مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 الى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 740

(91)
جلسة 26 من يونية سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور أحمد موسى وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح بيومى نصار وحسنين رفعت ومحمد مختار العزبى ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضايا أرقام 1272، 1291، 1480 لسنة 10 القضائية

( أ ) - دعوى. "ميعاد رفعها". تظلم.
بدء ميعاد رفع الدعوى بعد انقطاعه بالتظلم من القرار - حسابه من تاريخ فوات ستين يوما على التظلم دون اجابة عليه أو من رفضه صراحة قبل مضى هذه المدة - بدؤه فى هذه الحالة من تاريخ اعلان القرار الصالح بالرفض.
(ب) - موظف. "ترقيته". الترقية من أعلى درجة فى الكادرين النفى المتوسط والكتابى الى الدرجة التالية لها فى الكادر الأعلى - المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1960 - ترخص الادارة فى اجرائها دون تقيد بنسبة معينة لا فى الدرجات ولا فى نصيب ذوى المؤهلات المتوسطة، ولا بقواعد الترقية بالاختيار - أساس ذلك.
(ج) قرار ادارى. "عيوبه". عيب اساءة استعمال السلطة. من العيوب القصدية من السلوك الادارى.
(د) - موظف. "ترقية". مصلحة. كادر. ميزانية.
الترقية من أعلى درجة فى الكادرين الفنى المتوسط والكتابى الى الدرجة التالية لها فى الكادر الأعلى - المقصود بأعلى درجة فى هذا الخصوص أعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة، لا أعلى درجة من درجات الجدول الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951، والمقصود بالمصلحة هى الوحدة القائمة بذاتها المستقلة بوظائفها ودرجاتها وأقدميات موظفيها، أيا كان اسمها - تحديد المصلحة مرده الى القانون أو الميزانية.
(هـ) - محكمة النقض. "موظفوها". موظفو المحاكم. مصلحة. ترقية. استقلال محكمة النقض بموظفيها ودرجاتهم وأقدمياتهم عن سائر المحاكم - أحكام قانون نظام القضاء فى ذلك: المادة 51 - اعتبار المحكمة "مصلحة" فى خصوص تطبيق حكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951
(و) - دعوى. "طلبات عارضة".
الطلبات العارضة المتعلقة بدعاوى الالغاء تقييمها يكون وفقا للأوضاع المقررة فى قانون مجلس الدولة لتقديم الدعوى أو بالتقدم بها أمام المحكمة بهيئتها الكاملة.
(ز) - هيئة مفوضى الدولة. "دعوى. طلب عارض".
اختصاصات مفوض الدولة - ليس من بينها الاذن بتقديم طلبات عارضة لا يقوم المفوض مقام المحكمة فيما لها من سلطة فى ذلك.
1 - على مقتضى حكم المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة اذا لم يكن القرار الحكمى برفض التظلم قد تحقق بفوات الستين يوما المحددة لفحص التظلم، بأن أجابت السلطات المختصة قبل فواته بقرار صريح بالرفض، وجب حساب الميعاد من تاريخ اعلان هذا القرار الصريح بالرفض لأن هذا الاعلان هو الذى يجرى سريان الميعاد قانونا.
2 - يبين من نص المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1960 أن القانون رقم 121 لسنة 1960 قد استحدث حكما تشريعيا أعطى الادارة بمقتضاه رخصة فى هذه الترقية تعملها دون التقيد بنسبة معينة لا فى الدرجات ولا فى نصيب ذوى المؤهلات المتوسطة منها ودون التقيد بقواعد الترقية بالاختيار للكفاية ومن ثم فانه متى توافرت فى الموظف الذى يشغل أعلى درجة فى الكادر الأدنى شرط الترقية طبقا للقانون رقم 208 لسنة 1959 الذى تضمن النص على أن تكون الترقيات فى درجات الكادرين الفنى العالى والادارى الى الدرجة الثانية وما دونها وفى درجات الكادرين الفنى المتوسط والكتابى بالأقدمية المطلقة فى الدرجة وطبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1960 اذا كان يشغل الدرجة الرابعة فان ترقيته الى الدرجة التالية فى الكادر الأعلى تضحى ملاءمة تقديرية ترجع الى مطلق اختصاص الادارة بحسب ما تراه محققا لصالح العام ولا يحدها الا عيب اساءة استعمال السلطة.
3 - ان عيب اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية فى السلوك الادارى قوامه أن يكون لدى الادارة قصد اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها فاذا كانت فى مسلكها توقن أنها تحقق صالح العمل فلا يكون مسلكها معيبا بهذا العيب الخاص.
4 - أن المقصود بأعلى درجة الكادرين الفنى المتوسط والكتابى بالتطبيق لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة هو أعلى درجة فى هذين الكادرين فى الوزارة والمصلحة ولو كانت أدنى من أعلى درجة فى جدول الدرجات والمرتبات رقم 3 الملحق بقانون نظام موظفى الدولة وأن المقصود بالمصلحة بالتطبيق لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 هو الوحدة التى تنتظم طائفة من موظفى وزارة ما تكون قائمة بذاتها ومنفصلة عن سائر الفروع بالوزارات انفصالا من مقتضاه استقلالها بوظائفها ودرجاتها وأقدميات الموظفين الذين ينتمون اليها سواء أطلق عليها اسم مصلحة أو أى اسم آخر ومن الأمور المسلمة أن تحديد ذلك مرده الى القانون أولا ثم الى تقسيم الميزانية اذا لم يكن القانون مفصحا.
5 - ان قانون نظام القضاء اذ خص محكمة النقض فى المادة 51 منه بلجنة تشكل فيها من رئيسها أو من يقوم مقامه ومن مستشارين تختارهما جمعيتها العمومية كل سنة ومن كبير كتابها وتختص باقتراح كل ما يتعلق بشئون كتابها من تعيين ونقل وترقية ومنح علاوات وجعل اقتراحات هذه اللجنة فى كل ما يتعلق بهذه الشئون يعرض مباشرة على وزير العدل ليصدر قراره فيها - يكون قد فصل كل ما يتعلق بهذه الشئون عن سائر المحاكم فضلا من مقتضاه استقلال محكمة النقض بوظائف كتابية ودرجاتهم وأقدمياتهم مما يحتم اعتبارها بحكم قانون نظام القضاء فيما يتعلق بهؤلاء الكتاب وحدة قائمة بذاتها ومنفصلة عن سائر المحاكم ومن ثم تندج بهذه المثابة فى مفهوم المصلحة بالتطبيق لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
6 - الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الالغاء لا يجوز ابداؤها خلال نظر الخصومة واقحامها عليها الا بعد استئذان المحكمة كيلا تقبل من هذه الطلبات الا ما تتحقق المحكمة فى شأنه من قيام الارتباط بينه وبين الطلب الأصلى وعلى ذلك تتصل ولاية المحكمة الادارية بالطلب الاضافى الا اذا قدمه المدعى اما وفقا للاوضاع التى رسمها قانون مجلس الدولة هى لا تخرج عن ايداع عريضة الطلب الاضافى سكرتيرية المحكمة المختصة وأما بالتقدم بهذا الطلب أمام المحكمة بهيئتها الكاملة.
7 - أن الطلب الاضافى ينبغى أن يكون مرتبطا بالطلب الأصلى ارتباطا تقره المحكمة الادارية ذاتها فتأذن أولا بتقديمه طبقا لاقتناعها والمفوض لا يقوم فى هذا الشأن مقامها فليس له من السلطات والاختصاصات غير ما خوله اياها القانون ولم يخوله قانون تنظيم مجلس الدولة سلطات واختصاصات قاضى التحضير ولم يخوله بصفة خاصة الاذن بتقديم الطلبات العارضة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
من حيث انه سبق التقرير بضم الطعون الثلاث ليصدر فيها حكم واحد.
ومن حيث أن الطعون الثلاث قد استوفت أوضاعها الشكلية وأنه وأن كان الطعن رقم 1480 لسنة 10 القضائية قد أودع تقريره فى 12 من أغسطس سنة 1964 على حين أن الحكم المطعون فيه صادر فى 7 من مايو سنة 1964 الا أن الثابت أن الطاعن كان تقدم فى 5 من يوليه سنة 1964 (فى خلال الستين يوما التالية لصدور الحكم) بطلب الى لجنة المساعدة القضائية لاعفائه من رسوم هذا الطعن. فصدر قرار اللجنة فى 27 من يوليه سنة 1964 بقبول الطلب فيكون الطعن قد أودع تقريره فى الميعاد اذا كان الايداع قد تم فى خلال الستين يوما التالية لصدور قرار لجنة المساعدة القضائية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن المدعى (السيد/ ابراهيم محمد صبيحة) أقام الدعوى رقم 993 لسنة 15 القضائية ضد السيد/ وزير العدل بعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 2 من أغسطس سنة 1961 بطلب الحكم بالغاء القرار رقم 138 الصادر فى 7 من فبراير سنة 1961 بترقية السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى الى الدرجة الثالثة الادارية فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبسط أسانيد دعواه فى العريضة بما يوجز فى أنه علم بالقرار المذكور فى 13 من فبراير سنة 1961 فقدم تظلما منه فى 5 من أبريل سنة 1961 فأحظر برفض تظلمه بخطاب مؤرخ أول يونيه سنة 1961 على مظروفه خاتم بريد مكتب رمسيس فى 4 من يونيه سنة 1961 تسلمه فى 5 من يونيه سنة 1961 وأن القرار سالف الذكر معيب بعيبى مخالفة القانون واساءة استعمال السلطة لأنه يشغل الدرجة الرابعة الادارية ويستحق الترقية بالأقدمية المطلقة الى الدرجة الثالثة الادارية التى كانت قد خلت بميزانية محكمة النقض ومع ذلك فقد رقى فى القرار المشار اليه السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى وهو موظف بالدرجة الرابعة الكتابية واذا كان قد أشير فى ديباجة القرار الى أستناده الى المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1960 التى تنص على جواز الترقية من أعلى درجة من الكادر الكتابى الى الدرجة التالية لهما فى الكادر الادارى. فان سلطة الادارة فى اعمال حكم المادة المذكورة غير مطلقة اذ يجب أن يكون الاختيار فى أضيق الحدود. وأن يكون له مسوغ. ولا مسوغ فى اختيار السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى الحاصل على شهادة الكفاءة فقط على حين أن المدعى من حملة ليسانس الحقوق وتخرج فى معهد الادارة العامة ورقى الى الدرجة الرابعة الادارية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 268 لسنة 1960 الخاص بأمناء السر ثم أن الأعمال التى يقوم بها رئيس القلم الجنائى وهى وظيفة السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى عبارة عن اجراءات روتينية وعلى حين أن أعمال أمين مكتبة محكمة النقض وهى وظيفة المدعى أعمال فنية تحتاج الى معرفة القانون واللغتين الفرنسية والانجليزية. وهذا فضلا عن جد المدعى واجتهاده وسعة اطلاعه وكفايته فى عمله ودرايته به. ومضى المدعى ينعى على القرار المطعون فيه بأنه غير مسبب اذ لم ترد فى صلبه وفى متنه أسبابه وأن العدالة لا تطمئن الى مذكرة محكمة النقض المقدمة الى لجنة شئون الموظفين من كبير الكتاب لأن ما جاء بها من أن المدعى لم يمارس أعمالا أخرى بالحكمة تكسبه مرانا على الأعمال المختلفة غير صحيح وكذلك ما جاء بها من أنه يرفض باستمرار أن يسند اليه عمل آخر أى ما جاء بها من أن ترقية المدعى تحجب ترقية بعض موظفى الكادر الكتابى لأنه لا توجد بالمحكمة درجة خامسة ادارية فلا يسأل عنه المدعى، ومؤداه من طريق الترقية أمام المدعى نهائيا مهما تكرر خلو الدرجات الثالثة ولا يعقل أن يبقى أمناء السر دون ثالثة ادارية على حين تعطى للكتابيين كل مرة أى أن الاستثناء أصلا والأصل لم يصل حتى درجة الاستثناء هذا الى أن السماح بترقية شخص يحمل شهادة الكفاءة يؤدى الى أن يجعل هذا الشخص رئيسا لأمناء السر مما يتعارض مع صالح العمل ومع أحكام القانون رقم 268 لسنة 1960 الذى يفترض أن حملة ليسانس الحقوق أفضل من غيرهم فى شغل الوظائف الادارية.
ومن حيث أن محكمة النقض أجابت على الدعوى بأن المدعى أحدث من زميله السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى فى الكادر المتوسط وانه لذلك لا يستحق الترقية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 208 لسنة 1959 والمادة 41 من قانون التوظف المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1960 وأن القانون لم يشترط للتفضيل فى الترقية مؤهلا خاصا بل اشترط الأقدمية والصلاحية وهذان العنصران متوفران فى السيد عبد الرحيم عمر حجازى دون المدعى فالسيد/ عبد الرحيم عمر حجازى قد حصل على درجته الرابعة فى 27 من أكتوبر سنة 1957 والمدعى قد حصل على درجة الرابعة الكتابية فى 14 من يوليه سنة 1958 وهو أصلح من المدعى لأنه يشغل وظيفة رئيس القلم الجنائى وهى وظيفة لا تسند الا لمن تتوافر فيه الكفاية والقدرة على النهوض بمسئوليات العمل. على حين أن المدعى قد آثر البقاء فى وظيفة واحدة طوال مدة خدمته وهى أمين مكتبة المحكمة. وقد تكررت فى حقه شكوى كل من يتصل به من رجال القضاء ممن يحضرون أن المكتبة فضلا عن تراخيه الملحوظ فى عمله ثم ان المحكمة لم تجر الترقية الا بعد أن حصلت على التأييد المطلق من ديوان الموظفين وبعد الاقتناع التام المستمد من وحى القانون حسبما رأته متمشيا مع الحق والعدالة. والقرار قد صدر بناء على مذكرة لمحكمة النقض عرضت على لجنة شئون الموظفين وأحالت عليها اللجنة فى محضرها بما يعتبر تسبيبا كافيا للقرار. والوزارة اذ استصدرت قرار الترقية لم تكن قد أساءت استعمال السلطة لأنها استصدرته على مقتضى السلطة المخولة لها فى حدود القانون وسلطتها فى ذلك مطلقة وغير مقيدة.
ومن حيث انه فى جلسة التحضير التى عقدها مفوض الدولة لدى محكمة القضاء الادارى فى 25 من نوفمبر سنة 1961 حضر المدعى ومعه محاميه وقدم الحاضر معه مذكرة وحافظة سندات وأضاف المدعى فى هذه المذكرة طلبا احتياطيا هو الحكم بالغاء القرار رقم 631 لسنة 1961 الصادر فى 30 من يولية سنة 1961 بترقية السيد/ النبوى محمد ابراهيم الى الدرجة الثالثة فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى هذا الدرجة مع ما يترب على ذلك من آثار والزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبسط المدعى فى المذكرة أسانيد هذا الطلب بما يوجز فى أنه ما أن علم بهذه الترقية التى تخطته للمرة الثانية حتى قدم تظلما بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1961 وأجابت الوزارة على التظلم بالرفض فى 28 من أكتوبر سنة 1961 ثم ردد المدعى فى المذكرة ما كان ينعاه على القرار رقم 138 الصادر فى 7 من فبراير سنة 1961 سالف البيان وأضاف أن السيد/ النبوى محمد ابراهيم حاصل على دبلوم الخدمة الاجتماعية نظام الثلاث سنوات سنة 1948 وتكميلية دبلوم الخدمة الاجتماعية سنة 1954 وأن مؤهلاته بعيدة عن حقل القانون. وهو لم يتخرج فى معهد الادارة الا فى يوليه سنة 1961 وأعماله فى وظيفته وهى وظيفة رئيس الحسابات أعمال كتابية روتينية.
ومن حيث أن محكمة النقض أجابت على الطلب الاحتياطى مرددة دفاعها السابق وأضافت أن السيد/ النبوى محمد ابراهيم سبق المدعى فى الحصول على المؤهل العالى اذ حصل على دبلوم الخدمة الاجتماعية فى سنة 1948 وحصل بذلك على الدرجة السادسة من هذا التاريخ فهو أقدم من المدعى منذ الدرجة السادسة حتى الدرجة الرابعة.
ومن حيث ان مفوض الدولة قدم تقريرا بالرأى القانونى انتهى فيه الى أنه يرى الحكم بعدم قبول الطلب الأصلى شكلا لأن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر فى 7 من فبراير سنة 1961 وقد تظلم منه المدعى بعدة تظلمات أولهما فى 31 من يناير سنة 1961 أخطر برفضه فى 8 من مارس سنة 1961 والثانى فى 9 من مارس سنة 1961 أخطر برفضه فى 28 من مارس سنة 1961 والثالث فى 5 من أبريل سنة 1961 أخطر برفضه فى 5 من يونيه سنة 1961 وأنه كان على المدعى أن يقيم الدعوى فى خلال الستين يوما التالية لتاريخ 8 من مارس سنة 1961 وفيما يتعلق بالطلب الاحتياطى انتهى المفوض الى أنه يرى قبول الدعوى شكلا بالنسبة اليه وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 631 لسنة 1961 الصادر فى 30 من يوليه سنة 1961 وما يترتب على ذلك من آثار لأنه طبقا لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1960 أصبح الكادر الكتابى طبقا لجدول المرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 ينتهى عند الدرجة الثالثة الكتابية وانه من ثم فان المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لا تجد مجالا للتطبيق الا عند الترقية من هذه الدرجة الى الدرجة الثانية بالكادر الادارى وهذا فضلا عن أن محكمة النقض لا تعتبر وحدة وظيفية مستقلة بدرجاتها وأقدميات وظفيها وانما هى أحد الأقسام الداخلية للفرع رقم 2 الخاص بالمحاكم.
ومن حيث ان الجلسات التى نظرت فيها الدعوى أمام المحكمة بهيئتها الكاملة بدأت بجلسة 27 يونيه سنة 1963 ثم تداولت الدعوى فى الجلسات حتى جلسة 14 من نوفمبر سنة 1963 وفيما حضر السيد/ النبوى محمد ابراهيم وطلب قبوله خصما متدخلا منضما للحكومة فى طلب رفض الدعوى وبسط أسانيد طلبه فى مذكراته بما يوجز فى أن المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بعد تعديلها بالقانون رقم 142 لسنة 1953 فأصبحت الترقية ليس من أعلى درجة فى الكادر الكتابى ولكن من أعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة فى الكادر الفنى المتوسط أو الكادر الكتابى التى قد تكون أقل من أعلى درجة فى الكادر. وان أعلى درجة فى محكمة النقض فى الكادر الكتابى هى الدرجة الرابعة وأن نص المادة 51 من قانون نظام القضاء يجعل من موظفى محكمة النقض وحدة وظيفية مستقلة ولهم لجنة شئون موظفين خاصة بهم نص القانون على تشكيلها ويجمعهم كشف أقدمية واحد مستقل بهم.
ومن حيث أن المدعى عقب على دفاع السيد/ النبوى محمد ابراهيم بأن تشكيل لجنة شئون موظفى خاصة أنها روعى فيه تحقيق قدر من التخصص فى تصريف شئون الادارة فى الجهة التى شكلت فيها هذه اللجنة وأن مهمة اللجنة الخاصة هى الاقتراح دون أن يكون لها سلطان على الوزارة. ثم أضاف المدعى أن السبب الحقيقى فى تخطيه مرتين يمكن فى الحقد الذى يضمره له كبير كتاب المحكمة وهو عضو لجنة شئون الموظفين وهو الذى رفع المذكرتين اللتين قدمتا للجنة. وهو الذى رد على الدعوى ومذكراتها بتوقيعه. وان سبب هذا الحقد هو أن محكمة النقض اختارت المدعى دونه ليمثلها فى وحدة التنظيم الادارى وتبسيط الاجراءات بالوزارة.
ومن حيث انه فى جلسة 7 من مايو سنة 1964 قضت محكمة القضاء الادارى بعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة الى الطلب الأصلى من طلبات المدعى وبقبول الدعوى شكلا بالنسبة الى الطلب الاحتياطى وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 631 الصادر فى 30 يوليه سنة 1961 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى الدرجة الثالثة الادارية مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام كل من المدعى والوزارة بالمصروفات المناسبة. وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالطلب الأصلى على أن علم المدعى بقرار الترقية قد ثبت فى 28 من مارس سنة 1961 فتقدم فى 5 من أبريل سنة 1961 بتظلم قيد برقم 69 سنة 1961 وأخطر برفض تظلمه فى أول يونيه سنة 1961 فأقام دعواه بايداع عريضتها سكرتيرية المحكمة فى 2 من أغسطس سنة 1961 وأنه من ثم تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد. وفيما يتعلق بالطلب الاحتياطى أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعى تظلم من القرار فى 21 من أغسطس سنة 1961 وبتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1961 أودع مذكرة بتعديل طلباته ضمنها الطعن فى القرار وانه من ثم يكون المدعى قد راعى المواعيد القانونية وعن الموضوع أقامت المحكمة قضاءها على أن نص المادة 41 من قانون نظام موظفى الدولة جاء استثناء فيتعين تطبيقه تطبيقا ضيقا وأن الكادر الكتابى أصبح طبقا لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1960 ينتهى عند الدرجة الثالثة الكتابية فلا تجد المادة 41 مجالا للتطبيق لا عند الترقية من الدرجة الثالثة الكتابية الى الدرجة الثانية بالكادر الادارى وأنه كمبدأ عام تكون العبرة فى استقلال أقسام الميزانية من حيث اعتبارها وحدات وظيفية مستقلة هى بالفروع دون الأقسام الداخلية لهذه الفروع وبخاصة اذا كانت الدرجات المقررة لهذه الأقسام الداخلية لا تتدرج تدرجا هرميا وأن محكمة النقض لا تعدو أن تكون فصلا من فصول الفرع رقم 2 الخاص بالمحاكم فى ميزانية وزارة العدل وقد جاءت الدرجات فى هذا الفصل غير متدرجة تدرجا هرميا كاملا يسمح باستقلالها عن بقية فصول هذا الفرع وأنه لا حجة فى القول أن المادة 51 من قانون نظام القضاء قد جعلت لمحكمة النقض لجنة شئون موظفين خاصة بها لأن تشكيل هذه اللجنة انما روعى فيه تحقيق قدر من التخصص فى تصريف الشئون المختلفة ضمانا لحسن سير العمل دون أن يخل ذلك بالأوضاع القانونية واجبة الاتباع فى تحديد أقدميات الموظفين وبخاصة أن اختصاص هذه اللجنة جاء قاسرا على مجرد الاقتراح دون أن يكون لاقتراحهما قوة القضاء بعد فترة معينة دون اعتراض من جانب الوزارة.
ومن حيث أن الطعن رقم 1273 لسنة 10 القضائية المقدم من المتدخل فى الخصومة يقوم على أن المادة 41 من قانون موظفى الدولة بعد تعديلها بالقانون رقم 142 لسنة 1953 تجيز الترقية من أعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة مهما كانت هذه الدرجة أدنى من أعلى درجة فى الكادر الكتابى وأن أعلى درجة كتابية فى محكمة النقض هى الدرجة الرابعة فالترقية من هذه الدرجة الى الدرجة التالية لها فى الكادر الادارى جائزة. وأن المشرع قصد بالمادة 51 من قانون القضاء أن تكون كل لجنة من لجان شئون الموظفين المشكلة فى كل وحدة مماثلة تماما للجان شئون الموظفين فى الوزارات والمصالح وأنه من ثم يكون موظفو محكمة النقض وحدة مستقلة بميزانياتها ويضمهم كشف أقدمية مستقل.
ومن حيث أن الطعن رقم 1291 لسنة 10 القضائية المقدم من وزارة العدل يقوم على أن العبرة فى جواز الترقية من الكادر المتوسط الى الكادر العالى وفقا للمادة 41 من قانون التوظف هى بأعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة فنية متوسطة أو كتابية ولو لم تكن أعلى درجة فى الكادر الفنى المتوسط أو الكادر الكتابى وأن محكمة النقض تعد وفقا لحكم القانون السليم مصلحة بالمفهوم الذى عناه المشرع فى المادة المذكورة وأن اعتبار محكمة النقض ذات كيان مستقل من حيث الوظائف والدرجات أمر تؤكده جملة نصوص التشريعات المنظمة للسلطة القضائية التى تتربع محكمة النقض منها قمتها. والالتجاء الى الميزانية للتعرف على استقلال هيئة ما أو عدم استقلالها ليس الوسيلة الوحيدة لذلك فاذا كانت نصوص القانون الذى تخضع له مصلحة معينة توجب تخصيص وظائفها ودرجاتها لها وحدها فان الأخذ بهذا الدليل الشرعى أولى بالاعتبار من كل دليل.
ومن حيث أن الطعن رقم 1480 لسنة 10 القضائية المقدم من المدعى يقوم على أن المدعى لم يخطر فى أول يونيه سنة 1961 برفض تظلمه من القرار رقم 138 الصادر فى 7 من فبراير سنة 1961 وانما هذا التاريخ هو تاريخ تحرير رفض التظلم بمعرفة الوزارة والعبرة بتاريخ اعلان هذا الاخطار للمدعى الذى تم فى 5 من يونيه سنة 1961 وأن موضوع الطلب الأصلى لا يختلف فى أساسه القانونى عن موضوع الطلب الاحتياطى الذى قبلته المحكمة وأن ما قيل عن الطلب الأخير يصح أن يقال عن الطلب الأصلى من مخالفة القرار المطعون فيه للمادة 41 من قانون نظام موظفى الدولة وأن محكمة النقض لا تعدو أن تكون فصلا من فصول الفرع رقم 2 الخاص بالمحاكم ومن أن الدرجات فى هذا الفصل الداخلى غير متدرجة تدرجا هرميا كاملا كما يقوم الطعن على الرد على أوجه الطعنين المقدمين من المتدخل فى الخصومة ومن وزارة العدل ويقوم الطعن أيضا على توجيه النظر الى التمسك بأسباب الدعوى الأخرى التى لم تتناولها محكمة القضاء الادارى اكتفاء بالسبب الأول الذى أخذت به فى حكمها.
ومن حيث أن المدعى قدم مذكرة ختامية شرح فيها ما أوجزه فى تقرير الطعن فقال أن أعلى درجة فى المصلحة (فرع 2 المحاكم) هى الثالثة الكتابية فتكون الترقية فيها الى الثانية الادارية أما الترقية من الدرجة الرابعة الكتابية الى الدرجة الثالثة الادارية فانها على خلاف نص المادة 41 وأن القول بأن محكمة النقض فى حكم المصلحة لا يفيد لأن النص صريح فى أن الترقية تكون من أعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة وليس من أعلى درجة فى حكم المصلحة ومحكمة النقض لا تعتبر وحدة وظيفية حتى لو جعلت لها الميزانية كيانا قائما بذاته واذا كانت الميزانية ليست هى المرجع فى تحديد ما يعد مصالح عامة وما لا يعد كذلك الا أن ما ذكرته الميزانية عن فروع (مصالح) وزارة العدل قد تأيد بالنصوص القانونية الخاصة بتلك المصالح. ثم تساءل المدعى عن النص التشريعى القاطع فى دلالته على أن محكمة النقض مصلحة مستقلة أو ادارة قائمة بذاتها. اذ أن المشرع لم يدر بخلده أن يجعل لجان المادة 51 من قانون نظام القضاء مساوية للجنة شئون الموظفين فاللجان المنصوص عليها فى المادة 51 ليس لاقتراحاتها أثر القانون بعد فترة معينة. ومضى المدعى يقول أن اختيار المطعون فى ترقيتهما جاء بغير مسوغ يقتضيه ولا يستند الى عناصر صحيحة مؤدية اليه. وأنه من المقرر أنه لا يعدل عن الواجب الى الاستثناء الا لمسوغ. ومثل هذا المسوغ لم يتوافر فى القرارين المطعون فيهما لأن المدعى هو الأصلح للترقية ولأن القانون رقم 268 لسنة 1960 الخاص بأمناء السر يفترض افتراضا قانونيا بأن حملة ليسانس الحقوق أليق وأصلح للعمل بالكادر الادارى من غيرهم. ثم ردد المدعى ما كان قد ساقه للتدليل أمام محكمة القضاء الادارى على أسباب القرارين غير صحيحة وما كان أسنده الى كبير الكتاب من حقده عليه. وانتقل المدعى الى القول بأن استناد الوزارة الى أقدمية المطعون فى ترقيتها ينطوى على الاخلال بمبدأ الفصل بين الكادرين الكتابى والادارى اذ لا تصلح المقارنة من ناحية الأقدمية بين موظفين يتبع كل منهما كادرا مختلفا عن الكادر الذى يتبعه الآخر. كما أن السلطة التقديرية التى تتمسك بها الوزارة يجب أن تكون فى الحدود التى تتمشى مع صالح العمل أى أن المشرع يريد من الوزارات أن تحدد بنفسها نسبة الترقية كما سبق أن حددها ولا يجوز لها أن تخرق مبدأ الفصل بين الكادرين الكتابى والادارى. ولا يقبل بأى حال من الأحوال أن تكون النسبة التى تحددها الوزارة للترقية متساوية مع النسبة المقررة للترقية الوجوبية ثم انتهى المدعى الى القول بأن الوزارة قد خرجت على أغراض قانون أمناء السر وأهدافه فتكون قد خالفت مبدأ تخصيص الأهداف عن قصد فجاء قرارها مخالفين للقانون ومشوبين بالانحراف بالسلطة.
1 - عن الطلب الأصلى:
ومن حيث انه فيما يتعلق بقبول الطلب الأصلى الخاص بالغاء القرار رقم 138 الصادر فى 7 من فبراير سنة 1961 بترقية السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى الى الدرجة الثالثة الادارية فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى هذه الدرجة فان المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن "ميعاد رفع الدعوى الى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو النشرة التى تصدرها المصالح أو اعلان صاحب الشأن به وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم الى الهيئة الادارية التى أصدرت القرار أو الى الهيئات الرئيسية ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يوما من تاريخ تقديمه، واذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا، ويعتبر فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة.
ومن حيث انه على مقتضى حكم المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة اذا لم يكن القرار الحكمى برفض التظلم قد تحقق بفوات الستين يوما المحدودة لفحص التظلم، بأن أجابت السلطات المختصة قبل فواته بقرار صريح بالرفض، وجب حساب الميعاد من تاريخ اعلان هذا القرار الصريح بالرفض. لأن هذا الاعلان هو الذى يجرى سريان الميعاد قانونا.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن مراقب عام المستخدمين بوزارة العدل أرسل فى 20 من فبراير لسنة 1961 الكتاب رقم 27 - 1/ 2231 الى كبير كتاب محكمة النقض جاء فيه أنه "بالاشارة الى الطلب المؤرخ فى 31 من يناير سنة 1961 المقدم من السيد/ ابراهيم محمد صبيحة الموظف بالمحكمة بشأن تظلمه فى عدم ترقيته الى الدرجة الثالثة الادارية والتى تم شغلها بترقية موظف من الدرجة الرابعة بالكادر الكتابى تفيد أنه يعرض موضوع الموظف المذكور على السيد الأستاذ الوزير أشر بتاريخ 18 من فبراير سنة 1961 بحفظه. ومعاد مع هذا المذكرة المقدمة من الموظف المذكورة والواردة رفق طلبه رجاء التنبيه الى تسليمها اليه حيث انها غير مستوفاة لرسم الدمغة". وقد أشر المدعى على هذا الكتاب بتاريخ 8 من مارس سنة 1961 بأنه استلم المذكرة. وفى 25 من مارس سنة 1961 أرسل مراقب عام المستخدمين بوزارة العدل الكتاب رقم 27 - 1/ 2231 الى كبير كتاب محكمة النقض جاء فيه أن "بالاشارة الى الطلب المقدم من السيد/ ابراهيم محمد صبيحة الموظف بالمحكمة والوارد رفق الكتاب رقم 1291 المؤرخ 9 من مارس سنة 1961 الذى يطلب فيه ترقيته للدرجة الثالثة الادارية التى كانت خالية بالمحكمة تفيد أن لجنة شئون موظفى المحكمة قد وافقت بجلستها المنعقدة فى 29 من يناير سنة 1961 على هذه الدرجة بترقية السيد/ عبد الرحيم عمر حجازى الموظف من الدرجة الرابعة بالكادر الكتابى وقد اعتمد هذا المحضر من السيد الوزير وصدر بذلك القرار الوزارى رقم 138 لسنة 1961 الصادر فى 7 من فبراير سنة 1961 ومن ثم فتأسف الوزارة لعدم النظر فى طلبه والمرجو التنبيه الى ابلاغه ذلك، وقد أشر المدعى على هذا الكتاب فى 28 من مارس سنة 1961 بالعلم. وفى 5 من أبريل سنة 1961 قدم المدعى تظلما من تخطيه فى الترقية بالقرار المذكور وقيد هذا التظلم تحت رقم 69 لسنة 1961. ثم وصل اليه كتاب مكتب التظلمات والقضايا الادارية رقم 363 المؤرخ أول يونيه سنة 1961 بطريق البريد الموصى عليه فى مظروف عليه خاتم بريد شارع رمسيس مؤرخ 4 من يونيه سنة 1961 يحيطه علما بأن السيد وزير العدل قرر رفض التظلم.
ومن حيث انه يخلص من الوقائع سالفة البيان أن ما قدمه المدعى قبل تظلمه المقيد تحت رقم 69 لسنة 1961 لا يعتد به فى خصوص سريان ميعاد رفع الدعوى. اذ الواضح أنه كان مقصودا به التماس الترقية الى الدرجة الثالثة الادارية الخالية قبل أن يعلم المدعى أن الوزير قد أصدر قراره المطعون فيه. وأن المدعى انما علم بهذا القرار فى 28 من مارس سنة 1961 واذ تظلم فى خمسة من أبريل سنة 1961 فانه يكون قد تظلم فى الميعاد. ولما كان الثابت أنه لم يعلن قبل 4 من يونيه سنة 1961 بالقرار الصريح برفض التظلم فقد وجب - بالتطبيق لما تقدم - حساب ميعاد رفع الدعوى - وفى الأقل - اعتبارا من هذا التاريخ. ولما كان المدعى قد أودع عريضة الطلب الأصلى فى 2 من أغسطس سنة 1961 فانه يتعين قبول الطلب الأصلى شكلا.
ومن حيث انه فيما يتعلق بموضوع الطلب الأصلى فان
المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفى الدولة بعد تعديلها بالقانون رقم 121 لسنة 1960 تنص على أنه "يجوز الترقية من أعلى درجة فى الوزارة أو المصلحة من الكادر الفنى المتوسط الى الدرجة التالية لها فى الكادر الفنى العالى ومن الكادر الكتابى الى الدرجة التالية لها فى الكادر الكتابى.
ويبين من هذا النص أن القانون رقم 121 لسنة 1960 قد استحدث حكما تشريعيا أعطى الادارة بمقتضاه رخصة فى هذه الترقية تعملها دون التقيد بنسبة معينة لا فى الدرجات ولا فى نصيب ذوى المؤهلات المتوسطة منها ودون التقيد بقواعد الترقية بالاختيار للكفاية ومن ثم فانه متى توافرت فى الموظف الذى يشغل أعلى درجة فى الكادر الأدنى شرط الترقية طبقا للقانون رقم 208 لسنة 1959 الذى تضمن النص على أن تكون الترقيات فى درجات الكادرين الفنى العالى والادارى الى الدرجة الثانية وما دونها وفى درجات الكادرين الفنى المتوسط والكتابى بالأقدمية المطلقة فى الدرجة وطبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1960 اذا كان يشغل الدرجة الرابعة. فان ترقيته الى الدرجة التالية فى الكادر الأعلى تضحى ملاءمة تقديرية ترجع الى مطلق اختصاص الادارة بحسب ما تراه محققا لصالح العمل ولا يحدها الا عيب اساءة استعمال السلطة اذ وجد وقام الدليل عليه فاذا برئت من هذا العيب فلا سلطان للقضاء على تقدير الادارة فى هذا الشأن ولا تدخل فى وزن أسباب هذه الملاءمة أو الحكم عليها والا جاوز حدود سلطته.
وعنة عن البيان أن اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية فى السلوك الادارى وقوامه أن يكون لدى الادارة قصد اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها. فاذا كانت فى مسلكها توقن أنها تحقق صالح العمل فلا يكون مسلكها معيبا بهذا العيب الخاص وغنى عن البيان أيضا أن المقصود بأعلى درجة فى الكادرين الفنى والمتوسط والكتابى بالتطبيق لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة هو أعلى درجة فى هذين الكادرين فى الوزارة والمصلحة ولو كانت أدنى من أعلى درجة فى جدول الدرجات والمرتبات رقم 3 الملحق بقانون نظام موظفى الدولة. وأن المقصود بالمصلحة بالتطبيق لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 هو الوحدة التى تنظم طائفة من موظفى وزارة ما تكون قائمة بذاتها ومنفصلة عن سائر الفروع بالوزارات انفصالا من مقتضاه استقلالها بوظائفها ودرجاتها وأقدميات الموظفين الذين ينتمون اليها سواء أطلق عليها اسم مصلحة أو أى اسم آخر. ومن الأمور المسلمة أن تحديد ذلك مرده الى القانون أولا ثم الى تقسيم الميزانية اذا لم يكن القانون مفحصا.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن الدرجة الرابعة هى أعلى درجة فى الكادر الكتابى بمحكمة النقض وأن المطعون فى ترقيته يشغل هذه الدرجة من 17 من أكتوبر سنة 1957 وقد توافرت فيه شروط الترقية طبقا للقانون رقم 208 لسنة 1959 والمادة الثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1960 اذ هو الأقدم فى هذه الدرجة. وقد مضى عليه فيها عند صدور القرار المطعون فيه أزيد من ثلاث سنوات، ومن ثم فان ترقيته بالقرار المطعون فيه الى الدرجة الثالثة بالكادر الادارى بمحكمة النقض جاءت لما تقدم مطابقة للمادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر. ولا حجة فى القول بأن محكمة النقض لا تعتبر مصلحة فى حكم المادة المذكورة ذلك: أن قانون نظام القضاء اذ خص محكمة النقض فى المادة 51 منه بلجنة تشكل فيها من رئيسها أو من يقوم مقامه ومن مستشارين تختارهما جمعيتها العمومية كل سنة ومن كبير كتابها وتختص باقتراح كل ما يتعلق بشئون كتابها من تعيين ونقل وترقية ومنح علاوات وجعل اقتراحات هذه اللجنة فى كل ما يتعلق بهذه الشئون يعرض مباشرة على وزير العدل ليصدر قراره فيها. يكون قد فصل كل ما يتعلق بهذه الشئون عن سائر المحاكم فضلا من مقتضاه استقلال محكمة النقض بوظائف كتابية ودرجاتهم وأقدمياتهم مما يحتم اعتبارها بحكم قانون نظام القضاء فيما يتعلق بهؤلاء الكتاب وحدة قائمة بذاتها ومنفصلة عن سائر المحاكم. ومن ثم تندرج بهذه المثابة فى مفهوم المصلحة بالتطبيق لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951
كما انه لا دليل على ما ينعاه المدعى على القرار المطعون فيه من أنه صدر بدافع الحقد معيبا بعيب اساءة استعمال السلطة ذلك أن الثابت أن محكمة النقض كانت فى ترقيتها المطعون فى ترقيته تعتقد أنها تحقق صالح العمل وكان اعتقادها مبنيا على عناصر صحيحة اذ الثابت لا توجد بالمحكمة درجة خامسة ادارية وعلى هذا الأساس الصحيح اعتقدت المحكمة - كما هو ثابت من كتابها الى ديوان الموظفين المؤرخ 14 من يناير سنة 1961 قبل صدور القرار المطعون فيه - أن ترقية المطعون فى ترقيته "تتفق مع صالح العمل لأن الدرجة الرابعة الكتابية عند خلوها بترقية شاغلها الى الدرجة الثالثة الادارية سيترتب عليها شغلها وهنا يتسلسل عنها من الدرجات الدنيا بطريق مستحقى الترقية من موظفى المحكمة على نقيض خلو الدرجة الرابعة الادارية (التى يشغلها المدعى) فانها نظرا لعدم وجود كادر ادارى مستكمل بالمحكمة - ستظل شاغرة وهو ما يتعارض مع مصلحة العمل" واذ ثبت أن محكمة النقض كانت فى مسلكها توقن أنها تحقق صالح العمل فلا يكون مسلكها معيبا بعيب اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها كما سلف البيان.
ومن حيث انه لكل ما تقدم يكون الطلب الأصلى فى موضوعه على أساس غير سليم من القانون مما يتعين رفضه موضوعا.
ومن حيث انه سبق لهذه المحكمة أن قضت أن الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الالغاء لا يجوز ابداؤها خلال نظر الخصومة واقحامها عليها الا بعد استئذان المحكمة كيلا تقبل من هذه الطلبات الا ما تتحقق المحكمة فى شأنه من قيام الارتباط بينه وبين الطلب الأصلى وعلى ذلك تتصل ولاية المحكمة الادارية بالطلب الاضافى الا اذا قدمه المدعى اما وفقا للأوضاع التى رسمها قانون مجلس الدولة هى لا تخرج عن ايداع عرضة الطلب الاضافى سكرتيرية المحكمة المختصة وأما بالتقدم بهذا الطلب أمام المحكمة بهيئتها الكاملة.
ومن حيث انه وأن صح على الفرض الجدلى - اعتبار طلب الغاء القرار رقم 631 لسنة 1961 الصادر فى 30 من يوليه سنة 1961 بترقية السيد/ النبوى محمد ابراهيم الى الدرجة الثالثة الادارية فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية الى هذه الدرجة من قبيل الطلبات الاضافية. فانه لم يقدم الى المحكمة بهيئتها الكاملة الا فى جلسة 27 من يونيه سنة 1963. ولا وجه للقول بأن تقديم الطلب المشار اليه وقد تم أمام مفوض الدولة بجلسة التحضير المنعقدة فى 25 من نوفمبر سنة 1961 يعتبر تقديما لهذا فى الطلب أمام المحكمة لأن الأصل - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - فى الطلب الاضافى المبدى خلال دعوى الالغاء أن يقدم أمام المحكمة الادارية ذاتها فى فترة نظر الدعوى الادارية لا فى فترة تحضيرها أمام مفوض الدولة ذلك أن الطلب الاضافى ينبغى أن يكون مرتبطا بالطلب الأصلى ارتباطا تقره المحكمة الادارية ذاتها فتأذن أولا بتقديمه طبقا لاقتناعها والمفوض لا يقوم فى هذا الشأن مقامها فليس له من السلطات والاختصاصات غير ما خوله اياها القانون. ولم يخوله قانون تنظيم مجلس الدولة سلطات واختصاصات قاضى التحضير. ولم يخوله بصفة خاصة الاذن بتقديم الطلبات العارضة.
ومن حيث انه لما كان ذلك تعين الا يعتد بتقديم طلب الغاء القرار المذكور أمام مفوض الدولة فى جلسة التحضير المنعقدة فى 25 من نوفمبر سنة 1961 وانما الذى يعتد به هو تقديم طلب الغاء القرار سالف الذكر الى المحكمة فى جلسة 27 من يونيه سنة 1963 ولما كان المدعى قد تظلم من القرار المشار اليه فى 31 من أغسطس سنة 1961 وأجابت الوزارة على التظلم بالرفض فى 28 من أكتوبر سنة 1961 فان الطلب اذ قدم الى المحكمة فى جلسة 27 من يونيه سنة 1963 يكون قد قدم بعد الميعاد مما يتعين عدم قبوله شكلا.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه اذ أخذ بغير هذا النظر سواء فيما يتعلق بالطلب الأصلى أو فيما يتعلق بالطلب الاحتياطى فانه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه فيتعين الغاؤه والقضاء بقبول الطلب الأصلى ورفضه موضوعا وبعدم قبول الطلب الاحتياطى شكلا والزام المدعى السيد/ ابراهيم محمد صبيحة بكامل المصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعون الثلاث شكلا وفى موضوعها بالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الطلب الأصلى وبرفضه موضوعا وبعدم قبول الطلب الاحتياطى شكلا وألزمت المدعى السيد/ ابراهيم محمد صبيحة بكامل المصروفات.