مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 90

(فتوى رقم 53 ملف رقم 56/ 1/ 39 في 16/ 1/ 1966)
(37)
جلسة 16 من ديسمبر سنة 1965

عامل - العاملون في اتحادات الطلاب بالجامعات الذين يسند إليهم القيام بعمل عارض أو مؤقت والعاملون الذين يتم إلحاقهم بطريق التعاقد لا يعتبرون موظفين عموميين إلا أن علاقتهم بالاتحادات هي علاقة عقدية - سريان القواعد العامة في نظام التوظف الواردة في القانون رقم 46 لسنة 1964 إذا كانت عقودهم تتضمن الإحالة إليها وإلا فيخضعون لأحكام عقودهم مكملة بأحكام عقد العمل الواردة بالقانون المدني - الاستناد إلى نص المادة 28 من اللائحة الإدارية والمالية لاتحادات الطلاب للقول بسريان قواعد العاملين المدنيين في الدولة على جميع العاملين بالاتحاد ولو كان عملهم عارضاً أو مؤقتاً - مردود بأن مناط تطبيق حكم هذه المادة هو أن تكون العلاقة لائحية لا عقدية - الاستناد إلى أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن استبعدت أحكام قانون عقد العمل الفردي في مجال العلاقات التي تربط العاملين المدنيين بالدولة مما يوجب استبعاد أحكام القانون المدني الخاصة بعقد العمل - مردود بأن المحكمة لم تستبعد هذه الأحكام إلا بالنسبة إلى من تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية.
سبق أن انتهى رأي الجمعية بجلسة 16 من ديسمبر سنة 1964 - إلى أن العاملين في اتحادات الطلاب بالجامعات، الذين يسند إليهم القيام بعمل عارض أو مؤقت - ولو كان هذا العمل يتجدد في مناسبات متتالية - وكذلك العاملين الذين يتم إلحاقهم بطريق التعاقد، هؤلاء وأولئك تسري في شأنهم القواعد العامة في نظام التوظف الواردة في القانون رقم 46 لسنة 1964، بالقدر الذي يتفق مع أوضاعهم الخاصة، وذلك إذا كانت العقود المبرمة معهم تتضمن الإحالة إلى القواعد الوظيفية الحكومية، أما إذا لم تتضمن مثل هذه الإحالة، فإن هؤلاء العاملين يخضعون عندئذ لأحكام العقود المبرمة معهم ولأحكام عقد العمل الواردة في القانون المدني. وقد استندت الجمعية العمومية في هذا إلى أن العاملين المذكورين لا يعتبرون موظفين عموميين، وأن علاقتهم بالجامعة هي علاقة عقدية تخضع لأحكام القانون الخاص، وأن المرجع في تحديد أوضاعهم هو إلى العقود المبرمة معهم.
ولا وجه للقول بأن نص المادة 28 من اللائحة الإدارية والمالية لاتحادات الطلاب بالجامعات - الذي يقضي بسريان القوانين العامة المعمول بها في الحكومة فيما لم تتعرض له هذه اللائحة من قواعد خاصة بالموظفين والعمال - قد ورد عاماً شاملاً لجميع العاملين بالاتحادات ولو كان عملهم بها عارضاً أو مؤقتاً، ذلك أنه لم يرد بهذه اللائحة - في صدد الأحكام الخاصة بعلاقة الاتحادات بالعاملين فيها - سوى نصوص تتعلق ببيان السلطة المختصة بتعيين هؤلاء العاملين وتحديد أجورهم، وأن الأحكام الوظيفية الحكومية التي أحالت إليها المادة 28 المشار إليها فيما عدا ما نصت عليه اللائحة من سلطة التعيين وتحديد الأجر لا تتفق وحقيقة الوضع القانوني للعاملين المذكورين، إذ أن تطبيق تلك الأحكام عليهم، يفترض قيام علاقة تنظيمية لائحية بين العامل واتحاد الطلاب، فإذا كانت العلاقة عقدية، فإنه لا يتسنى في صددها الرجوع إلى الأحكام الوظيفية العامة، واعتبارها أساساً لتنظيم هذه العلاقة، وإنما يكون المرد في ذلك إلى أحكام العقد المبرم بين الطرفين، فإن أحال إلى الأحكام الوظيفية العامة أو إلى المادة 28 آنفة الذكر، انطبقت هذه الأحكام بحكم الإحالة إليها، أما إذا خلا من هذه الإحالة، فإن نصوصه هي التي تحكم العلاقة بين الطرفين، مكملة بأحكام عقد العمل في القانون المدني. وجملة القول أن مناط تطبيق حكم المادة 28 المذكورة هو أن تكون العلاقة التي تربط العاملين بالاتحادات علاقة لائحية لا عقدية.
ولا حجة في القول بأن تطبيق الشريعة العامة للعاملين المدنيين لا تعني حتماً كون العامل يقوم بعمل دائم أو كونه معيناً على درجة دائمة أو مؤقتة، إذ أن هناك من يعينون للقيام بعمل مؤقت، طبقاً لما كانت تقضي به المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 تنفيذاً لهذه المادة - لا حجة في ذلك لأن الأصل في قيام صفة الوظيفة العامة، هو أن يعهد إلى الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى، أما إذا كانت علاقته من طبيعة مغايرة، فإنها تندرج في مجالات القانون الخاص. على أن هذا الأصل لم يمنع من بعض الصور الاستثنائية للنظام الوظيفي المؤقت، كنظام الموظفين المؤقتين الذي كانت تحكمه المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952. إلا أنه لا يكفي أن يقوم الشخص بعمل مؤقت في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، حتى يعتبر موظفاً مؤقتاً، وإنما يتعين لاكتسابه هذه الصفة أن يتم إلحاقه بالوظيفة المؤقتة بالشروط والأوضاع التي رسمها القانون. ولما كان التعيين في وظيفة مؤقتة أو لعمل مؤقت - طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 - إنما يتم بعقد استخدام وفقاً للنموذج المرافق للقرار المذكور، وكان البادي من الأوراق ومن الوقائع أن العاملين في اتحادات الطلاب بالجامعات الذين يسند إليهم القيام بعمل عارض أو مؤقت، لا يعينون طبقاً لأحكام العقد النموذجي المرافق لقرار مجلس الوزراء المشار إليه فإن هؤلاء لا يخضعون لأحكام هذا العقد، فضلاً عن عدم خضوعهم للقواعد العامة للتوظف، ولا يتسنى تكييف علاقتهم بالاتحادات إلا أنها علاقة عارضة، تندرج في مجالات القانون الخاص.
ولا يسوغ الاستناد إلى أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن استبعدت تطبيق أحكام قانون عقد العمل الفردي في مجال العلاقات التي تربط العاملين المدنيين بالدولة لعدم تلاؤم تلك الأحكام مع العلاقات الإدارية، وأن ما يصدق على أحكام عقد العمل الفردي، يصدق أيضاً على أحكام القانون المدني الخاصة بعقد العمل - لا يسوغ هذا الاستناد إذ أن المحكمة الإدارية العليا إنما استبعدت تطبيق قواعد قانون عقد العمل الفردي، بالنسبة إلى العاملين الذين تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية، وقد صدر حكمها المنوه عنه (بجلسة 26 من يناير سنة 1957 في الطعن رقم 903 لسنة 2 القضائية) في خصوص المستخدمين الخارجين عن الهيئة الذين كان ينظم أوضاعهم الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951، كما استبعدت تطبيق تلك القواعد بالنسبة إلى عمال اليومية الذين كان ينظم أوضاعهم كادر العمال، استناداً إلى أنهم خاضعون لتنظيم لائحي (الحكم الصادر بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1957 في الطعن رقم 1697 لسنة 2 القضائية)، إلا أن المحكمة قضت في حكمها الأول بسريان أحكام قانون العمل الفردي رقم 317 لسنة 1953 عندما تكون العلاقة بين الدولة والفرد علاقة عقد عمل، وليست علاقة لائحية تنظيمية، وذلك كأسلوب استثنائي قد تلجأ إليه الدولة في تسييرها للمرفق العام.
وقد صدر قضاء المحكمة العليا هذا في ظل سريان أحكام قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1953، الذي لم يكن يتضمن نصاً صريحاً يقضي بعدم سريانه على عمال الحكومة، بيد أن الوضع قد تغير بصدور قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، الذي قضى بعدم سريان أحكامه على عمال الحكومة والمؤسسات العامة والوحدات الإدارية ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة، إلا فيما يصدر به قرار من رئيس الجمهورية، ومن ثم فإن أحكام هذا القانون وإن كانت لا تنطبق في شأن من تربطهم بالجهات المشار إليها علاقة عقدية، إلا أن هذه العلاقة تخضع لأحكام عقد العمل الواردة في القانون المدني، باعتباره الأصل عند عدم وجود النص المانع. وليس في تطبيق القواعد المدنية الخاصة بعقد العمل ما يتنافر مع طبيعة العلاقات العارضة التي تنشأ بين الاتحادات وبين العاملين بها، كما أنه ليس في أحكام المواد 686، 687، 688، 694 من القانون المدني ما يتعارض مع التنظيم الإداري لاتحادات الطلاب، بالنسبة إلى من يعملون بها بصفة عارضة أو مؤقتة. ذلك أن طبيعة العلاقات العارضة التي تقوم فيما بين الاتحادات وبين بعض العاملين بها، لا تتطلب - بحكم طبيعتها - أعمال النظم الوظيفية، التي وضعت أصلاً لمواجهة العلاقات التي تتسم بالدوام والاستقرار، هذا ما لم تتضمن العقود المبرمة مع العاملين المذكورين إحالة إلى الأحكام الوظيفية العامة، إذ يتعين عندئذ تطبيق هذه الأحكام بالقدر الذي يتفق مع الأوضاع الخاصة للعاملين بالاتحادات.
ولا مقنع في القول بأن أحكام المحكمة الإدارية العليا، التي قررت سريان قانون عقد العمل الفردي على العلاقة ما بين طائف معينة من العاملين والدولة، لا تعدو أن تكون أحكاماً جانبية غير قاطعة في هذا الخصوص، لأن المحكمة لم تطبق في أي من أحكامها قواعد عقد العمل المدنية على هذه العلاقة - لا مقنع في هذا القول لأن عدم تطبيق المحكمة لهذه القواعد إنما مرده إلى أن مجلس الدولة (بهيئة قضاء إداري) لا يختص بالنظر في المنازعات الناشئة عن تلك العلاقات، لاقتصار ولايته - فيما يتعلق بشئون الموظفين - على الموظفين العموميين، أي الذين تربطهم بالدولة علاقة تنظيمية لائحية.
لذلك انتهى رأي الجمعية العمومية إلى تأييد فتواها السابقة الصادرة بجلسة 16 من ديسمبر سنة 1964، في خصوص الوضع القانوني للعاملين في اتحادات طلاب الجامعات الذين يقومون بعمل عارض أو مؤقت.