مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 133

(فتوى رقم 215 ملف رقم 86/ 2/ 117 في 26/ 2/ 1966)
(53)
جلسة 16 من فبراير سنة 1966

ترقية - تأديب - نص المادة 70 من قانون العاملين المدنيين بالدولة - حظر ترقية العامل المحال إلى المحكمة التأديبية أو الجنائية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف - وجوب حجز الدرجة للعامل لمدة سنة - استطالة المحاكمة لأكثر من ذلك ثم ثبوت عدم إدانته أو توقيع عقوبة الإنذار يوجب عند الترقية احتساب الأقدمية في الوظيفة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم تتم الإحالة - اعتبار عدم الترقية قراراً إدارياً بالترك في الترقية معلقاً على شرط فاسخ يتحقق بإحدى هاتين الحالتين - انقضاء الدعوى التأديبية أو الجنائية بوفاة العامل ليس من شأنه ثبوت عدم إدانة العامل - عدم تحقق الشرط الفاسخ في هذه الحالة - الاحتجاج بأن الأصل هو البراءة حتى تثبت الإدانة بحكم نهائي، مردود بأن المشرع قد رتب عدم جواز الترقية على مجرد إحالة العامل أو وقفه.
إن المادة 70 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 تنص على أنه "لا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، وفي هذه الحالة تحجز للعامل الدرجة لمدة سنة، فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من ذلك وثبت عدم إدانته أو وقعت عليه عقوبة الإنذار، وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الوظيفة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية".
ويبين من هذا النص أن المشرع حظر على جهة الإدارة ترقية العامل على الرغم من حلول دوره في الترقية، إذا كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو موقوفاً عن العمل طوال مدة الإحالة أو الوقف ويعتبر عدم ترقيته في دوره والحالة هذه قراراً إدارياً بتركه في الترقية، وهذا القرار معلق على شرط فاسخ، يتحقق في حالتين حددهما النص آنف الذكر صراحة على سبيل الحصر، وهما ثبوت عدم إدانة العامل أو توقيع عقوبة الإنذار عليه دون أية عقوبة أخرى. فإذا ما تحقق هذا الشرط في إحدى حالتيه المشار إليهما، رقي العامل بأثر رجعي اعتباراً من التاريخ الذي كان يتعين أن تتم فيه ترقيته لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية، أما إذا لم يتحقق فإن تركه في الترقية يظل سليماً وقائماً ومنتجاً لجميع آثاره.
ومن حيث إنه ولئن كان يترتب على وفاة العامل المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية، انقضاء الدعوى التأديبية أو الجنائية، وعدم جواز السير فيها، تأسيساً على فكرة شخصية الجريمة وشخصية العقوبة، إلا أن انقضاء الدعوى على هذا الوجه ليس من شأنه ثبوت براءة العامل عدم إدانته أو عدم نسبة الجريمة إليه، وإنما تظل شبهة الجريمة قائمة في حقه وعالقة به، على الرغم من انقضاء الدعوى بوفاته. ومن ثم فإن الشرط الفاسخ - آنف الذكر - لا يتحقق في هذه الحالة، ويظل قرار ترك العامل في الترقية في دوره قائماً منتجاً لآثاره، فلا تجوز ترقيته.
ولا يعترض على هذا بأن الأصل في المتهم البراءة حتى تثبت إدانته فيما نسب إليه بحكم نهائي، ذلك أن المشرع رتب على مجرد إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية شبهة الجريمة في حقه وعدم جواز ترقيته طوال فترة المحاكمة، ولما كان قرار ترك العامل في الترقية - في هذه الحالة - يظل قائماً منتجاً لآثاره، إلا إذا تحقق الشرط الفاسخ الذي علق عليه، وهو ثبوت عدم الإدانة أو توقيع عقوبة الإنذار وهذا لا يكون إلا بصدور حكم في موضوع الدعوى التأديبية أو الجنائية، سواء بالبراءة أو بالإدانة مع توقيع عقوبة الإنذار فحسب، فإنه لا يكفي لتحقق ذلك الشرط الحكم بانقضاء الدعوى لوفاة العامل، دون البت في ذات التهم التي أحيل إلى المحاكمة من أجلها بالإدانة أو البراءة، وهو المناط الواجب تحققه في تطبيق حكم المادة 70 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق - في الحالة المعروضة - أن السيد/.... العامل السابق بمدرسة الصناعات الزخرفية، كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية في الدعوى رقم 282 لسنة 1963، وقد قررت المحكمة التأديبية بجلسة 30 من مارس سنة 1964 وقف الدعوى، على أن تقوم النيابة الإدارية بإبلاغ النيابة العامة عن الوقائع الجنائية التي تضمنتها الأوراق، ولم يثبت أن المحاكمة الجنائية - وبالتالي المحاكمة التأديبية - قد تمت إلى أن توفى في 11 من فبراير سنة 1965، ومن ثم فإنه ما كان يجوز ترقية هذا العامل إلى الدرجة الخامسة الفنية المتوسطة في القرار الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1964، نظراً إلى أنه كان محالاً في هذا التاريخ إلى المحاكمة التأديبية والجنائية، ويكون هذا القرار قد صدر سليماً في ذاته مطابقاً للقانون ولا مطعن عليه في هذا الخصوص. كما أن انقضاء كل من الدعويين التأديبية والجنائية بوفاة السيد المذكور قبل صدور حكم في كل منهما، لا يترتب عليه ثبوت براءته (عدم إدانته)، ووجوب ترقيته اعتباراً من تاريخ صدور قرار الترقية المشار إليه، إذ تظل شبهة الجريمة قائمة في حقه وعالقة به، ويظل المانع من الترقية قائماً، ومن ثم لا تجوز ترقيته، وفقاً لنص المادة 70 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964.
لذلك انتهى رأي الجمعية العمومية إلى عدم جواز ترقية العامل المحال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية، إذا انقضت الدعوى بوفاته. ومن ثم فإن انقضاء كل من الدعويين التأديبية والجنائية بوفاة السيد/..... لا يترتب عليه جواز ترقيته.