مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 الى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 726

(90)
جلسة 25 من يونيه سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسين رفعت وعزت عبد المحسن وعبد الستار آدم المستشارين.

القضية رقم 710 لسنة 10 القضائية

( أ ) - موظف. "تقرير درجة الكفاية". التقرير السنوى الخاص بتقدير درجة كفاية الموظف - قرار ادارى نهائى - تحصنه بفوات الميعاد المقرر قانونا للاعفاء ما لم يكن قد قام به وجه من أوجه الانعدام.
(ب) - محكمة تأديبية. "سلطتها". موظف: "تقدير درجة الكفاية". الأثر المترتب على تقديم تقريرين متتاليين عن الموظف بدرجة ضعيف - المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - سلطة المحكمة التأديبية عند نظر حالة الموظف فى مجال أعمال حكم هذه المادة - وجوب فحص حالة الموظف من كل الوجوه والنظر فى الأسباب الحقيقية للضعف المنسوب اليه اذ قد يكون من بينها ما يعد سببا أجنبيا لا يسأل الموظف عن نتائجه.
(جـ) - موظف. "تقرير درجة الكفاية".
الآثار المترتبة على تقديم تقريرين متتاليين عن الموظف بدرجة ضعيف - المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - الآثار المشار اليها وأن لم تكن لها طبيعة التأديب الا أنها لا تخرج عن كونها جزاءات على ضعف الكفاية - عدم ترتيب هذه لآثار اذا كان ضعف كفاية الموظف يرجع الى اصابته بمرض عقلى.
1 - أن التقرير السنوى المقدم عن الموظف بعد استيفاء مراحله - هو بمثابة قرار ادارى نهائى يؤثر مآلا فى الترقية أو منح العلاوة أو خفض الدرجة أو المرتب أو فى الفصل من الوظيفة - وعلى أنه بهذه المثابة فان ولاية التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى انما هى لقضاء الالغاء باعتباره القضاء الذى شرعه القانون للطعن فى القرارات الادارية فاذا فوت صاحب الشأن على نفسه فرصة الطعن فى التقرير فى الميعاد القانونى لاستصدار حكم بالغائه من قضاء الالغاء فان التقرير يصبح حصينا من الالغاء ولا سبيل الى مناقشته وزعزعة هذه الحصانة الا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى.
2 - أن ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال اعمال حكم المادة 32 سالفة الذكر منوطة بما نصت عليه هذه المادة وهو فحص حالة الموظف الذى يقدم عنه تقريران متتاليان بمرتبه ضعيف لتقف على مدى صلاحيته وتحدد على هذا الأساس المركز الذى يوضع فيه - ومما لا شك فيه أن هذا الفحص يتعين أن يكون دقيقا شاملا لحالة الموظف ولجميع العوامل التى أثرت على مقدرته وانتاجه وكفايته وأن يتناسب فى شموله ودقته مع جسامة الآثار التى تترتب على نتيجته والتى قد تصل الى الفصل فى الوظيفة - ومتى تم الفحص على هذا الوجه أمكن الوقوف على الأسباب الحقيقية للضعف المنسوب الى الموظف وعلى ما اذا كان من بينها ما يعد سببا أجنبيا حال دون قيامه بواجباته بدقة وكفاية - وبذلك تستطيع المحكمة أن تصل الى تقدير سليم لحالته توازن على أساسه بين هذه الحالة وبين المركز الذى تقضى بوضعه فيه مدخلة فى اعتبارها جميع العناصر ذات الأثر فى هذا الشأن ومن بينها ما يكون قد أصيب به من أمراض حالت دون قيامه بواجباته بالدقة والكفاية المتطبتين اذ من بين الأمراض ما يؤثر تأثيرا خطيرا على سلوك الموظف وكفايته ويعتبر سببا خارجا عن ارادته بحيث لا يسوغ مساءلته عن نتائجه.
3 - متى ثبت أن الطاعن كان خلال عام 1961 مصابا بمرض عقلى فانه كان يتعين اعفاؤه من معقبات هذا المرض ذى الأثر الخطير على سلوكه وكفايته ومن بين هذه المعقبات أعمال أحكام المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأن تأسيسا على أنه قدم عنه تقريران متتاليان بمرتبة ضعيف أحدهما تقرير عن عام 1961 المشار اليه - وهى أحكام من شأن أعمالها أن تترتب عليها آثار خطيرة قد تصل الى الفصل من الوظيفة وهو ما تحقق فعلا بالنسبة الى الطاعن بعد أن قدم عنه تقرير ثالث بمرتبة ضعيف عن عام 1963 - ذلك أن هذه الآثار ولئن لم تكن لها طبيعة التأديب الا أنها لا تخرج عن كونها جزاءات على ضعف الكفاية لا يجوز اعمالها فى حق موظف كان عند تقدير كفايته مصابا باضطراب عقلى - اذ أن هذا المرض يعتبر سببا أجنبيا لا يد للطاعن فيه حال دون قيامه بواجبات وظيفته على الوجه المطلوب فلا يسوغ مساءلته عن معقباته وليس فى عدم اعمال أحكام المادة 32 المشار اليها فى شأن الموظف المصاب بمثل هذا المرض ما ينطوى على عدم رعاية للصالح العام ولحسن سير العمل فى المرافق العامة اذ تكلفت أحكام القانون بتنظيم مركز الموظف المريض وانهاء خدمته - عند الاقتضاء - بسبب عدم اللياقة الصحية وذلك على الوجه الذى ارتآه المشرع كفيلا بتحقيق المصلحة العامة والمواءمة بينها وبين مصلحة الموظف المريض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان القرار المطعون فيه صدر بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1963 وتقدم الطاعن فى 9 من يناير سنة 1964 بطلب الى لجنة المساعدة القضائية قيد برقم 49 لسنة 10 القضائية التمس فيه اعفاءه من رسوم الطعن وبجلسة 20 من يناير سنة 1964 رفض هذا الطلب فأودع الطاعن تقريرا بالطعن قلم كتاب هذه المحكمة فى 19 من مارس سنة 1964 أى خلال الستين يوما التالية لرفض طلب الاعفاء من الرسوم ومن ثم يكون الطعن قد أقيم فى الميعاد مستوفيا أوضاعة الشكلية.
ومن حيث ان عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن النيابة الادارية طلبت فى 30 من سبتمبر سنة 1963 عرض حالة السيد/ محمود فوزى عبد الخالق الموظف من الدرجة الثامنة بهيئة صندوق توفير البريد على المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفى وزارة الاقتصاد واعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأنه استنادا الى أنه قد قدم عنه تقريران متتاليان فى سنتى 1961، 1962 قدرت فيهما كفايته بدرجة ضعيف - وقيد الطلب تحت رقم 14 لسنة 5 القضائية.
وتقدم الدفاع عن الموظف المذكور بمذكرة قال فيها انه عين بهيئة صندوق توفير البريد فى 3 من فبراير لسنة 1960 عن طريق مسابقة لديوان الموظفين والتحق بقسم المراجعة وظل به قرابة سنة ونصف ونظرا الى ضغط العمل خلال السنة الأخيرة أصابه انهيار عصبى ظل يعالج منه فى شهرى نوفمبر وديسمبر سنة 1960 وكانت مرتبة كفايته عن سنة 1960 بدرجة مرضى - وفى 13 من أغسطس سنة 1961 نقل الى قسم الشئون القانونية ووظل بهذا القسم حتى 28 من سبتمبر سنة 1961 وفى غضون تلك المدة تقرر نقله الى منطقة توفير شبرا ثم عدل هذا القرار بنقله الى قسم المخازن وذلك لأن الهيئة بدا لها أن سابقة مرضه بالانهيار العصبى لا تجعله صالحا صلاحية كاملة للاضطلاع بأعمال التوفير وعمل فى قسم المخازن تحت امرة السيد/ السيد عبد الغنى وحدث أن اشترك مع رئيسه هذا فى لجنة لشراء ملابس واختلف معه فى طريقة الشراء فأقصاه من اللجنة وأجرت النيابة الادارية تحقيقا فى شأن هذه الصفقة وجوزى السيد عبد الغنى بخصم خمسة أيام من مرتبه الأمر الذى آثار حفيظته عليه فقدر كفايته عن عام 1961 بمرتبة ضعيف رغم أن المدة التى عمل فيها معه لا تجاوز ثلاثة أشهر - وفى 31 من مارس سنة 1962 نقل الى قسم الميزانية اليومية حيث أظهر كفاءة ونشاطا ملحوظين وشغل وظيفة مراجع للاستثمار وفى 3 من نوفمبر سنة 1962 نقلته الهيئة الى منطقة توفير الظاهر رغم أنه ممنوع من العمل فى المناطق التوفيرية وظل بها حتى 28 من نوفمبر سنة 1962 حيث نقل الى قسم المحفوظات وتصادف أن نقل أيضا الى هذا القسم السيد عبد الغنى فطلب هو نقله الى قسم آخر ولكن طلبه رفض - كما طلب أن يقوم بوضع تقريره السرى العام 1962 رئيس قسم الميزانية اليومية أو أى شخص آخر غير السيد عبد الغنى فلم يجب الى طلبه ووضع خصمه التقرير وأضاف السيد/ محمود فوزى أن المدة التى قضاها تحت رئاسة السيد عبد الغنى هى ثلاثة أشهر فى سنة 1961 وشهر ويومان فى سنة 1962 فلا يمكن الاعتداد بالتقريرين اللذين وضعهما المذكور - وطلب رفض طلب النيابة الادارية وعدم الاعتداد بالتقريرين المقدمين عن درجة الكفاية - وأرفق بمذكرته حافظة تضمنت شهادة من زملائه موظفى قسم محفوظات هيئة صندوق توفير البريد الموقعة فى أكتوبر سنة 1963 شهدوا فيما بأنه يقوم بعمله المسند اليه خير قيام وأنه مثل طيب بينهم من ناحية اخلاقه وكفاءته فى العمل وتربطه بهم روح الزماله العالية - كما تضمنت الحافظة طلبا مقدما منه الى رئيس قسم المحفوظات مؤشرا عليه فى 10 من أكتوبر سنة 1963 بما يفيد أنه ليس لديه متأخرات حتى يوم 2 من سبتمبر سنة 1963
وبجلسة 10 من نوفمبر سنة 1963 قررت المحكمة التأديبية نقل السيد/ محمود فوزى عبد الخالق الى وظيفة أخرى بذات درجته مع خفض مرتبه فيها بمقدار جنيه واحد شهريا وأقامت قرارها على أن الثابت من الأوراق أن الموظف المذكور لم يطعن على التقريرين المذكورين أمام قضاء الالغاء المختص كما أن جهة الادارة لم تسحب أيا منهما فى الميعاد القانونى ولم يقم بهما عيب بعد مهما فلا مندوحة من أن تعمل المحكمة فى شأن هذا الموظف حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وذكرت أنها قد استبانت من الاطلاع على ملف خدمته أن تقدير كفايته فى السنتين 1961، 1962 بدرجة ضعيف كان ماثلا فى أهماله واستهتاره وتهاونه فى العمل وكثرة مشاغباته وتعديه على زملائه وأنها رأت أن تتيح له فرصة أخيرة ليصلح من أمره ويقوم نفسه بنقله الى وظيفة أخرى بذات درجته مع خفض مرتبه بمقدار جنيه واحدا شهريا.
وتنفيذا لهذا القرار أصدر عضو مجلس الادارة المنتدب لهيئة صندوق توفير البريد القرار رقم 56 فى 11 من ديسمبر سنة 1963 بخفض مرتب السيد/ محمود فوزى عبد الخالق بمقدار جنيه شهريا اعتبارا من 10 من نوفمبر سنة 1963
ومن حيث ان الطعن يقوم على سببين:
الأول: ان التقريرين اللذين وضعا عن الطاعن فى سنتى 1961، 1962 غير مطابقين للواقع ومشوبان بالانحراف ولم يهدف بهما رئيسه السيد عبد الغنى الذى وضعهما الا التشفى منه رغم قصر المدة التى عملها تحت امرته.
والثانى: أن الطاعن قد أصيب بمرض عصبى قبل عام 1961 وظل مريضا بهذا المرض الى الآن تحت ملاحظة الأطباء وعلاجهم كما تثبت ذلك التقارير الطبية التى يحتويها ملف خدمته ولا تصح مساءلة الموظف المريض بأى مرض عصبى أو عقلى أو نفسى أو مجازاته الا بعد شفائه أو استقرار حالته المرضية استقرارا يمكنه من العودة لمباشرة أعمال وظيفته كما هو مستفاد من القانون رقم 112 لسنة 1963 ومن المادة 62 من قانون العقوبات - ولو أن المحكمة التأديبية عنيت بفحص ملف خدمته لاستبانت صحة هذا الدفاع من تقارير القومسيونات التى أوضحت حالته الصحية.
ومن حيث أن هيئة مفوضى الدولة أودعت تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وذلك تأسيسا على أن المحكمة التأديبية ليست محكمة الغاء وأنها بهذه المثابة لا تملك التعقيب على التقديرات الواردة فى التقرير السرى السنوى.
ومن حيث أن الدفاع عن الطاعن قد عقب على هذا التقرير بمذكرة قال فيها أن مناط أعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن تتبين الهيئة المشكل منها مجلس التأديب أن الموظف قادر على الاضطلاع بأعباء وظيفته وأن تفحص حالته وتبين الأسباب التى أدت الى عدم قدرته على الاضطلاع بأعباء هذه الوظيفة قبل أن تنزل حكمها عليه وأن الثابت من ملف خدمته ومن الأوراق المقدمة منه أنه أصيب بمرض عصبى من قبل سنة 1961 وردد ما جاء بتقرير الطعن فى شأن هذا المرض وأثره - وأضاف أن ما نسب اليه من استهتار ومشاغبة وتعد على زملائه وتهاون فى العمل - على فرض صحته - أنما مرده الى حالته المرضية والعقلية والعصبية الثابتة بالتقارير الطبية فيكون التقريران الموضوعان عنه عن سنتى 1961، 1962 قد شابهما عيب جوهرى يعد مهما ويبطلهما اذ كان يتعين على الجهة الادارية التى وضعتهما وهى التى تقوم بعرضه على القومسيون الطبى دوريا - أن تراعى حالته المرضية وأنه اذا كان لم يطعن فى هذين التقريرين بالالغاء فانما مرد ذلك الى تلك الحالة المرضية العقلية التى أصابته وأنه ازاء ثبوت حالته المرضية لسوء حالته العصبية والعقلية التى لم يشف منها بعد التى تعدم مسئوليته لم يكن يصح مجازاته على هذا النحو ويكون قرار المحكمة التأديبية قد خالف القانون لمخالفته حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 طالما أنه ثبت لها أنه غير قادر على الاضطلاع بأعباء الوظيفة بسبب تلك الحالة المرضية - وأودع حافظتين بمستنداته تضمنت الأولى مستخرجا رسميا من دفتر العيادة النفسية بمستشفى الدمرداش مؤرخا فى 14 من مارس سنة 1964 تضمن أن المريض محمود فوزى عبد الخالق عرض على العيادة الخارجية بمستشفى جامعة عين شمس قسم الأمراض العصبية والنفسية وكان يتردد لأخذ العلاج مرتين أسبوعيا فى عام 1960، ثم نصح بالتردد للعيادة الخارجية مرة كل شهر ولا زال مترددا الى الآن) وتضمنت الحافظة الثانية صورة رسمية من الكتاب المرسل من رئيس القومسيون الطبى العام الى مدير مستخدمى هيئة صندوق توفير البريد المؤرخ فى 19 من أبريل سنة 1964 وقد جاء به أنه قد كشف على محمود فوزى عبد الخالق فى جلسة اللجنة الطبية العامة بمحافظة القاهرة فوجد عنده اضطراب نفسى ومنح ثلاثين يوما أجازة امتدادا من 9 من مايو سنة 1963 ويعاد الكشف عليه قبل عودته لعمله.
ومن حيث أن النيابة الادارية قد تقدمت بمذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن مع الزام رافعة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - وقالت أن الطاعن لم يطعن فى التقريرين الذين قدما عنه بدرجة ضعيف بالطريق الذى حدده المشرع الأمر الذى جعلهما نهائيين هذا فضلا عن أنه لم يشبهما عيب من عيوب الانعدام ومن ثم كان لزاما على المحكمة التأديبية أن تغل يدها عن البحث فيما يثيره الطاعن حول التقريرين من عيوب لا تصل الى درجة الانعدام وأن تعمل حكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وأضافت انه لو كان الطاعن جادا فى الادعاء بأن مرضه منعه من الطعن على التقريرين المذكورين لأثار ذلك وقت تقديمه للمحكمة التأديبية خاصة وانه حضر أمامها وأبدى دفاعه الذى قرر فيه أنه لم يطعن على التقريرين - كما أن المرض الذى يدعيه لم يمنعه من الطعن على حكم المحكمة التأديبية فضلا عن أنه لا يعدو أهليته ولا يشوبها بالنقص أنه بالرجوع الى خطاب القومسيون الطبى المؤرخ 19 من أكتوبر سنة 1962 (والمرفق بملف الخدمة/ الاجازات) يبين أن القومسيون قد قرر انه خلو من المرض النفسى والعقلى كما قرر القومسيون الطبى بجلسة 5 من فبراير سنة 1963 أنه خلو من المرض النفسى والعقلى فى ذلك التاريخ ويستمر فى عمله وقرر ذلك أيضا بجلسة 9 من فبراير سنة 1963 وأضافت النيابة الادارية أنه اذا كانت بعض تقارير القومسيون الطبى قد جاء بها ما يفيد أن الطاعن مريض نفسانيا فان هذا المرض لا يعتبر من الأمراض العقلية التى تعدم المسئولية بحيث لا يؤاخذ الطاعن على عدم طعنه فى تقارير كفايته عن سنتى 1961، 1962 ولو كان مريضا بمرض عقلى لما قبل طعنه بل لتعين أن يعين من يتولى الدعوى نيابة عنه - وعقبت على طعنه على هذين التقريرين بقولها أن القانون لم يشترط أن يكون الرئيس المباشر للموظف الذى يضع عنه التقرير هو الذى أمضى معه العام بأكمله وأنه لو صح أن هناك خصومة بينه وبين السيد عبد الغنى فانه هذا الرئيس لا ينفرد بوضع التقرير بل تضعه لجنة شئون الموظفين وأشارت النيابة الادارية الى ما وقع على الطاعن من جزاءات فى سنة 1962 وبعدها وعبرت على استنادة الى القانون رقم 112 لسنة 1963 بقولها أنه ليس مرضا بأحد الأمراض المنصوص عليها فى هذا القانون وأن الاستناد الى هذا القانون ليس مجاله هذا الطعن.
ومن حيث أن الدفاع عن الطاعن قد تقدم بمذكرة تكميلية أضاف فيها الى ما حوته مذكرته الأولى أنه بالرجوع الى ملف الاجازات الخاص به يبين أنه يتضمن.
1 - شهادة بتوقيع الكشف الطبى عليه من مفتش صحة الظاهر أثبت بها أنه مصاب بحالة عصبية حادة وصرح له بأجازة عشرة أيام من 5 من أكتوبر سنة 1960.
2 - نتيجة الكشف الطبى من القومسيونات الطبية بتاريخ 11 من ديسمبر سنة 1960 والثابت بها انه وجد عنده اضطراب عقلى فى طريق التحسن وانه قد صرح له بسته وأربعين يوما امتداد من 15 من أكتوبر سنة 1960 تاريخ انتهاء الاجازة السابقة على أن يعاد الكشف الطبى العام عليه قبل عودته الى عمله.
3 - نتيجة الكشف الطبى من القومسيونات الطبية بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1960 وثابت بها انه وجد عنده اضطراب عقلى متحسن على أن يعود لعمله فى اليوم التالى ويكلف بعمل لا يقتضى مسئولية وتحت اشراف ويعاد الكشف عليه بعد شهرين بتقرير من رئيسه ويظل تحت تصرف القومسيون.
4 - خطاب ادارة مستخدمى هيئة صندوق توفير البريد للسيد مدير عام مصلحة القومسيونات الطبية المؤرخ فى 18 من سبتمبر سنة 1961 تطلب فيه اعادة الكشف الطبى عليه تنفيذا لتقرير القومسيون الطبى العام بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1960.
5 - رد القومسيون الطبى العام فى 24 من سبتمبر سنة 1961 بطلب موافاته بتقرير عن حالته من رئيسه تنفيذا لقرار القومسيون الطبى العام الصادر فى 31 من ديسمبر سنة 1960 حتى يتسنى اصدار قرار بشأنه.
6 - كتاب ادارة المستخدمين الى رئيس قسم مراجعة هيئة التوفير فى 7 من أكتوبر سنة 1961 تطلب موافاتها بتقرير عن حالته وتصرفاته فى المدة من أول يناير الى أول مارس سنة 1961 - وذكر الدفاع عن الطاعن أنه رغم هذا لم يعرف رأى الرئيس المذكور وما هى الاجراءات التى اتخذها الهيئة لتنفيذ قرار القومسيون الطبى وما هو رأى القومسيون الطبى العام فى الحالة بعد ذلك وأنه يبين من هذا التسلسل أن الحالة العقلية لازمته منذ سنة 1960 بتقرير القومسيون الطبى العام الذى أشار بتكليفه بعمل لا يقتضى مسئولية وتحت اشراف مع مداومة الكشف الطبى عليه الا أن الجهة الادارية لم تراع هذا كله وتنكبت الطريق السليم وانتهت الى اصدار التقارير السرية التى أدت الى محاكمته تأديبيا ثم انتهت بفصله فى وقت كان فيه أحوج الى الرعاية وذلك رغم علمها بمرضه العقلى وبضرورة الكشف عليه بعد شهرين حسن اشارة القومسيون الطبى العام وأغفلت تطبيق القانون رقم 112 لسنة 1963 عليه. وبدلا من أن تسند اليه عملا لا يقتضى مسئولية وتحت اشراف مباشر قامت الجهة الادارية بارهاقه بالعمل مما أدى الى سوء حالته المرضية وعدم جدوى العلاج لما لاقاه عن عسف واضطهاد رؤسائه وانتهى الأمر به بعد فصله الى سوء حالته المرضية فأدخل مستشفى الأمراض العقلية فى 6 من مارس سنة 1966 ووجد عنده اضطراب عقلى وتنطبق على حالته المادة الرابعة من القانون رقم 141 لسنة 1944 حسبما هو ثابت من المستخرج الرسمى المقدم أخيرا - وانتهت المذكرة الى القول بأن التقريرين السريين الذين وضعتهما الجهة الادارية عنه واللذين قدم بسببهما الى المحاكمة التأديبية قد شابهما من العيوب ما ينحدر بهما الى درجة الانعدام ولا يكون هناك محل لطلب الغائهما قضائيا - وأودع الحاضر مع الطاعن مستخرجا رسميا من مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية مؤرخا فى 22 من مارس سنة 1966 تضمن أن الطاعن أدخل المستشفى فى 6 من مارس سنة 1966 مصابا باضطراب عقلى حتى تاريخ تحرير المستخرج لا زال تحت العلاج - وبجلسة 4 من يونيو سنة 1966 حضر الطاعن بنفسه أمام هذه المحكمة وقرر أنه شفى من مرضه وأنه يعالج الآن بالفيتامينات لتقويته.
ومن حيث انه يبين من الرجوع الى الأوراق أن الطاعن قد عين فى 2 من فبراير سنة 1960 فى وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية بهيئة صندوق توفير البريد والمستفاد من المستخرج الرسمى المقدم منه والصادر فى 14 من مارس سنة 1964 من العيادة النفسية بمستشفى الدمرداش أنه كان فى عام 1960 يتردد على قسم الأمراض العصبية والنفسية بتلك العيادة لأخذ العلاج مرتين أسبوعيا ثم نصح بالتردد عليها مرة كل شهر وأنه كان يتردد عليها حتى تاريخ صدور المستخرج المذكور - كما انه بالرجوع الى ملف الاجازات الخاص بالطاعن (والمودع بملف الدعوى رقم 88 لسنة 12 القضائية التى أقامها الطاعن طالبا الغاء القرار الصادر بفصله والتى ضمت الى هذا الطعن فى 15 من مارس سنة 1966) يبين أنه قد فحص طبيا عدة مرات فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 1960:
1 - ففى 5 من أكتوبر سنة 1960 كشف عليه مفتش صحة الظاهر ووجد لديه (حالة عصبية حادة) وقدر المدة اللازمة لعلاجه بعشرة أيام.
2 - وفى 15 من أكتوبر لسنة 1960 كشف عليه مفتش صح الظاهر ومفتش صحة الشرابية فوجدا لديه (حالة نفسية مع صرع) وقدرا الاجازة اللازمة له بأربعين يوما - وأعتمد القومسيون الطبى العام نتيجة هذا الكشف فى 19 من نوفمبر سنة 1960 وأشار بأن يعاد الكشف عليه أمامه قبل عودته الى عمله.
3 - وفى 11 من ديسمبر سنة 1960 وقع عليه الكشف بمعرفة القومسيون الطبى العام الذى أثبت فى نتيجة كشفه أنه وجد عنده (اضطرب عقلى فى طريق التحسن) وقدر الاجازة اللازمة بستة وأربعين يوما امتداد من 15 من أكتوبر سنة 1960 - وطلب أن يعاد الكشف عليه أمامه قبل عودته الى عمله.
4 - وأعاد القومسيون الطبى العام توقيع الكشف الطبى عليه فى 31 من ديسمبر سنة 1960 وأثبت فى نتيجة كشفه أن عنده (اضطراب عقلى متحسن) وأشار بأن يعود الى علمه فى اليوم التالى على أن يكلف بعمل لا يقتضى مسئولية وتحت اشراف وبأن يعاد الكشف عليه بعد شهرين بتقرير من رئيسه.@@
- وليس فى الأوراق ما يفيد أنه قد اتخذ أى اجراء لتنفيذ قرار القومسيون فى شأن اعادة الكشف عليه قبل 18 من سبتمبر سنة 1961 وهو التاريخ الذى طلبت فيه ادارة المستخدمين بهيئة صندوق توفير البريد اعادة الشكف عليه فأجاب القومسيون الطبى العام على ذلك بكتابة المؤرخ فى 24 من سبتمبر سنة 1961 طالبا تنفيذ القرار الصادر منه فى 31 من ديسمبر سنة 1960 أى موافاته بتقرير عن حالة الطاعن من رئيسه - ويبدو من الأوراق أن ما طلبه القومسيون لم ينفذ وان الطاعن لم يعرض عليه خلال سنة 1961 وأن أول مرة أعيد فيها الكشف عليه بعد ذلك كانت فى 18 من أكتوبر سنة 1962 - وقد أثبت القومسيون فى نتيجة كشفه أن الطاعن (عنده خلو من المرض النفسى والعقلى الآن) وفى خلال عام 1963 كشف عليه القومسيون الطبى العام ثلاث مرات فى شهر فبراير كانت نتيجة الكشف فى كل منها أن (عنده خلو من المرض النفسى والعقلى الآن) وأعاد الكشف عليه فى 13 من أبريل سنة 1963 وأثبت أنه وجد عنده (اضطراب نفسى) وقدر الاجازة اللازمة له بثلاثين يوما وأشار بأن يعاد الكشف عليه قبل عودته لعمله - وأسفر فحص القومسيون له فى 9 من مايو سنة 1963 عن أن (عنده اضطرب نفسى) كما أسفر فحصه له فى 8 من يونيو سنة 1963 عن أن (عنده اضطراب نفسى متحسن) - وأشار بعودته الى عمله فى اليوم التالى - وفى خلال شهرى يناير وفبراير سنة 1964 وقع القومسيون الطبى العام الكشف على الطاعن ثلاث مرات فكانت نتيجة الكشف عليه فى 14 من يناير ثم فى 3 من فبراير أن (عنده اضطراب نفسى) كما كانت نتيجة الكشف عليه فى 22 من فبراير أن (عنده اضطراب نفسى متحسن) وأشار القومسيون بأن يعود الى عمله فى اليوم التالى ويكلف بعمل تحت اشراف ولا يقضى مسئولية وبأن يعاد الكشف عليه بعد ثلاثة أشهر بتقرير من رئيسه.
ومن حيث انه بالرجوع الى التقريرين السريين اللذين على أساسهما أصدرت المحكمة التأديبية قرارها المطعون فيه وهما الموضوعان عن عمل الطاعن فى عامى 1961، 1962 - يبين أن أولهما قد تضمن تقدير رئيسه المباشر لكفايته بمرتبة (مرض) وقد وافق المدير المحلى والرئيس المختص على هذا التقدير ولكن لجنة شئون الموظفين خفضته الى مرتبه (ضعيف) تأسيسا على أنه (مهمل وغير منتج - كثير التشاحن مع زملائه - كثير الاستئذان) - أما تقرير سنة 1962 فقد تضمن تقدير الرئيس المباشر لكفاية الطاعن بمرتبة ضعيف واقترن تقديره هذا بملاحظات تتحصل فى أنه خلال الأشهر الثلاثة التى قضاها الطاعن بقسم المحفوظات كان كثير المشاغبات كثير الاعتداء على زملائه بالألفاظ الجارحة وأنه ثبت بصفة قاطعة أنه غير منتج ولديه متأخرات كثيرة ووقعت عليه كثير من الجزاءات كما أنه غير مطبع ولا يتعاون فى أى عمل من الأعمال المكلف بها - كما تضمن التقرير الاشارة الى الجزاءات العديدة التى وقعت عليه - وقد وافق كل من المدير المحلى والرئيس المختص على تقدير الرئيس المباشر كما اعتمدته لجنة شئون الموظفين.
ومن حيث أن المادة 32 من القانون 210 لسنة 1951 قد نصت على أن (الموظف الذى يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف يقدم للهيئة المشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته فاذا تبين لها أنه قادر على الاضطلاع بأعباء وظيفة أخرى قررت نقله اليها بذات الدرجة والمرتب أو مع خفض درجته أو مرتبه أو نقله الى كادر أدنة فاذا تبين لها أنه غير قادر على العمل فصلته من وظيفته مع حفظ حقه فى المعاش أو المكافأة - وفى الحالة الأولى اذا قدم عن الموظف بعد ذلك مباشرة تقرير آخر بدرجة ضعيف فصل من وظيفته) - وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن التقرير السنوى المقدم عن الموظف بعد استيفاء مراحله - هو بمثابة قرار ادارى نهائى يؤثر مآلا فى الترقية أو منح العلاوة أو خفض الدرجة أو المرتب أو فى الفصل من الوظيفة - وعلى أنه بهذه المثابة فان ولاية التعقيب على تقدير الكفاية فى التقرير السنوى انما هى لقضاء الالغاء باعتباره القضاء الذى شرعه القانون للطعن فى القرارات الادارية فاذا فوت صاحب الشأن على نفسه فرصة الطعن فى التقرير فى الميعاد القانونى لاستصدار حكم بالغائه من قضاء الالغاء فان التقرير يصبح حصينا من الالغاء ولا سبيل الى مناقشته وزعزعة هذه الحصانة الا أن يكون قد قام بالتقرير وجه من أوجه انعدام القرار الادارى ونظرا الى خطورة الآثار التى يستهدف لها الموظف الذى يحصل على تقريرين بمرتبة ضعيف فقد أراد الشارع أن يكفل له ضمانه بعرض أمره على الهيئة المشكل منها مجلس التأديب (التى خلفتها فى هذا الشأن المحكمة التأديبية) - لمنحه فرصة لفحص حالته أمامها بوصفها هيئة فحص لتقدير صلاحية الموظف لاهيئة عقاب وتأديب - وقد جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 579 لسنة 1953 المعدل للقانون رقم210 لسنة 1951 أنه قد (استبدلت بالمادة 32 مادة جديدة تقضى باحالة كل موظف يحصل على تقدير ضعيف فى سنتين متتاليتين الى الهيئة التى يشكل منها مجلس التأديب باعتبارها هيئة صلاحية... وهذا ضمان جديد للموظف قصد به اعطاؤه الفرصة لمناقشة درجة كفايته أمام هيئة قضائية وذلك لمجابهة السرية التى فرضت على التقارير).
ومن حيث أن ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال اعمال حكم المادة 32 سالفة الذكر منوطة بما نصت عليه هذه المادة وهو فحص حالة الموظف الذى يقدم عنه تقريران متتاليان بمرتبة ضعيف لتقف على مدى صلاحيته وتحدد على هذا الأساس المركز الذى يوضع فيه - ومما لا شك فيه أن هذا الفحص يتعين أن يكون دقيقا شاملا لحالة الموظف ولجميع العوامل التى أثرت على مقدرته وانتاجه وكفايته - وان يتناسب فى شموله ودقته مع جسامة الآثار التى تترتب على نتيجته والتى قد تصل الى الفصل فى الوظيفة - ومتى تم الفحص على هذا الوجه أمكن الوقوف على الأسباب الحقيقية للضعف المنسوب الى الموظف وعلى ما اذا كان من بينها ما يعد أجنبيا حال دون قيامه بواجباته بدقة وكفاية - وبذلك تستطيع المحكمة أن تصل الى تقدير سليم لحالته توازن على أساسه بين هذه الحالة وبين المركز الذى تقضى بوضعه فيه مدخله فى اعتبارها جميع العناصر ذات الأثر فى هذا الشأن ومن بينها ما يكون قد أصيب به من أمراض حالت دون قيامه بواجباته بالدقة والكفاية المتطلبتين اذ من بين الأمراض ما يؤثر تأثيرا خطيرا على سلوك الموظف وكفايته ويعتبر سببا خارجا عن ارادته بحيث لا يسوغ مساءلته عن نتائجه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان فى أواخر سنة 1960 مصابا (باضطراب عقلى متحسن) ولئن كان قرار القومسيون الطبى العام الصادر بجلسته المنعقدة فى 31 من ديسمبر سنة 1960 قد تضمن أن يعود الى عمله من أول يناير سنة 1961 وأن يكلف بعمل لا يقتضى مسئولية وتحت اشراف وأن يعاد الكشف عليه بعد شهرين بتقرير من رئيسه الا أن هذا القرار - حسبما يبين من الأوراق - لم ينفذ خلال سنة 1961 سواء بالنسبة الى اعادة الكشف على الطاعن أو بالنسبة الى نوع العمل الذى يعهد به اليه - ولم يقم القومسيون الطبى العام باعادة الكشف عليه الا فى العام التالى فى 18 من أكتوبر سنة 1962 وكانت نتيجة الكشف عليه فى ذلك التاريخ أن (عنده خلو من المرض النفسى والعقلى الآن) - ومفاد ما تقدم أنه بدأ عمله فى عام 1961 وهو مصاب باضطراب عقلى متحسن وليس فى الأوراق ما يدل على أنه شفى من هذا الاضطراب خلال ذلك العام - ولا شك فى انه كان لهذا الاضطراب أثر بالغ على مسلكه وقدرته وانتاجه أدى الى تقدير كفايته فى العام المذكور بمرتبة ضعيف ووضعه فى التقرير السرى بأنه مهمل وغير منتج وكثير التشاحن مع زملائه - كما انه ليس فى الأوراق ما يفيد أن الاضطراب العقلى المذكور قد زال عنه قبل 18 من أكتوبر سنة 1962 وتدل الكشوف الطبية التى وقعت عليه فى السنتين التاليتين أى فى سنتى 1963، 1964 على انه أصيب خلالهما باضطراب نفسى.
ومن حيث أنه متى ثبت أن الطاعن كان خلال عام 1961 مصابا بمرض عقلى فانه كان يتعين اعفاؤه من معقبات هذا المرض ذى الأثر الخطير على سلوكه وكفايته ومن بين هذه المعقبات أعمال أحكام المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأن تأسيسا على أنه قدم عنه تقريران متتاليان بمرتبة ضعيف أحدهما تقرير عن عام 1961 المشار اليه - وهى أحكام من شأن أعمالها أن تترتب عليها آثار خطيرة قد تصل الى الفصل من الوظيفة وهو ما تحقق فعلا بالنسبة الى الطاعن بعد أن قدم عنه تقرير ثالث بمرتبة ضعيف عن عام 1963 - ذلك أن هذه الآثار ولئن لم تكن لها طبيعة التأديب الا أنها لا تخرج عن كونها جزاءات على ضعف الكفاية لا يجوز اعمالها فى حق موظف كان عند تقدير كفايته مصابا باضطراب عقلى - اذ أن هذا المرض يعتبر سببا أجنبيا لا يد للطاعن فيه حال دون قيامه بواجبات وظيفته على الوجه المطلوب فلا يسوغ مساءلته عن معقباته وليس فى عدم اعمال أحكام المادة 22 المشار اليها فى شأن الموظف المصاب بمثل هذا المرض ما ينطوى على عدم رعاية للصالح العام ولحسن سير العمل فى المرافق العامة اذ تكفلت أحكام القانون بتنظيم مركز الموظف المريض وأنهاء خدمته - عند الاقتضاء - بسبب عدم اللياقة الصحية وذلك على الوجه الذى ارتآه المشرع كفيلا بتحقيق المصلحة العامة والمواءمة بينها وبين مصلحة الموظف المريض.
ومن حيث أن المحكمة التأديبية قد حصرت فحصها لحالة الطاعن نطاق ما قدم اليها من أوراق ولم يكن من بينها الأوراق الخاصة بمرضه وما وقع عليه من كشوف بمعرفة القومسيون الطبى العام وهى الأوراق التى حواها الملف الخاص باجازات الطاعن الذى لم يضم الى ملف الطعن الا أخيرا - وقد ترتب على ذلك أن شاب فحص المحكمة التأديبية لحالته قصور أدى الى خطأ النتيجة التى انتهت اليها ومخالفتها للقانون - اذ اعملت فى شأن الطاعن أحكام المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بناء على التقريرين اللذين قدما عن عمله عن عامى 1961، 1962 وقد ثبت - حسبما سبق البيان - انه كان عند تقدير كفايته مصابا باضطراب عقلى على وجه كان من شأنه أن يحول دون اعمال هذه الأحكام فى حقه.
ومن حيث أنه لذلك يتعين الغاء القرار المطعون فيه ورفض طلب النيابة الادارية اعمال أحكام المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فى شأن الطاعن والزام الحكومة المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء القرار المطعون فيه وبرفض طلب النيابة الادارية أعمال حكم المادة (32) من القانون رقم (210) لسنة 1951 فى شأن الطاعن، وألزمت الحكومة المصروفات.