مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 247

(فتوى رقم 439 ملف رقم 78/ 2/ 10 في 7/ 5/ 1966)
(86)
جلسة 13 من إبريل سنة 1966

عقد - نيابة - تعاقد مجلس مدينة بصفته نائباً عن مديرية الأوقاف مع أحد المقاولين للقيام بعملية توصيل المياه إلى أحد المساجد - عدم إعلان المقاول بوجود النيابة لا يمنع انصراف آثار العقد إلى مديرية الأوقاف - أساس ذلك طبقاً لنص المادة 106 مدني أن المقاول يستوي لديه أن يتعامل مع الأصيل أو النائب - التزام وزارة الأوقاف بأداء المستحق للمقاول عن العملية - لا يؤثر فيه ما تذهب إليه من التزام مديرية الإسكان والمرافق بذلك لقيامها بمشروع لاحق استوعب المشروع القديم واقتضى إزالة الوصلة التي قام بها المقاول.
إن المادة 106 من القانون المدني تنص على أنه: "إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً فإن أثر العقد لا يضاف إلى الأصيل دائماً أو مديناً إلا إذا كان من المفروض حتماً أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب".
ومن حيث إنه ولئن كان البادي من الأوراق أن مجلس مدينة أبو تيج لم يعلن المقاول وقت إبرام العقد - المتمثل في أمر العمل وشروط المقايسة وقبول المقاول التنفيذ طبقاً لهما - أنه تعاقد بصفته نائباً عن مديرية الأوقاف، كما أنه ليس مفروضاً حتماً علم المقاول بوجود هذه النيابة - إلا أنه يخلص من ظروف الحال أن المقاول المذكور تاجر يحترف تنفيذ عمليات توصيل المياه وغيرها من مقاولات الأعمال الصحية لحساب من يتعاقد معه من الجهات العامة أو الخاصة مستهدفاً في المقام الأول تحقيق الربح دون أن يعتد بشخص المتعاقد معه قدر اعتداده بملاءمة شروط العقد لمصلحته، وأنه قبل التعاقد على العملية موضوع النزاع طبقاً لشروط المقايسة التي أعدها مجلس المدينة وأقرتها مديرية الأوقاف ومن ثم فقد كان يستوي عند هذا المقاول أن يتعامل مع أي من المجلس أو المديرية ما دامت شروط التعامل واحدة في الحالتين - وعلى ذلك فإن آثار العقد الذي أبرمه مجلس المدينة مع المقاول - حقوقاً والتزامات - تنصرف إلى مديرية الأوقاف مباشرة.
ولما كان مجلس مدينة أبو تيج قد أشرف على تنفيذ المقاول للعقد إلى أن أتم العمل وفتحت المياه بالمسجد ثم تسلم منه الأعمال تسلماً ابتدائياً وطبق عليه الشروط والجزاءات عن مخالفته لبعض المواصفات المتعلقة بالمواسير الحديدية وأعد الحساب الختامي ملتزماً في ذلك كله أحكام لائحة المناقصات والمزايدات وشروط المقايسة، وكانت المادة 95/ جـ من هذه اللائحة تنص على أنه "بعد تسلم الأعمال مؤقتاً تقوم الوزارة أو المصلحة أو السلاح بتحرير الكشوف الختامية بقيمة جميع الأعمال التي تمت فعلاً ويصرف للمقاول عقب ذلك مباشرة ما يستحق بعد خصم المبالغ التي سبق صرفها على الحساب أو أية مبالغ أخرى مستحقة عليه". فإن مقتضى ذلك أن يستحق للمقاول المبلغ الذي أسفر عنه الحساب الختامي عن الأعمال التي أتم تنفيذها فعلاً بعد إجراء الخصومات اللازمة وعلى هذا فإن وزارة الأوقاف تكون ملزمة بأن يؤدى إليه صافي المبلغ المستحق له طبقاً للحساب الختامي على الأساس المتقدم.
ولا حجة فيما تذهب إليه وزارة الأوقاف من أن مديرية الإسكان والمرافق بمحافظة أسيوط أزالت وصلة المواسير الحديدية التي نفذها المقاول لصالح المسجد التابع لها واستبدلت بها وصلة أخرى من مواسير الاسبستوس لتمد ناحية الزرابي بالمياه - بما في ذلك مسجد الشوافع، وأن المشروع الجديد وهو ويخص مديرية الإسكان والمرافق - قد استوعب المشروع الأول، بما ينبغي عليه أن تكون وزارة الإسكان والمرافق هي الملزمة بأداء مستحقات المقاول عن المشروع الأول، لا حجة في ذلك، من جهة لأن حق المقاول في اقتضاء قيمة الحساب الختامي إنما نشأ نتيجة لتنفيذه التزامه في عقد المقاولة، وليست ثمة علاقة واقعية أو قانونية بين هذا العقد وبين المشروع اللاحق الذي نفذته وزارة الإسكان والمرافق والذي اقتضى - لأسباب فنية - إزالة الوصلة التي سبق أن نفذها المقاول طبقاً للعقد المذكور ومن ثم فلا يؤثر تنفيذ المشروع الجديد الذي نفذته مديرية الإسكان والمرافق بمحافظة سوهاج إنما يهدف إلى تحقيق منفعة عامة لناحية الزرابي الواقع بها مسجد الشوافع باعتباره جزءاً من المشروع العام لإمداد الريف بمياه الشرب - وإذا كان تنفيذ هذا المشروع قد استلزم إزالة خط المواسير الخاص بالمسجد وحده - حيث حالت الاعتبارات الفنية دون جمع خطي المواسير في طريق واحد - فإن المشروع الجديد يحقق لمسجد الأوقاف ذات الغرض الذي كان قد ترتب على تنفيذ المشروع الأول الخاص وهو إمداد مسجد الشوافع بالماء وليس من شأن استيعاب المشروع الجديد للمشروع الأول ترتيب أثر قانوني بنقل الالتزام بأداء مستحقات المقاول الناشئة عن عقد المقاولة الخاص بهذا الأخير إلى عاتق مجلس مدينة أبو تيج أو مديرية الإسكان والمرافق، ولا سيما أن وزارة الأوقاف لم يلحقها ضرر ما من جراء إزالة مواسير مشروعها الخاص، فضلاً عن حقها في استرداد المواسير الحديدية التي أزيلت من طريق المشروع الخاص لكونها ملكاً لها بموجب عقد المقاولة.
لذلك انتهى الرأي إلى أن وزارة الأوقاف - مديرية الأوقاف بمحافظة أسيوط - هي الجهة الملزمة بالوفاء بمستحقات المقاول عن عملية توصيل المياه إلى مسجد الشوافع التابع للوزارة، وهي المحددة بالحساب الختامي لهذه العملية الذي أعده مجلس مدينة أبو تيج.