مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 625

(77)
جلسة 17 من أبريل سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1245 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "انتهاء خدمة". "معاش". قانون. "أثر رجعى" - علماء مراقبة الشئون الدينية بالأوقاف - بقاؤهم فى الخدمة حتى سن الخامسة والستين - أساس ذلك من القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق التأمين والمعاشات لموظفى الدولة والمدنيين - نشر هذا القانون فى 25/ 11/ 1956 - العمل به اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1956 - احالة المدعى الى المعاش عند بلوغه سن الستين فى 12/ 10/ 1956 - وجوب سحب قرار الاحالة الى المعاش - أساس ذلك أنه فقد بصدور القانون المشار اليه قيمته القانونية وأضحى غير مشروع بحكم الأثر اللازم لرجعية القانون.
(ب) دعوى الالغاء - "ميعاد رفعها". موظف. "انتهاء الخدمة - احالته الى المعاش" - علماء مراقبة الشئون الدينية بالأوقاف بقاؤهم فى الخدمة حتى سن الخامسة والستين - احالة المدعى الى المعاش عند بلوغه سن الستين - التراخى فى تقديم دعوى الغاء هذا القرار فى الميعاد - عدم قبولها.
(جـ) قرار ادارى. "التعويض عنه". موظف. "انهاء الخدمة". "احالة الى المعاش" - علماء مراقبة الشئون الدينية بالأوقاف - احالة المدعى الى المعاش عند بلوغه سن الستين خلافا لحكم القانون رقم 394 لسنة 1956 - حقه فى التعويض عن الاضرار التى حاقت به.
1 - واضح من صياغة نص المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 فى ضوء ما جاءت به المذكرة الايضاحية للقانون من تفسير أن واضع التشريع قد حدد استثناء من الأصل العام السن التى يحال عند بلوغها العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين ليكون شأنهم فى ذلك حسبما جاء بالمذكرة الايضاحية شأن العلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر الذين يحالون على المعاش فى هذه السن، وهذا القانون وأن نشر فى 25/ 1/ 1956 أى بعد تاريخ احالة المدعى الى المعاش عند بلوغه سن الستين فى 12/ 10/ 1956 الا أنه نص فى المادة 66 منه على أن يعمل به اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1956، فكان متعينا على الادارة نزولا على مقتضى أحكامه أن تسحب القرار السابق صدوره منها باحالة المدعى الى المعاش بعد أن فقد هذا التصرف بصدور القانون المذكور قيمته القانونية وأضحى بصدوره قرارا غير مشروع بحكم الأثر اللازم الرجعية القانون.
2 - ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى وأن تظلم فعلا من القرار المذكور يوم نشر القانون المشار اليه أى فى 25/ 11/ 1956 غير انه تراخى فلم يتقدم بطلب اعفائه من رسوم الدعوى الا فى 4/ 1/ 1959 فانه بذلك يكون قد فوت على نفسه ميعاد الطعن بالالغاء ويتعين لذلك عدم قبول طلب الالغاء لرفعه بعد المواعيد المقررة قانونا.
3 - انه بالنسبة لطلب التعويض فانه طبقا للتفسير السليم لحكم القانون رقم 394 لسنة 1956 آنف الذكر الذى انتهت اليه المحكمة، يكون المدعى محقا فى تعويضه عن الأضرار التى حاقت به نتيجة لاحالته الى المعاش فى سن الستين بالمخالفة لأحكام القانون ويتعين لذلك اجابته الى طلب الحكم له على الوزارة بأن تدفع له قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع الزامها بمصروفات هذا الطلب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 705 لسنة 15 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 10/ 5/ 1961 طالبا الحكم أصليا بالغاء قرار وزارة الأوقاف بعدم اعادته الى الخدمة... واستبقائه بها حتى سن 65 سنة وما يترتب على ذلك من آثار واحتياطيا "الزام الوزارة بأن تدفع له قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت وذلك مع الزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل الأتعاب وقال المدعى شرحا لدعواه أنه من موظفى مراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف وقد بلغ سن الستين فى 13/ 10/ 1956 وأخطر بانتهاء خدمته من ذلك التاريخ ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 394 لسنة 1956 قاضيا ببقاء أمثال المدعى فى الخدمة حتى سن الخامسة والستين، ولما لم تجد تظلمات المدعى نفعا وازاء اصرار الوزارة على عدم أعادة الى الخدمة والغاء قرار فصله فقد أقام الدعوى الراهنة بالطلبات آنفة الذكر وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن اعادة أمثال المدعى الى الخدمة بعد صدور القانون رقم 394 لسنة 1956 هو أمر جوازى لها أن تستعمله أو تمتنع عن استعماله ولا سبيل الى الزامها به وبجلسة 11/ 4/ 1962 أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها فى الدعوى قاضيا "بالغاء قرار وزارة الأوقاف بالامتناع عن اعادة المدعى الى الخدمة حتى سن الخامسة والستين وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات المناسبة وأقامت المحكمة قضاءها على أن القانون رقم 394 لسنة 1956 قد قصد الى الابقاء على خدمة الطائفة التى ينتمى اليها المدعى حتى سن الخامسة والستين وذلك على خلاف القاعدة العامة وأن المدعى أمثاله من العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف انما يستمدون هذا الحق من القانون مباشرة دون حاجة لأعمال ارادة الادارة، ومن ثم يكون قرار الجهة الادارية بالامتناع عن اعادة المدعى الى الخدمة بعد صدور القانون المذكور وابقائه بها متى بلغ سن الخامسة والستين مخالفا للقانون حريا بالالغاء وقد طعنت الحكومة فى هذا الحكم ووجه الطعن مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وقالت بيانا لذلك أن دعوى المدعى لا تنطوى على طعن بالالغاء فى قرار ادارى معين ولا يمكن اعتبارها دعوى تسوية وهذه وتلك وحدها التى تدخل فى اختصاص القضاء الادارى وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه وقد جرى خلافا لذلك فاعتبر عدم اعادة المدعى الى الخدمة بمثابة قرار سلبى مما يمكن الطعن عليه حال ان الادارة ليست ملزمة قانونا باصداره - يكون الحكم والحالة هذه قد قضى فى الدعوى لا يختص بالنظر فيها هذا وجه ثمة وجه آخر للطعن فالثابت من الأوراق أن قرار انهاء خدمة المدعى صدر بتاريخ 12/ 10/ 1956 وان صح فى الجدل ان القانون رقم 394 لسنة 1956 قد فتح للمدعى باب الطعن فى قرار انهاء خدمته فانما كان يتعين حساب المواعيد من تاريخ نشر هذا القانون فى 26/ 11/ 1956 ولما كان المدعى لم يتقدم بطلب اعفائه من رسوم الدعوى الا فى 4/ 1/ 1959 حين انه كان قد تظلم من قرار انهاء خدمته يوم نشر القانون رقم 394 لسنة 1956 المشار اليه، فانه وقد تراخى حتى 4/ 1/ 1959 حيث تقدم بطلب الاعفاء يكون قد فوت على نفسه مواعيد الطعن مما كان يتعين معه عدم قبول الدعوى شكلا والوجه الثالث من أوجه الطعن أن بقاء أمثال المدعى من العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف حتى سن الخامسة والستين هو أمر جوازى للادارة تترخص فيه منعا أو منحا حسبما تراه محققا الصالح العام ولا جناح عليها فى عدم استعمالها لهذه الرخصة فى وقت بعينه واذ ذهب الحكم المطعون فيه خلافا لذلك فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وقامت به حالة من حالات الطعن فى الأحكام أمام المحكمة الادارة العليا.
ومن حيث ان القانون رقم 394 لسنة 1956 بانشاء صندوق للتأمين والمعاشات لموظفى الدولة المدنيين ينص فى المادة 17 منه على "أنه مع عدم الاخلال بحكم المادة 108 من القانون 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1954... تنتهى خدمة الموظفين المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين فيما عدا الوزراء ونواب الوزراء ويستثنى من ذلك العلماء الموظفون بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف فيجوز بقاؤهم حتى سن الخامسة والستين.
وواضح من صياغة نص المادة 17 من القانون رقم 394 لسنة 1956 فى ضوء ما جاءت به المذكرة الايضاحية للقانون من تفسير أن واضع التشريع قد حدد استثناء من الأصل العام السن التى يحال عند بلوغها العلماء الموظفين بمراقبة الشئون الدينية بوزارة الأوقاف بالخامسة والستين ليكون شأنهم فى ذلك حسبما جاء بالمذكرة الايضاحية شأن العلماء المدرسين والعلماء الموظفين بالأزهر الذى يحاولون على المعاش فى هذه السن، وهذا القانون وان نشر فى 25/ 11/ 1956 أى بعد تاريخ احالة المدعى الى المعاش عند بلوغه سن الستين فى 12/ 10/ 1956 الا انه نص فى المادة 66 منه على أن يعمل به اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1956، فكان متعينا على الادارة نزولا على مقتضى أحكامه أن تسحب القرار السابق صدوره منها باحالة المدعى الى المعاش بعد أن فقد هذا التصرف بصدور القانون المذكور قيمته القانونية وأضحى بصدوره قرارا غير مشروع بحكم الأثر اللازم الرجعية القانون ويكون للمدعى أن امتنعت الادارة عن سحب هذا القرار الطعن عليه خلال المواعيد المقررة محسوبة من تاريخ صدور القانون.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى وان تظلم فعلا من القرار المذكور يوم نشر القانون المشار اليه أى فى 25/ 11/ 1956 غير انه تراخى فلم يتقدم بطلب اعفائه من رسوم الدعوى الا فى 4/ 1/ 1959 فانه بذلك يكون قد فوت على نفسه ميعاد الطعن بالالغاء ويتعين لذلك عدم قبول طلب الالغاء لرفعه بعد المواعيد المقررة قانونا.
واذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا فانه يكون قد خالف القانون ويتعين من ثم الحكم بالغائه والقضاء بعدم قبول طلب الالغاء.
ومن حيث أنه بالنسبة لطلب التعويض فانه طبقا للتفسير السليم لحكم القانون رقم 394 لسنة 1956 آنف الذكر الذى انتهت اليه المحكمة، يكون المدعى محقا فى تعويضه عن الأضرار التى حاقت به نتيجة لاحالته الى المعاش فى سن الستين بالمخالفة لأحكام القانون ويتعين لذلك اجابته الى طلب الحكم له على الوزارة بأن تدفع له قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع الزامها بمصروفات هذا الطلب.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول طلب الغاء القرار الصادر من وزارة الأوقاف بانهاء خدمة المدعى القضاء له بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات المناسبة.