مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 633

(79)
جلسة 30 من أبريل سنة 1966

برئاسة الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وعبد الستار آدم المستشارين.

القضية رقم 169 لسنة 11 القضائية: (1)

( أ ) - موظف. "تأديب". "قرار تأديبى".
ما يصدر من السلطات التأديبية من قرارات فى شأن الموظفين - اعتباره قرارا اداريا - استثناء أحكام المحاكم التأديبية من ذلك.
(ب) - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى. قرار تأديبى.
مخاصمة القرارات الادارية قضائيا - يكون أمام محكمة القضاء الادارى أو المحاكم بحسب الأحوال.
(جـ) عمد ومشايخ. اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى.
لجنة العمد والمشايخ واللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 - الطعن من القرارات التأديبية الصادرة من أى من هاتين اللجنتين - يكون أمام المحكمة الادارية المختصة.
1 - أن ما يصدر من السلطات التأديبية من قرارات فى شأن الموظفين العموميين تعتبر بحسب التكييف السليم الذى أخذت به قوانين مجلس الدولة المتعاقبة من القرارات الادارية وذلك فيما عدا الأحكام التى تصدر من المحاكم التأديبية التى أسبغ عليها القانون رقم 117 لسنة 1958 وصف المحاكم كما تضمن النص فى كثير من مواده على أن ما تصدره أحكام لا قرارات ادارية - ومن ثم فلا وجه للالتجاء الى معايير التمييز بين القرار الادارى والعمل القضائى - للتعرف على طبيعة ما تصدره تلك المحاكم اذ محل الالتجاء الى تلك المعايير يكون عند عدم وجود النص.
2 - ان الأصل فى مخاصمة القرارات الادارية قضائيا سواء كانت صادرة من السلطات التأديبية أو من غيرها من الجهات الادارية - وانما يكون أمام محكمة القضاء الادارى أو المحاكم الادارية حسب الأحوال ويكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة حق الطعن فيما تصدره هذه المحاكم من أحكام أمام المحكمة الادارية العليا - ونصوص القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة قاطعة فى خضوع قرارات مجالس التأديب لهذا الأصل.
3 - ان لجنة العمد والمشايخ لا تخرج عن كونها لجنة ادارية تصدر قرارات ادارية لا أحكام وهى عندما توقع عقوبة على العمدة أو الشيخ تباشر اختصاصها تأديبيا لمجلس تأديب وكذلك شأن اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 عندما تفصل فى استئناف الوزير للقرارات التأديبية الصادرة من اللجنة الأولى - ولذلك فان الطعن بالغاء القرارات التأديبية الصادرة من لجنة العمد والمشايخ متى أصبحت نهائية وكذلك القرارات التأديبية الصادرة من اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 يكون أمام المحكمة الادارية المختصة لا أمام المحكمة الادارية العليا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الادارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل فى 3 من يوليو سنة 1963 أقام السيد/ سيد محمد عبد الوافى الدعوى رقم 344 لسنة 10 القضائية ضد وزارة الداخلية طالبا الحكم بالغاء القرار القاضى بفصله من مشيخة كفر بنى على مركز سمسطا مع الزامها بالمصاريف والأتعاب وقال شرحا لدعواه أنه بجلسة 22 من أبريل سنة 1963 أصدرت لجنة الشياخات بوزارة الداخلية قرارا بفصله باعتباره شيخا لناحية كفر بنى على سمسطا لأنه قام بتحصيل 145 جنيها من مستأجرين ولم يقم بتوريدها وحكم عليه فى القضية رقم 628 جنح سمسطا 1962 بحبسه شهرا مع الشغل وايقاف تنفيذ العقوبة على أن يكون الايقاف شاملا جميع الآثار الجنائية لمدة ثلاث سنوات وقررت مديرية الأمن احالته الى لجنة العمد والمشايخ للنظر فى أمره وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1962 قررت تغريمه خمسة جنيهات واعتبرت أن هذا الحكم ماس بكرامة الوظيفة مما يحط من قدره واستأنفت الوزارة قرار اللجنة فى 9 من فبراير لسنة 1962 باعتبار أن ما نسب اليه هو ارتكاب جريمة خيانة أمانة وان الحكم الصادر بالادانة ولو أنه موقوف تنفيذه وقفا شاملا لكافة الآثار الجنائية الا أنه يعتبر ماسا بنزاهة الشيخ المتهم ويفقده شرط حسن السمعة وقررت اللجنة فصله - وذكر المدعى أنه يطعن على هذا القرار لبطلانه ذلك أن الحكم الصادر بالادانة موقوف تنفيذه وفقا شاملا لكافة الآثار الجنائية فهو فى حكم القاضى بالبراءة ولا يعتبر سابقة ولا يمس الشرف ولا يتنافى مع حسن السير والسلوك.
وقدمت الوزارة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم: أصليا - بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واحتياطيا: بعدم قبولها ومن باب الاحتياط الكلى برفضها مع الزام المدعى فى جميع الحالات المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبنت دفعها بعدم الاختصاص على أن الشيخ يعتبر من الموظفين العموميين الذين تنطبق عليهم كافة الأحكام المتعلقة بالوظيفة العامة فيما عدا استحقاق المرتب وأنه وفقا لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1957 تعتبر لجنة العمد والمشايخ بمثابة مجلس تأديب ابتدائى واللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 بمثابة مجلس تأديب استئنافى وأن المستفاد من أحكام المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة والمادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية أن المشرع قد قصر طريق الطعن فى أحكام المحاكم التأديبية على الطعن أمام المحكمة الادارية العليا وكذلك الحال بالنسبة الى قرارات مجالس التأديب الخاصة بالهيئات والوزارات التى لا زالت بها مجالس تأديبية فتختص بالطعن فيها المحكمة الادارية العليا وحدها دون المحاكم الادارية أو محكمة القضاء الادارى - وبنت دفعها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد على أن ميعاد الطعن أمام المحكمة الادارية العليا يبدأ من تاريخ صدور الحكم سواء كان صادرا من محكمة القضاء الادارى أو من المحكمة الادارية أو من محكمة تأديبية أو من مجلس تأديب وقد صدر القرار المطعون فيه فى 22 من أبريل لسنة 1963 ولم يرفع المدعى دعواه الا بصحيفتها المودعة فى 3 من يوليو سنة 1963 أى بعد فوات أكثر من ستين يوما على تاريخ صدور القرار فتكون دعواه غير مقبولة شكلا ثم تحدثت الوزارة عن الموضوع منتهية الى القرار الصادر بفصل المدعى قد جاء موافقا للقانون ولا مطعن عليه.
وتقدم المدعى بمذكرة بدفاعه انتهى فيها الى التصميم على طلباته.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها انتهت فيها الى انها ترى الحكم باختصاص المحكمة الادارية المرفوعة اليها الدعوى بنظرها - وبقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها مع الزام المدعى المصروفات - وبنت الهيئة رأيها فى الدفع بعدم الاختصاص على انه يتضح من أحكام المادتين 29، 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 أن المشرع ناط بلجنة خاصة تأديب العمد والمشايخ عما يبدر منهم من سلوك يتعارض مع واجباتهم فهى بمثابة مجلس تأديب ولذوى الشأن من العمد والمشايخ حق الطعن فى أى قرار تصدره أمام المحكمة الادارية - هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لوزير الداخلية أن يعدل من قراراتها ولكن المشرع حال بينه وبين التعديل اذا كان القرار صادرا بالبراءة أو بغرامة فى حدود عشرة جنيهات وخوله حق استئناف القرار حتى فى غير هاتين الحالتين أمام اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 من ذلك القانون - وهذه اللجنة لم ينصبها المشرع لهذا الاختصاص فقط بل يعتبر هذا الاختصاص ثانويا بالنسبة اليها فهى ليست مجلس تأديب استئنافى وانما هى لجنة حكم بين وزير الداخلية لجنة العمد والمشايخ وآية ذلك انه ليس لذوى الشأن من العمد والمشايخ الطعن أمامها فى قرارات لجنة العمد والمشايخ كما هو الحال بالنسبة لقرارات مجلس التأديب الابتدائى يكون القياس على قراراته قياسا مع الفارق - هذا علاوة على أن فى الأخذ بدفع الوزارة حرمان لذوى الشأن من التقاضى على درجتين لأن هذه الميزة تتوافر بالنسبة الى الادارة فى هذه الحالة وتنعدم بالنسبة له لأنه محروم من الطعن أمام اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 وهذه التفرقة فيها اجحاف بحقوق هذه الفئة لا يسنده نص فى القانون - ثم تحدثت هيئة المفوضين عن الدفع بعدم القبول وذكرت أنه مؤسس على الدفع السابق وينهدم بطريق التبعية باندحاره - ثم تحدثت عن الموضوع وانتهت الى أن القرار المطعون فيه قد جاء مطابقا للقانون.
وعقبت الوزارة على تقرير هيئة المفوضين بقولها انه واضح من المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 أن اللجنة المنصوص عليها فيها تعتبر مجلس تأديب استئنافى ولا يقدح فى ذلك انه ليس لذوى الشأن من العمد والمشايخ الطعن أمام تلك اللجنة فى قرارات لجنة العمد والمشايخ لأن المشرع هو الذى ينظم طرق الطعن فى الأحكام ويحدد من لهم حق الطعن فيها ولأن اختصاص المحكمة الادارية العليا بنظر الطعون فى قرارات المجالس التأديبية قصد به تبسيط الاجراءات فى مراحل التأديب والقرارات المذكورة هى بمثابة أحكام صادرة من المحاكم التأديبية.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن من مقتضى نصوص المواد 29، 31، 32 من القانون 106 لسنة 1957 أن لجنة العمد والمشايخ واللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 انما تباشران اختصاصا تأديبيا وتعتبران بهذه المثابة من مجالس التأديب التى تختص بتأديب طائفة من موظفى الدولة فلجنة العمد المشايخ هى بمثابة مجلس تأديب ابتدائى واللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 هى بمثابة مجلس تأديب استئنافى ولا خلاف قانونا بين قرارات مجالس التأديب وبين أحكام المحاكم التأديبية من ناحية قصر الطعن رأسا ومباشرة فى هذا أو تلك أمام المحكمة الادارية العليا التى تختص وحدها دون المحاكم الادارية أو محكمة القضاء الادارى بنظره وذلك لاتحاد طبيعة القرارات الصادرة من المحاكم التأديبية ومجالس التأديب ولاتحاد الحكمة من قصر الطعن أمام المحكمة الادارية العليا واستندت المحكمة فى قضائها باحالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا الى نص المادة 135 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 والى المذكرة الايضاحية لهذا القانون الأخير.
ومن حيث ان طعن هيئة مفوضى الدولة يقوم على أن هذا الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله اذ قضى بعدم اختصاص المحكمة الادارية بنظر الدعوى باعتبار أن القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ بفصل المدعى هو قرار صادر من مجلس تأديب مما تختص المحكمة الادارية العليا بالنظر رأسا فى الطعن المقدم عنه ذلك انه يبين من نصوص المواد 29، 30، 31، 32 من القانون رقم 106 لسنة 1957 ان القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ فى شأن تأديبهم تخضع لاعتماد وزير الداخلية الذى يملك حق الغاء العقوبة أو خفضها اذا كانت صادرة بالفعل وبغرامة تجاوز عشرة جنيهات فى حين أن المشرع سار فى جميع التشريعات المنظمة لمجالس تأديب الموظفين على أن تصدر هذه المجالس قرارات نهائية لا تحتاج الى تصديق سلطة رئاسية أعلى - كما أخطأ الحكم المطعون فيه اذ أمر باحالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا لأن الاحالة لا تكون الا بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة.
ومن حيث ان وزارة الداخلية قد عقبت على هذا الطعن بمذكرة رددت فيها ما سبق أن أبدته من دفاع أمام المحكمة الادارية وذكرت أن المحكمة الادارية العليا هى المختصة بالنظر فى قرار اللجنة الاستئنافية المنصوص عليها فى المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 ولا يخضع قرار اللجنة المذكورة لتصديق الوزير أو لرقابته عن طريق الالغاء أو التعديل.
ومن حيث أنه يبين من الأوراق أنه فى 17 من فبراير سنة 1962 قررت لجنة العمد والمشايخ بمحافظة بنى سويف تغريم السيد/ سيد محمد عبد الوافى خمسة جنيهات وفى 5 من فبراير سنة 1963 استأنفت الوزارة هذا القرار وفى 22 من أبريل سنة 1963 قررت اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 قبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل القرار المستأنف وفصل المذكور من وظيفته كشيخ بقرية بنى على مركز سمسطا - وأعلن بهذا القرار فى 31 من يونيو لسنة 1963 فأقام دعواه طالبا الغاءه.
ومن حيث ان المحكمة الادارة قد بنت حكمها بعدم الاختصاص على أنه على مقتضى نصوص القانون رقم 106 لسنة 1957 تباشر كل من لجنة العمد والمشايخ واللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 من هذا القانون اختصاصا تأديبيا وتعتبر أولاهما بمثابة مجلس تأديب ابتدائى وثانيتهما بمثابة مجلس تأديب استئنافى ويطعن فى قراراتها رأسا أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث انه بالرجوع الى القانون المذكور الذى فى ظله صدر قرار فصل المدعى يبين انه قد نص فى المادة 29 منه على أنه (.. اذا قصر العمدة أو الشيخ أو أهمل فى القيام بواجباته أو أتى أمرا يخل بكرامته جاز للمدير بعد سماع أقواله أن يوقع جزاء بالانذار أو بغرامة لا تتجاوز جنيهين وللمدير أن يحيل العمدة أو الشيخ الى لجنة العمد والمشايخ اذا رأى أن ما وقع من أيهما يستوجب جزاء أشد - وللجنة أن توقع جزاء بالانذار أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيها أو بالفصل من العمدية أو الشياخة...) كما نص فى المادة 32 على أن (جميع القرارات التى تصدرها لجنة العمد والمشايخ يجب ابلاغها الى وزير الداخلية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها للنظر فى اعتمادها - وللوزير بالنسبة للقرارات التأديبية حق الغاء العقوبة أو خفضها اذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات - وله فى جميع الأحوال حق استئناف أى قرار تأديبى أمام اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 بشرط أن يتم ذلك فى ظرف ستين يوما من تاريخ صدور ذلك القرار والا اعتبر نهائيا) والمستفاد من هذين النصين أن المشرع فى أناط بكل من لجنة العمد والمشايخ واللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 اختصاصا تأديبيا عندما تنعقد أولاهما بهيئة تأديبية وتقوم بتوقيع احدى العقوبات التى خولها اياها القانون على العمد والمشايخ وعندما تنعقد ثانيتهما للنظر فى استئناف الوزير لأى قرار تأديبى صادر من اللجنة الأولى.
ومن حيث أن ما يصدر من السلطات التأديبية من قرارات فى شأن الموظفين العموميين تعتبر بحسب التكييف السليم الذى أخذت به قوانين مجلس الدولة المتعاقبة من القرارات الادارية وذلك فيما عدا الأحكام التى تصدر من المحاكم التأديبية التى أسبغ عليها القانون رقم 117 لسنة 1958 وصف المحاكم كما تضمن النص فى كثير من مواده على أن ما تصدره أحكام لا قرارات ادارية - ومن ثم فلا وجه للالتجاء الى معايير التمييز بين القرار الادارى والعمل القضائى - للتعرف على طبيعة ما تصدره تلك المحاكم - اذ محل الالتجاء الى تلك المعايير يكون عند عدم وجود النص.
وازاء نص القانون الصريح على أن ما تصدره المحاكم التأديبية أحكام، فانه لا محل للقول أصلا بأنها انما تصدر قرارات ادارية وفقا للمعيار الموضوعى للتمييز بين العمل القضائى والقرار الادارى.
ومن حيث أن الأصل فى مخاصمة القرارات الادارية قضائيا سواء كانت صادرة من السلطات التأديبية أو من غيرها من الجهات الادارية - انما يكون أمام محكمة القضاء الادارى أو المحاكم الادارية حسب الأحوال ويكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة حق الطعن فيما تصدره هذه المحاكم من أحكام أمام المحكمة الادارية العليا - ونصوص القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة قاطعة فى خضوع قرارات مجالس التأديب لهذا الأصل.
اذ بعد أن نص فى البند الرابع من المادة الثامنة منه على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى دون غيره بالفصل فى (الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بالغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية) نص فى البند الثانى من المادة 12 على أن لا تقبل الطلبات المقدمة رأسا بالغاء القرارات الادارية المنصوص عليها فى البندين "ثالثا" و"رابعا" عدا ما كان منها صادرا من مجالس تأديبية والبند "خامسا" من المادة 8 وذلك قبل التظلم منها الى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار أو الى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى التظلم) ثم نص فى المادة 13 منه على اختصاص المحاكم الادارية (بالفصل فى طلبات الغاء القرارات المنصوص عليها فى البنود "ثالثا" و"رابعا" و"خامسا" من المادة 8 عدا ما يتعلق منها بالعاملين المدنيين بالدولة من الدرجة السابعة فما فوقها أو ما يعادلها أو بالضباط وفى طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات) كما نص فى المادة 14 منه على أن (تختص محكمة القضاء الادارى بالفصل فى كل الطلبات والمنازعات المنصوص عليها فى المواد 8، 9، 10 عدا ما تختص به المحاكم الادارية) ووفقا لهذه النصوص تختص كل من المحاكم الادارية ومحكمة القضاء الادارى بطلبات الغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية ومن بينها القرارات الصادرة من مجالس التأديب - أما الطعن أمام المحكمة الادارية العليا فلا يكون وفقا لنص المادة 15 من القانون الا فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الادارى أو المحاكم الادارية أو المحاكم التأديبية كل ذلك ما لم يرد نص على خلاف الأحكام التى تضمنتها النصوص سالفة الذكر.
ومن حيث أن لجنة العمد والمشايخ لا تخرج عن كونها لجنة ادارية تصدر قرارات ادارية لا أحكام وهى عندما توقع عقوبة على العمدة أو الشيخ تباشر اختصاصها تأديبيا لمجلس تأديب وكذلك شأن اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 عندما تفصل فى استئناف الوزير للقرارات التأديبية الصادرة من اللجنة الأولى - ولذلك فان الطعن بالغاء القرارات التأديبية الصادرة من لجنة العمد والمشايخ متى أصبحت نهائية وكذلك القرارات التأديبية الصادرة من اللجنة المنصوص عليها فى المادة 31 يكون أمام المحكمة الادارية المختصة لا أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه اذ ذهب غير هذا المذهب وقضى بعدم اختصاص المحكمة الادارية بنظر دعوى الغاء القرار الصادر بفصل المدعى يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله كما أنه خالف القانون أيضا اذ أحال هذه الدعوى الى المحكمة الادارية العليا ذلك أن الاحالة وفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة.
ومن حيث انه لذلك يتعين الغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بنظر الدعوى وباعادتها اليها للفصل فيها.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص المحكمة الادارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بنظر الدعوى.


(1) بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة فى نفس الجلسة فى القضايا أرقام 127 لسنة 11 ق و1968 لسنة 11 ق و235 لسنة 11 ق.