفردية الصادرة فى شأنهم وانما يستمدون من هذه القواعد التنظيمية العامة، ومن ثم فلا تزال المنازعة فيها منازعة فى مرتبات لا تختص المحكمة الادارية بالتعويض عنها.
وبتاريخ 16/ 1/ 1961 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة تقرير طعن فى هذا الحكم قيد بجدول المحكمة الادارية العليا تحت رقم 586 لسنة 7 القضائية طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الادارية لوزارتى الأشغال والحربية بنظر الدعوى.
وأقام الطعن على أنه اذا أوضحت المادة 12 من قانون مجلس الدولة اختصاص المحاكم الادارية فى فقرتين تناولت أولاهما اختصاص الالغاء مقترنا باختصاص التعويض عن القرارات المراد الغائها، وتناولت الفقرة الثانية اختصاص هذه المحاكم "بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لموظفى الفئة المتوسطة، فان هذا الاختصاص الأخير يشمل بلا جدال "قضاء التعويض" باعتباره داخلا فى ولاية القضاء الكامل لأن طلبه يتفرع عن المنازعات الأصلية الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت التى تنظرها هذه المحاكم دون سواها.
ومن حيث أن المادة 13 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة قد نصت على أن تختص المحاكم الادارية.
(1) بالفصل فى طلبات الغاء القرارات المنصوص عليها فى البنود (ثالثا) و(رابعا) و(خامسا) من المادة 8 عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين فى الهيئة من الفئة العالية أو بالضباط فى الاقليم المصرى وعدا ما يتعلق منها بموظفى الحلقة الأولى وما فوقها فى الاقليم السورى وفى طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات.
(2) بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لمن ذكروا فى البند السابق أو لورثتهم.
ونصت الفقرة الأولى من المادة 14 من القانون سالف الذكر على أن تختص محكمة القضاء الادارى بالفصل فى كل الطلبات والمنازعات المنصوص عليها فى المواد 8، 9، 10، 11 عدا ما تختص به المحاكم الادارية.
ومن حيث (أنه يبين من مقارنة نصوص المادتين 13 و14 من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة أن المشرع أراد أن يكون الاختصاص فى الفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين الداخلين فى الهيئة مرجعه الفئة التى ينتمى اليها الموظف فان كان من غير هذه الفئة انعقد هذا الاختصاص للمحكمة الادارية المختصة.
فمتى كان الثابت أن المدعى وهو ليس من موظفى الفئة العالية وطلب بدعواه أمام المحكمة الادارية تعويضا بسبب امتناع الادارة عن تسوية حالته فان هذا الطلب فى حقيقته انما هو بديل للتسوية ومحمول عليها فتختص افتراضا وبالتالى يأخذ حكمها من حيث اختصاص الجهة التى ينعقد لها نظرها، (تختص) بنظره المحكمة الادارية ولا تختص بنظره محكمة القضاء الادارى.
ومن حيث أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب الى القضاء بعدم اختصاص المحكمة الادارية بنظر الدعوى وباحالتها الى محكمة القضاء الادارى يكون قد خالف القانون مما يتعين الغاؤه.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الادارية لوزارتى الحربية والأشغال بنظر الدعوى وباحالتها اليها للفصل فيها.


(1) قارن هذا الحكم بما قضت به المحكمة الادارية العليا فى حكمها الصادر فى القضية رقم 42 لسنة 5 القضائية بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1959 بمجموعة السنة الخامسة العدد الأول ص 46.