مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 660

(82)
جلسة 14 من مايو سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1564 لسنة 10 القضائية

براءة اختراع. "دعوى". الدعوى الجنائية المقامة بشأن براءات الاختراع لا توقف دعوى الالغاء - امكان قيام الدعويين معا - أساس ذلك من أحكام القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية معدلا بالقانون رقم 650 لسنة 1955 ومن اختلاف القضاء الادارى عن القضاء الجنائى من حيث الولاية والاختصاص الوظيفى والطبيعة.
ان القانون رقم 650 لسنة 1955 قد تضمن تعديل المادة 49 من القانون رقم 132 لسنة 1949 بحيث أصبح نصها بعد تعديله يقضى بأنه لا يجوز لصاحب براءة الاختراع أو الرسم أو النموذج أثناء نظر الدعوى الادارية أو الجنائية أن يستصدر من رئيس محكمة القضاء الادارى أمرا باتخاذ الاجراءات التحفظية..) ومفهوم هذه الفقرة وبقية فقرات المادة المذكورة تصور امكان قيام الدعويين معا الجنائية والادارية بل أنها سوغت لصاحب الشأن أن يلجأ الى محكمة القضاء الادارى بطلب بعض الاجراءات التحفظية على الرغم من قيام الدعوى أمام المحكمة الجنائية ومن ناحية أخرى فان القاعدة أن الدعوى الجنائية توقف الفصل فى الدعوى المدنية انما ترد عندما يتعلق الأمر بقضاء واحد صاحب ولاية واحدة واختصاص وظيفى واحد وانما الخلاف فيه هو خلاف متعلق بنوع الدعوى فحسب والمحكمتان المدنية والجنائية كلتاهما جزء من نظام قضائى واحد تتبعانه معا فى حين أن الأمر ليس كذلك بالنسبة الى القضاء الادارى الذى هو نظام قضائى آخر مستقل بأوضاعه ذو آفاق مختلفة وطبيعة مغايرة لا تربطه بالقضاء الجنائى وحدة تسلكه معه فى تنظيم واحد وقياس القضاء الادارى على القضاء المدنى بحسبانه قضاء تعويض مآلا على نحو ما يذهب اليه صاحب الدفع قياس مع الفارق ومن ثم فان الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية يكون على غير أساس سليم خليقا بالرفض وكذلك الحال بالنسبة الى طلب وقفها لحين الفصل فى الدعوى الجنائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
.................................................
.................................................
.................................................
ومن حيث ان الطعن قد أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن فى السببين الأول والثانى منهما على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه بطلان فى الاجراءات لعدم فصله فى منطوقه فى طلبه الاحتياطى الخاص بوقف الفصل فى الدعوى حتى يحكم فى الدعوى الجنائية رقم 4504 لسنة 1962 جنح الساحل وأنه خالف القانون فيما انتهى اليه من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها على خلاف حكم القانون.
ومن حيث أن طلبات الطاعن حسبما حددها فى مذكرته الختامية المقدمة الى محكمة القضاء الادارى هى وقف الفصل فى الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية حتى يفصل فى الدعوى الجنائية رقم 4504 لسنة 1962 جنح الساحل. وقد تصفحت هذه المذكرة قوله أن القضاء الادارى فى النهاية قضاء تعويض يشترك مع القضاء المدنى فى هذا المفهوم فتكون تلك الدعوى غير مقبولة لرفعها قبل الأوان أو على الأقل يتعين وقف الفصل فيما حتى يحكم نهائيا فى الدعوى الجنائية.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه رد على ما أثاره الطاعن فى شأن طلب الحكم بعدم قبول الدعوى أو وقفها بقوله:
ان القانون رقم 650 لسنة 1955 قد تضمن تعديل المادة 49 من القانون رقم 132 لسنة 1949 بحيث أصبح نصها بعد تعديله يقضى بأنه (يجوز لصاحب براءة الاختراع أو النموذج أثناء نظر الدعوى الادارية أو الجنائية أن يستصدر من رئيس محكمة القضاء الادارى أمرا باتخاذ الاجراءات التحفظية..) ومفهوم هذه الفقرة وبقية فقرات المادة المذكورة تصور امكان قيام الدعويين معا الجنائية والادارية. بل انها سوغت لصاحب الشأن أن يلجأ الى محكمة القضاء الادارى بطلب بعض الاجراءات التحفظية على الرغم من قيام الدعوى أمام المحكمة الجنائية ومن ناحية أخرى فان القاعدة أن الدعوى الجنائية توقف الفصل فى الدعوى المدنية انما ترد عندما يتعلق الأمر بقضاء واحد صاحب ولاية واحدة واختصاص وظيفى واحد وانما الخلاف فيه هو خلاف متعلق بنوع الدعوى فحسب والمحكمتان المدنية والجنائية كلتاهما جزء من نظام قضائى واحد تتبعانه معا فى حين أن الأمر ليس كذلك بالنسبة الى القضاء الادارى الذى هو نظام قضائى آخر مستقل بأوضاعه ذو آفاق مختلفة وطبيعة مغايرة لا تربطه بالقضاء الجنائى وحدة تسلكه معه فى تنظيم واحد وقياس القضاء الادارى على القضاء المدنى بحسبانه قضاء تعويض مآلا على نحو ما يذهب اليه صاحب الدفع قياس مع الفارق ومن ثم فان الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية يكون على غير أساس لحين الفصل فى الدعوى الجنائية.
هذا الذى قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه فى هذا الشأن يتفق وصحيح القانون - ولئن كان منطوق الحكم المذكور قد خلا من النص على رفض طلب وقف الدعوى لحين الفصل فى الدعوى الجنائية الا أن ذلك لا ينطوى على قصور وليس من شأنه أن يشوبه بأى بطلان ما دامت أسبابه قد تضمنت الفصل فى الطلب المذكور فكان حسب الحكم بعد ذلك أن يفصل فى منطوقه فى موضوع الدعوى اذ فى ذلك افصاح عن قضاء المحكمة برفض أى طلب أو دفع من شأنه ارجاء الفصل فى هذا الموضوع.
ومن حيث انه لذلك يكون النعى على الحكم للسببين المتقدمين على غير أساس.
ومن حيث ان السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه بقضائه فى الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية بشطب التسجيلين المقيدين باسم الطاعن قد تناقض مع قضائه فى الدعوى رقم 324 لسنة 17 القضائية بشطب التسجيل المقيد باسم المطعون ضده كما تناقض مع الحكم الصادر فى الدعوى رقم 259 لسنة 17 القضائية بعدم الاختصاص اذ رغم أن الحكم فى كل من الدعويين الأخيرين قد انتهى الى أن الطاعن مالك للنموذجين فان الحكم فى الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية قد انتهى الى نتيجة عكسية تقوم على الخلط فى صفة ذى الشأن وخلع هذه الصفة التى ثبتت للطاعن على المطعون ضده.
ومن حيث ان المادة 46 من القانون رقم 132 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 650 لسنة 1955 قد أجازت لكل ذى شأن أن يطلب من محكمة القضاء الادارى شطب تسجيل الرسم أو النموذج اذا لم يكن جديدا وقت التسجيل أو اذا تم التسجيل باسم شخص غير المالك الحقيقى للرسم أو النموذج - والثابت من الأوراق أن كلا من الطاعن ساهاج كالايجيان والسيد عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن بصفته مديرا لشركة مصر لصناعة الزجاج كانا يتنازعان ملكية نموذجى طبقى النجف الزجاجيين المسجلين باسم الطاعن وقد قام السيد عبد الرحمن أحمد بتسجيلها باسم الشركة المذكورة وأقام كل منهما دعوى طلب فيها الحكم بشطب تسجيل النموذجين باسم الآخر - كما أن الثابت من الأوراق أيضا أن السيد عبد الرحمن أحمد كان يقوم بانتاج أطباق وفقا للنموذجين سالفى الذكر وأنه بناء على شكوى من الطاعن اتهم فى قضية الجنحة رقم 4504 لسنة 1962 جنح الساحل بأنه قلد موضوع نموذج صناعى تم تسجيله قانونا وباع وعرض للبيع منتجات مقلدة - ومما لا شك فيه فى مثل هذه الظروف أن للسيد/ عبد الرحمن أحمد بصفته مصلحة جدية فى طلب شطب تسجيلى النموذجين باسم الطاعن حتى يتمكن من الاستمرار فى انتاج الأطباق وفقا لهما دون أن يتهم بالتقليد ولكى ينفى صفة الجريمة عن التهمة الموجهة اليه فى الجنحة سالفة الذكر. واذ أصدرت محكمة القضاء الادارى حكمها المطعون فيه فى الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية على أساس اعتباره ذى شأن فى طلب شطب تسجيلى النموذجين باسم الطاعن فانها لا تكون قد خالفت القانون ولا يكون هذا الحكم منطويا على خلط فى صفات ذوى الشأن.
ومن حيث انه بالاضافة الى ما تقدم فان الحكم المطعون فيه بقضائه بشطب تسجيل النموذجين باسم الطاعن لا ينطوى على أى تناقض مع قضائه فى الدعوى رقم 324 لسنة 17 القضائية بشطب تسجيلها باسم شركة مصر لصناعة الزجاج (عبد الرحمن أحمد وشركاه) وذلك أن قضاءه بالشطب لم يكن تأسيسا على ملكية أى من هذين المتنازعين للنموذجين موضوع التسجيلات بل كان تأسيسا على ما استخلصته المحكمة من الأوراق من أن الأطباق التى يزعم المذكوران ابتكارهما متداولة فى الأسواق منذ عدة سنوات سابقة على تسجيل أى منهما لها باسمه الأمر الذى يدل حسبما جاء بأسباب الحكم - على أن التسجيل لكليهما قد تم على غير مقتضى القانون كما أنه لا تناقض بين الحكم بالغاء هذه التسجيلات وبين ما قضت به المحكمة فى الدعوى رقم 259 لسنة 17 القضائية المقامة من السيد عبد الرحمن أحمد بصفته مدير شركة مصر لصناعة الزجاج ضد السيد وزير التموين والتى تدخل فيها الطاعن ساهاج كالايجيان - ذلك أن المدعى قد أقام هذه الدعوى بعد أن قام أحد مفتشى المراقبة العامة للرقابة التجارية بصفته من مأمورى الضبط القضائى فى مجال تنفيذ القانون رقم 132 لسنة 1949 بالتحفظ على بعض الأطباق التى انتجتها الشركة وفقا للنموذجين المسجلين باسم الطاعن وكانت الطلبات فى الدعوى المذكورة هى الحكم أصليا بالغاء القرار الصادر بالتحفظ على منقولات الشركة واحتياطيا بالغاء القرار السلبى بالامتناع عن اصدار قرار بالافراج عن الأشياء المضبوطة وقضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظرها تأسيسا على أن تحريز المضبوطات فى الدعوى الجنائية والتحفظ عليها لحين صدور الحكم فيها أو الافراج عنها يعتبر من صميم أعمال التحقيق والمحاكمة وتكون القرارات المتعلقة بها الايجابية والسلبية على حد سواء خارجة عن ولاية القضاء الادارى لأنها ليست بالقرارات الادارية - وليس هناك أى تناقض بين قضاء المحكمة بعدم الاختصاص على الأساس المتقدم وبين الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1133 لسنة 16 القضائية بشطب تسجيلى النموذجين باسم الطاعن ساهاج كالايجيان.
ومن حيث انه لذلك يكون النعى على الحكم المطعون فيه بالتناقض والخلط بين صفات ذوى الشأن غير قائم على أساس.
ومن حيث أن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الرابع من أسباب طعنه أنه أقام قضاءه على واقعة محرفة بمقولة أنه قد اعترف بأنه أذاع النموذجين وهو ما لا أصل له فى الأوراق.
ومن حيث ان محكمة القضاء الادارى قد أقامت اقتناعها باذاعة نموذجى طبقى النجف الزجاجين من قبل تسجيلهما على ما أوردته فى أسباب حكمها المطعون فيه من أن الطاعن قد اعترف فيما قدمه من مستندات بأنه قام فى عامى 1959، 1960 وبداية عام 1961 بل وفيما سبق عام 1959 بتصنيع أطباق النموذجين المسجلين باسمه فى 25 من نوفمبر سنة 1961 و28 من يناير سنة 1962 كما اعترف بطرح الكميات المستصنعة من هذه الأطباق فى تلك السنوات فى الأسواق العامة - ورتبت المحكمة على ذلك أن عنصر الجدة اللازم توافره قانونا لكى يصح التسجيل يكون غير قائم ولا محقق فى الخصوصية محل النزاع.
ومن حيث انه بالرجوع الى المستندات المقدمة من الطاعن لمحكمة القضاء الادارى فى حافظته المقيدة تحت رقم 7 دوسيه يبين انها تدل على انه قد باع آلاف عديدة من أطباق النجف الزجاجية خلال السنتين السابقتين على تسجيله للنموذجين باسمه وتضمن تلخيص الطاعن لتلك المستندات على الحافظة المشار اليها أنها عن (طبق) أو (طبقى زجاج النجف المسجلين باسمه موضوع الدعوى) واذ استخلص الحكم المطعون فيه من تلك المستندات أن هذين النموذجين قد أذيعا بطرح الكميات المستصنعة من الأطباق وفقا لهما فى الأسواق قبل التسجيل يكون استخلاصه سائغا ومستمدا من أصول تنتجه - ولا شك فى أن طرح الطاعن تلك الكميات الكبيرة من الأطباق للبيع على هذا الوجه قبل تسجيل النموذجين ينطوى على تخليه عما قد يكون له من حقوق عليهما ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق اذ بنى على اذاعة النموذجين على الوجه المذكور انتفاء عنصر الجدة اللازم توافره قانونا لكى يصح التسجيل.
ومن حيث انه لذلك يكون الطعن غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه رفضه والزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث ان ادارة الرسوم والنماذج الصناعية هى المختصة وفقا لحكم المادة 46 من القانون رقم 132 لسنة 1949 بتنفيذ الأحكام الصادرة بشطب تسجيل النماذج فانه لا محل لاجابتها الى طلبها اخراج الحكومة من الدعوى.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن ساهاج كالايجيان المصروفات.